الفصل١٤

ما إن ذهبت «فيونا»، قام «راسل» بطرق باب غرفة «روز»، لتقوم بفتحه مطالعاه.

تحدث «راسل» مترقب، والذي شعر أنها ليست بحالة جيدة:
  -أنتِ كويسة؟

أومأت «روز» قائلة:
  -أنا كويسة، في حاجة؟

حرك «راسل» رأسه نافي، موضح سبب سؤاله:
  -لا بس حسيت إن في حاجة، طيب هتنامي؟

حركت «روز» رأسها نافية، قائلة:
  -لا.

تبسم «راسل» بخفوت، ليقول:
  -طب يلا علشان نتعشى، مش عايز أكل لوحدي.

استمرت «روز» في مطالعته، لتحرك رأسها نافية، قائلة:
  -مليش نفس.

طالعها «راسل» بترقب وصمت من جديد؛ فهناك مايخبره أنها ليست طبيعية كما تزعم.

تحدث «راسل» في ترقب محاول فهم مايدور بداخلها، ليقول:
  -في حاجة ضايقتك مني؟ أو من «فيونا»؟

طالعته «روز» لتحرك رأسها نافية، قائلة:
  -لا أبدًا وهتضايق منكوا ليه؟! أنا بس عايزة ارتاح شوية.

أومأ «راسل» ببسمة هادئة ارتسمت فوق ثغره، برغم تفكيره بأمرها، والذي لا يقنعه قولها أنها بالفعل بخير، لذا قال:
  -طيب أنا هسيبك ترتاحي ولو احتاجتي أي حاجة أنا صاحي.

أومأت «روز» ببسمة هادئة، لتقول:
  -شكرًا.

قامت بالدخول إلى الغرفة، أسفل تفكيرها بأمره، فهو يفعل الكثير لأجلها دون مقابل، ولا يمكن أن تشعره بضيقها حول شيء لا يعنيها!

في اليوم التالي.

تتحدث «دينا» عبر الهاتف إلى «هارلي»، قائلة:
  -امبارح عملت زي مقولتيلي، وهو وافق، أيه بقى اللي هعمله علشان أكسب ثقته؟

اجابتها «هارلي» قائلة:
  -هقولك، بس الأول لازم تمهدي لحاجة تخليه يتقبل على طول اللي هتقوليه، بمعنى هكلم «سام» يبعت رجالة يهجموا عليه وهو رايح الملهى، وقتها أنتِ هتكوني معاه وهتبلغيني بأنسب وقت للهجوم، وأنتِ اللي هتخلصيه منهم.

عقدت «دينا» حاجبيها في تعجب لما قالت، لتتحدث معارضة:
  -بس..

قاطعتها «هارلي» مكملة حديثها:
  -هظبط كل حاجة وأنتي بس مش هتحتاجي غير إنك تحسسيه بشجاعتك، وكل حاجة هتكون ماشية تمام.

تنهدت «دينا» قائلة:
  -طيب يا «هارلي»، ربنا يستر.

اكملت «هارلي» قائلة:
  -متنسيش إن كل اللي بيتعمل ده، بمقابل معلومات عن «مارف» واللي تبعه، يعني لو مفيش معلومات هسيبك أنا على كده.

أومأت «دينا» قائلة:
  -فاهمة.

أومأت «هارلي» قائلة:
  -كلميني وانتوا راجعين.

تحدثت «دينا» مجيبة:
  -طيب.

أنتهت المكالمة معها، لتكمل تناول الحلوة التي احضرها «أدم» لها متصلة ب«سام»؛ لتبلغه بما تحدثت حوله رفقة «دينا».

فور انتهائها من التحدث رفقته، قام «أدم» بفتح الباب والدخول إلى الغرفة، ما إن دخل عقد حاجبيه في دهشة لما رأى من حقائب بلاستيكية فارغة، وطعام مبعثر حول «هارلي».

تحدث في دهشة وهو يقترب، قائل:
  -أيه اللي أنتِ عملاه حواليكِ ده؟!

طالعته «هارلي» لتجيبه ببساطة، قائلة:
  -عاملة أيه؟

أشار «أدم» صوب الأكياس الفارغة للحلوة وبقايا الطعام من حولها، ليقول:
  -أهو اللي عملتيه، أنتِ قاعدة في زريبة؟! أزاي تاكلي وترمي الحاجة كده؟

اجابته «هارلي» ببرود، قائلة:
  -أنا متعودة أعمل كده في بيتي، وأنت قولتلي خودي راحتك كأنه بيتك.

اقترب «أدم» ليحمل تلك الأشياء الملقاه أرضًا، قائل:
  -لا ياختي معلش أنا غلطان، متعمليش كده تاني بقى، أنا مبطقش أقعد في حاجة متبهدلة.

اجابته «هارلي» وهي تأكل ببرود:
  -أبقى شيلها، مش حوار يعني.

طالعها «أدم» بنظرات ثابتة ونفاذ صبر، مما دفعها لرفع حاجبيها بتسائل وبرود كأنها لم تفعل شيء.

القي «أدم» القمامة بالباسكيت، ليأخذه ويقترب منها واضعه بجانبها، قائل:
   -مقدرتيش تقومي أهو جانبك، أظن كده عملت اللي عليا.

تطلعت «هارلي» امامها صامتة مكملة تناول حلوتها.

ذهب «أدم» ليضع الطعام الذي احضره بالثلاجة.

طالعته متذكرة ماكانت ستقوله:
  -صح خلصت اللوحة؟

أومأ «أدم» قائل:
  -قفلتها بالليل ونسيت اقولك.

رفعت «هارلي» حاجبيها بحماس واعجاب لسرعته، قائلة:
  -طب وريهاني.

ذهب «أدم» ليأخذ اللوحة مقترب منها، قام بإلتفافها لتصبح مقابلة لها، ما إن رأتها ظهر على وجهها تعابير الصدمة، لتقول:
  -أنت بتهزر؟ دي زي اللي ورتهالك بالظبط، أزاي قدرت تقلدها كده؟! أنا اتوقعت يكون فيها اخطاء.

تبسم «أدم» ليغمز لها قائل:
  -أمال فاكرة إنك بتتعاملي مع أي حد ولا أيه؟!

تبسمت «هارلي» لتقول بحماس قد تملكها:
  -أنا هكلملك «دين» تقابله تديله اللوحة، وتاخد منه الفلوس.

أومأ «أدم» ليقترح:
  -ماتستني لما تخفي وتيجي معايا؛ يعني أنتِ هتكوني عرفاه وهتعرفي تتكلمي معاه وكده.

طالعته «هارلي» لتتحدث نافية:
  -أنا قولتله على الأسبوع ده، ولازم نسلمهاله زي موعدته، بس لو مش حابب تقابله لوحدك ممكن اكلمه يجي هنا.

أومأ «أدم» قائل:
  -فكرة حلوة، دي أول مرة هبيح لوحة من لوحي، فمش عارف اقوله كام ولا اتكلم معاه أزاي، علشان كده عايزك معايا.

(بمنزل راسل).

تحدث «راسل» إلى «روز» قائل:
  -كنت عايز اقولك حاجة،«فيونا» جاية دلوقت تقعد معاكِ، وزي منتي عارفة البوليس في كل حته، أنا مضطر أروح القسم وراجع على طول.

طالعته «روز» وقد تملك قلبها القلق، ولكنها لم تظهر هذا، لتقول:
  -مفيش مشكلة، روح مطرح منت عايز، بتمنى وجودي ميأثرش على شغلك.

اجابها «راسل» قائل:
  -أنا قولتلك إن قضيتك هي شغلي، ومفيش أي حاجة هتأثر عليه لإني كده كده معتكِ، وحتى لو أثر فأنا معنديش مشكلة أفضل معاكِ، كل الحكاية إن في واحدة زملتي، وماسكة قضية تانيه معايا، هي طلبت نتكلم ضروري بخصوص القضيه، وطلبت تقابلني، علشان كده هنتكلم وارجعلك تاني.

أومأت «روز» قائلة:
  -ربنا معاك.

تبسم «راسل» بهدوء، قائل:
  -لو احتجتي أي حاجة كلميني من عند «فيونا» هي مش هتقول حاجة، وهتسليكِ في القعاد معاها، يعني «فيونا» لطيفة.

استمرت «روز» في مطالعته، والغيرة تأكل مابداخلها، تبسمت بهدوء عكس مابقلبها، لتقول:
  -لا ماهو واضح.

طالعها «راسل» الذي تعجب من ردها الذي كان بمسابة سخرية، ولكن قاطع تفكيره صوت طرق باب المنزل.

اقترب «راسل» ليقوم بفتحه، تبسم ما إن رأها، ليقول:
  -نورتي، بعتذر لو عطلتك عن شغلك، بس مش هبقى متطمن لو سيبتها في البيت لوحدها.

تبسمت «فيونا» لتوميئ بهدوء قائلة:
  -أنت عارف ردي، وميت مرة قولتلك إن مفيش تعب ولا حاجة.

تبسم «راسل» شاكر:
  -تسلمي يا «فيونا».

تستمر «روز» في مطالعتهم والضيق يجتاح مابداخلها.

تحدث «راسل» مطالع «روز» ليقول:
  -أنا هروح.

أومأت «روز» بهدوء دون قول شيء.

وبالفعل ذهب لتتطلع «فيونا» إلى «روز» متبسمة بلطف.

بادلتها «روز» البسمة بإصطناع، لتذهب إلى غرفتها في ضيق من وجودها؛ فهي ترى ثقة «راسل» ب«فيونا» والتي تزعجها.

ما إن ذهب «راسل» إلى القسم، وقابل «مونتايا»، جلسوا بمكتبها، حتى يتحدثوا.

قال «راسل» متسائل:
  -أيه سبب طلبك إني أجي؟

اجابته «مونتايا» قائلة:
  -«راسل» أنا هكلم القائد يسحب القضية من «أدم»؛ الوقت اللي خده ده كفيل يعرف كل حاجة عنها وعن السلاح كمان، والتأخير ده مش لصالحنا، أنا هقوله أننا اللي هنهتم بالقضية وهنعرف نجيبه بمعرفتنا.

حرك «راسل» رأسه نافي، ليقول:
  -«أدم» قرب أوي يعرف مكانه، وهي غالبًا قربت تثق فيه، فمينفعش في الوقت اللي قربنا فيه من هدفنا، ينسحب ونبداء من الأول، والقضيه كانت في أيدنا وده كان أنسب حل، سيبي الأمور ماشية زي ماهي وصدقيني خلاص هانت.

استمرت «مونتايا» غي مطالعته شاردة بما قال، لتتنهد قائلة:
  -طيب يا «راسل»، اللي أنت عايزة.

تنهد «راسل» ليتحدث مطمئنها:
  -مش عايزك تقلقي من حاجة، أنا عارف صاحبي، هو مش هيستسلم.

(بمنزل أدم).

حين ذهب «دين» اليهم ليستلم اللوحة.

تحدث «دين» منبهر حين رأى اللوحة، ليقول:
  -أزاي؟! دي بقت شبه الأصلية بالظبط! أزاي أنت قدرت تقلدها كده؟

تبسم «أدم» مطالع «هارلي» التي تحدثت قائلة:
  -منا قولتلك هنعملك عظمة، وأديك شوفت بعنيك.

تبسم «دين» أكثر ليطالعها، قائل:
  -أنا متخيلتش إنه هيكون بالشطارة دي، حقيقي با «هارلي» بعد كده أنا مش همشي غير وراكِ، ذوقك طلع هايل في اختيار الرسامين.

تبسمت «هارلي» لتغمز ل«أدم» الذي سعد بشيء لم يكوم بحسبانه، فبرغم رسمه الفاخر، إلا أنه أعطى عمله جميع وقته، ولم يفكر في العمل كرسام يومًا.

والأن يبيع أول لوحاته، وهذا مايجعله يفتخر بنفسه برغم أن الأمر بأكمله لعبة.

ما إن ذهب «دين» وحين اتفقوا على النقود التي رضت الطرفين، وبالفعل كان جاهز بها بسيارته.

تحدث «أدم» منبهر بالنقود، ليقول:
  -هو أزاي دفع كل المبلغ ده في لوحة؟!

اجابته «هارلي» ببساطة، قائلة:
  -علشان دي مش أي لوحة، ورسمك مش أي رسم، أنت بتعمل عظمة يا «أدم»، وتستاهل عليه أكتر من كده.

تبسم «أدم» الذي طالعها شارد الذهن حتى تلاشت بسمته؛ فقد تذكر أمر المهمة والتي كل هذا جزء منها، ولكن سرعان ماخطر بعقله أنه عمل ولم ينصب على أحد.

فقط قد رسم لوحة وقام ببيعها، وهي من احضرت له الرجل، وكانت السبب بدخوله بهذا الأمر، لذا عليه أن يعطيها نصف المال؛ فلولاها لما فعلها.

أخرج نصف المال ليقترب معطيه لها، قائل:
  -ده نصيبك.

طالعت «هارلي» النقود، لتعيد مطالعته بدهشة، قائلة:
  -كل دول ليا؟

أومأ «أدم» ببسمة ممتنة:
  -لولاكِ مكنتش هعمل كل ده، ومكنتش في حاجة هتكمل.

تبسمت «هارلي» لتقول:
  -أنا مش عارفة اقولك أيه، دي أول عملية تتم ومحدش ينصب عليا فبها.

ضحك «بدر» ليقول:
  -اولًا دي مش عملية، وثانيًا أنا أكيد مش هاكل عليكِ حاجة : لأن ده شغل وتعب، وكان اتفاقنا من الأول أنك تساعديني علشان اشتغل، والفلوس دي كتير أوي عليا، غير إني مكنتش هعرف حد ابيعله اللوحة أصلًا.

تطالعه «هارلي» التي راوضها احساس غير معتاد؛ فحديثه بشأن العمل ونصيبها بهذا الحق جعلها تشعر أنها خارج كونها «هارلي»!

تحدث «أدم» مقترح بحماس قد وترها:
  -أيه رأيك لو نبعد عن النصب وكل ده ونبداء بداية جديدة في موضوع اللوح ده؟ نعمل مشروع بالفلوس ونشتغل فيه أحنا الأتنين، وصدقيني هنكسب منه قد كده، قولتي أيه؟

تطالعه «هارلي» التي تفكر، فحديثه وحماسه جعلها تتوتر ولا تعلم أي شيء تختار؛ فكيف تتخلى عن ذاتها وتعود كما كانت لأجل رجل أخر، وقد فقدت نفسها منذ البداية بسبب ذات الشيء!

تحدثت ولكماتها متوترة تظهر مابداخلها من تشتت ظاهر:
  -اا أنا مش عارفة اقولك أيه يعني، ده ممكن يكون أحسن ليك، بس بالنسبالي..

قاطعها «أدم» قائل:
  -هيبقى أحسن بردو، «هارلي» أنا بعمل كده علشان مصلحتك، لأني فعلًا عايزك ترحعي زي ماكنتي، أنتِ يمكن مش هيفرق معاكِ كلامي، بس كلامك هيفرق معايا؛ لأني أعرف حاجة لو كنتي مكاني وتعرفيها كنتي هتتصرفي نفس التصرف.

طالعته «هارلي» في تعجب ولا تستطيع فهم كلماته، لتقول:
  -حاجة أيه؟!

طالعها «أدم» بنظرات متوترة، يفكر ايخبرها أم لا؟

ليتحدث قائل عقب حزمه لأمره:
  -«هارلي» أنا عارفك من وأنتِ صغيرة.

طالعته «هارلي» التي تبدلت نظراتها، عاقدة حاجبيها بخفوت، قائلة:
  -أيه!
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي