الفصل الثاني عشر

.. بالمستشفي..
داخل غرفه "كريم" يجلس" ياسين، وياسر" بعد الكثير من العناق، والسلام الحار..

"سلامتك الف سلامه يا صاحبي.. بأمرالله هتخف وترجع احسن من الأول كمان"..
قالها "ياسين" وهو يربت علي كتف" كريم"برفق..

ابتسم" كريم"له ابتسامه بشوشه مغمغماً..
"ربك كبير..المهم انك نورت بلدك.. والله ليك واحشه يا ياسين"..

رسم الغضب علي محياه، وتابع معتباً إياه..
" بقي مقدم السي في بتاعك في المستشفي بتاعتك ياض انت؟!"..
قهقه" ياسين" وهو يجيبه قائلاً..
"والله يا ابني ما اعرف انها بتاعتكم"..

نظر له "كريم" وضيق عينيه وبمزاح قال..
" ليه نسيت اسم الست اللي كانت بتدعيلك اكتر ما بتدعيلي يا دكتور"..

اجابه "ياسين"بجديه.. "دكتوره عبير والدتك دي انا بعتبرها امي التانيه، وعمري ما انسي فضلها عليا أبداً.. بس مخطرش علي بالي ان المستشفى اسمها عبير الأمل علي اسم والدتك يا ابني"..

"كريم".. "يبقي اعمل حسابك انك هتستلم شغلك من اللحظه دي، وانا أول حاله هتابعها كمان"..

" عنيا ليك يا غالي"..
قالها" ياسين" بابتسامه هادئه..

وجه "كريم" نظره ل"ياسر" الجالس بتوتر، وقلق ظاهر علي ملامحه بوضوح، وعقد حاجبيه وهو يقول..
"مالك يا ابو إياد؟"..

هب" ياسر" واقفاً ونظر ل" ياسين" وبتساؤل تحدث..
" هتتكلم ولا واتكلم انا يا ياسين؟"..

"كريم" بقلق.. "في ايه يا ابني انت وهو؟"..
تنحنح" ياسين" وتحدث بأحراج قائلاً..
"بصراحه يا كريم انا مش عارف اشكرك ازاي علي قبول توظيفي هنا في المستشفي.. بس انا عشمان فيك بزياده يا صاحبي"..

اعتلت ملامح "كريم" الغضب، وبتحذير قال..
" كلامك دا هيزعلني منك..انت عارف اني بعتبركم أخواتي، وعمري ما اتأخر عليكم في حاجه أبداً.. اتكلم على طول وقولي في ايه يا ياسين"..

أشار "ياسين" بعينه علي شقيقه وبأسف تحدث قائلاً..
"اخت مرات ياسر تعبانه اوي، ومحتاجه عملية استئصال ورم من الأمعاء بأسرع وقت،ولو أمكن عايزين نجبها تتعالج هنا في المستشفي"..

دون تردد، ودون تفكير نظر "كريم" ل" ياسر" وتحدث قائلاً..
" حالاً هتطلع معاك عربيه إسعاف تجيب الحاله وتجي علي هنا، وكل علاجها واي شئ تحتاجه علي حساب المستشفي"..

أنهى جملته، وأمسك الهاتف الموضوع بجوار فراشه، والتابع للمستشفي وتحدث به بصرامه..
" جهزو عربيه إسعاف حالاً، واوضه بأسم..نظر ل ياسر بتساؤل.. ليهمس له بأسمها قائلاً..
" اسمها هنا مصطفي"..

أنهى حديثه واغلق الهاتف.. ليبتسم له "ياسين" وهو يقول بمتنان..
"ربنا ما يحرمني منك يا صاحبي"..

"ولا منك يا ياسين".. قالها "كريم" وهو يربت علي كتفه بقبضة يده برفق..
ليقترب منهما "ياسر" مردفاً بأحراج..
"لو ينفع انا عايزك تتابع انت حالتها بنفسك يا كريم..انت جراح متخصص في جراحة الأورام وهتقدر تساعدها بخبرتك"..

نظر ل "ياسين" مكملاً..
" وانت كمان يا ياسين تتابعها وتاخد بالك منها"..

قال "ياسين" مأكداً.. "من غير ما تقول يا "ياسر" بأمرالله طبعاً هكون معاها واعمل كل اللي أقدر عليه"..

تهللت أسارير "ياسر" ونظر ل" كريم" يستجديه ان يوافق هو الأخر.. ليظهر الأسف على وجه "كريم" وتحدث بصوت يملئه الحزن قائلاً..
" انا للأسف في الفتره الأخيره كنت مهتم بالسباحه اكتر، وبعدت عن الطب، وكمان انا هدخل عمليه قريب يا ياسر فمعتقدش اني ممكن أقدر اساعدها في الوقت الحالي"..

صمت لبرهه وتابع مستفسراً، وهو يري تأثر "ياسر" الشديد والحزن البادي علي محياه..
"بس انا ملاحظ انك متأثر أوي بتعبها"..

تنهد "ياسر" بألم قائلاً..
"دي اخت مراتي الوحيده، والاتنين روحهم في بعض.. عمري ما أنسى فرحت ام إياد لما "هنا" دخلت كلية الطب، وربنا كرمها واتخطبت لدكتور،وفجأه وبدون أي مقدمات حياتها اتقلبت 360 درجه.. تتعب وخطبها مقبلش تعبها دا وسبها على أول الطريق، ودراستها يا عالم هتقدر تكمل فيها ولا لاء.. تعبها دا يا "كريم" كان قلم قوي فوق كل اللي حواليها وأولهم انا"..

اعتلت الدهشه ملامح" كريم" عندما استمع لما حدث مع هذه ال "هنا" والذي يشبه كثيراً لما حدث معه..ابتسم ابتسامه باهته وهو يقول..
"دايماً معادن الناس بتبان وقت الشدة والضعف"..
صنت قليلاً، وشيئاً ما بداخله ود أن يري "هنا" التي راقه اسمها كثيراً.. اخذ نفس عميق، ونظر ل "ياسر" مردفاً بهدوء...

"روح هاتها يا ياسر، وانا هتابع حالتها مع ياسين"..

البارت العاشر..

.. بعد مرور أسبوع..

بالمستشفى..

يجلس "ياسين" داخل مكتبه.. لم يعود لمنزله منذ استلام عمله حين رأي "هنا" ومدي تدهور حالتها الصحيه التي أجبرته على المكوث بجوارها ومتابعتها بنفسه جبراً لخاطر شقيقه المتأثر بمرضها..

استطاع خلال تلك الأيام تحليل كل ما حدث معه بمكان "سراراي".. واه من هذه ال "سراراي" التي لم تغيب لوهله عن ذاكرته.. يراها بمنامه وحتي أثناء يقظته..

هيئتها.. خصلات شعرها السوداء الحريريه.. رائحة اللافندر التي تروقه كثيراً.. صوتها الهامس الناعم، وحتي صوتها الأخر التي تحاول اخافته به يتردد بأذنه يجعل الابتسامه تزين محياه..

اتسعت ابتسامته حين تذكر نصف وجهها ذو الملامح الرقيقه والجميله حد الفتنه..فاغمض عينيه وبدأ يتخيلها أثناء تمايلها متراقصه بأحتراف بلارينه، سريعاً ما تلاشت وفتح عينيه بفزع عندما هاجمه نصف وجهها المحروق..

مسح على وجهه بعصبيه محدثاً نفسه..
"لا انتي مش عفريته يا سراراي..وأكيد عم"شاكر" عارف أساس الحوار دا كله"..

اعتلت ملامحه ابتسامه ماكره حين داهمته فكره مجنونه وحسم أمره بتنفيذها.. نظر بساعته وجدها تقترب على الثانيه بعد منتصف الليل.. فهب واقفاً وسار بخطي مسرعه لخارج مكتبه متجه نحو غرفة صديقه "كريم" طرق الباب برفق واندفع للداخل دون انتظار رد..

"انا قولت برضو انك اكيد لسه صاحي، وهتيجي تحكيلي زي كل يوم عن عفرتك سراراي اللي مش مبطل تفكير فيها دي"..
أردف بها "كريم" بنبره مرحه ..

اقترب منه "ياسين" وجلس بمقعد مقابل له وبجديه مصطنعه تحدث..
"وانا قولت هجي القيك ماسك كتب طب وبتراجع اللي نسيته وخصوصاً في كل ما يشمل جراحه الامعاء"..

اغلق" كريم" الكتاب الذي بيده ونظر له بتحذير مردفاً..
" طيب عدي ليلتك، وقولي وصلت لأيه في موضوع سراراي يا ظريف"..

اجابه "ياسين".. "انا حاسس ان سراراي مش عفريته يا كريم"..

قال "كريم" مستفسراً.. "بس اللي انت حكتهولي عن اسمها اللي كان مكتوب بالدم علي الحيطان وعلى الازاز، والنور اللي بيقطع لوحده، والكهرباء اللي كهربتك بيها من غير ما تلمسك، وشوفتها قاعده جوه المرايه تبقي بعد كل دا مش عفريته إزاي؟!"..

وضع "ياسين" رأسه بين كفيه وبأسف قال..
" ياريتها عملت كده وبس.. انا اخر مره شوفتها كانت كانت في قمة غضبها يا كريم"..

.. فلاش باااااااااااك..

" متخيلتش أن اسمي حلو أوي كده غير لما سمعته منك انتي يا سراراي"..
قالها "ياسين" بهمس، وهو يقترب بوجهه من المرآه ويتأمل ملامحها بفتان بعدما انمحي خوفه من نصف وجهها المحروق وحل مكانه إعجاب واضح بهيئتها ككل..

اعتلت ملامحه الدهشه حين لمح عينيها المملوءه بحزن دفين ترقرقت بها العبرات، ولكنها كبحتها سريعاً وانعدمت الرؤيه تماماً حين انطفأت الإضاءة الحمراء الخافضه..

استند "ياسين" علي المرآه وهب واقفاً وسار عدة خطوات بحذر يحاول الوصول لمفتاح الإضاءة مغمغماً بنبره هادئه..
"سراراي احكيلي حكايتك، ومتخفيش مني خليني أساعدك وصدقيني مش هتندمي"..

انتفض بفزع حين عادت الإضاءة الخافته مره أخرى ووجدها تقف وقفتها المعتاده أمام المرآه من الخارج، وتتحدث بصوت غاضب يدل علي نفاذ صبرها..
"انت اللي هتندم لو مخرجتش من مكاني حاااااالاً"..

أنهت جملتها ودوي صوت تحطيم زجاج شديد بكل أركان الشقه حتي شعر "ياسين" ان الزجاج سيسقط على رأسه وستكون نهايته، ولكنه ظل واقف أمامها دون حراك مكتفي بالنظر لها..

رفعت وجهها ببطء ونظرت له نظرات منذهله من هدوءه وعدم خوفه من ما تفعله.. اشتعلت عينينها بالغضب اكثر، وصرخت بصوت عالِ للغايه..
"اخرررررررج"..
ظلت تكرررها دون توقف.. بينما صوت التحطيم يزداد أكثر..

ظل "ياسين" واقفاً بثبات بمكانه.. لا يريد الخروج رغم هول، وصعوبه الموقف من حوله..فبرغم من نظرتها الغاضبه له إلا انها تستجديه بعينيها إلا يرحل جعلته يتسمر بمكانه..

"انتي مش عايزاني أمشي يا سراراي"..
هتف بها "ياسين" بصرامه وثقه جعلها تقطع المسافه بينه وبينها حتي أصبحت أمامه مباشرة وتحدثت قائله بتحذير..
"أخرج..لو مخرجتش حالاً هتموت"..
صمتت لبرهه، وتبدلت ملامحها الجامده لأخرى هادئه وتابعت بهمس استمعه هو رغم صوت التحطيم الذي مازال مستمر..
" وانا مش عايزاك تموت يا ياسين"..

انبلجت ابتسامه على محياه اختفت سريعاً حين صرخت هي فجأه..
"اخررررررج"..
هذه المره انصاع لحديثها، وسار نحو الخارج بخطوات راكضه، وفور خروجه من باب الشقه صفق الباب بعنف خلفه..

وقف يلتقط أنفاسه،واضعاً يده فوق جبهته ليلمح هاتفه، وساعته وجزدانه الجلدي موضوعين على سور الدرج.. اقترب منهم واخذهم، ونظر لباب الشقه المغلق مغمغماً..
"هرجعلك يا سراراي"..

.. نهايه الفلاش باااااااااااك..

"ومن ساعة اللي حصل دا وانا هنا في المستشفي مرجعتش الشقه، وأكيد هتفكر إني خوفت ومش هرجع تاني"..
تمتم "ياسين" هازًا كتفيه بخفه..

"كريم" عاقداً حاجبيه بذهول..
"وبعد كل اللي حكتهولي دا لسه شاكك انها مش عفريته؟!"..

اجابه "ياسين" قائلاً بتعقل.. "المرايه دي ممكن تكون باب مثلا وهي قاعده وراه،وصوت التكسير دا اكيد في حد بيساعدها، و هو اللي بيطفي الكهربا، واكيد هو اللي كهربني لأني اتكهربت من ضهري، والحد دا انا شاكك انه عم شاكر.. أما اسمها اللي بالدم دا اكيد هي اللي كتباه.. لأنها لو عفريته يبقي مش هتتكسف من نظرتي ليها ووشها يحمر من الكسوف!!"..

"كريم" بتساؤل.. "انت طلعلك عفريته قبل كده، وعارف بيتكسفو ولا لاء؟!"..
حرك "ياسين" رأسه بالنفي..
"يبقي انت حظك حلو وطلعلك عفريته بتتكسف.. احسن ما تكون بجحه وتسود عيشتك وتدخل عليك الحمام تقطعلك الخلف هههه"..

"ياسين" بفخر.. "لا يا اسطا الحمد لله عفرتي من النوع الخجول"..

ضيق "كريم" عينيه وهو يقول بتساؤل ..
"انت قولتلي انها عملتك اكل ورتبتلك هدومك وعملتك فطار كمان؟"..

"ياسين" بلهفه.. " ايوه والله يا كريم.. حتي انا نسفت الأكل ساعتها كان طعمه خطير الصراحه"..

دمدم" كريم" بتفكير قائلاً..
"امممم لو عفريته كانت عفرتتلك البيت وقلبتهولك على بعضه زي ما بنشوف في الأفلام، ومش بعيد كانت تيجي على السيره و تشوفها معانا هنا في الاوضه"..

ربت "ياسين" على كتفه برفق، وبفرحه ظاهره بصوته قال..
"عندك حق.. ايوه كده ركز معايا يا كيمو خلينا نحل لغز سراراي اللي مطيره عقلي من ساعة ما شوفتها دي"..

رفع "كريم" حاجبه ورمقه بنظره متفحصه مغمغماً..
"سلامة عقلك يا دكتور ياسين"..

غمز "ياسين" له بشقاوه وهو يقول..
"وسلامة عقلك انت كمان من ساعة ما شوفت
"هنا" يا دكتور كريم، ولا فاكرني مش واخد بالي"..

رفع "كريم" حاجبيه بدهشه وتحدث قائلاً..
" واخد بالك من ايه يا بني آدم انت.. دا انا لسه حكيلك من يومين اني طلقت مراتي علشان مستحملتش قعدتي على الكرسيي، وهدخل عمليه بعد كام يوم يا عالم هتنجح ولا تفشل بعد ما كنت عايش حياتي بالطول والعرض.. يعني الحمد لله ان لسه فيا عقل أساساً "

"بمشيئة الله تعالى عمليتك هتنجح وهترجع احسن من الأول يا حبيبي.. دا اختبار من ربنا وانت هتكون قده وهتنجح فيه بجداره كمان يا كريم"..
قالها "ياسين" بيقين،وصمت لبرهه وتابع بتعجب..
" بس إزاي صافي قدرت تسيبك في ظروفك دي، وانت متخلتش عنها لما عرفت انها مبتخلفش؟!"..

" انا مقولتلهاش اصلاً على نتيجة التحاليل والاشاعات اللي بعتهالك تعرضها على الدكاتره بره يا ياسين، ورضيت بقدر ربنا، وكنت مستعد اكمل معاها من غير أطفال بس هي اللي مستعجله وعايزه تخلف تخيل!!"..
قالها "كريم" وهو يطرد زفره نزقه من صدره..

"ياسين" بتساؤل.." وانت ليه معرفتهاش الحقيقه لما طلبت الطلاق؟!"..

أجابه" كريم" بأسف.."لو كنت قولتلها كانت هتكدبني في الأول وتفتكر اني بقولها كده علشان تفضل معايا، ولما تتأكد ان كلامي صح وانها فعلاً مبتخلفش هتبقي مجبوره تفضل علي زمتي"..

ابتسم له "ياسين" وهو يقول.. "ربنا يعوضك بلي تستاهل قلبك، ويتم شفاك علي خير يا صاحبي"..

أمن" كريم" علي حديثه، وبإعجاب قال..
" بس دا ميمنعش ان "هنا" فعلاً مميزه ونوع من البنات اللي بقت نادره الأيام دي بأخلاقها،وإيمانها والرضا اللي بشوفه في عنيها رغم شدة وجعها والظروف الصعبه اللي بتمر بيها"..

ابتسم "ياسين" بتساع وتحدث بمرح قائلاً..
"عرفت بقي انها عجباك يا كيمو.. عيب عليك انا صاحبك وقراري دماغك"..

"كريم".. "اه عجباني ارتحت كده، خلينا بقي نرجع لموضوعك.. انت بتقول انك شاكك في البواب وفي كلامه اللي حكهولك عن الشقه واصحابها؟"..

"ياسين".."دا انا شبه متأكد.. مش بس شاكك فيه.. عم شاكر دا كلامه ليا فيه لغز كبير"..

" كريم" بتعقل.. "يبقي متخدش بكلامه، واسأل سكان العماره يا ياسين اكيد هتلاقي عند حد منهم معلومه تفيدك، واقعد مع أخوك وشوفه عرف الشقه دي منين، وسأل عليها هو كمان ولا لاء علشان تقدر تفهم وتعرف ايه اللي بيحصل معاك بالظبط"..

" هسأل الواد ياسر دلوقتي يمكن يكون عنده معلومه تفدني".. قالها" ياسين" وهو يخرج هاتفه من جيب سرواله وطلب رقم شقيقه، ووضع الهاتف على أذنه منتظر الرد..

"كريم" بدهشه.."هتكلمه دلوقتي يا ابني اكيد هتلاقيه نايم، وهتصحيه مفزوع كده"..

هم" ياسين" بالرد عليه..لكن أتاه صوت" ياسر" المرتعد يقول بفزع..
" يا ياسين انت كويس؟!"
"ياسين" بهدوء.. " كويس يا ابني متخفش"..
استمع لصوت زوجة شقيقه "هدير" تقول بلهفه..
"في حاجه حصلت ل"هنا" يا ياسر"..

أسرع" ياسين" بالرد قائلاً..
"وهنا كويسه والله.. انا بس كنت عايز أسألك على حاجه مهمه"..

" ياسر" بقلق.. "اجيلك يا ياسين؟".. ابعد الهاتف عن أذنه، وضم زوجته لصدره مغمغماً بهمس..
"أهدي ونامي يا أم إياد اختك الحمد لله بخير"..

" ياسين".." لا خليك يا حبيبي متجيش.. بس قولي وانت بتشتري شقتي سألت مين عليها بالظبط؟!"..

"ياسر".."سألت عم شاكر البواب"..

أردف "ياسين" مستفسراً.." يعني مسألتش حد من الجيران اللي في العماره؟"..

"لا يا ياسين مكلمتش حد منهم خالص"..
قالها" ياسر" بأسف..

"ياسين".. " طيب يا حبيبي اقفل ونام معلش قلقاتك"..
"ياسر" بحب صادق..
"ولا يهمك اقلقني براحتك يا غالي،وعايزك تفضي نفسك علشان نقعد مع بعض عايز اتكلم معاك في موضوع مهم كنت مأجله لما نطمن على هنا، والحمد لله هي عملت العمليه وبدأت تتحسن"..

"ياسين" بسعة صدر وترحاب.. "وقت ما تحب تجي قولي وانا افضالك مخصوص يا ياسر.. انا معنديش أغلى منك يا اخويا"..

التمعت اعين" ياسر" بعبرات الندم، وتحدث بصوت متحشرج قائلاً..
" هوصل "هدير" لأختها واجيلك مكتبك في المستشفي انهارده إن شاء الله"..

تنهد "ياسين" برتياح وهو يقول.. "وانا هستناك، وهسمع كل اللي هتقوله، وهفهمه يا ياسر متقلقش.. يله بقي اقفل.. سلام"..

أنهى حديثه، وهب" واقفاً، وبحماس قال، وهو يسير لخارج الغرفه..
"انا هروح أمر علي المرضي بتوعي، ولما اخلص هروح اصلي الفجر في الجامع وهطلع على الشقه أشوف" سراراي" هتسمح تتدخلني ولا لاء، وابقي اجبلي هدوم بالمره وانا جاي بدل ما انا مقلب هدومك من ساعه ما استلمت شغلي هنا"..

" كريم" بقلق.. " بلاش تروح لوحدك يا ابني واستني للصبح، وخد أخوك معاك"..
ابتسم "ياسين" له وهو يقول..
"فضولي هيموتني، ومش قادر استني اكتر من كده الصراحه"..سار نحو باب الغرفه مكملاً بسره بعدم تصديق..
" معقول واحشتني يا سراراي!!"..

هم بفتح الباب.. ليوقفه صوت "كريم" يقول بتوتر..
" متمرش على "هنا" يا ياسين.. احححم انا هبقي أمر عليها"..

" عونيا.. انت تأمر يا دكتور".. قالها "ياسين" بضحكه متسعه تظهر جميع أسنانه جعل "كريم" يصطنع الغضب، ويبحث عن شئ حوله يقذفه به.. ليسرع هو بالخروج من الغرفه، ويصفق الباب خلفه..

أنتهي الفصل..
واستغفرو لعلها ساعة استجابة..

















..

"ياسر".. "اطمني انا قولتله علي"هنا" اهم حاجه دلوقتي،وكلمنا صاحبه وهنروحله، وانتي ابعتيلي كل التحاليل، والاشعه بتاعتها علي الواتس علشان اعرضهم عليه وبإذن الله نوديها المستشفي انهارده"..

قالت "هدير" راجيه.." متتأخرش علينا يا ياسر"..
" حبيبتي مقدرش اتأخر عليكي"..
قالها بهمس وصوت يحمل لها الكثير من العشق جعلها تبتسم بخجل، وبهمس هي الأخرى قالت..
" مع السلامه يا حبيبي"..

أغلق" ياسر"الهاتف وتطلع أمامه بشرود يفكر كيف سيخبر شقيقه بأمواله الذي أخذها منه دون علمه؟..
أطبق جفنيه بعنف وهو يتخيل نظرة الأسف تملئ أعين شقيقه تجاهه..

رفع يده ومسح علي وجهه وشعره بقوه كاد ان يقتلع خصلات شعره من جذوره محدثاً نفسه بعتاب..
" إزاي قدرت تعمل كده وتسرق أخوك اللي أمنك علي ماله؟!!"..

"يله يا ياسر"..
قالها "ياسين" الذي خرج من المصعد مندفعاً، وسار نحو الخارج بخطوات شبه راكضه بأنفاس متلاحقه، ووجه يبدو عليه الغضب الشديد..

ليسرع "شاكر" خلفه ويتحدث بتساؤل وقلق قائلاً..
"مالك بتنهج ليه كده مع انك خارج من الاسانسير.. انت كويس يا ياسين يا ابني؟"..

اجابه "ياسين" بابتسامه باهته.." كويس.. كويس يا عم شاكر بس انا عندي فوبيا من الأماكن العاليه مش أكتر"..

"طيب يله بينا يا ياسين مش عايزين نتأخر علي البنت التعبانه دي"..
حرك "ياسين" رأسه بالايجاب وسار معه نحو الخارج وعقله يدور به الكثير من الاسئله حول ما تدعو "سراري" بل والأكثر هناك رجفه اجتاحت قلبه، وكيانه لأول مره يشعر بها لم يستطع تفسيرها لم تكن أبداً رجفة خوف..

بينما أنتظر" شاكر" حتي تأكد أنهما ابتعدوا عن المبني، وسار نحو المصعد مسرعاً وضغط علي الزر الموصل للطابق العاشر الخاص ب "سراري" ..
..................................
بمنزل هنا..
" بت يا "هدير" قوليلي المستشفي اللي انتي عايزه نودي اختك فيها اسمها ايه؟"
هتفت بها "هدي" بتساؤل، وهي ترمق ابنتها بنظرات شك..

أخذت "هدير" نفس عميق وبتعقل تحدثت قائله..
"ماما انا عملت بحث عن احسن مستشفي متخصصه في جراحة الأورام ولقيت مستشفي"عبير الأمل" هي احسن مستشفي.. علشان كده خليت "ياسر" يشوف وسطه ندخل بيها "هنا" المستشفى"..

شهقت "هدي" بعنف، وضربت بكف يدها علي صدرها وهي تقول بذهول..
"انتي عايزه أختك تتعالج في المستشفي اللي "زياد" شغال فيها يا بت!!"..

اجابتها "هدير" بغضب.."اديكي قولتي انه شغال فيها.. يعني الندل دا كان ممكن يساعد اختي ، ويقف جنبها ويدخلها المستشفي اللي هو اكيد عارف انها من احسن المستشفيات اللي عامله قسم متخصص في الحالات اللي زي حالة "هنا".. بس خاف ليدفع حاجه من جيبه فخلع وبعد عن أختي خالص"..

بكت "هدي" وهي تقول.." اختك مش هتوافق يا هدير"..

" هتوافق يا ماما.. "هنا" عندها أراده وعايزه تخف"..
هتفت بها "هدير" بثقه..
صمتت لبرهه وبتمني تابعت.." بس علي الله "ياسر" يقدر فعلاً يدخلنا المستشفي دي.. أدعي من قلبك يا أم هدير"..

انتهي الفصل..
واستغفرو لعلها ساعة استجابة..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي