سراري

نسمة_مالك`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-05-16ضع على الرف
  • 24.6K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الرابع

كريم"..
يسير بكرسيه المتحرك خلف زوجته، يتابعها بصمت، وابتسامة هادئة يخفي بها شدة ألمه وصدمته بها..

"صافي"لم تبالي لنظرته التي تستجديها ان تظل معه ولا تتركه لوحدته القاسية،
تملئ حقائبها بجميع أغراضها علي عجل وكأنها تريد الفرار منه لتنجو بحياتها، لم تترك أي شيء يخصها علي الإطلاق..

انتهت من غلق أخر حقيبة وضعت بها مجوهراتها، وبتنهيده ارتياح تحدثت دون النظر لكريم الذي يتطلع لها بلهفه لعلها تنظر لعينيه وتشفق على قلبه الذي كان يحمل لها الكثير من الحب..

"هطلقني بالزوق ولا أرفع عليك قضية خلع ياكيمو"..
تفوهت بها "صافي" ببرود تام،
لتسمع صوت زوجها الذي تبدلت ملامحه لأخرى جامدة خالية من أي مشاعر او ربما هو استطاع إخفاء ألمه ببراعة، وتحدث بلهجة خفيضة لا تخفي غضبه المشحون أبدًا..
"لو خلعتيني هتخسري كل حقوقك، ودي حاجه مترضنيش علشان كده"..

صمت قليلاً ونظر لها بابتسامه مستهزئة مكملاً..
"أنتِ طالق يا صافي"..
__________

"ياسين"..
تملك القلق من قلبه وهو ينظر بأرجاء الشقة من حوله، شقه فارهه بها العديد من الغرف، ذات أثاث راقي للغاية، تجمع ألوان الغوامق بدرجاتها المختلفة، تدل علي حزن دفين مطوي بين جدرانها..

بين لحظه وأخرى تنبعث رائحة اللافندر الفواحة تملئ المكان بأكمله، والتي راقت "ياسين" كثيراً جعلته يغمض عينيه ويستنشقها بستمتاع رغم دهشته الظاهرة علي محياه..

وضع كلتا يده بجيب سرواله، وبدأ يسير بأنحاء الشقة يتطلع علي أركانها بأعين منبهره وقد تلاشي خوفه وقلقه وحل مكانهما راحه من نوعاً غريب، نظر ل "شاكر" وبتساؤل تحدث قائلاً..
"اتكلم يا عم شاكر من فضلك، وفهمني ايه اللي حصل معايا دا بالظبط؟!"..

"الكلام اللي هقوله دا عايز قلب من حديد يا ابني"..
قالها "شاكر" بنبره محذره..
اعتلي القلق ملامح "ياسين" فقترب منه "شاكر" وربت علي كتفه وتابع بابتسامه مطمئنه..

"انا هسيبك ترتاح شويه علشان شكلك راجع من سفر طويل، وهطلعلك شنطك مع ولادي، وقبل ما الشمس تختفي تنزلي تحت تشرب معايا الشاي، وافهمك كل حاجه"..

"اشمعني قبل ما الشمس تختفي؟!"..
هتف بها "ياسين" بتساؤل وحيره باديه علي ملامحه..
"لأن لو الشمس اختفت يبقي هتستني لبكره لحد ما الشمس تطلع علشان اقدر احكيلك"..
اجابه "شاكر" وهو يسير بتجاه إحدي الغرف المغلقه وأشار عليها بسبابته وتابع بتحذير..
" والاوضه دي إياك تفكر مجرد تفكير انك تفتحها يا بيه، الشقه دي فيها 7 أوض غيرها اختار اللي تعجبك فيهم بعيد عن الاوضه دي يا بيه"..

" ياسين بس يا عم شاكر حضرتك تعتبر من سن والدي الله يرحمه".. هتف بها" ياسين" بود واحترام شديد جعل "شاكر" يتطلع له بدهشه بعدما ظن أنه سيكون من عينة شقيقه، ليذهله" ياسين" بحسن أخلاقه، وبفضول أكمل..
"واشمعني الاوضه دي بالذات؟!"..
حرك "شاكر" رأسه بيأس محدثاً نفسه..
" صحيح للصبر ناسه".. نظر لياسين وبتنهيده تابع..." قولتلك هحكيلك علي كل حاجه لما تنزلي تحت، مش هحكي هنا في مكانها يا ابني خليها تعدي علي خير الواحد جدته مش خلصه"..
"مكانها".. همس بها "ياسين"بسره بدهشه، ونظرات منذهله ينظر بها لباب الغرفه الأحمر المختلف عن باقي أبواب الغرف السوداء..
سار"شاكر" لخارج الشقه بخطوات مسرعه، وتابع علي عجل..
" انا هنزل وانت اطمن انت كده هتبقي في أمان بعد ما اعترفنا ان دا مكانها هتسمح ليك تفضل هنا بس قبل ما تغيب الشمس تكون خرجت من الشقه وتتنزلي تحت يا ياسين يا ابني"..
حرك "ياسين" رأسه بالايجاب وعينيه تنظر لاثر" شاكر" بشرود محدثاً نفسه بأسف..
" شكل أخوك وقعك وقعه سوده وخلاك تحط كل ما تملك في شقه مش لوحدك اللي ساكن فيها يا ياسين!!!"..

بينما"شاكر" وقف ينتظر المصعد حتي فتح بابه وخرج منه" ياسر" الذي اعتلي وجهه الغضب فور رؤية "شاكر" واقترب منه أمسكه من ياقة ملابسه وتحدث بصوت خفيض قائلاً..
"انت كنت عند اخويا بتهبب ايه يا راجل انت"..

" اتكلم بأدب احسنلك"..
هتف بها" شاكر"وهو يدفعه بعنف وخطي لداخل المصعد تحت انظار "ياسر" المندهشه من طريقته معه، وقبل ان يغلق باب المصعد كان أخرج "شاكر"حفنة النقود الذي اعطاها له والقاها بوجهه وهو يقول بابتسامة ساخره..
" فلوسك متلزمنيش يا بيه، وانا راجل مسكتش علي الحق ابداً"..

بنتهاء حديثه كان اغلق باب المصعد واختفي عن اعين "ياسر" المشتعله بالغضب والخوف ايضاً ان يكون اخبر شقيقه عن سر هذه الشقه..

ابتلع لعابه بزعر ومال علي النقود وجمعها سريعاً وهو يحدث نفسه..
"ربنا يستر وياسين ميحدفنيش من الدور العاشر"..
اعتدل واقفاً وأخذ نفس عميق وسار نحو الشقه بخطي مرتجفه ووجه يظهر عليه الفزع فشل في اخفاءه..
.............................................
"خير جاي ليه يا زياد؟!"..
هتفت بها "هنا" بجمود تخفي به ألمها الحاد الذي يعتصر قلبها دون رحمه..

ظهر الإحراج علي وجه"زياد" وتحدث بتوتر قائلاً..
"هنا انا اسف مكنتش اقصد اللي قولته"..

ابتسمت ساخرة وهي تقول..
"اممم فعلاً طيب كويس، وبعدين؟"..
ساد الصمت للحظات، وابتعد بعينيه عنها وبأسف تحدث بجمله كانت بمثابة سكب الزيت علي نيران قلبها المتأججة حين قال..
"بصراحه انا مش هقدر اكمل معاكي يا هنا، مش هقدر اشوفك بتدبلي قدام عيني وشعرك بيقع ووشك المنور دا ينطفي صدقيني غصب عني مش هقدر"..

بكت والدتها الجالسه برفقتهما وهي تقول بعدم تصديق..
"ايه اللي بتقوله دا يا ابني، دا بدل ماتقولها انا معاكي وهقف ج؟!"..

قاطعتها "هنا" بهدوء مريب يحمل بين طياته غضب عارم..
" ماما من فضلك اسكتي"..
،نظرت له بابتسامة رقيقه تزين محياها، وحركت رأسها بالايجاب حتي يتابع حديثه، فصمت لبرهه وبصوت اختنق بالبكاء اكمل..
"انا عايزك زي ما عرفتك البنت الجميله اللي كلها طاقه وحياه معنديش استعداد اقبل بغير كده"..

" انت تاعب نفسك وجيلي لحد بيتي علشان تقولي الكلام دا"..
هتفت بها "هنا" بذهول وهي ترمقه بنظرة خذلان،ومن ثم هبت واقفه وتابعت بلامبالاه مصطنعه..
"زياد انا قولتلك في التليفون اني هبعتلك شبكتك مع اختي يعني كلامك وتبريرك دا ملوش عندي اي لازمه، وبما انك جيت لحد هنا فستني لحظه واحده"..

تركته وسارت لخارج الغرفه بخطوات شبه راكضه، ودفعت باب غرفتها بعنف واقتربت من علبه الشبكه أخذتها، وعادت للخارج مره اخري وقفت أمامه ونظرت لعينيه وتحدثت بقوه دون ان تترك الابتسامه ملامحها..
" دي شبكتك، والحمد لله انك مكنتش جيابلي هدايا ولا حاجه غيرها،وانت من اللحظه دي بره حياتي"..

أنهت جملتها واقتربت من والدتها التي تبكي بنحيب وضمتها لها وكأن تبدلت الأدوار وأصبحت هي ابنتها وتحدثت بيقين وثقه عمياء قائله..
"متعيطيش يا ماما انا هخف بإذن الله تعالى وهرجع احسن من الأول وربنا هيعوضني بكل خير وبكره تقولي هنا قالت"..

نظر لهما" زياد"نظرة شفقه ووضع علبه الشبكه بجيب معطفه، وسار نحو الخارج دون النطق بحرف واحد..

نظرت "هنا" لأثره بأعين ترقرقت بها العبرات وبصرامة حدثت نفسها..
" اوعي تعيطي عليه دا ميستهلش دمعه واحده من عيونك، وبأمرالله ربنا هيبعتلك اللي يقدرك ويعوضك عنه"..

ربتت علي ظهر والدتها وبمرح تحدثت قائله..
"خلاص بقي يا مامتي يا طعمه انتي، واطمني بنتك هدير مش هتطلق من جوزها دلوقتي"..

رفعت"هدي" وجهها ونظرت لها بابتسامة من بين دموعها، وبلهفه تحدثت قائله..
" بجد يا هنا اختك هي اللي قالتلك؟"..

" اه يا حبيبتي كلمتني وقالتلي لما إياد يخلص التمرين هتروح علي بيتها مش هتيجي علي هنا، وهتدي ياسر فرصه علشان خاطر ابنهم يمكن ربنا يصلح حاله"..

صكت علي أسنانها بغيظ، وتابعت بأسف..
"ولو أني كنت عيزاها تبعد عن ياسر دا لأنه ملوش أمان"..
هتفت بها" هنا" بضعف، وظهر علي وجهها التعب فبتعدت عن والدتها وركضت نحو الحمام، وارتمت أرضاً أمام المرحاض وبدأت تتقيأ بقوه..

انتهي الفصل..
استغفروا لعلها ساعة استجابة..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي