الفصل السابع

مر أكثر من شهر على ما حدث بين "عز" و"ندا" وكلاً منهما يُحاول إقناع نفسه بشيء مختلف عن الأخر ويشغل نفسه بشيئا حتى يستطيع نسيان الشخص الأخر ، كانت "ندا"  تحاول إشغال عقلها بأمتحانتها مُحاولة أن تقنع نفسها بأن "عز" كان يريد أن يتعدى عليها وأنه لم يكن يحبها منذ البداية ، بل كل ما كان يريده هو أن يتملكها فقط وإلا لم يكن ليفعل ما فعله ذلك ، بينما "عز" كان يُشغل باله بالعمل وحبس نفسه بالبيت ، حتى أنه لا يختلط بأسرتة بل أصبح يختلى بنفسه كثيرا وكأنه يُحاول زرع القسوة بداخل قلبه مُقنعا إياها بأن "ندا" قامت بخداعه واللعب بمشاعره وليس فقد ذلك ، بل فرطت فى نفسها لذلك الحقير بكامل إرادتها وكان تُمثل عليه الشرف والخجل ، لم يكن إيآ منهم يعلم أنه سيُجرح جرحا عميقا إلى ذلك الحد من بعضهما البعض

أستيقظت "ندا" من نومها مثل كل يوم ويبدو عليها الكثير من ملامح التعب والأرهاق بالطبع ، فهى لم تعد تتناول الطعام بشكل جيد وقد خسرت الكثير من وزنها بالأضافة إلى وجهها الذى أصبح شاحباً وعينيها المتورمتان بسبب زرف الكثيى من الدموع كل يوم ، هى بالفعل لم تتوقف عن البكاء منذ شهر من بعد ما حدث بينها وبين "عز" ، لتنهض من فراشها التى كانت متوسدته كعادتها غير ممتلكة أى نوع من انواع الشغف بأن تخرج من غرفتها ، لتتذكر ما دار بينها وبين والدتها من أسبوعا ...

••

طرقت "ندا" على باب غرفة والدتها منتظرة منها إذن السماح لها بالدخول ، ليأتيها صوت والدتها وسريعا ما  دلفت "ند" إلى الغرفة مُتجه نحو والدتها رادفة بوجه شاحب وأعين مُتورمة :

" ماما ممكن أتكلم مع حضرتك شويه ؟! "

أفسحت لها "هدى" مجال للجلوس لتعقب رادفة بترحيب :

" أيوه طبعا يا حبيبتى أقعدى "

جلست "ندا" برفقة والدتها مُحاولة الحفاظ على سبتها وعدم إظهار ما بداخاها من ألم وحسرة رادفة بصوت يغلفه الحصرة :

" أنا موافقة على حازم يا ماما "

صُدمت "هدى" من تغير قرار "ندا" المُفاجئ ، فهى أخبرتها انها لا تُفكر فيه وانها مُعجبة بشخص أخر ، وها هى الان تغير رأيعا،  لتحاول "هدى" الأستفسار منها رادفة بدهشة :

" بس انتى يا ندا قولتيلى إنك م..... "

قاطعتها "ندا" بحدة رادفة بأصرار :

" أنا عارفه يا ماما انا قولت أيه ودلوقتى جايه أقولك إنى موافقة "

شعر "هدى" بالقلق على أبنها الذى أدركت أنها مُصابة بجرح فى قلبها تُحاول أن تُداويه بغيره ، لتردف "هدى" مُحاولة تهدئتها :

" الجواز مش لعبة يا ندا ومينفعش يا بنتى تعملى حاجه انتى مش حساها عشان ترضى عنادك "

لم تكترث "ندا" لحديث والدتها الواضح عليه أنها أكتشفت أمرها وأنها تُحاول الثأر لقلبها المُحطم ، لتردف "ندا" بمزيدا من الأصرار :

" انا مش بعاند يا ماما أنا فعلا موافقة ، حازم مهندس ناجح وشاطر وشكله كويس ومشوفتش عليه حاجه وكمان قريبنا يبقى مفيش أى سبب يمنع الخطوبه دى "

عقبت "هدى" بمزيدا من القلق رادفة بأندفاع :

" بس أنتى مش بتحبيه يا ندا "

ترقرقت الدموع بعينى "ندا" متذكرة ذلك الذى أحبته ولكنه لم يكترث لحبها ذلك ، بل وكأد ان يُنهى على مستقبلها وشرفها ، لتُحاول "ندا" إخفاء دموعها بأبتسامة حزينة :

" الحب ده سهل يجى يعد الجواز يا ماما لان مفيش خطوبه هتطول انا موافقة بس بشرط إن الخطوبه الشهر ده وكتب الكتاب بعدها بشهر والفرح بعد كتب الكتاب بأسبوعين "

بالفعل أختيار فى منهى الذكاء فذلك اليوم الذى حددته للزفاف هو مُعد عيد ميلاد "عز" فهى تُحاول أن تجعله يندم على ما فعله بها وأن تكسر له قلبه مثل ما فعل بها ، وذلك وهى غير مُدركتن أنها بتلك الطريقة تنتقم من نفسها وليس منه هو ...

•••

فاقت "ندا" من شرودها على صوت طرقات على باب غرفتها ، لتجفف دموعها التى انسابت على وجنتيها رادفة بهدوء :

" أدخل "

دلفت "زيزى" الغرفة مُسرعة فى التقدم نحو "ندا" وما أن أفتربت منها حتى أحتضنتها بكثير من الأشتياق رادفة بصدق :

" وحشتينى يا ندا ، ايه شهر بحاله معرفش حاجه عنك!! ، ما صدقت خلصت أمتحاناتى وجيت أطمن عليكى "

بأدلتها "ندا" العناق رادفة بهدوء :

" معلش يا زيزى كنت تعبانة شويه "

لاحظت "زيزى" حالة "ندا" بداية من إنقاذ وزنها نهاية بذلك الجمود وأندعدام الهفة والأمعة بعينيها ، لتُعقب "زيزى" مُستفسرة والقلق بدأ فى التسرب إلى قلبها رادفة بأهتمام :

" مالك يا ندا فى أيه!! "

لم تستطيع "ندا" التحكم بنفسها أكثر من ذلك لتلقى بنفسها داخل حضن "زيزى" وشرعت فى البكاء بمرارة وضيق رادفة بألم :

" انا تعبانة ، تعبانة اوى يا زيزى "

شعرت "زيزى" بالفزع مما أستمعت إليه من "ندا" لتربط على رأسها مُحاولة تهدئتها رادفة بلهفة :

" مالك يا حبيبة قلبى!! ، أحكيلى با ندا فى ايه؟! "

قصت عليها "ندا" مع حدث بينها وبين "عز" منذ أكثر من شهر ، وأيضا ما حدث بينها وبين والدتها الأسبوع الماضى ، لتشعر "زيزى" بالصدمة والفزع مما تحدثت به "ندا" رادفة بأستفسار :

" عز بجد عمل كده يا ندا!! ازاى؟! وليه؟! ، وانتى ليه أتسرعتى وقولتى كده لطنط "

أجهشت "ندا" فى البكاء مُعقبة بألم وحسرة على قلبها الكسور رادفة بصراخ :

" مش عارفة يا زيزى مش عارفه "

شعرت "زيزى" بالحزن والأسئ على ما حدث لصديقتها رادفة بتأثر :

" طيب اهدى يا ندا ، أهدى وكل حاجة هتتصلح إن شاء الله ، وأولهم الكلام اللى قولتيه لمامتك لانه مينفعش "

نهضت "ندا" من صدر "زيزى" رادفة بأصرار :

" لا يا زيزى الكلام ده مش هيتغير وفعلا هتخطب لحازم الشهى الجاى وهتجوزه بجد "

زجرتها "زيزى" مُحاولها منعها مما تُحاول أن تقوم به رادفة بأنفعال :

" أنتى مجنونه يا ندا هتتجوزى حازم بس عشان تكسرى قلب عز !! ، طيب بالنسبة لقلبك أنتى كده هيتصلح يعنى!! "

تنهدت "ندا" مُصطنعة الجبروت والشدة رادفة بحدة :

" مش مشكله قلبى أنا ، المهم اخلى عز يندم على كل حاجه عملها فيها وكل كلمة قالهالى "

شعرت "زيزى" بالحزن الشديد على صديقتها وعلى شقيقها أيضا ، فهى ترى أن حالته هو الأخر ليست جيدة ، ولكنها لا تستطيع أن تُخبر "ندا" بذلك الأمر حتى لا تظن انها مُتعاطفة مع أخيها وتُحاول أستعطافها ، لتُحاول "زيزى" تحذيرها ظننا منها أنها قد تغير رأيها رادفة بتحذير وصدق :

" بلاش يا ندا تتسرعى فى حاجة زى دى لان مفيش حد هيندم فى الأمر كله غيرك انتى "

أصرت "ندا" على موقفها مُعقبة بمزيج من الألم والرغبة بالضحك على نفسها رادفة بأستهزاء :

" هو أنا لسه هندم يا زيزى ، انا فعلا ندمت إنى حبيت عز فى يوم من الأيام ولأزم أخليه يندم هو كمان على اللى عمله فيا حتى لو على حساب حياتى كلها "

تنهدت "زيزى" بكثير من الحزن والأسئ على ما حدث لأقرب أثنين إلى قلبها شاعرة أن هناك شيئا كبير سيحدث قريبا وكم تتمنى أن تمر هذه الفترة القادمة على خير :

________

دلفت "زيزى" شقتهم لتجد والدتها تجلس أمام التلفاز وتُشاهد مسلسلها المفضل ، لتقترب منها "زيزى" وعلى وجهها الكثير من ملامح الحزن والأسئ رادفة بضيق :

" السلام عليكوا يا ماما "

بادلتها "هدى" السلام رادفة :

" وعليكم السلام يا حبيبتى "

قالتها "منى" وهى تُحول نظرها تجاه أبنتها لتلأحظ تغير ملامح وجه "زيزى" ، شعرت "منى" بأن هناك امرا ما لتغلق التلفاز بسرعة وتوجه نظرتها نحو أبنتها مٌعقبة بأهتمام رادفة بأستفسار :

" فى أيه يا زيزى!! ، مالك شكلك متضايقة اوى كده ليه!! "

زفرت "زيزى" بأسئ رادفة بحزن :

" كنت عند ندا يا ماما "

شعرت "منى" بالغرابة رادفة بنفاذ صبر :

" منا عارفة أنك كنتى عند ندا ، ايه اللى مخليكى قالبه وشك كده "

عقبت "زيزى" غير ملاحظه ل "عز" الذى فتح باب غرفته عند سماع أسم "ندا" لتردف بضيق وحزن :

" ندا خطوبتها على حازم قريبهم الشهر الجاى "

أتسعت عينىِ "منى" بصدمة مما أستمعت إليه من أبنتها ومما وقع نطرها عليه ، لترى انه "عز" وقد أستمع إلى ما تفوهت به "زيزى" ، بينما نهضت "منى" مسرعة نحو إبنها ، فهى تعلم أن بدتخله مشاعر تجاه "ندا" وما أدركته أن "ندا" أيضا تحمل نفس الشعور تجاهه ، لما إذا وافقت على تلك الخطوبة !! ، ومن المستحيل أيضا أن تكون "هدى" قد أجبرتها على تلك الخطبة ، بالتأكيد هناك شيء ما !!

طالعت "منى" أبنها بنظرات التعاطف والحزن ، فهى تشعر بحجم مُعانة وتعب أبنها ، تشعر بان قلبه مكسور ومحطم ولكنها تُريد ان تعلم ما الذى حدث أوصل الأومور إلى تلك المرحلة !! ، يجب ان تعلم ما الذى يحدث ؟!

بينما "عز" شعر بالاختناق الشديد كأنه لم يعد هناك هواء ليستنشقه ، فموافقتها على الزواج من ذلك الحقير أثبت له أنها بالفعلى كانت على علاقة به وأنهم مثل ما أخبرته تلك الفتاة سيتزوجون بسبب ما حدث بينهم ، شعر "أعز" أنه فقد الحياة باكملها ولم يعد هناك شيئا يعيش من أجله ، فقد ضاعت منه حبيبته وعشق طفولته

ولكنها هى السبب ، هى من خانته وألقت بنفسهل فى أحضان رجل أخر ، هى من فضلت عليه غيره وجرحت قلبه وطعنته فى رجولته ، هى من كسرته وجعلته يتمنى لو أن تنتهى حياته فى تلك اللحظة ، ولكنه سريعا ما أستعاد سيطرته على نفسه مانعا إياها من الأنهيار فغريزة كبريائه كانت أقوى منه ، لم يبين أنكساره ووجع قلبه أمام أحدا فغروره لا يسمح له بذلك ، فتمالك "عز" أعصابه موجها حديثه تجاة "زيزى" ببرود رادفا بأستهزاء :

"وانتى أيه اللى مزعلك ان خطوبة ندا وحازم الشهر الجاى ؟! مبروك عليه وعليها ، يستاهلوا بعض "

إندهشت "منى" من هدوء "عز" ونبرته المُستهزئة ، بينما "زيزى" كان تُحاول تفسير كلامه لتعرف ما هو الأمر الذى بدل أخيها بتلك الطريقة ولكنها لم تصل لشيء ، ربطت "منى" على كتف "عز" رادفة بحزن وقلق من هدوء أبنها رادفة بلهفة :

" يا أبنى بلاش الهدوء ده حرام عليك نفسك ، أصرخ او زعق او كسر الدنيا اعمل اى حاجه ، عيط وقولى ايه اللى حصل بس بلاش السكوت ده "

رمقها "عز" بكثير من نظرات الغصب والنفور مما تقوله ، هو لا يريد ان يبين ضعفه وانكساره امام احد ولم يضعف مهما كلفه الأمر ، فتلك الخائنة لا تستحك الندم على فقدانه لها ، ليعقب "عز" بثقة رادفا بعناد :

" وأكسر وأصرخ وأزعق واعمل كل ده ليه يا أمى ؟! ، مفيش حاجه تستاهل كل اللى بتقوليه ده ، خلاص كل واحد أختار طريقه هى أختارت وأنا أخترت وكل واحد ودماغه بقى "

خرج "عز" من بيته لا يعلم إلى أين يذهب !! أو ماذا يفعل !! ، بل كل ما يريده الأن هو الذهاب لمكان ليس به بشرا والبكاء إلى أن تظرف عينيه الدماء والصراخ إلى أن يتمزق حلقه...

يتبع ...
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي