الفصل 17

الفصل 17

النشوة التي  تثور في قلبها، وهو يحركها  في أحضانه يقبلها بعشق، وهو يهمس باسمها بين قبلاته الجامحة، التي تخطف الأنفاس  وهي تشعر بالانصهار بين ذراعيه، لكن شئ أخرجهم من هذه الهوة التي كادت أن تجرفهم، عندما طرقت روڤان الباب، وهي تقول:
 
"سيلڤا هل انت بخير؟ انا أطرق الباب من لحظات، ولم أتلقى رد! هل اطالب منهم كسر الباب؟" 
نظرت إلى أليخاندرو بخوف، وهي لا تعرف كيف تلملم نفسها، كيف تسيطر على خوفها، تحاول دفعه بقوة، بينما هو يحاول دعمها حتى لا تسقط أرضا، وهو يقول:

"الباب مغلق، لن يستطيع أحد الدخول، لن اسمح لاحد بأن يراك وأنت بهذه الحالة حبيبتي، تحركي إلى الحمام، اغسلي وجهك واشربي بعض الماء، لا تخافي حبيبتي انا سأتصرف معها"

 كادت ان تتحرك ولكنها وقفت، وهي تقول:

 "هناك طلاء شفاه على شفتيك"

 أخذ يتذوقه باشتهاء وكأنه هائم فيما يشعر به، ما ان همت أن تتحرك حتى جذبها لحضنه مرة أخرى، وهو يقول:

"انا احبك سيلڤا، كل ما في عقلك لا وجود له، أنا أعرف جيداً مقدار الخوف الذي تشعرين به، اعرف جيدا لما انت خائفة مني، لأنك خائفة من نفسك، لكن اتركي لمشاعرك الحرية يا حبيبتي، اشعري بما يعتمل داخلنا، هناك أشياء كثيرة تجمعنا، لكنك تقاوميها"

"حينما تكف عن محاولة سرقت شركتي، قد اصدقك"
"أنا لا أحاول شيء حبيبتي، لقد تركت كل شيء خلفي، وقفت هنا لأوقف لك الشركة على قدميها حتى لا تنهار أكثر، ذلك اللعين كان يسرق منه منذ مدة طويلة، يختلس الكثير من الأموال، بالاضافة لانه اجرى صفقات لحسابه الخاص، ان اردت ان تري الحسابات بنفسك ستعلمين أنني أتكلم في الحقيقة"

"ماذا؟"
"كما سمعتي حبي، ولكن الآن لا وقت للنقاش في العمل، عليك أن تهدئ وأنت وأرجعي  حتى تجلسي على المكتب، تقرئي في ذلك الملف وانا سافتح الباب وأتكلم مع روڤان سأضع النقاط فوق الحروف" 

"هذا لا يعني انني صدقت كل كلامك، أعلم جيداً انك تستطيع التلاعب بي، أنت أكبر مني بكثير" 
شعر بالصدمة من كلامها هل  تعتبره أكبر منها بكثير؟  هل يعني ذلك  أنها لا تراه مناسب لها..

اخرجته من أفكاره وهي تقول: 

"درست في الجامعة وتعلم أشياء كثيرة لا أعلمها، لكن هذا لا يعني انني اعطيك ثقتي كاملة، الثقة تكتسب من الأيام والمواقف، وانا إلى الآن أشعر إنك سرقتني"

 ابتلع كلماتها التي تحمل إهانة، ولم يرد بينما هي جلست على المكتب، ترتب شعرها تعيد هندمة ملابسها، وهي تشعر بالقلق من نظرات روڤان التي قد تقول الكثير، لكنه فتح الباب وهو ينظر لروڤان باستفسار، وهو يقول:

"ماذا هناك أنسة روڤان؟ هل هناك زلزال أم أن الشركة سقطت فوق رؤوسنا؟ ألم أخبركم أننا سنكون في اجتماع مغلق أنا والآنسة سيلڤا؟"

 نظرت له سيلڤا بصدمة، كيف يستطيع التلون بهذه الطريقة، وهذه السرعة كيف لا زالت تستجمع انفاسها، بينما هو يتكلم  كأنه لم يكن معها في نفس اللحظة التي جرفتهم، هو يستطيع التلون بينما هي لا! 

لكن روڤان كانت تنظر له بتشكيك، تنقل عينها بينه وبين سيلڤا المنكمشة على نفسها، كأنها تعرضت للضرب، هنا وصل تفكيره إلى أن تدفعه إلى خارج المكتب، وتطمئن على صديقتها، لكنه لم ينتظر أن تدفعه، وهو يقول:

"عليك أن تكمل ذلك الملف، وتفهمين ما فيه جيدا؟ وقتها قد تعرفين من هو الصديق؟ ومن هو العدو؟ هل تريدين شيئا آخر قبل ان أذهب؟"

 لم تستطيع الرد ولم تقوى على ان ترد، تخشى أن يخرج صوتها مبحوح اجشا.
 
عرف في ماذا تفكر؟ لهذا ابتسم في وجهها، وهو يقول:

 "أنا في مكتبي، أن احتجت شيء، ما عليك إلا أن تتصلي، استطيع ان اكون هنا في خلال لحظة"

التفت ينظر إلى روڤان وهو يقول لها:

"اهتمي بها روڤان هي بحاجة إلى الدعم، من كل من يحبها" 

"لماذا؟! ماذا فعلت فيها؟ ماذا حدث لها؟"

"انا لم افعل شيء، تستطيع أن تسأليها بنفسك ستخبرك اني اقول الحقيقة، أليس كذلك حبيبتي؟"

 الدهشة على وجه روڤان كانت كافية، وهي تنقل عينيها بين الإثنين، لا تصدق ما سمعته، هل نعتها بحبيبتي؟ هل يحبها حقا؟ ام انه متمرس في الكذب؟ هل لهذا إرادتها سيلڤا بجوارها؟ لتبعده عنها يبدو ان سيلڤا تخشى من نفسها، ومن مشاعرها لهذا تريد من يدعمها. 

بعد قليل كان يجلس في مكتبه، شرد فيما حدث من لحظات، أبتسم وهو يمني نفسه بان تدرك مشاعره الحقيقية، وأن لا تظنه مجرد مخادع كاذب، لا يفكر إلا في نفسه وفي أطماعه المادية، هل يستطيع الآن أن يخبرها أنه يملك شركة توازي تلك الشركة التي تملكها؟

 لكنه يفضل البقاء بقربها، ومع ذلك لا يستطيع البوح بشيء، إلا بالقليل وتلك اللحظة التي قرر ان يجعلها تشعر بالغيرة، كانت سبب في أن يبعده عنه كليا، ان يفقد ذلك الخيط الذي يربط بينهما كليا، يبدو انها عنيدة إلى حد اللعنة، لا يدري كيف انتهى به اليوم.

 كان ينزل إلى سيارته في اللحظة التي كانت تنزل هي وروڤان، نظر له روڤان بحدة، وهي تقترب من سيلڤا كأنها تمثل درع وحماية، يبدو أن سيلڤا طلبت منها العون، لكن هل تلك الغبية تظن أن هناك من يعاونه عليه، هو لن يبتعد عن طريقها إلى أن تكون له.

 تلك النظرة في عينيه كانت تحمل التملك المخلوط بالشوق، مما جعل روڤان تفتح عينها على مصرعيها، وهي لا تصدق ما تراه، هل هذا هو من كان يتكلم بجدية منذ لحظات؟ ام هي يختلط عليها الأمر.

 أن سيلفا لم تحكي لها شيئا على الإطلاق، كل ما أخبرتها به، أن ما قرأته في الملف اتعبها، لكنها تدرك أن هناك شيء حدث، هل تطاول عليها؟ أم هل حاول تقبيلها؟ ذلك الشك يساور أفكار روڤان منذ أن رأت شفتاي سيلڤا ملتهبة، لكنها لم تستطيع ان تسأل أو تتكلم في الأمر.

 فهي تدرك جيدا أن سيلڤا كتومة في بعض الأحيان، رغم انها تخبرها أدق تفاصيل حياتها تشتكي من امها، ومن علاقاتها ومن أشياء كثيرة، ومع ذلك لن تقبل أن تتكلم في هذا الأمر معها، فهل يعني ذلك ان هناك أسرار بين سيلڤا لم تستطيعوا ان تبوح بها بعد. 

بعد وقت كانت سيلڤا في غرفتها، تحاول أن تسترخي، أن تشعر بالهدوء كل ما شعرت به بين يدي أليخاندرو، يهاجمها ذكريات من المتعة والنشوة، هل هذا كان السبب في ضعف أمها؟ هل هذا هو ما جعلها لا تستطيع ان تسيطر على نفسها؟ وعلى خوسيه!

 نظرت لنفسها في المرآه بصدمة، وهي تسأل "هل أبحث عن عذر لامي؟ على ما فعلته بنا! هل هذا هو السبب الذي جعلها تترك ابي ليموت حتى تستمتع بحياتها؟! ذلك الاحساس مؤلم الى حد اللعنة، وممتع إلى حد الجحيم، ولكن هل أقبل أن أكون نسخة منها" 

صمتت لحظة توقف حديثها مع نفسها وهي تبتلع ما في فمها،  ولكنها رجعت لتقول: 

"هل حقا اسال،  انا الوم عليها أحاول التسخيف مما فعلته، أنا أقل منها شأنا، انا تركته ليقترب مني دون أن يكون هناك رابط او علاقه بيننا، أنه ليس صديق، وليس حبيب ماذا اسمي ما فعلته؟ ماذا اسمي ما تركته يفعل؟"

 الألم الذي يحيط بقلبها وعقلها جعلها تدرك أنها مبتذلة،عليها أن تكون شيء آخر وتتعامل معه بحدة في المستقبل، لن تسمح له بأن يقترب منها، لن تسمح له بأن يتجاوز تلك الحدود، عليها أن تجد ذلك الحاجز الذي سيكون بينهم، ولكن هل يستطيع مايكل أن يكون درعا تحتمي خلفه؟

 أم أنه سيكون سبب في تكرار ذلك العقاب مرة أخرى، نظرت لنفسها بالمرآة في دهشة وهي تقول:

 "هل اسمي ما حدث عقاب؟ هل استطيع ان اكذب الى هذه الدرجة؟ ان كان هذا العقاب فما هو الذنب؟ قد كنت ذائبة بين ذراعي كنت اريد المزيد أريده أن يكمل ما بدأه، ولولا طرق روڤان ربما كنت فقدت عذريتي، هل انا رخيصة أم أنا كاذبة أمام نفسي؟"

صمتت لحظة وهي تنظر لنفسها بعمق، ثم همست داخل قلبها 

"انا احبه اعلم ذلك جيدا، منذ أول مرة رأيته فيها، في ذلك المطعم اللعين"

 اخرجت أنفاسها وهي تحرك خصلات شعرها ثم رجعت، لتقول:
 "لكن هل يستغلني أم هو صادق؟ ذلك الملف الذي اصر ان اقراه! لم افتح منه صفحة واحدة فكيف اشك في انه صادقا، انا من اخطأت في حق نفسي، الآن علي أن أتأكد جيداً من أنه صديق أم عدو؟ ثم أترك لقلبي ان يختار، علي ان أدرك أن العمل شيء والمشاعر شيء آخر، 
انا لن استطيع الكذب على نفسي اكثر من ذلك، انا اعلم جيدا انني اريده بكل ذرة في قلبي"

 زفرت بصوت مرتفع ورجعت تقول: 
"لكني لن اصرح له بما اشعر، عليه ان يدرك ان هناك عقبات كثيرة بيننا، يجب ان يثبت لي انه صديق، لا  ليس صديق أنه حبيب، يجب ان يؤكد لي انه ذلك الدرع الذي ساحتمي خلفه من الجميع، وليس من اهرب منه خلف اي أن كان، ان مايكل كان يتكلم معي بعملية لم أشعر أن هناك شيء بيننا، لكن ذلك اللعين منذ رأيته وأنا أشعر أنه يملك روحي..

" علي أن أحارب من أجل أن أنجو من هذه الحرب"

 كانت تتكلم مع نفسها دون صوت، في اللحظة التي وقفت امها بالباب، وهي تقول:

"ماذا بك؟"

"انا؟"

"اجل انت! ماذا بك تقفين أمام المرآة منذ فترة وكأنك ترين احد اخر! غير نفسك"

"لا شيء مما تقولينه امي، لا يوجد شيء" 

"حقا! اذا اخبريني في ماذا تفكري؟"

"لا اعرف كيف اقولها لك امي؟ ولكني توقفت عن أن الومك عن ما حدث" 

"هذا جيد؛  ولكن  لماذا هذا التغير؟" 

"لقد اكتشفت اليوم ان خوسيه كان يختلس من الشركة، أشياء كثيرة أكثر من ذلك الملف الذي احضره لي عمو خوان، هناك صفقات كانت تتم باسمه هو"

"ماذا تقولين؟"

 "كما سمعتي! ومع ذلك لا اعرف كيف الوم عليك؟ اعلم انك كنت تحبينه كثيرا"

"هذا صحيح ولكنه انتهى؛ ما انا ادركت انني كنت وسيلة ليصل إلى شيء آخر"

"هل تلومي عليه؟ أنه كان مثلك امي"

 "كفى سيلڤا أنت تتعمدين اهانتي، وأنا لم أعلم كل ذلك،  لقد تركتك لتفعل ما تريدينه الشركة بنفسك، اعلم جيدا ان هناك تطورا، اعلم جيدا ان الإيرادات والأسهم ترتفع، ولكني أعلم أنه ليس انت فقط من تفعلينها، هؤلاء الذين يعملون تحت يديك"

"وانت كنت تعملين امي، وكان هناك من يعمل تحت يديك، ومع ذلك  لم نربح شيئا بل كدنا أن نصل إلى الإفلاس، ان نسرق ممن لا يستحق" 

أدركت مونيكا ان كل كلمه تقولها، لن تزيد الطين إلا وحلا، هي تعلم جيدا أن ابنتها غاضبة من أمر ما، تبحث عن من تفجر فيه ذلك الغضب، او بمعنى اصح تجعله كبش المحرقة لذا لازت بالصمت.

تركت سيلڤا  تشعر بالأسف، لما قالته لأمها ولكن ماذا في يدها لتفعل؟ هي  تشعر بالغضب من نفسها، لانها سامحتها  بسهولة أو لأنها لا تختلف  كثير عنها.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي