الفصل السادس عشر ذكريات

قال لها غيث بنبرة هادئة:
احضريها وسأغيرها لك، وكل طلباتك أوامر يا أم أحمد.

قالت زينات بابتسامة زينت وجهها المجعد:
سوف أحضر لك مفتاح المتجر.

سأل غيث فهو لم يفهم كلامها:
لماذا ستجلبين لي مفتاح المتجر؟ أنا سأحضر لك مصباحًا كهربائيًا جديدًا، أريد أن أنتهى من هذه المهمة بسرعة؛ لكي أنال بعض النوم.

يكفيني ما حدث اليوم بسبب هذه المصيبة التي في الداخل، كنت متأكد من إنني كنت سأقوم بارتكاب خطيئة، ما حدث متأكد إنه تكفير عن شيء ما، أعتقد ما يحدث لي الآن هو تكفير عن الذنوب.

قالت زينات بعبوس:
كفارة الذنوب لا أعتقد حور شخص شيء، حسناً غيث، لا داعي أن تقم بتركيب المصباح لي، أذهب للنوم واهتم بأشغالك، وسأدع إبراهيم في الصباح يركبها لي، هيا أذهب وافعل ما هو الأفضل لك غيث يا بني.

قال غيث بنبرة هادئة:
لم تكن هناك كلمتين، أم أحمد، بسببهما سوف أغضبك، عدم النوم يجعل الشخص يقول أشياء غير صحيحة على الإطلاق، وهذا يعني أنني لم أقصد هذه الكلمات وأجعلك تغضبين.

وطبعًا أنا يهمني عدم حزنك وضيقك، سوف أقوم بتركيب المصباح الأول لك، وبعد ذلك سأذهب للنوم.

ثم تمتمت بصوت غير مسموع:
واضح أنه ليس هناك نوم على الإطلاق اليوم.

قالت زينات بتردد:
هل تقول شيء غيث يا بني؟

رد غيث بابتسامة هادئة على وجهه:
لا، لم أقل أي شيء يا سيدة زينات.

قالت زينات بتردد قبل أن تقول بنبرة سريعة:
ولكن المصباح ليست معي يا غيث يا بني.


سأل غيث بلهجة مستفسرة:
إذًا أين هو المصباح؟ أين.

قالت زينات وهي تشعر بالضيق:
لا أعلم ماذا أقول لك، المصباح قد اشتريته ونسيتها في المحل، وأنا بحب نور المدخل دائمًا أن يكون مضاء وأنا نائمة.

وإذا كنت متعبًا ولا تستطيع ، فلا داعي اليوم مطلقًا ، فسيكون وتكون في قتًا آخر أو سوف أتحدث إلى إبراهيم.

ورد غيث بنبرة هادئة:
ها هي المفاتيح وسأذهب واحضرها لك بسرعة يا حجة

مدة يديها في داخل جلبابها الواسع الفضفاض، واخرجت سلسلة المفاتيح ثم مدت يديها الممسكة المفاتيح له.

ثم قالت:
ربنا يبارك فيك وينصفك على من يعاديك يا غيث يا ابني.

أنصرف غيث وهو يشعر بالضيق، مما حدث فماذا فعل في حياته لكي يستحق ما يحدث له الآن.

شاهدت زينات انصراف غيث في صمت، حتى اختفى تماما عن انظارها ثم تنهدت بعمق لتأخذ نفس عميق ثم قامت بأخراجه، ثم ولجت إلى الداخل البيت متجهة إلى غرفة حور.

وجدتها جالسة على الفراش تنظر من الشباك شاردة، لم تلاحظ حتى دخولها اقتربت منها زينات ثم جلست على الفراش.

تنهدت وهي تراها مازالت شاردة، ربتت زينات بخفة على ظهرها، لتلتف حور إليها بنظرات ساهمت وهي تقول:
نعم يا سيدة زينات

ردت عليها بصوت حنون:
نعم الله عليك حبيبتي، ما هو هذا الشيء الذي يشغل عقلك.

قالت بعيون تلمع بالحزن:
لا شيء، ليس بي شيء.

أصرت زينات في السؤال:
لا تخفي أي شيء عني ، اعتبريني مثل والدتك

قالت حور:
أنا أعتبرك حقًا مثل والدتي ، التي لا أعرف ما إذا كانت حية أم ميتة أم ماذا بالضبط، قد سئمت من الانتظار الطويل، حتى تظهر عائلتي لي ، وأخشى كما أخبرني غيث ألا يكون لدي أحد وأن الماضي ليس مشرفًا ، لأنه عندما أنقذني ومظهري وملابسي تقول شيئا ليس لطيفا .

قالت بصوت رقيق:
ابنتي ، لا تقل ذلك عن نفسك ، ولم يكن من المفترص أن يتحدث غيث معك ويقول لك أي كلام من هذا القبيل ، لكن عندما أراه سأخبره بما يصح وما لا يصح.

هتفت حور بسرعة:
لا تفعلي، وعندما تقابليه لا تخبريه بأي من الكلمات التي قلتها لك.

نظرت إليها زينات قبل أن تقول:
من رد فعلك هذا أنا أرى شيئًا واحدًا فقط.

سأل الحور بنبرة خافتة:
ماذا ترين يا ام احمد؟

ردت زينات بنبرة لطيفة:
أرى أنك مهتمة بعض الشيء ببغيث ، ولأنك مهتمة به، فقد كان أول من ذهبت إليه عندما وجدت نفسك مختنقًا ومضايقًا.

قالت حور بصوت حزين متوتر:
أنا لست مهتمة على الإطلاق أو أي شيء به . فهو شخصية صعبة ولا أحب التعامل معه

سوف آخذ حذري بعد ذلك، أنا آسفة لما فعلته، وأعدك بأن ذلك لن يحدث مني مرة أخرى.

ابتسمت زينات، وقالت:
أنا ابلغ من العمر ضعف عمرك، لذلك دعونا لا نضحك على بعضنا البعض ابنتي ، عندما كنت في عمرك، كنت فتاة مراهقة لعوب نظرة واحدة من هذا ، وواحدة من ذلك.

ضحكت حور، ثم قالت:
اجد من المستحيل، أن تخرج منك بعض سلوك هؤلاء المراهقين.

ضحكت زينات وقالت:
أتمنى أن يعود الشباب ذات يوم، كنت أية في الجمال كما يقولون، ليس لديك هذا الجلد المقرمش أو العيون غير اللامع، عندما كنت في عمرك ، كنت اعيش مراهقتي بالطول والعرض.

لم يكن هناك من ينصحني ليقول لي الصواب والخطأ، كانت اعيش مع زوجة أبي، وكانت ستسمح لي أن أفعل ما أريد، لم تحاول التفاهم معي، وإعطاء بعض النصائح لي.

وضعت يديها على فمها لكتم صوت صدمتها.
ماذا تقولين سيدة زينات؟

نظرت إليها زينات بابتسامة متعاطفة، ثم قالت:
نعم بجدية، وهذا وقت لم أكن أعرف فيه الفرق بين الصواب والخطأ، ولم يكن هناك من ينصحني، أنت تعلمين أنني كنت أخرج بين الحين والآخر مع شخص ما وأضحك عليه بنظرة وابتسامة ليقوم بدعوتي إلى نزهة جميلة، ثم الخروج مع رجل أخر ليحضر لي فستانًا جديدًا.

حتى ظهر زوجي، وحبيب حياتي رحمه الله، ومن قبله كنت أضحك على الشباب بكلمتين وأخذ ما أريد من المال أو الملابس.

لكنه كان مختلفًا عنهم جميعًا، لم يحاول عبور حدوده معي ولو مرة واحدة، فوجدت نفسي أقع في حبه وأغرق في حبه، لذلك ابتعدت وتركته لكي يرحل.

صرخت حور بفضول:
لماذا ؟ يا صدمتي.

اتسعت عينا حور بدهشة، لما سمعت كلام السيدة زينات، قالت وهي تفتح فمها قائلة بنبرة صادمة:
"رفضته وتركته يرحل؟"

نظرت إليها بشرود، تتجول في بحار الماضي، ثم قالت: لأنني رأيته أفضل مني كثيرًا، وأنني أستحقه، ابتعدت بعيدًا، شعرت بالخوف عليه.

ولكنه صمم على عدم الابتعاد، أصبحت وقتها غاضبة منه، وكان علي أن أرفضه، لأنني كنت مقتنعة وتأكدًا من أنه يستحق واحدة أفضل مني، قال لي وقتها أنه مصمم على أن أكون له، وتزوجنا مباشرة بعد خطبة قصيرة وهي شهر ونصف.

قالت حور بخفوت:
سوف ماذا حدث؟

تمتمت بشرود:
لم تستمر فترة الخطوبة لمدة طويلة، لأنه في ذلك الوقت كان لديه شقة، وقام بتجهيزها، ووضع فيها أثاث جديد.

جعلني وقتها أشعر أنني ملاك، لم يرتكب أي ذنب في حياته، أضاءت عينا زينات بالدموع وهي تتذكر زوجها وعشيقها.

ثم قالت، بصوت متأثر، بعد ثوانٍ من الصمت:
سلوكه الطيب والرصين، جعلني أشعر بالنقص، وإذا فكرت بفعل شيئًا خاطئًا، وبسببه هو فلن أفعله ابدًا.

لقد كان رجلاً جيدًا جدًا، ومع مرور الأيام، جعلني أحبها كثيرًا حتى أصبحت لا استطيع الاستغناء عنه، وبسببه، قررت أن أتغير للأفضل، وبمساعدته، تغيرت وأصبحت فتاة أخرى جيدة، وفي يوم أتى له عمل في مكان آخر.

وبعد فترة من الحصول على جواز السفر، عندما طلب مني السفر مع، وافقت بسرعة ودون نقاش بعد إلحاح مني ومكر، فقد قلت له إنه لن يذهب بمفرده، وسوف أذهب معه، وقدمي على قدميه، وقلت له إنني غير قادرة على تركه ليوم واحد، ولن اقدر على البقاء بعيدة عنه.

سافرت معه وعشت معه هنا، وبقيت هنا، وتوسلت المغفرة عن كل خطيئة ارتكبتها قبل أن ألتقي به، وتربيت على يديه من جديد كطفل، أعني أنني ولدت من جديد على يديه.

وأصبحت إنسانة أخرى تغيرت للأفضل، ثم واصلت حديثها بصوت مكتظ حزين، من الذكريات التي راودتها مرة واحدة.

شعرت بكتلة في حلقها وانقباض في قلبها، وهي تتذكر ابنها الميت.

قالت حور:
كل هذا مررت به سيدة زينات.

أكملت زينات قائلة:
نعم، وعندما أصبحت حامل، أصبح ممنوعًا عليَّ أن اجهد نفسي في عمل المنزل، حتى الطعام كان يقوم هو بتحضيره.

وضحكت زينات، وتذكرت الماضي ثم قالت بابتسامة:
لقد كنت وقتها فتاة كسولة وطائشة، تستغل هذه الطيبة.

قالت حور:
كلامك هذا يقول لي، إنه كان رجل جيدًا.

تنهدت زينات ثم قالت:
في بعض المواقف أردت أن أختبر صبره معي وأنا حامل، لكني فشلت في كل توقعاتي معه، وفضل الاستمرار معي حتى النهاية، وقال لي أن الحمل يجعلك تفقدي أعصابك بسهولة، وسوف أتحمل كل تصرفاتك الغير مسئولة.

قالت حور:
يا ليت كل الرجال مثل زوجك الله يرحمه.

قالت زينات بابتسامة حالمة، وهي تتذكر زوجها الراحل:
الله يرحمه كان رجل بمعنى الكلمة، كان يخاف عليَّ كثيرًا، عندما كنت حامل في أحمد، وفي نهاية الحمل، مرضت كثيرًا.

قاطعتها حور:
ثم ماذا حدث؟

تنهدت وهي تتذكر الماضي:
وقتها أوصى له أحد الأشخاص، أن يتصدق بالمال بنية شفائي واكتمال حملي على خير، كان وقتها المال قليل، ولكن قرر وقتها التصدق بالمال الذي كان لدينا، وقال ما يفعله سوف يكون مفتاح الفرج.

وعندما اعترضت على المال الذي سوف يقوم به شراء، وقلت له في ذلك الوقت، ممنوع التصرف في المال الذي كان معنا، ونحن نحتاج هذا المال، فأجابني في ذلك الوقت، "ربنا أعطانا هذا المال وإن شاء الله سوف يبدلنا خيرًا منه".

وبالفعل تحقق كلامه، وفتحت لنا أبواب السماء على مصراعيها، فاشترى محل ملك باسمه، وملأه بالبضائع، وأصبحت له مكانة مشهورة في السوق بسمعته الطيبة.

ثم نظرت إلى حور، وقالت:
"لقد كان رجلاً جيدًا."
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي