الفصل السادس أركان

كل خلية في جسدي قد أرتعدت برهبة وأنا أستمع إلى صوت أنفاس ذلك الشخص.

"ستيف؟ أهذا أنتَ؟" نطقت بنبرة مرتجفة خافتة، أدعو داخلي أنني لا أهلوس. أدعو أن يكون أغلاق الباب بفعل شبح وليس أدامي.

سمعت صوت ضحكة قصيرة وساخرة تتردد في المكان، كانت جافة ومبحوحة تدل على أن صاحبها رجل.

"كلا. أنا لست ستيف الذي تبحثين عنه."

تنهدت براحة حينما فتحت الأنوار ورأيت الشاب الذي أرشدني مستند على إطار الباب.

"ما هذا المكان؟ ولم هذه الغرفة تبدو كغرفة نوم بالرغم من أن المكان مخصص للقمار واللعب؟" سألته وأنا أمرر نظري في الأرجاء بحيرة.

سمعت صوت خطواته تقترب مني شيئا فشيئا لأنظر له من خلف كتفي بفضول.

"ما خطب تلك الابتسامة المصقولة على وجهك؟" سألته ساخرة لا أمنع طابع عائلة والكر من طغيان على شخصيتي في هكذا موقف.

"غرفة لا يوجد فيها ستيف، ولا أي أحداً أخر سوانا. فقط أنا وأنتِ أيتها التائهة." تحدث هازئا وهو يحشر يديه في جيوب بنطاله.

عقدت حواجبي بحيرة وأستدرت أطالعه بفضول.

"ماذا تقصد؟ ألم تقل أن ستيف متواجد في هذه الغرفة؟"

"لقد كذبت يا حلوة. وأظن أنكِ فهمتي قصدي بالفعل."

نظرتي أحتدت فور أن فهمت قصده، فهمت غايته تحديداً.

"يبدو أنك فهمتني بشكل خاطئ، أنا بالفعل أبحث عن أحدهم." أجبت أتراجع خطوة إلى الوراء وأنا أشد على قبضتي بقوة.

"لست كما فهمت أنتَ. لم أزر هذا المكان من قبل وأنا بالفعل هنا لأقابل المدعو بستيف."

"لم أفهمكِ بشكل خاطئ. أنتِ من فعلتِ، فلا وجود لشخص يدعى ستيف أساساً."

حواجبي أرتفعت بدهشة وبؤبؤ عيوني أتسع بذعر.

هو___

كلا.

من المستحيل.

"من الأفضل لكَ أن تتراجع لأنك لا تعلم مع من تتحدث الآن. لا تعلم ابنة من أكون. حركة واحدة خاطئة منكَ تجاهي ستكلفك قضاء بقية حياتك في السجن." هددته حينما خطى خطوة واحدة إلى الأمام ليتسع ثغره بابتسامة مريضة.

أرتجفت في مكاني وأنا أشد على قبضتي أكثر أقوم أةبغرس أظافري داخل جلدي.

أكره حينما أكون الطرف الضعيف، أكره الرجال، وأكره ذاك الدخيل الذي بسببه دخلت في مشاكل لم أتخيلها يوما.

"بقية حياتي بالسجن؟ لماذا؟ هل أنتِ ابنة جنرال؟"

عيوني أتسعت بدهشة أكثر من السابق.

أهو كمين؟

أهذا أحد أعداء الدولة؟

"كلهن يقلنا ذلك في البداية." سخر لأحبس أنفاسي داخل رئتي.

"ثم بعد ذلك أعجبهن، كحال الفتاة التي وجدتني واقفًا معها. لذلك لا داعي للتوتر والقلق يا حلوة، أنا لستُ سيئا كما تظنين."

كان يتقدم بثبات دون أدنى نية للتراجع لأسرع بالسير إلى الخلف محاولة الهروب منه.

"لا تقترب." صحت به حينما أصطدمت بالجدار بنيما هو ظل يمشي ناحيتي دون توقف.

ثغره أتسع في ابتسامة مقززة ساخرة.

"وألا ماذا سيحصل؟ هل ستقومين بخدش وجهي بواسطة أظافرك المقلمة يا قطة؟"

لم تتبقى سوى خطوة واحدة ويكون ملتصق بي تماماً إلا أنه توقف وتراجع إلى الخلف برهبة حينما تم فتح الباب فجأة.

رمشت عدة مرات برعب وأنا أحتضن نفسي حينما أقتحام المكان رجل طويل.

تطلب مني الأمر ثواني قليلة حتى أستوعبت أنه كان ذات الرجل...

ذات الرجل الذي كنت أطارده طوال الليل.

"ماذا تظن نفسك بفاعل ستيف؟" تساءل ذلك الرجل ساخط ثم تقدم سريعًا ليسحبه من تلابيب قميصه يرفعه في الهواء ليشهق الثاني بخوف.

"أركان؟ أسف يا صديقي! أقسم لكَ لم أعلم أنها تابعة لكَ!" تحدث من بين أنفاسه بصعوبة ونبرة مختنقة.

تزحلقت على الجدار وأنا أراه يعتصر رقبته بكامل قوته يكاد يقتله.

"هي أو سواها. لا يحق لكَ ستيف. لا يحق لكَ. عديد المرات أخبرتكَ أن تتوقف عن هذا الفعل المشين. لكنكَ عصيت كلامي. لهذا تحمل نتائج أفعالك الآن." قال ذلك ثم كان يرفع قبضته في الهواء يلكم بها خد الأخر دافع إياه بقوة ناحية الأرض.

وحينما حاول الأعتدال والهروب أمسكه من جديد وقام بلكمه، مرة، إثنان وثلاث إلى أن وقع ستيف على أرض من جديد.

العملاق المدعو بأركان قرر سحبه مجدد ثم حشر ركبته داخل بطنه بعمق.

وقع ستيف على ركبتيه وهو يطلق أنين متألما. يده كانت على بطنه يمسكها بوجع وأنفه كان ينزف بغزارة.

أحب الدماء.

لكن ليس بهذا الشكل.

جعدت حواجبي بقرف حينما بصق دماء قانية على الأرضية.

"أنهض. لا أريدك متواجد هنا من جديد وإلا لن أتردد في قتلك المرة القادمة." قال العملاق لستيف الذي سارع بالهروب من المكان راكضا على يديه وقدميه كالكلب تماماً.

ظللت متجمدة في مكاني أراقب صاحب العيون السوداء بخوف.

كان طويل القامة وضخم الجثة، حليق الرأس ويمتلك لحية سوداء خفيفة. عيونه سوداء واسعة ومسحوبة برموش كثيفة، كخاصتي تماماً. أنف طويل وحاد مثل النصل. شفاهه غليظة وعظام خدوده بارزة. كان يحمل جميع أوصاف رجلي المثالي.

لكنه الآن بالنسبة لي كان مجرد مجرم.

"أأنتِ على ما يرام؟" سأل وهو يخطو خطوة واحدة إلى الأمام لأسرع بالتراجع إلى الخلف برهبة.

نظرت له بعيون متسعة بخوف ليبقى ثابتا في مكانه دون حراك. يشد على قبضته بينما يمنحني نظرة خاطفة.

"من أنتَ؟" سألته بصوت خافت مبحوح، بطريقة ونبرة لم تشبهني أنا ميلانو والكر. نبرة لم أجرب الحديث بها يوماً أمام غريب.

صمت ولم يجبني لذلك بلعت ريقي بتوتر.

ما الخطب معه؟

لم لا يجيب؟

"لم قمتِ بتتبعي؟" تساءل وهو يبقى ثابتا في مكانه لا يقترب مني أكثر.

"كيف تدخلين مكان تجهلينه؟ كيف تثقين بالناس بسهولة؟ هل تظنين نفسكِ في مسلسل مكسيكي؟ كيف تتبعين الغرباء بدون تفكير؟ أظنكِ راشدة كفاية لتعلمي أن العالم الخارجي ليس بوردي أنما هو مملوء بالقذارة. الناس مستعدون لأستغلالك بأبشع الطرق."

والآن كان يعاتبني ويتخذ دور ماما.

من هذا الأحمق الذي قرر ألقاء محاضرات عليا؟

أن بالكاد أتحمل أمي!

بل أفعل ذلك فقط لمجرد كونها ماما!

والآن يظهر هذا الغريب ليعاتبني!

لكن كنت على عكس عادتيقد بقيت صامتة ولم أجب لأني كنت منشغلة بربط الأحداث ببعضها البعض. أحاول العثور على إجابة منطقية لكل ما حدث هذه الليلة. أحاول معرفة من يكون هذا الشخص وإن كنت قد قابلته من قبل.

"أرأيتِ ما هي عاقبة المطاردين والمتعقبين؟" هذه المرة نبرته خرجت ساخرة.

"لا أفهم للآن ما خطب عقلك الذي دفعكِ للقدوم إلى هنا! هل تظنين أنكِ بطلة في فيلم جيمس بوند أو المحقق شارلوك هولمز!"

سكت ولم أرد.

"مع من تتحدث أركان؟ مع فتاة نرجسية ولدت في فمها معلقة من ذهب لا تفهم هذا الكلام!" همس من أسفل أنفاسه ساخرا إلا أنني تمكنت من سماعه.

"هل ستبقين صامتة كثيرا؟" سخر مجددا ثم نظر لي من فوق رموشه بكره.

"من الأفضل لكِ أن تغادري!" ثم كان يصيح مشير ناحية الباب.

نظرت له من أسفل رموشي بعدم تصديق.

أيدافع عني ثم يصرخ في وجهي؟

"هذا المكان غير مناسب لابنة جنرال."

فتحت فاهي بدهشة حينما تحدث يكشف على علمه المسبق بهويتي.

وفي غضون لحظة واحدة كان واقفا أمامي بكبرياء.

نظرت له بشيئا من الحدة.

عقلي كان يطلب بشيء واحد في هذه لحظة.

هو معرفة من يكون

"من أنتَ؟ كيف لكَ أن تعرفني وتعرف بابا؟ هل أنت عامل عندنا أما مجند من قبل الدولة؟"

"أهذا كل ما يهمك في الأمر؟ من أكون وكيف علمت هويتك؟ سخيفة! أين كان لسانك حينما كاد ذلك الرجل على وشك الأعتداء عليك؟!"

تنفست بقوة وأنا أنظر له بكره.

"كيف تجرأ؟" همست من بين أنفاسي المتسارعة.

ابتسم ساخرا وكأنه غير مصدق لما أقوله بعد.

أظنني بارعة في استفزاز حتى في مثل هذه المواقف.

"هذا المكان خاص بي! مملكتي! أفعل وأقول به ما أشاء! لا أحتاج إلى أخذ إذن مسبق من ابنة جنرال مدللة." همس بجدية، ينظر لي بأستعلاء أصابني بالقرف. كان يعاملني ويحدثني وكأنني نكرة.

"والآن هل ستغادرين أم لا؟"

"لا تملي عليا أي أوامر سخيفة! أنا لستُ راعية ضمن مملكتك التي كنت تتحدث عنها!" أجبته بحدة وكره واضح ليرفع حاجبيه بتفاجئ.

فجأة أطلق صوتا هازئا بينما يقوم بتحريك عظام فكه بعصبية.

"لقد أخبرتك أن تنهضي!"

"أخبرتك أن لا تأمرني! ولا تصرخ في وجهي من جديد. أسمعتَ؟"

"يبدو أن هذه الطريقة لا تعمل مع شخصية نرجسية مثلكَ."

"دعني وشأني!" صرخت به حانقة حينما قام بسحبي من كم سترتي لأقف.

"ماذا تظن بنفسك فاعلا؟ أنتَ تعلم ابنة من أكون وماذا أنا بقدرة على فعله! لذلك لا تحاول لمسي من جديد وإلا قطعت يدك القذرة!"

"غادري!"

"أفلتني! لا يحق لك لمسي! أنتَ ستكون ميت! مجرد جثة عفنة في أحد الغابات الموحشة. جثة متجمعة عند رأسها مجموعة من الغربان السوداء المشؤومة!" صحت ما أن بدأ بجري خلفه بعنف.

كان لا يعيير صراخي أو تهديداتي أي اهتمام.

"إذ كنت تعلم من أكون كيف تسمح لنفسك بالتصرف معي بهذه الطريقة؟" تحدثت وأنا أحاول سحب نفسي منه. لكنه كان يجرني خلفه بلا توقف، وكأنني لا أقوم بمقاومته، وكأن قوتي لا شيء أمام خاصته.

"أنا أستطيع الزج بكَ في سجن! أخبرتكَ أنني أستطيع قتلك وجعلك وليمة دسمة للغربان! أتسمع؟"

ثم كان يسحبني بقوة أكبر حينما بدأ بنزول الدرج.

"أترك سترتي! أتعلم كم ثمنها حتى؟"

أعلم أن الموقف غير مناسب، لكن لم أجد سبيل أخر حتى يقوم بأفلاتي.

"لا أريدكِ متواجدة هنا مرة أخرى أو أنني سأشي بكِ لوالدك!" هددني بعد أن قام بدفع رجل كان واقفًا على درج بقوة.

"إذاً أنتَ أحد رجال بابا؟" تحدثت ساخرة.

"مهما ستقول والدي لن يصدق عامي مثير للشفقة مثلك ويكذب ابنته البكر المثالية التي لا يرى بها أي خطأ أو ملامح للعصيان!"

"رجاءً أيها..."

تم أخرس ستيف الذي ظهر أمامنا من العدم بلكمة من قبل الثور الذي كان يقوم بسحبي بلا هودة.

"من الأفضل ألا أراكَ مجددًا في هذا المكان!" حذره من بين اسنانه وهو يتجاوزه ويجرني خلفه.

"قلت لك أفلتني! ألا تفهم؟ أحيوان أنتَ؟ أتعلم أنه بأمكاني طردكَ من وظيفتك؟" تحدثت من بين اسناني أهدده للمرة الألف بينما أحاول التملص منه.

ضربته ودفعت ذراعه حينما بدأ يشق حلبة الراقص الممتلئة لكن بلا جدوى.

كانت الأنوار تزعج عيوني وأصطدام الراقصين المستمر بي أثار حنقي أكثر.

"أخرجي من المكان." قال وهو يدفعني ناحية الباب لأتماسك مكاني وأنا أدلك صدغي بألم.

"كيف تعامل فتاة بهذه الطريقة؟ خصوصاً ابنة سيدكَ!" صحت في وجهه وأنا أتراجع خطوة واحدة إلى الخلف.

"أأفهم من كلامكِ أنكِ لن تغادري؟" سأل بنفاذ صبر وهو يضع يديه على خصره. كان يتحداني بطريقة غير مباشرة.

نظرت له بكره.

"كلا! هذا المكان ليس منزل والدكَ! لا يحق لكَ طردي!" رددت عليه بحدة وقوة ليرفع لي حاجبه الأيسر بتحدي.

"هكذا إذاً؟"

"أجل هكذا. أتمتلك أي أعتراض؟" سخرت منه بدوري وأنا أرفع طرف شفتي بتقزز.

"حسنا إذاً. تحملي عواقب أخطاءك."

"ماذا ستفعل ها؟ ماذا__دعني وشأني أيها المتحرش!" صحت بصدمة وذعر حينما رفعني من خصري يرميني على كتفه ثم يصعد بي الدرج ناحية المخرج.

"ألا تفهم جملة أنني أستطيع طردكَ وسجنكَ بل وحتى قتلكَ! أيها الأحمق دعني وشأني! أنا ابنة جنرال والكر كيف تجرؤ على معاملتي بهذه الطريقة الهمجية!" صرخت به وأنا أضرب ظهره بأستمرار وقوة حتى يتركني لكن ذلك كان دون فائدة.

فتح الباب ثم أنزلني من على كتفه بفضاضة وكأنه يقوم برمي قمامة في مكب النفايات.

تماسكت في مكاني حتى لا أقع ثم دفعت خصلات شعري الذي بات فوضوي بسببه إلى خلف أذني.

"أجننتَ؟" صرخت به وأنا أناظره بكره.

لأول مرة أكره شخصا غير فراسيسكو. لأنه لأول مرة في حياتي يتم معاملتي بهذه الطريقة العنيفة والهمجية من قبل أحدهم.

كل ما قابلني منه هو البرود والمزيد منه.

كان ينجح في أستفزازي.

كان نسخة مشابهة لي بطريقة أثرت غضبي.

"لا تعودي." قال ذلك بجمود ثم أغلق الباب في وجهي لأنظر إليه بصدمة.

من هذا الرجل بضبط؟

كيف يجرؤ__!

أنه ليس من رجال بابا بكل تأكيد! وليس شرطي! أن كان كذلك لكن سيعاملني بأحترام ولما كان ليتواجد في مكان مقرف مثل هذا.

"أفتح لي الباب حالا! أنا أحدثك ألا تسمع؟" صحت ثم أقتربت من الباب أريد فتحه لكنه كان مغلقا من الداخل.

حاولت فتحه عديد المرات لكن بلا جدوى.

"أنتَ مجنون!" صرخت أضرب الباب بواسطة قدمي بقوة.

"مالذي كنت تفعله في منزلنا أيها اللص! أتظن أنني سأمرر الأمر مرور الكرام!" عدت للصراخ وأنا أطرق الباب عديد المرات بقوة أحاول خلعه.

"ستندم صدقني." صرخت من جديد وأنا أركل الباب قبل أن أتراجع إلى الخلف بأنفاس مضطربة.

بدأت أشعر بالأنهاك.

ألقيت نظرة خاطفة على ساعتي لأجد أن الوقت قد تجاوز الثانية صباحا بالفعل.

"تبا. السيدة ليدي تأتي بكرا ويجب أن أعود للمنزل في الحال قبل أن يكشف أمري." همست بتوتر.

"لتكن شاكرا أن الوقت قد تأخر ويجب عليا الرحيل." صرخت من جديد حانقة قبل أن أدس يداي داخل جيوبي بعنف.

"تبا لكَ! سأريكَ من هي ميلانو والكر!" توعدت له بالأسوأ وانا أسير بسرعة أخرج من الزقاق على عجلة.

ما حدث الليلة لن يمر مرور الكرام حتما!

أنا أعدكَما بذلك أيها المدعوين بأركان وستيف!
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي