الفصل٨

تحدث «راسل» في قلق، قائل:
-لا، كده في حاجة غريبة، تأخيره بالشكل ده مش طبيعي.

طالعته «روز» وقد تملكها القلق، لتقول:
-هو أكيد في حد من العمارة بلغه، لأنه كان بيتكلم معاهم، وأنا معرفش قالهم أيه.

طالعها «راسل» الذي قال:
-مش مهم، أنتِ هتفضلي هنا لحد مانمسكه، والشرطة كمان هتفضل هنا.

أومأت «روز» بشرود، فلا توجد طريقة أخرى للإمساك به.

(بمنزل أدم).

قام بإخراج الرصاصة أسفل المها الذي حاولت كبحه، ولكن الألم لم يكون محتمل.

قام بتطهير الجرح وتضميده، ليقول:
-كنت وديتك المستشفى أحسن، مش عارف ليه اصريتي تفضلي هنا.

تحدثت «هارلي» أسفل المها وتعبها، قائلة:
-كده أحسن.

طالعها «أدم» صامت، والذي لم يستطيع فهم سبب رفضها للأمر.

تحدثت شاردة الذهن، لتقول:
-حرقوا البيت.

طالعها «أدم» الذي قال في ترقب منه:
-قصدك مين؟

اجابته «هارلي» بصوت منخفض؛ من شدة تعبها:
-مش هتفهم لو قولتلك، بس كده كده أنا خدت تمن اللي عملوه، وزياده.

استمر في مطالعتها بضع ثواني، وما أتى بعقله هو حديثها عن السلاح.

تحدث محاول الاستفاقة من شروده، قائل:
-طب استريحي دلوقت، تقدري تفضلي هنا لحد ماتخفي ونشوف بيت.

طالعته «هارلي» بنظرات تكاد تُعدم من تعبها والذي يتسبب في نعاسها، أومأت بهدوء أسفل اغماضها عيناها، ذاهبة إلى عالم أخر أكثر هدوئًا.

استمر في مطالعتها شارد بها، فكم كانت ملامحها هادئة أثناء نومها، يتسائل لماذا لا تكون هكذا دائمًا؟ لماذا عليها أن تكون بتلك البشاعة التي يراها الجميع بها؟

صوب نظراته اتجاه رقبتها والتي كُشف جزء منها، ليعلن عن تواجد جرح صغير، يبدو أن الزمن لم يستطيع اخفائه، وهنا تذكر شيء.

هذا اليوم الذي كان يلهو به رفقة الصغيرة، أثناء طفولته، والذي تسبب بجرحها بالنيران عند عبثه بالشعلة دون قصد، فقد كانت بذات موضع الجرح، كما أنه ليس جرح دموي، بل تسببت به النيران!

تبدلت نظراته، عاقد حاجبيه بخفوت؛ فهناك دليل أخر يثبت أنها صغيرته الذي فقدها منذ صغرهم!

استمر في مطالعة الجرح، والذي جعل ضربات قلبه تتسارع، لا يدري لأن هناك مايخبره أنه وجد صغيرته؟ أم لأنها هي نفسها؟

في تلك اللحظة شعر بالكثير من الصراعات تحدث بداخله، الكثير من الأمور تدفعه للجنون.

أغمض عيناه متنهد ليبعد نظراته عنها فور فتحهما، قائل:
-مش معقول، أزاي ممكن تكون هي؟ هي حتى مكنش اسمها «هارلي»! معقول كل ده مجرد صدفة؟!

كان الأمر يشغل عقله طوال الليل، لم ينم بقدر ما استمر في التفكير، فكل شيء يوحي لما يخشى قلبه تصديقه!

في اليوم التالي.

خرجت والدة «فيونا» من غرفتها، لتطالع «فيونا» الجالسة تتناول فطورها في هدوء تام.

تحدثت قائلة:
-صباح الخير.

لم تطالعها «فيونا»، لتقول بذات هدوئها وملامحها الثابتة:
-صباح الخير.

ذهبت إلى دورة المياه، لتطالع «فيونا» ذهابها، ما إن انتهت من تناول الطعام نهضت ذاهبة إلى غرفة الطهي؛ لتصنع القهوة، تزامنًا مع خروج والدتها من دورة المياه، قائلة:
-رجعتي متأخر امبارح يعني! مقدرتش استناكِ ونمت الحقيقة.

تحدثت «فيونا» وهي تصنع القهوة، قائلة:
-وأيه الجديد؟ مانتي طول عمرك بتنامي وأنا برا.

طالعتها والدتها، لتقول محاولة منها في تغيير الأمر، فيبدو أنها تود أن تقترب منها أكثر، عقب فعلها ما ارادته:
-عملتي أيه امبارح في الشغل؟ شكله كان يوم صعب عليكِ.

اجابتها «فيونا» بذات هدوئها، قائلة:
-مفيش حاجة تصعب عليا، غير إنك مش لازم تعملي فيها دور الأم المهتمة، لأني عارفة كويس اللي فيها.

استمرت والدتها في مطالعتها، لتصمت تمامًا؛ فهي تعلم ماتحاول القيام به.

ابتعدت لتذهب من أمام غرفة الطهي دون كلمة أخرى.

تطلعت «فيونا» امامها بهدوء، متنهدة فكم كانت تتمنى أن تترك كل شيء لتفضل كسبها هي.

(بمنزل أدم).

استيقظ «أدم» الذي غفى أثناء جلوسه يطالعها طوال الليل، قام بفتح عيناه على سماعه صوت أنين «هارلي» أثناء نومها.

طالعها وهو يحك عيناه، لينهض ذاهب إليها، نظر لها ليعلم بأنها مازالت نائمة بعد.

كان وجهها يميل إلى الحمرة، هذا مادفعه لوضع يده فوق وجنتها ليقيس حرارتها، وكما توقع كانت مرتفعة.

ذهب إلى منزله على بعد قريب من الغرفة، ليحضر خافض للحرارة وبعض الأدوات لصنع الكمادات لها.

ما إن عاد لها، قام بإيقاظها قائل:
-«هارلي»، قومي خودي البرشامة دي.

قامت بفتح عيناها، لتطالعه بنظرات شبه مغيبة؛ فحرارتها المرتفعة تجعلها لا تستطيع النهوض، بل لا تدري مالذي يحدث حولها تمامًا.

قامت بتناول الدواء، لتعود للتمدد من جديد، اغمضت عيناها لم تكون نائمة وهذا مايجعلها تشعر بكل مايحدث حولها.

بداء بتمرير القماشة المحملة بمكعبات الثلج فوق وجهها؛ حتى تنخفض حرارتها.

مر بعض الوقت ليبداء بتغيير ضمادة جرحها، ليطهره ويعيد تضميده من جديد.

كانت تشعر بكل مايقوم به، ومالها غير التألم، فهي لم تستطيع التفوه بكلمة حتى.

تحدث «أدم» مطالعها، فهو يعلم أنها تستمع له:
-أنا مش دكتور، بس أظن إني بتصرف صح.

قامت بفتح عيناها، لتطالعه بهدوء لم يعتاد عليه منها، بل تفوهت بكلمة لم يتوقع أن يسمعها منها يومًا، قائلة:
-شكرًا.

طالعها «أدم» الذي لا يدري لماذا ولكنه دهش لكلمتها، تبسم ليتحدث مازح:
-التعب ده غريب جدًا، بيحقق المستحيل بينه.

تبسمت «هارلي» بخفوت وتعب، لتعود في اغماض عيناها، قائلة بنبرة منخفضة من التعب:
-تستاهلها.

استمر في مطالعتها بعض الوقت وهناك من الأمور ما دارت بعقله، إن كانت بالفعل محبوبته، فكيف سيستطيع تسليمها لهم؟ كما أنه شعر بأن مابداخلها مختلف تمامًا عن ظاهرها، هي فقط تعرضت لمجهول بالكاد يدفعها للتغيير.

استفاق من شروده على صوت هاتفها، لتفتح عيناها هي الأخرى.

حاولت اخراج هاتفها، ولكن ما إن حركت زراعها الأخر تألمت.

اقترب «أدم» ليساعدها في اخراجه متطلع إلى أسم المتصل، قائل:
-«سام».

أومأت «هارلي» قائلة:
-إفتح الخط وحطه على ودني.

فعل كما اخبرته، ما إن فتح الخط، تحدث «سام» قائل:
-صباح الجمال على الناس اللي مابتسألش.

تحدثت «هارلي» بتعب يظهره صوتها، لتقول:
-أنا بس تعبانة شوية.

تبدلت نبرة «سام» التي تحولت للقلق والجدية، قائل:
-مالك في أيه؟

تطلعت «هارلي» إلى «أدم» كأنها تفكر ما إذا كان الذي ستبوح به أمر يصح أن تتفوه به امامه أم لا.

لتكمل قائلة:
-حرقوا البيت، واتصابت.

جحظت عينا «سام» الذي تحدث في دهشة قائل:
-أزاي؟! طب وأنتي فين وعملتي أيه؟

اجابته «هارلي» قائلة:
-متقلقش أنا كويسة، كلمت حد قريب مني وهو متأخرش.

تحدث «سام» في قلق، سائل:
-طيب اديني عنوانك وأنا هجيلك.

تحدثت «هارلي» نافية:
-لا بلاش دلوقت، لما أحس نفسي أحسن هكلمك وهقولك.

علم «سام» أنها بالفعل متعبة؛ فهي لا تحب أن ترى أحد أو يراها أحد أثناء ضعفها، ولكي لا يزعها، قال:
-طيب اللي يريحك، بس هتصل أطمن عليكِ كل شوية.

تبسمت «هارلي» بخفوت قائلة:
-طيب.

اغلقت الخط وعينا «أدم» لم تبتعد عنها، والذي قال:
-هروح اجيبلنا أكل، ارتاحي لحد مارجع.

أومأت «هارلي» بهدوء لتعود لنومها من جديد، ولكن تلك المرة استراحت فقط، واصبحت تفكر بما عليها أن تفعل، وكيف ستتصرف معهم.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي