الفصل٦

في اليوم التالي.

تتحدث «هارلي» عبر الهاتف إلى «ساينوس»، قائلة:
  -أنا مش راجعة الشغل دلوقت، فياريت تبطل اتصالات بيا علشان أنا في ورطة أكبر من الشغل بكتير، أنا في ناس متهمني إني واخدة سلاح ومخبياه والبوليس دلوقت بيدور عليا، أنا مش عارفة أعمل أيه ولا أثبت برأتي أزاي، «ساينوس» لو تعرف تعمل حاجة ياريت تساعدني.

عقد «ساينوس» حاجبيه، ليقول في تعجب منه:
  -متهمينك؟! يعني أنتِ ممعكيش السلاح؟

اجابته «هارلي» بلهجة كاذبة، نافية:
  -هيبقى معايا منين؟! ده أنا معنديش وقت أدخل الحمام، هسرق؟! أنت ليك معارفك يمكن تخلصني من حاجه زي كده، وانا بوعدك هرجع الشغل وبنص المرتب كمان.

تطلع «ساينوس» امامه شارد الذهن؛ فقد كان يفكر، اقاموا بخداعه ليوقع ب«هارلي»؟!

قام بالإتصال ب«مارف» ليقول:
  -تعلالي على بيتي حالًا.

ما إن اغلقت «هارلي» الخط معه، تبسمت بخبث قائلة:
  -خليك زي الأهطل كده وأبقى احفرلي حفر حلو تاني.

لتذهب إلى عملها.

ما إن وصل «مارف» عند «ساينوس»، تحدث «ساينوس» في غضب، قائل:
  -أنت فاكر إنك ممكن تضحك على عقلي بكلمتين وتقولي السلاح مع «هارلي» وقصة ملهاش ستين لازمة، علشان اوقعهالكوا ويطلع كل ده نصب؟!

يطالعه «مارف» الذي تحدث في تعجب سائل:
  -توقعهالنا أيه ونصب أزاي؟! أنا مش فاهم حاجة.

اجابه «ساينوس» في غضب موضح:
  -السلاح مش مع «هارلي»، وهي اللي قالتلي كده بنفسها، حكتلي الحقيقة وأنكوا اللي عايزين تدبسوها.

مازال يطالعه «مارف» الذي علم تمامًا لعبة «هارلي».

ليتحدث في ضيق، قائل:
  -سيد «ساينوس»، هي شكلها فعلًا لعبت عليك؛ لأن السلاح معاها هيا، وإنها تقولك حاجة زي كده يعني عرفت الكلام اللي بيدور بينا، تفتكر ممكن تعرفه أزاي؟ وأزاي هيوصلها لو مكانتش ليها دخل في الحوار؟!

يطالعه «ساينوس» الذي يفكر بحديثه، لم يعود يدري أين الكذب وأين الحقيقة.

لذا أكمل «مارف» قائل:
  -لو مش عايز تساعدنا فأنت حر، بس وقت ماناخده منها هاجى وهتكون أول واحد يعرف بالحوار، علشان اقولك إن كان عندي حق، وإني مسيبتش حقي، لأني مش هتخلى عنه.

تركه وذهب من المنزل أسفل نظرات «ساينوس» الذي لا يعلم ماذا يفعل.

(بمنزل راسل).

انتهى من تبديل ملابسه، ليقوم بالنزول من المنزل، أسفل نظرات «روز» التي كانت تنتظر تلك اللحظة، والتي لم يعود لها خيار أخر؛ فإن كان تابع ل«يونس» ففي كلا الأحوال ستظل في سجنه، وإن كان بالفعل ضابط لا يعلم شيء عن قصتها، فحينها سيكون النجاة لها.

ما إن خرج من المنزل، سرعان ما خرجت هي الأخرى إلى الشرفة، ممسكة بإحدى الاوراق بيدها، والتي قامت بوضع دبوس للشعر به حتى تثقلها، لتنزل عليه كما ارادت هي.

وبالفعل حدث مثلما ارادت، وسقطت فوقه.

تطلع أسفله، ثم إلى الأعلى حين رأها بالفعل ورقة
مغلقة بطريقة تظهر أنها ليست قمامة أو سقطت دون قصد؛ فهي محملة بدبوس للشعر.

استمرت نظراته، بل تملكه التعجب؛ حين رأى «روز»، والتي ابتعدت ما إن طالعها، لتراقب عن بُعد منتظرة أن ترى ما سيفعل حين سيقرأها.

أمسك بها باديئ في قرأة مابداخلها، والذي ينص على:
  -أسمي «روز»، عندي خمسة وعشرين سنة أنا جيت هنا غصب عني بسبب اختطاف «يونس» ليا الشخص اللي موجود معايا في البيت، وهو قال إنه هيرجعني مصر بعد اسبوع، بيقول وراه شغل بس أنا شاكة أن الموضوع يكون علشان شغل.

أنا كل اللي طلباه لو أنت فعلًا ظابط تساعدني، بس ضروري ميعرفش أي حاجة عن الرسالة دي، وعن إني كلمتك أصلًا، وإلا حياتي هتبقى في خطر، ده رقمي علشان تعرف تتواصل معايا.

عاد «راسل» في التطلع للأعلى خاصة إلى شرفتها والصدمة تملكته؛ فلم يتوقع أن تكون مختطفة!

فكر قليلًا ولا يدري ماذا يفعل، ايعود إلى منزله ويفكر فيما سيفعل؟

عقب مطالعتها لحيث يقف، رأته يعود إلى منزله، هذا ماجعل قلبها يستريح قليلًا؛ فيعني هذا أنه سيساعدها.

تنهدت بعمق لتقوم بالعودة إلى غرفتها، خشية من أن يراها «يونس» قبل رحيله، تقف بالشرفة.

امسكت هاتفها والذي لا يتصل بالإنترنت، كما أن «يونس» يعلم جهلها للغة الأنجليزية، هذا مايدفعه للتأكد أنها لن تستطيع طلب المساعدة، ولن تستطيع الوصول لأحد بالأساس.

اغلقت صوت الهاتف لحين اتصاله، وبالفعل قام بالإتصال بها، مما دفعها للنهوض ذاهبة إلى دورة المياه، قامت بفتح المياه على الا شيء؛ حتى لا يستمع إلى صوت حديثها.

قامت بفتح الخط، لتستمع إلى صوته يقول:
  -أنتِ كويسة؟

أومأت «روز» وقد هداء قلبها من روعه، ومن نوبة الخوف التي كانت تجتاحه، لتقول:
  -أنا كويسة، أنا بس خايفه لا يوديني مكان غير مصر، أو تكون في حاجة في دماغه أسوء من وجودي هنا.

تحدث «راسل» يطمئنها، حين قال:
  -متقلقيش أنا هبقى معاكِ دايمًا، هو دلوقت فين؟

اجابته «روز» ونظراتها تتطلع إلى الخارج من حين إلى أخر، قائلة:
  -بيلبس علشان يروح على شغله.

اجابها «راسل» قائل:
  -طيب بعد ماينزل هكلمك؛ علشان ميحسش بأي حاجة وياخد احتياطاته.

أومأت «روز» قائلة في شكر منها:
  -شكرًا لأنك قبلت تساعدني، بجد متعرفش أنا كنت خايفة أزاي، بس ارتحت لما اتكلمت معاك.

تبسم «راسل» لكلماتها، فهو بالفعل قلق عليها، ليقول:
  -ده واجبي، هكلمك بعد مايمشي.

أومأت «روز» لتغلق الخط عقب انتهائهم من الحديث، تنهدت بعمق وكأنها تستعد لما هم قادمين عليه.

(بمنزل فيونا).

انتهت من ارتداء ملابسها لتخرج من الغرفة، مقابلة والدتها، والتي تحدثت إليها سائلة:
  -هترجعي الساعة كام من الشغل؟

لم تطالعها «فيونا» التي بدأت في ارتداء حزائها، قائلة:
  -هتفرق معاكِ؟!

اجابتها والدتها موضحة سبب سؤالها:
  -بالليل هتتعمل حفلة صغيرة هنا علشان خطوبتي من «جان».

طالعتها «فيونا» لتتبسم بسمة ساخرة، قائلة:
  -خطوبة! يبقى مش جاية يا، عروسة.

قالت كلمتها الأخيرة بسخرية قبل ذهابها من المنزل.

كان الأمر يشغل عقلها لدرجة تدفعها للشرود به دون فعل شيء أخر، حتى بعملها!

حين وصلت إلى قسم الشرطة.

تطلعت إلى مكتب «راسل» أثناء سيرها من امامه، لتقترب طارقة باب المكتب، قامت بفتحه حين لم تجد اجابة منه، تطلعت إلى الداخل فلم تجده، بل كان المكتب بأكمله فارغ.

استمعت لصوت «مونتايا» والتي قالت:
  -مجاش النهارده، اتصلت بيه قال أنه تعبان ومش هيقدر يجي النهارده.

استمرت «فيونا» في مطالعتها، لتتحدث في قلق:
  -تعبان! طيب أنا ممكن أخد إذن أروح اشوفه وأرجع؟

طالعتها «مونتايا» في قلق، قائلة:
  -مش عارفة اقولك أيه، بس ممكن تروحي بسرعة ولو في حاجة هتصل بيكِ.

تبسمت «فيونا» لتتحدث شاكرة:
  -شكرًا جدًا بجد.

ذهبت مسرعة متجهة إلى منزل «راسل».

(بمطعم عمل هارلي).

تقدم «هارلي» الطعام، لتستمع إلى صوت هاتفها والذي جعلها تمسك به، لتطالع أسم المتصل، والذي جعلها تعيده بجيبها من جديد؛ فقد رأته رقمًا وبوقت عملها من الأفضل أن تؤجل شيء كهذا.

استمر الأتصال دون انقطاع، لتجيب في ضيق منها، قائلة:
  -خير؟ مين؟

اجابها «ماف» قائل:
  -أنتِ عرفاني كويس، يا «هارلي».

صمتت «هارلي» حين استمعت لصوته وبالفعل علمت من يكون.

أكمل حديثه قائل:
  -أنتِ بتنكري لسة إن السلاح معاكِ، مش كده؟ أنا بقى اتصلت اقولك أنتِ حرة، لو ماعترفتيش هو فين يا «هارلي» أو جبتيه، صدقيني النهارده هتخسري كل حاجة، والمرة الجاية نفسك.

أغلق الخط عقب تهديداته الصريحة لها، والتي يحسها بها على الإعتراف أين يكون السلاح.

طالعت الهاتف ما إن أغلق الخط وعقلها أصبح مشوش، بل فكرت بالأفضل لها، وهو الإبتعاد فترة عن المنزل، بل عن اعيونهم جميعًا.

(بمنزل راسل).

ما إن رحل «يونس» عن المنزل، تحدث «راسل» إلى «روز» بالهاتف، قائل:
  -أنا هجيلك، لو في حاجة ليكِ لميها لأني هاخدك من هنا.

تحدثت «روز» في قلق وتوتر؛ فتلك المرة الأولى التي تتبع شيء مخالف لما يقوله «يونس»:
  -أنا قلقانه أوي.

تحدث «راسل» مهديئ من روعها، ليقول:
  -أنا معاكِ لو حصلت أي حاجة مش هسيبك، فبلاش القلق ده وركذي في خروجك وبس.

أومأت «روز» متنهدة؛ تحاول تهدئة الخوف بداخلها:
  -طيب أنا مستنياك.

أومأ «راسل» قائل:
  -وأنا جاي.

أغلق الخط ليتطلع إلى باب المنزل الذي استمع لطرقاته، مقترب حتى يقوم بفتحه، لتتبدل نظراته إلى التعجب قائل:
  -«فيونا»!

طالعته «فيونا» في لهفة وقلق، قائلة:
  -أنت كويس؟

أومأ «راسل» ليقول في تعجب:
  -أه كويس، في حاجة ولا أيه؟

اجابته «فيونا» نافية:
  -لا أبدًا بس السيدة «مونتايا» قالتلي أنك تعبان فجيت أطمن عليك.

استمر «راسل» في مطالعتها متذكر حجته، ليقول:
  -اااه فهمت، لا أنا الحقيقة مش تعبان بس في قضية لازم اساعد بنت فيها، هي مخطوفة واستنجدت بيا علشان كده
قولت ل«مونتايا» كده، أنتِ عارفة مش هتبطل اسئلة لو قولتلها الحقيقة.

أومأت «فيونا» متفهمة، لتقول في تعجب:
  -فهمتك بس بنت أيه اللي مخطوفة؟!

اجابها «راسل» قائل:
  -هي في البيت اللي قدامي، بصي خليكِ هنا وأنا هروح احاول اخرجها وهبقى افهمك.

تحدثت «فيونا» قائلة قبل رحيله:
  -استنى أنا هاجي معاك.

حرك «راسل» رأسه نافي، ليقول:
  -لواحتاجتك معايا هقولك، علشان لو حصلت أي حاجة أو لقيتي حد داخل العمارة تبلغيني.

أومأت «فيونا» التي اقتربت من الشرفة عقب قولها:
  -طيب.

ذهب إلى «روز» والتي بدلت ملابسها وارتدت حجابها كما كانت قبل احتجاز «يونس» لها، تقف عند باب المنزل منتظرة قدوم «راسل».

شعرت بأحد يحاول فتح الباب، ويبدو أنه يملك أداة لفعل ذلك، هذا مادفعها للإبتعاد عن الباب قليلًا وقلبها تتسارع دقاته في قلق منها لقدوم «يونس» أسفل أي ظروف.

وبالفعل نجح «راسل» في فتح الباب ليقوم بالدخول مطالعها، قائل:
  -يلا.

أومأت «روز» التي كادت تذهب معه، ولكنه اوقفها بحديثه حين قال:
  -استني، الأحسن تسيبي تليفونك هنا، منعرفش أيه اللي ممكن يحصل.

طالعته «روز» لتوميئ متفهمة، وبالفعل تركت هاتفها ذاهبة معه، كلما خطت خطوة شعرت أن قلبها يقفذ؛ من السعادة
لكونها الأن خارج قيود «يونس» بل وسجنه بأكمله.

تحدث «راسل» قائل:
  -هتفضلي في بيتي لحد ماظبطلك مكان اوديكِ ليه.

طالعته «روز» لتتحدث نافية:
  -هو ممكن يلاقيني تاني، ومش هيسكت إلا لما يرجعني ليه.

حرك «راسل» رأسه نافي ليقول:
  -قولتلك متقلقيش أنا مش ظابط بالأسم وبس، هخلصك منه نهائي بس علشان متتبهدليش وممكن كمان يلاقيكِ، عندي هيكوم أمان.

طالعته «روز» لتتحدث متبسمة بشكر وامتنان؛ لوقوفه إلى جانبها:
  -شكرًا بجد لكل حاجة، أنا من غيرك مكنتش هعرف أخد خطوة زي دي.

تبسم «راسل» أثناء دخوله إلى منزله أسفل نظرات «فيونا»، ليقول:
  -كان ربنا هيبعتلك حد بردو يخلصك منه، بس مكنش هيبقى الظابط «راسل»، ادخلي.

تقدمت «روز» إلى الداخل والبسمة الهادئة تزين ثغرها، تطلعت إلى «فيونا» الذي تحدث «راسل» معرفها بها، ولأنها لا تجيد العربية:
  -دي «فيونا» زميلتي في الشغل.

تبسمت «روز» بلطف، قائلة:
  -اتشرفت بشوفتك، أنا «روز».

تبسمت «فيونا» بهدوء وقد فهمت أنها تعرفها بها، لتقول:
  -حمدالله على السلامة «روز».

يطالعها «راسل» الذي يتفحص تفصيلها بتمعن، بل نظراته تفضح عن مابقلبه، فلا يصدق كم يصبح الحلم حقيقة بطريقة غير متوقعة إذا أراد الله هذا!

تحدثت «فيونا» مطالعة «راسل» وقد لاحظت نظراته ل«روز»، والتي اثارت الغيرة بداخلها، لتقول:
  -«راسل» ناوي على أيه؟ شكلها مبتتكلمش انجليزي كتير ودي حاجة هتخليها تعاني في التعامل هنا لوحدها.

أومأ «راسل» قائل:
  -هتقعد معايا لحد ما الاقلها بيت وهتولى أنا موضوع «يونس» ده، بس قبل أي حاجة يا «روز» عايزك تكلميني عنه بالتفصيل وأيه العلاقة اللي بتجمعك بيه، يعني كل حاجة خاصة بيه.

طالعته «روز» لتوميئ بهدوء، متذكرة المرة الأولى التي قامت بالتعرف عليه بها.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي