الفصل الخامس و العشرون

دلف اسلام لمنزله و هو مطأطأ رأسه بحزن و جلس علي اقرب مقعد بوهن .. اقتربت منه دعاء بحذر من هيأته فخشيت ان يكون قد عرف شيئا من فرحة .. ما ان شعر بها حتي رفع عينيه ناحيتها ..
جحظت عيني دعاء من احمرار عينيه و عادت خطوتين للوراء بخوف و سألته بنبرة مرتعدة :
_ في ايه مالك يا اسلام .
هز اسلام راسه بيأس و قال بحزن :
_ النهاردة العصر عربية خبطت غدير بنت اسعد و عملت عملية كبيرة قوى .. روحت شوفتها و قلبي اتقطع عليها و الله .
صفعت دعاء فمها و درت حول نفسها و قالت بصراخ :
_ يا نهار اسود .. ازاي ده حصلها ؟!!
تنهد اسلام باسي و قال :
_ كانت ماشية سرحانة ما شافتش العربية قامت خبطتها .. اساسا انا حاسس من يومين انه في حاجة غلط عندهم .. اسعد طول الوقت متلخبط و مش مركز و واضح ان نفس الىء كان مأثر علي غدير و حصل اللي حصل .
جلست دعاء علي اقرب مقعد و هي تشعر بدوار خفيف و تمسكت برأسها و هي تقول بداخلها :
_ انا السبب .. انا اللي خربت البيت و ضيعت الولاد .. صحيح كنت بغير من فرحة و حكاياتها عن اسعد و اهتمامه بيها .. بس ما كنتش قاصدة اخرب بيتهم و الله .
خرج اسلام عن صمته و قال :
_ انا اللي قاهرني نومتها .. غدير بالذات ربنا يعلم انا بحبها ازاى و بعتبرها بنتي و بدلعها اكتر من ابوها و كل لما تنجح كنت ببقي اسعد من اسعد نفسه .. شكلها و هي متشيشة و رابطين ليها رجلها بالشكل ده قطع قلبي عليها .
قبضت دعاء علي رأسها اكثر و قد زاد دوار راسها و بدا قلبها يقصف بقوة و سالته بحزن :
_ و فرحة و اسعد عاملين ايه ؟!
اجابها اسلام و هو يمصمص شفتيه بإشفاق :
_ يصعبوا عالكافر .. انتي متخيلة عروسة زى القمر و امتحانتها كمان شهر و تنام النومة دي ست شهور مش هتتحرك و غدير شقية هتستحمل النومة دى ازاي مش عارف .
شعرت دعاء بزيادة الدوار و اختلال الارض من تحتها فوقفت بتثاقل لتقع تحت قدمي اسلام مغشيا عليها .. وقف اسلام مسرعا و هو يصرخ بقلق :
_ دعاء .. دعاء ردى عليا يا نهار اسود .. دعااااء .
اخرج هاتفه و هاتف الطبيب الذي ما ان اجابه فقال له مسرعا :
_ ايوة يا دكتور اشرف تعالي بسرعة البيت عندى دعاء وقعت من طولها و انا مش عارف اعملها ايه و مش بتفوق .
اغلق معه و حملها و ممددها علي فراشها و لف حجابا حول شعراتها و دثرها جيدا .. و بعد قليل انتبه علي رنين جرس الباب ففتحه مسرعا و جذب الطبيب من يده و هو يقول بقلق :
_ تعالا معايا بسرعة يا دكتور لا برفان و لا اي حاجة مأثرة فيها .. انا كنت بقولها عن خبر حادثة لبنت صديق ليا ما استحملتش و وقعت .
اوما الطبيب براسه متفهما و قال بمزاح :
_ ظلمتك .. كنت فاكر انك ضربتها المرة دي بشومة علي راسها .
دلفا للغرفة و اسلام يقول :
- و ربنا ما لمستها هي وقعت من طولها لوحدها تعالا طمني عليها .
عينها الطبيب و اخرج من حقيبته حقنة و ملأها و وخزها بها في يدها و انتظر قليلا حتي تململت في نومتها و قالت دون وعي منها :
_ أسعد .. سامحني انا السبب .. انا السبب .
قطبا الاثنان حاجبيهما بتعجب بينما قال اسلام :
_ قومي يا دعاء اسعد و غدير هيبقوا كويسين انا اسف اني قلتلك الخبر بالشكل ده .
تطلع اشرف ناحيته و قال بنبرة آمرة :
_ معلش اطلع برة عاوز اكشف عليها و انت صدعتني .. هي بدأت تفوق فلو سمحت اخرج .
رفع اسلام كفيه و قال بتسليم :
_ خلاص يا عم هخرج .. متزقش بس .
تركهما و خرج وقف بالخارج و هو يطالعهما بقلق .. فتحت دعاء عيناها بتثاقل فوجدت الطبيب امامها اعتصرت جبهتها من الالم و قالت له بتعجب :
_ هو في ايه .. انا حصلي ايه ؟!!
وقف اسلام يتابع حديثهما بفضول حتي وجد دعاء قد جلست و كأن شيئا لم يحدث معها و قد ناوها الطبيب شيئا اخذته منه و وقفت مسرعة و ركضت ناحية المرحاض .. دلف اسلام للغرفة و سأله بقلق و فضول من تبدل حالتها :
_ هو في ايه يا اشرف .. انت عطيتها ايه فرحها كده ؟!!
اغلق اشرف حقيبته و قال بهدوء :
_ ثواني و هفهمك يا اسلام ما تبقاش زنان دماغي وجعتني منك ده غير اني راجع من العيادة هلكان و الله .
طال انتارهما و اشرف يتثائب بتعب .. خرجت دعاء من المرحاض و هي تتطلع لشىء بيدها ببلاهة و صدمة .. ابتسم اشرف ابتسامة متسعة بعدما تاكد حدسه و سالها بسعادة :
_ حصل يا مدام دعاء مش كده ؟!
رفعت دعاء رأسها و تطلعت ناحيته ببلاهة و اكتفت بإيماءة من رأسها .. بينما وزع اسلام انظاره بينهما و قال بنفاذ صبر :
_ انتوا نويين تفهموني ايه اللي بيحصل و لا في مصيبة بتستناني ؟!
طالعه اشرف لوهلة و قال له :
_ انا شكيت من كشفي عليها انها ممكن تكون حامل .. و عطيتها تحليل تعمله و التحليل اكد وجهة نظرى .
زفر اسلام بضيق و قال :
_ انتلازم تلف و تدور ما تقول قصدك علي طول يا اشرف انت عارف اني خلقي ضيق و بقينا نص الليل و ربنا اللي عالم بحالتي هو ناقصك يا اخي .
اسرع اشرف قائلا :
_ اهدا خلاص .. مدام دعاء مراتك حاااامل .
نزلت كلماته عليه كالصاعقة .. ابتلع اسلام ريقه و قال بتلعثم :
_ مدام دعاء حامل .. قصدك في عيل صغير يعني ؟!
تعالت ضحكات اشرف و قال مازحا :
_ لا حامل في كورة شراب .. اكيد حامل في طفل يعني .
اقتربت دعاء منهما و قالت بتوجس :
_  يعني يا دكتور حضرتك متاكد يعني وﻻ ايه .. ما انا مش عايزه اتعشم .. انا مش عايزه اتعشم وتيجي في الاخر تقول لي ما فيش حاجه دى كانت غلطه .. انت بترفعني للسما كده وخايفه تنزلني لسابع ارض .. اتاكد عشان خاطري ما انا مش هاخذ منك اي كلام بشكل نهائي لازم اتاكد .
هز اسلام راسه بعدم فهم مصاحب بخوف من التصديق :
- يعني ايه ما متاكدتش و تتأكد من ايه وبتاع ايه بس .. انا عايز افهم حاجه هي دلوقتي حامل .. يعني في بطنها ابني  .ز يعني قصدك بجد قصدك ان ابني انا في بطنها هي والله العظيم !!!
فرك اشرف وجهه و قال بفتور و هو يطالعهما بنزق :
_ اه يا جماعه انتو مستغربين كده ليه عموما احنا الوقت متاخر لو كان فيه دلوقتي معامل تحاليل فاتحة كنت خليتها عملت تحليل .. بس مش هينفع الصبح بقى بدري خالص هتروحوا اقرب معمل تحاليل تعملوا تحليل رقمي وتحليل عادي وكل حاجه وتطمئنوا و تتأكدوا انها حامل .. انا مش عارف والله انتم مستغربين ليه هي .
تنفس اسلام بصعوبة و وزع انظاره بينهما و قال بصياح متعجب :
_ هو ايه اللي مستغربين ليه انت عارف احنا متجوزين بقى لنا كام سنه ؟! انا خلاص فقدت الثقه ان انا هابقى في يوم اب .. تيجي انت دلوقتي تقول لي ان انا بقيت اب كده من غير مقدمات .. يعني هو انا عادي اتقبل منك الكلام كده طب دلوقتي ازعل و لا افرح ؟!
رفع اشرف عينيه بملل و قال بسخرية :
_ هو انا مالي انا مراتك .. انا مالي زعلان ولا فرحان انا مش قادر افسر حالتك و الله .
جلس اسلام و هو يقول بدوار خفيف :
_ يا نهار اسود انا خايف اصدق و حاسس ان انا تعبان .. واضح انك هتكشف عليا باين ان انا اللي حامل و لا ايه .. الدنيا بتلف بيا يا جماعه كوبايه ميه بسكر دكتور الله يخليك انا باموت .
رفع اشرف طرف شفته و قال بتذمر :
_ انا اللي اعملك ماية بسكر يا عم اقعد يا عم .. تلاقي بس ضغطك واطي مش اكتر بس اقعد اقعد ما تخافش .
تمسك اسلام برأسه و قال بهيستيؤية :
_ اقعد ايه بس .. هو انت بتقول لي ان انا هبقى اب و عايزني اقعد .. هو سؤال واحد و عايز له اجابة مباشرة و واضحة يعني هي حامل و انا هبقى اب وهي حامل ؟!! يا لهوي يا رب ده معقول ده يعني انا هفضل كده للصبح عشان اتاكد اذا كانت دعاء حامل ولا لا .
قهقه اشرف علي حالته و قال مؤكدا :
_ والله العظيم حامل انا باقول لك انا عملت تحليل بس عشان انتم اللي تتاكدوا .. انما انا متاكد انا بقول لك كشفت عليها وانا عارف بس اديتها التحليل عشان هي تتاكد .. انما اللي انتم بتعملوه ده انا اول مره في حياتي اشوف بصراحه .
وضع اسلام كفه علي قلبه الذي زادت دقاته و قال :
_ يا لهوي انا حاسس ان قلبي هيقف .. انا حاسس ان قلبي هيقف يا لهوي انا كنت فقدت الامل انت مش متخيل انا فقدت الامل اللي انا ابقى اب .. تيجي انت دلوقتي وتقول لي انت اب ..متخيل ردة فعلي هتكون ايه.. مايه بسكر جماعه والله حاسس انا قلبي هيقف .
اسرعت دعاء قائلة بقلق :
_ ثانيه واحده انا هعمل لك ماية بسكر .
وقف اسلام مسرعا و قبض علي ذراعها بقوة ثم انتبه لقبضته فأرخاها و قال بضيق :
_ ثانيه واحده ايه بس .. بتعملي ايه ما فيش الكلام ده على السرير التسع شهور الجايين ما تقوميش من على السرير و انا لو طلت هاعمل لك حمام في السرير هعمل لك البوتي في قلب السرير مش هتقومي من السرير لغايه ابني ما يجي لي .. اتفضلي على السرير حالا حالا .
قطبت دعاء حاجبيها و قالت بتعجب :
_ ما احنا لسه ما اتاكدناش .. سرير ايه اللي اقعد فيه وبتاع ايه لما نبقي نتاكد بكره ان شاء الله .
وضع اسلام كفه علي بطنها و دفعها للسير ببطء و هو يقول بشدة حانية :
_ اسمعي الكلام اللي بقوله يا دعاء عشان خلاص انا مش هينفع أهاتي معاكي او ازعق لك وما ينفعش خلاص ما عادش ينفع .. بالعقل كده يا حبيبه قلبي هتخشي تقعدي في السرير معززه مكرمه ونا هاشتغل لك خدامه تحت رجليكي .. شاوري بس شاورى كده وكل حاجه تتمنيها تيجي تحت رجليكي .. اؤمري امر الكوكب كله يبقى تحت رجليكي بس انت تخشي السرير وتقعدي فيه ما تتحركيش نهائي .. امشي بالراحة خالص .. و لا اقولك ما تمشيش انا هشتالك ما تمشيش .. حتى لما تيجي تخشي التويلت او تعملي اي حاجه انا اللي هشتالك بس ما تمشيش .
تمسكت دعاء برقبته بعدما حملها و قالت بخوف :
_ بالراحه يا اسلام انت بتخوفني منك والله بالراحه بكره ان شاء الله نتاكد وبعد كده نقرر هنعمل ايه للي انت عامله ده .
ضمها اسلام لصدره و قال بحنو :
_ والله انا بقى ماليش في الكلام ده كله انتي تسع شهور يا حبيبتي تقعدي معززه مكرمه تؤمري امر .. اميره كده قاعده في العرش بتاعها و بتامر الشعب كله .
مددها علي الفراش و دثرها جيدا و جلس بجوارها و هو متمسك بكفها و بكفه الاخر يداعب وجنتها و قال بتلهف :
_ مش عايزة اي حاجه .. اي حاجة تيجي في نفسك بس تؤمرى و انا اجيبها لك .. حتي لو ما قولتيهاش هجيبهالك يا عمرى .. اللي هتحملي بيه كله هعمله . ابتسمت دعاء براحة و هي تطالع حنيته و ترفقه بها .. قطع اشرف حالتهما العاطفية و قال بجدية :
_ طب استاذن انا بقى يا جماعه عشان انا تعبت بكره ان شاء الله لما تعملي التحاليل تجيبها لي العياده بتاعتي بقى عشان اعمل لك الاشعه واطمئن على الاوضاع كلها بنفسي يلا تصبحوا على خير .
وقف اسلام مسرعا و اقرب منه و كال له لقبلات و الاحضان و هو يقول بسعادة هيستيرية :
_ تسلم لي يا وش الخير يا وش السعد يا احسن دكتور في الكوكب كله .. انا والله بتصل بك وانا عارف ان وشك خير عليا .. والله انت حبيبي يا دكتور والله حبيبي .
دفعه اشرف بعيدا عنه و قال بضيق :
_ خلاص يا باشمهندس اسلام كل ده بوس ..احنا فيه كرونا دلوقتي ممنوع الكلام ده لو سمحت .. المدام عندك روح بوسها براحتك انا ماشي يلا تصبح على خير .
لم يودعه اسلام و عاد اليها قائلا بسعادة :
_ نفسك في ايه .. نفسك تاكلي ايه اجيبلك الخوخ ولا اجيبلك مشمش بطيخ نفسك تاكلي ايه ؟! اكيد نفسك في حاجه صح عايزه ايه طب تحبي تشربي حاجه او اعمل لك عصير فريش اجيب لك عشا .. انتي اتعشيتي ولا لا .. اعمل لك جبن ولا ايه ؟!! طب بصي انا هانزل السوبر ماركت اشتري كل اللي في السوبر ماركت وهاجي .
وقف فجذبته دعاء من يده و اجلسته و قالت له :
_ استني هنا بس انا اكلت .. الحمد لله انا اكلت وشربت و عملت كل حاجه وما فيش في نفسي حاجه عايزاها بس لما احب اطلب حاجه هاقول لك والله بس اهدا .. اهدا شويه .
ضحك اسلام بهيستيرية و قال :
_ اهدي ايه اهدي .. ده الخبر اللي انا لسه سامعه منكم كان حلم عمرى و اتحقق .. يا نهار ابيض ده انا هموت من الفرحه .. يا دعاء انت كده شوفي انت عايزه ايه وانا هاعمله لك .. و انا مش عايز اسيبك و مش هروح الشغل .. هقعد جنبك كل اللي انتي عايزاه هاعمله المهم دلوقتي انتي مش زعلانه مني صح ..؟ في حاجه مزعلاك في حاجه مضايقاكي ؟!
هزت دعاء راسها نافية و قالت بحزن :
_ لا انا ما فيش حاجه مزعلاني هي غدير بس الموضوع بتاعها هو اللي مضايقني .
ملس اسلام علي ذراعيها و قال مسرعا :
_ لا ما فيش زعل تاني ده موضوع خطير خالص علي ابني عاوزاه يطلع كشرى .. اما غدير انا هاروح لهم واطمن عليها انما انتي ما لكيش اي دعوة باي حاجه تزعل تفضلي بعيدة عنها تماما .. انا من هنا لغايه ابني ييجيلي انا عايزك مرتاحه وما فيش اي حاجه مضايقاكي وانا لو ضايقتك في مره قوليلي و عرفيني و انا هضرب نفسي بالجزمه بس عشان خاطري ولا تضايقي ولا تتعصبي خليكي هاديه خالص .. وتبقى كده جميله و مبسوطة واللي انتي عايزاه هاجيبه ليكي بس ارتاحي .
ابتسمت دعاء و هي تتطلع اليه بحب و لامست بها بسعادة و رفعت عيناها للسماء مستغفرة عن خطأها و ذنبها و داعية لغدير بإتمام الشفاء ..

.................................................................
.................

خرج اسعد من غرفة غدير بعدما تم نقلها بها بعد العمليه و اشار لسليم ان يقترب منه و قال له بتعجب و هو يطالع جلوس يوسف الحزين :
_ يا سليم هو الولد ده مش هيمشي من ساعة ما غدير ما خرجت من اوضه العمليات وهو قاعد كده ما لوش اهل يسالوا عليه .
ابتسم سليم بوهن و قال بيأس :
_ والله يا بابا اتكلمت معاه وقلت له يمشي هو مش راضي.. تقريبا مستني يشوفها و يتطمن عليها مش عارف اعمل ايه معاه ؟!
طالعه اسعد بتعجب و قال :
_ يشوف مين يا سليم ؟!! هو يبقى مين علشان يدخل على اختك في الاوضه جوه وهي لسه ما فاقتش من البنج اصلا وكلنا قاعدين مستنيين هتفوق امتي و هو يدخل يعمل ايه اصلا ؟!
عقد سليم ذراعيه امام صدره و قال ببديهية :
_ بيحبها يا بابا وانت عارف اللي بيحب مش بيفكر دلوقت ان شاء الله بس لما تفوق كده واطمن عليها اخلي ماما تغطيها كويس .. واخليه يبص عليها ويكلمها .. انا بصراحه لو لفيت الدنيا مش هلاقي واحد زي يوسف لاختي .. انا ما شفتش حد بيخاف على حد زي ما هو خاف عليها انت شفت جاب شباب قد ايه يتبرعوا بالدم .. ده المستشفى كانت واقفة على رجل بسبب كميه الشباب اللي جات للتبرع .
حرك اسعد كتفيه بتسليم و قال مؤيدا :
_ بصراحه اه يا ابني الولد عمل اللي عليه وزياده والله .. حتى هو اتبرع ومش راضي ياكل من ساعتها حتى العصير مش راضي يشربه وشكله تعبان .. ويمكن يقع منا ولا حاجه و يودينا انا احنا في مصيبه .
تطلع سليم لباب غرفة غدير بحزن و قال :
_ انا دلوقتي اتكلم معاه واجيب له علبة عصير تاني كده يمكن ياخذوا منى هو مش هيرفض و الاكيد انه مش هيرتاح غير لما يدخل يشوفها انا متاكد من ده .. ربنا بس يطمئنا عليها و تفوق بسلامة .
تركه اسعد و عاد لغرفة غدير بينما اقترب سليم من والد ايمان الجالس و يمرر انامله علي مسبحته و جلس بجواره قائلا بخجل و امتنان :
_ معلش يا عمي يعني حضرتك اتاخرت جدا يا ريت تاخد ايمان وتروحوا انا عارف ان هي مستنيه غدير تصحي بس حرام تعبت من العصر وهي موجوده هنا ومن الصبح وهما مع بعض في الجامعه اتمنى يعني تروحوا بقى عشان بجد انت تعبت .
طالعه والد ايمان بإبتسامة خافتة و قال بتعقل :
_ لا ما فيش تعب ولا حاجه بس نطمن عليها كده ان هي فاقت و ان شاء الله هنمشي .
اومأ سليم براسه و قال بهدوء :
_ خلاص يا عمي اللي حضرتك تشوفه .. انا مش عارف اشكركم ازاي ما سبتناش ولا لحظه .. بجد انتم ونعم الناس .
ربت والد ايمان علي كفه و قال :
_ والله يا ابني انتم اللي ونعم الناس .. انا فخور بيك جدا وفخور باللي عملته مع اختك وحبك لها بس في حاجه عايز اقولها لك .. كل الموجودين هنا دول عيطوا وعبروا عن زعلهم حتى ايمان ومامتك وباباك .. الجمود اللي انت فيه ده مش صح لو حابب تخرج اللي جواك عيط مش عيب عينيك حاسس ان فيها دموع وحمرا جدا .. مش عيب صدقني انك تعيط هترتاح .
تطلع سليم بباب غرفة غدير و ضغط علي شفتيما امتلأت عينيه بالدموع و قال :
_ والله يا عمي انا تعبان جدا بس بابا وماما بيستقوا بيا و انا لو النهارده و دلوقتي ظهرت قدامهم خايف هيضعفوا .. فأنا مضطر ابان جامد .. صحيح قلبي بيتقطع علي اختي و واجعة قلبي مش هنكر بس هعمل ايه ربنا يطمنا عليها واشوفها مفتحه واسمع صوتها ده اللي انا عايزه والله .
جابه والد ايمان بترفق حاني :
_ هتفتح دلوقتي و هتسمع صوتها و هتطمئن عليها الحمد لله الموضوع جه بسيط .. احمد ربنا يا ابني ده قدر ولطف قدر انها تتصاب ولطف بيكم الحمد لله والشكر لله .
كفف سليم عبارته و قال بتأييد :
_ الحمد لله .. فعلا والله ربنا لطف بينا .. انا امي كانت ممكن تموت فيها .. تعرف يا عمي والله انا بالنسبه لي غدير مش اختي دي بنتي و متعلقة في رقبتي .. من وهي صغيره وانا شايل همها لغايه اخر يوم في عمري هافضل شايله فا اني اشوفها كده وانا واقف عاجز مش قادر اعمل لها اي حاجه ولا امنع عنها الوجع .. ده مموتني .
تنهد والد ايمان مطولا و قال له :
_ ماتقلقش يا حبيبي بكره ان شاء الله هتقعد وتتكلم وتهزر وترجع واحسن من الاول هي ظرف كده وخلاص خلصت وراحت لحالها .. الفتره الجايه هي محتاجاك جنبها .. دى اكتر فتره هتحتاج لك فيها لان هي هتقعد في السرير مش هتتحرك فتره طويله وكل ده يحتاج مجهود كبير منك لان باباك ومامتك مش هيقدروا فلازم تكمل كده .. و تشد حيلك عشانها .
طالعه سليم بإمتنان و قال :
_ معاك حق يا عمي وده اللي انا باعمله والله الحمد لله ربنا بس يبارك لي فيها ويخليها ليا .
انتبهوا جميعهم علي خروج فرحة التي تبحث حولها و تصيح بهيستيرية :
|_   يا اولاد يا سليم غدير فاقت نادي للدكتور حالا .. غدير فاقت .
تمسك اسعد بكفها و قال بتلهف و هو يطالع انينها و تألمها :
_ غدير انتي سامعاني يا حبيبه بابا انا جنبك مش سايبك انت كويسه للدكتور جاي اهو يا حبيبتي و هيديكي مسكنات ما تقلقيش اهدي اهدي . 
ركض سليم ناحيتها و وقف بجوارها قائلا بلهاث :
_ حبيبتي انتي سامعاني طب شايفاني يا غدير .
لاحظ زيادة انينها خرج مسرعا و هو يصيح بخوف :
|_ يا دكتور يا دكتور انتم فين يا جماعه .
وقف يوسف يتابع قلقهم بقلق مضاعف حتي انتبه علي هرولة الطبيب ناحيتهم و دلف للغرفة عاينها و قال :
_   الحمد لله يا جماعه ما تقلقوش والله بقيت كويسة هي القضيه مسكنات و هتقعد معانا كام يوم وبعد كده هننقلها البيت بالاسعاف وهتفضل قاعده في السرير بتاعها مش هتقوم والمتابعه انا هحددها معاكم واعرفكم كل حاجه تعملوها اهم حاجه الراحه ثم الراحه و الحركه ممنوعه ونفس ربطه رجليها دي هتفضل في البيت بس هتفضل هنا معنا كام يوم لغايه ما نطمن علي العملية .
وقفت فرحه امامه وقالت بقلق :
_ يعني ما فيش خاطر عليها من اي حاجه يا دكتور ولا الجروح اللي في وشها وفي راسها دي كله تمام وكل ده هيعدي مع الوقت صح .
اوما الطبيب برسه و قال مؤكدا :
_ ايوه والله كل ده هيعدي مع الوقت زي ما انتي قلتي فتره وهتعدي ما تخافيش وان شاء الله تطمني عليها وتشوفيها ماشيه قدامك وزي الفل.
وقفت  ايمان بجوارها و قالت بابتسامة ممتزجة بدموعها :
_ غدير سامعاني يا حبيبتي انا مش قادره اسيبك وامشي والله غير لما اتطمن عليكي .. اخيرا شفتك مفتحه اخيرا .
تمالكت غدير قليلا و قالت بوهن :
_ انا كويسه يا ايمان ما تخافيش مجرد وجع في وسطي ورجلي بس و راسي بتوجعني قوي .. انا تعبانة خليهم يدوني مسكن .
اسرع سليم قائلا بترفق علي حالتها :
_ حاضر يا حبيبتي هخليه يعطيكي مسكن حالا ما تقلقيش .
ملست فرحه علي شعراتها بحنو و قالت بشهقاتها  :
_ حمد لله على سلامتك يا قلب ماما انا كنت بموت يا غدير وروح رديت فيا لما سمعت صوتك يا حبيبتي .. انا جنبك يا حبيبتي ومش هاسيبك انت كويسه ؟!
اومات غدير براسها و قالت مؤكدة :
_ ايوه يا ماما انا كويسه الحمد لله الوجع اللي في جسمي بس هو اللي تاعبني لما اخذ المسكن كل ده هيروح .
اقترب منها سليم مجددا و قال بتريث :
_ على فكره يا غدير يوسف بره ما مشيش من ساعه ما جابك وقاعد مش بيكلم اي حد ولا راضي ياكل ولا يشرب رغم انه متبرع بالدم .. فلو سمحت طبعا ماما وبابا انا هخليه يدخل يبص عليكي لان حالته تصعب على الكافر والله .
اسرعت فرحه قائلة :
_ ثواني بس هغطيها قبل ما تدخلوا وخليه يدخل يطمن عليها عشان يروح بيتهم بقى حرام صعبان عليا وال .
غمزت ايمان لغدير التي ابتسمت بصعوبة و حولت مقلتيها ناحية الباب و تخفي المها بصعوبة في انتظار رؤيتها له  ..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي