الفصل٩

بمنزل «راسل».

تحدثت «فيونا» في تعجب، قائله
  -أزاي مجاش من امبارح؟! كده أكيد في حاجة، بدل ماهو كان بيرجع كل يوم وعمره مبات برا، وامبارح بالذات ميرجعش، فأكيد في حاجة.

استمر «راسل» في مطالعتها شارد الذهن، يحاول أن يجد سبب لما يحدث، بل شيء يدفعهم للوصول إلى الحقيقة.

تحدث «راسل» قائل:
  -أنا هروح البيت اللي قدامنا، وهشوف تليفون «روز»، يمكن بعتلك حاجة.

طالعته «روز» لتوميئ قائلة:
  -فكرة حلوة.

وبالفعل ذهب إلى منزلها، قام بالدخول كما فعل سابقًا، ليأخذ الهاتف من حيث تركوه.

قام بفتحه، ليتفقد الرسائل، توقفت نظراته صوب رسالة قد ارسلها «يونس» ليلة أمس، يقول بها:
  -أنتِ فاكره إني خلاص كده هتخلى عنك وهخاف من اللي واقفين معاكِ دول؟! لا يا روحي، أنا لو عايز ارجعك هعمل كده، ومفيش حد هيقدر يمنعني، مهمه كان، خلي الكلام ده في دماغك كويس، علشان مش هتطولي كتير هناك بعيدة عن حضني.

تطلع «راسل» امامه شارد الذهن، فقد كان توقعه في محله، وبالفعل علم بشأن رحيلها، بطريقة مجهولة لديه بعد.

عاد إليهم ومعه الهاتف؛ لحين أرسل شيء أخر.

ما إن عاد لهم، تحدثت «فيونا» إليه قائلة:
  -أيه لقيت حاجة؟

طالعهم «راسل» و«روز» أيضًا تصوب نظراتها اتجاهه منتظرة في سماع ماسيقول.

اجابهم «راسل» في ضيق قائل:
  -عرف إننا بنساعدك.

تبدلت ملامح «روز» لتتحدث في تسائل وقلق تملكها:
  -عرف منين؟! أيه اللي كتبه؟

اجابها «راسل» قائل:
  -معنى كلامه إنه عرف أننا بنساعدك، وده اللي خلاه مجاش لحد دلوقت ومرجعش البيت.

ابعدت «روز» نظراتها عنه وعقلها شرد في أمره؛ فإن عادت سيكون الأمر أصعب بكثير، بل مؤكد يتواعد لها وهذا مايقلق تفكيرها بالأمر.

طالعها «راسل» الذي يعلم تمامًا يماذا تفكر، ليقول:
   -متفكريش ولا تشغلي بالك بحاجة، أنتِ في بيتي ومحدش هيقدر يهوب ناحيتك يا «روز».

طالعته «روز» لتوميئ بهدوء، رغم قلقها وخوفها من القادم، إلا أنه بالفعل محق، فهي بمنزل ضابط ويحاوطوا المنطقة الضبات هنا، فكيف ستخف إذن؟

حاولت تهدئة نفسها، وبالفعل هدأت قليلًا.

ليتحدث «راسل» محاول أن يدفعها للتفكير بأمر أخر، حين قال:
  -طب بما إن بقى القعدة هتطول وكده، بتعرفي تعملي قهوة مظبوط ولا أقول يا حسرة؟

تبسمت «روز» لما قال، أسفل نظرات «فيونا» التي تشتعل غيرة من مزاحهم والتي لا تعلم بماذا يتفوهوا به.

تحدثت «روز» قائلة:
  -لا بعرف، وبعملها حلو كمان.

تبسم «راسل» وعيناه تتعلق بها، فكم يخفق قلبه حين يرى هذا الملاك امامه، ليقول:
  -مصلحة.

ضحكت «روز» ليلتفت ببسمة مطالع «فيونا»، قائل:
  -تشربي قهوة ولا شاي؟

طالعته «فيونا» وملامحها لا تقارن بالضيق والغيرة الذان يتملكا مابداخلها، لتقول:
   -أنا هروح على الشغل، بعد ماخلص هاجي اشوفكو، لو احتجت حاجة أتصل بيا.

أومأ «راسل» قائل بشكر:
  -تسلمي يا «فيونا»، تعبناكِ معانا.

تبسمت «فيونا» بخفوت، قائلة:
  -مفيش تعب منك يا «راسل»، سلام.

ذهبت ليلتفت «راسل» مطالع «روز» التي لم تكون تفهم شيء من حديثهم، ليقول:
  -مشيت علشان عندها شغل.

أومأت «روز» لتقول، متسائلة:
  -هو أنا كده مش معطلاك عن شغلك؟ يعني الشرطة كده كده محاوطه المكان، فممكن تروح على شغلك أنت وأنا مش هتحرك من هنا.

حرك «راسل» رأسه نافي، ليقول:
  -أنا بتابع كل حاجة من بعيد، غير إن قضيتك بقت قضية تبعي كمان، يعني مفيش قلق ولا حاجة، أنا كلمت القائد وفهمته كل حاجة.

أومأت «روز» بتفهم وهدوء، ليعيد التحدث قائل:
  -مش عايزك تخافي من حاجة، كله هيتحل.

أومأت «روز»، قائلة:
  -أنا مش خايفة.

تبسم «راسل» الذي استمر في مطالعتها بعض الوقت، ليقول محاول أن يستفيق من شروده:
  -اا، القهوة.

تبسمت «روز» مبعدة نظراتها عنه في انتباه، قائلة وقد تملكها الخجل:
  -أه صح نسيتها، هروح اعملها بسرعة.

وبالفعل ذهبت إلى غرفة الطهي أسفل نظرات «راسل» الذي ذهب إلى الشرفة حتى يجري اتصال.

تحدث إلى «أدم» ما إن فتح الخط، والذي قال له:
  -صباح الخير، أيه اخبارك؟

اجابه «راسل» قائل:
  -صباح النور، الحمدالله كويس، قولي أنت أيه الاخبار عندك.

اجابه «أدم» الذي يتحدث بالقرب من منزله:
  -في كام حاجة حصلت بخصوص «هارلي».

تسائل «راسل» قائل:
  -كام حاجة زي أيه؟!

اجابه «أدم»:
  -حرقوا بيتها واتصابت بالرصاص.

عقد «راسل» حاجبيه في دهشة، ليقول:
  -معقول! وبعدين عملت أيه ولا اتصرفت أزاي؟

اجابه «أدم» قائل:
  -اتصلت بيا وطلبت مساعدتي وأنا ودتها الأوضة اللي حكيتلك عنها، رفضت تروح المستشفى علشان كده خرجتلها أنا الرصاصة وعالجتلها الجرح.

تطلع «راسل» امامه شارد الذهن، ليقول:
  -والسلاح؟ يعني مشوفتوش معاها ولا جابت سيرة عنه؟

حرك «أدم» رأسه نافي، مجيب:
  -لا، بس البيت اتحرق، واحتمال كبير ميكونش هناك، وإلا مكنتش هتبقى هادية كده، ده غير إن في واحد صاحبها بتتواصل معاه، وممكن يكون عنده.

تحدث «راسل» سائل:
  -أسمه أيه؟ وفين عنوانه؟

اجابه «أدم» نافي:
  -معرفش، بس لو عرفت هقولك.

أومأ «راسل» قائل:
  -طيب هبقى معاك على اتصال، سلام.

أغلق الخط عقب انتهائهم من التحدث، ليعود «أدم» إلى «هارلي».

فور شعورها بقدومه، قامت بفتح عيناها لتطالعه، مما دفعه للإقتراب قائل:
  -كويس إنك لسه صاحية، يلا أنا جيبت الأكل وجبتلك كمان ادويه، يعني سألت وعرفت أنك لازم تخديها.

حاولت الإعتدال، ليقترب مساعدها على الجلوس، واضع خلفها وسادة لتستند بظهرها عليها.

أخرج الطعام ليصنع لها شطيرة، باديئ في اطعامها.

تحدث أسفل نظراتها، فهي لم تعتاد تلك المعاملة من أحد يومًا!

تحدث «أدم» قائل:
  -قوليلي بتحبي الشاي ولا القهوة؟ أنا جيبت الأتنين بس تحبي تشربي أيه بعد الفطار؟

حركت «هارلي» رأسها نافية، لتقول بصوت متعب:
  -مش عايزة حاجة.

أومأ «أدم» بتفهم، قائل:
  -عارف أن التعب مأريفك، بس بحاول أشوف حاجة بتحبيها مثلًا بحيث تفوقك شوية.

طالعته «هارلي» وبداخلها يدور حديث كبير، حديث تتسائل به عن هذا الشاب الذي  يهتم لأمرها، بل يعاملها بلطف واهتمام غير مسبق لها.

تحدث «أدم» في ترقب قائل:
  -أول مرة أعرف إن عندك صحاب.

تحدثت «هارلي» سائلة:
  -قصدك «سام»؟

أومأ «أدم» قائل:
  -يعني كنت فاكرك مابتثقيش في حد، علشان يبقالك صاحب.

أومأت «هارلي» قائلة:
  -أنا فعلًا كده، بس «سام» معايا من وقت ماكنت صغيرة، وهو بالنسبالي حاجة تانية.

استمر «أدم» في مطالعتها، ليقول:
  -يعني مكنش ليكِ علاقة بحد تاني؟ معندكيش اصدقاء غيره؟

أومأت «هارلي» قائلة:
  -هو الشخص الوحيد اللي بثق فيه، ومش فاكره إن كان في حد تاني قريب مني وأنا صغيرة

أومأ «أدم» متفهم، وعقله انشغل بكونها صغيرته المفقودة، فهناك دلائل توصل إلى هذا، ولكن الحقيقة ومايعيشه أمر مختلف.

طالعته «هارلي» التي لاحظت شروده، لتقول في تسائل وتعب:
  -مالك؟

طالعها «أدم» منتبه، ليتحدث نافي:
  -لا ولا حاجة.

أكمل اطعامها حتى انتهت واعطاها الدواء.

تحدثت «هارلي» قائلة:
  -متشغلش بالك بيا أنت وكمل اللوحة، دي فرصة كويسة ليك، ومش عيزاك تضيعها.

تبسم «أدم» بخفوت قائل:
  -كل حاجة تتعوض، المهم تكوني بخير.

استمرت «هارلي» في مطالعته، فكم كانت كلماته معسولة لا تليق بها، أو هذا ماكانت تعتقده.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي