الفصل 24

الفصل 24


رغم أنها جلست معهم لبعض الوقت، حاول في العم ريكاردو التخفيف عن الأمر، حاولت ماريا التوضيح إلا أن سيلڤا كانت تتعامل بهدوء، هي لن تسمح لهم بإهانة أمها، فإن تجاوزت هي معها، لن تسمح لأحد آخر بتلميح على استهتار مونيكا.

 بعد وقت كانت تخرج بجوار أليخاندرو، الذي كان يتحرك بها إلى سيارته، وقفت أمام الفيلا  نظرت خلف السيارة بدهشة تبحث عن سيارتها، لكنها لم تجدها فسألت:

"أين سيارتي؟ لقد كانت تقف هنا"

 "لا تخافي! لقد طلبت من السائق ان يوصلها الى بيتك"

"ماذا؟ لماذا فعلت ذلك؟ ستسير قلق في قلب أمي، ستكون سبب في أن تضطرب، وقد تكون غاضبة لأنني لم أتصل بها إلى الآن، منذ متى ذهب؟"

"اهدئي حبيبتي فهو لم يصل بعد إلى البيت"

"لما لم تخبرني؟"

"لم استطيع  الانفراد بك، أريد أن أتحدث معك قبل أن نذهب"

"تحدثنا بما يكفي"

 "ما زلت غاضبة مما قالت أمي؟"

 "أليس من حقي أن أغضب؟"

 "من حقك، لكنها لم تكن تعني شيء انت تعلمين جيداً عن ماذا تتكلم؟ عن شيء في الماضي تغير من فترة بسيطة" 

"لكنه تغير، عليك أن تدرك أنني لن أسمح لأحد  أن يهين والدتي"

"أنا أعلم ذلك سيلڤا، اعلم انها امك رغم عدم اهتمامها بك، في مرحلة عبرية، وأعلم أنك لا تفرط في احد يخصك، لكن امي لم تكن تقصد شيء"

" حسنا"

"هل يعني ذلك انك سترفضين العيش هنا؟"

"هل تمزح؟ هل تريد مني أن أعيش هنا؟" 

"وأين تريدين أن تعيشين سيلڤا بعد زواجنا؟" 

"لا تنسى أنني أدرس في مقاطعة أخرى، إضافة إلى الشركات ومتابعتها"

"كلامك صحيح، سنجد حل"

 "الحل موجود، ما رايك ان نسكن في فيلتي"

 "هذه المرة أنت تمزحين بالفعل! بالطبع لن يحدث"

 "لما! هل تفكر بتلك الطريقة؟"

 "أنا حاليا لا أفكر في شيء إلا أنت، أن لم نتحرك من هنا، لن ظللت واقفا لحظة أخرى، لن انتظر كثيرا وأنا اخذك إلى غرفتي، لأريك تفاصيلها" 

كان يتكلم لكنه لم يلاحظ أن أمه تقف في الشرفة، تنظر لهم تستمع إلى بعض الكلام، إلا أن سيلڤا دفعته خطوة ما أن حاول أن يقترب، وهي تقول:

"عليك أن تدرك أنني لن أسمح لك بأن تقترب مني، لقد أخبرتك أن البعض يحق لهن أن يرتدين الأبيض، وأنا واحدة منهن، أريد أن أكون نقية بنقاء الثوب الذي سأرتدي يوم عرسي" 

شعرت ماريا بالصدمة هل ما تقول سيلڤا حقيقي؟ هل ابنها أول رجل في حياة سيلڤا؟ ربما تكون أخطأت في كلامها عن مونيكا، ولكن إن ما تقوله واقع، اقتربت ماريا منهم، وهي تقول:

 "هل لازلت غاضبة حبيبتي؟" 

"لا يا خالتي، لكن لم اتوقع أن يطلب من السائق أن يرجع سيارتي، إلى البيت دون أن أعلم"

"لقد اخبرتك انه تحرك منذ قليل"

 هزت رأسها وهي تتحرك إلى سيارته ماريا ابتسمت لها وقالت:

 "لن تضميني قبل أن تذهبي"

 اقتربت لتضمها، همست ماريا بجوار اذنها:

 "لا تغضبي مما قلته، انا مستاءة من تصرفاتها السابقة، لكنك وضحتي أنها تغيرت"

 هزت رأسها بموافقة، بعد قليل كانت تتحرك السيارة بهم، وهو يرى شرودها في اللحظة التي رن فيها هاتفها، وصوت أمها يأتيها من الطرف الآخر:

 "سيلڤا أين أنت؟ هل أنت بخير؟ لقد أتي سائق ترك السيارة أمام البيت، وما أن سالته أين هي؟ أخبرني أنه لا يعلم، لقد طلب منه السيد أن يعيد السيارة إلى البيت، من هو سيده؟" 

"ألم تسألي السائق أمي؟"

" لم أسأل سيلڤا لكن هل هو المالك الجديد؟"

 ضحكت سيلڤا بصوت مرتفع، وهي تقول:

 "أجل المالك الجديد اللعين" 

أليخاندرو بدهشة سأل: 

"ماذا قلت؟"

"كما سمعت! هذا ما كنت انعتك به، ألم تنعتني بالحمقاء"

 شاركه هتضحك وهو يأخذ الهاتف من يدها،  يضعه على مكبر الصوت في السيارة، ليرد على السيدة مونيكا: 

"مساء الخير سيد مونيكا"

"مساء الخير أليخاندرو، كيف حالك وحال عائلتك؟"

 "بخير"
 
"هل أنتم في طريق العودة؟ " 

"أجل"

"هل تسكنون في تلك الفيلا الكامنة خارج تيخوانا؟"
شعرت سيلڤا بالدهشة وهي تنظر له أم هو قال: 

 "أجل يبدو إنك تعرفين الكثير"

"منذ أن دخلت إلى الشركة، كان عليا أن أعرف كل شئ عنك، متى رجعت وكيف وصلت؟ من. أين حصلت على كل هذا المال؟"

 "ما رأيك فيما عرفتيه؟"

 "اصبحت رجلا قوي يعتمد عليه" تعجبني طريقة إدارتك لحياتك وللشركة، ولما تملكه" 

"رأيك يزيدني شرف سيدة مونيكا"

"لست بحاجة إلى أن أخبرك برأيي، أعلم جيدا أنك لم تنسى الماضي بعد، لم تنسى ما فعلته في عائلتك بعد موت إدواردو، ربما تكون انت السبب الأساسي في ذلك"

"ماذا؟" 

"لنتكلم في الحقيقة يا أليخاندرو، لقد كنت قريبا من أبنتي إلى حد مخيف، لقد كنت الأساس الذي تبحث عنه، كل ما أتت من المدرسة، تراجع معها تلعب معها، تاخذ مساحة اكبر منك، فهل تظن لو كنت تركتك بالقرب منها كنت أصبحت ما أنت عليه الآن، كنت ستقبل اي شيء من أجل البقاء بجوارها" 

"ربما يكون كلامك صحيح"

"لقد كنت سببا في ادفعك لتعمل؛ لتكون قويا لتقف بجوار والدك" 

"ولكنك لم تفكري اننا قد نحتاج المال"

 حينما تحتاج شئ تسعى للحصول عليه، الحاجة هي من ستجعلك تقف على قدميك، لذلك أصبحت ما أنت عليه الآن"

"هل يجب علي أن أشكرك؟"

 "بالطبع عليك ان تشكرني، لاني كنت سببا اساسيا في ان اجعل عودك يشتد، لتجاب بها الدنيا، وتعمل وانت فيه السادسة عشر في أكثر من شيء، حتى تكفي احتياجاته منزلك، وتعرف كيف تدخر بعض النقود، لتنفعك في المستقبل" 

"هل يعني كلامك انك ترحيب بي فردا من عائلتك؟"

"هل لازلت تسأل؟ ترحيبي بك لم يقتصر على ان تكون فردا من العائلة، لا تنسى انني قبلت بوجودك داخل الشركة"

"كلامك له معنى كبير سيدة مونيكا! هل معنى ذلك أنك كنت تستطيعين منعي؟"

 "بالطبع، وليس فقط منعك بل إنهاء حياتك، لقد تركتك لأني أرى إنك تستطيع فعل الكثير، ومن أجل تلك السعادة، التي كانت في عين ابنتي وهي تتكلم عنك بحدة، لكنها تواري بداخلها شيء آخر، السنتين الماضيين تغيرت فيهم أشياء كثيرة، وأهم من تغير كانت سيلڤا"

 "كلامك صحيح وأنا أيضا ارى ذلك، لهذا علينا أن نجلس معا ونتكلم بجدية، في أمور رسمية يجب أن تحدث متى نجري الخطوبة، ومتى يتم الزواج، ونتفق على المكان الذي سنعيش فيه"

 "ستعيشون معي"

 "لا اظن ذلك!" 

"ماذا تعني؟"

" اعني ان زوجتي يجب ان تعيش في بيتي"

"هل تريد منها أن تعيش في بيت العائلة؟"

 "هل تظني أن أمي قد تعاملها بسوء؟" 

"اعلم أن ماريا كانت تحبها أكثر مني، ربما لانها لم ترزق ببنت، بينما انا كنت لا أدرك معنى النعمة التي بين يدي، ولكن هذا الأمر سيتغير حينما تكون في بيت العائلة، ابنتي مرفهة لا تستطيع ان تفعل شيء في البيت" 

كانت سيلڤا تستمع إلى كلام أمها بابتسامة، بينما مونيكا تخبره: 

"لقد اعتادت أن تخدم طيلة حياتها، أنت تعلم ذلك جيدا، الخدم في الفيلا من الداخل أكثر مننا" 

"وهل تظن أنني لن أستطيع أن اوفر لها من يقوم بخدمتها؟" 

"الأمر ليس كذلك، لكني أعلم أن بيت العائلة لا يوجد بداخله خدم، إلا من تأتي مرة في الأسبوع لتنظيف"

"يبدو أنك أجريت دراسة وافية عن حياتنا؟"

 "بالطبع، فلقد كنت قريبا أكثر من اللازم، لقد سعيت أن ابعدك عن طريقها، لكن يبدو انك لم تنسى" 

"هل يستطيع الإنسان أن يسكن في قلبه" 

"ربما" 

"ماذا تعني بربما، ان كان ما تشعرين به ليس صادقا وقتها قد تنسيه، ولكن الحب الصادق يبقى مع الأيام مثل الذهب، لا يتغير حتى لو وراه التراب، سيظل ذهبا" 

"هل ما تشعر به لسيلڤا ذهب خالص لا يشوبه شيء؟" ام مجرد خطوة أخرى لتمتلك جزءا اكبر في شركة إدواردو"

"لقد كان اتفاقي مع سيلڤا أنني سأعيد لها الأسهم هدية زواج"

*هل علي أن أقتنع إنك تحبها إلى هذه الدرجة؟"

 نظر إلى سيلڤا رغم أنه يتحرك بالسيارة، وهو يقول:

 "لما تشكين في أمر حبي؟ ام انت معترضة لأننا في الماضي كنا نعمل في البيت؟"

"الأمر ليس كذلك، لقد كنت أعمل في حانة قبل أن أتزوج إدواردو"

 "لكنك لم تحبيه سيدة مونيكا"

"هذا حقيقي، لقد ظننته أن المال سيغنيني عن أشياء أخرى، لكنه تحاول لم يحاول ان يقرب المسافات بيننا، لهذا اياك ان تخطئ خطأ إدواردو، سيلڤا تحتاج إلى الاهتمام والعناية، لقد كنت سببا في تعاستها فترة من العمر،لن أسمح لك بأن تكون سببا في ان تذرف دمعة واحدة من عينها، عليك ان تهتم بها تغدقها بالحب والدفء، تحاوطها بمشاعرك واهتمامك" 

 "حسنا"

 "اوصلي أبنتي في أمان، عليك لاأدراك أن سيلڤا بريئة لا تعرف شيء عن هذه الدنيا"

 ادرك معنى كلامها ولم يعاقب، اما سيلڤا كانت تذوب خجلا، بينما هو يحرك ابهامه على ظهر يدها، مرسلا رعشة في أوصالها، وهو ينظر لها من حين إلى آخر، وما ان أغلق الخط حتى أوقف السيارة بجوار الطريق، وهو يرفع الزجاج المعتم، نظرت له باستفسار.

 ولكنه لم يعطيها الفرصة تسأل، أو حتى ليرد وهو يجذبها ليهوي بفمه على شفتيها، يقبلها بعشق وهو يقربها منه، ويقول:

 "إن لم أفعل هذا قد أموت "

 أبتسمت وهي تقول"

 "أنا لا أريدك أن تموت أريدك أن تعيش لنحيا معا"

 "أحبك سيلڤا " 

"وأنا أيضا "
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي