الفصل السابع عشر

قضي اسعد وقته عند المصفف و اعاد الحياة لشعره و بشرته و كأنه يوم عرسه .. يسير بسعادة بالغة جعلته مغيب و فاقد للشعور بان بيته ينهيار كليا و ربما يخسر كل شىء ...
دلف اسعد لمكتبه و هو يصفر برواق و سعادة .. وضع حقيبته علي مكتبه و اخرج هاتفه و اتصل بدعاء و انتظر اجابتها ا ان اجابته حتي قال بإبتسامة مشرقة :
_ الو .. ايه يا دعاء اخبارك النهارده يا حبيبتي .. معلش اتاخرت عليكي كنت مشغول شوية .
اجابته دعاء قائلة بخجل :
_ انا كويسه الحمد لله انت اللي اخبارك ايه قلقتني عليك لما لقيتك اتأخرت .
استند اسعد علي مكتبه و قال بتنهيدة هادئة :
_ انا بخير والله الحمد لله و مبسوط جدا جدا جدا جدا .. و اسعد بني ادم في الدنيا كلها اكيد .
اتسعت ابتسامة دعاء و قالت له بمداعبة :
_ وايه بقى سبب انبساطك جدا جدا ده فرحني معاك يا سيدى بلاش انانية .
ضحك اسعد ضحكة عالية و قال ببديهية :
_ اكيد طبعا عشان هشوفك يا دعاء اول مره هنتقابل لوحدنا ونتكلم براحتنا و هبص في عينيكي واسمع صوتك من غير ما يكون في حد حوالينا مأيد ان انا استمتع بكل حركه منك حتى هتبقي ليا لواحدي و اسمع ضحكتك بقلبي زى ما بسمعها دايما باتصالنا او بالفويس نوت .
أغمضت دعاء عيناها وهي تشعر بسعادة و رضا لم تشعر بهما من قبل .. خرجت من هدوءها قائلة :
_ وانا كمان مبسوطه قوى يا اسعد .. مش هنكر اني خايفه جدا جدا جدا بس السعادة والفرحة اللي جوايا هما اللي غالبين اكتر .
عقد اسعد ذراعه امام صدره و قال بتوتر :
_ فوق ما تتخيلي انا اساسا متوتر ازاي .. انا قعدت نص يوم افكر هلبس ايه و اختارت احلى حاجه عندي وقاعد مستني الوقت على نار عشان اشوفك و نقعد مع بعض .
تطلعت دعاء بخزانتها و قالت مؤكدة بحيرة :
_ وانا كمان قاعده متوترة و لسه محتارة هختار ايه البسه .. ده غير اني بفكر دلوقتي في لما هنتقابل و هاجي ازاي وهنعمل ايه .. وياترى هكون زي ما انا بتكلم معاك ولا كلامنا لما نكون قدام بعض هيبقى زي كلامنا في الفون ولا هبقى مكسوفه ومش عارفه اتكلم محتاره بس في نفس الوقت فرحانه .
عاد اسعد لإبتسامته المشرقة و التي تاتي بعد فرحتها و قال بتمني :
_ يا رب دايما اكون سبب فرحتك وسعادتك والله ده اللي يهمني انا مش محتاج منك حاجه ولا عايز منك اي حاجه كل اللي يهمني ان انا اشوفك مبسوطه و فرحانه و سعيده و اقدر اعوضك شويه عن اللي انتي شوفتيه في حياتك يا حبيبتي .
تنهدت دعاء بأسي و قالت بنبرة حزينة :
_ يمكن اللي شفته في حياتي ده كله كان كتير على اي بني ادم عادي .. بس ربنا عوضني بيك صديق على الاقل ارتاح معاه و بتكلم معاه و بيفكر فيا و يحل لي مشاكلي .. وجودك في حياتي نعمة ربنا رزقني بيها تعويض عن كل حاجه وحشه انا مريت بيها .
هز اسعد رأسه بأسي علي حالها و قال :
_ وانا ليا نصيب من اسمي معاكي .. بقيت اسعد واحد في الدنيا كلها عشان سمعت منك الكلام ده وهفضل جنبك لاخر يوم في عمري و هفضل احافظ عليكي .. وهتفضلي اهم حد في حياتي .. ربنا يبارك فيكي ويخليكي ليا .
نفضت دعاء حزنها و قالت بحماس :
_ هسيبك دلوقتي علشان انا اساسا ورايا حاجات كتير جدا هعملها و ابقى جاهزه ما فيش وقت كتير فاضل تقريبا ثلاث ساعات .. اشوفك على خير و اول ما توصل للمكان ابعت لي الوكيشن وانا نص ساعه بالضبط واكون عندك .
اجابها اسعد و هو يلتف حول مكتبه ليجلس عليه قائلا :
_ خلاص تمام .. خلي بالك من نفسك هتوحشيني الوقت ده .
توردت وجنتي دعاء و اجابته قائلة :
_ وانت كمان يالا باي .
أغلقت الهاتف و عادت للاهتمام ببشرتها كي تبدو مشرقة و كأنه يوم عرسها ..

استعدت فرحة و ارتدت ملابسها و هي تطالع المرآة بشرود.. و ربما جسد بلا روح..
حتي انتبهت علي رنين هاتفها فأجابته قائلة بهدوء -:
_ أيوة يا سليم انت جيت يا حبيبي؟!
اجابها سليم قائلا بسعادة:
_ أيوة يا ماما انا تحت.. انزلي يا قلبي علشان ما نتأخرش علي غدير انتي عارفاها دى بومة نكد و هتنكد علينا.
ردت عليه فرحة قائلة:
_ انا جاهزة يا حبيبي و هنزلك اهه.. سلام.

جلس أسعد يتابع المكان حوله بفقدان صبر و هو يطالع ساعة معصمه بتلهف.. يعود للتطلع للنيل ثم يتطلع حوله بإرتباك...
حمل هاتفه و هاتف دعاء حتي أجابته فقال مسرعا:
_ انتي فين يا دعاء اتاخرتي قوي و انا جعان و متحمس جدا كمان.. معقول كل ده في الطريق اتأخرتي قوي .
أجابته دعاء قائلة بهدوء و هي تطالع الطريق من نافذة السيارة:
_ انا خلاص خمس دقائق بالضبط و هبقى قدامك يا أسعد.
هز رأسه متفهما و قال بابتسامة خافتة:
_ وانا مستني اهه.. يا رب يا مسهل قولي للسواق يشهل شويه فقدت صبري و الله.
اجابته ضاحكة و قالت بإنصياع:
_ تمام هقفل دلوقتي لاني داخلة عليك خلاص.

اغلقت الهاتف و انتظرت حتي أشار لها السائق عم قائلا :
- هو ده المطعم يا مدام .. ورقمي مع حضرتك باي وقت رني عليا لاي توصيلة انا تحت امرك .
تركته دعاء و دلفت للمطعو و ه تتطلع حولها بقلق حتي عثرت علي اسعد فدق قلبها بقوة و سارت نحوه حتي وقفت خلفه و قالت بخجل :
- السلام عليكم .
التفت اسعد اليها و وقف مسرعا و هو يقول بارتباك :
- عليكم السلام ورحمه الله واخيرا وصلتي .. اهلا وسهلا تعالي اقعدي يا حبيبتي .
سحب لها المقعد المقابل و جلست عليه قائلا بتوتر :
_ معلش انا متوتره قوي والله وخايفه جدا عشان كده سامحني بقى على الارتباك اللي انا فيه ده .
جلس اسعد قبالتها و قال بابتسامة خافتة :
_ يا ستي والله وانا زيك كمان .. المهم طمنيني عليكي انتي بخير .
اومات دعاء براسها و خلعت نظارتها الشمسية و قالت :
_ ايوه والله انا كويسه الحمد لله متوتره بس شويه مش اكتر .
غاص اسعد بعينيها البنية و قال بتنهيدة مقتضبة و عيون لامعة :
_ ايه الجمال ده بس .. انا مبسوط جدا ان انا قاعد قدامك وشايفك وبتتكلمي معايا .. اتمنى يعني ناخد على بعض و نبطل بقى كسوف والكلام ده .. طمنيني عليكي يا حبيبتي اخبارك ايه ؟!
تطلعت دعاء حولها بارتباك و فركت اناملها قائلة بتلعثم خجل :
_ يعني بلاش الكلام اللي بيوتر اكتر ده .. بلاش حبيبتي وكده يعني قولي بإسمي عشان انا متوتره بما فيه كفايه والله .
قهقه اسعد علي حالتها و وجنتيها اللاتي احمرت من خجلها و قال بمداعبة :
_ هما اللي بيتوتروا بيحلوا كده .. ما تقلقيش خالص من اي حاجه ثم ده مكان مش ناس كتير تعرفه .. مكان كلاسيك قديم شويه زي ما انتي شايفه .. بس الاكل فيه يجنن و الفيو فيه روعه هتبقي مبسوطه جدا كفايه منظر النيل ده يعني .. بصي انتي كل شويه تقولي لي تعال نروح المكان ده تعال نروح المكان ده من كتر ما هتحبيه .
تطلعت دعاء حولها باعجاب خاصة منظر النيل الهادىء و قالت بتأكيد :
_ هو فعلا مكان يجنن و منظر النيل روعه والموسيقى العربي القديمه اللي بتعزفها الفرقة .. الجو و المود يجنن بجد .
عادت بعينيها اليه و قالت بهدوء ؟:
_ قولي بقا هتغديني ايه النهارده انا اكلت على ذوقك كتير قبل كده بس النهارده بقى اكيد هتغديني حاجة اسبيشيال و ياريت بسرعة عشان انا ميته من الجوع .
أومأ اسعد برأسه و قال محركا ذراعيه قليلا :
_ سيبيلي نفسك بقى النهارده انا طالب اساسا غدا وموصي عليه اول ما تيجي ينزل .. حاجه كده هتاخدك في حته تانيه خالص و احكمي بقى على ذوقي .
كانت تطالع حركاته و كلماته بنهم و اهتمام و تركيز و كأنها تتلقفهم بقلبها لا بعينها حتي قالت بصوتها العذب :
_  انا واثقه في ذوقك اصلا من قبل ما تطلب .. يعني الفتره اللي تعبت فيها كنت بتبعت ليا اكل يجنن صراحه كانت حاجات جديده عليا ومستغرباها و مستغربة انت ازاي تعرفها المفروض دى حاجات الشباب أكتر يكونوا عارفينها عننا .
طالعها اسعد بلوم و قال بمداعبة :
- ليه ما احنا شباب ايه الفرق بيننا وبينهم ايه او 10 15 سنه مش حاجه يعني لا يا ستي احنا لسه شباب وانا عشان مقرب من اولادي ومصاحبهم جدا فشعارف كل الحاجات الجديده دي وعارف ايه الحلو فيها وايه الوحش لاني في اوقات طبعا فرحه بتحب مثلا ما تطبخش بيكون في ضغط في البيت تنظيف او كده فابضطر اجيب اكل من بره كده .. فخلاص بدات اعرف كل الانواع .
ابتسمت دعاء بشجن و قالت بابتسامة باهتة :
_ انت عارف انا بحسد فرحه جدا .. بحسدها اكتر على انها معاها حد زيك .. يهتم بيها وبيحس بتعبها و بيريحها مش بيفكر في نفسه بس .. بجد بحسدها والله .
اقترب منها اسعد بجسده و شبك كفيه ببعضهما متعمق بعينيها و قال بحنو :
_ يا ستي انا مهتم بيكي زيها .. هو انا قصرت معاكي في حاجه .. و اوعدك هفضل جنبك لاخر يوم في عمري واللي انت بس تشاوري عليه كده هيتعمل مجرد بس انك تشاوري كده هيتعمل ما تقلقيش من حاجه يا حبيبتي .
بادلته دعاء نظراته و هي تتلقف اهتمامه و حبه برضى .. صف سليم سيارته و قال بابتسامة متسعة من فرحته بسيارته الجديدة :
_ يلا يا جماعه وصلنا .. انا هعيشكم مود النهارده عالمي .. بس ما قولتليش يا ماما ايه رايك في العربيه الجديده عجبتك .
رفعت غدير عيناها بملل و اجابته بضيق :
_ يوووو يا سليم كل شويه تسالنا نفس السؤال العربيه تجنن وجميله جدا وشبابيه فيعني عالميه هنقول لك ايه تاني والله تجنن بطل تسال السؤال ده بقى .
طالعها سليم في مرآته الامامية و قال بمشاغبة رافعا حاجبه بتذمر :
_ اولا انا ما سألتكيش انتي يا حشرية انا بسال ماما انتي ماما مثلا .. بتدخلي في اللي ما لكيش فيه ليه يا بايخة .
مسدت فرحه جبهتها من الالم و قالت بحدة :
_ بس يا اولاد عشان انا دماغي وجعاني اصلا .. بجد يا سليم والله العربيه تجنن زي ما قلت لك العربيه تحفه يا حبيبي ربنا يديك خيرها ويكفيك شرها يلا ننزل .
سحب سليم مفتاح السيارة و قال بحماس :
_ يلا بينا حبايبي وانتي يا بنت انتي مش عايز اسمع صوتك انتي فاهمه و عايزين اليوم يمشي كويس زى خلق الله مش لازم نتخانق .
لفت غدير ذراعيها حول عنقه و قالت بمداعبة :
_ قولي بس اللي انت هتعلمني السواقه وانا عيني ليك .. علمني السواقه بس واديني فرصتي و جرني و اي حاجة هتقول عليها هقول لك شبيك لبيك انا بين يديك .
تعالت ضحكات سليم و قال :
_ طب يلا يا غلاباوية انزلي يلا انا اللي بجيبه لنفسي اساسا انزلي يلا .
ترجلوا من السيارة و فرحه تسير معهم بوجوم فقالت لهما غدير :
_ انا هجيب مناديل من المحل ده و هاجي حالا .
دلف سليم و معه فرحة للداخل فجحظت عيني فرحة و هي ترى اسعد و دعاء جالسون امامها و يتسامران و هما يتناولان طعامهما .. التفتت لسليم مسرعة و قالت بجدية قاطعة :
_ سليم اخرج بسرعه .. يالا بسرعه من غير كلام ولا نقاش مفهوم .
قطب سليم حاجبيه و قال بتعجب و هو يطالع فزعها الغير مبرر :
_ في ايه يا ماما مالك يا حبيبتي .. نخرج ليه احنا جايين نقعد هو احنا حتى لسه دخلنا علشان نخرج انا مش فاهم حاجة خالص .
دفعته فرحه من صدره و قالت بنبرة حازمة :
_ اسمع اللي بقول عليه يا سليم حالا لف واخرج حالا اسمع الكلام ولو لمره .
اشرأب سليم بعنقه ليري ما اصابها بتلك الحالة حتي اتسعت عيناه و هو يطالع ضحكات والده و وضع كفه علي فمه و قال بإندهاش :
_ يا نهار اسود يعني اللي في دماغي طلع صح و كل اللي لاحظته حقيقة بجد .. هو ايه اللي بيعمله ده ازاي الكلام ده انتي مصدقه اللي احنا شايفينه ده يا ماما .. بابا يعمل كده ؟!!
اغلقت فرحه عيناها و فتحتهما و هي تسيطر علي دمعاتها و قالت بتلعثم :
_ ابوس ايدك يا سليم خرجني بسرعه و اخرج ابوس ايدك قبل ما تيجي اختك هنبرر لها اللي بيحصل ده ازاي .
انتبها الاثنان علي وقوف غرير اماهما و هي تطالعهما بتعجب و قالت :
_ ايه يا جماعه واقفين هنا ليه يعني .. بتستنوني يعني لما اشتري علبه مناديل و لا ايه ؟! يالا لو سمحتم ندخل عشان انا جعانه جدا .
هز سليم راسه نافيا و اعترض تقدمها بجسده و قال مسرعا :
_ لا لا احنا مش هنقعد هنا انا غيرت رايي احنا هنشوف مكان تاني او نرجع ع البيت احسن .
فغرت غدير فمها و قالت باندهاش جلي ارتسم علي ملامحها :
_ نعم هو انت جايبني المشوار ده كله عشان في الاخر ترجعني من غير ما آكل .. انا ما ليش دعوه انت ايه اللي انت بتعمله ده .
اشارت فرحه بذراعها علي سيارة سليم و قالت بنبرة عميقة غليظة جعلت غدير ترتعد بمكانها :
_ ارجعي العربيه مع اخوك يا غدير حالا .. ومش عايزه اي حركة ولا كلام انتي فاهمة .
ابتلعت غدير ريقها بتوتر و قالت باستسلام :
_ يا جماعه انتم مكبرين الموضوع كده ليه .. خلاص مش عايزه حاجه يلا نروح انا اسفه .
تركتهم و ابتعدت تبعها سليم اما فرحة وقفت منزوية باحد الاماكن و استرقت السمع حتي قال اسعد بصوت اخترق كيانها بأكمله :
قولي لي بقى ايه رايك في الاكل عالمي مش هتاكلي زيه في اي حته تانيه اصلا .
لاكت دعاء ما في فمها و اجابته بتأكيد :
_ فعلا الاكل فريش و طعمه روعة كده .. لا بجد يعني الاكل في المطعم اجمل من البيت .. لان انا مش من الناس اللي بيروحوا مطاعم كتير بس الاكل في مطعم غير لاني لو كان بيجي عند البيت ما كانش هيبقى بالجمال ده .
تنهد اسعد مطولا و قال :
_ يا حبيبتي انت بس تؤمرى والله و يجيلك البيت بالجمال ده ما هياخدش في الطريق 10 دقائق .. بس يوم ما تحبي تاكلي الاكل ده تاني اؤمرى بس وهي خمس دقائق وهتبقى قدامك و تحت ايديكي .
شهقت فرحة و قالت بداخلها بحزن :
_  حبيبتي وقدامك !! للدرجه دي يا اسعد للدرجه دي انا هنت عليك كده .
سيطرت علي دموعها للمرة الثانية و خرجت مهرولة تجر اذيال خيبتها ..
ردت عليه دعاء قائلة بابتسامة متسعة :
_ تسلملي ربنا يخليك ليا .. الجو يجنن اصلا انا كنت محتاجة اخرج محتاجة اشم هوا ومحتاج اغير جو كنت محجوزه و الطريق و البلد وحشوني قوي .
طالعها اسعد بحب و قال :
_ يا ستي بس احلمي وانا احقق لك احلامك فكك بقى من جو انا متضايقه انا كنت عايزه .. خلاص احنا دلوقتي خرجنا وقاعدين في جو حلو انسى بقى اي حاجه وحشه عدت عليكي و وجعتك تمام .. هتستفيدي ايه لما هترجعي اللي فات لو بالكلام .. انسى اي حاجه وخليكي معايا الشويه دول .
فتحت فرحة باب السيارة وصعدتها قائلة بحزم :
_ اطلع يا سليم لو سمحت
زفرت غدير بقوة و قالت بعدم فهم مصاحب بالضيق :
_ انا عايزه افهم بقى في ايه وهنروح على البيت ولا هتودونا مكان تاني .. وايه اللي قلبكم كده المفروض ان احنا جايين ناكل وانا جعانه والبيت ما فيش فيه اكل .. هنجيب اكل منين دلواقتي ؟!!
تطلع سليم بفرحة الجالسة بجواره بملامح مختنقو و تتطلع للطريق بنظرات ميته و قال بخفوت :
_ يا ستي هخذك على اي مطعم انتي عايزاها اجيب لك اكل بس اسكتي بقى يا غدير الله يخليكي اسكتي يا ماما .
حركت غدير كتيفها بتسليم و قالت :
_ خلاص موافقه اسكت .. روح لماك وهاتلي واجبة بيج ماك .. انا جعانه جدا .
تطلع سليم بالطريق و قال :
_ هجيب لك اللي انتي عايزاه يا حبيبتي والله بس ارجوكي اسكتي .. اسكتي حطي لسانك جوة بؤك و اسكتي .
وزعت غدير انظارها بينهما ليزيد القلق بقلبها و قالت ببديهية :
_ ما هو شكل ماما وانت بيقولوا ان في مصيبة حصلت و انت بتقول لي اسكتي يعني فعلا ظنوني صح و في مصيبه حصلت طب ما تفهموني هو انا عيله صغيره ماتعرفوني اللي حصل عشان ابقى معاكم .
التفتت اليها فرحه و قالت بصياح عالي فاقدة السيطرة على انفعالها :
_ وهو مش قال لك اسكتي انت ما بتسكتيش ليه تحبي اسيبلك العربيه وانزل عشان ترتاحي و تسكتي و تبطلي اسئلة يا غدير .
عادت غدير بظهرها لمقعده و قالت علي مضض و هي تلوى فمها بإمتعاض :
- لا خلاص ما تسيبيش حاجه انا هاقفل بؤي و هقعد ساكته ولو اني متأكدة ان في مصيبه حصلت و مش عاوزة اعرفها و لا أكل .
ارتشف اسعد من فنجان قهوته و قال بقلق :
_ مبسوطه يا دعاء ؟!!
تركت دعاء كوب العصير خاصتها و قالت بابتسامة متسعة :
_ انا مش بس مبسوطه .. لا انا طايره من السعادة و مش مصدقه الراحة اللي انا فيها دي و مش فاكره اخر مره انا كنت مبسوطة كده امتى ؟!  انت نعمة من ربنا عليا وهفضل اقولها لك دايما .. انت جيت في وقت كنت بموت فيكه و اظن انت شوفت حالتي كانت عامله ازاي .. كنت عارف اني بموت و كنت متكسره جسم ومتكسره نفسي ربنا بعتك ليا و ايدى ما جابتش الا رقمك واكلمك عشان تلحقني وعشان تبقي في حياتي و قريب مني انا بحبك جدا يا اسعد  .
ابتلع اسعد ريقه بتوتر من صدمته و قال مسرعا باندفاع :
_ وانا بحبك جدا ومش عارف ازاى ولا امتى ده حصل بس حاسس دلوقت ان انتي مسؤوله مني حاجه في رقبتي لازم احافظ عليها وأإخليها مبسوطه وسعيده يا ريت كنتي سنجل والله ما كنت اترددت وكنت اتجوزتك حالا .
اتسعت عيني دعاء بصدمة و سألته بترقب :
- تتجوزني على فرحه انت بتهزر يا اسعد ؟!!
حرك اسعد كتفيه و قال بقوة و اصرار :
_ و ايه الهزار في اللي انا بقوله ده .. انا ربنا محلل لي اربعة عشان وقت ما احب ما عملش حاجه غلط هبقى مع اللي بحبها في الحلال ايه اللي يزعل وحتى لو فرحه زعلت ايوة هي امراتي وعشره عمري وحبيبتي وام عيالي .. بس انتي حاجه تانيه وجودك في حياتي له طعم تاني وشكل تاني ومن حقي لما احس ان انا بحب حد واقدر ان انا احول الحب ده لشيء رسمي وشيء يرضي ربنا ليه لا و ما تكونيش معايا ؟!!
شبكت دعاء اناملها ببعضهما و هي تطالعه بحب و قالت :
_ انا مش مصدق اللي انت بتقوله ده انت بتحبيني للدرجه دي ؟!!
اقترب منها  اسعد قائلا بتاكيد قوى :
_ والله العظيم انا في اوقات كتير بيبقي الكلمه على لساني ومش قادر اقولها .. اقول لك اطلقي منه عشان تكوني ليا و بمجرد ما تعدي شهور العدة هتجوزك حالا وهواجه الدنيا كلها ومش هسمع لاي حد وهتكوني ليا و دي اهم حاجه عندي في الدنيا والله ..  صحيح مش هقدر اعيشك في المستوى اللي اسلام معيشك فيه بس انا كمان مقتدر ماليا و اقدر افتح بيتين و اعيشك في مستوى كويس جدا بس هقول ايه الحمد لله .
تنفست دعاء الصعداء و قالت بسعادة :
_ و انا راضيه باللي انت قولته ده .. صحيح الطلاق مش هيبقى سهل و الفتره اللي انا ممكن اطلق فيها اهلي مش هيقبلوني ولا هيقبلو الفكرة من اساسه ومعتقدش اسلام نفسه هيوافق .ز. اسلام رابطني في سلسله فيه مستحيل هيسيبني في يوم .
اجابها اسعد قائلا بتعقل :
_ ما حدش عارف الايام فيها ايه بس صدقيني اول ما تبقى حره هتبقى بتاعتي قدام العالم كله وهواجه العالم كله ومش هيهمني اي حد .
انتظرت دعاء قليلا و سالته بحزن :
_ و اولادك ؟!! اولادك يا اسعد هتقدر تواجههم هما كمان .. انا عارفة قد ايه انت بتحبهم .
تطلع اسعد بالبعيد و قال :
_ مش هنكر دي اصعب نقطة .. و مع ذلك اه هاقدر علشان تكوني معايا .. هعمل اي حاجه .. انا دلوقتي ممكن مش قادر اعبر لك بجد عن اللي جوايا او اللي بحسه بس انا جوايا كتير ونفسي تكوني مراتي عشان اقول لك اللي جوايا و اعرفك انا نفسي فيهفي ايه بس احنا هنسيبها للايام وربنا قادر على كل شيء .
تطلعت دعاء بشاشة هاتفها علي الساعة و لملمت اشيائها و هي تقول بخوف :
_ انا اتاخرت جدا اظن كفايه كده يلا بينا بقى نمشي علشان ارجع قبل اسلام .
وقف اسعد قائلا بهدوء :
_ تمام يا حبيبتي ثانيه واحده احاسب بس .
رفعت هاتفها هي الاخرى و قالت :
_ و انا هتصل ب اوبر و اخليه يجي ياخذني .
بعدما انتهوا صعدت دعاء السيارة و لوحت لاسعد الذي يشعر بروحه تفارقه مع فراقها و وقف يتطلع بأثر السيارة ثم سار ناحية سيارته و صعدها بسعادة بالغة .

............................................................
.................
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي