الفصل١٨

عقد «راسل» حاجبيه، قائل:
-بس أحنا متفقناش على كده! أنت قولتلي إني هسلمهالك، وأنت هتخليهم يسيبوا أمي.

اجابه «يونس» ساخر:
-أنا عارف كويس أنت عايز أيه، على العموم أنا مش هستفيد بيها بحاجة، علسان كده هسيبها بعد مامشي، سلام يا حصرة الظابط.

أغلق الخط ليذهب بالسيارة متطلع «راسل» إليه أثناء ذهابه بنظرات هادئة، كأن هناك ماقد رتب لحدوثه.

تحدث «يونس» بالهاتف، قائل:
-امشوا أنتوا، قضيت المهمة.

طالته «روز» التي تحدثت بغضب وبغض، قائلة:
-أنت معندكش دم.

نظر «يونس» لها، ليوميئ أثناء قياديه للسيارة، قائل:
-هنشوف لما نوصل مين اللي عنده دم.

تطلعت «روز» عبر النافذة بوجه مقتضب، طالعت الخاتم بيدها، والذي لامسه اصبعها، لتتبدل نظراتها إلى الحزن؛ فتذكرها تلك اللحظات التي لم تدوم بينهم طويلًا احزنتها.
قاطع طريقهم سيارة كبيرة للنقل، والتي توقفت لينزل سائقها من الشاحنة!

عقد «يونس» حاجبيه ليقول في ضيق:
-وقف ليه ده؟!

قام بالنزول من سيارته، ليتشاجر معه، أو يطلب منه على الأقل السير بها عن هنا.

تطلعت «روز» إلى الخارج لتتبسم بغموض؛ فقد فهمت سبب ماحدث، والذي هو خطة من «راسل».

اقترب السائق من «يونس» الذي يتحدث إليه، ليقول في أسف:
-بعتذر إني عطلتك، أكيد هحرك العربية، متشيلش هم.

أومأ «يونس» قائل:
-ياريت.

ما إن التفت، أمسك السائق، والتابع ل«راسل»، تلك العصه الحديدية من اسفله، ليضربه بها فوق رأسه، مما دفعه للإمساك برأسه بألم كابح أسفل نزول الدماء منها، لتنزل «روز» من السيارة في تسرع، لتجد «راسل» خلفها.

التفتت لتطالعه أثناء قوله:
-خدوه على القسم.

ليطالع «روز» مملك وجهها بين يده، قائل:
-قولتلك هخلصك منه.

تبسمت «روز» لتحتضنه مغمضة عيناها بدموع؛ فكم كانت خائفة من حدوث شيء يفسد تراتيبهم.

تبسم «راسل» وقد ازدادت تسارع دقات قلبه، قبل رأسها ليقول:
-قولتلك إني مش هسيبك.

تبسمت «روز» لتبتعد قليلًا مطالعاه:
-أنا عارفة، وكنت واثقة من كده.

تبسم «راسل» لثقتها به، والتي تزيد من ثقته بذاته.

في الليل.

خرجت «دينا» من منزلها ذاهبة إلى الملهى كما طلب «ساينوس» منها المجيئ.

توقفت حين قام أحد بتكتيفها من الخلف، لتشهق في فزع، لتقول:
-أنت مين؟ وعايز أيه؟

تحاول دفعه، لتصدم بصوت فتاة، تقول:
-أنا اللي جيت أخد حقي منكوا.

تطلعت «دينا» امامها في تعجب، لتقول وهي تحاول دفعها:
-سيبيني وقولي أنتِ عايزة أيه، وحق أيه اللي تاخديه؟!

اجابتها «هيلينا» قائلة:
-هنتكلم، بس مش هنا، أمشي.

اخذتها معها ليقوموا بركوب السيارة، أسفل تعجب «دينا» وقلقها.

(بمنزل أدم).

قامت «هارلي» بفتح عيناها أثناء غفوها منذ ساعة تقريبًا.

تطلعت حولها ولكنها لم تجد «أدم» بالغرفة، مما يدل على ذهابه إلى مشوار ما.

نهضت جالسة بمكانها، لتقف ذاهبة لغسل وجهها حتى لا تغفو من جديد.

ما إن انتهت من غسل وجهها، خرجت من الغرفة لتشتم بعض الهواء، منتظرة قدوم «أدم».

تطلعت من حولها، تتفقد المنطقة ليلًا كما لم تفعل من قبل.

فقد كانت هادئة تمامًا، كأنه منعزل عن العالم!

لم بمر الكثير من الوقت ليأتي «أدم»، الذي تحدث في تعجب لوقوفها بالخارج، قائل:
-أيه اللي موقفك كده؟!

طالته «هارلي» قائلة:
-صحيت وقولت أشم شوية هوا.

تبسم «أدم» قائل:
-عارف إنك زهقتي من القعده كده، خصوصًا إنك مس متعوده عليها، تحبي نروح نشرب حاجة قريب من هنا؟

طالعته «هارلي» تفكر، لتتسائل في ترقب منها:
-متأكد أن محدش هيشوفني؟

أومأ «أدم» قائل:
-هوديكِ مكان قريب من هنا ومفيهوش ناس كتير.

تبسمت «هارلي» لتذهب معه إلى حيث اخذها.

وبالفعل ذهبوا إلى كافيه بسيط، لا يتواجد به الكثير من الأشخاص.

تحدث «أدم» سائلها:
-تحبي تشربي أيه؟

اجابته «هارلي» ببسمة هادئة ترتسم فوق صغرها:
-ممكن عصير مانجه.

تبسم «أدم» الذي تعجب مزاجها الأن؛ فالمعتاد لهم الفترة الماضية كان قهوة وشاي فقط.

تحدث في مزاح منه، قائل:
-مش عارف استغرب ولا اقول معاكِ حق ولا أيه!

اجابته «هارلي» بذات طريق مزاحه، قائلة:
-المهم أشرب المانجه.

ضحك «أدم» وبالفعل طلب لهم أثنان من العصير.

طالعها وقد كانت عيناه تقول بالكثير، ليتفوه بكلمات مقتبسة من مايخبره قلبه به:
-أنا مبسوط أوي إننا قاعدين كده كاننا واخدين معاد مع بعص.

رفعت «هارلي» خاجبيها، لتقول في مزاح:
-أقوم أمشي طيب أنا؟!

ضحك «أدم» ليتحدث، قائل:
-ماهو لو قومتي هقوم وراكِ، في البيت مع بعض ولا نسيتي؟

ضحكت «هارلي» لذكاء رده، قائلة:
-لا جدع.

تبسم «أدم» الذي أصبح يفكر بما يشغل عقله الأيام الماضية، فهو يود أن ينهي أمر القضية بإرجاع السلاح واخراجها من هذا المأذق بل وكل شيء تقحم نفسها به، ويبقوا معًا بادئن حياة جديدة، ويبدو هكذا أنه يتعمق بخياله كثيرًا!

تحدث قائل:
-هتعملي أيه؟

عقدت «هارلي» حاجبيها بخفوت سائلة:
-في أيه؟

اجابها «أدم» قائل:
-في حياتك، ناوية تكملي في نفس الطريق؟ ولا هتعملي زي ماقولتلك ونبداء بداية جديدة أحنا الأتنين؟ حكاية الرسم قادره تأكلنا ذهب، علشان كده قادرين نجمع مبالغ كبيرة في اوقات قصيؤة ومنحتجش لحاجة زي السرقة وغيرها.

تستمر «هارلي» في مطالعته، لتقول موضحة سبب رفضها والذي وصل إليه أكثر من ذي قبل:
-بص يا «أدم»، أنا فاهمة اللي بتقوله، بس أنا مبعملش كده علشان الفلوس، أنا بعمل كده لأن دي حياتي، ودي أنا، يمكن مكنتش كده من البداية بس الحياة هي اللي خلتني كده، ولو رجعت لشخصيتي القديمة، وقتها الحياة هتخلينا واحدة جديدة، ووقتها معرفش هتكون أسوء مني ولا لا.

فاهم حاجة؟

أومأ «أدم» قائل:
-عارف أنك اتعودتي على حاجة زي كده، بس زي ماتعودي على الوحش، قادره ترجعي للحلو، والحياة مش هتغيرك ولا حاجة، بالعكس، هي هتساعدك تكملي في طريقك، وعلى الأقل هتعيشي براحة بال ومن غير مشاكل ولا دوشه.

حركت «هارلي» رأسها نافية:
-اللي بتقوله ده حلم؛ علشان في الوقت ده بالذات مستحيل اتخلص من كل المشاكل، أنا مشاكلي متتعدش، بس أنا قادرة عليها وقادرة اتخطاها كلها، كلها مسألة وقت، وبعد ماتخطاها بقابل مشاكل جديدة بناس جديدة، هي دي حياتي، وهي دي «هارلي»، وأنا مش مستعده اتغير علشان حد، حتى لو كان الحد ده أنا!

استمر «أدم» في مطالعتها، وقد شعر بتخييب جميع اماله حول ماتمنى حدوثه، فيبدو أن النهاية لن تكون كما أراد هو!

(حيث دينا وهيلينا).

حين وصلوا إلى هذا المخزن الذي قادتها «هيلينا» له.

تطلعت «دينا» حولها، لتتحدث في تعجب، قائلة:
-أحنا جينا هنا ليه؟!

طالعتها «هيلينا» بذات نظراتها الغاضمة، والتي تعم بالصلابة، قائلة:
-ادخلي الأول.

امسكت ذراعها، ليمروا إلى الداخل، اصبحت تتطلع من حولها ولا تدري لما تطاوعها، ولكن خوفها من فعل شيء يجعلها تسير معها.

قاموا بالدخول إلى إحدى الغرف، وقد كان المكان بأكمله فارغ.

لتشير «هيلينا» لها صوب الأريكة، قائلة:
-اقعدي.

طالعتها «دينا» والتي لا تدري مالذي تفعله.

وبالفعل جلست لتأخذ «هيلينا» كرسي واضعاه امامها، لتجلس فوقه هي الأخرة بطريقة معكسة، مستندة بزراعيها فوق حافته، لتقول:
-كنتي بتسألي جبتك هنا ليه، ببساطة ده المكان اللي هتتقطع فيه تلت رئوس.

استمرت «دينا» في مطالعتها، وقد بلغت ريقها بخوف، سائلة:
-مش فاهمة، يعني أنتِ هتقتليني؟

رفعت «هيلينا» حاجبيها ببرود وهدوء معتاد، قائلة:
-ده هقرره بعد مانتكلم، وأول سؤال عايزه أعرف اجابته منك هو، أيه علاقتك ب«ساينوس»؟

استمرت «دينا» في مطالعتها ولم تكون تعلم ماذا تقول لها؛ فهذا لم يكون بالحسبان.

لتقول محاولة في اخراج نفسها من هذا الأمر الذي لا تعلم لما اقحمت به بالأساس:
-أنا بتشغل في الملهى عنده.

استمرت «هيلينا» في مطالعتها، قائلة:
-تاني سؤال، أيه مدى قربك منه؟

تحدثت «دينا» في ضيق وتعجرف لما يحدث، قائلة:
-أنا قاعده في محكمة؟!

تحدثت «هيلينا» محذراها، لتقول:
-مس عايزة كلام كتير، جاوبي على قد السؤال وبس لو عايزة تهرجي من هنا.

تنهدت «دينا» في ضيق، قائلة:
-طيب، قريبة منه زي أي علاقة واحدة بمديرها، أنا مش فاهمة سبب الأسئلة حتى!

اكملت «هيلينا» تحقيقها، غير مباليه لكلمات «دينا»، لتقول:
-و«هارلي»؟ أيه علاقتك بيها؟

استمرت «دينا» في مطالعتها، فحينما ذكرت أسم «هارلي»، شعرت أنها بالفعل بمأذق؛ فهي صاحبة المشاكل والمخاطر الأولى، وما دار بعقلها في هذا الوقت هو عداوة «هيلينا» معها، مما دفعها للتسائل، قائلة:
-أنتِ تعرفي «هارلي»؟!

اجابتها «هيلينا» محذرة، لتقول:
-قولتلك جاوبي على قد السؤال وبس.

اجابتها «دينا» منفعلة لتقول:
-اجاوب على أبه وأنا مش فاهمة حاجة، ولا أنتِ مين ولا أنا هنا ليه! يعني واحده جات جابتني مكان زي ده، وقعدت تسائلني عن حاجات المفروض هي شخصية، وعن شغل، ومصرة إني اجاوب من غير مسأل! ده طبيعي؟

نهضت «هيلينا» من مقعدها، لتدور حول «دينا» بهدوء تام، قائلة:
-طيب، أنتِ قدامي مستبهة في جريمة قتل، ومش قتل أي حد، جريمة قتل أختي!

جحظت عينا «دينا» التي تملكتها الرهبة، لتقول في توتر ونفي:
-أنتِ بتقولي أيه؟! أنا مقتلتش حد! أنتِ عايزة تلبسيني قضية!

استمرت «هيلينا» في مطالعتها، فيبدو أنها بالفعل لا تعلم شيء نعن الأمر، عكس ماتوقعت!
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي