الفصل الثاني عشر خائن

كانت تجلس مع زوجها في ذلك الملهى الليلي، تستمتع بفترات الحفلة التي أجبرته فيها على الحضور، حيث كانت حفلة تخص نخبة المجتمع المخملي، أخبرته أنه سيستفيد منها كثيرًا في صفقاته الخاصة، لو أتى الحفلة لقابل العديد من رجال الأعمال المهمة.

قالت بصوت خافت إلى زوجها الجالس بجوارها:
حانت اللحظة لفترة الساحر المغربي، متأكدة أن هذه الفقرة سوف تعجبك.

تمتم بملامح وجه عابسة:
لا تسأليني عن شيء، شاهدي العرض وأنتِ صامتة.

قالت له بضيق:
أنت تقول وأنا أنفذ، سوف ألتزم الصمت.

وعندما بدأ الساحر عرضه، بدأت تسخر من الساحر المغربي الذي بدأ يعرض أعماله السحرية على الحاضرين.

وأثناء مشاهدتها، قالت بنبرة قاسية لزوجها الجالس بجانبها:
من أين أتوا بهذا الساحر العقيم، كنت متوقعة عرض قوي ومبهر، ولكن للأسف كان هذا عرض في غاية الملل.

إنه لا يعرف شيئًا عن السحر، أشعر بالضيق لأنني سوف أجبر نفسي على المشاهدة ولا يمكنني النهوض، هذا رجل عجوز خرف.

همس لها ظافر:
كفى إهانة للرجل يا نادين.

لم تهتم بكلام زوجها وضحكت بلا مبالاة، بينما نظر إليها ظافر باستنكار:
كفى من الضحك يا نادين عار عليك ما تفعليه الآن من كلام مهين.

لم تهتم نادين ووضعت يديها على فمها وهي تضحك بصوت عالٍ.

وإذا بالساحر يقترب منها، صامت متجهم الوجه، ثم ساد الصمت في الجميع، والجميع يتبعه ليرى ماذا سيفعل؟ وماذا ستكون خدعته الجديدة، لكي يصمت هذه السيدة التي تسخر من عرضه.

أردف ظافر بضيق:
أعتقد أنه سمع ما تقولين من كلام مهين موجه له، هل أنت سعيدة يا نادين.

اختفت ابتسامة نادين وهي ترى الساحر واقفًا أمامها، ألتزم الصمت للحظات، فقط نظر إليها، ثم أخرج بطريقة سحرية وردة حمراء من جيب معطفه برائحة عطرة جميلة.

مد لها يده وظهرت على وجهه ابتسامة، ثم قال بابتسامة ناعمة:
آمل أن تقبل سيدتي هذه الوردة البسيطة مني.

مترددة، مدت نادين يدها لتأخذها، ثم ابتسمت له قائلة:
شكرا لهذه اللفتة اللطيفة منك.

وبمجرد أمسكها وقد أطلقت صرخة ألم في الحال، وألقت الوردة من يدها على الأرض، ثم أخرجت منديلاً من حقيبتها وضغطت على إصبعها الذي كان ينزف.

سألها ظافر بسرعة و بنبرة قلقة:
ما بك نادين؟ هل أنت بخير عزيزتي؟

قالت نادين، وهي لا تزال تشعر بألم في إصبعها ووخز خفيف؛ بسبب شوكة الوردة:
أنا بخير يا ظافر، هذا شيء بسيط، وخزتني شوكة الوردة في إصبعي، إنه جرح بسيط.

انحنى الساحر ورفع الوردة، ثم قال بنبرة اعتذارية:
أنا آسفة جدًا يا سيدتي.

قال ظافر بهدوء:
أنا داعي للإعتذار، من المحتمل أن يجرح أي شخص بشوكة الوردة إذا لم يأخذ حذره وهو يمسكها، وزوجتي أكيد لم تمسكها بطريقة حذرة.

ثم غادر الساحر، وذهب إلى مكانه على المسرح مرة أخرى، كان الجميع ينتظر عرضًا سحريًا مع شخص من الجالسين.

جعدت حاجبيها، وقالت بنبرة عابسة:
في النهاية أصبحت أنا المخطئة، شكرًا لك زوجي العزيز على الدفاع عني.

سألها ظافر متظاهر بأنها لا تفهم:
هل جرحك بخير يا نادين؟

فأجابت بصوت خفيض:
نعم بخير، وليست هناك حاجة إطلاقاً للسؤال.

قال بابتسامة ساخرة:
جيد، هيا شاهدي بقيت العرض.

وجهت نادين رأسها إلى الساحر، ثم قالت:
لا أعرف لماذا أصبحت لا أرتاح لهذا الرجل، نظراته إليَّ غير مريحة على الإطلاق، ظافر.

رد ظافر بهدوء:
أنت على حق لعدم شعورك بالراحة، لأنك قمتِ بإهانة الرجل، وبالرغم من أهانتك له، كان هو لطيفًا معك، وأعطاك وردة حمراء، الرجل كان لديه ذوق على عكس قلة ذوقك أنتِ.

قالت نادين بصوت خفيض غاضب، بسبب كلماته القاسية لها:
هو لديه ذوق، وأنا عديمة الذوق، حسناً ظافر، وشكراً جزيلاً على إهانتك لي.

رد عليها ظافر بهدوء:
المعذرة حبي هذا واجبي.

ردت عليه بنبرة غاضبة:
حسنًا، أريد أن أذهب الآن، لا أريد الجلوس لدقيقة أخرى في هذا المكان اللعين.

ابتسم لها ظافر وقال:
ألم تكن أنت من صمم على نأتي إلى هذه الحفلة؟ ألم يكن هذا اقتراحك أيضًا؟

أجابت بملامح وجه عابسة:
نعم كان هذا اقتراحي للأسف، وأريد أن أذهب الآن، أرجوك يا ظافر دعنا نغادر هذا المكان.

نهض ظافر من مكانه، ثم قال:
هيا دعنا نذهب، ولا تنسي أن حضور هذه الحفلة كان من اقتراحك أنت وليس أنا، زوجتي المصون.

عادوا إلى المنزل وفي غرفة نومهم، ذهب ظافر إلى الفراش، وهي وقفت أمام المرآة، تتعطر بعطرها الخاص، وتقرر أن تستمتع ببقية الليلة، في محاولة للتصرف بهدوء وذكاء حتى ينسى ظافر سلوكها المتهور، وأيضًا سؤالها عن قرارها الخاص لإنجاب طفل.

نظرت نادين إلى زوجها بابتسامة، ثم أمسكت بقلم شفاه أحمر، ورسمت قلبين وسهم وكتبت أحبك، ثم أضافت بنبرة شبه عالية:
أحبك يا ظافر أحبك كثيراً.

وفي مكان آخر.
وفي داخل المكتب الرئيسي لمجموعة أبو الغار، بدا نصار في حالة صدمة، وأخذ نفسا عميقا، وهو يشاهد الفيديو الذي يظهر أمامه على شاشة الكمبيوتر المحمول.

لم يستطع رؤية الباقي، وبكلتا يديه، أمسك الكمبيوتر المحمول وألقاه نحو الحائط بعنف هائل.

قال نصار بصوت خافت :
لم تعد سوزان طفلة، لم تعد ملاكه البريء، متى حدث هذا؟ وكيف لم يشك أبدًا فيهم، هي وابن أخيه معًا، كلاهما في أحضان بعضهما البعض.

ثم صرخ غاضبًا في الشخص الواقف أمامه:
هل نظرت إلى ما بداخل الفيديو قبل أن تحضره لي؟

هز ونيس رأسه، ثم قال بنبرة نافية:
تم تنفيذ كلماتك كما قلت لي سيد نصار، وهي إحضار كاميرات المراقبة الخاصة بالهانم الكبيرة رهف، واحضرتها لك دون أن أفتحها.

صرخ نصار بصوت عال؛ لدرجة أن عروق وجهه انتفخت وأصبحت حمراء على وشك الانفجار:
هل تعلم إذا كنت تكذب عليَّ وكنت شاهدت هذه الفيديوهات؟ هل تعرف ما سأفعله بك إذا حدث هذا؟ سوف أمحوك من على وجه الكرة الأرضية.

قال ونيس بنبرة مرتجفة:
لم يحدث هذا، ولم أشاهد أي شيء، أنا يدك اليمنى، ومعظم عملي معك قائم على مبدأ أنا لا أسمع، لا أرى، لا أتكلم.

قال نصار بنبرة متعبة:
أذهب الآن يا ونيس، وبلغ السكرتارية في الخارج بإلغاء كل مواعيدي، وإلا يدخل أحد المكتب.

انطلق ونيس بأقصى سرعة من داخل المكتب إلى الخارج.

عندما تأتي المصائب، فإنها لا تأتي منفردة، واختفاء حور والآن صدمته في ابنته الصغيرة سوزان. لم يستطع نصار تحمل ما اكتشفه، فشعر بوخزه في قلبه، فجلس على الكرسي وأغلق عينيه مدة طويلة.

وفي مكان آخر.

سألت زينات بصوت دافئ:
إلى متى سوف تبقين هكذا في مكانك، ألن تذهبي إلى الفراش، وتحاولي الاسترخاء قليلًا.

قالت حور بنبرة عابسة:
لا أشعر برغبة في النوم أو الراحة.

قالت زينات بهدوء:
بالطبع، لأنك ما زلتِ غير معتادة على المكان، اسمعي كلامي، سوف تدخلين إلى الغرفة، تطفئ الضوء، استلقي بجسمك على السرير، وستجدين أن النوم سيأتي من تلقاء نفسه.

تنهدت حور بشدة، ثم قالت:
ليس هذا هو السبب الوحيد الذي يجعلني لا أستطيع النوم.

سألت زينات:
قصي يا حور ما يحزنك، أخبريني كل ما بداخلك.

نظرت إليها حور بعينين مغمضتين وقالت:
أفكر في عائلتي، ولماذا لم أسمع أنباء عن اختفاء فتاة حتى الآن؟

أجابت زينات بحيرة:
لا أعلم، هذا في علم الغيب، قال الضابط لغيث إنه عندما يأتي بلاغ إلى مركز الشرطة عن فتاة مفقودة، سيتصل به، والآن مرة فترة طويلة، وحتى اليوم لم يتصل به.

سألت حور بملامح وجه قاتمة:
لماذا لم يبلغ أحد؟ متى سوف أسمع شيء عن فتاة مفقودة.

ردت زينات:
طبعًا إن لم يكن اليوم فغدًا أو اليوم الذي تليه، نحن لا نعلم ما هي الظروف؟ وماذا حدث في هذا اليوم؟ اليوم الذي غرقت فيه.

قالت حور بحزن:
ما هي الظروف التي تمنع الآباء من البحث عن ابنتهم المختفية؟

عانقتها زينات، وربتت على رأسها وقلت بنبرة مواسية: بالتأكيد إنهم يبحثون عنك، وربما لم يبلغوا الشرطة بعد.

تمتمت حور بصوت خافت:
ربما كان الأمر كذلك، ولكني أفتقد عائلتي، أفتقد حقيقتي، أريد أن تذكر من أنا.

قالت زينات بحنان:
بالتأكيد سوف تتذكرين، أخبرني غيث أنه ذهب إلى الطبيب ليسأله عن حالتك، وقام بحجز موعد معه لمتابعة حالتك، لا تخافي ابنتي وأنا وغيث معك حتى تعودين إلى عائلتك.

سألت حور بفضول:
هل قال لك غيث، أنه حجز لي موعد مع طبيب متخصص لمثل حالتي؟

هزت زينات رأسها، ثم قالت:
نعم، اتصل بي اليوم بعد أن وصلنا، أنتِ دلفت مباشرة إلى غرفتك، ولم تنتظري، ووقف غيث معي لفترة وقال إنه سيرى طبيبًا جيدًا.

قالت بخفوت:
لماذا يساعدني؟

ابتسمت زينات، ثم قالت:
غيث يساعد أي شخص في محنة، فهو لا يقول هذا ليس من شأني، وعندما تعرفيه جيدًا ستعرفين أنه شجاع وشجاع جدًا، وإذا احتجت إلى أي شيء فلن يقول لا.

همست بشرود:
نعم هو جاد ولطيف وبصراحة رجل محترم، وأي فتاة سوف تتمناه.

قالت زينات:
لا تقولي لي أنك معجبة به يا ابنتي؟

ضحكت حور، ثم قالت:
لا أعلم، لكن الكلام خرج مني هكذا.

تثاءبت زينات ثم قالت:
لا أستطيع السهر أكثر من ذلك ياحور، سوف أذهب إلى النوم.

حور بابتسامه هادئة:
تصبحين على خير يا أم أحمد.

وفي مكان آخر.
بمجرد دخولهما إلى بهو الفيلا، صُدموا لرؤيته يقف أمامهما بملامح غاضبة للغاية.

سألت سوزان بقلق وهمي:
ما خطبك يا أبي، لماذا تقف هكذا؟

اندلع الغضب بداخله عندما رآهم معًا، وقال بنبرة متجمدة:
"تعالوا ورائي على المكتب.

سار الاثنان خلف نصار، ثم همس نادر بهدوء:
ماذا حدث؟ لماذا هو غاضب هكذا؟ هل تعلمين سبب غضبه هذا؟

همست سوزان أيضًا:
لا أعرف ولا أعلم أي شيء.

حالما دخل كلاهما إلى المكتب، أغلق الباب بعنف، ثم أمسك معصم ابنته بيد واحدة، وباليد الأخرى سقط على وجهها بصفعة قوية؛ جعلتها تصرخ من الألم، ثم ضرب وجهها بصفعات متتالية بوحشية؛ مما زاد صراخها وسال الدم من أنفها.

حاول نادر سحبها من يديه، مما جعل نصار يطلق شرارات غاضبة قاتلة نحوه، دفع سوزان لتسقط على الأرض منهكة، ثم أمسك نادر ونظر إليه بغضب، ثم صفعه على وجهه.

سأل نادر بنبرة مؤلمة:
ما الأمر يا عمي؟ ماذا بك عمك؟ هل قمت بشيء خاطئ أم ماذا؟

حاول نصار أن يلتقط أنفاسه قائلاً:
هل هذا جزاء تربيتي لك كابن لي، خنت الأمانة يا نادر، وبدلاً من حماية ابن عمك، تضحك عليها ونهشت اليد التي كانت حنونة، لقد خنتني يا نادر وهتكت عرض ابنة عمك.

أحنى نادر رأسه خجلاً لأنه كان عاجزًا عن الكلام.

بدأت سوزان بالبكاء، وأخذت تذرف دموع التماسيح:
إنه خطئي أنا يا أبي، سامحني.

رفع نصار يديه ليصفعها مرة أخرى.

فأغمضت عينيها خوفًا، ثم سمعت صوتًا نادرًا يقول:
سوف أتزوجها، سأتزوج سوزان.

فتحت عينيها وظهر شبح ابتسامة المنتصرة، وسرعان ما اختفت هذه الابتسامة من على وجهها.

أنزل نصار يديه في حالة استسلام، وبضعف جلس على الكرسي، وصرخ بصوت مرتعش:
اخرج من هنا، لا أريد أن أراك مرة أخرى.

قامت من الأرض ورأسها منحني إلى الأسفل، وبمجرد خروجها من المكتب، مسحت خط الدم من فمها، وابتسمت ابتسامة لم تصل إلى عينيها.

هي من فعلت كل هذا لكشف طبيعة العلاقة بينهما، ليجعله يتزوجها ولا يتهرب منها.

قال نصار بنبرة ازدراء:
الجواز سيكون الأسبوع المقبل.

نظر إليه نادر، ثم همس متوسلاً:
سامحني يا عمي، سامحني.

صرخ في وجهه:
أخرج، لا أريد أن أرى وجهك أمامي الآن.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي