الفصل الخامس

في الصباح عادت دعاء لبيتها من جديد .. لذلك السجن البارد الموحش رغم فخامته و رغد العيش به .. ليتسللها البرد و الخواء من جديد .. اعتقدت ان اخيها بامكانه الوقوف بجوارها و لو لمرة و لكن استطاع اسلام اقناعهم بانه فعل ذلك وقت عصبية و انه لن يفعل ذلك مجددا و بالطبع زادت الشهرية التي يتقاضونها ..
مددتها والدتها علي الفراش و دثرتها جيدا و قالت :
_ ارتاحي يا حبيبتي كما قال الطبيب بالمشفي .
لم تجيبها بل تصنعت النوم و اغلقت عيناها ليس فقط عن رؤيتهم و لكن هروب من واقعها المرير ذاك ..
منذ وفاة والدها و وزواجها المفاجىء هذا و حياتها انحنت منحني السقوط بسرعة البرق ..
فتاة فقيرة بحي شعبي بسيط باحد المناسبات يراها رجل اعمال كبير و يعجب بيها و خلال يومين اصبحت ببيته ..
لم يتكلف اهلها في زواجها قرشا واحدا بل حصلوا علي الكثير من الاموال من خلال زواجها التي لم يؤخذ رايها به ...
من اول يوم لها و عنفه ظاهر بعلاقاتهم و بحياته ان اخطأت خطأ لو بسيط تنالها ذراعيه ببطش و كلما اشتكت لاهلها يكون الرد المعتاد كل الرجال يتصرفون مع زوجاتهم بهذا الشكل ..
ابتسمت دعاء بسخرية مع ظهور طيف اسعد امام عينها و معاملته لفرحة و اهتمامه و دلاله لها .. كم تمنت كثيرا ان يتحول اسلام لنسخة من اسعد ..
لقد جعلوا منها امراة تشُكّ حتى في اللحظات السعيدة .!
ربتت والدتها علي ذراعها و قالت :
_ كان نفسي اقعد معاكي اخدمك بس جوزك رافض و قال هو هيقعد معاكي و هيهتم بيكي هو... ده بيحبك و الله يا دعاء بس هو عصبي شوية .
لم تجيبها كالعادة فلو نطق لسانها لن يحترم ادب و لا دين و لا اعراف و ربما تمتمد يدها عليها فمثلها لا يسحق كلمة ام من الاساس .. فآثرت السلامة و التزمت الصمت ..
جراحنا لا تشفى أبدا،،،كل ما في الأمر انك تتعود على العيش معها..
لاحظت امها تجاهلها لها فاستسلمت و تركتها و غادرت مع ابنها ..
دلف اسلام عليها الغرفة و سار ببطء ناحيتها لم تنكر انها تخشاه حتي خطوته الهادئة تلك تخشاها ..
الخوف يجعلنا نتصرف بعدوانية وقسوة ..
نبتعد عن الدنيا بمن فيها ..
لنحمي انفسنا من خيبة أمل أو خذلان آخر..
وقف بجوار الفراش قليلا مروا عليها دهرا من خوفها ثم جلس بجوارها علي الفراش قائلا :
_ ما تزعليش مني يا دعاء كنت متعصب و الله من ضغط الشغل و انا لم بتعصب مش بشوف قدامي .
ظلت علي حالتها و لم تفتح عيناها او تجيبه فاردف قائلا :
_ انتي عارفة اني بحياتي دى كلها ما حبيت حد غيرك انتي اول و اخر واحدة هتكون علي زمتي رغم انه حواليا ستات من كل الطبقات بس انا فضلتك انتي عالكل يا حبيبتي لاني بحبك انتي .
تعرف انه يقول الصدق لكنه لم يوضح انه كل يوم مع واحدة من هؤلاء النساء بعلاقة غير شرعية ..
ومع ذلك فهو لا يقصر بعلاقته معها .. انسان مريض يحتاج رعاية نفسية دائما ما تراه هكذا و فقط ..
تابع اسلام حديثه و قال :
_ يا دعاء ماتزوديهاش بقا وردى عليا قولتلك كنت متعصب من الشغل وده اثر عليا مش اكتر .
استشاط غضبا من تجاهلها له فاشتعلت عيناه و صك اسنانه و قبض علي كتفيها و بحركة واحدة اجلسها عنوة فصرخت قائلة :
_ ضرب لا .. ضرب لا انا كل جسمي بيوجعني ابوس ايدك .
قبض علي ذقنها الازرق و قال بشراسة :
_ لما اكلمك تردى عليا ده اكتر حاجة بتعصبني و انتي عارفة و لما امد ايدي عليكي تطلعيني الشرير المفترى .
اجابته بصعوبة من قبضته و قبلها المها :
_ حاضر خلاص مش هعمل كده تاني بس سيبني ابوس رجلك .
دفع وجهها بعيدا بيده و وقف و قطع الغرفة ذهابا و ايابا و عاد اليها بوجه بشوش منافي لحالته منذ لحظات و سالها بود :
_ ايه رايك اعملك شوربة فراخ و لا لحمة و هعملك فيها لسان عصفور انما ايه حكاية.
اعتدلت في جلستها و هي تحمل كفيها المجبستين و قالت بسرعة :
_ انت عارف انا بحب الاتنين و بحب لسان العصفور منك فاجئني بقا انا هسيبلك حرية الاختيار يا حبيبي .
ابتسم اليها و قال :
_ تمام انا هدخل المطبخ اجهز غدا لينا و هحضرلك كوباية النسكافيه بتاعتك و ساندويتش كده محترم و هتاكليه كله .
رسمت علي ثغرها ابتسامة ميتة و سايرته قائلة :
_ انا جعانة خالص فعلا بتحس بيا بشكل غريب .
اقترب منه و ضم راسها لصدره و قال :
_ لازم احس بيكي ده انتي الحتة الشمال يا بت و مبحبش في الدنيا دى كلها غيرك .
كانت تشعر بالتقزز من ملامسته و لكنها تجاوزت تلك المرحلة منذ زمن ..
وجدته يحمل هاتفه و عبث به قليلا ثم اجاب اتصاله قائلا :
_ ايوة يا اسعد ازيك يا حبيبي ... بقولك انا قاعد في البيت النهاردة و معايا العقود و كل الورق ايه رايك تفوت عليا نمضي العقود و نخلص هنا ....... تمام هستناك يا حبيبي يالا سلام .
ابتلعت دعاء ريقها بتوتر بينما عاد هو اليها قائلا :
_ هحضرلك الفطار اول و هخلص شغل كده مع اسعد و هرجعلك تاني هقضي اليوم كله معاكي ن شاء الله .
اومات براسها موافقة فتركها و خرج ليعود الحزن لوجهها من جديد ..
ينتهي شغفنا عندما تهان قلوبنا حينئذ ندرك أنه ما عادت فائدة في الإصرار على ما نحب أو على ما نتمنى ...
عادت بظهرها للفراش و هي ممتلأة باليأس من التغير فتستسلم مقنعة نفسها بأن سيمضي الألم وسيلتئِم الجرح ، وستعود الإبتسامة لملامحها والطمأنينة لقلبها ، ستتذوق طعم الراحة والشعور بالرضا من جديد ، سنتصادف سعادتها المفقودة يوما ما و ستُودع كل أحزانها ، ستكون لها بداية جديد رغم صعوبتها ، لكنها لن تستسلم لليأس فالجميع قادر على التجاوز ، إن أراد فقط.. و هي قادرة...
كان اسعد يقود سيارته و هو شارد لربما يكون اكتشف اسلام امر مساعدته لدعاء و سيلومه علي تدخله و لكنه لم يفعل شىء خاطىء ليلام لقد ساعد سيدة لجأت اليه و فعل ما املاه عليه ضميره و انسانيته ..
فأراح صدره من حمل العتاب و اللوم و اكمل طريقه ..
وصل اخيرا تحت بناية اسلام فحمل حقيبته و ترجل من سيارته و صعد الدرجات الرخامية مجددا بتثاقل .. ما ان وقف امام باب الشقة حتي ضغط جرس الباب و ما هي الا ثواني و فتح له اسلام الباب ..
لم يتوقع ان يراه بهيأته تلك .. لقد كان يرتدى مأزر مطبخ و يحمل ملعقة بيده ..
طالع اسلام تعجبه بعينيه فقال ضاحكا :
_ اتفضل يا اسعد مالك واقف كده .
دلف اسعد للداخل بينما قال اسلام لتوضيح هياته المذرية تلك :
_ بتعلم منك يا عم اسعد و بدلع مراتي لقتها تعبانة النهاردة قولتلها ارتاحي في السرير و انا هعملك الغدا بايديا .. اتفضل اقعد .
ابتسم اسعد بسخرية علي كذبه و فك زر سترته و جلس قائلا :
_ سلامتها الف سلامة .. وانت عاشت ايدك مقدما اوعي متكونش بتعرف تطبخ اطلبلكم الاسعاف من دلوقتي .
تعالت ضحكات اسلام و قال له لائما :
_ عيب عليك يا اسعد ده انا عيشت سنجل بتاع ٣٥ سنة و كنت باكل نفسي بنفسي و شيف عالمي بس مش تخصصي بقا .
فتح اسعد حقيبته و اخرج الاوراق منها و قال بعملية :
_ ماشي يا عم الشيف انت مجهز ورقك و لا لأ لانه ورايا بلاوى غير تسجيل عقودنا بعد ما نخلصها .
احضر اسلام اوراقه و قام بتوقيعها قائلا :
_ خد عقودى معاك كمان سجلها شوفت انا واثق فيك ازاى يا صديقي .
وقع اسعد ايضا اوراقه و قال :
_ حبيبي يا اسلام انت عارف معزتك عندى و اصرارى علي شراكتنا اكبر دليل ربنا يوفقنا ان شاء الله .
ساله اسلام قائلا :
_ اخبار الولاد و فرحة ايه طمني عليهم ؟!
اجابه اسعد قالا بابتسامة :
_ الحمد لله بخير ما شبعناش منكم يوم العيد ميلاد حددوا ميعاد و نعمل عزومة نتجمع فيها علي شرف امضاء العقود بينا ايه رايك ؟!
اجابه اسلام قائلا :
_ تمام موافق بس دعاء تشد حيلها كده و تقوم بالسلامة و اجيبها و نيجي نقضي يوم سوا انا بحب القعدة مع ولادك اصلا .
جمع اسعد الاوراق و قال :
_ و هما كمان بيحبوك خصوصا العفريتة الصغيرة مصلحجية و انت ما بتقصرش معاها .
وبخه اسلام قائلا :
_ ما تغلطش فيها قدامي دى حبيبتي و عيوني ليها دايما اطلع انت منها يا اسعد .
اغلق اسعد حقيبته و قال :
- نفس كلامها عليك و الله .. ربنا يهني سعيد بسعيدة يا سيدى .
وقف اسعد و قال :
_ اسيبك انا بقي و اشوف اللي ورايا و بكرة ان شاء الله نتقابل في شركتك لو روحت .. سلامي و تمنياتي بالشفاء لمدام دعاء ما تنساش .
اجابه اسلام قائلا و هو يتقدمه :
_ الله يسلمك يا اسعد هقولها حاضر .. نورت الدنيا كنت قعدت شربنا حاجة سوا .
ابتسم اسعد و قال :
_ لا يا حبيبي عندى عيال عاوز اربيهم شكرا ليك .. سلام يا صاحبي .
فتح له اسلام الباب و قال :
_ ماشي يا سيدى مع الف سلامة .
خرج اسعد كمن خرج من السجن حامدا ربه ان اسلام لم يكتشف امر مساعدته لدعاء لائما نفسه و تسرعه ..

.....................................................
................

كانت كعادتها اليومية ما بين اوقات تنظيف البيت و بداية الطهي تستغل تلك الفترة و تقرا لها رواية كما اعتادت حملت هاتفها و بدات بالبحث علي رواية جديدة تتابعها علي تطبيقها الغني بالكثير من الروايات و الثري باختياراتهم المنقاة و المفضل لها كوكب ....
لم تكن بذلك الانهماك التي تضع نفسها به عند قرائتها بل شرودها الدائم جعلاها تؤجل القراءة لوقت المساء .. تريد الاطمئنان علي دعاء و تحذيرات اسعد لها تكبلها و لكنها طاوعت نفسها و هاتفتها و انتظرت الرد ..
دلف اسلام لغرفة دعاء فوجدها نائمة و هاتفها يدق .. حمله و ما ان راي اسم فرحة فاجابها قائلا بود :
_ السلام عليكم .. اخبارك ايه يا مدام فرحة .
عقدت فرحة حاجبيها بتعجب و اجابته قائلة :
_ وعليكم السلام .. انا الحمد لله تمام .. اخبار حضرتك ايه و اخبار دعاء ايه كنت قاعدة فاضية قولت اطمن عليها قبل الولاد ما يرجعوا و انشغل .
اجابها قائلا :
_ هي تمام الحمد لله بس شوية برد كده تعبوها و هي نايمة دلوقتي فرديت انا علي حضرتك علشان ما تقلقيش عليها .
هزت فرحة راسها بعدما تاكد حدسها فقالت بهدوء :
_ لا سلامتها الف سلامة تمام لما تبقي كويسة ان شاء الله بس تطمني عليها .
ابتسم اسلام و قال :
_ عيوني حاضر دلوقتي لما تصحي اخليها ترن علي حضرتك .
انهت فرحة المحادثة قائلة :
_ ان شاء الله مع السلامة .
_ الله يسلمك اتفضلي .
أغلقت الهاتف و وضعته بجوارها و هي تهز راسها بياس فما خشيته من الواضح انه حدث .. علاقتها ليست متينة بدعاء و لكنها اشفقت عليها بعدما قصت لها قصتها و ما يحدث معها من اسلام زوجها فاصبحت مهمومة بامورها دون ان تشعر ..
طالعت ساعة الحائط فوجدتها قاربت علي موعد تحضير الغداء فوقفت و سارت ناحية المطبخ بذهن شارد ...


.....................................................
....................

رغم تلك المدة التي مضت و شعور انه مذنب بشىء ما يراوده دائما .. يتناسي اغلب الاوقات و لكن ما ان ير ما حدث معه امام عينيه ينقبض قلبه .. انتبه اسعد علي رنين هاتفه حمله فوجده رقم هاتف دعاء .. ابتلع ريقه و هو يطالع الشاشة بريبة لربما هذه المرة ينتظره شىء اخطر انتظر قليلا ما بين فضوله و بين قلقه مما ينتظره هذه المرة ..
ضغط زر الاجابة و قال بتوجس ارتسم علي ملامحه و كل خلجاته :
_ السلام عليكم .
اجابته دعاء قائلة بهدوء طمأنه :
_ السلام عليكم يا استاذ اسعد اخبار حضرتك ايه انا اسفه لو رنيت عليك في وقت زي ده .
اجبها اسعد مسرعا و هو يتطلع خلفه ناحية المطبخ بحذر :
_  لا ابدا اسفه على ايه بس انتي كويسه حصل حاجه تاني يعني ؟!
ابتسمت دعاء بتفهم و قالت :
_ لا لا ما تقلقش كله تمام الحمد لله انا بس حبيت اتصل بيك علشان انا عاوزه اشكرك على اللي انت عملته معاي للاسف اهلي ما كانوش هيعملوا معايا كده الحمد لله .
عاد اسعد بعينيه لمطالعة الطريق من الشرفة و قال :
_  لا متتاسفيش انا عملت الواجب واي احد في الدنيا كان هيحتاجنى او يقول لي بس انا محتاجك في حاجه انا مش هتردد ثانيه فانا اللي متاسف لو ما كنتش قدرت اساعدك بالشكل الصح عشان اسلام لو كان عارف كان هيضايقك وانا مش حابب اخسر صداقتنا ابدا .
تنهدت دعاء تنهيدة مقتضبة مليئة بالكثير و قالت :
_  كل مره بحترم حضرتك اكتر وبيزيد اعجابي وفخري بحضرتك بجد يا بخت فرحه بيك لما بتقعد تحكي لي عنك انا ببقى مبسوطه عشان هي مبسوطه ولما عرفت حضرتك عن قريب حضرتك راجل بمعنى الكلمه .
ابتسمت شفتي اسعد بابتسامة خفيفة و اجابها قائلا بامتنان ممتلأ بشعور غريب عليع :
_ لا ابدا ما فيش بينا الكلام ده وفي اي وقت تحتاجيني انا تحت امرك طبعا بالشكل الصح عشان انا الدور اللي فات انا لغايه دلوقتي حاسس بتانيب ضميره كبير جدا جدا .. انا مش عارف ليه السبب بس يمكن علشان انا مخبي علي فرحه وخبيت على اسلام انه انا اللي ساعدتك فا ده عملي ازمه وانا مش بقدر اخبي على الفرحه تحديدا حاجه في اي وقت تحتاجيني تكلمي فرحه وهي هتقوم بالواجب على فكره فرحه ب 100 راجل .
ضحكت دعاء ضحكة خفيفة و قالت بثقة :
_  انت هتقولي على فرحه انا عارفاها كويس تعرف يا استاذ اسعد انا ما فيش حد في الدنيا دي اقدر احكي له كل حاجه بحس بيها وكل اللي اسلام بيعملوا فيا غير لفرحه .. ما عنديش صديقه غيرها اه علاقتنا بقت قويه مش اكتر من شهر بس سبحان الله هي بتسمعني هي بتحس بيا بتسال عليا .. فيها حنيه الدنيا كلها يا بخت حضرتك بيها .
تنهد اسعد مطولا و اجابها بحب ملا صوته و هيأته :
_ فرحه دي نعمه دي احلى حاجه حصلت لي في حياتي كلها لو لفيت الدنيا مش هالاقي زى فرحة .. هي احسن ام 9:في الدنيا .. و برضه احسن زوجه بالعالم و بحبها بجنون .. و اكيد لو انا مكانك انا عارف ان هي كصديقة هتبقى صديقه امينه عمرها ما هتخرج سرك وتحافظ عليكي و هتنصحك وهي فعلا مهمومه بيكي طول الوقت وطول الوقت بتسال عليكي .
اجابته دعاء قائلة بتاكيد :
_  انا عارفه الكلام ده كويس والله هي ونعم الصديقة فعلا زي ما انت قلت انا اسفه لو كنت شغلتك والله بس مش عارفه اشكرك ازاي .. انت شوفته هو بيتصرف ازاى .. ده مجرد ان انا اتصلت بس كنت خايفه عليه عمل فيا ايه .. ومش عارفه اعمل معاه ايه او اغيره ازاي وما فيش مفر تاني هفضل معاه الطريق كله للاسف .
هز اسعد راسه بياس و اجابها قائلا :
_ اكيد في حل حاولي تتكلمي معاه .. حاولي بهدوء تلفتي انتباهه لانه بيأذيكي نفسيا قبل ما يكون جسديا دائما حسسيه انك بتحبيه دائما اعملي المستحيل عشان تكوني حواليه انا للاسف مش بنصحك بس انا عارف اسلام كويس جدا .. اسلام طيب هو صحيح تعامله معاكي مش كويس بس تقدري تغيريه انا بشوف انه اي ست تقدر تغير جوزها بسهولة .
ابتلعت دعاء ريقها و اعتدلت بجلستها و قالت بضيق :
_ والله يا استاذ اسعد انا ما سبتش اي حاجه في الدنيا ممكن تتعمل معملتهاش بهتم بكل الطرق بحاول ابين له حبي بكل الطرق بحاول اكون حنينه معاه بكل الطرق مش لاقيه اي سبب من اللي هو بيعمله فيا ده .. هو بس فجاه يتحول مش بيشوف قدامه عقله مش بيفكر بيقلب همجي وزي ما حضرتك شفت مافيش اعتبار لاي حاجه ولا لصراخي ولا للالم اللي بكون حاسه بيه بس عقله يقفل العنف بيطلع وانا بتدمر .
نفث اسعد اخر ادخنة سيجارته بالهواء و دعسها بالمطفأة و قال :
_  كل اللي انا اقدر اقوله ان ربنا يهديه ليكي ويهديكي ليه ويخليكم لبعض بس برده بالعقل بتمنى من ربنا انه لو انتم خير لبعض تفضلوا مع بعض وتكملوا ولو انتم شر على بعض تبعدوا عن بعض وكل واحد يشوف حياته انتي زي اختي وانا بخاف عليكي علشان كده بقول الكلام ده لو بنتي انا مش هقبل المعامله دي عليها ابدا .
ابتسمت دعاء وقالت باعجاب :
_ انا عارفه و متاكده من الكلام ده كويس جدا انا حضرتك من اكتر الناس اللي بتكبر في عيني سواء في حبك لبنتك واحتوائك لها وتفهمك لكل حاجه بتعملها .. لحبك لزوجتك وتفهمك لها برضه وحبك ليها واهتمامك وحنانك يعني بجد ربنا بيحب اي واحده في الدنيا يرزقها بواحد زي حضرتك اكيد .
شعور انتشاء غريب ملأ اسعد من وصفها له .. تمالك نشوته و قال :
_  ده كلام كبير عليا جدا والله يعني شكرا جدا لذوقك ربنا يخليك يا ستي وانا اخ ليكي وفي اي وقت هتحتاجيني رنى عليا وما تقلقيش ..و في اي وقت تحسي انه اسلام عصبي ابعدي عنه ادخلي اوضه و اقفلي عليكي باب اي حاجه تعمليها تحمي نفسك بها واتمنى من الله انه ما يقفش عليكي تاني ويفضل حنين عليكي انا حاسس انه تغير من بعد الازمة الاخيره .
ابتسمت دعاء بسخرية و اجابته قائلة :
_ هو اتغير بس عشان اخويا هدده يروح يعمل محضر في القسم غير كده عمره ما كان هيتغير حضرتك مش عارف حاجة .. انت شفت واحد من الحاجات الكتير اللي بيعملها فيها دي مره واحدة .. انا من يوم ما اتجوزت لغايه دلوقتي وانا بتعذب و بتهان وبحمد ربنا في كل ثانيه انه ما فيش بيننا اولاد والا كانوا هيشوفوا الذل اللي انا بشوفه .. كانوا هيشوفوا العذاب اللي انا بشوفه كنت هربي اطفال مرضى نفسيين .
مصمص اسعد شفتيه و قال باشفاق :
_ لا حول ولا قوه الا بالله العلي العظيم انا عارف وشفت بعيني ومتخيل هو ممكن يكون كان بيعمل ايه فيكي بس هفضل اقولك انا اتمنى من الله ان ه يهديه ليكي وتبقوا اسعد اتنين في العالم .
اجابته دعاء قائلة :
_ متشكره جدا يا استاذ اسعد و اسفه مره تانيه لو انا ضايقت حضرتك ارجو ما اكونش تقلت عليك ومتشكرة تاني انك سمعتني .. بجد حاسه ان انا ارتحت كتير .
اشعل اسعد سيجارة اخرى و نفث دخانها قائلا :
_ انا تحت امرك في اي وقت تكوني مخنوقه او متضايقه انا تحت امرك انا اخ كبير ليكي وهفضل اءكد على الكلمه دي وفي اي وقت تاني هتحتاجنى انا جنبك خلي بالك من نفسك وتعالى زوري فرحه وغيري جو واخرجي معها واتفسحي وشوفي الدنيا بدل حسبتك دي .
اومات له براسه كانه يراها و قالت :
_ اكيد ان شاء الله اشيل الجبس من ايدي انا هشيله كمان يومين واكيد ان شاء الله على طول هنخرج ونتفسح .. انا محتاجه اقعد معاها واتكلم معاها كتير .
تابع اسعد شعلة سيجارته بعينيه و قال مبتسما :
_  تمام يا ستي ربنا يخليكم لبعض ويديم الصداقه بينكم وفأي وقت تحتاجيني انا موجود خلي بالك من نفسك.
اتسعت ابتسامة دعاء :
_ وانت كمان خلي بالك من نفسك متشكره جدا انك سمعتيني .
اجابها اسعد قائلا .:
_ انا تحت امرك في اي وقت مع السلامه .
 _ الله يسلم حضرتك اتفضل .
اغلق اسعد الهاتف و هو يعود لسيجارته شاردا بكلماتها و خاصة تلك التي اصابت رجولته و ربما غروره فجعلته منتشيا .. التفت علي صياح فرحة فاجابها قائلا :
_ هخلص السيجارة و هدخل يا قلبي حاضر .

................................................................
...................
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي