الفصل العاشر

نور :
لحافي بارد، بيتي بارد جداً، موحش، النور يأتي من أمي دائماً، اجر لحافي والفه علي حتى اشعر بالدفء اكثر، اظن أن البرد في قلبي، شعرت بالبرد القارس يلفني بعد أن أن رفعت أولى خطواتي على سلم هذا المبنى بعد أن اتيت من مطعم أهل قمر، كنت دائماً ما اشعر بالوحشة في هذا المنزل ولكنني اعتدتها، يمكنني أن اتعايش معها، ولكن حين خرجت ورأيت أسرة قمر كاملة شعرت بشعور غريب،بأنني اريد الأنضمام لهم، أن أعيش وسط أسرة مفعمة بالحياة مثل هذه، كنت أرى الحنان ينبعث من كل فرد منهم، كانوا متماسكين ببعضهم وصلتهم تبدو قريبة جدا إلى بعضهم، فهمت أنني يمكنني أن اتخيل أن حياتي سعيدة فقط لأنني لم اجرب حياة اكثر سعادة، أن ارى النور الخافت نوراً حقيقاً لأنني لم ارى الأكثر اضاءة، يمكن للضوء الشديد أن يبين النقص الكامن فيني، أن يوضحه بشدة. حتى أنني برغم معرفتي بأنها نواقص إلا أنني لا أستطيع التحكم بشعوري الحزين لحياتي، ضممت قدماي الى صدري عسى ان تشعرني بأن هنالك شئ معي في هذه اللحظة، قفلت جفناي شيئاً فشيئاً وكانت نومة موحشة حقاً.
"لميس":
حتى استطيع أن أذهب الى افتتاح المطعم، أخبرت أمي كالعادة أنني سأخرج للدراسة مع صديقة لي، كانت تتملقني بنظرات لم أشعر بأنها صدقتني حقاً، في المطعم كان كل شئ جميل يمكنني  رؤية الجميع سعداء، كانت الأنورا جميلة، والإطالة على البحر خلابة، مزيج الطعام مع هذه إطلالة كان إبداعاً بالفعل، كنت والدة قمر حنونه جداً، كنت ابتسامتها عريضة وتبعث روحها البشوشة الراحة الى نفسي، الأكل بعد العمل شئ رائع، لقد قمنا بتوزيع الكثير من الملصقات، والأكل كان مذاقة مختلف بعد ذلك، رأيت نظرات العرفان والشكر في عيني قمر، وشكرتني امها كثيرا، لكنني حقاً لم اشعر بأنني فعلت شيئاً، ولكنهم اناس طيبون، انا الآن مسرعة في الطريق حتى لا اتأخر عن المنزل الساعة السادسة مساءاً، كنت احمل حقيبة. معي فيها بعض الكتب حتى استطيع النفاذ من أمي، وصلت باب المنزل وكنت انفاسي متسارعة لأنني اسرعت في المشي، فتحت لي أمي الباب، في العادة تفتح الخادمة، هذا ليس شيئاً مبشراً ابداً، قلت :كيف مساءك أمي.
_.........
لم تجب.
سألتني :أين كنت تدرسين؟!
اجبت وانا اتمتم : لقد كنت في الدراسة. مع صديقتي قمر في المكتبة.
نظرت إلي نظرات حادة كانت تمسك كاساً في يدها
وصاحت وهي ترمي الكأس ويتناثر الزجاج من حولها: ارجوك يا لميس لا تكذبي لماذا تكذبين لقد رأيتك وانت تدخلين ذلك المطعم اللعين وكنت هناك حتى هذا الوقت، هل تسمتعين بإضاعة وقتك، هل لديك وقت كثير، أريدك من الاوائل في هذا المجتمع،اريدك ناجحة وانت! انت ماذا تريدين!!
لم استطيع ان اكبت انهمار دموعي، وضعت يداي على اذني حينما سقط الكوب، وكنت ارتجف حقاً.
اردفت: اذهبي الي غرفتك حالاً يجب عليك أن تدرسي وتعوضي هذا اليوم، ومن تلك الصديقة التي ذهبت الى مطعمها، ما اسمها؟ قمر؟ لا اريدك ان تتلقي بها مجدداً.
اصبحت تخفض صوتها قليلا وتربت على رأسي وتقول لي :يا صغيرتي هذا ليس وقتاً لتكوين الصداقات، الصداقة ستضيع عنك الكثير اذهبي الى غرفتك الآن.
كنت اشعر بالخوف عندما أرى أمي دائماً تحاول كبح غضبها، كان الأمر مخيفاً اكثر من غضبها زاته، كنت خائفة عدت الى غرفتي وضعت الكتب أمامي ولكنني بدأت بالبكاء، بكيت بحرقة، كانت دموعي تنهمر كشلال، لم أعرف ما اريد ماذا أفعل، لكنني لم  استطع أن افعل اي شئ آخر غير البكاء،وانقضت هذه الليلة وانا حزينة للغاية.

قمر :
كان أول يوم في المطعم مبشر بفضل نور ولميس، في الحقيقة كنت يائسة جداً قبل ان يأتوا،لماذا لم افكر ان اذهب واقوم بنشر التبرعات، من هذا المثال البسيط يمكنني القول انه، كل شئ يمكنه التغير إن خطوت نحو التغيير، كانت هذه فكرة لميس، انها انسانة خدومة، بعد أن جاء أبي وأمي من المطعم كانا يضحكان بصوت عال ويتشاوران فيما بينهما لليوم القدام وقد اعلنا لتعين نادلين، كنت اتجهز للذهاب الى المدرسة،إنني كل يوم ارتدي ملابسي واذهب الى المدرسة لكنني لا اعلم الى الآن ماذا يجري في الدروس، استمع جيداً في العادة الى الدروس وافهمها ولكنني انساها بعد مرور وقت قصير لأنني لا ادرسها، ستكون الايام الامتحانات ايام صعبة، خرجت وانا مسرعة لأن لم يتبقى وقت كثير على بدأ الفصول الدراسية،وصلت متأخرة وكان الجميع يدخلون الى الفصول، وبختني المعلمة قليلاً ولكنني دخلت بنجاح،كانت أولى الدروس اليوم عن الأدب كانت معلمة الادب تتحدث عن نجيب محفوظ وعن كتبه وقصصه وقد بدأت الحديث قبل ذلك عن تاريخ الأدب الإسلام وقصت لنا قصة عن هارون الرشيد ومدى ذكاء العرب سابقاً كانت قالت انه جاءت امرأة الى هارون الرشد وكان معه جمع من أصحابه فأصبحت تدعو له :يا أمير المؤمنين، أقر الله عينيك، وفرحك بما أتاك، وأتم سعدك، لقد حكمت فقسطت، زادك الله رفعة. فشعر بالسرور هارون الرشيد لدعوتها له فسألها من اين انت ايتها الامرأة فقالت انها من جماعة قتلت رجلهم واخذت اموالهم، فعلم هارون من هنا انها دعت عليه ولم تدعو له، فقال هارون لصحبه هل تعلمون ما قالت لي، قالوا : نرى انها دعت لك بالخير، قال: ليس كذلك فقولها انها أقر الله عينك هنا انها دعت له العمى وأما قولها فرحك الله بما أتاك فأخذته من قول الله تعالى “حتى إذا فرحوا بما أتوا أخذاهم بغتة ” ،، وأما قولها أتم الله سعدك فأخذته من قول الشاعر" إذا تم شيء بدا نقصه ترقب زوال إذا قيل تم" ،، وفي قولها لقد حكمت فقصدت فأخذته من قول الله تعالى فأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبًا “.، قد أعجبني حقاً كيف أنه شديد البلاغة هكذا، لا اتوقع حتى أحفظ بيوت شعر، حتى استشف منها حديث الناس، لقد كان ذكياً وبليغاً بالفعل.

قالت المعلمة بعد ذلك انه ستكون موعد الامتحانات نصف النهائية بعد شهر من الآن ستكون الامتحانات في فصل الربيع ياللعجب، ستساعدنا الأجواء على الدراسة ولكنني كنت افضل ألا ادرس في مثل هذه الأجواء هه تواصلت الدروس، وحان موعد الإفطار، كانت الفتيات  هادئات للغاية اليوم في الفصل، اشعر ان اعلان موعد الإمتحانات جعلهم يشعرون بالثقل هه، تدرجت السلم حتى اصل الى المقصف من اجل تناول الطعام، جلست بالقرب من لميس كانت لا تبدو على مايرام،
سألتها : مابك يا لميس اليوم؟
_لا شئ ،بخير ليس بي شئ يذكر
كان ردها مقتضباً جداً ومختصرا ً.
لا اعلم مابها اليوم، جاءت نور وجلست واصبحت تسأل لميس عن الدراسة وموعد الإمتحانات ولكن جميع ردودها كانت مختصرة، فضلنا أنا ونور أن نأكل بهدوء معها ولا نسألها عن شئ، انتهى يوم دراسي آخر كنت امشي في ساحة المدرسة اود الذهاب مشياً، عادة ما أذهب مشياً ولكنني من الغد سأتي بدراجتي، نادتني نور من بعيد:قمر انتظري
_ما الامر؟
_ليس هنالك شئ أود فقط أن اسير معك في الطريق.
ابتسمت وقلت لها :حسناً هيا.
سألتني ونحن على الطريق : كيف كنت ترين لميس اليوم؟
_لم اشعر بأنها على مايرام.
_انا كذلك شعرت بذلك.
_ أتمنى أن تكون بخير
مع حديثنا هذا سمعنا صوت ينادينا من بعيد كانت لميس تركض مسرعة نحونا وَقفت امامنا وانفاسها متسارعة، لم نكن نعرف ماذا تريد أن تقول في هذه اللحظات كانت هنالك بعض اللحظات الصامتة التي استجمعت فيها انفاسها ثم بدأت بالتحدث قالت : ادرسوا جيداً.
تعجبت بشدة وقلت لها : هل اتيتي كل هذه المسافة لتقولي هذا؟.
_نعم، لا تنسوا ادرسوا جيدا، افعلوا مابوسعكم، يمكنكم فعلها.
من ثم  استدارت وهي هي تلوح لنا الى اللقاااء.
كانت نور مذهولة، ذهولها اضحكني، في الحقيقة لميس اضحكتني أيضاً ولكنها كانت عبارات سعيدة لنهاية يوم ،
واصلنا المسير انا ونور الى الموقف ركبت الحافلة وانا واصلت مشياً، كانت لميس غريبة جداً اليوم اتمنى ان تكون بخير حقاً.

"لميس":
البارحة استطعت النوم بصعوبة، كانت كلمات أمي ترن في ذهني، هل تريدني حقاً ان اكون من اوائل المتجمع،ان اكون من الاوائل هذا شئ جيد، قد تكون الصداقة مضيعة للوقت، كانت الاسئلة تدور في ذهني. هل اريد حقاً ان اكون من المتقدمين في هذا المجتمع هل صديقاتي يمكنهم اضاعة وقتي هل يجب أن افعل شئ على حساب شئ آخر، أمي كانت تستطيع ان تغير افكاري، لأنني اشعر أنني لست بالشخص الذي يحب أن اكونه ولكنني الآن اسير في طريق رسمته امي لي بلا تفكير،لم اعد احب الدراسة، لا احب ما افعله لانني اشعر انني مرغمة عليه، ولكنني أود النجاح، كانت افكاري مختلطة، استيقظت صباحاً وهنالك آثار في صدري من حزن اليوم السابق، قمت بتثاقل من السرير ارتديت ملابسي جاءت أمي وهي مبتسمة وتحمل في يدها كوب العصير المقرف، كانت تقول لي :انا اسفة يا ابنتي لأنني رفعت صوتي عليك، ولكنك تعرفين أنني اريدك دائماً في الطريق الصحيح، وألا تميلي، انا مهمتي ارجاعك، واصبحت تقبلني على رأسي.
شربت كأس العصير وقلت لها : لا بأس.
انطلقت الى المدرسة ولم اكن في مزاج جيد، امي دائما ما تعتذر ولكنها لا تغير اسلوبها معي ابداً،كنت افكر في أنني لا اريد أن يكون لدي اي صديقات، لا أستطيع مع أني، لن تتركني،وقد يصل الامر أن تفتعل المشاكل مع صديقاتي، جاءت قمر ونور كنت ارد عليهم بإختصار وبرود، شعرت بأنني لا يجب لمثلي أن يشعر بأن عليه تكوين اي شئ بإرادته. احزنني أن ارد عليهم بمثل هذه الطريقة، كنت اشعر بحديثي معهم بهذه الطريقة أنني اودعهم حقاً، كان شعوراً حزيناً، رأيتهم يسيرون أمامي وهما يتحدثان ويسيران الى الخارج سوياً لم اشعر بأنني اريدهم أن يذهبون شعرت بشكل ما بأنني لن اراهم مرة اخرى، لا لا، اريد ان اكون صديقتهم، اتمنى ان احيا معهم اياماً طويلة، لم يجب أن ادع هذه الأفكار أن تتمكلني، كان السائق يفتح لي باب السيارة، قلته له ثوان فقط وقادمة اسرعت وناديتهم بصوت عالٍ: قمرر نوور.
قلت ليهم أن يدرسوا جيدا، ادرسوا جيدا، يمكنكم فعلها.
كانت علامات الاستعجاب بادية من وجوههم.
ودعتهم وعدت ادراجي، ركبت السيارة وانا اشعر بالراحة الشديدة، القيت ظهري على الكرسي وانا ابتسم، لا اريد أن افقدهم اود حقاً تكوين صداقات والاستمرار بها، اريد تجربة حياة مختلفة سأفعل مايمليه علي قلبي ولا يهم اي شئ آخر.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي