الفصل الثالث

البارت الثالث..
غفران..
✍️نسمة مالك✍️..

"عهد"..

خلف جنونها وشقاوتها ولسانها السليط ألم حاد وحزن شديد يغلف قلبها الرقيق، ويجعلها تتمني الموت لعلها تجد الراحه ولو قليلاً..

فهل سيغير القدر فكرتها أم ستنال ما كانت دوماً تتمني؟؟..

دعونا نري..

.. مر يومان..

تجاهد عهد للخروج دون الحرس ولكن غفران تمكن من افشال جميع محاولتها، وإن خطت لخارج غرفتها تعود اليها محموله علي يده، تكرر محاولتها مرات ومرات وكل مرة يحملها غفران بطرق مختلفه ويضعها بفراشها ويسير نحو الخارج تاركها تقذفه بوابل من الشتائم وجميع الوسائد التي بغرفتها..

أما "غفران"..
عقله غير قادر علي أستيعاب ما يفعله، الكثير من الأسئله تدور برأسه..
أين غفران الذي يعامل أي امرأة بحدود وأحترام شديد؟..
لما فقد اعصابه مع "عهد" الي هذه الدرجة؟!..
و الأكثر من هذا كيف تجرأ علي حملها، وأباح لنفسه لمسها هكذا وهي لا تحل له؟!..

لم يعثر علي اجابه لأي من تلك الأسئله، او أنه خائف من معرفة الأجابه فقرر إلقاء كافة شئ خلف ظهره والتركيز اكثر علي عمله الشاق حتي يتفادي خطورته..

ركلات عنيفه، ولكمات قويه علي ظهره انتشالته من دوامة أفكاره..
وجد "عهد" كعادتها مؤخراً علي كتفه حاملها رأساً علي عقب، وبصراخ تتحدث قائله..
"نااااااازلني ياااا ظبوطه انت بقولك احسنلك"..

صك علي أسنانه وتمتم بوعيد بصوت شبه ملحوظ قائلاً..
"ظبووووووطه هيظبطك بإذن الله"..
اخذ نفس عميق وبحذر أنزلها ارضاً، ليتفاجئ بهجومها الشرس عليه، تلكمه بكلتا يدها وحتي قدميها وهو يتفادها بمهاره عاليه جعلها تصرخ بغيظ شديد قائله..
" هي مين دي اللي هتظبطها، لا انت ولا الحرس بتوعك كلهم"..

تلكمه بقبضة يدها بعنف وبمهارة لاعبة بوكسنج، وهو يتفادي لكمتها بابتسامة إعجاب تزيد من غضب عهد اكثر، وببرود تحدث قائلاً..
"بتلعبي بوكس كويس سيادك بس محتاجه شوية تمارين تخليكي اسرع وامهر"..

قالت عهد وهي تجاهد للوصول لوجهه لتلكمه به بعنف..
" إياك تفكر تشلني كده تااااااني، ولا حتي تلمسني خالص انت فاهم ولا لااااا"..

نهت جملتها وكادت أن تلكمه بقدميها لكمة عنيفه، ولكن غفران بسرعة البرق أمسك قدمها بيد، وجذب قدمها الأخري بإحدى قدميه، لتصرخ عهد برعب حين أوشكت علي السقوط أرضاً بقوه، ليسرع غفران ويلتف بيده الاخري حول خصرها ليمنعها من السقوط حتي اصبحت داخل حضنه..

تنظر له بشرار، يبادلها هو النظرة بأخري جامدة، ولكنه يتأمل ملامحها، بل يحفرها بذاكرته..

يلتقطان أنفاسهما بصعوبه، وبصوت مسموع، لتبتسم عهد له ابتسامة خبيثة ومن ثم لكمته بوجهه فجأة وابتعدت عنه سريعاً وهي تضحك بفرحه وتقول بستفزاز..
"ضربتك يا ظبوطه، عليك واحد هههههه"..

تحمس غفران للعب معها كثيراً، فخلع معطفه والقاه ارضاً بلمح البصر، وأسرع بصد ضربه اخري كادت أن تنال من وجهه ايضا وهو يقول بتحذير..

"سيادتك انا لحد دلوقتي بتعامل معاكي ميري، ومتعدتش حدود وظفتي و"..
قطعته عهد بشهقه حادة وتوقفت عن لكمه واضعه كلتا يدها بخصرها جعلته ينظر لها بستغراب، وبحاجب مرفوع تحدثت..
"نعم يا دلعي شيلني علي كتفك وتقولي حدود وظفتك؟!"..

اتسعت أعين غفران علي أخرها وبذهول عاد كلمتها..
"دلعي!!!".. حرك رأسه لها مكملا بعدم فهم..
" دا اللي هو ايه بالظبط سيادك؟ "..
صمت لوهله ومن ثم ضحك بقوه مكملاً..
"تقصدي نعم يادلعدي؟"..

نظرت له عهد بعبوس وهي تقول بغرور مصطنع..
"ايوه اقصد دي"..
تحولت ملامحها لأخري خجوله واقتربت منه وهي تعض علي شفاتيها واشارت له ان يميل بأذنه عليها قليلاً..

توتر غفران من قربها، وعبير رائحتها المسكرة، ولكنه نجح في اخفاء توتره، كتم انفاسه وبرزانه مال عليها قليلاً فهمست هي برجاء..
"قولها تاني كده بس واحده واحده علشان اعرف لوحدي اقولها يا ظبوطه بلييييز"..

كلماتها العفويه البريئه جعلت غفران يرفع عينه الذي تعمد ابعادها عنها ونظر لها بدهشه، ليتفاجئ من ابتسامتها الأكثر من رائعه التي تزين ثغرها المزموم، لتدهشه هي اكثر حين قالت..
"ظبوطه قولها براحه وانا هقولها وراك"..
قفزت فجأه وصفقت بكلتا يدها وبحماس تابعت..
"نفسي اقولها صح بلييييز"..

استدار غفران موليها ظهره، واضعاً كف يده علي جبهته وبثقه تمتم محدثاً نفسه..
"لا والله ما طبيعيه، دي مليون فيه الميه مجنونه"..
همسه وصل لسمع عهد التي رسمت الجدية علي وجهها وتحدثت بصرامة قائله..
"انا عايزه اروح لصحبتي هالة حالا"..

ضربت بقدمها الأرض وتابعت ببكاء مصطنع..
"الكشري المشطشط هيحمض بسببك يا ظبوطه انت"..
قال غفران بنفاذ صبر..
" هروح معاكي هتروحي لصاحبتك، غير كده مافيش خروج من باب الفيلا سيادك"..

نظرت له عهد بشرار وبصراخ وغيظ شديد قالت..
" انت بسسسسسس اللي تيجي ودا اخر كلام عندي ها بس"..

نظر لها غفران قليلاً يستشف ما يدور بعقلها بخبرة ظابط حراسات ماهر، وبعمليه تحدث..
"أمر سيادتك"..
أشار لها بالسير أمامه.." اتفضلي معاليكي"..
بخطوات غاضبه سارت عهد امامه وهي تتمتم بسرها بغيظ..
"بااارد ومستفز ورخم وعسل وامور كتك القرف"..

ابتسم غفران علي غضبها الطفولي وما تفوهت به ورفع جهاز اللاسيلكي وتحدث به بأمر قائلاً..
"اجهز يا ابني واتحرك بعد ما اخرج انا والهانم بدقيقتان"..
................................................
.. بمنزل غفران..

أسفاً علي زوجه لم تقدر قيمة النعم التي تملكها،تناست حق خالقها، وتركت عقلها لشيطانها حتي تمكن منها فملئ قلبها بالحقد الأعمي..
غافله أن لابد من نهاية لكل بداية..

" شهد"..
تجلس بغرفتها يدور بعقلها حديث هادي اللازع بالنسبه لها،
لتصك علي أسنانها بغيظ شديد وتمتمت قائله..
"بقي لو كانت مراتك السوده دي شبهي كنت طلقتها يا هادي!"..
ابتسمت بخبث وتابعت بوعيد..
"طيب انا بقي هوريك الفرق بيني وبين الخنفسه بتاعتك"..

امسكت هاتفها وطلبت رقم زوجها، وضعت الهاتف علي أذنها وانتظرت يأتيها الرد..

.. بسيارة عهد..
صف غفران السيارة بجانب الطريق، لتسرع عهد بتبدل ثيابها لعباءه سوداء تحت نظرات غفران المندهشه..
لمحت هي نظرته فقالت بضيق..
" المكان اللي رايحينه شعبي مينفعش ادخل فيه بلبسي دا"..

قال غفران بفضول..
"وانتي عرفتي المكان دا منين سيادتك؟"..
قالت عهد بابتسامه حزينه..
"دي حكاية طويله اوي".. تنهدت بألم وتابعت..
"وانا بحب الحكايات والروايات هبقي احكيهالك يا ظبوطه"..

بدأ يقود غفران مرة اخري وهو يقول..
" انا كمان بحب الروايات جدا خصوصاً لو لنسمه مالك"..
ميرسيي يا ظبوطه علي رأي عهوده☺️اححم نرجع للروايه..
شهقت عهد بفرحة غامرة وهي تقول..
" وانا كمان بحب نسوووم جداً وكمان سوما العربي دول عشقي و؟!"..
قطع حديثها صوت رنين هاتف غفران الموضوع علي طابلوه السياره..

هم غفران بأمساكه لتسرع عهد وتلتقطه هي وتضغط زر الفتح ومن ثم المايك وهي تلاعب له حاجبيها..
ليستمعو لصوت شهد تقول ببرود..
"انت فين؟"..

نظر غفران لعهد بشرار وهو يقول بجديه..
" هكون فين يا شهد، في شغلي طبعاً"..
أخذ نفس عميق وتابع بهدوء..
"طمنيني انتي كويسه والولاد كويسين"..

اجابته شهد بضيق..
"اممم كويسين، هتيجي انهارده ولا لاء برضو"..
اجابها بلهفه فشل في اخفائها..
"لو عيزاني اجي؟ "..
قطعته بغلظة..
"عادي براحتك بس لو مش هتيجي ابعتلي فلوس"..

ضغط غفران بكلتا يده علي المقود بعنف،كم يود ان تشعره انها تشتاقه،تريده، وتتوق لعودته..
ابتلع غصه مريره وهو يقول..
" حاضر عنيا هبعتلك وانا هاجي بكرة بإذن الله"..

بلامبالاه لحديثه قالت..
" طيب ابقي اعملي اوردر من ماك كمان وابعتهولي بعد ما الولاد ينامو بيقرفوني ومبعرفش اكل منهم"..
اتسعت اعين عهد بذهول وتنقلت بنظرها بين الهاتف وبين غفران المبتعد بعيناه عنها..

تنهد غفران وتحدث بنفاذ صبر..
" اقفلي وشويه وهكلمك ياشهد"..
دون سماع باقي حديثه كانت ضغطت زر القفل وبفرحه حدثت نفسها قائله..
" اجهز نفسي بقي علشان دا وقت وصول"..
اغمضت عيونها وبهيام تابعت..
"هاااادي"..

.. اما عهد..
وضعت الهاتف من يدها وبفضول تحدثت قائله..
"دي مراتك يا ظبوطه؟ "..
حرك غفران رأسه بالايجاب، فتابعت هي..
"وعندك اولاد؟"..
اجابها غفران بابتسامه شارده..
"احلي اولاد واحلي حاجه في حياتي مالك ومكه"..

قالت عهد بمزاح و تلقائيه وهي تضحك..
"انت اكيد مستحمل مراتك بطريقتها البشعه دي علشان ولا؟"..
قاطعها غفران بغضب..
"مسمحلكيش تتكلمي علي مراتي بالشكل دا سيادك ويستحسن نخلي كلامنا في حدود الشغل وبس"..

تلاشت ضحكة عهد وخفضت رأسها بخجل والتزمت الصمت قليلاً ومن ثم نظرت له وبغضب طفولي قالت..
"أوقف هنا هنكمل الباقي مشي"..
صف غفران السيارة وفتحت عهد الباب واستعدت للنزول لكنها تراجعت والتفت له وقالت بأسف جملة جعلت قلبه ينشق لنصفين وينزف بغزاره..
" مراتك دي من غير ما أشوفها، بأسلوبها دا مبتحبكش يا غفران"..
رغم انها قالت الحقيقه و يعلم هو بها ولكنه يكذب نفسه..
..............................................................
.. شهد..

ارتدت روبها الحريري الاسود القصير للغايه الذي بالكاد يصل لمنتصف فخذها،انعكس اللون علي بشرتها ناصعة البياض فذادها جمالاً فوق جمالها..

تركت لشعرها العنان لينساب علي ظهرها كشلال من الذهب الصافي، وضعت قليل من مساحيق التجميل وزينت ثغرها المزموم بلون احمر ناري فأصبحت مثيره حد الفتنه..

وقفت خلف باب غرفتها تنتظر موعد وصوله من عمله، تحفظ هي مواعيده عن ظهر قلب، لحظات مرت عليها كأعوام بالنسبه لها..

وأخيراً استمعت لبوق سيارته تعلن عن وصوله، لتزداد ضربات قلبها وكأنه اوشك علي مغادرة ضلوعها من سرعة دقاته..

صف "هادي" سيارته وبسرعة البرق ركض كعادته لداخل المنزل بقلب عاشق مشتاق حاملاً بيده باقة ورد اكثر من رائعه لزوجته الخلوقه..

استمعت هي لصوت باب المنزل يفتح، وخطوات قدميه تقترب من غرفتها،اغمضت عيونها بعنف واخذت نفس عميق وفتحت باب غرفتها لحظه مروره من أمامها..

لتصتدم به وتتصنع السقوط ليسرع هو ويحاوط خصرها ليتفادي سقوطها قائلاً..
"حاسبي يا شهد، انتي خارجه فجأة زي المدفع ليه كده يابنتي"..

من شهد؟ اين شهد؟ غارقه هي داخل حضنه، تستنشق عبيره بهيام، ودون ارادتها همت بضمه لها اكثر ولكن صوت فاتن الصارم من خلفها انتشلها من دوامة عشقها المحرم قائله بحده..
"هادي روح شوف مراتك يا ابني"..
ابتعد هادي عن شهد بعدما رمقها نظرة استحقار لم تنتبه هي لها، فعيونها مثبته علي حماتها التي ترمقها بنظرات ناريه وبأمر تحدثت..
"حصليني علي أوضتي يا شهد"..
ابتسمت لها ابتسامة زائفه وتابعت..
"عيزاكي يا مرات ابني"..

تسير بخطوات مرتجفه نحو غرفة حماتها، فنظرات فاتن الحارقه، وصرامتها جعل قلبها يرتعد من شدة خوفها..
وقفت أمام باب الغرفه المفتوح تلملم روبها حول جسدها بأحكام، لتنتفض بفزع حين أتها صوت فاتن الغاضب وهي تقول بأمر..
"ادخلي واقفلي الباب وراكي"..

ازدردت لعابها بصعوبه، ورسمت اللامبالاه علي وجهها وخطت لداخل الغرفة غالقه الباب خلفها،نظرت لفاتن الجالسه علي إحدي المقاعد متعمده عدم النظر لها، فهيئتها تثير اشمئزازها كثيراً..

سات الصمت لدقائق ومن ثم تحدثت فاتن مستفسره..
" عايزه توصلي لأيه بالظبط بعميلك دي يا شهد؟؟"..
ظهرت ابتسامة ساخره علي وجه شهد وببرود قالت..
"عايزه اوصل لأوضتي علشان أنام يا طنط "..

اشتعلت أعين فاتن بالغضب اكثر، وتحولت ملامح وجهها الطيبه التي تتميز بها تبدلت لأخري شرسه، وهبت واقفه،اقتربت منها وقفت أمامها وتحدثت بصرامه أثارت الرعب بأوصلها أضعاف حين قالت..

"اسمعي يا بت انتي يا تتعدلي وتمشي بما يرضي الله مع جوزك وتحفظي عليه وعلي ولادك وبيتك يا إما ورب ولادي هخليه يرميكي وترجعي للمكان اللي جبناكي منه ونضفناكي وبقيتي مدام غفران المصري اللي مليون واحده غيرك تتمني اشارة واحده منه"..

ترقرقت العبرات بأعين شهد وبغصه قالت..
" انتي بتعيريني يا طنط؟! "..
اجابتها فاتن بجمود..
"من يوم ما اتجوزتي ابني وانا  بعاملك زي بنتي، واقول هتعقل وتقدر النعمة اللي ربنا كرمك بيها"..
نظرت لها بأسف مكمله..
"وانتي عماله تتمادي في قرفك وبتبقي أسوء"..

جذبتها من رسغها ببعض العنف، وصكت علي أسنانها وتابعت بدهشة من افعالها الشنيعه..
"أمال لو غفران كان مقصر في حقك كنتي عملتي اييييه؟؟ "
قالت شهد ببكاء مزيف..
" وانتي مين قالك ان ابنك مش مقصر في حقي وخصوصاً علاقتنا الحميمه؟؟"..

قطعتها فاتن بذهول وعدم تصديق من فظاظتها وعدم حيائها قائله..
" اخرسي قطع لسانك يا قليلة الربايه"..
نظرت لعيونها بعمق وبثقه قالت..
" انا ابني راجل من ضهر راجل، ولو في حد مقصر في حق التاني فهيبقي انتي"..

نظرت لهيئتها من أعلى لاسفل بابتسامة مصطنعه وتابعت بستحقار..
"المنظر دا لو شوفتك بيه تاني بره اوضتك صدقيني رد فعلي وقتها هيخليكي تندمي علي اليوم اللي اتولدتي فيه"..
أنهت حديثها واستدارت موليها ظهرها وبأمر قالت..
" يله علي أوضتك وفكري كويس في كلامي واعملي بيه احسنلك يا شهد"..

نفخت شهد بضيق، وسارت نحو الخارج بخطوات غاضبه دون الرد علي حماتها وهي تمتم بغيظ..
" يا باااااي علي دي ست حربايه صحيح"..
خطت لداخل غرفتها صافعه الباب خلفها بعنف عندما وصل صوت ضحكات رغد لأذنها فأشعل نيران الحقد بقلبها اكثر..

خلعت روبها وألقته ارضاً بغضب،أرتمت علي الفراش وبوعيد حدثت نفسها..
" أما وريتك انتي والخنفسه اختي اللي بتضحك اوي ومتهنيه مع الراجل الوحيد اللي عشقته في حياتي مبقاش انا شهد"..
شدة غيظها وغضبها جعلها تبكي بنحيب شديد حتي غلبها النعاس فغصت بنوماً عميق وقد تناست تبديل قميصها قبل عودة زوجها كما كانت تنوي..
....................................................
.. بإحدى المناطق الشعبيه..

" غفران"..
يسير بجوار عهد بوجه يظهر عليه الدهشه وهو يراها تتجه نحو احدي المتاجر الخاصه بالملابس الرجالي، تقدم بخطواته ووقف امامها يوقفها عن السير وبتسائل قال..
"انتي داخله المحل دا تعملي ايه؟!"..

اجابته عهد بضيق..
"مش هينفع نروح عند صحبتي بالبدله اللي انت لابسها دي"..
عقد غفران حاجبيه وهو يقول..
"امممم وسيادتك عيزاني البس ايه؟"..
قالت عهد بنفاذ صبر..
"اكيد هنشوفلك اي لبس يكون بسيط تيشرت علي بنطلون مثلاً"..

ضحكت بصطناع وتابعت بستفزاز..
ولا تحب تلبس عبايه زي بتاع؟ "..
قطعت حديثها بخوف من نظرة غفران الحارقه..
عض غفران علي شفتيه السفليه بعنف وهو يقول..
"اتفضلي اختاري اللبس البسيط اللي عيزاني البسه خلينا نخلص من ام دا مشوار سيادتك"..

نظرت له عهد بغرور وسارت امامه لداخل المتجر، وقف غفران يتابعها بعيناه وهي تنتقي له ما سيرتديه بفرحة طفوليه ظاهرة علي وجهها حتي انتهت، واقتربت منه راكضه وهي تقول بحماس..
"ادخل اعمل بروفه علي دول انا متأكده انهم هيبقو علي مقاسك بالظبط يا ظبوطه"..

اخذهم غفران من يدها دون النطق بحرف وسار نحو البروفه ولكنه تراجع سريعاً، واقترب منها ووضعهم بيدها مرة أخرى، عبست عهد بملامحها وبتسائل قالت..
"ايه مش هتشوفهم عليك؟"..
اجابها غفران بصرامة وجديه قائلاً..
" هشوفهم"..

خلع معطفه ووضعه علي احدي المقاعد، وبدأ يفتح أزرار قميصه واحد تلو الأخر أمام أعين عهد التي اتسعت علي اخرها وتابع بابتسامة مزيفه..
"هنا وانتي قدام عيني سيادتك"..
شهقت عهد بخجل واستدارت مسرعه مولياه ظهرها حين خلع قميصه وظل بكنزه حمالات تظهر قوة وصلابة ذراعيه القويتين بصوت رفيع للغايه من فرط خجلها قالت بذهول..

"انت هتغير هدومك كلها كلها هنا يا ظبوطه؟!"..
اجابها غفران بتسليه..
"ايوه بالظبط كلها سيادتك"..
تمتمت عهد بجمله جعلت غفران يفقد السيطرة علي ضحكاته حين قالت..
"يانهوي يا معنمي حيييييب احنا في الشااااارع"..

كتم غفران ضحكاته بصعوبه، وحرك رأسه بيأس من أفعالها واقوالها المجنونه، وانتهي من تبديل بذلته السوداء وارتدي كنزه بيضاء وسروال من الجينز القاتم وحذاء رياضي أبيض
ووقف أمامها وقال بجمود..
" ها سيادتك تمام كده؟ "..
قفزت عهد بفرحه غامرة وقالت وهي تصفق بكلتا يدها..
"الله عليكي يا بت يا عهوده زوقي في الشعبي يجنن برضو"..

اسرعت نحو البائع واخرجت من حقيبتها بعض النقود، لينظر لها غفران بابتسامة زائفه ويقول بسخريه..
"سيادتك بتهببي ايه؟"..
قالت عهد بعفويه..
" بحاسب يا ظبوطه"..

صك غفران علي أسنانه بغيظ شديد وابتعد بعيناه عنها متمتماً..
" يعني اعمل فيها ايه دي، اكلها بوكس ابلعها لسانها واكسرلها سنانها وابوظلها شفايفها اللي عايزه؟"..
نظر لشفتيها المذمومتين لتذهله بجمالها الساحر، ليتابع بسره بلا وعي..
"عايزه الأكااااال يا عهوده"..

انتبه علي حالته سريعاً فرسم الصرامة والجمود علي ملامحه مره اخري، وبلحظه كان امسك كف يدها بين قبضة يده الضخمه، وسحبها خلفه للخارج..

لتتحدث عهد بدهشه..
" احنا مدفعناش فلوس الحاجه اللي لبستها دي، وكمان بدلتك سبتها جوه!! "..
لم يكتراث غفران لحديثها، بل يحدث باقي الحرس بعيناه بلغة الأشاره، ليسرع احدهم نحو المتجر وقام بدفع النقود واخذ متعلقات غفران وتابعو سير خلفهم حتي اخيراً وصلو لمنزل هاله صديقة عهد..

بسرعة البرق خطت عهد لداخل المنزل وصعدت علي الدرج وهي تصرخ قائله..
" افتحي يا لولو انا جيييييت"..
استمعت هاله لندائها فارتدت اسدالها علي عجل ولفت حجابها وركضت نحو الباب فتحته بلهفه وهي تقول بفرحة..
"عهووووووده حبيبتي"..

احتضنا بعضهما بقوة وصوت ضحكاتهم تملئ المكان بهجه وتدخل السرور علي القلب، لتقبلها هاله بحب من وجنتيها وبابتسامة حنونه قالت..
" لو مكنتيش جيتي انهارده كنت هستأذن من علي واجيلك انا بكره"..

نظرت لها عهد بابتسامة حزينه، والتمعت عيونها بالدموع وهي تقول..
" انتي عارفة اني اكيد هجيلك انا مليش غيرك اروحله يا هاله"..
اغمض غفران عيناه بعنف حين استمع لجملتها التي لا يعلم لما ألمت قلبه الي هذا الحد..

ربتت هاله علي ظهرها بحنان، وهمت بسحبها للداخل، ولكنها توقفت فجأة وشهقت بصوت خفيض حين لمحت غفران الواقف علي الدرج وبعدم تصديق قالت..
" مش حضرتك جوز شهد بنت خالة سعديه؟!"..

ابتسم لها غفران بمجامله وحرك رأسه بالايجاب قائلاً..
"ايوه انا"..
عقدت عهد حاجبيها وقالت بستغراب..
"انتي تعرفي غفران يا هاله؟!"..

اجابتها هاله بدهشه..
"ايوه انا اعرفه شكلاً بس لكن مكنتش اعرف اسمه"..
نظرت لغفران وتابعت..
" انا هاله صاحبة رغد مرات اخوك هادي"..
ضيق غفران عيناه ونظر لها بتمعن ومن ثم قال..
"ايوه ايوه افتكرتك، اهلاً وسهلاً"..

قالت هاله بلهفه..
" اهلاً بحضرتك، طمني علي رغد عامله ايه، وحملت ولا لسه؟؟ "..
اجابها غفران بابتسامة تحت انظار عهد المذهوله..
"الحمد لله هي بخير، وايوه هي حامل في الخامس تقريبا"..

قالت هاله بفرحة حقيقه..
"ماشاء الله ربنا يكملها علي خير يارب، بالله عليك تقولها هاله مصطفي بعتالك السلام كتير اوي"..
رد عليها غفران ببشاشه..
" حاضر هبلغها اكيد"..

تنحنح بحرج وتابع بأسف..
"لو عهد هتدخل معاكي جوه اسمحيلي لازم ادخل أأمن المكان"..
ظهر الحزن علي وجه هاله وبغصه قالت..
" انا متأسفه جداً مش هقدر اقولك اتفضل، راجل البيت مش هيعرف يستقبلك"..

نظرت له عهد بشرار ليقول هو بأصرار..
"وانا مش هقدر اسيب سيادتك تخطي خطوه واحده في اي مكان من غير ما أكون مأمنه"..
صكت عهد علي اسنانها وهي تقول..
" جوزها مريض و في غيبوبه يا بني أدم انت عايز تدخل عليه ازاي بس؟ "..

قال غفران بنفاذ صبر..
" يا أمن المكان بنفسي يا نمشي حالاً"..
همت عهد بالأنقضاض عليه، لتسرع هاله بامساكها فهي تعلم مدي جنان صديقتها وبتعقل قالت..
" عهوده اهدي حبيبتي حصل خير"..

نظرت لها عهد وبأسف قالت..
" انا همشي معاه يا هاله، مستحيل اسببلك اي احراج لا ليكي ولا لجوزك"..
نظرت لها هاله بمتنان وبرجاء قالت..
" طيب استني لحظه متمشيش"..

ركضت لداخل منزلها، لتنظر عهد لغفران وبغضب مكتوم قالت..
"ابعد شويه عايزه اقولها حاجه سر لما تيجي"..
نظر لها غفران قليلاً، ومن ثم ابتعد عدة خطوات بحذر شديد وعيناه ثابته عليها..
عادت هاله حامله حقيبه كبيره نوعاً ما اقتربت من عهد واعطتها لها بابتسامة حانيه واحتضنتها بحب وهمست بأذنها..
"كل سنه وانتي طيبه يا عهوده يارب هديتي تعجبك"..

نظرت لها عهد بدهشه وببكاء قالت..
"انتي الوحيده اللي افتكرت ان عيد ميلادي بكره يا هاله"..
زالت هاله دموعها وهي تقول بشقاوه..
"اول ما تروحي كلميني ضروري وقوليلي رأيك في الهديه"..

حركت عهد رأسها بطاعه، وبفضول شديد همست بأذنها..
" انتي تعرفي مرات غفران"..
لوة هاله فمها اكثر وهي تهمس لها..
"يااااختيييييي منها شهد بنت سعديه اعرفها يا اختي"..

قالت عهد بهمس وحماس شديد..
"لا دا انتي تحكيلي بالتفصيل بقي"..
ضحكت هاله وهي تقول..
" تموتي انتي في الحكايات، لما تكلميني هبقي احكيلك دي نصيبه من نصايب الزمن ربنا يكفينا شرها"..

قطع حديثهم صوت غفران الصارم..
" كفايه كده ويله سيادتك"..
علي مضض سارت عهد معه، مر بعض الوقت حتي وصلو للفيلا مره اخري..
توقف غفران بالسياره لتقول عهد بهدوء أثار قلق غفران..
" تقدر تروح تطمن علي مراتك وولادك، انا هفضل في اوضتي اكلم هاله صحبتي في الفون لحد ما انام، ومتقلقش انا مش قادره اهرب انهارده"..

انهت حديثها وحملت الحقيبه التي اعطتها هاله لها، وهبطت من السياره متجه نحو غرفتها، خطت للداخل وفتحت الحقيبه بلهفه لتشهق بعنف حين وجدت فستان رقيق للغايه بغاية الروووعه والجمال قد صممته صديقتها بيدها لها خصيصاً..
انهمرت دموع عهد بغزاره وهي تقول..
" اااااه يا مامي تعالي شوفيني وانا لوحدي من غيرك يوم عيد ميلادي"..

اسرعت بخلع ثيابها وارتدت الفستان بفرحة، ليزيداد جمالاً حين ارتدته هي. اقتربت من المرأه وبدأت بوضع لمسات من مساحيق التجميل ودموعها تهبط ببطء علي وجنتيها..

اذدادت حدة بكائها فسارت نحو الفراش وارتمت عليه تبكي بنهيار حتي فقدت وعيها..

"غفران"..
مكث عدة ساعات بالفيلا حتي تأكد انها لن تخطي خارج غرفتها ، فقترب من احدي الحرس وتحدث بصرامته المعهوده..
"محمود انا هوصل البيت وارجع تاني، لو الهانم الصغيره حسيت انها صحيت كلمني فوراً، وممنوع منعاً باتاً اي حد يتحرك من مكانه مفهوم"..

اجابه الحارس بعمليه..
"مفهوم يا فندم"..
ارتجل غفران سيارته متجه نحو منزله تاركاً عهد بحاله لا يرثي لها..

بعد مرور بعد الوقت..

خطي غفران لداخل منزله غالقاً الباب خلفه بحرص، حامل بيده وجبات جاهزة،وباقتين من الورود البيضاء وابتسامة سعيده تزين وجهه،
ود أن يفاجأها بعودته..بعدما اخبرها انه لن يأتي الليله..

سار بخطوات حذرة نحو غرفة والدته ليطمئن عليها، طرق الباب ليأتيه صوت فاتن الحنون..
"ادخل يا غفران يا حبيبي"..
خطي للداخل بابتسامة مشرقة واقترب منها واضعاً بجوارها احدي الوجبات وامسك يدها قبلها بحب وهو يقول..
"حبيبتي صاحيه لحد دلوقتي ليه؟"..

اجابته فاتن وهي تربت علي شعره الغزير بحنو..
"مستنياك يا حبيبي قلبي قالي انك جاي انهارده"..
قبل غفران جبهتها واعطها باقة ورد وهو يقول..
"احلي ورد ابيض لاجمل واطيب قلب، واعظم ام في الدنيا"..

غمز لها مكملاً..
"وجبتلك البيتزا اللي بتحبيها"..
ترقرقت العبرات بأعين فاتن وجذيته لداخل حضنها بحب شديد ومن صميم قلبها بدأت تدعو له..
" يراضي خاطرك ويفرح قلبك فرحة تدمع ليها العين يا غفران يا ابن فاتن".. تابعت بسرها..
" ويرزق قلبك بوحده تستاهله يا ابني قادر يا كريم يااارب العالمين"..

أمن غفران علي دعائها وقبل يدها مرة اخري وتحدث علي عجل وهو يتجه لخارج الغرفه..
"هطير انا بقي الحق أم مالك قبل ما قرودي يصحو"..

ابتسمت له فاتن ابتسامة باهته وبصمت تمتمت..
"ربنا يعينك عليها يا ابني"..
اسرع غفران نحو غرفة صغاره ليطمئن عليهما، اقترب منهما وقبلهما بعمق، ودثرهما بالغطاء جيداً، ومن ثم اتجه نحو غرفته بلهفه وشوق لزوجته ظاهر بشدة علي ملامحه..

فتح الباب وخطي لداخل الغرفة غالقاً خلفه بحرص، والتفت لفراشهما يبحث عنها، لتتسع عيناه بدهشه حين لمح قميصها الأسود التي ترتديه علي غير عادتها..

قميص يظهر جمالها الأخاذ بسخاء، اقترب منها وجلس جوارها وبدأ يمسد علي شعرها بنبهار وبهمس تحدث..
"شهد اصحي انا جبتلك الاكل اللي بتحبيه من ماك"..

بين النوم واليقظه رأته الشخص الذي دوماً تتمني وجوده..
تنهدت بشتياق وجذبته عليها وهي تقول بلا وعي..
"كنت عارفه انك هتجيلي لحد عندي بعد ما شوفتني طالعه قمر اوي"..

بلحظه كان حملها غفران واجلسها علي ساقيه وهو يمطرها بوابل قبلاته الساخنه، استجابة هي له وبدأت تبادله شوقه بشوق اشد،

ولكن جملة غفران التي اخترقت أذنها افاقتها من حلمها المحرم لواقعها الحلال حين قال..
"ولما انا واحشك اوي كده مانعه نفسك عني ليه بس يا شهد؟!"..

انتهي البارت..
واستغفرو لعلها ساعة استجابة..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي