الفصل9

الفصل 9

دخل السيد خوان إلى المكتب، وهو ينقل نظره بين سيلڤا وأليخاندرو، يشعر أنه رأه من قبل، وهو يقول:

"من أنت يا هذا؟ أنا متأكد من أني رأيتك من قبل" 

 "ربما سيد خوان نحن معرفة قديمة"

" حقا؟ "

"أجل أنا أليخاندرو أبن ريكاردو السائق"

" هل تمزح؟"

"لما أمزح لأني أستطعت أن إشتري 25% من قيمة الأسهم، أم لأني أستطعت أن إمتلك جزء كبير من أسهم السيد إدواردو، الذي كنت أعمل في بيته أنا وعائلتي"

" الامر ليس كذلك، ولكن لما كل هذا التخفي من أجل أن تشتري بعض الأسهم؟"

" وهل كنت تظن أن الأنسة سيلڤا ستبيع؟"

" بما إنك تعلم أنها لا تريد البيع، لما فعلتها ما فعلته؟"

" لقد كان خوسيه سيبيع إلى أي أحد مقابل العمولة، التي سيحصل عليها، هل تعلم أنه أخذ مبلغ ضخم؟ "

سيلڤا: "انت من أعطيته الفرصة"

 التفت لينظر إلى سيلڤا، وهو يقول: 
"هل أنت مصدقة هذا الكلام الذي تقولينه؟ أنه حقير وأنتم قمتم بتوظيفه؛ ليعمل في مكان كهذا! هل تظن ان شخص مثله يستحق ان يوظف في مكان مثل مدير شركة، كهذا؟" 

"أنا أعلم أنه لا يستحق شيئا"

" لذا لا تلومي علي أنني أشتريت منه، لأنه عرض ونحن في سوق "

"هل لانك امتلكت بعض المال تتغير علينا؟"

 "هل تريد ان اتعامل معك، على اني ابن السائق فقط؟ الذي كان يوصلك، لقد تعبت واجتهدت وعملت ونحت في الأرض من أجل أن أصل إلى ما أنا عليه الآن، لقد كنت أدرس وأعمل، عشت عمر في أمريكا عملت في كل شيء، غسلت الصحون في المطاعم وخدمة الطاولات، عملت في البارات إلى أن انتهت السنة الأولى من دراستي.." 

نظرت له سيلڤا بدهشة ممزوجة بالأعجاب ولكنها حاولت أن تواريه أم هو أكمل كلامه

" وبدأت أعمل في أكثر من عمل، وأدخر لليوم الذي أكون فيه أنا"

" أبن السائق"

" هل هذا هو اسلوبك في الكلام معي؟ أن كانت طريقتك تكون بهذه الطريقة الفجة، فانا أفضل أن أتكلم مع المحامي الخاص بك، أنا افتخر بأنني أبن السائق سيلڤا، أفتخر أنني نفسي ولست متصنعا ومدعي، أستطعت أن أنصب على امرأة متصابية، وأقيم علاقة معها للحصول على بعض المال…"

 لم تستطيع الرد بل نظرت له دون ان تهمس فقال: 
" لقد اجتهدت من أجل هذا المال الذي اشتريت به أسهم الشركة ضربت في البورصة، وفعلت الكثير ولا أستحق تلك الإهانة التي توجهينها لي، لأن إن كنت تظنين انتمائي لأبي إهانة فأنت لم تتعلمي شيء من الدنيا، ولم تتعلمي شيء من والدك ربما لأنه رحل باكراً"

 ابتلعت لعابها لأنه ينبهها أنه يعرف جيداً أن وفاة عم إدواردو لم تكن طبيعية، ولكن ما الطبيعي في هذه الحياة التي يعيشونها؟ 

نظر له خوان وهو يقول: 

" الشئ الذي تريد أن تقوله، تكلم معي انا فيه الأمر يستحق أن نتناقش أنا وأنت به، لا تدخل سيلڤا في الأمر، فأنا من هذه اللحظة المسؤول عن إدارة الشركة"

" إذا لما تجلس طفلة بهذا السن على مقعد المدير"

" لانني أملك 75% من قيمة الأسهم، أستطيع أن أجلس فوق رأسك أن أردت"

 نظر لها بطريقه جعلت عظامها ترتجف، وهو يقول: 
"حقا سيلڤا تستطيعين أن تجلسي فوق رأسي"

 لكن عينيه تقول أشياء أخرى مما جعلها ترتبك، وهي تضع ساق فوق أخرى، وتقول:

" تستطيع أن تجلس حتى نتكلم في العمل، وفي الامور الهامة، أنا لن أسلمك الإدارة مهما فعلت "
"لقد وضحت ذلك بالأمس"

" أجل عندما أتيت متخفيا مدعيا أنك صديقا من الماضي، تحاول ان تتقرب مني حتى تخدعني، واستطيع ان اسلمك عملي وما أملك، فلا تحلم بالكثير، انا ما حدث منذ قليل لن أسمح لك بأن تكرره مرة أخرى"

" ما هو الذي حدث؟ "

نظرت له بدهشة وهي لا تعرف، كيف تقول ذلك؟  تسب غبائها لانها تكلمت في ذلك الأمر، هي لا تستطيع أن توضح ولا تستطيع ان تصمت، نظرت له بحاجب مرفوع، كأنها معجونة في السوق طول عمرها وهي تقول:

" كفى هراء ولنتكلم في المهم، وجودك داخل هذه الشركة لن يزيد عن موظف، وعضو في مجلس الإدارة"

" أنا لا أطلب غير ذلك"

 اصابتها الدهشة فلم تتوقع منه ذلك، كانت تتوقع أن يقول أريد العمل في الادارة، لأنني استحق، لاني دارس لها متخصص فيها، أستطيع أن آخذ الشركة إلى نقله أخرى، لكنه لذا بالصمت، وهو يقول: 
"موافقا على أن أكون موظفا في الشركة وعضوا في مجلس الإدارة فقط" 

بعد وقت من النقاش طويل بينهم، تناقش المحامي مع السيد خوان، وهو يوضح امكانية إدارة الشركة بطريقة مشتركة، ان تتولى الأنسة سيلڤا والسيد خوان الإدارة الكلية، بينما يؤخذ بالاعتبار رأي السيد أليخاندرو، نظرت له سيلفا وهي تقول:

" حينما يكون قرارا مصري سوف نعقد جلسة نتناقش فيها نحن الثلاثة، على أن يقنعني حتى اعطيهم موافقة كلية، بالإضافة أن والدتي تملك بعض الأسهم هي الأخرى"

"أعلم ذلك وأتمنى أن لا تفكر في بيعها، عليك ان تخبريها أن أرادت البيع انا موجود"

" عليك ان تتركني وشأني أنا وأمي، لا تتدخل بيننا نحن نستطيع أن نتدبر أمورنا بنفسنا "
"حسنا سيلڤا كما تريدين، ولكني أريد أن أعرف أين سأعمل" 

"ما هو تخصصك؟"

" احمل الدكتوراه في إدارة الأعمال من جامعة كاليفورنيا"

 نظرت له بدهشة، ونقلت عينها لتنظر إلى خوان، الذي يدرك جيدا انه يستحق ان يعمل مكان سيلڤا، لكنه لا يستطيع ان يتجاوزها فهي بالكاد طلبت منه ان يكون وصيا عرفي عليها، لذا نظر لها وهو يقول: 

"ما رأيك بأن يكون نائب المدير"

" لما لأنه درس في كاليفورنيا، انا يوما ما سأدرس هناك أو ربما أدرس في سان فرانسيسكو أو نيويورك "

ابتسم وهو يقول:

" الى ان تنتهي من دراستك في احد الجامعات الكبرى، سواء كانت نيويورك أو المكسيك، عليك ان تدركي أن مكاني في الإدارة، وإن كنت مصممة أن تجلسي على ذلك المقعد، فأنا لن أحاربك عليه، لكن علينا ان نصل بالشركة إلى بر الأمان، علينا أن نستطيع أن نزيد أسهمها، نضاعفها وتعزز مكانتها في السوق"

"الكلام مقنع ولكن لما اصدقك"

" لأني لا أحبذ التجارة في الخسارة، لا أحبذ أن أخسر أموالي التي تعبت في إنشائها؛ لذا علينا ان نتناقش وان نتكلم بعقلانية انت تحبين المكان وأنا كذلك، لا أستطيع أن أقبل أن ينهار فوق رؤوسنا؛ لمجرد أننا نتحدى بعضنا البعض"

" حسنا ولكنك لن تجلس على هذا المقعد"

 ابتسم له ويقول:
" لست شغوفا بمقعدك "

وقف السيد خوان  قبل أن ينطلق لسان سيلڤا الحادة، وهو يقول:

" حسنا استطيع ان اريك المكتب الذي ستعمل عليه، سوف نتناقش في كل شيء، وعليك أن تثبت لها ولي انك تستحق المكان الذي انت به، نستطيع وقتها أن نرى كيف ستسير قرارات الشركة؟ أو كيف سنرتب الأمور؟"

ابتلعت سيلڤا لعابها، وهي تقول: 

"اعتقد انك تستطيع ان تشرح له كل شيء، أما انا فلقد اكتفيت من ذلك الاجتماع السمج؛  سأرحل" 

"إلى أين؟"

" هل علي أن أخذ الإذن منك؟ "

"الأمر ليس كذلك سيلڤا، ولكن هناك نقاط مهمة يجب مناقشتها معا اولآ، منها بعض الملفات التي نعمل عليها الآن"

" انا اترك السيد خوان يحدد ذلك معك"

 كان المحامي يتحرك مع خوان إلى الخارج، بينما هو اقترب من المكتب، يسند عليه بقبضة يديه الاثنين، وهو ينظر في عمق عينيها، ويقول: 

"هل تشعرين بالخوف من بقائك بقربي سيلڤا؟ أطمئني لن أعيد الكرة إلا إن كنت تريدين العكس"

"أيها الحقير يمكنك أن تخرج من مكتبي"

" سأخرج ليمكنك أن تهربي  الآن لكن لنا لقاء أخر"

"انا لا أهرب منك، ولا من وجودك ولا أهتم بوجودك من الأساس، اذهب الى الجحيم" 

"ربما أتيت من هناك الان" 

قال كلامة وتحرك يخرج من المكتب، يذهب إلى حيث يقف خوان مع المحامي الخاص به، يتكلم برسمية وحيادية وهو يقول: 

"يبدو انها تشعر بالصدمة، لا تهتم بكلامها كثيراً، انت تعلم جيدا ان سيلڤا الصغيرة، لم تتولى إدارة الشركة إلا من فترة بسيطة"

" هذا صحيح سيد خوان، لكنها تبدو غاضبة من وجودي "
"كلامك صحيح، لأنها لم تتوقع ان تكون انت المالك الجديد للأسهم، التي لم تنفك على أن تسبه طيلة الأسابيع الماضية"

" هل يعني كلامك ان علي أن اترك الشركة إلا يحق لي بعض الشكر، لانني لم أتركه يبيع الأسهم لاي احد"

" ربما يكون كلامك صحيح، لكن سيلڤا لن تستوعب ذلك مباشرة، تشعر بالغضب من الموقف بأكمله، هي منذ فترة بسيطة أستطاعت أن تثور على والدتها، تطالبها بأن تترك اموالها وذلك يعني انها لن تثق فيك بسهولة"

" دع الايام تثبت لها العكس، والآن أريني ذلك المكتب الذي سأعمل به "
"اعتقد انه لن يعجبك، لقد اخترته بنفسها" 

ضحك بصوت مرتفع، وهو يقول:

" لا بأس أتقبل أي شيء إلى أن تدرك أنني أهتم بالشركة، وبكل ما فيها وقتها قد تطلب هي نفسها مني أن أغير المكان "

"انه مكتب السكرتير الخاص" 

"هل تمزح تلك الغرفة التي بالكاد تسمح بالحركة"

" انا آسف أليخاندرو، لكن سيلڤا مصممة على ذلك، وانت تعلم جيدا مقداري العند حينما يتملك منها، لن يستطيع أحد أن يزحزحها عن أفكارها "

" لن اقبل "

"ماذا تعني؟ بأنك لن تقبل!"

"لن أقبل أن أدخل حجرة بحجم جحر الفأر من أجل أن ترضى الأنسة سيلڤا، أريد أن يعقد مجلس أدارة لنتكلم بصورة رسمية، لأنها تمزح" 

"لما كل ذلك، أنت لم ترى الغرفة بعد، لقد امرتهم بتغيير بعض الأشياء فيها، واخلائها من تلك المكتبة المكدسة بالملفات وأصبح حجمها جيدا، عليك أن تراها قبل أن تعترض"

 نظر له المحامي الخاص به، وهو يقول:

" انا اظن ان كلامه صحيح، يمكنك ان تلقي نظرة على الغرفة، قبل تغضب أو ترفض، لا تنسى إنك تتعامل مع طفلة مشاغبة"

 اخوان: "أعترض على كلامك سيد إنريكي الانسة سيلڤا ليس طفلة، وليست مشاغبة، بعد بضعة شهور ترتاد الجامعة، أي أن من مثلها يمكنه إنشاء أسرة، لذا عليك ان تكون حريصاً في وصفها أمامي، فأنا لن أقبل أي إهانة لها" 

أليخاندرو: "وأنا أيضا" 

ألتفت خوان إلى أليخاندرو، الذي ينظر إلى المحامي الخاص به، وبعض الغضب ويقول: 

"سيلڤا خط أحمر إياك أن تخطئ فيها، وفي حقها سيلڤا ليست مجرد شريكة أو صاحبة شركة، سيلڤا هي الطفلة التي تربت على يدي، والتي تعد أقرب إليا من روحي، أن كنت تظن أني اشتريت هذه الشركة من أجل أن أعاندها، فأنت مخطئ لقد اشتريت حتى لا يبيع ذلك الحقير، لأحد آخر" 
نظر له خوان وابتسم وهو يرى باب المكتب الخاص بسيلڤا يفتح، دون أن يشعر أحد..
 
"من أجل العم إدواردو الذي كان سبب في تعليمي، والذي ساعدني إلى حد كبير لاكمل دراستي في المرحلة الثانوية، وما أن  حصلت على منحة إلى أمريكا كان كلامه هو السبب الذي اقنعت به والدي، حتى بعد رحيله كلماته كانت ترن في أذني، لتكون دافع لي حتى أتغير العم إدواردو هو من اخبرني انه أصبح مليونير بالعمل، وليس بالوراثة" 

خوان:  كلامك صحيح"

"اجل لقد طلب مني ان أعمل في أي شيء، وكل شيء إلى أن أحصل على ما أريد، لذا انا هنا لأحافظ على ماله، وليس اقوم بنثره، ومهما كان غضبي من سيلڤا وكلامي  معها، لن أقبل منك أو من غيرك، ان يتكلم حرف واحد  عنها" 

كان يتكلم بأندفاع غافلا عن انها تقف في الباب، تستمع له وتشعر بأن هناك شيء يحدث في عقلها، نبضة مختلفة ترتجف في قلبها، هل يتكلم عنها بكل هذا الدفء؟ وكل هذا الاندفاع، يدافع عنها أمام الجميع يهتم بكل كلمة يقولها عنها..

 هل هو صادق فيما يقول؟ ام هو مجرد مدعي؟  فقالت: 

سيلڤا: " أنا أيضا أرى أن تلك الغرفة لم تعد مناسبة لك "

التفت ينظر لها من فوق كتفه، وهو يقول:

" ماذا تعني؟"

" اعني أنني كنت أعد تلك الغرفة، للمالك الجديد، الذي يحاول سرقة الأسهم الخاصة بالشركة، لكن من أجل الأيام الخوالي، من أجل أنك كنت صديقا مقرب في الماضي "

همس  بصوت هادئ "والحاضر" 

سيلڤا:
"دع الحاضر للحاضر، حينما اقتنع انك صديق وليس عدو، لكن من اجل الماضي اطالبهم بإعداد مكتب يليق بك، وبتلك الشهادات التي تكلمت عنها، أتمنى أن لا تكون سبب في انهيارنا أكثر"

نظرت إلى العم خوان، وهي تكمل كلامه وتقول: 
"يمكنك أن تعطيه تلك الغرفة التي تكلمت عنها سابقا، انا سأذهب إلى البيت قد أتي في الغد، أو أذهب إلى المدرسة، ولكن القرارات المهمة يجب أن اقراها قبل أن يتم الموافقة عليها" 

خوان: "حسنا ابنتي كما تريدين" 

نظرت له نظرة أخيرة، وهي تتحرك ولكنه ترك الجميع وسار بجوارها، وهو يقول:

"إلى أين أنت ذاهبة؟"

" وما شأنك؟"

" ماذا تعني بأنه لا شان لي؟ هل أنت بحالة جيدة؟ تبدين مضطربة"

" ربما "

"اذا دعينا نتكلم سوف اشرح لك ما اريد"

" ليس الآن، كل ما حدث اليوم كثير علي لذا دعني أهدأ، حتى لا ثور في وجهك"

 نظر لها مطولا إلى أن وصلت إلى السيارة الخاصة بها وتحركت بها إلى البيت
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي