الفصل الثالث:

"قمر"
اليوم الثالث في المدرسة، أيقظتني أمي من نوم عميق، كان حلماً جميلاً،
_أستيقظي أيتها الكسول.
_كم الساعة؟!.
_انها الثامنة.
نهضت وأنا اصرخ: الثامنة،، الثامنة!!،
ولم أعلم ماذا أفعل، اظنني سأوبخ اليوم أيضاً، يالها من بداية مليئة بالخير نظرت إلى الى الساعة فوجدتها السادسة، نظرت إلى أمي كانت تضع قناعاِ على وجهها وشعرها مرفوع عالياً، كانت هذه طقوسهل لنظافة المنزل ..
ناديتها وانا أريد البكاء:
_أمييي!!!
نظرت إلي نظرة تقول فيها:
-تحلي بروح الدعابة يا حبيبتي.
_دعابة! الا تعلمين أنني مثل هذه افعال قد تجلب لي سقطة قلبية وأموت لك الآن هنا.
أمي وهي تضحك :
_كفاك كلاماً ايتها الكسول.
وانا أتحدث الى أمي لمحت أخي وهو يريد أن يدخل الى الحمام ولكنني كالعادة لن ادعه يدخل أولاً بسلام،، ركضت تجاهه ودفعته بعيداً
صرخ :أيتها الحمقااااء.
قلت له وانا على وشك الدخول :
_حظاً اوفر في المرة القادمة، أخي العزيز.
قفلت باب الحمام في وجهه وهو يحاول الدخول، اشعر بالسعادة ههه.
كنت أنظر في مرأة الحمام لوجهي أنظر  إلى عيناي، وأقول لنفسي يا أيتها الفتاة المسكينة، هل يومان في المدرسة فعلت فيك هذا، يالك من مسكينة، كان أخي يضرب الباب بقوة ويقول: أخرجي كفاك أود الدخول.
ولكن كان كل مايهمني هو عيناي المسكينتان.

_________________________________________________
"نور"
الجو كان يصبح بارداً شيئاً فشيئاً،، الشتاء القادم، ستبدأ هجرة الطيور قريباً،أحب الشتاء، أحب كل طقوسه، رغم أنني أتجمد احياناً ولا أشعر بأطرافي،وتكون الحياة قاسية في الشتاء ولكن شعوري فيه دائماً مختلف ودافئ.
أستيقظت ووجدت أمي صنعت لي كوب شاي دافئ، كنت البس ملابسي بسرعة، وعلى الطوالة كانت هنالك رسمة لم تكتمل لشجرة الصفصاف، وددت اكمالها ، لدي الكثير من الرسومات التي لم أكملها، أبدأها بشغف ثم لا أنهيها، لا يهمني، في مرات أشعر أن تركها غير مكتملة يعطيني شعور أفضل،
مسكت كوب الشاي الدافئ وكان البخار يتصاعد منه وكنت أرى في الجانب الآخر من البخار أمي وهي تستعد ايضاً للخروج الى العمل، تعمل في شركة كمحاسبة، خرجنا سوياً وذهبت الى موقف الحافلات.
كانت هنالك شجرة في الطريق تبدأ أوراقها في التساقط كانت أوراقها بيضاء نقية كاللبن، لا اعرف اسمها ولكنها كانت تبدو جميلة وتعطيك شعوراً رائعاً.
جلست قرب النافذة وكان النسيم يتسلل الى وجهي بخفة، حياة هادئة وباردة، انا الآن في الجنة.
______________________________
"قمر"
في الفصل اليوم سيتم إختيار ممثلة الفصل، ستترشح من يردن أن يكن ممثلات للفصل،،وستختار المعلمة منهن تبعاً لأختبار بسيط ستعطيه لهم، ممثلات الفصل دائماً ما يكن بغيضات، أو نحن عشاق التسوف نشعر بالخطر معهن،
قالت المعلمة "سحر" :
_من يردن الترشح يرفعن ايديهن.
لم ترفع الكثير من الفتيات ايديهن كن من ضمن من رفعن ايديهن برق ولميس، كانتا شخصيتان مختلفتان في نظري، هذه تمثل الأجتهاد وتلك الهمجية المطلقة، لا أعرف كيف صنفتها مجتهدة ولكنها تبدو كذلك،
المعلمة: سأوزع أسئلة في ورقة لكل منكن وعلى حسب نتائجكن سأعين ممثلة الفصل.
كانت لميس تكتب بثقة وبرق هذه كم اتعجب منها علي أيّ أساس ارادت أن تصبح ممثلة للفصل، اعتقد انها تظن انه تشريف لها وتعينها ملكة على هذا الفصل، لم تعي مقدار المهام التي ستوكل اليها، لم أكن لأستطيع تحمل كل هذه المهام.
جاءت المعلمة بعد نصف ساعة وهي تقول:
كانت النتائج متقاربة بين لميس وبرق ولكن تقدمت لميس بفارق بسيط، اذاً هي ممثلة هذا الفصل من الان.
يال الدهشة بفارق بسيط، أشعر بالقثيان، لا أعلم من لعب بالأحداث هنا ولكنها لا تبدو حقيقة، يبدو أن هناك جانباً مخفياً من برق هذه،
صفق الجميع لممثلة الفصل الجديدة لميس.
وكن صديقات برق يلتفنن حولها ويواسنها، كأنها خسرت جائزة كبرى يالسخرية هه.
جاء اليوم معلم الرياضيات كان أول دروسه عن الجبر، لديه شعر كثيف ابيض كأنشتاين، كنت أشعر سابقاً ان معلمي الرياضيات قد يقودهم الأمر للجنون، وخاصة شديدي التعلق بها، في النهاية انه مجود شعور، جاء وقت الفسحة لأجل الأفطار، انها أفضل وقت في اليوم، الطعاام، الطعاام، توجهت الى المقصف وجلبت طعامي وجلست في طاولة وبدأت أكل في هدوء، جاءت من بعدي لميس وجلست برغم أن هنالك اماكن اخرى فارغة، وبعدها بمدة قصيرة جاءت نور، لا أعلم ولكن الأمر اضحكتي كنا نبدو ثلاثتنا كالممبوذات، أكلنا بهدوء كما في السابق، ولكن بدا لي الأمر غريباً ان لم أتحدث اليوم برغم التقاءنا على الطعام مجدداً
سألت لميس :
_كيف هو شعورك وأنت الممثلة الجديدة للفصل.
توقفت لميس عن الاكل وقالت :
_لا أعرف حقاً، لكني كنت اطمح لذلك.
لم أفهم كلماتها هذه، يحب ان تكون سعيدة إن كانت تتطمح لهذا.
كانت نور تأكل في هدوء ولم تشاركنا.
قلت لهم:
_ أعتقد الجو هذه الايام يصبح بارداً شيئا فشيئاً، كم اخاف البرد
سألتني لميس:
_لماذا؟
_اجواءه تشعرني بالوحدة.
_اعتقد  أنني وحيدة من غير شتاء.
تدخلت نور وقالت :
_اتفق.
فجأة تاكدت تماماً بأننا منبوذات بلا ريب.
كان هذا اول حوار قصير يدور بينا لأول مرة.
_______________________________________
"نور"
اليوم تحدثت مع قمر ولميس على طاولة الطعام، كانت قمر تبدو أجتماعية جداً وأضحكني انها تخاف الشتاء بسبب الوحدة التي قد تعتريها، ولم تعلم أن هذه طبيعيتي، وانا علي نقيضها تماما، لأن الشتاء يجعلني أشعر بشعور أفضل، ولكني لم اتحدث غير بكلمة واحدة، كنت افضل الجلوس معهم بسبب الهدوء ولكن قمر كسرت هذا اليوم، وتعجبت من أن آخر حديثها معي كان بتوبيخي كيف أنني لم أدافع عن تلك الفتاة، ولكنها سرعان ما تخطت ذلك وأصبحت تريد الحديث ما لفت انتباهي أنها يمكنها التعبير عن شعورها بسهولة ووتتحدث معك كصديقة رغم أننا لم نعرف بعضنا بعد، لا أعلم ان كان قد اعجبني هذا التصرف أم لا، لكنني في الحقيقة  لم ارفضه.
الساعة السادسة صباحاً :
جفناي لا يريدان أن ينفتحا، يطلبان مني برقة أن أواصل نومي، فتحت عيناي وكان الثلج يتساقط أشعر بأنني أحلم، توجهت بسرعة تجاه النافذة كانت حبات الثلج تسقط على النافذة بخفة ثم تذوب، كان منظراً شاعرياً، لم تتوقع نشرات الأخبار سقوط ثلج، كانت مفاجأة لقلبي،ذهبت لأستحم وانا أغني، كانت أمي لا تزال نائمة، أيقظتها ولكنها لم تستجب لي، استحممت وارتديت ملابسي، أخذت مظلتي كانت معلقة بالقرب من الباب، وانا أسير في الشارع كان الثلج يسقط على كل الأسطح، كان كل شئ يبدأ بكسوه البياض، وصلت الى باحة  المدرسة جلست على مقعدي.
جاءت ممثلة الفصل لميس لتخبرنا أن هنالك مسابقة ستجرى في المدرسة للغناء والرسم و للأسئلة الثقافية العامة، وكل من يمارس هواية يمكنه أن يشارك،،جال في خاطري أنه يمكنني أن أشارك في مسابقة الرسم، ولكنني في الحقيقة ليس لدي نية لنشر رسوماتي أو حتى ليعلم الجميع أنني ارسم، ماذا سأستفيد إن شاركت فيها، أنني أرسم لنفسي ويمكن لهذا الرسم أن يخفف عني الكثير فتراجعت عن الفكرة، كنت أنظر حولي ورأيت قمر تظهر على وجهها ملامح الإستياء، اظنها لا تهتم ايضاً بهذه المسابقة.
جاء معلم التاريخ اليوم وحدثنا عن انهجاء معلم التاريخ اليوم وحدثنا عن انه كيف تم غسل ادمغة الجنود في الحروب قديماً لتقديم ارواحهم في الحروب، كان قد قال لنا انه من الصعب أن تقنع أحداً بأن يفقد روحه حتى وإن كان من أجل بلاده ولذلك كان لابد من أن يجدوا طريقة ليتم بها حشد الجيوش في الحرب العالمية الثانية للقتال، فالحوجة لجيش كبير تحتاج أن يقتال في الجيوش حتى الناس العاديين، فكانت الطريقة أن يصور تجرد الأعداء فأذهان الآخرين بأنهم مجردون من انسانيتهم وكأنهم حيوانات وليسو بشراً وذلك لنزع ادنى حد من الرحمه في التعامل معهم، وقد وجدت هذه الطريقة نجاحاً كبيراً لأن الجنود اصبحوا يعتبرون انهم يقتلون حيوانات والحرب اصبحت كالصيد واصبحوا يتفننون في القتل والتعذيب بل تخطوها لأن يأخذوا تذكارات من الجنائز بأن يقتلعوا اسنانهم مثلاً ويصنعوا منها قلادة أو الإحتفاظ بجماجمهم للزينة أو لوضع الأقلام.
كنت انصت جيداً، لم ارغب في النوم، اظن ان قصصه بالفعل مثيرة، اظن أن جميع الاستاذة يمكنهم ان يجعلو دروسهم مثيرة بأسلوبهم الخاص، وإن كان هنالك فصل ينصت بأهتمام فإن هنالك بلاشك معلم يعرف ما يفعله،
رن جرس وغادر معلم التاريخ وقفت لميس وقالت :
قولو السلام
رددنا ورائها :السلام عليك.
كانت هذه طريقتنا، عند دخول المعلم وخروجه، تقف ممثلة الفصل وتقول حيوا المعلم  ونردد نحن بصوت واحد السلام عليك، فيقول لنا وعليكم السلام،، أحب كلمة السلام، أن تدعي لأحد بالسلام، وان تردد في ايامك كلها هذه الكلمة، ان تمنى أن أناله.
اخذت اهبط بالسلم لأسفل حتى اتناول طعامي، وقفت في صف الطعام وكانت هنالك فتاة خلفي تصرخ للفتاة الأولى في الصف أن تستعجل رمقتها الطاهية بنظرة جعلتني ارتعش، اخترت كالعادة طاولة قرب النافذة كان الثلج قد توقف عن السقوط، ولقد توقعت أن تأتي لميس وقمر ليجلسان في هذه الطاولة ايضاً وهذا ما حدث، اتت لميس وجاءت من بعدها قمر، كنا نأكل ثلاثتنا بهدوء، ولقد توقعت  ايضاً أن تكسر قمر هذا الهدوء مجدداً، قالت:
ماذا ستفعلون في يوم الجمعة
قالت لميس وهي تضع المعلقة جانباً:
إنني ازور نادياً للكتب كل يوم جمعة.
قلت : سأرسم.
سألت قمر بدهشة: انت ترسمين؟! .
شعرت بأنني لم يكن يجب أن أتكلم، كنت اندم دائماً بعد أن اخبر اي شخص بشئ .
اردفت: نعم.
قالت قمر بحماس: حسناً لما لا تشاركي في المسابقة التي ستقام في المدرسة،
بالنسبة لي مثل قمر اشخاص متطفلون، يزعجني التطفل حتى وإن كان بإسلوب لطيف،
قلت لها: لست مهتمة بالأمر.
تدخلت لمبس وهي تقول:
لماذا اظن أنها فرصة جيدة لك.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي