الفصل6

الفصل 6

مرت الأيام على سيلڤا في روتين، أمها أدركت أنها لن تلين بسهولة، وعليها أن تتغير لكن بعد ماذا؟ بعد ان فقدت كل شيء في قلب أبنتها، التي لا تتأخر في أظهار رفض القرب منها، تغلف إهانتها بكلمة أمي في النهاية الكلام السام الذي ترمي به مونيكا.

 كانت سيلڤا تنزل درجات السلم، تنفث دخان سيجارتها، حتى قبل ان تتناول افطارها، وهي ترتدي ملابس لا تليق للذهاب إلى العمل أو المدرسة، لكن هذا ما اعتادت على ارتدائه، فلما تغيره الآن؟

 تركت شعرها ينساب على كتفيها، ويحيط بوجهها بطريقة تليق بها وبجمالها الأخاذ، أخذت تأكل ما وضعته أمامها الخادمة، بعدم قابلية فهي أهم ما لديها هو الدخان وليس الطعام، حتى انه يقوم بسده شهيتها لا تستطيع أن تأكل كمية كبيرة، ويضر بصحتها بطريقة مبالغ فيها، لن تستطيع تداركها في المستقبل. 

 إلا أنها لن تقلع عن التدخين حتى يصيبها المرض، اخذت تحرك الطعام في طبقها أكلت القليل، ثم نهضت 

مونيكا باستنكار: 
" كملي فطورك"
 كانت تتكلم بجدية حتى أن ابنتها نظرت لها بدهشة ولولا وجود الخدم لما سمحت لها أن تتكلم، نظرت لأمها بمزيد من التحدي، ونظرة أخرى لا تعرف ما هي؟ هل هي طاعة أم سؤال أين كان هذا الإهتمام من قبل؟

 لكنها رفعت الشوكة ة بالطعام لتلوكه، ثم نهضت وهي تقول:
" لقد اكتفيت "

هزت مونيكا رأسها وهي تقول: 
"اهتمي بنفسك"

 أشياء كثيرة بدأت تتغير في مونيكا، ولكن هل تتقبلها سيلڤا؟ لقد انتهى ذلك الوقت الذي كانت تحتاج فيه أن تسألها هل أكلت ام لا، لكنها هزت رأسها موافقة لانهم يجلسون في وجود الخدم فقط، وإلا كانت اطلقت لسانها عليها، واخبرتها ان العمر مضى والسنوات انتهت، وإن ما تحاول إظهاره الآن أصبح مزحة سمجة.

تحركت إلى السيارة وهي تفكر، هل تغيرت أمها؟ ام تحاول الاستحواذ على عقلها ام أدركت مقدار الخطأ الذي ارتكبته؟ في حق نفسها وحق ابنتها، أما سيلڤا لتبدل تلك الأفكار في رأسها قامت بتشغيل الكاسيت، في السيارة بصوت مرتفع، صوت مغني الراب المعروف  «بول ردريغيز»،  وهي تردد خلفه بصوت شبه مرتفع، إلى أن وصلت السيارة إلى مقر الشركة

 ورغم ذلك لم يتوقف أزعاجها لمن حولها بذلك الصوت المرتفع، وهي تردد معه، أغلقت الكاسيت بعد قليل وحملت متعلقاتها وتركت السيارة تصطف في المكان المخصص لها، وهي تصعد تلك الدرجات البسيطة.

 قابلها الحارس بابتسامة هو يقول: 
"مرحبا انسة سيلڤا، هل أستطيع أن أساعدك في حمل تلك الأغراض عنك"
" لا تهتم ريك، أستطيع أن أحمل اغراضي بنفسي"
 ابتسم وهي تدخل إلى قسم الاستعلامات، نهض الموظفين ينظرون لها، بدهشة ربما لما ترتديه من ملابس، وتلك السيجارة التي تنفث دخانها في الهواء
 سيلڤا: "هل كلما دخلت إلى الشركة تنهضون؟ عودوا إلى عملكم، أستطيع الذهاب إلى مكتبي دون أن يقف أحد"

" هذا صحيح انسة سيلڤا، لكنه إحترام لك"

 "ونظرة الدهشة في عينك ايضا تحمل احتراما لي"
" لم أفهم ماذا تعني؟"

" بل تفهمين جيدا، كفي عن النظر لملابسي وسجارتي بتلك الطريقة، فأنا لا أتغير من أجل أحد "
هزت الموظفة رأسها وهي تقول:

" أنا لا يحق لي أن أطالبك بالتغيير انسة سيلڤا ولكن.."

" لا داعي لأن تكملي، لن أقضي اليوم أستمع إليك"
 تحركت إلى المكتب الخاص بالمدير، نظرت لها السكرتيرة ألكساندرا بابتسامة وهي تقول:

" مرحبا انسه سيلفا "

هزت رأسها وهي تتحرك الى المكتب، تنظر الى ألكساندرا من فوق كتفها وتقول: 
"احضري الملفات التي يجب أن أراها واتبعيني أطلبي منهم أن يعدوا لي قهوة"
" حسنا"
 لم تمر لحظات، حتى كانت ألكساندرا تحمل الملفات والبريد الوارد إلى سيلڤا، التي بالكاد تفهم محتوى تلك الأوراق، لكنها تحاول اظهار ثقة في نفسها أمام الجميع، تحاول أن تظهر أنها تستحق المكان التي تجلس فيها، رغم أنها تملك كل شيء، تعرف جيدا انها لا تستطيع ان تدير شركة بذلك الحجم بمفردها، لذا نظرت إلى السكرتيرة وهي تقول:

 "متى يأتي العم خوان؟" 

"اعتقد ان لديه محكمة اليوم لن يأتي، إلا في الفترة المسائية، لكنه بالتأكيد سيكون هنا في الغد لأن.."

 صمتت لم تكمل فماذا تقول لها؟ أن من اشترى تلك الأسهم سيأتي في الغد، لكن سيلڤا تعرف ذلك جيداً، هزت رأسها وهي تقول:
" افهم ما تريدين قوله، تستطيعين الذهاب الى مكتبك، سأحاول حل تلك الغاز وإن لم افهم عليك ان تحضري لي الموظفين يشرحوا الأمر باستفاضة"

"حسنا سأفعل ما تريدين انسة سيلڤا، وان كان هناك شيء تريدين مني أن أوضحه فأنا أستطيع مساعدتك"

 نظرت لها سيلڤا باستفسار
" لقد درست ادارة اعمال؛ لهذا اعمل سكرتيرة هنا، لأن العمل هنا يتطلب شهادات ودورات كثيرة "
ابتسمت سيلڤا وهي تقول:
" حسنا إن احتجت شيئا سأرن لك الجرس"

 بعد قليل كانت ألكساندرا تدخل مع من يحضر القهوة وضعتها أمام سيلڤا بابتسامة وهي تسألها أن كانت تريد شيئا أشار سيلڤا للعامل بالانصراف، وهي تطلب من ألكساندرا أن توضح لها احد النقاط في ذلك العمل، فهي تشعر أنها تائهة في بحر لا مرسى فيه..

 كيف تستطيع ان تقرر امور غايه في الاهميه ستتركها الى ان ياتي اخوان ولكن الملفات التي يجب أن توقع عليها سوف تقوم الكسندرا بتوضيح الأمور لها وسلفه تنظر لها بتركيز إلى أن انتهت

وجدت سيلڤا أن العمل ليس شقت كما كانت تظن، أنها تستطيع ان تفهم بعض الأشياء، تأخذ بعض القرارات، هزت رأسها بابتسامة وهي تقول الى ألكساندرا 
"لقد ساعدتني كثيرا في إنهاء هذا العمل"

 ألكساندرا: "هذا ما وظفت من أجل أن أفعله، رهن اشارتك في أي شيء تريدينه يخص العمل وفي أي وقت"

 ابتسمت سيلڤا وهي تعطيها الملفات، وتقول:

" سوف أقرأ ذلك الملف مرة أخرى؛ لاتعلم منه بعض الأشياء "

الكساندرا هزت رأسها باستحسان وهي تقول: 

"سيكون ذلك جيدا، لكني سأحضر لك ملف آخر قام بإجراء كل الخطوات به والدك السيد إدواردو رحمه الله، وقتها ستدركين إنك تسيرين على نفس الطريق"

 ابتسمت سيلڤا وهي تقول:

" وهذا جيد بالتأكيد، الثبات في بعض الأحيان يكون افضل بكثير من التذبذب"

 نظرت لها ألكساندرا بعدم فهم ولكنها هزت رأسها موافقة، فقالت سيلڤا:
" حسنا احضري الملف وأريد من يفهمني كيف يسير العمل بالطريقة الحديثة"

" أنا أستطيع أن اردتي، بعد العمل ان نتكلم او في اوقات العمل لا يوجد لدي مشكلة، انا حاليا أستعد لدراسة الدكتوراه في إدارة الأعمال"

 نظرت لها سيلڤا بدهشة فهي تبدو صغيرة في السن، ولكن الكسندرا أدركت ما تفكر فيه، فابتسمت وهي تقول:

" لست صغيرة إلى هذه الدرجة، انا 27 سنة"

" هل انت متزوجة؟ "

"لا لست متزوجة، مررت بتجربة فاشلة، ولم أحبذ أن أكمل في ذلك الفشل، لانه سيكون سببا في دمار نفسي، وانتظر من يكون مناسبا أكثر"

" أحسنت لا تأخذي خطوة خاطئه تندمين عليها باقي عمرك"

 ابتسمت لتلك الطفلة  التي تصغرها ب 10 سنوات ومع ذلك تحاول أن تسدي لها النصيحة

 الكساندرا "سوف اذهب الى مكتبي هل تريدين شيئا الآن؟"

" لا سأراجع الملف ريثما تحضري الملفات التي عمل عليها ابي"

بعد قليل أحضرت لها عدة ملفات، أخذت سيلڤا تقلب في صفحتها تعمل بجد كمن تخرجت من إدارة الأعمال، لقد قامت ألكساندرا بشرح بعض النقاط التي ستساعدك في ممارسة العمل، لذا ها هي تطبقها على ملفات تم الانتهاء منها بالفعل، لذا تدرك ان ما تفعله صحيح، فان النتيجة التي تقرأها في الملفات، هي نفسها التي تتوقعها خارج الملف.

 في اللحظة التي كانت  تركز فيما تفعله، طرق  على الباب جعلتها تسب من بين أسنانها وهي غارقة بين الأوراق المنثورة على المكتب، دخلت ألكساندرا خطوة وهي تقول:

" انسة سيلڤا هناك من يريد مقابلتك "

"مقابلتي أنا ام مقابلة رئيس مجلس الإدارة "

" أنت نفس الشيء، لكنه طلب ان يقابل سيلڤا"

" فقط سيلڤا "

"أجل"

" من هو؟ هل رأيته من قبل"

 هزت ألكساندرا رأسها بنفي، وهي تقول:

" لم أراه من قبل، لكن يبدو وسيما، ويبدو أن الأمر شخصيا"

 نظرت لها سيلڤا بدهشة، في اللحظة التي أقترب فيها من الباب وفتحه، وهو ينظر لها ويقول:
" هل سأنتظر فترة طويلة، حتى تقرري ان تسمحي لي بالدخول؟"

 التفتت له الكساندرا بابتسامة تحمل الاعجاب وهي تقول:

" انت لم تفصح عن اسمك؛ لذا لم اعرف من اخبرها"

"لكنها تعرف من أنا أليس كذلك سيلڤا الجميلة"

 نظرت له بصدمة وهي تقول: 

" أجل أعرفك لكن ماذا تفعل هنا؟"

" ألم أقل لك أنني سأراك قريبا سيلڤا؟"

" أجل لقد قلت، ولكن لما هنا لما في الشركة"

" هل اذهب؟"

" بالطبع لا اليخاندرو يمكنك أن تتفضل "

نهضت تقابله في وسط المكتب، بينما ألكساندرا تنقل نظرها بين الاثنين، لكنها انسحبت لتغلق الباب، في اللحظة التي مدت سيلڤا يدها لتسلم على أليخاندرو، الذي جذبها من يدها لتقترب منه، كادت ان ترتطم بصدره، وهو يحط بشفتيه على خدها.

 نظرت له بدهشة وهي ترفع يدها الأخرى لتمس مكان القبلة، وهي تقول: 

"ما الذي تفعله؟" 

"هل هي المرة الاولى؟ التي اقبل خدك فيها" 

نظرت له بصدمة وهي تقول:

"لا ولكن ذلك كان في زمن آخر كنت فيه طفلة"

" والآن ماذا صرتي ألست طفلة؟"

 الدهشة والغضب على وجهها، وهي تحاول أن تجذب يدها من يده، لكنه همس:
" ألن تقبليني أنا الآخر؟"

" هل تمزح أليخاندرو؟"

" بالطبع لا يا حبيبتي، ولكن أن كنت لا تريدين أن تقبليني أنت أقبلك أنا"

 مس خدها الآخر مما جعل عينها تفتح، وهي تحاول التراجع، تتكلم بكلام غير مترابط إلى أن وصلت إلى مكتبها، بينما هو يكبت ذلك الشوق الذي اشعلته قبلة خفيفة على خدها، والتي جعلته يريد المزيد، يريد ان يقتحم شفتيها الممتلئة، يمتلكها بقسوة يقبلها بعنف.

 كان شارد فيما يفكر فيه، الى أن جلست وهي تقول:
" يمكنك الجلوس"

" سأجلس حبيبتي"

"لماذا تقول كلمة حبيبتي وكأننا عشاق؟"

 نظر لها وعينه يظهر فيها مشاعر كثيرة، لكنه نهر نفسه يظهر برود، وهو يقول:

" نحن معرفة قديمة سيلڤا، صديقتي الصغيرة حبيبتي وطفلتي أشياء كثيرة، هل نسيتي؟"

" لم يكن كلامك بهذه الصورة حينما التقينا من قبل، لقد كنت تنظر لي بغضب"

" لما لا تنظرين إلى حالك وتعرفين سبب غضبي؟ "

"ماذا به حالي؟"

" هل تمزحين سيلڤا؟ هل هذا هو أنت؟ أنك لا تنفك عن التدخين بشراهة "

شعر بالخجل ولكنها ادعت البرود، وهي تقول:

" هذا شأني أنا، شيء يخصني"

" بالتأكيد ولكني لا احب نساء الذين يدخنون وخاصة بتلك الطريقة التي تدخنين بها"

" ومن طلب منك ان تحبني أليخاندرو؟"

 نظر لها مطولا وعينه تنتقل على تفاصيل وجهها العذب، وتوقفت على شفتيها الممتلئة، في اللحظة التي شعرت فيها سيلڤا بالخوف، كادت ان تتراجع في مقعدها، لأن نظرته تعادل قبلة.
 سيلڤا: "لما تنظر لي هكذا؟" 

"ما بها الطريقة التي أنظر لك بها؟ الا تعجبك" 

"تشعرني بالخجل"

 لم يدري ما الذي يحدث له؟ مد يده يمسك قبضتها الموجودة على المكتب، وهو يقول:

" لا يوجد خجل بيننا سيلڤا، انت تعلمين جيدا مكانتك.."

سكت قبل أن يقول في قلبي، أما هي نظرت له كأنه نطق الكلمة، وهي تسحب يدها من بين أصابعه وذلك الإبهام الذي يتحرك على ظهر يدها يداعب قلبها، وليس يدها

 شعرت في هذه اللحظة أنها شخص آخر غير سيلڤا، التي لا تهتم بأحد تشعر انها تهتم به هو
أليخاندرو.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي