الفصل التاسع عشر

سحبت فرحة سحاب حقيبتها و همت بحملها فقبض اسعد علي دها قالا برجاء ؛ _ يا فرحه ارجوكي احنا لازم نقعد ونتكلم ما ينفعش امورنا تمشي كده احنا طول الوقت اي حاجه بتعدي علينا حلوه او وحشه بنتناقش فيها لازم نتكلم .
سحبت فرحة يدها منه بتقزز من لمسته و قالت بحدة :
_ هنتكلم نقول ايه يا اسعد خلاص اللي حصل حصل واللي كان كان انا قلت لك في يوم انا مقصره معاك في حاجه قلت لي ابدا .. عدت عليك السؤال تاني قلت لك يا اسعد انا مقصره معاك في حاجه وقلت لي لا خلاص يبقى انت اللي مش كويس .
همت بحمل حقيبتها مجددا فنزع الحقيبة من يدها و قال بضيق :
_  يا ستي ما تحكميش على الكلام من بره ما تحكمش على الموضوع من الظاهر بس انا ما فيش بيني وبينها حاجه انتي لازم تقعدي معايا .. لازم تتكلمي معايا لازم نشوف احنا هنعمل ايه .. يا فرحة احنا بيننا اولاد وهنشحططهم بينا ما ينفعش يا فرحه الكلام ده .
عقدت فرحه ذراعيها امام صدرها و قالت بتحدى :
_ انا موافقه .. موافقة اتكلم معك بس بشرط واحد .
اوما اسعد براسه و قال بانصياع :
- موافق يا ستي مش شرط اسمها امر .. اؤمرى امر كده وانا هنفذ لك اللي انت عايزاه بس اقعدي اتكلمي معايا مش كده .
زادت حدة نظرات فرحه و قالت بقوة :
_ تمام هسالك سؤال واحد ولو عندك ضمير لو عندك قلب رد عليه بصراحه وما تلفش وتدور عليا يا اسعد .
جذب  اسعد شعراته بيده كاد ان يقتلعهما و قال بوهن :
_ يا فرحه انا خائف اوجعك بلاش نفتح في اللي فات خلينا نبدا صفحه جديده يا ستي نقعد ونتكلم واقول لك خلاص مش هاعمل كده .. اي حاجه ان ما انتي ممكن تسالي سؤال انا اجاوب عليه اوجعك .
ابتسمت فرحه بسخرية و قالت بنبرة و ملامح ميتة :
_ انت عايز تقول ان انت خايف على زعلي وخفت علي وجعي .. والله العظيم بتتكلم جد !! انت مدرك للي انت بتقوله .. انت مش عارف عملت فيا ايه عشان تفتكر ان اجابتك على سؤال هي اللي هتوجعني .. انت دبحتني بالحيا .
تنهد اسعد مطولا بالم و عاد بعينيه اليه قائلا بخجل :
_ والله يا فرحه ما قصدي .. ارجوك يا حبيبتي اسمعيني ارجوكي .
اشتعلت عيني فرحه و قالت بنبرة محتدة :
_ قلت لك ما تقولش كلمه حبيبتي دي تاني مش عايزه اسمعها منك .. مش عايزه اسمعها منك انت كذاب انت لو بتحبني عمري ما كنت ههون عليك ولا يهون عليك وجعي ولا هيهون عليك انك تخوني .. انت كذاب .
رفع اسعد كفيه امامها لتهدأتها و قال بتعقل :
- طب اهدي عشان خاطري .. اهدي ايه السؤال اللي انت عايزه تساليه و انا اسف ان انا قلت كلام ضايقك .
اعتدلت فرحه في وقفتها و سالته بفضول ارتسم بعيناها قائلة :
_ حبيت دعاء يا أسعد .. حبيتها بجد ؟!!!
ركل اسعد الطاولة التي امامه و قال بصياح :
_ انا عشان اجاوب على السؤال ده لازم احكي من الاول خالص .. انتي مش عارفه حاجة .. انا يمكن في الاول خبيت عليكي وحولت اهتمامي بها وخوفي عليها لمشاعر بس كل اللي حصل كان غصب عني كل اللي حصل حصل بسرعه كل اللي حصل حصل وانا مش حاسس .. يا فرحة عشان خاطري اديني فرصة بدل ما تحكمي على بالاعدام .
ضيقت فرحه عيناها و قالت بتعجب :
_ يعني ايه من الاول وليه تخبي عليا .. واحنا من امتي بتخبي على بعض .. انا سالتك كتير وكنت حاسه .. ليه يا اسعد بتعمل فينا كده ليه تخلي اولادك يشوفوك بالمنظر ده .. انت متخيل هما حاسين بايه دلوقتي .. انت عارف ده اثر على نفسيتهم ازاي اتعرف احنا عملنا فيهم ايه بايدينا .
جلس اسعد علي الفراش و طأطأ راسه و قال :
_ انا عارف والله وهقدر اصلح ده بس ايدي في ايدك انا لوحدي مش هاقدر اصلح حاجه طول ما هما شايفينك متضايقه و شايفينك زعلانه هيدبحوني يا فرحه .. حرام عليكي احكمي على الموضوع بالعقل .
تصنعت فرحه القوة و قالت بوهن :
_ عقل وكان في عقلك وانت بتعمل فيا كده .. كان فين عقلك ده .. ما قالكش انك هتقف الوقفه دي قدام اولادك .. انت خسرت كل حاجه يا اسعد خلاص .
رفع اسعد عينيه المحتقنتين ناحيتها و قال بإنكسار :
_ يا فرحه ساعديني ما تكسرنيش قدام اولادي انا لو خسرت ولادي هاموت .. هما الحاجه الوحيده اللي انا عايش عليها في الدنيا .. يا فرحه ايدي في ايدك هنعدي كل حاجه .. عشان خاطري ما تسيبينيش .
قبضت بيدها علي حقيبتها و كأنها تستمد القوة منها و قالت بفتور :
_  انت اللي سبتني وشكرا لك جدا مش بقول شكرا على الوجع .. لا انا بقول شكرا على كل حاجه .. على كل حاجه حلوه عملتها ليا وعلى العيشه اللي الكل كان بيحسدني عليها وعلى الوجع اللي انت وجعته ليا .. عمري ما هانسالك اللي انت عملته لا في خير ولا شر ربنا يسعدك في حياتك يا اسعد .
سحبت حقيبتها و همت بالانصراف فوقف مسرعا و اعترض تقدمها بجسده و قال :
_  انتي حياتي يا فرحه.. انتي حياتي ما تبعديش عني انا هاموت .. انا هاموت صدقيني .. كل الناس بتغلط بس ما نحكمش عليهم بالاعدام .. ربنا بيسامح انتي مش هتسامحي .
دفعته فرحه من صدره و قالت بنبرة مختنقة :
_ لو سمحت سيبني في حالي بقى سيبني في حالي .. انا بني ادم انا مش ربنا سيبني في حالي يا اسعد حرام عليك .. على الاقل انا محتاجه فتره اقعد مع نفسي افكر مع نفسي .. اعيط يا اخي .. مش من حقي اعيط مش من حقي اقفل عليا باب اوضه واصوت واعيط واخرج النار اللي جوايا سيبني براحتي الله يخليك .
فتح سليم باب الغرفة و دلف قائلا بملامح مجمدة :
_ انا لميت هدومي يا ماما انت لميتي هدومك .
طالعه اسعد بلوم و قال معاتبا :
_ ده بدل ما تعقلها سليم بدل ما تقول لها ما لكيش الا بيتك بدل ما تقول لها كلنا هندمر .. يا سليم خليها تلمنا انت هتسمحلها انها تفرقنا و بتساعدها كمان ؟!!
جذب سليم حقيبتها و قال بجمود :
_ معلش يا بابا كل حاجه محتاجة وقت علشان تتداوي .. ما فيش احد بيمرض بياخذ الدوا في ثنيتها بيروق .. خلي الوقت يعدي وخلي الوقت يضيع كل حاجه حصلت بيننا .. احنا كلنا محتاجين نعيد تفكيرنا من الاول تاني في حياتنا .. في حاجه غلط كبيره حصلت قوي يا بابا .
خرج بالحقيبة تتبعه فرحة .. خرجت غدير من غرفتها و هي تبكي بحرقة و قالت بصوت متحشرج :
_ و هتسيبوني برضه.. اهون عليكم طب انا هعمل لوحدي ايه .. انا داخله على امتحانات ومحتاجكم جنبي .
احتضنتها فرحه قائلة بثبات :
_ ما تخافيش يا حبيبتي انا معاكي ومش هاسيبك وفي اي وقت استاذني بابا وتعالى قضى اليوم كله معايا في بيت جدو .. يا حبيبتي مش هنسيبك احنا زي ما احنا .. هو بس وقت النوم كل واحد فينا هيكون في مكان مش اكتر وبابا محتاجك هتسيبي بابا يا غدير ؟!
شددت علي ضمتها و قالت بدموعها :
_ هو اللي غلط يا ماما هو اللي فرقنا هو اللي عمل فينا كل ده ازاي عايزاني اعدي كل ده كانه ما حصلش اي حاجه .. يا جماعه انتم بتغلطوا الغلط واحنا اللي بندفع التمن ما ينفعش اللي انتم بتعملوه ده .
ابعدتها فرحه عنها و احتضنت وجهها بين كفيها و قالت :
_ معلش يا حبيبتي كل حاجه مع الوقت هتتصلح وهنتعود .. المهم عايزاكي ولا كان حاجه حصلت مذاكره ما توقفش .. عايزاكي تهتمي بحياتك .. عايزاكي تفكري في دراستك وبس تنسى كل اللي حصل ده .. اي حد بيغلط بابا بيغلط وانا بغلط وانتي هتغلطي وسليم هيغلط .. ما ينفعش نعلق لحد المشنقه اللي بيني وبين بابا حاجه واللي بينك وبينه حاجه تانيه .. ده علاقه بينك وبين ربنا يوم ما هتغضبيه ربنا هيغضب عليكي .. سمعاني يا غدير .
نزعت غدير كفيها عن وجهها و قالت بغضب :
_ انا مش عايزه اسمع ومش عايزه اشوفك ومش عايزه اعرف اي احد سيبوني في حالي .
وركضت ناحية غرفتها و صفعت الباب ورائها بقوة .. تنهدت فرحة بحزن  فتمسك سليم بكفها و قال بابتسامة خافتة :
_ يلا يا ماما دلوقتي وانا هابقى اجيلها بكره اخذها واخرجها ونقعد في مكان هادي متقلقيش يلا يا حبيبتي .
خرج اسعد عن صمته و قال بنبرة ميتة :
_ هتسبيني يا فرحه ؟!! بعد العمر ده كله هتسبيني و هتبعدي عني .
لم تلتفت اليه و قالت بنفور :
_  ابعد عنك ايه بس يا اسعد .. انا حتى صوتك مش طايقه اسمعه .
اغلق اسعد عييه بصدمة و جلس علي الطاولة متهاويا جسده بعد كلماتها الصادمة و الجارحة بينما خرجت فرحة البيت و تركت خلفها بيت بلا حياة .. بلا فرحة ..

..............................................................
............
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي