الفصل١٥

اجابها «أدم» متحدث، ليقول:
  -في حاجات كتير بتشير لكده، وكان اولهم الأسورة المشتركة مبينا، الأسورة دي أنتِ اللي كنتِ عملاهالنا، ومكنتش موجودة مع حد تاني، ده غير صورتك وأنتِ صغيرة، أنا لسه حافظ شكلك وقتها، وبردو كان أكبر دليل على إنك هي.

تطالعه «هارلي» مصدومة من حديثه؛ فهي لم تتوقع أن تكون على معرفة به في يوم!

أكمل «أدم» قائل:
  -عارف إن اللي بقوله صدمة عليكِ، وصعب تستوعبيه، بس صدقيني يا «هارلي» دي الحقيقة، وأنا مش حابب نهايتك تكون وحشة، علشان كده عايزك تسيبي الطيق ده خالص زي منا هعمل ونبداء بداية جديدة.

تحدثت «هارلي» التي تشعر بتخبط الكلمات بعقلها، قائلة:
  -ثواني بس، أنت بتقول إنك تهرفني من وقت ماكنا صغيرين، أمال أنت روحت فين لو كانت علاقتك بيا قوية كده؟

طالعها «أدم» ليقول:
  -أنا وقتها كنت صغير كمان، مكنش في فإيدي سلطة إني أفضل أو أمشي، ووقت ما عيلتي رجعت مصر أنا رجعت معاهم، وكنت فاكر زي ماهما قالوا هيسافروا وقت قصير كزيارة زنرجع، ومكنتش أعرف إننا هنقعد كل الفترة دي، لحد ماكبرت وكنت متأكد إني مش هلاقيكي لو رجعت، بس رجعت؛ لإنك كنتِ وحشاني، ومكنتش عايز أندم إني محاولتش.

لا تبعد «هارلي» نظراتها عنه، تجمعت الدموع بعيناها، فكل ماعانته بفردها وكانت تنتظر لجوئها إلى أحد، رجع ليقول أنه كان بجانبها أثناء صغرهم!

اقترب «أدم» ليمسك يدها مقبلها، قائل:
  -مش عارف أيه اللي حصل السنين اللي فاتت وليه اتغيرتي كده، بس أنا متأكد إن لسه جواكِ «عشق» اللي عرفتها دايمًا.

تسللت الرعشة إلى جسدها ما إن قبل يدها، بل لمسته لها أحيت بداخلها مشاعر لم تكون تعلم بوجودها!

ابعدت يدها من يده، ونظراتها كذلك لتجفف دموعها بذات صمتها.

ولكنه تقبل مافعلت؛ فهو يعلم مابداخلها، وماحجم المعاناه التي عانتها، والتي تظهرها حياتها الأن وطريقة عيشها، فلا سلام بمنزل اُغلقت جدرانه! أين سيكون السلام إذن؟

أومأ «أدم» بهدوء، قائل:
  -أنا مش هكلمك في الموضوع ده تاني، ولو ضايقك تقدري تعتبري نفسك مسمعتيش حاجة.

نهض مبتعد عنها أسفل نظراتها الشاردو، والتي تعيد ماقاله، لكن بتفسير أكثر تلك المرة.

في الليل.

داخل إحدى الملاهي الليلية، قام «يونس» بالدخول إلى هناك، يتطلع حوله باحث عن احدهم.

اقترب من النادل، ليقول:
  -هو مش ده الملهى اللي بيجي فيه الجوكر؟ هما مسمينه كدن صح؟

أومأ النادل ليبلغه، قائل:
  -أيوه هتلاقيه في الأوضة اللي هناك دي.

أومأ «يونس» قائل:
  -شكرًا.

اقترب «يونس» من الغرفة، ليقوم بطرق بابها، حتى سمح لها من بالداخل بالمرور.

قام بفتح الباب ليأخذ خطواته نحو الداخل، وقعت عيناه ما إن دخل صوب هذا الجالس بظهره فوق الأريكة العريضة، والتي تتوسط الغرفة، رافع كأسه بعض الشيء عنه، ونظراته تتصوب نحو الشاشة الكبيرة المعلقة من امامه، كأنه بعالم أخر غير من بالخارج!

اقترب «يونس» الذي حاول أن يكون هاديئ ولا يظهر توتره، ليقول:
  -«الجوكر»؟

ما إن اقترب طالعه صاحب العينان الخضرواتان كخصلاته، كان يرتشف من كأسه بهدوء غير مجيب عليه؛ فمن لا يعلم «الجوكر» حتى ولو كان بعيد؟!

أكمل «يونس» محاول فب اكمال مسيرته، قائل:
  -أنا أول مرة اقابلك، بس سمعت عنك كتير، والحقيقة أنا واقع في مشكلة، وعايزك تساعدني.

أعاد «الجوكر» نظراته إلى الشاشة مشعل سيجارته، ليقول:
  -حد قالك إني مصلح اجتماعي؟ ولا بياخدوه في المشاكل علشان يحلها؟

اجابه «يونس» نافي، موضح قصده:
  -مش قصدي، هي مش مشكلة زب مانت فهمت، أنا في بنت تلزمني، والبنت دي دلوقت مع ظابط هو اللي حامي ضهرها ورافضه ترجعلي بقلب جامد لأنه وراها، عارف هما فين بس مش هقدر أروح لإن البوليس محاصر المكان، وبيني وبينك أنا مش هتخلى عنها، وملقتش حد غيرك يعرف يحلهالي.

عاد «الجوكر» في مطالعته، ليقول بذات هدوئه وبرود اعصابه:
  -غير مرغوب فيك من ناحيتها يعني.

أومأ «يونس» مطاوع ماقال:
  -اعتبرها كده.

رفع «الجوكر» حاجبيه لينفث سيجارته، قائل:
  -وأيه بقى المقابل اللي هتقدمه علشان اساعدك؟

اجابه «يونس» والذي فكر مرارًا بشأن الأمر؛ فمن المتعارف أن «الجوكر» لا يقوم بشيء هكذا دون شيء امامه:
  -في سلاح أثري من الألماس، السلاح ده الدنيا مقلوبة عليه حاليًا.

أومأ «الجوكر» ببساطة قائل:
  -سمعت عن الحوار.

أومأ «يونس» هو الأخر، ليكمل حديثه:
  -أهو أنا بقى أعرف السلاح مع مين، بس معرفش الشخص ده فين بالظبط.

طالعه «الجوكر» من جديد وهو يفكر بما قال، ليتحدث في تسائل:
  -وأنت مشن عرفك إنه مع الشخص ده؟

اجابه «يونس» قائل:
  -أنا كنت شغال مع الحرامية اللي سرقوه، وكنا المفروض هنقسم حقه لما نبيعه، بس هما كرفوني وقال أنه راح لإيد حد تاني، واللي يلاقيه يبقى من نصيبه، علشان كده حسيت إني هتاكل في الأخر، وقولت بدل ماقعد اتفرج مخسرش كل حاجة.

رفع «الجوكر» حاجبيه معجب بطريقة تفكيره، ليقول:
  -حلو، عجبتني طريقة تفكيرك، وأنا معنديش مانع اساعدك، بس قبل أي حاجة، لازم تكون عارف بتلعب مع مين، يعني لو في بطن الحوت، هجيبك.

أومأ «يونس» متفهم، ليقول:
  -مش هحاول حتى، متقلقش أنا جايلك وطالب خدمة، ومقابل الخدمة دي أنا هقدملك حاجة تانيه، وهي إني ابلغك السلاح مع مين، وأنت تجيبه بمعرفتك.

يطالعه «الجوكر» الذي قال:
  -اتفقنا.

أمسك هاتفه ليتصل بإحدى رجاله، قائل:
  -«بين» تعلالي على الأوضة في الملهى، عايزك.

أغلق ما إن انتهى من القاء كلماته، أسفل نظرات «يونس» التي كانت تتعشم تمامًا بإعادة «روز» له.

تحدث «الجوكر» قائل:
  -عايزك تقولي هي فين، ومين الظابط اللي بيدعمها، وفي أنهي منتطقة.

أومأ «يونس» ليروي عليه كل شيء حدث بطريقة مختصرة ولكن توضح الأمور له.

رفع «الجوكر» حاجبيه في دهشة، ليقول:
  -«راسل» هو اللي وراها! أنا عارف الظابط ده، معرفة قديمة بس مقدرش يمسك حاجة عني، كان هيجيله جلطة.

طالعه «يونس» بتمني، قائل:
  -ياريت كانت جاتله وارتاحنا، وقتها مكنتش هتلاقي حد يساعدها.

ضحك «الجوكر» على ماقاله، ليتطلع إلى «بين» قائل:
  -عارف أنت بيت أمه، مش كده؟

أومأ «بين» قائل:
  -طبعًا، ده الباشا قديم معانا.

تبسم «الجوكر» بلؤم، ليعيد التطلع إلى «يونس»، قائل:
  -هبعتلك كام واحد هناك يظبطوا المكان، وبمكالمة تليفون تهدده، هتلاقيه جالك جري.

تبسم «يونس» لسرعة تخطيته وايجاد حل للأمر، ليقول:
  -أنا بجد مش عارف اقولك أيه، فعلًا اخترت الشخص الصح.

تبسم «الجوكر» بسمة جانبية، ليطالع «بين» قائل:
  -ظبط الحوار أنت، وهو هيحكيلك الحوار.

أومأ «بين» قائل:
  -تأمرني.

(بمنزل راسل).

يجلسان اثنتاهم، يتناولوا الطعام.

يتطلع «راسل» إلى «روز» من امامه بين الحين والأخر؛ فلا يعجبه صمتها، والذي أصبح يلحظه مؤخرًا.

تحدث محاول كسر هذا الصمت الذي يعم بالأجواء، قائل:
  -تحبي تروحي مكان معين؟

طالعته «روز» التي عقدت حاجبيها بخفوت وتعجب، قائلة:
  -نروح حتة؟! بس يعني هو عادي لو حد شافني؟

تبسم «راسل» لسؤالها، قائل:
  -أمال مش هتبقي مع ظابط؟ تحبي نروح فين؟

تبسمت «روز» بهدوء، لتقول نافية:
  -أنا معرفش الأماكن هنا، بس أي مكان نغير فيه جو.

أومأ «راسل» بذات بسمته، قائل:
  -يبقى نخلص أكل ونلبس.

نهضت «روز» بهذا الوقت في حماس، قائلة:
  -أنا هلبس عقبال ماتخلص أنت.

ذهبت إلى الغرفة أسفل نظراته وبسمته التي ازدادت في الأرتسام لنجاحه وجعل الحماس يعود لها نبابة عن هذا الهدوء الذي كان لا يريحه.

انتهت من تبديل ملابسها، كما فعل هو الأخر، وبالفعل ذهبوا إلى الكثير من الأماكن، والذي كانت نهايتها جلوسهم بإحدى الحدائق الخلابة.

تحدث «راسل» سائل، وهو يطالعها ببسمة لرؤيتها تأكل الشيكولاه بطريقة طفولية:
  -استمتعتي بالخروجة ولا مش قوي؟

طالعته «روز» متبسمة، لتقول:
  -استمتعت أوي، حقيقي كنت مخنوقة من البيت، و«يونس» مكنش بيخرجني.

تبسم «راسل» بخفوت ضيق لذكرها أسم هذا المعتوه، لكنه تجاهله، قائل:
  -مبسوط إنك استمتعتي.

ازدادت بسمة «روز» التي فضحت عيناها ما تفكر في سألها له، حتى قاطعت صمتها، قائلة:
  -هو ليه أنت متجوزتش لحد دلوقت؟ برغم إنك فأمريكا ودي حاجة ممكن تعملها بسهولة!

أومأ «راسل» الذي طالعها ببسمة، قائل:
  -لأني محبتش اتجوز بنت اجنبية؛ وطبعًا سهل تعرفي ليه، أنا بحب شريكة حياتي تكون عاداتها وتقاليدها زيي، وإلا هنتعب مع بعض.

ارتسمت البسمة فوق ثغر «روز»، من المحتمل أن يكون لأجل طمأنينتها من أنه لا يحمل أي مشاعر ل«فيونا»!

عقد «راسل» حاجبيه بخفوت وتسائل مصطنع، برغم علمه التام فيما فكرت به:
  -بتضحكي؟!

ابعدت «روز» نظراتها عنه، لتحرك رأسها نافية، في محاولة منها لإخفاء بسمتها، قائلة:
  -أكيد مبضحكش، يعني مجاملة يعني.

تبسم «راسل» مبعد نظراته عنها، طالعته «روز» بنظرات جانبيه لترى البسمة ترتسم فوق ثغره، هذا مادفعها لمعرفة أنه يعلم مايدور بخاطرها.

أعاد «راسل» مطالتها، ليقول:
  -هما نسبة قبول الظباط في تقدمه للزواج كام؟

طالعته «روز» التي لمعت عيناها في دهشة لسؤاله، محاولة أن لا تظهرها، لتقول:
  -اا أزاي، مفهمتش!

اجابها «راسل» ببسمة هادئة ترتسم فوق ثغره، قائل:
  -أيه اللي مفهمتهوش؟ يعني لو الواحد مننا اتقدم للجواز من بنت حلوة، قمر، دمها خفيف، كل حاجة فيها زي العسل، ممكن يتقبل؟

استمرت «روز» في مطالعته بضع ثواني، لتبعد نظرها عنه بعد هذا، قائلة وقد شعرت بالتوتر:
  -اا أكيد، وليه متوافقش؟ هي ماهتصدق.

ازدادت بسمة «راسل» في الاتساع ليوميئ بهدوء ناهض.

طالعته «روز» عاقدة حاجبيها بخفوت، فنظراتها كانت تتسائل عن ما يفعله.

حتى قامب الركوع فوق ركبته، ليخرج علبة صغيرة من جيبه، مطالعها ببسمة ونظراته كانت كفيلة في البوح بكل مابداخله دون القاء كلمة واحدة.

تبدلت نظرات «روز» بل ملامحها بأكملها، والتي تملكهم الدهشة، شعرت بضربات قلبها تتزايد في التسارع، ورعشة تسللت إلى جسدها، أهي من برودة الجو، أم من مافعل؟!

تحدث «راسل» بذات حاله، قائل:
  -تقبلي تتجوزيني يا «روز»؟

استمرت في مطالعته وتكاد تسقط فاقدة للوعي لما سمعت، بل لكل ماتعيشه الأن، قائلة:
  -اا أنت بتهزر؟

ضحك «راسل» لعدم تصديقها ماقال، ليحرك رأسه نافي، قائل:
  -تفتكري هقعد القعدة دي علشان اضحكك بس؟

طالعت «روز» العلبة بيده، فيها خاتم بالفعل، إذن لا يمزح!

هذا ماكانت تفكر به، ويزداد من تسرع ضربات قلبها، التي شعرت أنها ستتوقف.

تحدث «راسل» مازح في محاولة منه لتهدئتها:
  -هو الموضوع صعب للدرجة دي ومحتاج كل التفكير ده؟!

طالعته «روز» والدموع تملكت عيناها، فكم كان شعورها بتلك اللحظة لا يوصف، مهما فكرت بالأمر وبهوله، لن تتصور أن الأمر سيكون بتلك الصعوبة والتوتر
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي