الفصل السابع عشر

انا آسف حقاً لأنني جعلتك تعانين كل هذه السنوات من غيري،وأنني لم أكن إلى جانبك، أعلم أنك تشعرين بالحزن في داخلك وأنني لا أستحق أن تسامحينني ولكنني أعتذر.
شعرت بأنني أود أن اركض، ولكن جزءاً مني كان يود البقاء والإستماع، كان هذا الشخص أبي، ولكنه غريب، هذه المرة الثانية التي أراه فيها، تذكرت جميع الايام التي تمنيت فيها ظهوره ولكن الآن أود أن يعود من حيث جاء، حينما قال أنه يعتذر، بدأ لي كشخص غريب، فقدت احساسي بأنه أبي، ركضت، وركضت، كنت أود الركض أبعد من ذلك لا أود رؤيته ،  كان يوفقني ولكنني لا أود أن أتوقف،ركضت وانا لا أعلم أين أود الذهاب، فقط اريد الهروب منه، بدا لي فجأة كشخص غريب، انه في الحقيقة غريب، لا زلت أركض، ولكن قدماي لم تعودان تحملانني، سقطت على الأرض، كان الثلج يتساقط فوقي بغزارة، وكانت كلماته ترن على مسامعي بصوت عالٍ، انا اسف، انا اسف، انا اسف، كانت هذه الكلمات تخرج منه بسهولة، ولكنها الآن ثقيلة على قلبي، بدأت دموعي تسقط بغزارة، كانت تسقط بغزارة كسقوط هذا الثلج، بكيت بصوت عالٍ، عالٍ جداً، كان هنالك بعض المارة يتحدثون معي ولكنني لم اعبأ بهم ، بكيت اليوم كما لم أبك من قبل، لا أريد التوقف عن البكاء، يمكنني أن أبكي ليوم كامل، كانت أطراف أصابعي متجمدة من البرد، والأرض باردة، ودموعي دافئة دافئة جداً ولكنها، لكنها حزينة.
"لميس"
عدت إلى المنزل، كانت السيارة تقف بالقرب من المقهى كان يتابعني كالعادة، أظن أنني سأوبخ، حينما عدت إلى المنزل، كانت أمي، في صالة المنزل، قالت إنها تريد الحديث معي،
جلست قالت : اعتقد أنك لا تهتمين بدروسك مؤخراً لقد ذهبت إلى مقهى اليوم، وعدت متأخرة كثيراً، هذا الوقت الذي قضيته في المقهى إن كنت تدرسين به، ألم يكن ليكون أفضل بكثير.
قلت لها : أمي أنا ادرس جيداً، أود كذلك بعض وقت الراحة لا يمكنني الدراسة طوال الوقت.
لم تدعني أكمل كلامي حتى قالت : لا يمكنك الدراسة طوال الوقت، يمكنك الدراسة، انت تحتاجين الدراسة طوال الوقت، هذا المجهود البسيط لن يجعلك شيئاً يذكر، لا يكفي،
كانت أمي تتحدث وانا أشعر بالتعب حقاً من حديثها، أشعر بالإرهاق الشديد كلما تحادثني، لم تعلم يوماً ماذا أريد، ولكنني أكون دائما كما تريد، انا حتى لا أعلم ماذا أريد، لأنها جعلتني مثل ماتريد وكبرت على ذلك، شعرت بالإختناق من حديثها، قلت لها :أمي!!، هل يمكنني أرجوك، أن أذهب لأنام، أنا متعبة حقاً، حقاً، متعبة، شعرت في هذه اللحظة. أنني أريد البكاء، لأنها لم تكن تعلم مدى الضغوط التي أمر بها، ولم يهمها،كنت أدرس كالمجنونة ولكن ذلك لم يكن يكفيها، نهضت وغادرت إلى غرفتي
كانت تتحدث وهي تقول :انت متعبة لأنك أضعتي وقتك كان يجب أن تأت وتنامي، لم يكن عليك الذهاب إلى أي مكان.
لم يكن لتفهمني حتى الموت، دخلت إلى غرفتي، وبداخلي رغبة للبكاء ولكنني لن أبك، نظرت إلى النافذة كان الثلج يتساقط،وقفت بالقرب منها وكنت انظر إلى الخارج، مشاعر مختلطة، قلب متعب، هذا الثلج أيضاً متعب مثلي، متعب من السقوط الكثير، يسقط ولا يمكنه النهوض، يبقى ملقى على الطرقات هكذا، أما أنا يمكنني النهوض، ولكنني أود في هذه اللحظة أن أبقى ملقية هكذا مثل الثلج فقد تعبت النهوض.
"قمر"
دخلت إلى المنزل من بعد يوم طويل، المطعم هذه الأيام  يشرف عليه صديق لأبي في المساء في أيام محددة في الاسبوع، يريد أبي أن يجعل له وقتاً في المنزل، مع دخولي، كان أخي وابي يلبعان  بالورق، أبي فالعادة من يفوز، وأخي كان يحاول جاهداً أن يفوز في كل مرة ولكنه يخسر، كانت أصواتهما مع اللعب عالية، تجعلني انا وامي أن نبتعد منهما قدر استطاعتنا، كانت أمي تجلس تريد أن تشرب الشاي، جلست بالقرب منها،فجأة تساقط الثلج، أمكننا رؤيته من النافذة، أمي تتدثر بغطاء وهي تشرب الشاي، تذكرت مع هطول هذا الثلج نور، وكيف حياتها، وشعرت بالنعمة لحياتي هذه، شعرت بالإمتنان لصوت أبي، شعرت بالإمتنان لوجه أمي السعيد هذا، مسكت طرف الغطاء من أمي وتدتثرت به أيضاً وأصبحت أحضنها، حضنتها بقوة.
قالت :ماذا تفعلين أود شرب الشاي دعيني.
قلت :لن ادعك، سأظل هكذا للأبد.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي