الفصل الثاني :

في الجهة المقابلة:
لا أعرف لماذا قد تخاطبني بهذه اللهجة الشديدة فتاة بالكاد أعرفها،كنت أفكر وانا أنتظر في موقف الباصات، انتظر رحلتي،جاء من بعيد باص عكس زجاجه ضوء النهار، وأصبح كشئ يلمع، كنت مستغرقة في خيالي وكدت أفوته، دفعت له ببطاقة الطالبات الذي أعطتنا إياها المعلمة اليوم وجلست قرب النافذة، اليوم كان مزعجاً.
في الطريق إلى المنزل كانت الحافلة تمر بالبحر، يمكنني رؤيته جيداً،،أود أن اتوقف، ولكن يجب ألا اتأخر ولكنني فجأة شعرت أنني أريد أن استرخي أمام أمواجه،، نزلت من الحافلة وسرت بمحازاة الأشجار التي يتخللها ضوء النهار لتبدو نقوش ظلها على الأرض كالحناء،،
البحر، آه.. كم أحب البحر،، تكتسح أمواجه وحدتي، جلست على رماله الذهبية،، أغمضت عيناي وتركت هواءه يغسلني بالكامل، فتحت عيناي لأرى امواجه تداعب الشاطئ بخجل وتعود، كل شيء هنا لطيف وناعم.
لم أشعر بالوقت وهو يمر،،، تذكرت أن أمي ستكون قلقة علي،، وقفت وفتحت يداي للبحر كوداع اخير لعله يحضنني للأبد ويبقى معي ، وركضت بسرعة حتى وصلت الحي، حي الزهور المتواضع،سمته نساء حينا بحيّ الزهور، لأن هنالك يوم في الأسبوع يجتعمن فيه نساءُ الحي لزراعة الزهور، كما تعملون قد يكون ترويح لأنفسهن فأكثرهن ربات بيوت، أتعجب كل يوم من نساءِ حيينا،، قد قررن مؤخراً أن يجعلن لهن يوماً يمارسن فيه الرياضة جميعاً،، وسأكون محظوظة إن لم أصادفهم في مكان ما، لأنهن سيجعلنني أنضم لهن في كل شئ ولن أستطيع الفرار،وصلت إلي المنزل وكانت أمي تقف عند الباب
_أمي!
_لم تتحدث بشئ، وعادت إلي الداخل
تبعتها وكنت اقول بحذر:
:أعلم أنني تأخرت انا أسفة.
_لاتجعلينني قلقة عليك مرة آخرى.
_حسناً.
كنت أشعر دائما بأن أمي إنسانة وحيدة، كنا نجتمع على طاولة الطعام كل يوم بهدوء،لم تكن تتحدث معي كثيراً، لكنها تحبني كثيراً وفي الحقيقة أنا كل ما تملك، كنت حينما أراها وهي بائسة هكذا أحزن كثيراً،،سألتني وهي تتناول الطعام كيف كان يومي الأول.. قلت لها انه جيد،، لم تسأل عن شئ بعدها كانت حوارتنا دائماً هكذا قصيرة وموجزة.
ذهبت أمي لتنام وذهبت أنا الى غرفتي كانت مليئة بالرسومات في كل مكان، وجودهم حولي يشعرني بالراحة،أرسم المباني بطرق مزهرة،المنازل المزهرة سكانها مزهرين ايضاً،،على النقيض تماماً من بيتي البارد،، كنت أرسم كلما ينقصني على الورق وأبعثره على حوائط غرفتي هنا وهناك، وأنام وسط الكثير من الرسومات، أستلقيت على سريري ونظرت الى السقف، شعرت أنني يجب أن أضع رسومات على السقف، وأكمل غرفتي لتصبح لوحة كاملة، غلبني النعاس الشديد، وغططت في نومٍ عميق.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي