الفصل السادس و العشرون

خرج سليم من الغرفة و وقف امام يوسف الذي يطالعه بترقب و قال له بإبتسامة خافتة :
_ يوسف تعالا .
وقف يوسف و سار ناحيته خطوتين و قال بقلق :
_ طمني عليها علشان خاطري .. هي كلمتك وسمعت صوتها .. طب فتحت عينيها صح ؟!
عقد سليم ذراعيه امام صدره و اتسعت ابتسامته و قال بمداعبة ماكرة :
_ والله ادخل وشوف بعنيك انا مش هقول لك حاجه .
اتسعت عيني يوسف و قال بصدمة و قد تعلق بذراعي سليم :
_ انا ادخلها .. يعني انا ممكن ادخلها و بص عليها واتكلم معاها واسمع صوتها .. باباك مش هيقول حاجه ؟!
اجابه سليم ببديهية :
_ اكيد يعني انا استاذنت بابا وماما و هما اللي سمحوا ليك تدخل .. تعالا يلا اتفضل .
سار سليم و يوسف يتبعه حتي لف للغرفة .. في البداية جذبت غدير انظاره كالعادة .. و لكنه تطلع بأعد و قال بخجل :
_ سلام عليكم .. ممكن ادخل ؟!
اشار له اسعد بيده و قال :
_ اتفضل يا ابني اتفضل .
سار ببطء و هو يتأمل وجهها الذي غطته الضمادات و وجهها الشاحب و لم يري ساقها لانها كانت مغطاه .. تطلع داخل عيناها الغائرتين و المرهقتين و قال بحزن :
_ حمد الله على السلامه يا غدير .. انا والله العظيم من ساعتها وانا بموت .. انتي كويسه طمنيني عليكي و سمعيني صوتك على الاقل .
وارت غدير عينيها بخجل و قالت بصوت خافت :
_ انا كويسه الحمد لله .
سحب يوسف نفسا طويلا و قال براحة :
_ هو انا كده بقيت كويس خلاص .. انا كنت قاعد بره بموت والله العظيم .. ما كنتش متخيل ان انتي هترجعي تاني .. كنت خايف قوي الحمد لله ان انتي كويسه وبخير .. انا هنا جنبك مش هامشي خالص من المستشفى هافضل قاعد فيها كده لغايه ما تخرجي وتروحي البيت واطمن عليكي .. لو احتاجتي اي حاجه بس اؤمريني امر .
التفت يوسف ناحية فرحة و اسعد و قال برجاء جدي :
_ يا جماعه عشان خاطري لو احتجتم اي حاجه انا قاعد بره عرفوني بس وانا معايا العربيه في ثانيه هتكون عندكم و الله .
ابتسمت فرحه بهدوء و قالت :
_ ربنا يبارك في عمرك يا ابني .. ما نتحرمش منك سليم موجود اهه و معاه العربيه بتاعته ما تقلقش .. روح انت بقى ارتاح شويه وتعال بكره ان شاء الله .
هز يوسف رأسه بالنفي و قال بتشدد قوى و هو يطالع غدير خلسة :
_ لا مش هاقدر امشي غير لما اطمئن عليها وتخرج من هنا وقتها هامشي .. انا مش هتحرك من هنا خالص وانا اتصلت باهلي وعرفتهم كل حاجه .
ابتسمت فرحه بوهن وهي تطالع اصراره و قالت بتعقل :
_ يا حبيبي ما ينفعش هتتعب .. طب انا عندي فكره دلوقتي سليم هيفضل سهران هنا طول الليل وهو اللي بيجيب لنا كل حاجه .. روح انت و ارتاح شوية و لما سليم الصبح يمشي تعالا انت اقعد مكانه عشان لو احتاجنا اى حاجه يا سيدي هنقول لك مش هنتكسف منك .
اتسعت عيني يوسف و قال بسعدة :
_ بجد والله .. سليم انت اكيد هتمشي الصبح صح .
انفجر سليم ضاحكا و قال بيأس من حالته :
_ ايوه طبعا يا ابني .. ما انا مش هفضل قاعد هنا مش هابقى عايز اروح شغلي اعرفهم ان انا هاخذ اجازه و هقدملهم تقارير غدير علشان يوافقوا .. انا اكيد هسيبها و هروح انام ساعتين و انت يا استاذ تعالا اقعد هنا من الصبح عشان لو محتاجه اي حاجه تكون جنبهم معلش بنتقل عليك .
طالعه يوسف بلوم و قال :
_ عيب عليك .. بتقلوا عليا ايه بس ما فيش الكلام ده .. المهم هي بس تكون بخير وترجع كويسه وانا مش عايز والله حاجه تاني من الدنيا كلها .. انا من الصبح ان شاء الله هاجي هافضل قاعد هنا مش همشي و مش هعمل اي حركه هفضل قاعد بره بس احتاجتم مني اي حاجه قولوا لي عشان خاطري .
ربت اسعد علي ظهره و قال بإمتنان :
_ الله يبارك في عمرك يا ابني روح يا حبيبي بقى انت .. كل لقمة عشان اتبرعت بالدم و حتي العصير مشربتوش .. روح كل عشان جسمك بكره يقدر يستحمل واشرب حاجه بسكر ونام كويس و بكره الصبح تعالا .
اومأ يوسف برأسه وقال بإنصياع :
_ تمام حاضر انا همشي حد يحب اوصله بطريقي .. انا ومعايا العربيه .
اسرع سليم قائلا لوالد ايمان :
_ ايه رايك يا عمي تاخذ ايمان وتركبوا مع يوسف ده اخويا وخطيب غدير ان شاء الله .. لو سمحتم روحوا معاه وهو هيوصلكم لغايه باب البيت الوقت اتاخر .
اءمن يوسف علي حديثه و قال بتاكيد :
_ ايوه طبعا اتفضلوا انا اوصلكم و هروح بعدها عالبيت على طول .
وقف والد ايمان و قال بهدوء :
_ لا يا ابني معلش مش هنتعبك معانا .. احنا هنوقف تاكسي ونروح تسلم .
أصر يوسف قائلا بثبات :
_ لا والله ابدا اتفضلوا معايا هاوصلكم لغايه باب البيت و هامشي ده يشرفني والله اتفضلوا معايا يا عمي .
حرك والد ايمان كتفيه بتسليم و قال بهدوءه الرزين :
_ خلاص تمام يا ابني يلا يا جماعه اشوفكم بكره ان شاء الله حمد لله على سلامتها الف سلامه وربنا يتمم شفاها على خير ويبارك لكم فيها .. تصبحوا على الف خير ولو احتاجتوا اي حاجه اتصلوا بينا .
اوصله اسعد قائلا بإمتنان :
_ انا مش عارف اشكرك ازاي والله ربنا يبارك فيكم كفايه وقوفكم جنبنا مش ارفين نشكركم ازاي والله ايمان ونعم الاخت الغاليه لغدير لو لفينا الدنيا كلها بجد مش هنلاقي اخت لغدير تحبها او تخاف عليها زي ما هي عملت ربنا يبارك لك فيها .
ابتسم والد ايمان بزهو و قال مبتسما :
_ و الله و انا زي ما انت بتقول كده انا كمان مبسوط ان ايمان ليها صديقه زي غدير والله ونعم التربيه والاخلاق ما تتخيرش عن سليم راجل بمعنى الكلمه ربنا يبارك لكم فيه بعد اذنكم .
قبلت ايمان غدير و تبعت والدها و يوسف .. بينما اشار اسعد لسليم برأسه بأن يوصلهم فهز راسه موافقا و تبعهم ..

...........................................................
...................

استيقظت فرحه علي ثقل غريب علي كتفها ففتحت عيناها بتثاقل فوجدت اسعد قد غفي و مالت راسه علي كتفها .. لاول مرة تشعر بالتقزز من ملامسته .. دفعته ببطء بعيدا عنها و علي وجهها علامات نفور و غضب ..
انتبهت علي همهمة غدير .. فوقفت و سارت ناحيتها و مالت عليها قائلة بهمس :
_ ايه يا غدير محتاجة حاجه يا حبيبتي انا جنبك اهو ما تقلقيش .. انده للدكتور .
سعلت غدير قليلا و قالت بوهن ممتزج بالتأوهات :
_ لا يا ماما انا كويسه معلش ممكن تسقيني شويه ميه .
ملست فرحه علي شعراتها و قالت بحزن :
_ ما ينفعش يا حبيبتي والله بس انا ممكن ابللك شفايفك كده لغايه الدكتور ما يسمح انك تشربي .. معلش نستحمل بس عشان العمليه والبنج .
أومأت غدير برأسها و قالت بتعطش قوى :
_ خلاص بلي شفايفي انا عطشانه جدا .. كفايه الوجع اللي انا فيه يدوني منوم او اي حاجه تنيمني .
سقتها فرحة بعض قطرت من الماء تروى به جوفها الجاف و قالت بلوم :
_ يا حبيبتي يا حبيبتي نامي شويه .. غمضي عينيكي واستسلمي للنوم انت اخذه مسكن كبير جدا .
طالعتها غدير بعنين ذابلتين و تستجديان الراحة و تتأوه بصمت .. فسقطت عبرات فرحة و هي تتخيل انها لربما فقدتها بهذه الحادثة فانحنت و قبلت مقدمة رأسها و قالت بحنو :
_ كده يا غدير تحرقي قلبي عليكي بالشكل ده احنا عملنا فيكي ايه بس .. انا كنت هموت عليكي والله الحمد لله يا رب الحمد لله .
وقف اسعد بجوارها و قال بتثاؤب :
_ يا فرحه المهم انه كويسة و بخير وخلاص بلاش الكلام ده هي كويسه وبخير وفتره بسيطه وهترجع احسن من الاول كمان انا واثق فيها وعارف قد ايه هي قويه صح يا غدير .
اجابتهما غدير و هي تنساب مع اثار المخدر و قالت بلسان ثقيل :
_ ايوه يا بابا .. انا هنام شويه راسي تقيله قوي .
دلف عليه سليم الغرفة يحم شطئر و مشروبات دافئة و قال بهمس :
_ سيبوها بقى ما حدش يكلمها خليها تنام .. تعالوا كلوا لقمة و قولولي انتم هتقعدوا مع بعض ولا هتعملوا ايه انا بقول واحد فيكم يروح ينام ي.. ايه رايك يا بابا تروح انت تنام و لا انتي يا ماما تروحي تنامي .
دثرت فرحه غدير و قالت ببديهية و هي تتحاشي النظر لأسعد و كأنها لا ترغب في وجوده معها بنفس المكان :
_ انا مش هاسيب بنتي طبعا ما حدش هيقعد جنبها غيري انتم عايزين تروحوا تناموا وروحوا انما انا مش هسيبها .
امتعض وجه اسعد و قال باندفاع عصبي :
_ ولا انا هسيب بنتي انا قاعد .. ولا مش مسموح ليا اقعد معاهم كمان هنا في الاوضه في المستشفى .. بجد احنا في ايه ولا في ايه .. ادينا شفنا لما اتفرقنا حصل فينا ايه كانت البنت هتروح مننا كفايه بقى كفايه لازم نرجع تاني ونفوق لحياتنا هنخسر مين المره الجايه ؟!!
تنهد سليم بتعب و قال :
_ مش وقته الكلام ده يا بابا .. انا قصدى يبقى في واحد صاحي و واحد يرتاح .
ابتعد اسعد عنهما و اخرج علبة سجائره و قال :
_ ما ليش دعوه يا ابني انا قاعد جنبها وعمك اسلام هيضبط هو الشغل وهيعمل كل حاجه وانا هفضل قاعد جنبها هنا مش رايح لا شغل ولا كاني وانا ماني .. روح انت بقى ارتاح لك شويه .. و انا هخرج برة اشربلي سيجارة راسي هينفجر .
اجابه سليم قائلا :
_ لما يجي الصبح ان شاء الله هروح على الشغل الاول اقدم على اجازه وهروح البيت انام شويه واجي لكم العصر .
فتح اسعد الباب و هو يقول :
_ خلاص يا حبيبي اللي تشوفه .
و تركهم و خرج غالقا الباب خلفه و سليم يوزع نظراته بينهما بضيق .. حتي استقرت عيناه علي صغيرته فرفع عينيه للسماء و هو يحمد ربه علي عنايته و تلطفه بهم ..
ثم ابتسمت شفتيه بعدما فطن لحكمة ربه مما حدث .. ها قد عادا اسعد و فرحة لبعضهما و تأكد من صدق مشاعر يوسف ناحية اخته و تأكد ايضا من صحة اختياره لحبيبته الهادئة .. فعاد لحمده و جلس متطلعا امامه بشرود ..

............................................................
...............

في الصباح ...
انتبه الجميع برفة غدير علي طرقات بباب الغرفة .. وقف اسعد و فتح الباب فوجد اسلام امامه يحمل باقة ورود كبيرة و علب كثيرة للحلويات و دلف قائلا بسعادة :
_ صباح الخير يا جماعه معلش انا جاي من بدري جدا بس والله ما عرفتش انام خالص و كان لازم اجي اطمن على غدير .. وتليفون اسعد مش بيرد فقلت اجي بنفسي .. اخبارها ايه طمنوني ؟!
حمل اسعد منه الورد و العلب و وضعهم علي المنضدة و قال :
_ بقت كويسه الحمد لله .. هي دلوقتي نايمة عطينها منوم ومسكنات شديدة .. من الالم يا عيني ما نامتش خالص وما نيمتناش والله من كتر ما تعبت نامت .. فما صدقنا انها نامت شويه بس الحمد لله كويسه والدكتور طمني .. هتاخذ فتره طويله طبعا لان الكسر صعب والشرايح والمسامير فالحمد لله على كل حال .
ابتسمت فرحة بسخرية علي استرسال اسعد بالحوار مع اسلام و كأنه لم يطعنه فيظهره و غدر به .. بينما قال اسلام بابتسامة رائقة :
_ المهم انها كويسه وخلاص .. انا امبارح كنت بموت والله وروحت البيت في حاله .. بس سبحان الله يعني ربنا زي ما خلاني زعلت على غدير اول ما روحت انا ربنا اكرمني باحلى خبر في الدنيا وجاي اقول لكم يمكن تنسوا شويه تعب غدير وتفرحوا معايا .
قطبت فرحه جبينهاو قالت بتعجب :
_ ربنا يفرحك دايما يا اسلام انت ابن حلال و الله .. طمني ايه اللي حصل و خحبر ايه اللي فرحك ؟!
جلس اسلام بجوار غدير و حمل كفها بين كفيه و قال :
_ امبارح دعاء وقعت من طولها قدامي على الارض لما سمعت الكلام على غدير من الصدمة اغمي عليها .. قعدت افوقها ساعة مافيش اضطريت اكلم الدكتور و جه و لقيته بيقول لي الف مبروك المدام حامل .
رفعت فرحة حاجبيها بصدمة و حولت مقلتيها ناحية اسعد الذي اشاح بعينيه بعيدا عنها .. بينما اردف اسلام قائلا بسعادة :
_ انت متخيلين انا لغايه دلوقتي مش مصدق ومش عارف اعمل ايه والله انا مفروض اخدها واروح معمل التحاليل بس انا جيت عليكم الاول .. و الله لسه مش مصدق انا طاير من الفرحه حاسس ان رجليا مش على الارض .
تنهدت فرحه طولا و قالت بإبتسامة خافتة :
_ ربنا يكمل لها على خير ويقيمهالك بالسلامه ... خلي بالك من مراتك وابنك .. انت اهملتها قبل كده كتير و قسيت عليها اكتر .. خلاص هتجيب لك الولد اللي انت نفسك فيه عاملها كويس يا اسلام و اتقي الله فيها و في نفسك .
اسرع اسلام قائلا بتعقل :
_ انا خلاص مش هازعلها في اي حاجه تاني ابدا و الله .. هي بس تؤمر كده امر وانا عليا التنفيذ لكل طلباتها .. والله يا فرحة انا كان معاملتي الوحشه لها ان انا حاسس بنقص .. حاسس ان النقص مني ان هي ما خلفتش عشان انا فيا عيب فضلت اخذ ادويه وعلاجات وعمليات وسبحان الله جت لوحدها من غير اي حاجه .. كرم ربنا كبير قوى و المفاجأة احلي .
مرر اسعد انامله في شعراته و قال بضيق .. لا يعلم هل هو من نفسه ام علي نفسه :
_ ربنا يهنيكم يا رب ويكمل لها على خير ويقيمها بالسلامه ان شاء الله وتفرح بابنك او بنتك وتخاويه كمان وتجيب له اخ او اخت .. ربنا يسعدك يا اسلام .
ربت اسلام علي كف غدير بحنو و هو يعود بعينيه اليها قائلا بملامح حزينة :
- المهم دلوقتي غدير تبقى كويسه عشان فرحتي تكمل .. انا نفسي اشوفها كده قاعده وبتضحك وبتهزر .. مقطعه قلبي بنومتها دي .. انتو عارفين انا بحبها قد ايه و بعتبرها بنتي من اول ما اتولدت و شيلتها علي ايدى .
تنهدت فرحه مطولا و قالت بهدوء عكس ما تشعر به :
_ انت اللي مربيها يا اسلام و هي بنتك .. انت دلوقتي هتروح تاخد مراتك وتروح تعملوا التحليل لازم تطمن عشان ما تضيعش وقت .. و هخلي اسعد يشحن الموبايل بتاعه هو للاسف فصل شحن ويبقى يطمنك في اي وقت رن عليه هيطمنك و انت خليك مع مراتك .
اومأ اسلام برأسه و وقف قائلا :
_ ربنا يطمنا عليها يا رب هاستناكم بقى ترنوا عليا تطمنوني او انا اول ما هفضي هرن عليكم يلا خلي بالكم منها .
بعدما خرج اسلام استمر اسعد في التدخين فترة طويلة و هو يلعن غباؤه حيث انجرف وراء مشاعر لم تكن صحيحة من البداية ..
هل اصبح خائن لصديق عمره ؟؟
هل اصبح خائن لاكثر شخص يحبه بالحياة و الذي بات يبغضه و لا يطيق وجوده حوله .. ففرحة اصبحت منطفأة و نظراتها نحوه كلها لوم و عتاب مغلف بالكره و الاحتقار ...
قطع نظراتهما الثائرة دخول يوسف الذي دلف براسه اولا و قال بخجل :
_ صباح الخير يا جماعه .. يا رب ما اكونش بس مضايقكم في حاجه .. انا جيت زي ما انتم قلتم ليا امبارح .. والله مش هعمل اي صوت ولا ازعاج انا هقعد بره بس اول ما تعوزوا اي حاجه عرفوني .. وانا قاعد بره .
استيقظت غدير علي صوته فطالعته بابتسامة خافتة اخفاها المها حيث تململت بألم .. طالعت فرحه نظراتهما بإبتسامة مقتضبة و قالت له برجاء :
_ يا حبيبي امتحناتك قربت و قعدتك دي مفيش منها لازمه .. روح البيت ذاكر كده واقعد مع اصحابك ولو عايز تطمن عليها رن على سليم في اي وقت وهو هيطمنك .
دلف يوسف للغرفة و قال بضيق :
_ لا حضرتك ما قلتيش كده امبارح .. انتي قلتيلي هاجي اقعد لو احتاجتم حاجه انا هعملها عشان سليم مش فاضي .. وانا هاقعد بره والله مش هضايقكم خالص .. وانا لو عايزه اذاكر هذاكر على الفون عادي .. بس سيبوني براحتي معلش .
تحولت مقلتيه ناحية غدير و سألهم و قد تعلقت بما تبقي من وجهها سليم .. عيناها .. و قال بتأدب :
_ هو انا ممكن اسال هي كويسه ولا لا ؟!!
لم تستطع غدير مقاومة نعاسها فأغمضت عيناها مجددا و غطت في سبات عميق .. بينما قال اسعد بتفهم :
_ يا عم اسال براحتك .. هي كويسه الحمد لله و بخير بس بتنام كتير عشان اخذه مسكنات ومنومات لانها كانت تعبانه جدا وما عرفتش تنام خالص .. فدلوقتي اول ما هتصحى هعرفك تيجي تبص عليها تاني .
ابتسم يوسف براحة و قال بحب :
_ متشكر لحضرتك جدا .. حضرتك طيب جدا .. وحضرتك كمان طيبه جدا .. بجد والله انا بحترمكم خالص ومش عايزه ابقى متطفل عليكم او بضايقكم فإعذروني .
اسرعت فرحه قائلة يحنو :
_ لا يا حبيبي انت زي سليم وخوفك عليها و وقوفك جنبنا امبارح لما طلبوا الدم كل ده يخلينا عارفين انه مشاعرك صادقه .. ايا كان في نصيب او ما فيش نصيب .. او هي هتوافق او لا .. الله اعلم الايام مخبيه ليكم ايه .. بس مشاعرك الصادقه دي هي اللي مخليانا واثقين فيك و موافقين انك تكون بيننا ان شاء الله .
فرك يوسف انامله بفرحة و قل بوجه باسم ممتن :
_ انا والله اول ما هخلص الامتحان على طول هجيب والدي وهاجي لحضرتك في البيت وهطلبها رسمي سواء وافقت او شافت اني مش مناسب ليها او مش بتحبني .. بس هكون انا عملت اللي عليا ..انا بقالي سنتين بحبها .. سنتين ساكت و مستني تبقى ليا .. و والله مش عايز من الدنيا غيرها .
عاد بعينيه لغدير و تنهد قائلا بحب و هو يضمها اليه بعينيه :
_ انا ما كنتش اعرف ان انا بحبها قوي كده غير لما شفتها بتقع قدامي .. حسيت انه روحي بتتسحب مني .. حسيت ان انا بموت .. حسيت انه كل وجع فيها كان فيا انا .. انا بس كل اللي عايزه تكون كويسه وخلاص وانا تحت امركم في اي حاجه .
فرحه ربنا يسعدك يا حبيبي ان شاء الله تكونوا من نصيب بعض لان الصدق اللي في عيونك واخوفك عليها ده يخلينا اديك بنتي و انا مطمئنه سيبها على الله
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي