الفصل الثاني و العشرون

غفران..
✍️نسمة مالك✍️..

ليلة غرام!!..

.. بشقة فاتن..

ارتمي الجميع على الارائك برتياح بعدما قام "غفران" بإنقاذ "عهد"..

يجلس عزت بجوار زوجته الباكيه، و فاتن تجلس بين هادي وزوجته اللتان يحاولان إيقافها عن البكاء..
بينما تجلس "شهد" أرضاً غير قادره على التحرك بسبب الآلام المبرحه بجسدها.. بجوارها شقيقها ممسك يدها يحثها على النهوض..

ساد الصمت قليلاً قاطعته "وعد" متسائله..
"هو خد بنتي وراح بيها على فين يا عزت ؟.. انا لسه عند كلامي غفران مش هيكون زوج ل عهد"..

"بنتك؟!!.. دلوقتي افتكرتي انها بنتك؟"..
قالتها "فاتن" بذهول مصطنع، وهي ترمقها بنظرات مستحقره..

اعتلت ملامح "وعد" الغضب، وتحدث بحده قائله..
"ايوه بنتي، وهتفضل بنتي، وانا مامتها، وانتي متحكميش علي تصرف غيرك من غير ما تكوني في مكانه، ولا تعرفي ظروفه ايه"..

" فاتن" بصرامه، وعدم اقتناع.."اللي عملتيه في بنتك ملوش اي مبرر في نظري لأن اللي عرفته ان بنتك كانت بتحاول تنتحر بأي طريقه، وانتي فضلتي ساكته ومظهرتيش حتي علشان تلحقيها، ولما ظهرتي عايزه تبعديها عن جوزها اللي اتحامت فيه منك انتي وأبوها"..

" وانتي بقي شايفه ان ابنك هو اللي هيحافظ علي بنتي، ويحميها مننا هه بعد اللي عامله في مراته المرميه في الأرض دي؟!"..
قالتها "وعد" بنبره ساخره، وهي تشير بسبابتها على "شهد" التي ساعدها شقيقها واجلسها على اقرب مقعد..

نظرت ل" عزت" الخافض رأسه بخزي مكمله..
" مش بعيد يعمل كده في بنتي هي كمان، وانا مش هسمحله أبداً "..

نظرت "فاتن" ل"شهد" وتحدثت بأسف..
" اللي هي فيه دا مش ابني السبب فيه.. دا نتيجه أفعالها اللي وصلت الأمور بينها وبين غفران للطلاق"..

ابتسمت لها "شهد" ابتسامه زائفه، وتحدثت بأصرار.. "وانا هنا علشان أصلح اللي عملته، وارجع لجوزي بأي طريقه"..
نظرت ل "وعد" وتابعت بتهديد..
"حتي لو هقتل اللي هتفرقني عن جوزي"..

رمقها "هادي" بنظره حارقه وبصرامه قال..
" غفران مبقاش جوزك يا شهد، وبصراحه انا مش عارف انتي هنا بتعملي ايه!! "..نظر ل "أحمد" مكملاً.." متزعلش مني يا أحمد بس انت اكيد عارف اللي فيها"..

هم "أحمد" بالرد عليه لكن جملة القتها "شهد" بستفزاز جعلته يصطك على أسنانه بغيظ شديد حين قالت..
"مش همشي وهفضل هنا لحد ما غفران يجي، وهيردني بالعند فيك انت وأمك"..

لهنا ولم يعد يتمالك نفسه، وبلحظه كان لكمها بقوه على وجهها جعلها فقدت وعيها في الحال تحت نظرات "وعد" المنذهله.. صرخت "رغد" وركضت نحوهما مردده ببكاء..
"ليه كده يا أحمد؟"..

بعدها "أحمد" برفق، وحمل "شهد" ونظر لها وبتعقل قال..
"انا أولى بأختي يا رغد..آن الأوان اوقفها عند حدها"..
أنهى جملته وسار بها للخارج.. لتسرع "رغد" بالسير خلفهما.. ليوقفها هو بأمر..
"خليكي مع جوزك يا رغد"..

تمسكت "وعد" بيد زوجها، وهمست بخوف قائله..
"انا عايزه بنتي يا عزت.. هاتلي بنتي"..
"اخررررررسي بقي"..
قالها" عزت" بغضب، ونفاذ صبر، وهب واقفاً وتابع بفخر..
"بنتك مع جوزها اللي هيبقي سندها وحمايتها حتي مننا زي ما مدام" فاتن" قالت، وانا مطمن عليها طول ما هي مع غفران، وخلص الكلام يا وعد، ويله قدامي على البيت"..
......................................
.. بسيارة غفران..

"عهد"..

توردت وجنتيها وهي تري غفران يرمقها بنظرات لهفه واشتياق شديد رغم أن هناك حزن بقاع قلبه التمسته هي بقلبها إلا أنه يخفيه عنها ببراعه ويرسم على محياه ابتسامه شغوفه بها..

شهقت بصوت خفيض حين مال برأسه عليها حتي أصبحت أذنه أمام شفتيها جعلها تهمس بخجل..
" غفران احنا في العربيه"..

لم يكن يبالى لحديثها لعلمه أن الزجاج العاتم يمنع الرؤية لمن خارج السيارة.. اقترب منها اكثر حاصرها بجسده، وهمس مستفسراً..
"موافقه نقضي شهر عسل يا عهدي؟"..

رفعت يدها، ودفعته بصدره بضعف كمحاوله منها لابعاده عنها مغمغمه بصوت مرتجف..
"غفران أعقل"..

سار بأنفه على وجنتيها الملتهبه..علت أنفاسها و هي تستشعر الحراره المنبعثة من جسده الآخذ بالاقتراب منها..
"بقالي 33سنه عاقل، وعايز اتجنن علي ايديكي انتي الليله يا عمر غفران.. قولي انك موافقه اتجوزك مش على الورق بس يا عهد"..
قالها "غفران" هامساً بحميميه من بين قبلاته المتفرفه على وجنتيها،وأنفاسه المهتاجة الملتهبه تصفع وجهها..

أطبقت جفونها فوراً و هي تتنفس بعمق خشية أي خطوه قد يقدم عليها تالياً..
بينما رفع "غفران" يده واحتضن وجهها بين كفيه مكملاً بهمس..
"فتحي عيونك وبصيلي"..
اخذ منها الأمر لحظه واحده فشلت بها بالسيطره على مشاعرها التي تتأجج بعشقه، وبلهفه امسكت ياقته تقربه منها بشوق، وهي تأخذ نفس عميق يحمل عبق رائحته الرجوليه..

فتحت عينيها ببطء ونظرت له باعين تصرخ بعشقه.. إزدردت لعابها بتوتر و هي تمتثل بكل أرادتها للسحر الذي يبثه لها بنظراته العاشقه لكل ذره بها..

"انا بحبك، وموافقه اتجوزك في كل الحالات يا ظبوطه"..
قالتها "عهد" بهمس يكاد يسمع..
كلماتها، و الطريقة التي تفوهت بها أطارت اللب من عقله و مسحت من ذاكرته كافة ضيقه، وحزن قلبه..

ليجتاح شفاها بشفاهه بجنون، وشراسه اذابتها بين ذراعيه مفرغاً بها جام شوقه وعشقه.. إستقبلت هي كل هذا دون أدنى اعتراض، وكل منهما يحاول إثبات حبه الأكبر للأخر..

تحركت يده على عنقها، ثم إلى صدرها، ثم إلى خصرها حتي تحولت هي إلى قطعة من الفولاذ المنصهرة بين يديه..أصبح الاثنان في حاله يرثي لها من قوة المشاعر.. كلاً منهما لا يدري متي معني الاكتفاء من الأخر او قطع قبلاتهم التي تحولت لصراع بين عاشقان..

على مضض أبعدها عنه برفق حين رن انذار الخطر بعقله.. وضع جبهته علي جبهتها وهو يقول بأنفاس متسارعه..
"خليني اخطفك لمكان يجنن نقضي فيه احلي شهر عسل"..
غمز لها بمكر مكملاً بشقاوه..
"هو انا قولتلك قبل كده إني بحبك"..

حركت رأسها بالنفي، وقد تبخر صوتها من شدة خجلها.. هندم لها ثيابها مغمغماً بعشق..
"الليله ليلة غرامي بيكي يا عهد"..

ليقوم بتشغيل المحرك من جديد و ينطلق بها قاصداً مكان خاص سيكون مفاجأة ولا أروع لمعشوقته..

........................ .............. ..............
طمأنينة!!..

حان وقت التئام الجروح النازفه..سيمحي كلاً منهما عن الأخر تلك الوخزات المؤلمة التي تغزو صدرهما حتي تسكن الطمأنينة أعماق قلبهما..

.. فلاش باااااااااااك..

"عهد"..

تقف أمام والدتها التي أتت على الفور بعد مكالمة "عزت" لها فيديو كول وحين فتحت الخط ارتعد قلبها حين رأت ابنتها تتطلع لها عبر شاشة التليفون بنظرات منذهله..

"سبتيني لوحدي ليه؟!.."..
قالتها "عهد" بملامح جامده، وهي ترمقها بنظره خذلان..

رفعت "وعد" رأسها ونظرت لها نظره يملؤها الندم مغمغمه..
"يابنتي اخواتك هما اللي كانوا مستهدفين مش انتي ، وكان لازم أهرب بيهم في سريه تامه علشان مننكشفش، ولو كنا قولنالك يا حبيبتي كنتي ممكن تقعي بالكلام مع اي حد بكل سهوله، وتعرضي اخواتك فعلاً للخطر"..

ابتسمت "عهد" بصطناع وهي تقول..
"انتي بتقولي ايه؟! انتي سامعه نفسك؟!..مفكرتيش فيا وانتي سيباني لوحدي.. مصعبش عليكي وجع وحسرة قلبي عليكم اللي خلتني اتمني الموت، وأحاول انتحر اكتر من مره!!"..
هبطت دمعه حارقه من عينيها مسحتها سريعاً وهي تتنقل بنظرها لوالدها..
"وسيادتك يا معالي الوزير وافقتها بسهوله كده وسبتني انت كمان وسافرت وراها؟"..

حاول" عزت" إيجاد إجابه لسؤلها، ولكنه عجز عن الرد عليها..
" يارتني كنت مت ولا فضلت عايشه لليوم اللي أهون عليكم فيه بالشكل دا"..
قالتها "عهد" ببكاء شديد.. لتسرع "وعد" وتقترب منها مردده بلهفه..
"بعد الشر عليكي.. حقك عليا يا حبيبتي..
تعالي في حضني يا بنتي"..
همت بحتضانها..  لتركض"عهد" مبتعده عنها سريعاً وبصراخ بدأت تتحدث..
" متقوليش حبيبتي ..انا عمري ما حسيت انك بتحبيني زي اخواتي.. واللي عملتيه فيا دا أكدلي أن احساسي كان صح"..

انقبض قلب والدها من هيئتها التي تدل على انهيارها..وأسرع هو الأخر نحوها، وجذبها داخل حضنه رغم اعتراضها وهو يقول..
"حقك عليا انا يا بنتي؟"..
قطع حديثه حين فلتت "عهد" من بين يده وركضت لخارج الشقه بكل سرعتها وهي تصرخ مردده..

" غفرااااااان انت فين تعالي ابعدهم عني.. مش عايزه اشوفهم"..

.. نهايه الفلاش بااااك..

.. دقائق قليله قضاها غفران بشراء الكثير من الثياب والطعام له ولزوجته التي لم تغادر السياره.. فقد خرج بها بمنامتها البيتيه دون حجابها، وحمد الله كثيراً ان السياره كانت بمكانها داخل حديقة المنزل..

قام بأطعامها بيده، ومن ثم انتقي لها من بين الثياب فستان أبيض منقوش بورود صغيره باللون الزهري، وحجاب من نفس اللون،وحذاء رياضي أبيض وساعدها برتدائهم..

"احنا بنعمل ايه هنا يا ظبوطه؟"..
أردفت بها "عهد" وهي تتطلع للمكان الخالي من حولها، والذي يشبه الصحراء..
رفع "غفران" يده التي تعانق كفها، ونظر بساعته مغمغماً..
"هتعرفي حالاً يا عيون الظبوطه"..

مرت لحظات قليله، وجحظت عينيها وهي تتطلع إلى الطائره الهليكوبتر التي هبطت على مسافه ليست بعيده منهما
أصدرت ضجيجًا عاليًا ..ليأتيها صوت "غفران" يقول بصوت عالِ لتتمكن من سماعه..
"مستعده للخطف يا عمر غفران؟!"..

تنقلت بنظرها بينه وبين الطائره وواقفت علي أطراف اصابعها، بتحذير قالت بأذنه..
"أوعى تقولي اننا هنركب الطياره دي؟"..
ابتسم لها بمكر، وحرك رأسه بالايجاب، وانتظر حتي استقرت الطائره أرضاً..

حمل "غفران" الحقيبه الخاصه به هو وزوجته بيد، وسحب"عهد" بيده الأخرى وركض بها نحوها..

"غفرااان"..

صرخت بها "عهد" بفرحه غامره حين حملها "غفران" من خصرها وصعد بها علي متن الطائره.. فور دخوله هب الطيار واقفاً وتحدث بإحترام شديد، وهو يشير نحو مقعده قائلاً..
"اتفضل سيادك يا فندم"..

أنزل "غفران" زوجته علي المقعد المجاور لمقعد الطيار، وربط لها الحزام، وجلس على المقعد المجاور لها،وبدأ يقود الطائره بأحترافيه تحت أنظار "عهد" المنذهله التي قالت بعدم تصديق..
"انت اللي هتسوق يا غفران؟!"..

غمرته السعاده وهو يري الفرحه تملئ عينيها.. غمز لها وتحدث دون إصدار صوت..
"بحبك يا عهوده"..
أنهي جملته واقلعت بهما الطائره لوقت ليس بقليل حتي هبط بها على إحدي أجمل الشواطئ
"شاطئ الغرام".. أحد شواطئ مطروح الشهيرة ذي المياه النقية والأمواج الهادئة..
علي بعد مسافه من كوخ منفرد مزين بأروع الورود يطل على البحر مباشرة..

هب "غفران" واقفاً بحرص تجنباً الاصتدام برأسه بسقف الطائره.. فأسرع الجالس بالخلف بالوقوف هو الأخر..
"شكراً علي تعبك يا سيادة الرائد"..
قالها "غفران" وهو يفك الحزام من حول زوجته، وحمل الحقيبه، وقفز خارج الطائره وضعها أرضاً ومد يده لزوجته امسك يدها، وجذبها إليه حملها داخل حضنه، وركض بها مسرعاً نحو الكوخ حتي يتفادا الغبار التي ستسببه الطائره أثناء قلوعها..

"ايه المكان اللي يجنن دا يا ظبوطه؟!"..
قالتها "عهد" وهي تقفز بفرحه طفوليه..

لف يده حول خصرها ورفعها داخل حضنه حتي اصبح وجهها مقابل وجه وتحدث بجديه قائلاً..
"كان نفسي اطلع بيكي بره مصر والف معاكي العالم بس؟"..

قطع حديثه حين وضعت اصابعها علي شفتيه ونظرته لعينيه بعشق، وبهمس قالت..
"كفايه اني معاك، وفي حضنك دي عندي بكل الدنيا يا حبيبي"..

"انتي اللي حبيبة قلبي وفرحتي يا احلي عهوده"..
قالها،وهو يلثم اصابعها واحد تلو الأخر،ودار بعينيه بالمكان الخالي من حوله مكملاً..
" البحر والورد".. نظر لها بفتنان..
"والجمال كله بين اديا"..

فك حجابها، وسحب عقدة شعرها لينساب على وجهها بهيئه تخطف الأنفاس.. تسللت يده ببطء، و عقد أنامله بشعرها يقربها منه أكثر مغمغماً..
"بحبك يا عهد"..
قالها وغمر شفتيها بقبله رقيقه ناعمه وهو يخبرها بلا توقف مدي عشقه بها..

سار بها لداخل الكوخ، وهو يقول..
" تعالي عايز اقولك كلام كتير، أحضنك اكتر"..
.....................................
.. بمنزل سعديه..

صفعه قويه هبطت على وجه "شهد" المملوء بالكدمات جعلها تصرخ بألم حاد، وتتحدث بصعوبه من بين شهقاتها قائله بوعيد..
"والله لخليك تندم يا احمد يا حيوان"..

"انتي ايييييه.. جنسك ايه يا شيخه"..
قالها "احمد" بغضب عارم وهو ينهال عليها بالصفعات..لتسرع "سعديه" بابعاده عنها وهي تقول..
"كفايه يا ابني ابوس ايدك"..

نظر لها "احمد" بأسف وتحدث بلهجة خفيضة لا تخفي غضبه المشحون..
"انتي السبب في اللي هي فيه دا.. لو كنتي سبتي ابويا يربيها زي ما ربانا مكنتش هتبقي بالأخلاق دي.. لكن انتي كنتي تجري عليها وتدفعي عنها مهما غلطت، وانا ابقي مستغرب ليه بتعملي معاها هي بس كده، وبتسبيني انا ورغد يضربنا عادي"..

خفضت "سعديه" رأسها بخزي، وبدأت تبكي بصمت.. ليسطرد بابتسامه مصطنعه..
"دي كان لازم يتكسرلها ضلع علشان تعرف ان الله حق وتمشي علي الصراط المستقيم"..

" دا انا اللي هكسرلك دماغك يلي تنشل في ايدك"..
أردفت بها "شهد" بغيظ شديد، وبفظاظه تابعت..
" انا هخلي غفران يرميك في السجن، وانا هرمي الجربوعه مراتك في الشارع"..

اقترب منها "أحمد" بهدوء خطر وجلس جوارها مدمدماً..
" غفران طلقك،و اقسم بالله أول ما عدتك تخلص  لكون مجوزك لواحد يصبحك بعلقه ويمسيكي بعلقه يا شهد"..

ضحكت ساخره وهي تقول.. "لتكون فاكر اني هفضل هنا معاك انت وامك لحظه واحده بعد اللي عملته فيا.. انت باين عليك اتجننت"..

"انتي مش هتخطي برجلك خطوه واحده بره الشقه دي من انهارده"..
أنهى جملته، وسار لداخل إحدي الغرف وعاد سريعاً حاملاً بيده عصا خشبيه سميكه جعلت "شهد" تنتفض بفزع، ويرتجف جسدها بوضوح وتحدث متسائله..
" انت هتعمل ايه بالعصايه دي؟"..

" احمد".. "هكسرلك رجلك قبل ما تكسرينا كلنا اكتر من كده"..

انتهي البارت..
واستغفرو لعلها ساعة استجابة..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي