الفصل الرابع عشر

"نور"
صباحي اليوم مختلف اشعر بثقل شديد بقلبي، حزن يلتهمني بالكامل، تخبط عقلي لا زال يتملكنني، جلبت اللحاف وشددته على صدري تكومت عليه كعاداتي، هذه الوضيعة تخفف عني قليلاً، يمكنني اشعر بدفء جسدي يقتلعني من وحدة العالم حولي، الوحده، يمكنني أن اشعر بها وبثقلها الشديد حتى وان عاشرت العالم جميعاً، لا أشعر بالرغبة بمغادرة الفراش، لا اريد الذهاب الى المدرسة،تأتي أيام أود فيها أن يتوقف العالم عن الدوران من أجلي ، أن ألتقط أنفاسي قليلاً، أشعر بسرعته الشديدة مع حزني الذي يبطء خطواتي ويريد عزلي، اريده أن يتوقف من أجلي، قليلاً، أن كان بالإمكان أود منه أن يتبدل قليلاً أيضاً أن يزهر، ويريني جماله، أن يشفيني ، لا أن يواصل المضي ويتركني على اتخبط على الهامش هكذا، حقاً لا أود النهوض من الفراش، جسدي لا يطاوعني وقلبي كذلك.
"قمر"
اليوم في المدرسة نور لم تأت، اتسائل إن كانت بخير، الدروس اليوم تواصلت كالعادة، احياناً أفكر أن كل هذه الأشياء في العالم من حولها تستمر رغم كل شئ، نور لم تأت ولكنني ادرس رغم كل شئ، هذه العادة، وهكذا تجري الحياة، لا نستطبع التوقف، التوقف يعني عدم الحياة، لأكون حية يجب أن أعيش، كانت المعلمة تتحدث ولكنني انظر في النافذة، الجو كان لا يزال بارداً، الصيف على الأبواب ولكنه لا زال بارداً،الأشجار باهتة، كبهتان اليوم، اليوم،لا أعلم لماذا أشعر بالحزن الشديد.
"لميس"
قررنا انا وقمر عند الطعام أن نذهب لنور في منزلها، لنطمئن لحالها، كانت كل قرارتنا القليل عددها حتى الآن تأتي على طاولة الطعام هذه، اتمنى أن تكون بخير، جميعنا في العالم نقاتل شيئاً ما بقوة، ولدينا شئ شديد الحساسية في حياتنا حتى وإن اظهرنا غير ذلك، نخبأه طوال الوقت، لن نري ضعفنا للناس حولنا، سنضعه في اقصى متاهات روحنا ليضيع، ليتشتت هكذا حتى لا نستطيع نحن ذاتنا مواجهته، كنت أشعر بأن نور هكذا أيضاً.
أكملنا الدروس، كنت أوضب أشيائي، جاءت قمر وذهبنا لمنزل نور، حفظت الطريق، حينما وصلنا لم نجد أحداً في المنزل كنا نقرع الجرس ولكن لا أحد يستجيب، اردنا الرجوع،ولكن فجأة جاءت نور وهي تحنل أغراضاً من البقالة، قالت : اوه لميس قمر كيف حالكم؟
قلت: بخير كيف حالك انت.
_انا بخير والحمدلله.
أمسكت مشترياتها بيد وفتحت الباب باليد الأخرى، دخلنا الى المنزل، جلسنا وكانت تود احضار بعض العصير، كانت ملامحها تبدو عليها التعب والحزن الشديد، قالت أنها بخير ولكنها حقا لا تبدو كذلك، قلنا لها أننا لا نود شيئاً فقط أن تجلس وتتحدث معنا،
قالت قمر : هل أنت بخير يانور، يمكنك أن تحدثينا عن أي شئ وان تضع ثقتك فينا، نحن لا نعرف بعضنا البعض من مدة طويلة ولكنك يمكنك الثقة فينا بلاريب.
كانت نور تسمتع فقط ولم تبدي أي ردة فعل.
قلت لها :حتى وإن لم تتحدث، وأو لا تريد التحدث سنكون بجانبها.
قبل أن اكمل حديثي بدأت تقول،
:إنه أبي، قد عاد، لم اره من قبل، منذ ولادتي لم اره ولا أعلم مكانه، وحينما عاد قال أنني إبنته، كان ذلك الشخص الذي فتحت الباب له،نعم، هذا هو الامر.
لا أعلم ماهي كلمات المواساة التي يمكن أن اتفوه بها، كل شئ لايبدو أنه سيجدي نفعاً، كان الأمر صادماً، هذا شئ حزين للغاية.لا أعلم حقاً ماذا أقول لذلك صمت لمدة.
قالت قمر : انا اعلم أن هذا الأمر شديد الصعوبة، وانه امر حزين،، ولكنك يا نور يمكنك أن تري هذا من جانب اخر انه قد عاد في نهاية المطاف، كان عليك أن تستمعي إليه على الأقل.
_لا لن أستمع ولا أود أن استمع، حتى أنني لا أود أن اراه مرة أخري، أود أعيش حياتي بشكل طبيعي، ولا أود ظهوره.
لم تتحدث قمر مرة اخري وجلسنا فقط صامتين، كان صكتنا نحن الثلاثة دائما يساند أكثر، جلوسنا هكذا بقرب بعضنا يسنادنا أكثر، جلسنا لمدة من الوقت، ومن ثم غادرنا، قلنا لها أن الأمور ستكون بخير، وسألناها إن كانت ستأتي غداً، قالت أنها ستأتي، كانت نور شخصاً هادئاً كنت أعتقد أن وراء هدوئها هذا حياة طبيعية هادئة ايضاً، ولكنني لم أتوقع ذلك ابداً، وضعت نفسي في مكانها هل يمكنني أن اشعر بأنني بلا أب، ألن تكون حياتي جل محور التفكير فيها عن الأب، الذي يجب كان أن يكون الى جانبي طبيعاً، أمر صعب للغاية، سرنا أنا وقمر على الطريق، ولكننا لم نتحدث ابداً، اظن كل منا كان يفكر أن ما حدث لنور حزين ولم يكن لحديثنا أن يكون ذا جدوى، كان لحديثنا أن يخفف من هول الموضوع، ولكن الأمر لم يكن يقبل التخفيف.
وصلت الى المنزل وكانت أمي تشعر بأنني أخرج كثيراً مؤخراً، اظن انتي سأتابع في الأيام القادمة إن لم يكن أنها قد تابعتني اليوم. اسلتقيت على سريري بتعب، أود ايقاف عقلي عن التفكير، يجب أن أدرس، أن اواصل الدراسة، لا يجب لشئ ان يبعدني عن اهدافي، نمت قليلاً واستيقظت لادرس، كانت هذه مهارة قد اكتسبتها منذ صغري بأنني يجب أن أفصل كل شئ في حياتي عن دراستي، أن ادرس وانا أشعر بالتعب وانا حزينة وانا لا أستطيع الدراسة، ولم. يكن الأمر لينجح بغير ذلك.
"نور"
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي