الفصل١٣

تحدثت «دينا» إلى «ساينوس» قائلة:
  -أنا عرفت إنك بتدور على «هارلي».

يطالعها «ساينوس» ليوميئ بهدوء، قائل:
  -أمم، يعني؟

اكملت «دينا» قائلة:
  -أنا هساعدكوا وأدور عليها معاكوا، الحقيقة أنا زهقت من الغنى، وعايزة أكون حاجة أكبر من كده في الملهى، وبالنسبة للكل، وملقتش أحسن من إني أبقى دراعك اليمين، وعلشان أوصل للمكانة دي، لازم اثبتلك إني قدها، علشان كده أنا هساعدكوا تدوروا على «هارلي»، وعندي أمل كبير الاقيها.

استمر «ساينوس» في مطالعتها، يفكر في حديثها ما إذا كانت صادقة بالفعل، وهل سيحتاج لها أم لا.

طالعه «زاس» الذي كان ينتظر اجابته على ماقالت.

حتى أومأ «ساينوس» قائل:
  -وماله، نشوف لو قدرتي تثبتي إنك تستحقي تكوني دراعي اليمين، فأهلًا بيكِ، ولو أنه صعب.

أومأت «دينا» ببسمة قائلة:
  -حتى لو صعب، بدل منا عندي هدف اوصله هوصله.

رفع «ساينوس» حاجبيه في اعجاب لإصرارها، قائل:
  -هنشوف.

نهضت «دينا» ببسمة ترتسم فوق ثغرها، بل تتصنع ارتسامها، قائلة:
  -يبقى اشوفك في الملهى.

أومأ «ساينوس» مصافحها حتى ذهبت.

تطلع «زاس» إلى أثر ذهابها، ول«ساينوس»، قائل:
  -أنا مش مرتاح ل«دينا»، حاسس إن كلامها وطلبها وراهم حاجة.

طالعه «ساينوس» قائل:
  -مش هنخسر حاجة لما تحاول، يمكن فعلًا عايزة تنول الرضى، بس للإحتياط بردو أنت عارف هتعمل أيه.

أومأ «زاس» قائل:
  -متشغلش بالك من الناحية دي.

في الليل.

يصنع «أدم» الطعام فوق الشعلة خاصته، أسفل نظرات «هارلي»، والتي شردت بحياة هذا الشاب؛ فكم يبدو شيء وعن قرب تجده شيء أخر تمامًا!

في البداية كان يظهر أنه لص، وعندما اقتربت منه، علمت كم هو قادر على تحمل اعباء غيره، بل برغم تعسر حالته المادية، يصنع الطعام ويحضر الدواء، الكثير من الأمور نحوه باتت تشغل عقلها، فأيهم هو؟ هذا اللص المخادع، أم الحنون الذي لن يعاملها أحد مثله؟!

طالعها «أدم» الذي لاحظ شرود نظراتها به، ليقترب ما إن انتهى من تحضير الطعام، واضعه امامها، قائل:
  -بتمنى يعجبك.

طالعته «هارلي» منتبهة، لتتبسم بخفوت، قائلة:
  -أنت كمان بتعرف تطبخ!

تبسم «أدم» ليجيب:
  -أماال، أشطر طباخ.

تبسمت «هارلي» وقد توقفت نظراتها صوبه، فكم تنجزب لشهامته، ولكنها تمنع مابداخلها من هذا، فقد خاضت التجربة يومًا، ومازالت تدفع ثمنها حتى الأن.

بدأت في تناول طعامها، لتطالع «أدم» ما إن تذوقته، قائلة:
  -تسلم أيدك، حلو أوي.

تبسم «أدم» قائل:
  -بالهنا.

اكملوا تناول طعامهم، ليتحدث «أدم» سائل في ترقب وتصنع الجهل:
  -أنا عايز اسألك سؤال، عارف إنه تطفلي بس عايز أعرف السبب.

طالعته «هارلي» منتظرة سماع ماسيقول.

أكمل حديثه قائل:
  -مين اللي ضربوا عليكِ نار؟

استمرت في مطالعته بضع ثواني، لتبعد نظراتها عنه، تفكر ماذا ستقول، وهل يجب أن تخبره الحقيقة؟

كسرت صمتها، حين قالت:
  -دول مجموعة حرامية، وعايزين حاجة معايا.

استمر «أدم» في مطالعتها، فهي لم تكذب عليه، ليكمل سؤاله، قائل:
  -يعني دي حاجة بتاعتك وهما عايزين يسرقوها منك؟

حركت «هارلي» رأسها نافية، لتقول:
  -لا مش كده، يعني حاجة هما سرقوها، وأنا سرقتها منهم.

رفع «أدم» حاجبيه بتفهم، ليقول:
  -أهااا، كده الأمور وضحت، بس الحاجة دي يعني تستحق كل ده؟

طالعته «هارلي» مجيبة:
  -بالنسبة لواحدة زيي، فأه.

استمر «أدم» في مطالعتها، ليقول وقد كان يحادثها بقلب يميل إلى طفلته الصغيرة، والتي يود أن يعلم عنها أكثر:
  -أنتِ معتمدة على نفسك في كل حاجة، يعني حاسس إن مفيش غيرك في حياتك!

أومأت «هارلي» قائلة:
  -دي حقيقة، أنا عيلتي اتخلوا عني من وقت ماكنت صغيرة، مش فاكرة جزء كبير من حياتي، بس كل اللي أنا فكراه إني اعتمدت على نفسي، ولحد دلوقت، الوحيد اللي ساعدني هو «سام»، ومازال بيساعدني بردو.

يطالعها «أدم» الذي قال:
  -أكيد في حد تاني كان معاكِ وأنتِ صغيرة بس مش فكراه.

أومأت «هارلي» قائلة:
  -حتى لو كان في حد، فهو فين دلوقت؟ هو سابني زيهم.

أومأ «أدم» بتفهم، قائل:
  -بس في ظروف ممكن تخلينا نبعد عن ناس بنحبهم.

مازالت «هارلي» تطالعه، لتقول:
  -بس اللي عايز يفضل مع حد هيفضل.

حرك «أدم» رأسه نافي، فقد تحول حديثه من قوله على لسان أحد أخر، إلى المجادلة بأمر يظهر أنه فاعله:
  -زي مانتِ كنتِ صغيرة وقتها ومش فاكرة حتى مين اللي كانوا معاكي أو أيه اللي حصل، فهو كمان كان صغير، بس الفرق أنه مانسكيش، رغم إنك نستيه.

طالعته «هارلي» وقد تبدلت نظراتها إلى التعجب؛ فما قاله ليست كلمات يتحدثان بها عن الفراق وغيره، بل اصبحت مدافعة عن شخص غاب هي لا تدري من هو حتى!

شعر «أدم» أنه تمادى في الحديث، هذا مادفعه للنهوض في محاولة منه لتغيير الأمر، قائل:
  -ااا، أنا هروح اعملنا شاي.

ذهب دون كلمة أخرى تاركها بحيرتها، فدهشتها لما قاله جعلتها لا تستطيع أن تسأل عن سبب حديثه حتى!

(بمنزل راسل).

تحدث «راسل» إلى «فيونا» الجالسة رفقته، والتي روت له كل ماحدث معها اليوم:
  -أنا حاسس أنه ممكن يكون بيعمل كده علشان يكمل في خداعه، بس هيبقى بشكل تاني، يعني هيبقى اتجوز شابة، وفي نفس الوقت مرتاحة ماديًا، والله أعلم أيه اللي في عقله لسه.

استمرت «فيونا» في مطالعته، قائلة:
  -ده اللي قلقني، وغير كده حتى لو مفكرتش في الموضوع ده، فتفتكر لو حصل واتجوزته، ده هينفع؟ يعني واحد كان خاطب أمي وهي أكيد عيزاه، فأزاي هقولها أنا وهو هنتجوز؟! كل حاجة غلط أنا أصلًا مبفكرش فيه، ده غير إني لو شكيت في لعبة بيلعبها، أو كمل مع ماما، وقتها أنا هسجنه.

أومأ «راسل» قائل:
  -كده أحسن، أنتِ بتتصرفي صح، وأنا معاكِ في أي حاجة، وفي أي قرار هتاخديه.

تبسمت «فيونا» محتضناه، قائلة:
  -ماتحرمش منك يا «راسل»، حقيقي أنت بني أدم ميتعوضش.

تبسم «راسل» بخفوت، ليربط فوق ظهرها مبتعد.

في هذا الوقت وحينما كانت تتابع «روز» حديثهم، والتي كانت جالسة خارج الشرفة فوق الأريكة، رأت احتضانها له، وهذا ما أثاء ضيقها؛ لا تدري لماذا، فقط شعور بالضيق والغيرة الغير مبررة قد تملكت قلبها.

تحدث «راسل» مطالعها، ليقول:
  -يبقى متسيبلوش البيت، ولو مابعدش عنها زي ماقولتي، وقتها افضحيه قدامها، وارفعي عليه قضية وأنا هساعدك في كده.

أومأت «فيونا» قائلة:
  -أنا لولا كلامي معاك، مكنتش هتصرف كده خالص.

تبسم «راسل» الذي نهض، ليقول:
  -دايمًا هتلاقيني وقت ماتحبي تتكلمي وهسمعك، يلا ندخل.

أومأت «فيونا» ببسمة ترتسم فوق ثغرها، فحديثه واهتمامه الذي يظهره بها، كل شيء اعطاها دفعة قوية، جعلتها تشعر بسعادة طائلة.

نهضوا اثنتاهم ليخرجوا من الشرفة، مما دفع «روز» في ابعاد نظراتها عنهم.

ليقول «راسل» مطالع اثنتاهم:
  -تحبوا نطلب أيه ناكله؟

طالعته «روز» التي نهضت، قائلة:
  -شكرًا أنا هدخل أنام، عن أذنك.

ذهبت إلى غرفتها دون سماع حديثه حتى.

طالعته «فيونا» والتي لاحظت تغييرها، كما فعل هو.

اغمضت «روز» عيناها بضيق، قائلة:
  -أنتِ اتضايقتي ليه؟! هو حر يعمل اللي عايزه، ملكيش الحق تضايقي، دي حياته وكتر خيره أنه ساعدك أصلًا.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي