الفصل 15

الفصل  15

في اليوم التالي كانت سيلڤا تقف امام بيت روڤان، تنتظرها لتنزل كانت روڤان تتهادى في خطواتها، يظهر بعض التغير في جسدها، وقد اصبحت نحيفة الى حد ما، لقد مر شهر ونصف قد لا يكفي حتى تظهر نتيجة عملية مثل تلك التي أجرتها. 

لكنها ابتسمت في وجه صديقتها، وهي تقول:

"هل هذه انت؟ أكاد لا اصدق عيني، لقد تغيرتي منذ يوم الامتحانات"
" كفي قد أصدقك، سيكون هناك نسبة من الغرور سترتفع في رأسي"

"أنت تستحقين ذلك أنت جميلة بكل حالاتك"

" شكراً لك صديقتي، هل تعرفين سيلڤا"

 أغلقت الباب وهي تكمل كلامها،  وتقول: 

"هيا تحركي سنتكلم وأنت تسيرين بالسيارة، حتى لا تتأخر أكثر، وتقوم المديرة بالخصم من المرتب قبل أن أبدأ العمل،  فأنت تعلمين كم هي حادة" 
 ضحكت سيلڤا بصوت مرتفع، وهي تقول:

"قد أكون حادة على الجميع، ولكن ليس انت صديقتي المقربة، بئر أسراري"

" حبيبتي هل تعلمين أن هذه المحنة؟ جعلتني أدرك أن أبي يحبني، هناك شيء في أهتمام غريب، يظهر سؤاله عن أدويتي وعن الطعام الذي أوصى به الطبيب، جعلني أدرك أنه لم يكن يفعل ذلك، إلا لقلة الحيلة وعدم وجود المال كان سبب"

"كلامك صحيح، لم يكن بيده شيء ليفعله من اجلك، ربما كانت طريقته خاطئة في اظهار الاهتمام، لكنه في النهاية والدك، لو تدركين روڤان أنه لو كان الأمر بيدي، لما تركت ابي يرحل عن هذه الدنيا، لكن هناك أشياء لا تستطيع أن تفعليها" 

"كلامك صحيح؛ هيا اخبريني ما هي حكايتك مع ذلك الوسيم؟"

"ذلك الوسيم اللعين يفكر في شراء الشركة بأكملها"

"بالطبع لن نسمح له بأن يفعل ذلك"

"أجل صديقتي، لو اراد ان يمتلك الشركة عليه أن يقتلني قبلها"
"ما الذي تقولينه يا فتاة؟ بارك الله في عمرك وفي حياتك، فانت نعم الاخت والصديقة"
 
"هذا لانك قريبة مني تعرفين حقيقتي، ولكن غيرك لا يعرف شيء، الجميع ينظر من خارج الغلاف، يرى تلك المستهترة ذات السيارة الفاخرة التي تسير في أرجاء المدينة، الكل يطمع في أن يحصل على شيء مني"

"هذا صحيح، هل تعلمين سيلڤا أني أخشى أن يأتي يوم تظنين فيه، أنني أيضا كنت طامعة"

" اياكي ان تقوليها، انا اعرف جيدا كيف أقرأ النفوس، أعرف جيدا من يطمع في قربي، ومن يطمع في مالي، وانت لا تطمعين سوى بالقرب صديقتك المقربة منك، التي تفضي إليها بأسرارك وتستمعين  لما يحدث لها"

"هذا صحيح انت تملكين عقلا أكبر بكثير مما تظهرين ايتها الفتاة"
 
"لهذا اريدك بجواري، لا اريد لهؤلاء ان يسخروا مني خلف ظهري، سأعلم كل شيء عنهم، ومن يقرر ان يهينني لن يبقى في تلك الشركة، وقتها ليفعل أليخاندرو ما يريد، يريني كيف سيتصرف معي؟ حينما أنهي وجود كل أتباعه في الشركة"

"هل أصبح له أتباع؟"

 "الكثير! الكل مقتنع بوسامته وجاذبيته، قراراته التي تكون حاسمة، وفي نفس الوقت تكون منصفة الشركة ولهم"

 "وماذا تفعلين انت؟"

"هل يجب علي ان اقف ضد الشركة، حينما يكون قراره يصب في مصلحة الشركة، انا اوافق دون ان افتح فمي، فهل أكون غبية أخالفه فقط لكي يحدث لغط وكلام عني، بينما هو يفهم ما يفعله جيدا، ولهذا اتناقش معه في بعض الأمور، لكي أظهر مدى فهمي لها أو أوضح له أنني فهمت تلك الأمور التي شرحها لي من قبل، أو التي قراتها في تلك المحاضرات على الإنترنت"

"هذا جيد سيلڤا تظهرين وعي وتنضج كل يوم عن ما قبله" 

"لكن اكتشفت شيء هام، العمل في الواقع يختلف كثيراً عن حياة الكتب التي ستقرأها، سترين حياة مختلفة قد تظني ان السكرتيرة كل ما يشغلها أن ترد على الهاتف بلكنة ناعمة، وتبتسم في وجه العملاء"

"هذا ما أتوقعه وقد تسقط في حب صاحب الشركة"
ضحكت سيلڤا بصوت مرتفع وشاركتها روڤان، وهي تنظر لها عندنا قالت:

"هل تنوين الوقوع في حبي؟" 

"لقد وقعت  وانتهى الأمر،  لكن طمئني قلبي ماذا تعني بأن عمل السكرتيرة غير ذلك؟ " 

"لقد اكتشفت انهم يعملون عملا شاقا، كأنهم آلات، تقوم بالترجمة وإرسال البريد الوارد مننا او استلام الصادر الينا، تتابع الفاكس تنهي بعض الملفات، تحضر الإجتماعات تكتب كل شيء يحدث فيها، وكأننا في دورة مدرسية، لذا ارجو ان تتعلمي بسرعة، فانا لن اثق في احد غيرك"

 أقتربت منها تضمها، فضحكت سيلڤا وهي تقول:

"سنجري حادث، بالاضافة لان  قربك مني بهذه الطريقة، قد يجعل من يرانا يظن بنا الظنون، لتبتعد يا ايتها الفتاة، قبل ان تضعين في موضع خاطئ" 

ضحكت روڤان بصوت مرتفع، وهي تقول:

"هل تصدقي اول مرة افكر في هذا الأمر، نحن لا نفارق بعضنا البعض، وفي نفس الوقت لسنا كهؤلاء" 

بعد قليل كانوا يصلون إلى الشركة، نزلت روڤان بجوار سيلڤا، يتحركان معا نظر لهم وهو يبتسم في وجه سيلڤا، يرحب بها لكنه لم يحاول أن ياخذ الحقيبة كما فعل من قبل، فهي رفضت رفضا تام، عدة مرات لذا دخلت الاستعلامات، وهي تقول:

"عليك أن تعدي أوراق عمل الانسة روڤان أنجلو" 

"ماذا؟"

"ما اسمك؟"

"ماريا يا أنسة سيلڤا"

"حسنا ماريا؛ هل عليا أن أخذ منك الأذن؟" 

"الأمر ليس كذلك أنسة سيلڤا، لكن في ماذا توظيفها؟" 
"ستكوني السكرتيرة الخاصة بي، أنهي الأوراق وأحضريها إلى مكتبي، ولا تسألي كثيراً ان كنت تريدين الاحتفاظ بمكانك في الشركة، فأنا لن أنتظر كثيراً، قبل أن أوجه لك طلب رسمي بفصلك"
 بلعت الموظفة ما في فمها، وهي تهز رأسها بموافقة، وتقول:
 "بالطبع كما تريدين، أنا لم أقصد أن أغضبك لكني أردت الإستفسار فقط"

نظرت لها بطرف عينيها، وهي تقول:
 "هيا روڤان"

 كادت روڤان أن تضحك، وهي تقول:

 "يا إلهي، لقد خفت أنا الأخرى، أن كنت تستطيعين التصرف معهم بهذه الطريقة، لا أريد العمل معك"

 "كفى أيتها الحمقاء، فأنت تختلفين عن الجميع، انت صديقتي التي أثق فيها"

 اقتربت منها تحتضن ذراعها، هنا نظرت لها سيلڤا، وهي تقول:
 "تؤكدين تلك الإشاعة اللعينة، علينا ايتها اللعينة أغربي عن وجهي"

 ضحكت روڤان بصوت مرتفع، هم يدخلنا إلى مكتب سيلڤا، ليجدوا أن السكرتيرة تأخذ أوراق من أليخاندرو، الذي نظر إلى روڤان بابتسامة وهو يقول:

 "مرحبا أيتها الجميلة، هل أنت زائرة أم باقية ؟" 
"لم أفهم!"
 
"بالتأكيد فهمتي! هل سيقومون بإعداد أوراق للعمل معنا" 

"هذا صحيح! كيف علمت؟"

"أنت مقربة من سيلڤا، لدرجة أنها لا تثق في أحد غيرك"
 نظرت سيلڤا له بحدة، وهي تقول:

 "ما شأنك أنت؟"

 شعر بالحرب  الدائرة في عقلها،  ولولا وجود السكرتيرة، صديقتها معهم وهي تتكلم بتلك الطريقة، ابتسم في وجهها، وهو يقول: 

"لا شيء صديقتي الصغيرة، كل ما في الأمر أنني أتذكر جيدا إنك لا تثقين في احد بسهولة، أن حدث المستحيل ووثقتي في احدهم، لا تكذبيه بسهولة، أرجو أن لا تخطئي تلك الأخطاء مع أناس آخرون، أن كانت روڤان تستحق ثقتك، فهناك من لا يستحق"

" مثلك"

اقترب من أذنها وهو يقول:
"ضعي لسانك في فمك، حتى لا أجعلك تفقديه"

"هل تظن أنك تهددني؟"

 كان يتكلم بهمس بينما، هي تتكلم بصوت مرتفع، لا تهتم لما يقول في اللحظة التي يطرق  فيها الباب شاب وسيم، يقف بطريقة واثقة لكنه بدل الارتباك السائد بين الإثنين، وهو يسأل: 

"هل أتيت في وقت غير مناسب؟"

 التفت له أليخاندرو بعد ان رأى نظرة الإعجاب في عين سيلڤا، جعلت  أليخاندرو ينظر له بحدة وهو يقول:

"من أنت؟" 

هنا أدركت سيلڤا أنها تعرف من هو، فهناك شبه بسيط بينه، وبين العم خوان لهذا أبتسمت في وجهه، وتقول:

 "هل انت مايكل؟"

 "أجل أنسة سيلڤا أنا هو"

"أهلا بك تفضل معي إلى المكتب"

 نظرت لها روڤان بفم مفتوح، وهي تقول:

"ماذا تفعلين يا فتاة؟ هل تاخذينه إلى المكتب؟ هل ابقى انا هنا؟"

"كفى روڤان لن يأكلك أحد فأنت من الآن سكرتيرتى"

بينما أليخاندرو وينظر في أثرها بالغضب، وهو يقول: 
"ما الذي علي أن أفهمه؟ مما تفعله صديقتك!"

 "أنها لا تفعل شيء على ما اظن، ان هناك ميعاد بينها وبين مايكل هذا" 

"هل تعرفه من قبل؟"

 لم تدري كيف تجاوب عليه، هل تخبره الحقيقة، أم تصمت؟ هي لا تريد أن تفشي سر صديقتها، وهي لا تعرف شيئا عن هذا الشخص بالتحديد، ربما يكون صديقا جديد، ربما يكون أحد تضغط به، وهي تقول:

"تستطيع أن تسألها بنفسك! بتأكيد تستطيع تجاوبك" 

نظر لها وهو يقول:
"هل ما فهمته صحيح؟ هل هناك حلف ينشا داخل الشركة؟ انا لست عدوا لها، هي لم تفهم إلا الآن أنني صديق" 

"صحيح أنت صديق قديم، وهي تعترف بذلك، ولكنك وضعت نفسك في خانة العدو، حينما اشتريت شركتها، او جزءا منها"

نظر لها بصدمة وهو لا يعرف كيف يرد عليها لكنه قال:
" كان سيبيع لأي كان" 
"هذا صحيح، ولكنها كانت تستطيع ان تستعيد أسهمها من أي كان، بينما أنت متمسك بالأسهم بالإضافة لأنك اخبرتها، أن أرادت أن تبيع ستشتري منها، معنى كلامك إنك تريد الشركة بأكملها"

 الصدمة على وجهه كانت واضحة، فمعنى كلامها أن سيلڤا  لا تخفي عنها شئ، فهل أخبرتها أنهم تبادلوا القبل؟ او بمعني أصح قام هو بغتصاب شفتيها حتى تحركت مشاعره، لكنه ابتلع ما في فمه وهو يقول:

"الأمر ليس كذلك روڤان، يجب أن تفهمينني، ولكن الوقت ليس مناسب، الآن ستقوم ألكساندرا بتعريفك على كيفية سير العمل، وانا ساكون في مكتبي المتواضع، الصغير بينما هي تجلس هنا" 

"بالطبع،  لكن لا تنسى أنه مكانها"

هنا ظهر الغضب على وجهه وهو يقول: 

 "أنه لم يكن مكانها يوماً، سيلڤا ليست مستعدة بعد لذلك، أنا موافق أن ادير الشركة من الظل من أجل أن لا تغضب" 

 نظرت له، لا تعرف كيف ترد عليه، ولكن هل ما يقوله حقيقيا؟ هل هو يهتم بأمر سيلڤا؟ أم يهتم بأمر نفسه فقط؟ يدعي انه ملاك! بينما هو شيطان صرف..

كانت تائهة في أفكارها ، لا تعرف ماذا عليها ان تفعل ؟هل تصدقه ام تصدق صديقاتها؟ هي لن تخزل سيلڤا على أي حال حتى لو رأت الصدق في عينه ، هي تعلم جيدا أن سيلڤا قد تصدم فيها وفي الجميع وهو يعلم ذلك لأنه أخبرها أن سيلڤا لا تثق في أحد بسهولة
فهل يستحق أليخاندرو أن تفقد صديقتها المقربة .
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي