الفصل الثاني عشر

"لميس"
اقف صباحاً اراقب غروب الشمس اتمناه يوماً جديداً مليئاً بالإجتهاد وبالإنجاز، اتمناه يوماً افرغ فيه جميع طاقاتي من غير هدر، بفائدة كبيرة،وضعت لي تقويماً على الحائط يحوي الايام من الليلة حتى يوم الإمتحان، بعد أن ادرس الدروس التي من المفترض أن ادرسها سأصحح كل يوم من هذه الأيام، علمت نفسي أنني اذا وجدت نفسي في اي وضع سأحوال استخراج الأفضل يمكنني ذلك،ارتديت ملابسي، شربت الشاي مع أبي، ومن ثم انطلقت الى المدرسة،، الطابور الصباحي كالعادة،أودي نشاطي الرياضي بكل نشاط، الرياضة تجعلني سعيدة، علمياً انها تزيد من هرمون السعادة، تحركنا الى الفصول كانت ساحة المدرسة كبيرة وتحفها الأشجار، الجو بارد، هذا الشتاء كانت درجات الحرارة منخفضة على الأغلب، سقط الثلج كثيراً، لكن مؤخراً لم تتساقط حباته ابداً،قلت لفتيات في الفصل، السلام عليكم
رددن: وعليكم السلام، أخذت الحضور منهم سريعاً ولكنني تفاجئت ببرق غائبة اليوم أيضاً، لم تحضر لأيام عديدة، ذهبت الى مرشدة الفصل وسلمتها ورقة الحضور، طلبت مني إن كان بإمكاني أن اذهب الى منزل قمر وارى مابها، قلت لها أنني سأذهب بعد المدرسة اليوم، شكرتني ودخلت الى الفصل، كان كل ما يشغل بالي هو الدراسة حقاً، لا أعلم حينما يحدد وقت الإمتحانات دائماً ما اتوتر، لكن توتري كان مفيد لي جداً في جميع سنواتي في الدراسة لأنني بسببه كنت أدرس كثيراً، واتعجب من اولئك الذين يجعلون كل شئ الى اليوم الأخير، انا إن تركت كل شئ الى اليوم الاخير لن أدرس بالتأكيد، لأنني سأعلم انها النهاية، نهايتي بلا ريب، لن يمكنني أن انجز شيئاً بسبب القلق والتوتر الذي سيتمكلنى الى درجة المرض ،ولكن حولي ارى الكثير ممن يملكون القدرة على يكملوا مقرراً كاملاً في يوم، وتكون انفسهم ثابتة، أعتقد أن ذلك يعود الى العادات، لقد اعتدت هذا في حياتي، وهم أعتادوا ذلك، ولكن لا زال أحدنا يتعجب من الآخر، اليوم كان درس الفنون جميلاً، كانت نور الملكة في هذه الدروس، بعد أن فازت لوحتها، أصبح جميع من في الفصل ياتون اليها لتعلمهم، كان الندم بادياً من وجهها ههه، كما عرفناها دائما تحب الهدوء، وهذه المسابقة جلبت لها الإزعاج من كل مكان، كان معلم الفنون يتحدث عن تاريخ الفن وجعلنا نحاول رسم شجرة بشكل ثلاثي الأبعاد، درس الفنون ممتع يمكنني الشعور بالراحة الشديدة فيه وبالحرية، لأن المعلم يجعلنا نفعل مايحلو لنا، والرسم كما نريد، رغم أنني سيئة في الرسم إلا أنني استمتع برسوماتي البسيطة، كانت قمر تحمل الفرشاة وترسم شيئاً لا أعرف ماهو ولكنها كانت منهمكة، بعد كل هذا الإجتهاد يجب أن تكون رسمة جيدة.
رن جرس واصبحت الفتيات يتزاحمن من أجل الخروج، انا لا أعلم لماذا لا يمكنهم أن يتريثوا قليلاً، يمكننا جميعنا الخروج، لا يبدو أن هنالك شخص يفضل الفصل الدراسي على وقت الطعام، يريدون أن يكملوا صدور الدجاج، شعرت بأنني يجب أن اركض ايضاً كنت ما كثيراً ما أجد الطعام اللذيذ قد نفذ، الآن، الاآن سأسرع على غير عادتي. ركضت على السلالم، وقفت في المقصف كنت من المبكرين قليلاً، لا اعلم لماذا افعل هذا الغباء ولكنني شعرت برغبة للجري ههه، جلبت طعامي وجلست كمنتصرة أصلحت وضع نظارتي بسبابتي وبدأت الأكل.

"قمر"
جاءت والدتي وايقظتي، لكنني لا أود النهوض، أريد أن انام، المزيد المزيد من النوم، أنا متعبة حداً، لا أريد الذهاب الى المدرسة اليوم، اريد البكاء، الذهاب الى المدرسة كل يوم، هذة مسؤولية لست بقادرة على حملها، جاءت أمي بكأس ماء وقالت وهي تهددني :هل ستنهضين أم ماذا؟
_دعيني أنام قليلاً، اذا غبت يوماً واحداً لن يؤثر.
قبل أن اكمل جملتي حتى بدأت تريد سكب الماء علي صحت :
_حسناً حسناً سأنهض حالاً.
البس كل يوم نفس الملابس يال هذا الضجر، كانت زي مدرستنا ازرق بأبيض، تنورة زرقاء وقميص ابيض، كنت متأخرة اليوم ايضاً، دخلت الفصل وكانت لميس تأخذ في الحضور، نظرت إلي من تحت نظارتها الكبيرة تلك، جلسنا، رسمت رسمة في حصة الفنون سأفاجئهم بها بلاريب، أناملي رسمت هذا الإبداع، ذهلت لاجلب الإفطار وجدت لميس وهي تركض على السلم مسرعة،أقول داخلي مالذي يجعلها مسرعة هكذا، ولكنني تفاجأت انها وقفت في صف الطعام، كان الأمر مضحكاً، مضحكاً جداً، هذه لميس لا أعلم كم شخصاً تحتوي، غريبة جداً، جلست الى جانبها بعد أن جلبت طعامي، كان منظرها وهي تركض لا زال عالقاً في ذهني، إن كنت اركض انا لكان شيئاً عادياً ولكنها لميس لذلك اضحك، نظرت الي وقالت : لماذا تبتسمين، هل هنالك شئ مضحك يافتاة. اضحكيني معك؟
_لا لا شئ، اكملي طعامك، ثم ما هذا الأسلوب في الحديث اليوم، هل تعتقدين أنك معلمة أم ماذا.
_نعم ألا ترين هذه النظارات الكبيرة، والعيون الثاقبة هذه.
لقد علمت ان هذه الفتاة اليوم ليست بوضعها الطبيعي ههه، جاءت نور وجلست، قالت لميس اننا يحب أن نذهب للمكتبة اليوم أيضاً، ولكن قبل ذلك يجب أن اذهب الى منزل برق، قد وكلتني  هذه المشرفة بهذه المهمة،
قلت : نعم انها لم تحضر لأيام عديدة. يمكنني الذهاب معك إن كنت تريدين.
قالت نور :وانا ايضاً يمكنني ان آتي.
قالت لميس : حسناً يمكنكما مرافقتي.
تذكرت الرسمة التي رسمتها، جلبتها وقلت لهم الآن سترون أجمل لوحة على البسيطة، لوحة قمر، أريتها اياهم، ولكن تعابير وجهوهم لم يكن فيها تعبير، قلت :اليست جميلة.
ضحكت نور ولم ترد بينما اكتفت بالصمت لميس، كنت امزح معهم، أنا لا أجيد الرسم، سيئة جداً في الرسم، قلت لهم :شكراً لدعمكم موهبتي بالصمت. شكراً لزمن ليس فيه اصدقاء، ثم ذهبت من قربهم، في الحقيقة ذاهبة الى المرحاض، سيكونون مذهلون حالياً، او لا، أعتقد ذلك، يعرفوني جيداً، عدت وجدتهم لا يزالون يجلسون ويتحدثون، جلست واصبحنا نتحدث في الدروس، اشعر بالضجر منها ولكنها ضرورية، رن الجرس للعودة الى الفصول، لا فرصة للهروب من بقية الدروس، اذا جلست هنا ستأتي المراقبات بعد قليل ويدخلونني، واذا وددت الخروج الى الخارج لن يدعني الحرس، انه فخ، عدت الى الفصل، توالت الدروس، في نهاية اليوم وضبت اشيائي وذهبت الى لميس، نور اتت كذلك بالقرب من طاولة لميس كانت توضب اشياءها ونحن ننتظر،خرجنا، ذهبت لميس وجلبت وصفاً لمنزل برق من سجلات المدرسة، سرنا في الطريق الى المحطة، وركبنا الحافلة للوصول الى مكان يبعد نص ساعة من المدرسة ومن ثم ركبنا مرة أخرى، كان منزلها بعيد حقاً، كيف تأتي كل يوم من هناك، واذا كانت تستقل الحافلة كما فعلنا سيكون الأمر مرهقاً بلا ريب، وصلنا الى المنطقة التي بها منزلها وصرنا نتبع الوصف، وجدنا في الطريق جدة كبيرة في السن سألناها عن منزل قمر، ارشدتنا اليه، طرقنا الباب و وقفنا على جانب الباب،كان هنالك صوت عالي لشخص يتحدث بالهاتف مع شخص آخر، فتحت لنا الباب برق، واظنها تفاجئت بنا كثيراً، ادخلتنا، كان الصوت لا يزال عالياً، كانت امراة تتحدث مع شخص آخر، اظنها أمها، جلبت لنا بعض العصير، وسألتها عن سبب غيابها، قالت أنها كانت مريضة ولم تستطع القدوم، اعطيتها دفاتر وملخصات للأيام الدراسية السابقة، شكرتنا، وكانت تبدو هادئة للغاية.
خرجنا من منزلها،
قالت لميس :هل سمعتم ما كانت تقوله هذه الإمراة التي معها، اسلوبها لم يعجبني، هل هي أمها يا ترى اذا كانت أمها فهذا يفسر لي تماماً كيف أتت برق بهذه الشخصية انها، كأمها تماماً.
بدا لي حديث لميس منطقياً جداً كانت امها تقول عبارات مثل يحب عليك أن تنالي منه، لا أحد يمكنه أن يساويك، اجعليه يرضخ لك، كان حديثاً متغرطساً بالفعل.
تابعت نور: هل ستستطيع برق أن تفرق بين الصحيح والخطأ وهي تلقن من امها الاساليب المتعالية والمتغرطسة، هل يمكنها أن تخرج وتفهم أن هذا خطأ، كيف يمكنها وكل شخص سيرى امه صحيحة.
قالت لميس: يمكنها أن تفرق.
كانت إجابة لميس بسرعة، كشخص لديه تجربة. أو كشخص يريد أن يجعل الجانب الآخر يستطيع بأي شكل كان، لا زال لدي الكثير عن. صديقاتي مجهول، ارى في عينيهما دائماً اشياءاً واشياءاً.
وصلنا الى المكتبة كنت منهكة حقاً كيف يمكنني الدراسة، لا أستطيع
قلت للميس بعطف:اطلقي سراحي ارجوك سأذهب.
قالت لميس: يجب عليك ان تدرسي وانت متعبة، الدراسة وانت متعبة ستجعلك تدرسين في اي وضع اخر، اجعلي نفسك تعتادها في كل الأوضاع، صدقيني ستلمسين نتائج تجعلك سعيدة.
كانت كلماتها دائما مشجعة، لا أستطيع العطاء مثل لميس، اما نور فأنها حساسة جداً، وأشعر انها دائماً تريد أن تحسن من اوضاعها، تبدو هكذا ولكنها كثيراً ماتقول انها لا تحب شيئاً، ولكنني ارى اهتمامها حقاً في جوانب كثيرة، انها خجولة بلا شك، اصبحت اليوم محللة بإمتياز، كنت في المكتبة انظر اليهم وهم يدرسون كانوا يدرسون بجد،اكملنا الدراسة وسرت مشياً الى المنزل، كنت متعبة، املك كل تعب العالم، هذه الأيام أحرق الكثير من السعرات الحرارية في الدراسة، يحب علي ان اكل، اغذي نفسي وعقلي ليوم جديد، مررت بالأطفال وهم يلعبون ي الخارج لم يسقط الثلج منذ أيام طويلة، الأطفال كم أحبهم، رؤيتهم تجعلني أشعر بشعور نقي، فهم طيبون ونقيون، لا يحملون حقداً. قلوبهم نظيفة وناصعة البياض كاللبن، مثل زهور بيضاء،
"نور "
اجلس بقرب النافذة على حافلتي المسرعة، اتذكر فيها أحداث هذا اليوم جميعاً، كنت لا ازال افكر في برق، كنت كثيراً ما ألوم الناس على افعالهم، ويمكنني الإشمئزاز منهم يمكنني تقيمهم تبعاً لما اراه فقط،ولكنني اليوم تعلمت درساً جيداً، ان ما نراه سيئاً أمامنا بكل وضوح،يمكن أن يكون وراءه اسباب جعلته هكذا، هذا لا يبرر الخطأ بلا ريب ولا يضعه في مكان صحيح ولكنه على الأقل يعطينا فرصة لفهم الآخرين من حولنا، وتقبلهم ومحاولة مساعدتهم بشكل صحيح،لأنه من الممكن انهم يعانون ايضا، هذا اللقاء البسيط مع برق اليوم جعلني ادرك أنني لا أستطيع الجزم إن كانت أمي تلقنني منذ الصغر عبارات التعالي والتعجب والتكبر على الجميع ، هل كنت سأتي طفلة سوية، هل يمكنني أن اخرج من تفكير مزروع بداخلي منذ الصغر، لا أعلم، لا أستطيع أن اقول أنني يمكنني النفاذ، حينما وضعت نفسي في مكانها،علمت انه يمكن أن اكون كذلك، لا أبرر خطئها ولكنني الآن افهمها واشفق عليها واتمنى لها الخلاص،
كانت الحافلة مسرعة وافكاري متسارعة ايضاً،، النسيم عليل والسماء جميلة جداً.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي