الفصل السابع عشر نصيحة

قالت لها حور بحسرة:
كل هذا ما قد مررت به سيدة زينات، وفقك الله الصبر على موت ابنك أحمد، وإن شاء الله تلتقي ابنك و زوجك في الجنة، وتشبعي عينيك برؤيتهم.

ابتسمت زينات لها، ثم قالت:
يارب يا حور، أنت تعلمين يا ابنتي، أنا قد عشت الكثير في هذه الدنيا، ومررت بالعديد من المواقف منها السيء والحلو، وتعاملت مع الكثير من الأشخاص، منهم الطيب ذو الأخلاق، ومنهم الخبيث.

وتعلمت من هذا وذاك، وتمكنت من تمييز الشخص الذي يقصدني على خير، وأنت يا ابنتي لديك قلب طيب بداخلك، في احتياج إلى أيد ترشدك على الطريق الصحيح والمستقيم، بعيدًا عن طريق الذنوب والخطايا.

أنت بحاجة إلى الأيدي التي تجذبك نحو الأبيض وعمل الخير، وليس الأيدي التي تجذبك إلى الأسفل إلى الأسود، هل تفهمين كلامي جيدًا يا حور؟

هزت حور رأسها، ثم قالت:
أنا أفهمك جيداً يا أم أحمد.

قالت زينات بنبرة هادئة وحنونة:
سوف تستمعين إلى كلماتي من الآن دون نقاش، ودون سؤال.

هزت جور رأسها بالإيجاب:
سأسمع كلامك، ولن أزعجك يا أم أحمد.

قالت زينات، بنبرة احتوت فيها على بعض الحزم:
استمعي لهاتين الكلمتين جيدًا، وضعيهما في قلبك يا ابنتي، وامشِ بهما في حياتك.

سألت حور بفضول:
ما هما هاتان الكلمتان التي تريدين سماعهم مني، ما هم؟

زينات بصوت رخيم:
انظري يا ابنتي سأقول لك كلمتين، وأريدك أن تنفذيها حتى تعودي إلى أهلك بأمان إن شاء الله، من اللحظة التي وضعت فيها عيني عليك، كنت أعتبرك مثل ابنتي.

ولأنك في وضعك هذا يا ابنتي وفقدانك الذاكرة، يجب أن أخاف عليك وأنصحك يا حبيبتي، كوني قناة خجولة.

هزت حور رأسها بالإيجاب، وأكملت الزينات
ما فعلته ليس من الصواب، والمخزي أن تذهبي إلى شاب أعزب في بيته وحده، لا ليلاً ولا حتى نهاراً ولا في أي وقت من النهار، افهمي كلامي يا ابنتي حور.

ضمت حور شفتيها، وقالت بنبرة عابسة:
اعتبرت الأمر طبيعيًا ولم أفهم أي مشكلة، قال غيث نفس الكلام، وأن ليس من الصواب الذهاب إلى منزل رجل يعيش بمفرده، وأنتم قلتِ لي نفس الشيء.

أتضح أن ما فعلته كل سلوك خاطىء، وأنني كنت مخطئًة جدًا، ولكن والله يا سيدة زينات لم يكن هناك شيء خاطئ في ذهني، وكنت ذاهبة إليه واعتبرت الأمر طبيعيًا، ولم أظن أن هناك شيئًا خاطئًا على الإطلاق.

نظرت إليها زينات، وقالت:
لا، القضية التي تراها طبيعية، في الواقع ليست طبيعية، بخلاف كلام الناس، سيتغير احترامهم ونظرتهم إليك.

وستكون هناك مشاكل لك، وأيضا مشاكل لغيث، ولي بالطبع، وأنت لن ترضي لي بذلك.

قالت حور بنبرة مشوبة بالذنب، وهي تبتعد عن نظرات زينات:
طبعا لا أريد أكون سبب اذيتك أنت وغيث.

ربت زينات وظهرت على وجهها ظهرها ابتسامة، وقالت بهدوء:
وطالما أنك لا ترضين بذلك لي، لذلك أي كلمة أقولها لك ستسمع مني، دون مناقشة لأنني أريد الأفضل لك.

الخير العام للجميع، ومسألة الخروج ليلا هذه لن تتكرر يا ابنتي، ولا تخرجين في الليل ثانية ط.

قالت بنبرة اعتذارية:
لن أفعل ذلك مرة أخرى يا أم أحمد.

قالت زينات بنبرة حنونة:
سأتركك تنامين، لقد فات وقت نومي، ليلة سعيدة يا حور.



ترددت حور قبل أن تقول:
أريد أن أخبرك بشيء يا أم أحمد قبل أن النوم.

سألت زينات بنبرة مرحة:
تحتاجين ماذا؟ ماذا تريدين يا حور، قل لي ولا تكن خجولاً معي.

قالت حور بخجل، وبقليل من التردد، وخجل فطري موجود بشكل طبيعي في أي فتاة:
لا اعرف كيف اقول لك يا ام احمد.

نظرت زينات إليها بشكل مشجع:
قل لي يا حور ماذا تريدين، ولا تخجلي من والدتك، ما هو؟

اقتربت منها حور وهمست بالقرب من أذنها، مما جعل زينات تضحك قائلة بنبرة ضاحكة:
من هذه العين قبل هذه العين، سوف أحصل لك على علبة سريعا.

في مكان آخر.

الزهد يعني اختفاء الشوق لها، وعدم الرغبة في الاستمرار في التواصل معها، وبالتالي فإن زهد الرجل في محبوبته من أبرز التصرفات التي يكرهها.

تفاجأ نادر بمكالمة سوزان، فتجاهل النغمة الأولى منها، وكذلك الثانية والثالثة، لكنها استمرت في الرنين، حتى اضطر إلى الرد عليها:
نعم سوزان، هل أنت بخير؟

ضمت شفتيها، وقالت بنبرة عابس:
لماذا لم ترد علي طوال الوقت يا نادر؟ أين كنت بالضبط؟

أخذ نفسا عميقا قبل الرد:
كنت نائما، وأتيت بسلامتك ولقد أيقظتني من النوم يا سوزان، ولا تكوني هكذا تصبيني بالاختناق، أنا أشعر بالملل من هذه التصرفات.

ابتسمت ساخرة وهي تقول:
ليس واضحًا في صوتك أنك نائم يا حبيبي، قل لي أين كنت؟ منذ وقت طويل وأنت تدور في كلامك؟ أين كنت؟ بصراحة تامة.

أجاب نادر بنبرة حادة وغاضبة:
هو تحقيق معي يا سوزان؟ ولا تستخدمي هذه الطريقة معي يا سوزان، حتى لا تسمعين مني كلمات لن تحبيها في النهاية.

تظاهرت بالهدوء والرقة، على عكس الغضب الذي بداخلها، يقابله غضبه، الذي سمعته واضحًا في صوته واضحًا مثل الشمس:
لا حبي، إنه ليس تحقيقًا أو أي شيء من هذا القبيل، ستكون زوجي، لذا لا بأس أن أسأل أين كنتِ؟ فالسؤال ليس مخجلًا ولا محرمًا، ولا محرمًا عليك.

ضحك نادر ساخرًا.
مخجل أم ممنوع، عزيزتي هل تعلمين ما هو الخطأ أو المحظور؟

صرت على أسنانها في سخط، لكنها أجبرت نفسها على التحدث بهدوء.
لم تقل لي أين كنت؟

أجاب نادر بعاطفة: لم أرغب في الرد عليك، هل شعرت بالهدوء يا حبيبتي

ابتسمت وهي تسمع رده، لكن الابتسامة لم تصل إلى عينيها، ثم قالت:
نعم، قل لي من البداية أنك لا تريد، الرد بدلاً من الالتفاف في الكلام.

لا تظن أنني أقدر أن أتضايق منك، لا أستطيع أن أحزن منك، فأنا أقدر حالتك، والوضع الذي أنت فيه.

وأنا متأكدة مع مرور الوقت أنك ستعود كما كنت، نادر حبيبي، الذي يتمنى النظر من عيني الجميلتين.

سألها نادر، وهو يشعر بعدم الارتياح معها:
لماذا كنت تتصل يا سوزان؟ أم هو مجرد إزعاج فقط.

قطعت أصابعها وقالت بهدوء:
ليس أيًا مما قلته، يا حبي، لكني قلت لنفسي، عزيزتي سو، طالما أنه لم يتصل للاطمئنان عليك، فاتصل به أنت يا سوزان، للإطمئنان عليه، وأيضا لشيء آخر.

لذلك أقول لك يا حبيبي أن أبي أتفق على كل شيء بخصوص موعد الزفاف، وسوف تمر عليه غدًا في المكتب فهو يريدك هناك.

شعر بصداع كاد يقتل رأسه، لكنه أجبر نفسه على الرد:
جيد لقد شعرت بالراحة الآن، هيا،
سلام، لأننا أريد النوم بجدية هذه المرة.

قالت بنبرة عنيدة:
انتظر، لا تغلق الهاتف بينما أتحدث إليكم، ولم أنتهي من الحديث بعد.

أجاب نادر بغضب، وزفير حاد:
نعم سوزان، ماذا تريدين وماذا تريدين أيضا؟ لأنني سأنام.

فقالت له سوزان بهدوء:
بمناسبة العام الجديد، حجزت تذكرتين لحفلة للمغني الذي تحبه، ما رأيك في هذه المفاجأة الجميلة؟

قال بصوت خافت من الغضب:
حفلة رأس السنة، ماذا تريدين؟ أن أذهب معك، وجسد أختك لم يبرد بعد، وعمي هل له رأي في هذه الحفلة، هل وافق أم لم يوافق؟

أجابت وهي تنظر إلى أظافرها المرسومة بعناية شديدة:
لم أقل ذلك، ولكن عندما يحين الوقت سأخبره.

رد نادر:
عندما يحين الوقت، ستخبريه بماذا؟ بالتأكيد، لن تكوني قادرة على إخباره، هل تعلمين لماذا؟ لأنه سيكون وقاحة منك، والدك هذه الأيام لا يطيق النظر في وجهك، فما بالك إذا طلبت منه الخروج.

حركت شفتيها وقالت:
لم تبتعد عن الحقيقة بكلامك هذا، فأنا فعلًا قلت لنفسي، إذا كنت لا أستطيع أن أقول له ذلك، فلماذا لا أذهب وأقوم بتجريب حظي معك، لو سمحت نادر تحدث مع أبي، بخصوص الحفلة

قالت بنبرة حادة:
توقف عن تصرفاتك وأفعالك المجنونة هذه، هل متوقعة أن أقول له هذا الكلام.

قالت سوزان بلا مبالاة:
نعم بالطبع.

صاح نارد في الهاتف قائلاً:
لماذا حجزت الحفلة دون أخذ رأيي؟ أنت من قررت وفعلت شيئًا لم أرغب في فعله، ومن قال لك حتى أنني أريد أن أذهب إلى حفلات معك؟

قال بدلع:
هل أنا مخطئة، أريد أن أخرجك من المزاج الكئيب الذي تعيش فيه منذ فترة، هل هذا جزائي نكران الجميل وعدم شكري، وتقول لي حفظك الله لي يا سوزي.

قال لها نادر ساخرًا:
حفظك الله بصدق، بدونك لا أعرف ما كنت سأفعله.

ابتسمت ساخر، وقالت:
هذا لتعلم، لتعرف قيمة سوزان في حياتك.

ابتسم نادر، ثم قال:
بالطبع، أنا أعرف قيمتك، حبي، دون أن تخبريني، ولست بحاجة إلى فعل أي شيء لإثبات ذلك.

قالت بنبرة ساخرة:
حبيبي يا نادر، هل هذا يعني أنك ستذهب معي للحفلة وتقنع والدي بذلك.

رد بنبرة لا يحاول إخفاء سخريته فيها:
بالطبع يا حبي سأقول له، لكن ليس الآن على الإطلاق.

صرخت بمرح:
جدياً،سوف تتحدثي معه.


قال بابتسامة ساخرة:
نعم، جديا حبيبتي.

قالت له:
شكرًا لك حبيبي.

قال لها نادر بسخرية:
هل هذا كل شيء يا حبيبتي، لقد اطمأننت عليَّ وقلت ماذا تريدين يا سلام سوز.

ثم أغلقت الهاتف قبل أن ترد عليه.

نظرت سوزان إلى الهاتف في حالة صدمة، حيث أغلق الهاتف في وجهها. لم ينتظر سماع صوتها وما ستقوله له، ثم ألقت الهاتف بقوة على الحائط، فتناثرت أجزائه على الأرض.

في مكان آخر.

انطلق غيث بخطى سريعة، حيث أراد إنهاء ما طلبته السيدة زينات في أسرع وقت ممكن، حتى يعود إلى ملجأه ليشعر بالراحة.

يشعر أنه قد استنفد المشاعر، وبدأ يغمغم في الطريق، بعض أبيات الشعر المفضله لديه، مما يجعل قلبه سليمًا تجاه سلمى، ويقصر زيفه، ويكشف عري أفراس الشباب وركوبه.

بعد خمس دقائق من الركض، وصل غيث إلى المتجر وفتحه، ليتفاجأ بإبراهيم أمامه.

قال بصوت متوتر:
الأستاذ غيث جيد هنا، هل تحتاج شيء؟.

نظر إليه غيت بفضول.
ماذا تفعل هنا يا إبراهيم، لماذا تنام هنا؟

رد عليه إبراهيم وهو يشعر في هذه اللحظة بأنه لص ، وأنه تم القبض عليه متلبسًا:
كنت أنام هنا

وأشار بيديه إلى السرير والبطانية والوسادة على الأرض.

سأله غيث مستفسرًا، وهو يشعر بالفضول حيال هذا الموقف الغريب، الذي وجد فيه إبراهيم:
أنا أرى أنك تنام هنا، لماذا لم تنم في شقتك مع والدك وأختك.

تمتم بصعوبة وهو يلقي بصره في أكثر من اتجاه، وهو محتار فيما يقوله له، الحقيقة مؤلمة، وإن كانت خاصة بكامل تفاصيلها:
لقد طردني الأب الحنون من المنزل من أجل العروس الجديدة، دعنا نقول؟ فوضت أمري إلى الله.

نظر إليه غيث بدهشة وقال:
هل تزوج والدك؟ بجدية يا إبراهيم، ما أعرفه منك منذ وفاة والدتك، وهو يرفض فكرة الزواج.

أخذ إبراهيم زفيرًا حادًا، ثم :
نعم حدث، ومن أجل العروس طرد ابنه الوحيد من أجل شخص غريب لم يتعرف عليه، سوى من يومين فقط.

كتم غيث ضحكة كادت أن تفلت من شفتيه، وقال بنبرة هادئة:
ومنذ متى وكنت تنام هنا؟

ردت هيما بنبرة حزينة:
منذ أسبوعين ونصف كنت هنا.

سأل غيث:
والحاجة زينات، هل أنك تعلم تنام في المحل لا بيتك.

هز رأسه في حالة إنكار:
لا، هي لا تعرف أنني أمكث للنوم هنا، ولم أخبرها بعد، وأفضل عدم أخبرها، وموضوع النوم هنا لن يدوم طويلا.

سأل غيث:
لماذا لم تخبرها يا إبراهيم حتى الآن، وما الذي سيجعلها لا تطول؟

رد ابراهيم بعد لحظات من التفكير، الحقيقة مؤلمة ولا يستطيع أن يقولها:
لا أريدك أن تقلق بمشاكلي، لا تخبر السيدة زينات، فهي فلن تصمت بشأن الموقف الذي أنا فيه.

سوف تتحدث مع والدي، ومن المرجح جدا أنهم سيتحدثون مع بعضهم البعض ويكون الغضب سيد الموقف بينهم، ولا أريد والدي أن يضايق السيدة زينات، ولو بكلمة واحدة، السيدة زينات مكانتها مرتفعة جدًا لدي.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي