الفصل الرابع و العشرون

دلف اسعد لشقته و هو يجر ساقيه بتثاقل .. سار حتي غرفته و دلفها .. لم يشعر بنفسه و هو يغلق عينيه و يحاول اسناق رائحة فرحة و التي بقيت مع رحيلها المؤلم ..
فتح الخزانة و وقف امام جانبها الفارغ البارد كحال قلبه .. و هو يطالعه باسي و حزن كطفل صغير يفتقد حنان امه و فرحته مع ضحكتها و ضمتها لراسه بداخل صدرها الرحب الحنون ..
لاول مرة تساقطت من عينه دمعة متمردة فكففها سريعا و غدير تتابعه بحزن علي حاله ..
انتبه علي رنين هاتفه فتطلع بشاشته قليلا قبل ان يجيب قائلا بفتور :
_ الو .
صاحت به دعاء قائلة بحدة :
_ و اخيرا قررت انك ترد عليا .. المهم .. اخبارك ايه يا اسعد طمني عليك انت كويس قلقتني عليك مش بتتصل و لا حتي بتسيب رسالة .
توارت غدير مسرعة و استندت علي الحائط الملاصق للباب و وقفت تسترق السمع فوجدته يقول و هو يجلس علي الفراش بتثاقل :
_ انا كويس يا دعاء الحمد لله .. عارف ان انا مقصر معاكي ومش بكلمك بس انا الدنيا كلها متلخبطه عندي معلش سامحيني غصب عني و الله .
اسرعت دعاء قائلة بتفهم :
_ عارفة و الله و انا مش عاوزه اتقل عليك واقعد اسالك اسئله ممكن انت ما تجاوبش عليها بس انا اشتقت لك قوي .. انا حاسه بملل رهيب وحاسه ان الدنيا فاضيه حوليا .. يا اسعد انت كنت مالي كل وقتي و لما سبتني فجأة حاسة اني مخنوقة .. انا مش قادره اعيش من غيرك وانت سايبني خالص ومش بتفكر فيا .
فرك اسعد جبهته بارهاق و اجابها قائلا بتوجس :
_ يمكن جه الوقت اللي انا لازم اقول لك في كل حاجه .. انتي لازم تعرفي يا دعاء اللي حصل كله .. فرحه شافتنا واحنا قاعدين في المطعم مع بعض وكانت شاكه من يوم العزومه وشافت الموبايل بتاعي وشافت ان انا كنت رانن عليكي و عرفت انه احنا بنتكلم و اني حسيت بحاجة ناحيتك وسابت لي البيت ومشيت .
اتسعت عيني دعاء و وقفت بتثاقل و هي تقول بصدمة ممتزجة بالخوف :
- انت بتهزر ولا بتتكلم جد ؟! معقول ؟!! يا نهار اسود ومنيل وانا اللي عماله ارن عليها و تليفونها يعطيني مقفول كنت هقولها ايه لو واجهتني .. انت بتهزر يا اسعد ازاي ما تقوليش ازاي سايبني الفتره اللي فاتت دي ما اعرفش .. هي ممكن تقول لاسلام ممكن تخرب بيتي وتقول لاسلام .
قطب اسعد حاجبيه و قال بضيق :
_ انت كل اللي همك ان هي تقول لاسلام وانا مش فارق معاكي باي حاجة .. بيتي اللي اتخرب ده عادي بالنسبه ليكي .. اول حاجه جات في بالك انك خوفتي على نفسك انت و بس .
صفعت دعاء وجهها و قالت بهيستيرية و هي تقطع الغرفة ذهابا و ايابا :
_ انا ما اقصدش حاجه والله ما اقصدش .. انا كل اللي حصل ان انا خايفه .. هي ممكن تأذيني و تنتقم مني .. لا مش ممكن ده اكيد هتخرب بيتي .. مش كده و بس اسلام ممكن يقتلني لو عرف و مش هيتردد .
ابتسم اسعد بسخرية علي انانيتها و قال بضيق :
_ ما تخافيش على نفسك يا دعاء فرحة عمرها ما تأذي حد ولو كانت عايزه تاذيكي كانت أذتك من اول يوم لما شافتنا مع بعض .. كانت اتصلت وقالت له تعال شوف مراتك .. ما تخافيش واتطمني على نفسك .
اسرعت دعاء قائلة :
- يا اسعد انت مش فاه....... .
بتر كلماتها و قال بحدة :
_ عايز اقول لك حاجه دي اخر مره هنتكلم فيها مع بعض احذفيني من عندك وانا هامسح رقمك من عندي وهعمل لك بلوك في كل حاجه ومش عايزه اسمع صوتك تاني ولا اشوفك تاني و خليكي في بيتك اللي خايفة لا يتخرب و جوزك اللي هيضيع منك و ابعدى عني .
و اغلق الهاتف و قذفه بكل قوته فاصطدم بالحائط و سقط متحطما لاجزاء .. انتبه علي وقفة غدير علي الباب تطالعه براحة و تقدمت ناحيته و قالت بإبتسامة رائقة :
_ بابا انا سمعت كل حاجه انت معاك حق واللي عملته ده هو الصح انتم من الاول مش بتحبوا بعض انتم مجرد كلام وتعود هو اللي وصلك لمرحله انك افتكرت انك ممكن تكون بتحبها .. خلاص بقى يا بابا فكك من الحاجات دي كلها عايزين نفوق لحياتنا عشان نقدر نرجع ماما البيت هنا تاني .
ابتسم اسعد و احتضن وجهها بين كفيه بحنو و قال بهدوء عكس حالته :
_ معاكي حق يا غدير المهم دلوقتى انا سليم قال لي تحت ان انتي كنتى بتحضري عشا .. قولي لي بقى حضرتي ايه عشان انا مجرد ما خلصت من الموضوع ده انا نفسي اتفتحت جدا وعايزه اكل خروف .
اتسعت ابتسامة غدير و قالت بسعادة :
_ والله يا بابا انا عملت اللي انا بقدر اعمله عملت مكرونه وايت صوص وعملت جنبها جمبري هتعجبك ان شاء الله .
لف اسعد كتفيها بذراعه و قال بمداعبة :
_ يا ستي وان ما عجبتنيش هاكل بس ربنا يستر ما ترسيش على تسمم ونجيب عربيه اسعاف .
استندت غدير علي كتفه برأسها و هي تضحك و قالت بثقة :
_ لا ما تقلقش والله انا لما كنت ببقى قاعده لوحدي كنت بعملها بالفراخ بس بصراحه انا ما لقيتش فراخ ولقيت جمبري فسيرش بسيط على الجوجل جبت الطريقه وعملتها بالضبط والريحه تجنن .. ان شاء الله لما اغرف كده ونقعد ناكل هتعجبك جدا بس حضرتك غير هدومك وخذ شاور على ما انا احضر السفره .
اومأ اسعد براسه و قال :
_ خلاص يا حبيبتي تمام خمس دقائق بس وهكون قدامك .
تركته غدير و خرجت فتطلع هو بهاتفه الملقي علي الارض و ابتسم براحة و اخذ يفكر في طريقه بها يستعيد ثقة فرحة مجددا قبل ان يعيدها هي شخصيا ..

..............................................................
..................

ان تحافظ علي العهد لهو اشد قسوة..
ان تشتاق و تتألم و ربما تقنط و لكنك مصر علي الا تفقد ثقة احد بك...
لم يشعر يوسف بحاله و هو يتوارى بعيدا و يطالع غدير ربما يهدأ قلبه و يستكين عقله...
اقترب منه صديقه احمد و مد رأسه ليري ما يطالعه ثم هز رأسه بيأس و قال بتعجب:
_ يوسف انت واقف ليه كده اول مره تقف من بعيد تبص عليها و خلاص.. ايه مش هتعديلك مرتين تلاته من قدامها عشان تشوفك كعادتك.
التفت اليه يوسف و قال بنبرة قاطعة :
_ لا يا عم خلاص ما فيش الكلام ده انا اقف من بعيد كده ابص عليها وخلاص انا اساسا امبارح قابلت اخوها وقلت له انه انا عايزه اخطبها وهو طلب مني ان انا ابعد عنها خالص لغايه ما اخلص دراسه و لغايه ما ينفع اخطبها وانا مش عايزه اعمل اي حاجه غلط تخليه يقلب عليا عشان ده عصبي وانت ما تعرفهوش .
اتسعت عين احمد و قال بصدمة ارتسمت علي وجهه و فغره لفمه :
_ انت هتخطب ؟!! انت بتهزر ولا بتتكلم جد علشان انا مش مصدقك او مش قادر اصدقك .
هز يوسف كتفيه و قال بجدية :
_ اه بتكلم جد وبعدين احنا اساسا بنقضيها صحوبيه وبنقضيها بنات واول ما بنلاقي اللي تقرفنا وتدينا على دماغنا و نتدب على بوزنا .. بنروح نخطب ونتجوز عشان بعد كده نندم ونضرب نفسنا بالجزمه طبيعه البني ادم يعني هتتغير على حظي انا .. انا لازم اواكب الطبيعة .
قهقه احمد ضاحكا و قال :
_ والله ما مصدق انه يوسف بجلاله قدره هيخطب .. بس انت لسه بدري عليك عاوز تتربط بدري ليه ما الدنيا حلوة قدمنا اهه .. ده انت حتى ما اشتغلتش المفروض بعد ما تخلص الكلية تبقي تقولي اخطب او اتجوزى.
عاد يوسف بعينه لغدير و قال ببديهية جادة :
_ ما انت عارف ان انا هاخلص دراسه من هنا هاستلم الاچانس بتاع العربيات بتاع بابا .. هاقف فيه وهو عنده شغله يعني شغلي موجود وشقتي موجوده لسه هاقعد اعك ليه .. وبعدين انت عارف من كثر البنات اللي عرفتها ما عنديش ثقه في اي بنت فلما الاقي بنت بالاحترام ده مش هضيعها طبعا و همسك فيها بإديا و اسناني .
ملس احمد علي ظهره و قال بإبتسامة خافتة :
_ ماشي يا سيدي ربنا يسهل لك ويبارك لك يا رب وتكون زيجه خير باذن الله وانا معك في اي حاجه تحتاجها و عقبالي لما الاقي اللي احبها و اجرى وراها زيك كده .
ضحك يوسف و اختفت ضحكته سريعا و التفت لاحمد قائلا :
_ طب هاسيبك دلوقت لان واضح ان هما خارجين اهه هاطمئن بس ان هي ركبت العربيه وارجع لك على طول .
صفع احمد كفيه ببعضهما بتذمر و قال بسخرية :
_ يادي البهدله .. من دلوقتي وانت بتجري تطمن و توصل .. ماشي يا سيدي الله يسهل لك روح اتطمن عليه .
تركه يوسف و سار خلفهما و هو يطالعهما من بعيد .. التفتت ايمان ناحية غدير و قالت بترفق :
_ يا غدير ما ينفعش الصراحه اللي انتي فيه ده المفروض ان الامور بدات تتحل والدنيا بقت كويسه في ايه اللي مخليكي سرحانه قوي كده .
تنهدت غدير باسي متغافلة عن تلك العينين التي تحاوطها و قالت بحزن :
_ انا محتاره يا ايمان مش عارفه في ايه الدنيا مالها متلخبطة كده .. سليم امبارح سمعني وانا بكلم يوسف واللي عرفته انه هو قابله لان انا سمعت صوته لما خبط على الباب فما اعرفش ايه اللي حصل بينهم ومش قادره اسال سليم وبابا امبارح خلاص نهى الموضوع بتاعه تماما وكسر التليفون و الاكيد انه عايز يرجع ماما وانا مش عارفه اعمل ايه عشان ارجعهم قاعده محتاره ومش فاهمه اي حاجه وما بفوقش من السرحان اللي انا فيه ده ومش عارفه اذاكر ولا كلمه .
عدلت ايمان من حجابها و قالت بابتسامة خافتة :
_ وده صح يعني يا غدير ما ينفعش يا ماما انا قلت لي سيبيها على الله موضوع يوسف انا متاكدة ان سليم هيعرف يحتويه وسبيها على سليم برضه ما لكيش انتي دعوه بعد ربنا طبعا هو هيحل الموضوع خير هيقرب منك ولو شر هيبعدوا عنك ما حدش هيخاف عليكي زي سليم .. فاهدي كده وبالراحه وفوقي لنفسك شويه .
حركت غدير كتفيها و قالت بنبرة بها كل الحزن :
- والله العظيم يا بنتي الدوامه اللي انا فيها مش مخلياني افوق ولا عارفه حتى اعمل اي حاجه قاعده بس بفكر بفكر لما دماغي نفسها وجعتني .
اصبحا علي الطريق فتطلعت ايمان حوله و قالت بتعقل :
_ ماشي يا حبيبتي خلاص اهدي ومش عايزين نتكلم في حاجه يلا نركب عشان نروح لان اليوم النهارده كان تقيل قوي والجو حر وانا مش طايقة خلاص نفسي .
تطلعت غدير بالسيارات و قالت :
_ خلاص يا حبيبتي يلا .. استنى اما اشوف عربيه اوبر او تاكسي .. اه صحيح انتي معاكي فلوس لان انا الفلوس النهارده الصراحه قصرت معايا و نسيت اخد من بابا مصروفي .
فتحت ايمان حقيبتها و بحثت بها قائلة :
_ استني انا هابص في شنطتي اهه انا معايا بزيادة تقريبا .. وانتي واقفي عربيه .
تخطت غدير الرصيف بشرود و ما ان نزلت علي الطريق حتي شعرت بجسدها يترنح بالهواء و صمة قوية آلمت ساقها حتي استقرت بمنتصف الطريق و راسها ينزف بقوة ..
مع تقدمها و نزولها عن الرصيف طالع يوسف تلك السيارة القادمة ناحيتها و تعجب من امر غدير فهي لم تطالع الطريق اولا قبل نزولها فصرخ قائلا بذعر :
_ خدي بالك يا غدير بصي جنبك يا مجنونة و ركض مسرعا .. رفعت ايمان راسها علي صياح يوسف و طالعت السيارة و هي تصطدم بغدير وقذفتها لمنتصف الطريق ..
فركضت دون وعي ناحيتها و جلست بجوارها و ادارتها ناحيتها فوجدتها تأن بالم حتي اغمضت عيناها و سكنت .. صرخت ايمان قائلة باستجداء :
- يا لهوي غدير يا غدير انتي سامعاني .. الحقوني الحقوني حد يطلب الاسعاف بسرعه .. البنت دمها بيتصفى الحقوني .
ارتمي يوسف بجسده عليها و حمل راسها علي ساقه و هزها بعنف و هو يقول بصراخ من تلك الدماء التي تنساب بشكل قوى من راسها :
_ غدير .. غدير رد عليا .. ردي عليا عشان خاطري يا غدير ابوس ايدك .
ثم وقف و سار ناحية سائق السيارة و قبض علي ياقة قميصه و لكمه و هو يقول بهيستيرية :
_ يخرب بيتك ده انا هاخش فيك السجن انا هاقتلك بايدي يا مجرم .. ايه اللي انت عملته فيها ده .
تدخلت الناس بينهما و جذبوا يوسف من ذراعيه و كبلوه ليهدأ بينما قال السائق بنبرة مرتعشة من صدمته :
_ انا ما عملتش فيها حاجه هي اللي طلعت قدامي فجاه انا ما شفتهاش و الله .. هي اللي طلعت قدامي فجاه انا ماشي حتى مش سايق بسرعه انا فجاه لقيتها قدام العربيه بفرمل لقيتها طارت قدامي والله العظيم انا ما عملت فيها حاجه .
بحثت ايمان في حقيبتها عن هاتفها و اخرجته بكفي مرتعشتان ممتلان بالدماء و هاتفت سليم الذي ما ان اجابها فصرخت به قائلة بدموعها :
_ الحقني يا سليم غدير بتموت .

...............................................................
...............

دس المفتاح بالباب و ابتسم بنصر بعدما انفتح الباب بسهولة .. دلف للداخل و اغلق الباب ببطء كي لا يصدر صوتا عاليا ..
تطلع حوله بحنين و سار حتي احد الغرف و دلفها لتبتسم شفتيه براحة .. اغلق ورائه الباب و سار ناحية الفراش و جلس عليه و هو يطالع وجهها بشوق ..
ملس علي شعراتها و وجنتها و هزها برفق و قال هامسا :
_ فرحه .. فرحه اصحى يا فرحه اصحي وحشتيني قوى يا حبيبتي قوى .
شعر بتململها فقال :
_ اصحي يا فرحة .
اخترق صوته غفلتها القصيرة ففتحت عيناها بتثاقل لتتسع عن اخرهما و جلست قائلة بضيق :
_ انت ايه اللي جابك هنا .. اتفضل اطلع بره انا مش عايزه اشوفك ولا عايزه اسمع صوتك اساسا ايه اللي دخلك عليا البيت وازاي دخلت لغايه اوضه النوم هنا انت مجنون .
لوى اسعد فمه بمضض و قال :
_ عادي يا فرحه انا جوزك في ايه اللي حصل يعني هو انا ايه مش مسموح ليا ادخل عليكي اوضه النوم يا فرحه .. حرام عليكي اللي انت بتعمليه فيا ده .. وحشتيني يا حبيبتي والبيت من غيرك ما لوش اي طعم .. انا عارف ان انا غلطت وعارف ان انا عملت كارثه بس ما ينفعش تسيبيني وتسيبي الاولاد كده .
تركت فرحه الفراش و وقفت و هي تقول بامتعاض :
_ اطلع بره انا مش عايزه اشوفك ولا عايزه اسمع صوتك انت ما بتحسش انا مش طايقاك يا اخي سبت لك الدنيا ومشيت جاي ورايا هنا ليه ؟!
وقف اسعد قبالتها و هو يملا عينيه بصورتها و قال بتلهف :
_ لاني ما ليش غيرك انا عملت كل حاجه انتي عايزاها خلاص .. انا كسرت موبايلي كله مش عايزه وهعمل اللي انتي عايزاه كله .. يا حبيبتي انا غلطت وعارف ان انا غلطت ومعترف بغلطي .. بس عايزك انتي .. انا مش عايز من الدنيا دي كلها حد غيرك .
تعمقت في عينيه و قالت بنبرة ذبيحة و بنرات مكسورة :
_ هنت عليك يا اسعد !! هانت عليك عشرتنا قدرت تحب واحده غيري بعد العمر ده كله ؟!!
تقدم منها اسعد خطوتين و قال بنظرات حزينة :
_ ابدا يا حبيبتي والله دي كانت غلطه .. دي كانت غلطه انا لو بحبها بجد هامسحها من حياتي في يوم هجري وراكي انتي واسيبها هي .. ما انا هقول كويس ان انتي مشيتي وهجري وراها و هخليها تتطلق وهتجوزها .. يا فرحه عشان خاطري الموضوع بدا انساني وكنت بساعدها انساني بس .. ما كنتش عارف ان اهتمامي بيها ممكن افسره غلط .. انتي لازم تفهمي ده .
سحبت فرحه نفسا عميقا و قالت و هي تضغط علي راسها بالم :
_ ارجوك يا اسعد انا لا عايزه افهم ولا عايزه اعرف سيبني في حالي .. انا لغايه دلوقتي مش قادره اتخطى الموضوع انا بنام بمهدئات .
التفتت للكمود و حملت بعض شرائط للادوية و عادت اليه قائلة :
_ بص المهدئات اهي مش باعرف انام طبيعي عايز مني ايه تاني ؟! سيبني في حالي بقى انت دمرت كل حاجة بينا .
اجابها اسعد مسرعا بثبات دون تردد و بصدق العالم كله :
_ انا عاوزك انتي .. عاوزك ترجعي البيت وانا مش هاجي جنبك خالص .. يعني ارجعي عيشي معنا في البيت و اقعدي في الاوضه لوحدك وانا هاقعد في الصاله بس نبقى كلنا مع بعض .. يا حبيبتي غدير محتاجه ليكي و سليم محتاجني .. ما ينفعش نبقى بعيد عن بعض كده .
انتبه علي رنين هاتفه فاجابه قائلا :
_ الو ايوه يا سليم....... في ايه ما لك ومال صوتك........... مين اللي عامل حادثه غدير بنتي......... بنتي مالها يا سليم......... مستشفى ايه انا جاي لك حالا.
تعلقت فرحه بذراعه و قالت بهيستيرية :
_ بنت مين ومستشفى ايه ؟!! ايه اللي انت بتقوله ده انتم بتهزروا و غدير كويسه صح .. انت ما بتقصدش بنتي صح ؟!!
تهاوى جسد اسعد و قال :
_ يا فرحه البسي بسرعه .. بسرعه يا فرحه عشان خاطري بنتك بتموت .

...........................................................
................


لم يكن يشعر بانه يصطدم بكل من قابله.. يهرول و يهرول و هو يتطلع بالغرف بهيستيرية حتي لمح ايمان باخر الرواق تقف مستندة علي الحائط و تبكي بحرقة.. ركض سليم ناحيتها و وقف و قال بلهاث:
_ ايمان.... اختي مالها طمنيني عليها ابوس رجلك هي غدير فين؟!
كففت ايمان عبراتها و اعتدلت في و قفتها و قالت من بين شهقاتها الباكية:
_ اهدى يا اسلام غدير جوه في الاستقبال بيكشفوا عليها وهيعملوا لها الاشعه انا مش عارفه في ايه بس من جري الممرضات انا حاسه ان في حاجه غلط بتحصل.
انتبه علي جلوس يوسف علي الارضية و يضم ركبتيه لصدره و علي وجهه وجوم مقلق و قد اكتست ملابسه بالدماء فقطب سليم حاجبيه و قال بتعجب ممزوج بالقلق:
_ يوسف!! انت ايه اللي جابك هنا وجيت ازاي وعرفت منين وايه الدم اللي مغرق هدومك ده؟!
لم يجيبه و كأنه لم يسمعه.. فأسرعت ايمان قائلة للتوضيح:
_ سيبه يا سليم هو من ساعه ما جينا المستشفى وهو على حالته دي ما بيكلمش حد و ما بينطقش من ساعه ما شال غدير على ايديه والدم اللي على الهدوم ده دم غدير... انا خايفه عليها قوي.
كانت كلماتها الاخيرة كفيلة علي افقاده صوابه و توجه لباب غرفة الفحص و طرق عليه بهيستيرية و هو يقول:
_ حد يخرج من ام الاوضة دى يعرفني في ايه انا اختي مالها؟! يا دكتور حد يرد عليا يا ناس.
خرجت احدى الممرضات و هؤ تطالعه بعبوس و قالت بلوم:
_ في ايه يا استاذ مالك ايه الدوشه دى.. يعني حضرتك ينفع كده احنا في مستشفى و مليانة عيانين ميصحش تزعجهم بالشكل ده.
طالعها سليم برجاء و قال بتلهف:
_ طمنيني على اختي الله يخليكي... انا اختي اللي جوه اللي جايه في الحادثه طمنيني عليها وخلي دكتور يخرج يطمني.
هدأته الممرضه قائلة بتعقل:
_ يا فندم ما ينفعش اللي حضرتك بتعمله ده احنا دلوقتي هنوديها الاشعه وهنتطمن على الجروح اللي فيها وهنتطمن على رجليها كمان.
قطب سليم حاجبيه و صرخ قائلا بقلق:
_ رجليها؟!! هو في ايه بالضبط طب خلي الدكتور يخرج يفهمني انتي قلقتيني اكتر.
خرج الطبيب من الغرفة. هو يقول بحدة:
_ ايوه يا استاذ حضرتك مين وايه الدوشه اللي انت عاملها دي احنا في مستشفى انت تبع مين؟!
اجابه سليم قائلا و هو يحاول ان يشرأب برأسه و يتطلع داخل الغرفة عله يراها:
_ انا اختي اللي جوه اللي جايه في الحادثه ارجوك يا دكتور طمني عليها منظر الدم اللي على هدوم اللي جايبينها ده قالقني حد يطمني عليها.. حط نفسك مكاني علشان تفهمني.
اسرع الطبيب قائلا بتفهم:
_ اهدا بس ما تقلقش.. اهدى انا دلوقتي ما اقدرش اقول لك حاجه خالص كل اللي انا اقدر اقوله ان احنا قدرنا نخيط الجروح اللي في راسها عشان نوقف الدم بس دي مش المشكله اننا شاكين بكسر في الحوض و ده هيحتاج فتره طويله.. عشان نتاكد احنا هنوديها الاشعه حالا ندخل الاشعه الرنين وهحكيلك بعدها كل حاجة بالتفاصيل الممله وحالتها كاملة... بس اهدا و اقعد شوية.
انتبه سليم علي هرولة اسعد ناحيته و معه فرحة الذي ما ان وقف امامه فقال بتلهف:
_ سليم بنتي فين يا سليم طمني عليها اختك كويسة؟!
تعلقت فرحه بذراعه و قالت بصراخ:
_ ابوس ايدك يا ابني انطق غدير فين هو ايه الدم اللي على هدومك ده يا ايمان ده دم بنتي يا ايمان.
مسدت ايمان ذراعها و قالت لتهدأتها:
_ هي دلوقتي في الاشعه هتخرج اهي والدكتور يفهمنا في ايه بس اللي انتم لازم تعرفوه ان هي هتخش العمليات.
صفعت فرحة صدرها و تهاوى جسدها و هي تقول بصراخ:
_ عمليات؟!!! هو في ايه بالضبط هو ايه اللي حصل يا بنتي فهميني.
انحنت ايمان ناحيتها و قالت من بين دموعها:
_ احنا كنا بنعدى الطريق وهي كانت سرحانه وبقى لها فتره كبيره سرحانه وانا كنت قاعده اقول لها بطلي موضوع السرحان بتاعك ده وفوقي لنفسك شويه.. و هي بتعدي الطريق عشان توقف تاكسي ما شافتش العربيه وهي جايه فشلتها وقعت قدامي على الارض وكانت غرقانه نقلناها بالعربيه بتاعت زميلنا هو جابها هنا.
تطلع اسعد بوجه يوسف و عاد لسليم قائلا بتعجب:
_ سليم هو مش ده صاحبك اللي جالك عند البيت من يومين.
تطلع سليم ليوسف بإشفاق و قال:
_ لا ده مش صاحبي يا بابا ده كان متقدم لغدير.. هو بيحبها جدا ومعاها في الكليه كان جاي يتقدم لها بس انا قلت له ما فيش كلام في الموضوع ده غير لما الدراسه تخلص ويقف على رجليه ويشتغل.. و هو اللي جابها هنا وزي ما انت شايف من ساعه ما جابها وهو على حالته دي.
صرخت بهم فرحه قائلة بدموعها:
_ انا مليش دعوه بالكلام ده كله.. طمنوني على بنتي.. بنتي فين انا عايزه اشوفها يا سليم.
اوقفها سليم علي رجليها و سار معها بالقرب من المقاعد و هو يقول:
_ حاضر يا ماما اهدى بس.. انا هفهمك كل حاجه واخليكي تشوفيها بس نستنى الدكتور يخرج من الاشعه وهو هيفهمنا كل حاجه وساعتها هنعرف.. بس ارجوكي يا حبيبتي اهدي و اقعدى انتي مش قادره تقفي.
اجلسها فانتبه علي قدوم والد ايمان ناحيتهم فاقترب منها و قال:
_ ايمان باباكي واقف هناك اهه روحي له.
سارت ايمان ناحيته و وقفت معه و قصت له ما حدث فاقترب منهم و واساهم علي مصيبتهم...
خرج الطبيب من غرفة الاشعة فركضوا جميعا ناحيته فقال لهم بتريث:
_ يا جماعه انا عايزكم تهدوا و تسمعوني كويس جدا دلوقتي في مشكله احنا عملنا لها الاشعه طلع فيه كسر في الرجل اليمين وهنضطر نركب شرائح ومسامير فاحنا هندخلها العمليات حالا ومحتاجين نقل دم باقصى سرعه.
حمل سليم هاتفه و قال:
_ انا هتصل بكل صحابي يجوا يتبرعوا بدم و ارجوك يا دكتور اي تفاصيل احنا هنعملها اي حاجه احنا هنعملها بس ارجوك اختي تعمل لها العمليه حالا انا عايز اطمن عليها.
وقفت فرحه امام الطبيب و قالت له باستجداء:
_ ارجوك يا دكتور طمني انا بنتي كويسه يعني الموضوع على قد الكسر اللي في رجلها بس ما فيش اي حاجه تاني.
اوما الطبيب براسه و قال مؤكدا:
_ ما تخافيش والله العظيم يا مدام كله تمام احنا بس في جروح في وشها وفي راسها خيطناها وقدرنا نوقف الدم بس هي نزلت كتير جدا عشان كده عايزين ننقل لها دم.. ده غير الكسر مفيش غيره احنا كنا شاكين ان في حاجه في الحوض و الحمد لاه طلع كسر فخدها بس فخلي العضمه بشكل حد فلازم نعمل لها شرايح ومسامير عشان تلم بسرعه ما تقلقيش خلصت شهور و هتبقى زي الفل.
ضربت فرحه ساقيها و قالت بنحيب:
_ يا حبيبتي يا بنتي يا حبيبتي.. كانت ماشيه سرحان احنا السبب احنا اللي عملنا فيها كده.
اخرج يوسف هاتفه و هاتف احمد الذى ما ان اجابه قال له بنبرة قاطعة:
_ احمد عاوزك تجيب كل اصحابنا و اصحابهم و تنزل بوست عالفيس اننا عاوزبن متبرعين بالدم.. نص ساعة و عاوز المستشفي دى تتقلب انت فاهم.
طالعه اسعد بتعجب من جديته و حالته التي توضح لاي شخص الا اي مدى يحبها...


.............................................................
...............
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي