غفران

نسمة_مالك`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-05-04ضع على الرف
  • 63.6K

    إكتمل التحديث (كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الأول

البارت الأول..
غفران..
✍️نسمه مالك✍️..

نبدأ حكايتنا.. بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاه والسلام علي خير خلق الله محمد بن عبد الله، وعلي أله وصحبه وسلم..
صلاه تنفك بها الكرب، وتنحل بها العقد، وينفتح بها أبواب الرزق..

....................................................
.. دائماً يكون الممنوع مرغوب، وكثيراً منا يجاهد ليصل لما يريد دون النظر لعواقبه الوخيمه..

في صباح يوماً جديد بمنزل كبير يظهر عليه الثراء..
أستيقظ "غفران" علي صوت ضحكات  صغيريه..
"مالك خمس سنوات، ومكه ثلاث سنوات"جالسان فوقه كمحاوله منهم لإيقاظه..

اعتدل جالساً فجأه ليصرخا الصغيران بفرحة غامرة حين حملهما بحماية وأمان داخل حضنه يضمهما بقوه ويغرقهما بسيل قبلاته قائلاً بحب شديد..
"أحلى وأجمل صباح في الدنيا علي عيون حبايب قلب أبوهم"..

دار بعينه بأرجاء الغرفه بحثاً عن زوجته فلم يجد لها أثر، نظر لصغيره وهمس بخوف مصطنع..
"وديتو ماما فين يا مالك باشا؟"..
نظر له الصغير بابتسامه متسعه وتحدث ببراءه قائلاً..
"ماما زعلانه وبتعيط في المطبخ علشان عمو "هادي" باس خالتو "رغد" وهي لاء"..

كلمات عفويه نطق بها الطفل جعلت الدهشه تظهر علي وجه غفران،يعلم ان زوجته لا تتوقف عن البكاء يومياً لأسباب متعدده وجميعهم أسباب وهميه، ولكن اليوم أيعقل تبكي لهذا السبب؟!..
وزع نظره بين صغيريه وتحدث بحماس..
" اممم ماما بتعيط يبقي لازم نصالحها زي كل يوم"..

نهي جملته وحمل الصغيران وهب واقفاً متجهاً لخارج غرفته قابلته والدته " فاتن" بابتسامه مشرقه وبحب تحدثت..
"صباح الخير يا حبايب قلب نانا"..
أسرع غفران بإنزال الصغيران أرضاً ليركضا لداخل حضن جدتهما، واقترب من والدته قبل جبهتها وكلتا يدها قائلاً بحنو..
" طمنيني عليكي يا ماما عامله ايه دلوقتي"..

ربتت فاتن علي كف يده وتحدثت بتنهيده وهي تعاود ضم الصغيران..
"الحمد لله يا حبيبي أطمن بقيت احسن لما انتظمت علي دوا الضغط"..أشارت بعيونها علي المطبخ وتابعت..
"ادخل لمراتك شوف مالها ومين اللي زعلها ورضيها يا غفران"..

أخذ غفران نفس عميق وبأسف تحدث..
" من يوم ما اتجوزتها وانا برضيها و بحاول بكل الطرق أعرف مين اللي مزعلها يا ماما"..

أبتلعت فاتن غصه مريره وجاهدت لتمنع دموعها من الهبوط وتحدثت بابتسامه مزيفه قائله..
" حبيبي احنا الستات كلنا بنحب نزعل حتي لو من غير سبب علشان انتو الرجاله ترضونا ومافيش مانع انكم تحضنونا كمان"..

رفع غفران كلتا يده بستسلام قائلاً..
" آمري لله هرضيها واحضنها طلبتكم أوامر يا أم غفران"..
سار نحو المطبخ لكنه توقف سريعاً قبل أن يصتدم ب "رغد" زوجة شقيقه الأصغر التي خرجت مندفعه كعادتها وتحدثت علي عجل..
" أوعى يا جوز أختي، أخوك واقف تحت مع بتاع الديلفري هياخد منه البيتزا اللي نفسي فيها"..

نهت جملتها وسارت من أمامه بخطوات واسعه تشبه الركض، ليوقفها صوت فاتن الحنون..
"امشي علي مهلك يارغد يابنتي علشان اللي في بطنك"..

حرك غفران رأسه بيأس من جنان شقيقه وزوجته، ونظر لوالدته وتحدث بأسف..
" هتنزل تلاقيه واكل نصها وهتتخانق معاه ويفرجو عليهم الجيران زي العادة"..

ضحكت فاتن برزانه قائله..
"هما صحيح زي القط والفار بس ميقدروش يستغنو عن بعض عاملين زي روح وقلب واحد في جسدين، ربنا يحميهم ويسعدهم"..

أمن غفران علي حديثها بتنهيده حزينه..
"أمين يارب، وادعيلي ربنا يهديلي أم مالك وأتوفق في شغلي الجديد يا ماما"..

قالت فاتن بلهفه..
"عرفت هتتنقل فين يا غفران؟ "..

أجابها غفران وهو يخطو لداخل المطبخ..
" هعرف انهارده بأذن الله ادعيلي يا ماما"..

رفعت فاتن يدها للسماء وبدأت تدعو له ولشقيقه ولاحفادها وحتي زوجات أولادها قائله..
" ربنا يرضيكم ويرضي عنكم ويوفقكم ويسعدكم يا حبايبي"..
ضمت أحفادها وتمتمت بصمت وعيون ترقرقت بالعبرات..
"ويهدي مراتك يا غفران يا أبني"..

" بالمطبخ"..
تقف "شهد الزيات" زوجة "غفران" وشقيقة "رغد" الكبري..
امرأة بأواخر العشرينات، خريجة ادارة أعمال، شديدة الجمال، جمالها يصل لحد الفتنه، علي نقيض شقيقتها التي لا تشبهها اطلاقاً،
فرغد جمالها مقبول ولكنها تتحلي بطباع حسنه وروح مرحة جعلت لها رونق خاص..

تجلس علي الطاوله بشرود، وعيون شديدة الأحمرار اثر بكائها الحاد.
تجهز شطائر النوتيلا التي يفضلها صغيرها كثيراً..
لتنتفض بفزع حين شعرت بيد غفران التي ألتفت حول خصرها وحملها لداخل حضنه ظهرها مقابل صدره..

دفن وجهه بعنقها يقبلها ببطء وبين كل قبله وأخرى يهمس لها برجاء..
"قوليلي مالك ياشهد؟"..
أغمضت عيونها بعنف وحاولت السيطره علي حدة بكائها وبضيق تحدثت..
"هيكون مالي يا غفران، زهقانه شويه مش اكتر"..
عدل وضعها داخل حضنه جعلها تنظر له ليتفاجئ بملامحها الشاحبه للغايه فأسرع بحملها داخل حضنه مرة اخري وتحدث بقلق..
"انتي كويسه، حاسه بحاجه تعباكي؟"..

تأملت ملامحه للحظات، وابتسمت ابتسامة باهته ودموعها تهبط علي وجنتيها بغزاره وبستغراب تحدثت..
" اللي يشوف لهفتك وخوفك عليا دا يقول أنك بتحبني وبتموت فيا يا غفران"..

نظر لها غفران بتفاجئ وبغضب همس بأذنها..
"برضو مش عايزه تشيلي الافكار دي من دماغك"..
دفعته بصدره بكلتا يدها قائله..
"دي مش افكار، دي حقيقه وانت عارف كده كويس، احنا مخدناش بعض عن حب، جوازنا جواز تقليدي ياغفران"..

احتضن وجهها بين يديه ونظر لعيونها وتحدث بابتسامه حانيه..
"وجوزنا دا جبنا منه احلي مالك ومكه في الدنيا، وبفضلك بعد ربنا بقيت بابا يا شهد واللي بنا بقي اكبر حتي من الحب".. تعمق النظر بعيونها مكملاً.." انتي شريكة حياتي وأم ولادي يا ام مالك"..

تأمل ملامحها بفتنان حتي توقف بنظره علي شفاتيها  وابتسم بخبث وغمز لها بشقاوة وتابع بعبث..
" وبعدين وصلي أنك بتعيطي علشان عايزه تتباسي زي رغد"..

انسحبت الدماء من عروقها، وارتعد قلبها بفزع، جف حلقها، وبدأ جسدها بالارتجاف..
لتتعالي ضحكات غفران ظناً انها مازالت تخجل منه، فمال عليها مستنداً علي جبهتها وهمس بأنفاس ساخنه تلفح بشرتها..
"لسه بتتكسفي مني بعد 6سنين جواز يا شهد"..

نهي جملته وغمر شفاتيها بقبلة شغوفه يبث بها مدي تفهمه واحتوائه لها..
لم تبادله هي قبلته ببادئ الأمر، كانت جامدة المشاعر، ولكن
انصهر ثليج مشاعرها معه وانهالت عليه تقبله بحراره حين هيئ لها خيالها المريض بأنها تقبل شخص أخر كانت دوماً تتمني ان يكون هو زوجها..
.................................................
بمكان أخر..
فيلا الوزير "عزت البحيري"..
علي طاولة طعام مرتبه بعنايه تجلس"عهد" بجوار والدها تتناول الأفطار برفقته بصمت..

ليقطع عزت الصمت ويتحدث بنفاذ صبر..
"انهارده هيتغير طقم الحرس اللي مش عجبك كله يا عهد هانم"..
نظر لها بشرار وتابع بتحذير..
"واياكي تفكري تعملي مع الحرس الجديد حركاتك المجنونه اللي عملتيها مع اللي قبلهم لان المرادي القائد بتاعهم في شغله مبيرحمش حد"..

تابعت عهد طعامها بشراهه وتحدثت بستفزاز قائله..
" انا مبتهدتش يا بابي، ومش همشي بحرس مهما عملت فارجوك بلاش تتعب نفسك وتجيبلي حرس"..

هب عزت واقفاً وتحدث بغضب..
" مش هتخطي خطوة بره البيت من غير الحرس يا عهد"..
ضحك ساخراً وتابع بثقه..
" المرادي انا عرفت أختار صح والمقدم" غفران المصري" مش هيسبلك أي فرصه للهروب منهم زي الحرسات اللي قبله"..
ضيقت عهد عيونها وتمتمت بصمت..
" أسمه غفران!! امممم جتلي برجلك وهكرهك في شغلك كله زي اللي قبلك يا هه غفران"..
تنهد عزت بتعب وبأسف تابع..
" أفهمي يا بنتي انا مهدد بالأغتيال من جماعات إرهابية "..

ابتسمت عهد بفرحه شديده وتحدثت بتمني..
"ياريت يا بابي يغتالونا ونموت شهداء ونروح الجنه عند مامي وأخواتي"..
أسرع والدها بحتضانها وتحدث بلهفه وخوف شديد قائلاً..
" بعد الشر عنك يا حبيبتي، انا معنديش غيرك ربنا يحفظك يابنتي"..

ترقرقت عيناه بعبرات حارقه وتابع بألم حاد..
"كفايه قتلو مامتك وولادي الرجاله الاتنين"..
مسح دموعه بعنف وتابع بثقه..
" بس المرادي انا مطمن لأن "غفران" من أكفأ وأمهر الظباط في الحرسات الخاصه وهو بعد ربنا اللي هيحافظ عليكي ويحميكي يا عهد لأنه تلميذي"..

ابتسمت له عهد ابتسامه متسعه تظهر جميع أسنانها وبوعيد تحدثت..
" ربنا يقدرني واخليه يستقيل ويسيب الداخليه كلها يا بابي"..
غافله انها ستفعلها ولكن لن تجلعه يترك عمله، بل ستفقده قلبه الذي لم ينبض بالحب الحقيقي يوماً..
........................................................
بمنطقه شعبيه..
بشقه صغيره للغايه مكونه من غرفه واحده، واثاث بغاية البساطه..
تجلس" هالة" فتاه تبلغ من العمر عشرون عام، حاصله علي شهادة الثانوي العام، وتزوجت قبل أن تكمل كليتها من عشق قلبها الوحيد "علي" يعمل سائق علي سيارات نقل عام"..

تجلس علي كرسيي متهالك بالشرفه..
امامها طاوله صغيره موضوع عليها بعضاً من اغراض البقاله، ممسكه بيدها ورقه تقرأ الطلبات المدونه بها وتضعها داخل دلو معلق بحبل وتسرع بإنزاله لخارج الشرفه..

وتعاود سحب الدلو مره أخري به النقود ثمن الاغراض التي وضعتها..
رفعت عيونها للسماء وتمتمت برضا..
"الحمد لله يارب علي كرمك وفضلك علينا"..
نهت دعائها وركضت نحو الداخل بلهفه حتي وصلت لزوجها النائم بعمق، ومنفصل عن العالم أجمع بغيبوبته بعدما تعرض لحادث قاتل ظل علي أثره فتره طويله داخل العنايه..

تخلي عنه جميع أقاربه حتي أشقائه، لتأخذه زوجته بصدر رحب وقلب عاشق وتعتني به بنفسها داخل منزلهم الصغير بعدما تم طرده من المستشفي لعدم مقدرتها علي دفع تكاليفها..

علي يقين هي أنه يشعر بها، تحدثه ولا تكف عن احتضانه وتقبيله بشتياق شديد وبفرحه غامرة تهمس بأذنه..
"علي يا حبيبي مشروعنا الصغير شغال عال العال"..
ضحكت برقتها التي تجعله يحرك أنامله للحظات وتابعت..
"قولتلك الشارع هنا محتاج بقال وادينا فتحنلهم بقاله في البلكونه عندنا يا علولي"..

عدلت وضعه لداخل حضنها تضمه كصغيرها وليس زوجها مقبله جبهته مرات ومرات وبتوسل شديد دعت من قلبها..
" يارب أشفهولي يااااارب، انت قادر تحي العظام وهي رميم، يارب اشفيلي علي ورد ليا روحي يارب"..

......................

"غفران"..
علي وشك اكتشاف فتاه غامضه تمتلك أنوثة طاغية، ولكنها بعقل طفله متهورة ستفقده صوابه ومن ثم ستسلب منه نبض قلبه وأنفاسه بعفويتها وشقاوتها وجمالها البرئ..

.. بمنزل غفران..
يحتضن زوجته بكل قوته ويربت علي ظهرها بحنان بالغ لعلها تكف عن بكائها الهستيري..

ابتعدت عنه شهد بنفور وتحدثت بضيق قائله..
"خلاص يا غفران انا كويسه روح انت علشان متتأخرش علي شغلك"..

تنهد غفران بتعب وتحدث بنفاذ صبر قائلاً..
"لا يا شهد انتي مش كويسه ابدا، قوليلي مالك، وايه سبب عياطك المستمر دا"..

اقترب منها واحتضن وجهها بين كفيه ونظر لعيونها بابتسامه حانية وتابع بهمس.
"انتي كنتي متجاوبه معايا حالاً، بعدتي عن حضني فجأة ليه بس"..

نظرت له بشرود ودموعها تنهمر علي وجنتيها دون توقف، وتمتمت محدثه نفسها..
" ايوه انت عندك حق انا مش كويسه خالص ومش هبقي كويسه ابداً طول ما انت اللي جوزي يا غفران"..

تعالت شهقاتها دون أرادتها ليسرع غفران بأحتضانها مرة اخري بلهفه قائلا..
" مين اللي زعلك اوي كده يا ام مالك"..

لثم عنقها بعمق وتابع بمزاح..
"قوليلي وانا اقبضلك عليه وارميه في الحبس"..
داعب أنفها مكملاً" حتي لو غفران ذات نفسه"..

يحاول هو احتوائها بكافة الطرق، يتفهم شعورها ويبرر حزنها الدائم بأنها كانت دوماً تتمني أن تحي معه قصة عشق ملتهبه كشقيقتها وشقيقه..

ولكن أراد القدر ان يتزوجا زواجاً تقليدياً، وبرغم هذا لم يقصر غفران بحقها يوماً، ويبذل قصاري جهده ليري ابتسامتها قليلة الظهور..

ولكنها لم تكتفي بما ملكت يديها، وتنظر بعين حاقدة لرزق غيرها، بل وتتمناه بستماته ان يكون لها بيوماً من الأيام..

انتبهت من شرودها علي قبلات متفرقة بجانب شفاتيها وهمس غفران بأنفاس ساخنه تلفح بشرتها..
"سرحانه في ايه وانتي جوه حضني؟"..

طريقته الخاصة معها، وأسلوبه الساحر يجعل ضميرها ينهرها ويشعرها بذنب قاتل..

بل يظهرها انها امرأة خائنه، تخون زوجها بأفكارها التي هيئها لها شيطانها..
صكت شهد علي أسنانها بعنف ورمقته بنظره حارقه وبغضب تحدثت..
"غفران أرجوك روح شغلك وسبني لوحدي دلوقتي"..

نهت جملتها وأسرعت بالركض مبتعده عن حضنه المحاوطها بأمان لداخل حمام الغرفة غالقه الباب خلفها وجلست ارضاً تتابع بكائها بصمت..

حرك غفران رأسه بيأس من تصرفات زوجته الذي اعتاد عليها منذ زوجهم، وهندم ثيابه أمام المرأه ومشط شعره الغزير،

نثر عطره ذو الرائحه الفواحة وسار لخارج الغرفه بوجهه يظهر عليه الضيق من بكاء زوجته طيلة الوقت تخبره به انها لن ولم تكن سعيده معه يوماً. .

ولكنه حسم أمره من أجل صغيريه سيفعل كل ما بوسعه ليبدل بكائها الحزين لفرحة دائمه..
غافلاً عن ما يخبئه له القدر..

لمح والدته تجلس برفقة صغيريه فاقترب عليها وقبل جبهتها وكلتا يدها قائلاً..
"انا رايح شغلي يا امي، ادعيلي"..

ربتت فاتن علي وجنتيه بحنان وبحب شديد دعت له..
"ربنا يحفظك ويحميك وترجعلنا بألف سلامه يا غفران يا ابن فاتن"..
اكملت بسرها بدموع ترقرقت بعيونها..
"ويفرحك مع اللي تستاهل قلبك حتي لو مكنتش شهد"..

أمن غفران علي دعائها وقبل صغيريه وسار نحو الخارج متجه نحو سيارته، لينتبه لرنين هاتفه برقم قائده فاسرع بالرد عليه قائلاً..
" صباح الخير يا معالي الباشا"..

اتاه صوت عماد الصارم..
"صباح النور يا حضرة المقدم"..صمت لوهله وتابع بأسف..
" متجيش علي المديريه يا غفران"..

قال غفران بقلق..
"خير يا فندم، حاجه حصلت؟!"..

اجابه عماد بتنهيده..
"صدر قرار بتعينك قائد حرس لسيادة الوزير عزت البحيري"..

ظهرت ابتسامة علي وجه غفران وبود تحدث..
"ودا اللي مسبب الزعل اللي سامعه في صوت معاليك؟"..

زفر عماد بضيق وبغضب تحدث..
" غفران الوزير دا معرض للاغتيال، مستهدف هو وعايلته كل لحظه،واللي عايزين يغتالوه قدرو يقتلو مراته وولاده الاتنين، ومفضلش غيره هو وبنته الوحيده، وكونه ان هو اللي يطلبك بالأسم يبقي اكيد وصله انك من اكفأ ظباط الحراسه  واحنا مش مستغنين عنك، فلو عايزني ادخل و؟..

قطع حديثه غفران بحترام..
"عماد باشا، اسمحلي انا مقدر خوف معاليك عليا، بس كون ان سيادة الوزير يطلبني لحراسته بنفسه فأعذرني مش هقدر ارفض طلبه، خصتاً انه كان أستاذي في كلية الشرطه"..

قال عماد بتنهيده حزينه..
"معني كلامك دا اني هقفل معاك وتروح علي فيلا عزت البحيري حالاً، غفران يا ابني مفكرتش في ولادك ووالدتك لو لقدر الله جرالك حاجه من الخدمه مع الوزير دا؟ "..

اتسعت ابتسامة غفران وبشجاعه وشهامه تحدثت..
" لو جرالي حاجه فأمي بإذن الله هتكون ام الشهيد، واولادي اولاد الشهيد غفران المصري يا فندم"..

قال عماد بيأس..
" حيث كده يبقي تتحرك حالاً علي عنوان الوزير اللي هبعتهولك والقوة بتاعتك هتقبلك في السكه"..

غفران..
"علم وينفذ يا فندم"..
اغلق هاتفه وانتظر لحظات لتأتيه رساله بخط سيره لعمله الجديد، قرائها بتمعن واستقل سيارته وقاد متجه نحو نقله جديده ستقلب حياته رأساً علي عقب..
............................................
بفيلا عزت البحيري..

"عهد"..
تجلس داخل غرفتها ممسكه بهاتفها تتحدث مع صديقتها الوحيده قائله..
"واحشتيني يا هاله، طمنيني عليكي وعلي جوزك عامل ايه دلوقتي"..

اجابتها هاله بحب صادق..
"يا حبيبتي يا عهد".. نظرت لزوجها الغارق بغيبوبته بعيون ترقرقت بالعبرات وتابعت..
"انتي الوحيده اللي بتسأل علينا، ولا اهلي ولا اهل علي بيعبرونا برنه حتي"..

ضحكت ساخرة واكملت بغصه مريره..
" بيخافو اطلب منهم فلوس رغم اني عمري ما طلبت من حد فيهم قرش واحد"..

تنهدت عهد بحزن وتحدثت ببكاء..
"وانتي صحبتي الوحيده يا هاله بعد ما كل اصحابي بعدو عني وخافو علي نفسهم ليغتالوني وهما معايا ولا حاجه"..

شهقت هاله بعنف وبستغراب تحدثت..
"اما اندال صحيح، بقي انتي حد يعرفك ويعرف طيبتك وحنيتك وقلبك اللي زي الدهب ويبعد عنك يا عهد"..

عهد بفرحة طفوليه..
"ايوه عندك حق انا قلبي دهب يا لولو انتي مش بتكذبي"..

اكدت هاله علي حديثها..
" والماظ كمان يا حبيبتي ولا تعيطي وتزعلي نفسك ابدا، واللي يزعلك قوليلي عليه وانا اعلقهولك من عرقوبه"..

تعالت ضحكات عهد وبعدم فهم تحدثت..
" حلوه اوي عرقوبه دي يا لولو عجبتي اوي"..
استمعت لبوق سيارات عاليه فتابعت بحماس..
" هاله انا هفقل دلوقتي علشان الحرس الجديد جه، وهلبس واجيلك علي طول"..

قالت هاله بفرحه..
" اخيراً اقتنعتي بخوف باباكي عليكي وهتيجي مع الحرس يا عهد"..

ضحكت عهد وتحدثت بشقاوه..
" اقتنعت ايه بس يابنتي، بابا قعدلي قدام باب اوضتي بنفسه علشان معرفش أهرب من الحرس، انا بقي هستغل انشغاله مع الحرس الجديد واهرب واجيلك من غيرهم"..

قالت هاله بلهفه..
"بلاش يا عهد يا حبيبتي علشان خاطري، انا خايفه عليكي"..

اخذت عهد نفس عميق وبتمني تحدثت..
"يارب يغتالوني علشان اموت واروح لماما واخواتي يا هاله، ادعيلي من قلبك اموت شهيده بدل ما اموت منتحره"..

بكت هاله بنحيب وبغضب مصطنع تحدثت..
" بعد الشر عليكي يا بت، ان شاء الله اللي يكرهك واللي يتمني اذيتك هو اللي يروح للي خلقه"..

ركضت عهد نحو شرفة غرفتها وتحدثت علي عجل قائله..
" غفران وصل يا لولو يله اقفلي علشان هنط من علي السور واجيلك"..

ظهرت الدهشه علي وجه هاله وبفضول قالت..
"مين غفران دا يا عهوده؟ "..

قالت عهد بضحكه شريره..
" دا رئيس الحرس الجديد اللي هطلع عينه واعلقه من عربوقه"..

ضحكت هاله بعلو صوتها وبصعوبه قالت من بين ضحكاتها..
" اسمها عرقوبه يا عهوده"..

زمت عهد شفاتيها وعادت الكلمه بسرها اكثر من مره وبحماس قالت..
"يله اقفلي علشان الحق اعلق الحرس من عرقوبه"..

قالت هاله برجاء..
" خلي بالك من نفسك ياعهد بالله عليكي، وانا هستناكي وهعملك الكشري المشطشط اللي بتحبيه"..

تهاللت أسارير عهد وبحماس تحدثت..
" الله وزودي الدقه يا لولو وانا مش هتاخر عليكي"..
نهت جملتها وأستعدت جيدا لتقفز من فوق سور شرفتها كعادتها ولكن هذه المره ستتفاجئ بما سيحدث..

"غفران"..
يسير لداخل الفيلا خلفه قوته الخاصه، ليقابله عزت البحيري بوجه يظهر عليه الذعر ويتحدث برجاء قائلاً..
"غفران يا أبني الحق بنتي الوحيده"..

أسرع غفران نحوه واحتضنه بحب أبوي فهو كان معلمه ومرشده للصواب طيلة فترة دراسته وبقلق تحدث..
"اهدي يا سيادة الوزير وفهمني مالها بنت سيادتك؟"..

بعيون ترقرقت بالعبرات نطق عزت أسم أبنته الذي زلزل كيان غفران دون معرفة السبب..
" عهد يا غفران، عهد بنتي بتجري ورا الموت، عايزه تموت وتروح لمامتها واخواتها وتسبني لوحدي"..
بكي بنحيب وتابع بتوسل.. "الحقها يا غفران انت الوحيد اللي بعتبرك زي ابني ومش هأمن عليها مع حد غيرك"..

قال غفران بابتسامة مطمئنه..
"اطمن معاليك انا أفديكم بعمري"..

ربت عزت علي كتفه وبثقه تحدث..
" انا عارف ومتأكد منك علشان كده طلبتك بالأسم يا غفران"..
ظهر الاحراج فجأة علي وجه عزت وأمسك هاتفه ورفع امام اعين غفران..

لتتسع عيناه بدهشه حين لمح فيديو لفتاه معلقه من خلف ثيابها بسور احدي الغرف، وتركل بكلتا يدها وقدميها بالهواء لعلها تسقط ارضاً، غافله عن المسافه الكبيرة بينها وبين الأرض وانها اذا سقطت سيتكسر عظامها لا محاله..

وجه نظره لعزت الباكي الذي اوشك علي فقدان وعيه من شدة خوفه علي وحيدته وبصعوبه همس..
"الحقها يا غفران قبل ما تقع"..

بمهارة ودقه عاليه استطاع غفران تحديد غرفة عهد، خلع نظارته ومعطفه، وبسرعة الفهد ركض نحو الحديقه المطله علي شرفة غرفتها..

لحظة وصوله كانت بنفس لحظه انقطاع ثيابها، لتصرخ برعب حين سقطت وادركت بعد المسافه بينها وبين الارض..

اغمضت عيونها وشبه ابتسامه ظهرت علي ملامحها حين ظنت انها ستلقي حتفها وتذهب لعائلتها اخيراً..

ولكن يد قويه استلقتها لداخل حضن دافئ،يد تحاوط خصرها بحمايه، ويد اخري اسفل ركبتيها، وقلب ينبض بعنف تشعر هي بسرعة نبضاته علي جسدها جعلها تفتح عيونها ببطء لتلتقي باعين غفران شديدة السواد والجمال التي تتأملها بغضب وانفاس متهدجه..

ابتسمت له عهد بشقاوه وبأعجاب تحدثت وهي تحرك كلتا قدميها بطفوله..
"اممممم دلوقتي بس عرفت ليه بابي بيشكر فيك اوي"..

تمعنت النظر لعيناه وبستمتاع نطقت أسمه من بين شفاتيها..
"يا غفراااان"..
نطقها لأسمه بصوتها الناعم الذي راقه كثيرا جعل قلبه ينقبض بنبضه جديده عليه كلياً..

انتهي البارت..
واستغفرو لعلها ساعة استجابة..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي