الفصل الثامن

تجلس "نجلاء" بكثير من السعادة العارمة وهى تتحدث بهاتفها وعلى وجهها ملامح الأنتصار والرضا الشديد وهى تُطالع أبنها بملامح الفخر موجة حديثها نحو "هدى" عبر الهاتف رادفة بمكر :

" أنتى مش متخيله يا هدى أنا فرحانه قد أيه!! ، من زمان كان نفسى أخد ندا  ل حازم والله كمان كان نفسى يبقى عندى ولد تانى أخدله ريهام هى كمان ، والله متتصوريش أنا بحبهم قد أيه "

أبتسمت "هدى" وهى تتمنى أن يكون ما تفعله الأن هو الصواب مُحاولة إخفاء هذا التواتر مُضيفة بهدوء :

" معلش بقى يا نجلاء ده نصيب، المهم عايزين نحدد معاد الخطوبة والحاجات دى "

بادلتها نجلاء الأبتسامة ولكنها كانت تُحاول أن تُخفى بها هذا المكر رادفة بود زائف :

" أه طبعا يا حبيبتى عندك حق، تحبى نخليها يوم أيه ؟! "

حمحمت "هدى" وهى تتمنى أن لا تقول ما ستقوله ولكن تلك هى رغبة "ندا" التى أصرت بها عليها ومان كان أمامها سواء أن توافق على أية حال ، لتعقب "هدى" رادفة بتردد :

" أيه رائيك الخطوبة تكون الشهر اللى جى، أظن ده معاد مناسب "

لمعت أعين "نجلاء" بسعادة وفرحة عارمة رادفة بلهفة وحماس :

" أه طبعا كويس جدا يا هدى، وعندك حق خير البر عاجله وأحنا عايزين نفرح بالعيال بدرى يا هدى يا أختى "

أومأت لها "هدى" بأسئ وعدم رضا على ما يحدث، فهى فى بداية الأمر كانت مرحبه بتلك الخطبة ولكن بعد أن لاحظت حالة أبنها تغير رأيها تماما ولكن لا تستطيع أن ترفض امام رغبة أبنتها ، لتردف "هدى" بأستسلام :

" خلاص يا نجلاء أنا هعرف ندا وربنا يكملهم على خير "

أستغلت "نجلاء" هذا الموقف لصالحها لتتردف بأندفاع :

" يبقى كده أتفقنا، ننزل أنا وأنتى وندا وحازم نجيب الشبكة الاسبوع الجاى "

أستسلمت "هدى" لرغبتها رادفة بموافقة على حديثها :

" أتفقنا يا نجلاء "

أبتسمت لها "نجلاء" بأنتصار وسعادة رادفة بحماس :

" أتفقنا يا هدى، سلميلى بقى على ست العرايس لحد ما أشوفها الاسبوع الجاى بأمر الله "

أنهت "نجلاء" المكالمة مع "هدى" ونظرتها نحو أبنها بالأضافة إلى الإبتسامة الخبيثة يملاها الشماته والحقد رادفة بإنتصار :

" مبروك يا حبيبى ندا خلاص بقت بتاعتك أنت لوحدك دلوقتى وأبن منى ده طلع برا حياتكم نهائى "

نفث "حازم" دخان سجارته بمنتهى الغرور والأستعلاء رادفا بتوعد :

" ولسه، إن ما حرقت قلبه وحصرته عليها وهى بتضيع منه قدام عنيه مبقاش أنا حازم عتمان "

________

أعتلت وجه "أنس" ملامح الصدمة مما أخبره به صديقه "عز" الذى لاحظ عليه الألم والكسرة منذ أن رأه، ولكنه لم يكن يتخيل أن يكون الأمر مثل ما اخبره به ، لُيعقب "أنس" بأعين مُتسعة من هول صدمته مُضيفا بعدم تصديق :

" مش معقول الكلام اللى أنت بتقوله ده يا عز، أكيد فى حاجه غلط، أكيد الصور دى متركبه من حد متغاظ منكم "

صاح "عز" بكثير من الألم والكسرة رادفا بغضب :

" لا مش متركبه يا أنس، أنا مش عبيط وأعرف أميز كويس أوى بين الحقيقى والمتركب "

أغمض "أنس" عينيه ولاتزال تسيطر عليه نفس حالة الصدمة رادفا بعدم أستعاب :

" أزاى ممكن ندا تعمل حاجه زى ديه، دى كانت بتتكثف منك حتى لو مسكت أيدها "

ضرب "عز" على الحائط بكثير من الغضب والكراهية رادفا بحنق :

" عشان كانت شايفانى عيل عبيط، كانت بتضحك عليا يا أنس، كانت بتستغفلنى كانت بتشتغلنى "

نهض "أنس" من مكانه مُتجها نحو صديقه لكى يُحاول تهدئته مُعقبا :

" أهدى بس يا عز، الموضوع مش هيتحل بالشكل ده كده "

ألتفت "عز" إليه والدموع مُتحجرة فى عينيه مُضيفا بألم :

" خطوبتهم الشهر الجاى يا أنس ، انا حاسس بخنقه كبيرة أوى، حاسس إنى روحى بتتسحب منى "

شعر "أنس" بالأسئ على صديقه وما يمر به من ألم وحسرة ليُحاول أعطائه نصيحة رادفا بهدوء :

" مدام موجوع أوى كده يا عز تبقى لسه بتحبها ومدام لسه بتحبها حاول تكامها وتوجها وتعرف منها الحقيقة "

سيطر الغضب والكراهية على "عز" مرة أخرى من حديثة صديقه معه، ليصبح به زاجرا إياه بحدة وضيق رادفا بحنق :

" أوجها أزاى يعنى يا أنس انت مش حاسس بيا ، انت مشوفتش صوره لحبيبتك وهى فى حضن واحد تانى و.. "

توقف "عز" من تلقائه مانعأ نفسه من الحديث ، كيف سيخبره او ماذا سيخبره !! كيف عليه موجهتها!! كيف سيسألها عن سبب خيانته! كيف سيسألها عن سبب خداعها له وكسر قلبه! كيف سيشرح لصديقة تلك المشاعر المحطمة بداخلة ! هو لا يقدر على نطق اى شيء

ألتقط "عز" هاتفة عازما على الذهاب ، بينما حاول "أنس" إيقافة ولكنه أصر على الذهاب ، هو لم يعد يحتمل تلك النيران التى تحرق قلبه وتلك الغصة التى قاربت على أن تزهق روحه من داخل جسده

________

أمتعضت ملامح "معاذ" بغضب شديد مما أخبرته به والدته التى تصرفت وكانه ليس لديه قيمة عند أحد منهم، ليصيح رادفا بإنزعاج :

" ليه كده بس يا أمى!!، ليه كده ليه أتسرعتى فى الحكم والتنفيذ ولغيتى وجودى أنا كمان، هو أنا موت يا أمى عشان تعملى كده وتتصرفى من دماغك، وبعدين حد يعالج الغلط بغلط!!، أزاى توفقى ندا على حاجه زى ديه لا وكمان أنتى تروحى تخطبيها لحازم حتى هى مخدش فرصه تفكر فيه "

شعرت "هدى" بأنه على حق فى حقا أرتكبت خطأ فى كبير فى حق أبنتها، فهى يبدو إنها تمر بوقت عصيب لا تستطيع أن تفكر فيه بشكل صحيح، كيف طاوعتها فى ذلك الأمر، لتردف "هدى" بندم كبير :

" والله يا أبنى أنا ما لاغيتك ولا حاجه ، أنا حتى مش عارفه أنا سمعت كلامها ليه بس أهو اللى حصل، ندا شكلها مجروحه جدا وعايزه تلغى قلبها وتخلى عقلها هو اللى يتحكم وأنا مش عارفه أعمل أيه!!، وهى مصممه على موضوع حازم ده وأنا حسه إن الموضوع فيه حاجه غلط "

صاح "معاذ" بغضب وضيق ولكنه حاول أن يتحكم فى إنفعاله حتى لا ينهر والدته رادفا بأنزعاج :

" غلط يا أمى، غلط كبير أوى وأنتى عارفه إن الخطوبه دى مش هتكمل وهيسيبوا بعض وبكره أفكرك ومفيش حد هيتعب قد ندا وع.. "

توقف "معاذ" من تلقائه نفسه عما كاد أن يفصح به، فهو بالفعل كان يعلم بحب "عز" ل "ندا" ، "عز" قد صارحه منذ مدة بحبه ل "ندا" وانه سيتقدم لخطبتها بأخر العام الدراسى ولكنه طلب منه أن يكون هذا الأمر سرا بينهم ولا يفصح به حتى مع "ندا" ، لم تلاحظ والدته ما قارب على الأفصاح به لتردف بحزن :

" ربنا يستر بقى يا أبنى واللى فيه الخير يقدمه ربنا، قولى صحيح زينة عامله ايه فى الحمل وازاى صحتها!! "

لاحظ "معاذ" تهرب والدته من الحديث وذلك بسبب شعورها بالندم لما فعلته، فقرر أن لا يضغط عليها ويجعلها تشعر بالدم أكثب من ذلك، ليجيبها رادفا بهدوء :

" الحمدلله يا حبيبتى كويسه بس الدكتور قالها متتحركش كتير عشان البيبى يثبت ومتشلش حاجه تقيله "

عقبت "هدى" مُطمئنة إياه رادفة بهدوء :

" فعلا يا حبيبى بس خلى بالك منها ومتخلهاش تتحرك كتير ولا تشيل حاجه تقيله ولا تنزل من على حاجه عاليه وتاخد بالها من تحركتها وتتعامل بحذر "

أبتسم "معاذ" على أهتمام والدته بأمر ودزوجته رادفا بمحبة :

" حاضر يا حبيبتى ربنا يخليكى لينا يا ست الكل "

عقبت "هدى" بحب ورضا رادفة بتمنى :

" ويخليكوا كلكوا ليا يا حبيبى يارب وأشوف عوضك على خير يا قادر يا كريم "

_________

مرت الايام وكل يوم يشبه اليوم الذى يسبقه ، كل يوم يمر على "ندا" تشعر وكأنها مفتقدة شئ مهم من أساسيات حياتها بل إنها مفتقدة حياتها نفسها ، تشعر وكأنها فقدت شهيتها فى كل شئ حتى أستنشاق الهواء الذى تعيش عليه لا تريد ان تتنفسه بسبب إنعدام رغبتها بتلك الحياة ، بينما على الجانب الاخر "عز" فهو يشعر وكأن الحياة وقفت ولن تستمر أبدا ، فقد كره الحياة باكملِها وأصبح كلا منهما مثل الغارق او التائه ، ضائعًا دون ملجئ ، فهذا هو عقاب كلا منهما فكلاهما تسرع بالحكم على الأخر دون اللحث وراء حقيقة الأمر وتلك هى النتيجة ، ها قد مر أسبوعا دون اى جديد إلى أن أتى يوم شراء الذهب ،اليوم الذى ستذهب فيه "ندا" مع والدتها وشقيقتها لكى يقابلوا "نجلاء" و"حازم" لشراء خاتم خطبتهم

كانت "هدى" تهبط الدرج هى وفتياتها لتلتقى ب "منى" التى كانت ذاهبة لشراء بعض الأغراض لمنزلها ، تقدمت "منى" نحو "هدى" مُعانقة إياها رادفة بمحبة :

" أى نعم أنا زعلانه منك بس بردو وحشانى، مقدرش مخدكيش فى حضنى أول ما أشوفك "

بأدلتها "هدى" العناق بأشتياق وود رادفة بعتاب :

" طب أنا وحشه ومبسألش عليكى ، أسالى عليا انتى يا ستى وأطلعى أحسن منى "

أبتسمت لها "منى" بحزن محاولة أن تخفية رادفة بعتاب :

" لا أنا زعلانة منك عشان مرفعتيش حتى سماعة التليفون وعذمتينى على خطوبة ندا مع إننا مش صحاب وجران بس لا دا أحنا نسايب وفى نفس العماره، بعتيلى العذيمة مع زيزى بنتى زى الأغراب "

أومات لها "منى" برأسها نفية حديث "منى" رادفة بلهفة :

" لا والله يا منى، أنا كنت هرجع النهارده وأجيلك لحد عندك وأعزمك أنتى وأستاذ ماجد وعز وذياد إنما زيزى بقى دى تبعنا أحنا "

توترت "ندا" بمجرد سمعها لأسم "عز" وكانها صفعة قوية أفاقتها من شرودها وتوهانِها ، كم كانت تود أن تسال عن حالته وصحته ولكن منعها كبريائها وعزت نفسها فصمتت مره اخرى ، بينما أخذت "منى" تنظر نحو "ندا" وهى تشعر بالشفقة على يحدث لكلاهما هى و "عز" حتى إنها لا تعلم من السبب فيها يحدث!! ، أهو "عز"!! أم "ندا"؟ أم النصيب؟! أم هناك شئ لا أحد يعلم عنه وهو من تسبب فى كل ما يحدث الأن ؟!

أبتسمت "منى" موجها حديثها نحو صديقتها رادفة بحزن عاملة جاهدة على إخفائه رادفة بهدوء :

" ولا يهمك يا هدى عزيمتك وصالت يا أختى "

حولت نظرها نحو "ندا" رادفة بإبتسامة تحاول إخفاء تلك الحسرة مُضيفة بحب :

" ألف مبروك يا بنتى وربنا يكتبلك اللى فيه الخير يارب "

ذهب كلا منهما فى طريقه، لتذهب "هدى" وبناتها لموعدهم مع "نجلاء" و "حازم" ، بينما ذهبت "منى " لشراء أغرادها

________

دلفت "منى" شقتها بعد أن أنتهت من شراء أغراضها فوجدت "زيزى" تجلس أمام التلفاز، لتتجه "منى" وتجلس بجانبها وعلى وجهها ملامح الحزن والأسئ ، لأحظت "زيزى" تغير وجه والدتها لتعقب بأستفسار :

" مالك يا ماما فى ايه!! ، زعلانه ليه كده؟! "

تنهدت "منى" بملامح عبثة وقد زاد الحزن على وجهها رادفة بضيق :

" وأنا طالعه قبلت هدى والبنات وشكلهم كانوا رايحين يشتروا الشبكة بتاعت ندا "

لانت شفتاه "زيزى" جانبا بقلة حيلة رادفة بحزن :

" أكيد يا ماما مهى الخطوبة بتعاتها كمان أسبوعين "

أومات لها "منى" بالموافقة رادفة بحزن شديد :

" هدى لسه عزمانى وقالت إنها عايزه تعزم أبوكى وعز ، أكيد متعرفش حاجه بخصوص موضوع عز وندا وحبهم لبعض "

أجابتها "زيزى" مؤكدة على حديث والدتها رادفة بأسئ :

" فعلا يا ماما، طنط هدى متعرفش حاجه خالص، اصلا ندا كانت عملاهالها مفاجأة "

ضربت "منى" على فخذها بحيرة وعدم إستعاب رادفة بإستفسار :

" أنا بس لو أعرف أيه اللى حصل بنهم وخلاهم يوصلوا لكده "

تذكرت "زيزى" ما قصته عليه "ندا" وما قام أخيها بفعله، ولكنها أيضا خمنت أن من المستحيل أن يكون أخيها فعل ذلك من تلقاىه نفسه، ومن المؤكد أن هناك لغز بالموضوع، لتردف "زيزى" موجها حديثها نحو والدتها مُعقبة :

" مش عارفة يا ماما، بس أكيد اللى مكتوبله حاجه هيشوفها ولو هما نصيب بعض هيبقوا لبعض لو مهما حصل "

زفرت "منى" بأسئ رادفة بتمنى :

" يارب يا بنتى يارب "

كان "عز" يستمع إلى حادثهم وهو يقف خلف باب غرفته، ليعلم أن "ندا" الأن تقوم بشراء شبكتها مع ذلك الحقير وإنها بالفعل ضاعت من يديه

يتبع ...
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي