الفصل السابع خدعة ماكرة

ظلت تنظر له في صمت، منتظرة سماع الرد منه على سؤالها.

قال لها أسمر بابتسامة هادئة:
لقد كانت صدفة لي، فأنا رأيتها بعد أن غادرت الملعب، وفي الخارج، رأيت تجمع مجموعة من الشباب حولها، واستطعت أنا أسمر وبكل سهولة أن أنقذها من بين أيديهم، حتى تعرفي أن العبد لله ليس هينًا أو ضعيفًا، ويدافع عن حبيب الحبيب.

تجعد جبينها بعبوس، وهي تكرر:
الملعب وسندس، ولماذا ذهبت هي إلى الملعب؟

أجابها وهو يهز كتفيه:
أنتِ تسأليها هذا السؤال، وليس لي أنا عزيزتي حياة.

قالت لنفسها:
"بالتأكيد سندس أخطأت في العنوان، وذهبت إلى هناك عن طريق الخطأ.

أجبرت حياة شفتيها على النطق، بكلمة لم تتخيلها يومًا ما أن تقولها له:
شكرًا لك يا سيد أسمر.

مرت عيناه ببطء على وجهها، مما جعلها تشعر بعدم الارتياح وهي تقف في مكانها.

قال لها أسمر بصوت عميق:
شكرا لك، هذه هي المرة الأولى التي أسمع بها كلمة جيدة يا حياة.

صمتت وهي تشعر بالحزن، لأنه يفسر كلامها دائمًا كما يشاء، شدّت ذقنها، وهي تجيبه بهدوء:
لماذا تفسر دائمًا كلامي وأفعالي حسب ما تريد؟ أنا لا أقول كلمة جيدة عنك، وتطلعك لعلاقة بيننا شيء مستحيل، أنا لن أكون لك أبدًا، وأنزع فكرة الزواج هذه من عقلك يا أستاذ.

ساد صمت طويل مميت، قبل أن يقول أسمر أخيرًا دون أي تعبير يظهر على وجهه:
غدًا ستخبرك الأيام أنك ستبقى ملك لي يا روحي.

نظرت إليه باستنكار، ولم تتحكم في نفسها وفقدت أعصابها، وهي تصرخ في وجهه بحدة:
من المستحيل بالنسبة لي أن أنظر إلى شخص مثلك، إنسان بلطجي، وأبعدني من دماغك من الأفضل لك، لأنني مرتبطة برجل محترم وهو قريب جدًا لي.

ولأول مرة منذ أن عرفته شعرت بالرعب من نظراته، وحدقت في عينيه الغاضبتين، وابتلعت بصعوبة ريقها.

سادت لحظات صمت بينهم، حتى قال بصوت غير مقروء: من هو المحظوظ؟ من هو سعيد الحظ؟

هزت رأسها في محاولة لاستعادة قوتها، ثم أخذت نفسا عميقا وقالت بنبرة متعثرة:
عندما يكون الموضوع رسميًا، ستعرف بالطبع، أكيد أنت أول من سيعرف هويته.

أمسك بمعصمها وضغط بأطراف أصابعه بقوة وقال:
إذا كانت كلامك صحيح، فلن يمنعني أي شخص في هذا العالم عنك، وسترين ما لم تريه مني من قبل.

شعرت بساقيها تنهاران، وهمست وهي تائهة في عينيه:
اترك يدي، أنتَ تؤلمني يا أسمر.

وبمجرد أن ترك معصمها بسرعة، أبتعد عنها بسرعة، ثم قال بهدوء مزيف:
أغربي عن وجهي يا حياة الآن.

خرجت بسرعة من المحل، وكان قلبها ينبض بعنف، وكان صدرها يلهث بقوة، ما نوع الجنون الذي جعلها تتهور وتخبره أنها تحب شخصًا آخر، مع العلم أنها تعلم جيدًا أنه يعتبرها من ممتلكاته.


وفي مكان آخر.

قال للشخص الذي يتحدث إليه:
أريدك عند عودتي من السفر اليوم، أن تفرغ حمولة كاميرات اليخت، كاميرا بكاميرا، ولا تترك أياً منهما بدون تفريغ ما بداخلها، وتحضرها إلي في مكتبي في الحال.

وأثناء حديثه، كان يطلق الدخان من سيجارته بعنف، ثم نثر رمادها في قاع منفضة السجائر الكريستال المقعرة، التي امتلأت ببقايا العديد من أعقاب السجائر المنتهية الصلاحية، ثم تابع حديثه إلى مستشاره.

أحتقن وجه ونيس الكامل، وأصبح مثل بالون أحمر على وشك الانفجار.

أضاف ونيس من الجانب الآخر:
مفهوم يا أنصار بك، كل كلمة قلتها سوف يتم تنفيذها بالحرف الواحد، أتأمرني بفعل أي شيء آخر، سيد نصار.

قال له بحدة:
أفعل ما قلته لك دون حديث كثير، ولا أريد منك أي شيء آخر يا ونيس.

عندما أغلق الهاتف، وضع رأسه بين راحة يديه، وأغمض عينيه، وهمس بنبرة غاضبة:
أين اختفيت يا رهف؟ أتساءل أين تختبئين الآن، سأجدك حتى لو كنت في الأرض السابعة.

سمع قرعًا على الباب، فرفع رأسه قائلًا:
ادخل.

ليجد ابنته أمامه رغم أوامره بعدم الخروج من المنزل، ورغم ذلك وجدها أمامه في المكتب، لم تستمع إليه هذه الفتاة، والآن عصيت سوزان أوامره بعدم مغادرة المنزل.

تجاهلت سوزان نظرة والديها العدائية، ونظرة الاستجواب في عينيه، لأنها عصت أوامره بالخروج من المنزل، فقررت اللجوء إلى التسول للحصول على ما تريد.

نظراتها الهادئة الزمردية، كانت ثابتة لفترة طويلة على والدها، في انتظار أن يبدأ في الكلام، ليكون الشخص الذي يبدأ الكلام.

همست لنفسها، فهي تحقق دائمًا ما تريد، وتتذكر ما حدث ومحاولات نادر في البداية في إلقاء اللوم عليها.

تحدث بقوة، ونظر لها نظرة حادة وغاضبة، وهو يقول:
ما الذي أتى بك إلى هنا يا سوزان؟ هل هذا ما أخبرتك عنه؟ ونعم يا أبي سوف أطيع كلامك، ثم أضاف بسخرية، وليس هناك أي كلمة مما أخبرتك بها فعلتيها.

قالت بنبرة متوسلة:
أنا آسفة، كنت سأطلب إذنك يا بابي، ولكني فضلت المجيء إلى هنا، لكي استأذن منك، ولكن هناك موعد ضروري، يجب أن أكون موجودة فيه خلال ساعة، وأنا لا يمكنني الاعتذار عنه أبدًا.

صرخ عليها بغضب:
بالأمس، أخبرتك أنه ليس هناك خروج.، هل هذا صحيح أم لا يا سوزان؟

أومأت سوزان برأسها، ثم همست:
كما تعلم والدي، لكني مجبرة على الخروج، ولم أرغب حتى في الخروج من المنزل، لكن كان عليّ الخروج، حاولت الاتصال بك في المطار ولم أعرف.

سأل نصار:
وما هذا الموعد الضروري.

قالت بصوت خافت:
موعدي مع الطبيبة.

قال لها بضيق:
هل يمكنك تأجيل الكشف في وقت آخر يا سو.

هزت سوزان رأسها وقالت:
للأسف، لا يمكن على الإطلاق والدي، فلقد تغيير الموعد، هذا الموعد الذي تم الحجز له منذ أسبوعين، إذا اعتذرت اليوم، فهذا سوف يجعلني أنتظر أسبوعين جداد.

أضاف نصار بنبرة حادة:
أمري لله سوف أجعلك تذهبين، ولكنك لن تذهبِ بمفردك، و تأخذين شخصًا معك، هل تفهمين كلامي يا سوزان؟

عبست ملامح وجهها، وبنبرة خافتة بعض الشيء قالت:
هل ما سمعت صحيح؟ هل سوف ترسل معي حارس الأمن؟ هل تراني كفتاة صغيرة؟

تحدث نصار بغضب وقال:
نعم، ما زلت أراك فتاة بها ضفيرتان أيضًا، يبدو أنك لا تحبين هذه الكلمات، لا تحبين ما أقول من كلام.

قالت بنبرة خاضعة:
لا طبعا يا والدي كل ما تقوله لي فوق رأسي، كلامك يسمع وينفذ، وكل ما تقوله يا بابي سأفعله، تريد مني أن آخذ شخصًا معي؟ سوف أخذ معي هذا الشخص، الذي تختاره لي، ولكن أفضل هذا الشخص أن يكون قريب.

فكر نصار للحظة ثم قال:
حسنًا، سأتصل بنادر الآن وأطلب منه أن يذهب معك، وهو ليس غريبًا علينا، إنه من العائلة، إنه ابن أخي.


أمسك بهاتفه واتصل نادر وتحدث إليه قائلاً:
تعال للمكتب حالا اريدك في امر عاجل نادر.

من ناحية أخرى قال نادر مستفسرًا:
حاضر، إن شاء الله عمي، ما هذا الموضوع؟

أضاف نصار بصوت خشن:
عندما تأتي، ستعرف يا نادر ما أريدك من أجله، لكن تعال بسرعة ثم أغلق هاتفه.

ابتسمت سوزان بابتسامة خبيثة، سرعان ما أخفتها عندما أنهى والداها مكالمته الهاتفية ورفع وجهه إليها.

نظر نصار إلى ابنته، ثم أضاف:
سيكون معنا في أقل من دقيقتين في المكتب هنا، وسوف أتركه يقودك إلى مكتب الطبيب، وسوف ينتظر معك حتى تنتهي من الكشف.

نادراً خرج من مكتبه متوجهاً إلى المكتب الرئيسي، في الطريق بدأ يفكر في سبب اتصال عمه به، وما هذا الطلب؟ والذي بسببه آمره على الحضور على الفور.

لقد أراده أيضًا لشيء مهم، تحدث مع نفسه في صمت حول ماهية هذا الشيء المهم، هز رأسه في كلا الاتجاهين، ثم كرر أنه سيعرف متى يصل، وعندما توقف أمام المكتب، طرق على الباب قبل أن يدخل إلى الداخل.

وعندما كان بالداخل رأى سوزان تنحني نحو والدها، تقول له شيء ما، وهذا الأمر قد فاجأه عدة ثوان، قبل أن يقول بنبرة عادية:
لقد طلبتني يا عمي من أجل شيء مهم.

قال نصار:
اليوم ستكون مع سوزان، وستذهب معها إلى موعد الطبيب.

نظر نادر إلى سوزان بعبوس، ثم أعاد بصره إلى نصار، ثم رد بنبرة شبه حادة:
لدي الكثير من العمل، وليس من وظيفتي مرافقة سوزان.

تحدث نصار بنبرة عالية نسبيًا:
من المفترض أن تكون ابنة عمك، ومن المفترض أن تكون من أهم أعمالك، والآن هي بحاجة إليك في هذا المشوار، وأنا صاحب العمل من يخبرك بنفسه، أن تترك كل شيء ورائك وأذهب معها.

يجب عليك أن تخاف عليها هي، بعد ما حدث لرهف، واختفائها حتى هذه اللحظة ولا نعرف أين هي الآن، أنا قلق جدًا عليها، وقلق أيضًا على سوزان.

تحدث نادر بهدوء بعد إلقاء نظرة غاضبة على سوزان:
هل أخبرت الشرطة عمي عن اختفاء رهف.

قال نصار بلهجة عابسة:
لا، لن أدخل الشرطة في هذه القصة.

قال نادر:
ولماذا لا تريد دخول الشرطة؟

رد نصار بنبرة حزن:
بسبب الضوضاء التي يمكن أن تحدث بسبب اختفائها ولدي مشاكل أكثر من كافية بالنسبة لي في الوقت الراهن.

سأل نادر:
ماذا تنوي أن تفعل؟ وكيف ستجدها؟

أجاب نصار على ابن أخيه:
لقد كلفت الفريق الأمني في شركتي، بالاهتمام بهذا الأمر في سرية تامة، وبدون ضوضاء ودون أن يعلم أحد باختفاء رهف.

هل تعلم يا نادر أنه لو تم تسريب هذا الخبر، سيحدث مثل ما حدث من قبل؟ فهي عندما اختفت من قبل، وعندما عادت كانت فضيحة للجميع، والمؤسسة تأثرت بما حدث وقتها، وانخفض أسهمنا في البورصة.

ثم هز رأسه وهو يكرر ذلك:
ما حدث في الماضي لن يحدث الآن، وسأعرف إلى أين ذهبت.


رد عليه نادر بنبرة هادئة، لا تعبر عن قلقه:
ما تراه يا عمي في مصلحة الجميع.

قال نصار بنبرة حاسمة:
هيا، صل سوزان إلى مكتب الطبيب، وعندما تنتهي وتصل إلى المنزل، أبلغني.

هز نادر رأسه وقال:
حسنًا، عمي، ثم نظر إلى سوزان، موجهًا الكلمات إليها، "هيا بنا، سوزان".

تحدثت سوزان بنبرة ناعمة:
سلام والدي.

ثم خرجت خلف نادر، تاركة والدها مع أفكاره القاتمة، وعندما غادر كلاهما المكتب، وأغلق الباب خلفهما، توقف نادر عن الحركة وتحرك حتى واجه سوزان، وجهاً لوجه، وأضاف بصوت خفيض غاضب:
لن أترك ما فعلته الآن يا سوزان يمر بالساهل .

ردت عليه سوزان بنفس النبرة الخفيضة:
بدون أن أقسم لك، لم أكن السبب على الإطلاق فيما حدث، وكان هذا إقتراح والدي عندما قررت الذهاب للفحص الشهري، وكان لا ينفع الإعتذار عن الموعد، وكان عليَّ أن أذهب إلى الطبيب.

فكر في الأمر لحظة قبل أن يقول نادر:
بدون قسم، ولست بحاجة إلى تصديقك أو عدم تصديقك، انتظري هنا، سأحضر مفاتيح السيارة من مكتبي.

قالت سوزان بنبرة رقيقة:
سأذهب إلى المكتب معك.

قال نادر بنبرة رافضة:
لا داعي للذهاب معي، في أقل من دقيقتين، سأكون هنا معك، ولن أتأخر عليك كثيرًا.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي