الفصل السادس

صوت طرقات عنيفة متكررة جعلت "ياسين"
ينتفض بفزع حتي انه سقط أرضاً بعنف..
أمسك ظهره وتأوه بقوة قائلاً..
"ياااا الله"..
فتح عينيه ليتفاجئ بالظلام الشديد من حوله جعله لا يري اي شئ نهائياً، ودوار عنيف يجتاح رأسه كالذي كان تحت تأثير بنج قوي..

اخذ بضعة دقائق ليستطيع التحكم بتمايل جسده، وأسرع بوضع يده بجيب سرواله الجينز يبحث عن هاتفه لتلجمه الصدمة حين وجد نفسه يرتدي سروال قطن وعاري الصدر تماماً..

حاول السيطرة علي توتره، وارتجاف جسده، وأخذ نفس عميق مردداً..
" اهدي يا ياسين أكيد في حاجه غلط بتحصل او حد عامل فيك مقلب مش أكتر"..
هب واقفاً وسار بحذر يتحسس بيده المكان من حوله لعله يصل لمفتاح الإضاءة..

لتزداد الطرقات علي الباب بقوه اكبر وصوت "شاكر" يتحدث برجاء قائلاً..
"افتح يا ياسين يا ابني الله لا يسيئك الشمس قربت تختفي"..

جملته جعلت "ياسين" يتسمر مكانه وتنقطع أنفاسه فهو يتذكر جيداً انه غفي علي الأريكة بردهة الشقة قبل آذان الظهر إذن كيف نام كل هذا الوقت ولم يشعر بأي شيء؟!..

ابتلع لعابه بصعوبة واكمل سير بخطوات مرتجفة وقد بدأت جبهته تتصبب عرق غزير رغم برودة المكان الشديدة من حوله، والهواء المصاحب بقطرات الندي التي تشبه حبيبات الثلج تلفح جسده بقوه..

استجمع شتات نفسه وأصر علي استكمال سيره رغم انه علي علم ان هناك شيء مجهول يتسبب بكل ما يحدث معه، ولن ينكر انه يشعر بالذعر والخوف ولكنه لن يجعل خوفه يسيطر عليه..

لتزداد ضربات قلبه حين استمع لأنفاس أحد ما معه بالمكان، والاكثر شعر بشيء يحوم من حوله..

رفع يده وضعها علي جبهته وتحدث بهدوء مريب عكس هلع قلبه قائلاً..
"لو حد هنا بيحاول يستظرف ويخوفني او يعمل مقلب سخيف ياريت توقف اللي بتعمله لأنه مش هينفع معايا، ومش هخاف؟!"..

قطع حديثه حين اخترق أذنه صوت الفحيح الذي استمعه من قبل قائلاً ببطء..
"لو هتفضل هنا في مكاني يبقي لازم تخاف من سراري"..

فور انتهاء جملتها استمع لصوت صفق باب إحدي الغرف بعنف، وبدأت الستائر تنفتح بمفردها ليقتحم ضوء النهار الشقه من جديد أمام عينيه المنذهله..

لتعتلي ملامحه الدهشه حين وجد نفسه بغرفه واسعه للغايه خاليه من كافة شئ وبها سرير صغير يكفي لفرد واحد موضوع بمنتصفها،جدرانها منقوش عليها أسم "سراري" باللون الأحمر القاتم، وحقائبه موضوعه بإحدى الجوانب جميعها مفتوحه رغم انها مغلقه بأرقام سريه لا احد يعلمها غيره هو فقط..

رفع يده ومسح علي شعره الاسود الغزير بعنف كاد ان يقتلعه من جذوره مغمغماً بنفاذ صبر..
"اللي بيحصلي دا جنااااان وحد بيحاول يطفشني من هنا"..

لينتبه لصوت طرقات الباب التي لم تتوقف بعد، فندفع نحو الخارج بخطوات شبه راكضه وفتح الباب وبلحظه كان جذب "شاكر" من تلابيبه وتحدث بغضب عارم َبصوت عالِ قائلاً..
"انت هناقولي اييييه اللي بيحصلي دا ولا هتخليني ارتكب جريمه حالاً ياراجل انت؟!"..

" شيل أيدك من علي ابويا يا جدع انت"..
هتف بها شاب صغير بمقتبل العمر وهو يدفع يد "ياسين" بعنف..
"شاكر".. بتفهم"سيبه يا عبدالله يا ابني الراجل معذور مش شايف وشه اصفر إزاي"..

التقط" ياسين"انفاسه المتهدجة، وبعدم فهم تحدث..
" فهمني ايه اللي بيحصل دا"..
أشار على ما جسده وما يرتديه مكملاً..
"ومين اللي قلعني هدومي ونقلني من علي الانتريه دخلني الاوضه المرعبة اللي جوه دي، ومين اللي فتح الشنط بتاعتي وفتحها ازاي؟!"..

" انت اللي فتحتلنا الباب وخت مننا الشنط انا واخواتي واديتنا 100ج كمان"..
قالها "عبدالله" وهو يرمقه بنظرات منذهله ممزوجه بالغضب..

اعتلت الدهشه ملامح" ياسين"واشار علي نفسه وهو يقول بعدم تصديق..
" انا؟!"..
حرك رأسه بالنفي، وتابع بثقه..
"انت بتكدب ياض أنت"..

ربت" شاكر" علي كتفه برفق، وتحدث بتعقل قائلاً..
"أهدي يا ابني، والبس حاجه عليك بسرعه، وتعالي نتكلم عندي تحت وهقولك كل اللي أعرفه"..

تنقل" ياسين"بنظره بين" شاكر"وابنه بنظرات غاضبه، وسار للداخل متجه نحو الغرفه الموضوعه بها حقائبه دون النطق بحرف واحد..

وفور دخوله الغرفه تسمر مكانه كمن تعرض لصاعقه قويه فقدته النطق والحركه حين وجد الجدران اختفي منها اسم "سراري" وأصبحت نظيفه وكأنها قد دهنت للتو..

اطبق جفنيه بعنف، وصك علي أسنانه بغيظ محدثاً
نفسه..
"وبعدين بقي في الجنان اللي بيحصل دا!!"..

اقترب من إحدي الحقائب، وجذب منها كنزه سوداء، وحذاء رياضي ابيض وارتداهما علي عجل،ردار بعينيه يبحث عن هاتفه لمحه علي الفراش فأخذه، وسار نحو الخارج بخطوات واسعه..
كان سيره حثيثًا، أقرب إلى الهرولة، وكان لا يرى أمامه من شدة إنفعالاته المتضاربة..
........................................
" انتي عايزه علقه يا هدير تفوقك وترجعك لعقلك"..
هتف بها "ياسر" وهو يقترب من زوجته الواقفه أمامه بثبات وعلي وجهها ابتسامة مصطنعه، عاقده يدها أمام صدرها، وترمقه بنظرات مستهزءه، وبلامبالاه تحدثت قائله..
"مش هستغرب لو ضربتني يا ياسر"..

"نظرت لعينيه بعمق، وبأسف تابعت..
"دا انت ضربت أخوك اللي من لحمك ودمك في ضهره وخت فلوسه من وراه"..

بلمح البصر كان جذبها" ياسر"من شعرها بعنف جعلها تأن بألم حاد بصوت خفيض، وهمس بجوار اذنها بنبره محذره قائلاً..
" لو فكرتي تعيدي اللي قولتيه دا تاني هقطعلك لسانك يا حبيبتي، حتي لو بينك وبين نفسك صدقيني هزعلك اوي ورد فعلي ممكن يوصل للقتل يا هدير"..

" فعلا القتل هو اللي نقصك يا ياسر وتبقي عملت كل الكبائر اللي في الدنيا"..
هتفت بها "هدير" ببكاء شديد، وبضعف رفعت عينيها الغارقه بالعبرات ونظرت له نظرة خذلان، واكملت بغصه مريره..
" يا خاين يا بتاع ناني يلي عايز تصرف عليا انا وابنك من فلوس حرا؟!"..

صرخت بألم حين جذبها بعنف اكبر من شعرها، وتحدث بغضب عارم قائلاً..
" انا مش بتاع حد"..
نظر لعينيها الباكيه نظرة عشق تخصها هي وحدها مكملاً بتأكيد..
"غيرك انتي بس يا هدير"..

خفف قبضة يده قليلاً وسحبها لداخل صدره يحتضنها بل يعتصرها بعناق قوي كاد ان يحطم عظمها بين ضلوعه، ومسد علي خصلات شعرها ومال علي عنقها يلثمه ببطء، وتحدثت بأنفاس ساخنه تلفح بشرتها قائلاً..
" انا مستحيل ابص لوحده غيرك وعمري ما افكر اخونك يا حبيبتي، وناني دي اللي بيني وبينها شغل وبس"..

"والفلوس اللي ختها من ورا أخوك؟!"..
همست بها "هدير" بصعوبه من بين شهقاتها..
ذاد "ياسر" من ضمها ويده تربت علي كافة ظهرها بحميميه وبجديه همس لها من بين سيل قبلاته المتفرقه علي وجهها..
" الفلوس دي عمولتي علي الشقه اللقطه اللي اشترتهاله، لو كنا جبنا اي سمسار كان هياخد اكتر من كده كمان يا ام إياد"..

"عمولة ايه اللي تاخدها من غير علم أخوك، ولقطه ايه بس وكل الناس حذروك منها وقالولك انها مسكونه واصحبها ماتو محروقين فيها"..
هتفت بها "هدير" وهي تبتعد عنه بضعف بعدما ادركت انها غير قادره علي مواجهة عشقه القوي الذي دوماً يغرقها به والذي يرغمها علي الخضوع بين يديه و التعاطي معه و تنفيذ كل أوامره..

تمعن هو النظر لعينيها، وابتعد عنها بضع انشات تاركاً لها المساحة الكافيه يخيرها اتود حقاً ان تبتعد عنه، شعرت ببروده تجتاحها فور ابتعادها عن حضنه، فاسرعت بوضع كلتا يدها حولها ولم تسعفها قدميها بالسير من أمامه خطوه واحده..

ابتسم هو بمكر وبلحظه كان لف يده حول خصرها وجذبها لداخل حضنه مره أخرى صدرت منها آهه خافضه حين ارتطمت بصدره القوي وعاد تقبيلها بحراره أكبر وهو يقول..
"طيب قوليلي ايه اللي يرضيكي وانا اعمله"..

"خليك صريح يا ياسر، وقول لأخوك علي كل حاجه"..

انتهي الفصل..
واستغفرو لعلها ساعة استجابة..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي