الفصل الأخير

اتسعت أعين" غفران" بصدمه حين أطلقت صرخه حاده وصدع بعدها صوت بكاء صغيرهما.. الذي جعله ينتفض بهلع، ويسرع بلتقاطه على يده وهو يصرخ بصوت عالِ..
"يااا أم غفرااان.. يا أمي"..

ركضت "فاتن" نحوهما بلهفه خلفها "رغد" التي تحمل طفلها "غفران" الصغير، وتردد بخوف..
"سترك يا رب"..
طرقت على الباب.. ليأتيها صوت ابنها يقول بتوسل..
" ادخلي يا ماما الحقينا"..

خطت للداخل بندفاع ليلجمها المشهد للحظات وهي تري ابنها يقوم بتوليد زوجته بنفسه.. لكنها انتبهت على نفسها سريعاً، وجذبت إحدى المناشف النظيفه واقتربت منهما وتحدثت بهدوء تبث به الطمأنينه لقلبهما..

" اهدي واطمن هي الحمدلله ولدت خلاص"..
ارتفع صوتها قليلاً موجه حديثها ل"رغد" التي ظلت واقفه أمام باب الغرفه ولم تخطو للداخل، وتابعت..
"حطي مقص في الميكرويف يتعقم وهاتيه وتعالي بسرعه يارغد، وبعدين ابعتي السواق يجيب الدكتوره على هنا"..
أنهت جملتها، وأخذت الصغير من يده بحرص شديد، ونظرت ل "عهد" التي عينيها الباكيه معلقه بصغيرها، وقالت بفرحه شديده..
"ولد يا عهد.. الف مبروك يابنتي"..

بينما "غفران" أسرع بالجلوس خلف زوجته يضمها لصدره بكلتا يده مردداً بعدم تصديق..
"ولدتي على أيدي يا عهد؟!.. انا اللي ولدتك، ولا انا بحلم ولا بيتهيألي!!"..

"لا مش بتحلم.. انا ولدت على إيدك".. همست بها "عهد" بضعف، وبفرحه ظاهره بصوتها تابعت..
" يا أبو ابني"..
صمتت لبرهه تلتقط أنفاسها وتابعت ببطء..
"زين غفران المصري"..
..................................
.. بشقه على وهاله..

يحمل "علي" صغيرته "عهد" التي أصرت زوجته أن تسميها على اسم صديقتها الغاليه بعدما اعتنت بها طيلة فترة حملها ولم تتركها على الإطلاق..

"يله بسرعه يا علي.. انا قلقانه على عهد من إمبارح صوتها تعبان وشكلها هتولد انهاره"..
قالتها "هاله" وهي ترتدي حذائها وتحمل حقيبتها، وتتجه لخارج شقتها برفقة زوجها وصغيرتها..

عقدت حاجبيها،وتطلعت لزوجها الذي ينظر لها بخوف مصطنع، ودمدمت بشك..
"امممم خير يا علي، عارف ايه ومخبي عليا؟"..

ابتسم" علي" بتساع، وتحدث بمرح وهو يقبل صغيرته بحب شديد..
"هي مش حاجه هتستخبي يا ست قلب علي،واطمني صحبتك ولدت فعلاً يا أم عهد"..

بكت "هاله" وضحكت بأن واحد وهي تقول..
"عهد ولدت.. انت بتهزر ولا بتتكلم جد يا علي؟ "..
اقترب منها"علي" وضمها بيده الأخرى، وبحب قال..
"حبيبتي أهدي.. انا كلمت غفران، وقالي ان ربنا رزقهم ب "زين" انهارده أصبح، واديني سبت شغلي و جيت أخدك علشان اوديكي اول ما عرفت"..

اذداد بكاء "هاله" وبعتاب قالت..
" قولتلك عايزه اروحلها إمبارح وانت اللي قولتلي لا هوديكي بكره"..

قبل "علي" وجنتيها بحب مغمغماً..
"حقك عليا متزعليش.. انا معرفتش استأذن امبارح واجيلك، وخوفت عليكي تنزلي لوحدك انتي وعهوده"..

" عمري ما ازعل منك يا علولي.. بس كنت عايزه ابقي معاها ومسبهاش زي ما هي كانت معايا ومتاخرتش عني لحظه واحده"..
هتفت بها "هاله" وهي تتمسح بوجهها داخل صدره كالقطه الوديعه وتضمه هو وصغيرتها بحب شديد..

حاوط خصرها بيده، وسار بها نحو الخارج وهو يقول..
"واديني هوديكي اهو تفضلي معاها طول النهار، وهرجع اخدك المغرب".. غمز لها بمكر وتابع بعبث..
" علشان انا واخد اجازه يومين وعايز نقضيهم مع بعض"..

توردت وجنتيها بحمرة الجخل، ودست نفسها داخل حضنه، وبعشق همست..
"ربنا يحفظك لينا، وميحرمناش منك أبداً يا ابو عهد"..

" علي".. "ولا يحرمني منك يا هاله يا بنت الأصول .. يا ست قلبي، وست البنات كلهم"..
......................................
.. بشقة أحمد..

تجلس "شهد" على إحدي المقاعد حامله "مالك، ومكه" علي قدميها، وتضمهما بلفهه مردده..
"هتوحشوني اوي اوي يا حبايبي"..

تحشرج صوتها بالبكاء، وبنبره متوسله قالت..
" خليكم معايا شويه كمان يا مالك"..
اجابها الصغير ببراءه..
"لا يا مامي عايزين نروح لعهوده علشان نلعب مع النونو الجديد"..

"هي عهد جابت نونو؟ "..
قالتها "شهد" بصوت مرتجف يكسوه الألم..

" زين".. كان هذا صوت "فاتن" التي دخلت من باب المنزل، ووقفت تنتظر الصغيران..
رفعت" شهد" رأسها ببطء ونظرت لها بابتسامه صادقه لأول مره، وبتنهيده قالت..
" ازيك يا مدام فاتن"..

اقتربت منها "فاتن" حتي وقفت أمامها مباشرةً.. تتمعن النظر لها باحثه عن تلك النظره الكارهه، والحاقده فلم تجد لها أثر.. قد اختفت وظهرت فقد نظرة الندم، والانكسار بعينيها..

فبادلتها الابتسامه وبرزانتها قالت..
"الحمد لله احنا بقينا كلنا بخير يا شهد"..
جملتها كانت مقصوده.. تخبرها انهم اصبحو بحال افضل بعد ابتعادها عنهم..

تفهمت "شهد" مقصدها، فحركت رأسها بالايحاب، وبتساؤل قالت..
"طيب تقدري تاخدي الولاد، ولو ممكن ابقي اشوفهم مره كل أسبوع"..

"لو عايزه تشوفيهم كل يوم محدش هيمنعك عنهم أبداً"..
ابعدت "شهد" الصغيران عنها بعدما قبلتهما كثيراً، وهبت واقفه سارت نحو زوجها الجالس يتابع ما يحدث بصمت، وقفت جواره ووضعت يدها على كتفه وتحدثت قائله..
"مش بخرج غير اليوم اللي جوزي بيكون فيه إجازه"..

جملتها جعلت قلب" عاطف" يتراقص فرحاً..
بينما ابتسمت لها "فاتن" وقد تفهمت رسالتها انها قد اكتفت ورضت بزوجها وتحاول نسيان ابنها..
"ربنا يهدي سرك"..
قالتها "فاتن" وهي تمسك بيد الصغيران، وتتجه بهما للخارج..

"مالك".. قالتها "شهد" بلهفه وهي تركض نحوه وتجثو على ركبتيها وتضمه بقوه، ودست ورقه داخل جيبه دون ان يراها احد وبهمس لا يسمع قالت بأذنه..
"أدى الورقه اللي في جيبك لبابي وهو لوحده من غير ما حد يشوفك خالص"..
حرك الصغير رأسه بالايجاب، ابتعدت هي عنه وضمت شقيقته، وسارو للخارج برفقه جدتهما..

ظلت مكانها أرضاً تنظر لاثارهم بأعين تفيض بالدمع.. فقد كتبت جواب ل "غفران" داخل حمام منزلها قبل خروجها برفقة زوجها.. تحاول به الاعتذار منه عما ارتكبته بحقه، وحق أولادها..

يد حنونه حملتها من كتفيها تحثها على الوقوف..
ظنت انه زوجها، ولكنه كان شقيقها الذي تحدث بتودد..
"لسه زعلانه مني يا شهد؟"..
استدارت ببطء ونظرت له باعين تفيض بالدمع وبلحظه كانت ارتمت بحضنه مردده..
"متزعلش مني انت يا احمد.. حقك عليا انا غلطت في حقك، وفي حق ماما واختي، وقول لماما ورغد ميزعلوش مني هما كمان"..

اقترب زوجها منهما، وجذبها برفق لداخل حضنه يضمها بحنان، ويربت على ظهرها برفق وهو يقول..
"كله هيعدي يا شهد.. الزعل والحزن، وحتي الفرح كله بياخد وقته ويعدي.. المهم نراجع نفسنا ونرجع لرب العباد قبل ما العمر هو كمان يعدي "..
........................................
..رغد وهادي..

"رغد"..
شهقت بقوه حين فتحت علبه من الأطيفه وجدت بها سلسال من الذهب الأبيض غايه في الجمال مدون عليه اسمها واسم زوجها، وصغيرهما "غفران"
الذي أصر على تسميته على اسم عمه الحبيب..

" عجبتك؟".. همس بها "هاد" بأذنها وهو يقوم بوضع السلسال حول عنقها..

"دي تجنن يا هادي".. قالتها "رغد" بفرحه غامرة وهي تستدير، وتضمه لحضنها بحب شديد مكمله..
"ربنا يخليك ليا يا حبيبي"..

تحركت يده على كافة ظهرها بحميمه ولثم كتفها الظاهر من منامتها ذات الحمالات الرفيعه مغمغماً..
" انتي اللي حبيبتي وأم ابني يا اجمل رغد"..

ابتعدت عنه انش واحد لتستطيع النظر لعينيه، وبخجل همست..
"انت فعلاً شايفني جميله يا هادي مع إني س؟"..

رفع يده ووضع سبابته على شفاتيها يمنعها من استكمال حديثها، ولف يده الأخرى على خصرها لصقها به أكثر، وبجديه قال..
"اه يا رغد.. انا مش بس شايفك جميله.. دا انتي اجمل واحده شافتها عنيا بعد أمي، وكلامي دا مش بجاملك بيه، ولازم تعرفي ان جمالك نوع خاص.. ملامحك الصغيره اللي بتجنني، ولونك الخمري اللي بيطير عقلي، ودا كله كوم"..

وضع كف يده على موضع قلبها، وتابع بمنتهي العشق..
" وقلبك اللي زي الحليب دا كوم تاني"..
" قلبي دا ملكك انت لوحدك وبينبض بأسمك يا هادي يا حبيب قلب رغد"..
أنهت جملتها ورفعت يدها حول عنقها جذبته إليها وغمرت شفاتيه بقبلة اشتياق استقبلها هو بلهفه،وشغف يبادلها غرامها بشتياق أشد..

...............................................................
"غفران"..

رفع حاجبيه بدهشه وهو يتطلع للورقه المطويه بيد صغيره وتحدث بتساؤل مستفسراً..
"ايه الورقه اللي في ايدك دي يا مالك؟!"..

اجابه الصغير ببراءه، وهو يمد يده ويعطيها له..
"مامي"شهد" قالتلي ادهالك يا بابي من غير ما حد يشوفني خالص"..

اعلتي وجهه الجمود، ولكنه ابتسم لصغيره ابتسامه هادئه، واخذ منه الورقه، وربت على رأسه بكف يده قائلاً..
"طيب روح انت لأختك خدها واطلعو أطمنو مع عهوده وانا هحصلكم"..

انصاع الصغير لحديثه، وركض نحو الخارج..
نظر "غفران" للورقه التي بيده، وسار نحو أقرب مقعد جلس عليه وفتحها وبدأ يقرأ محتواها..

لتتسع عينيه بذهول حين لمح أول جمله مدونه بها..

"غفران يا حبيب العمر.. مكنتش اعرف اني بحبك كل الحب دا.. ولما عرفت كنت ضعت من ايدي، وبقيت لوحده غيري.. انا بكتبلك الكلام دا وانا عارفه ان أوانه فات..بس عيزاك تعرف اني ندمانه على كل حاجه غلط عملتها في حقك، وعمري ما هسامح نفسي حتي لو انت سامحتني، واوعدك اني عمري ما هحاول اعمل اي حاجه غلط تاني في حقك او حق ولادي بس بترجاك متحرمنيش منهم لأني عرفت إني شايله الرحم، ومش هعرف اخلف غيرهم يا غفران"..

تنهد" غفران" براحه، وقام بتقطيع الورقه أكثر من مره، وهو يحدث نفسه..
" ربنا يهديكي لنفسك يا شهد"..
............................................
.. مر اكثر من ثلاث اسابيع..

اليوم عيد ميلاد "مالك" والجميع على اهبي إستعداد.. فقد أصرت "عهد" ان تقيم حفله كبيره، وقامت بدعوة جميع الأقارب والأحباب..

بينما "غفران" يتأكله الغضب والغيظ لانشغالها الدائم عنه.. أصبحت اكثر مسؤليه، وتعقل واستطاعت تقسيم وقتها بمساعدته هو و"فاتن" التي تحبها كأبنتها.. و دوماً تساعدها بالاعتناء بصغيرها، وحتي أولاده، وأيضاً الاهتمام بكليتها والحصول على أعلى الدرجات بفضله هو..

ورغم فرحته بها الا انه يشتاقها. يشتاق لجنونها،ومشاكستها..
صف سيارته أمام منزله، وترجل منها مرتدي زيه العسكري الذي زاده وسامه ووقار، وسار بخطوات واثقه نحو الداخل..وجد والدته تجلس بردهة المنزل حاملة صغيره "زين" على قدمها.. اقترب منها وقبل رأسها مغمغماً..
"عامله يا أم غفران.. طمنيني عليكي"..

"الحمد لله في أحسن حال يا حبيبي.. طمني انت عليك شكلك مش عاجبني؟!"..
هتفت بها "فاتن" وهي ترمقه بنظرات متفحصه..

ابتسم لها ابتسامه باهته، ودار بعينه يبحث عن معشوقته، وهو يقول..
"إرهاق من الشغل مش أكتر"..

رسمت "فاتن" الجديه على ملامحها ودمدمت قائله..
"اممم إرهاق قولتلي.. طيب يله ادخل اوضتك خد دش وارتاح شويه علشان تبقى فايق للحفله اللي عملها عهوده"..

ضيق عينيه،ونظر لها بشك وتحدث بتساؤل..
"انا مش سامع صوت ليه، هي عهد والولاد فين؟ "..
ضحكت" فاتن" بقوه وهي تجيبه..
"مع الولاد فوق في اوضتهم.. طلبت لبس اون لاين لشخصيات كرتون، وهتلبسنا كلنا منها حتي انا هتلبسني الساحره الطيبه الحمد لله مش الشريره"..

"بتضحكي يا أم غفران.. ربنا يستر أما أشوف ماما هتلبسني انا ايه يا زين باشا"..
قالها، وهو يقبل صغيره، قبل متفرقه على وجهه ويده، وسار نحو غرفته مكملاً..
"لما تنزل ابعتهالي يا ماما"..

نهي جملته واختفي داخل غرفته.. أمسكت "فاتن" هاتفها، وطلبت رقم تلك الشقيه ليأتيها الرد في الحال..
"مامي فاتن عايزه حاجه يا حبيبتي؟ "..

"فاتن" بتعقل.. " انزلي يا عهد جوزك جه وشكله مضايق"..

عضت "عهد" على شفاتيها فهي تعلم سبب ضيقه.. تشعر يشتياقه الشديد لها، ولكنها كانت بفترة نفاسها وهذا ما منعها عنه.. رغم شوقها الاشد له، ولكنها فضلت أن تبتعد عنه قدر المستطاع لعلمها انها لن تصمد أمامه وستنجرف بكل سهوله مع أمواج عشقه الخالص لها..

ولكنها الآن قد أخذت كافة الاحتياطات ولن يمنعها شئ عنه مره أخرى..

"انا نازله حالاً، واطلعي انتي للولاد يا مامي بليز"..
قالتها "عهد"، وهي تتجه لخارج الغرفه بعدما امسكت بيدها كنزه جديده قد اشترتها لزوجها..

"فاتن".. "عنيا يا حبيبتي، هطلعلهم انا وزين وهفضل معاهم لحد ما تنادي انتي علينا يا عهد.. فهماني"..

اجابتها "عهد" بخجل.." اممم فهماكي يا مامي"..

صعدت "فاتن" بالمصعد.. بينما هبطت" عهد" على الدرج مندفعه لداخل الشقه، ومنها لغرفتها الخاصه برفقة زوجها..واغلقت الباب خلفها، واستندت عليه بظهرها..

كان" غفران" قد خلع معطفه وبقي بقميصه الذي فتح أول أزراه..

ضيق عينيه ونظر لها بقلق حين لمح ابتسامه ماكره تزين ملامحها الطفوليه الرقيقه.. رفع إحدي حاجبيه وتنقل بنظره ليدها التي تخفيها خلف ظهرها، وبتساؤل تحدث قائلاً..
"ناويه على أيه انهارده يا عهد؟!"..

ضحكت بغنج، واقتربت منه بخطوات بطيئه تسير بميوعه تحت نظراته المتيمه بها حتي توقفت أمامه مباشرة..بل أصبحت داخل حضنه..تستمع بوضوح لدقات قلبه التي تسارعت بفعل قربها منه، ونظرت لعينيه بعشق، وهمست ببرائه مصطنعه..
"مش انت السوبر هيرو بتاع الأنا اللي بيحميها من الأشرار يا غفران؟"..

حاوطها بذراعيه وضمها لصدره، ومال على وجنتيها لثمهما بعمق مغمغماً..
"طبعا.. وبتاعك لوحدك انتي بس يا عمر غفران"..
داعبت هي أرنبة انفه بأنفها، وبنبره راجيه قالت..
"عايزه نتصور انهارده صور تجنن سوا، وتلبس اللبس اللي جيبهولك دا بليييييز"..

أنهت جملتها وظهرت كنزه زرقاء جعلت أعين "غفران" تتسع بدهشه، وتحدث بتساؤل قائلاً..
"قولي انك بتهزري يا عهد؟!"

" تؤ تؤ بتكلم جد، وجد الجد يا عيون عهد، وانت هتلبس التيشرت اللي جيبهولك دا، وانا اللي هلبسهولك بنفسي كمان علشان اشوفه عليك اول واحده"..
أردفت بها "عهد" وهي تفتح باقي أزرار قميصه واحد تلو الأخر، وعينيه لم تبتعد عن عينيه.. ترمقه بنظره عابثه..

تراقصت ابتسامه خبيثه على محياه، وجذبها من خصرها لصقها به بقوه محببه،ومال بوجهه على خصلات شعرها يستنشقه بهيام مدمدماً..
" امممم افهم من كده انك مصره؟!"..

ارتجف جسدها بين يديه من مخزي حديثه، وقربه الذي يحطم حصونها، وحركت رأسها بالايجاب، وتحدثت بهمس يكاد يسمع قائله..
"أيوه مصره".. نظرت لعينيه تتأمله بلهفه وتابعت بتنهيده اشتياق، وقد تناست أساس حوراهما حتي ان الكنزه سقطت من يدها ولم تشعر بها، ولا بيدها التي بدأت تبعد عنه قميصه بسرعه مريبه..
"واحشتني يا حبيبي!"..

بلمح البصر كان خطفها بعناق محموم، وهو يتناول شفاها بقبله أتى بعدها الكثير من عشقه الخالص لها الذي دوماً يغرقها به فعلاً وليس فقط قولاً..
..................................
.. انقضي النهار وخيم الليل بستائره وامتلئ منزل غفران بالكثير من الأطفال أصدقاء صغاره، وأسرتهم..
حتي عائلة "عهد" والدتها ووالدها واشقائها اتو إلى الحفل رغم معامله ابنتهما التي لم تعد معهم كما سبق، ولكنها تقبلت وجودهم بالأخير هما عائلتها..

كان حفلاً مبهج وملئ بالفرحة والضحكات العاليه خصتاً بملابس التي انتقتها "عهد" وكانت بمنتهي الروعه..

فقد ارتدي "غفران" وابنائه "مالك وزين"، وابن شقيقه "غفران" الصغير ملابس سبايدر مان..
بينما ارتدت "عهد ومكه وعهد الصغيره وهاله ورغد" فستان سندريلا..

ووقفت كلاً منهما بجوار زوجها.. ليلتقطو الكثير من الصور لحظه دخول "شهد" ممسكه بيد زوجها ترتدي عبايه سوداء وحجاب من اللون الكافيه الهادئ وزوجها يرتدي ملابس كلاسيكيه بسيطه مكونه من قميص رمادي وسروال أسود..

نظرت حولها للمنزل الذي كانت هي في يوماً ما تملكه هو وصاحبه، ولكن بيدها اضعته منها..

دون ارادتها تمسكت بيد زوجها تستمد منه بعض القوه، واقتربت من الواقفين ينظرون لها بأسف ورسمت ابتسامه باهته على محياها وهي تقول..
"مساء الخير عليكم"..
"السلام عليكم".. كان هذا صوت زوجها الجاد، وهو يضغط على كف يدها برفق يبث به الطمأنينة لقلبها..

"وعليكم السلام.. يا مرحب يا اسطي عاطف"..
قالها "غفران" وهو يقترب منه ومد يده له بالسلام..

"مرحب بيك يا ابو زين"..
نظر "غفران" ل "شهد" التي تبتعد بنظرها عنه بخزي، وخجل، وتحدث قائلاً..
"مالك هات اختك وتعالي سلم علي مامتك"..

نظرته كانت جامده لا تحمل اي مشاعر لها.. ولكنها قد أثارت غيرة تلك ال "عهد" كثيراً ولكنها استطاعت اخفائها بمهاره، واقتربت منهم وتخدثت بابتسامة وتعقل قائله..
"اتفضلي يا أم مالك احنا مستنينك علشان تطفي الشمع معانا"..

طريقتها تفهمها زوجها جيدا.. فبتسم بتساع حين شعر بغيرتها عليه وايقن ان الليله لن تمر عليه مرور الكرام..

وبين الكثير من النظرات المختلفه.. غيره.. ندم.. عشق.. جنون.. انتهي الحفل وغرق الصغار بنوم عميق بعد يوم ملئ باللعب..

بينما هناك معركه ستبدأ داخل غرفة" غفران وعهد"..

"اعقلي يا عهد"..
قالها "غفران" بابتسامه تزين ملامحه الوسيمه، وهو يتراجع ببطء مبتعداً عنها بعدما قرأ ما يدور برأسها..

رمقته بنظره ماكره، وسارت نحو باب الغرفة بخطوات مريبه أثارت دهشته، وقامت بغلق الباب بأحكام..
فهي الآن مغيبه، أعمتها غيرتها عليه كعادتها..

بينما هو أكثر من مرحب بتلك الغيره التي أشتاقها كثيراً.. يتراقص قلبه فرحًا فقد عادت مجنوته الشرسه الغيوره..

فتح زراعيه على وسعهما، وتحدث بتحذير ولم تبرح الإبتسامه محياه قائلاً بغمزه لا تخلو من وقاحته المفضله لها..
"اللي بتفكري فيه دا عواقبه هتعود عليكي انتي في الأخر يا بيبي"..

ابتسمت له بصطناع.. إبتسامة أظهرت جميع أسنانها وبدأت تفتح سحاب منامتها الورديه ببطء مثير ليظهر من أسفلها كنزته هو السوداء ذات حمالات عريضه وفتحة صدر واسعه اظهرت عنقها ومقدمة صدرها بسخاء أمام عينيه المتيمه بأدق تفصيلها،وتمتمت بميوعه وغنج اطارت بهما اللب من عقله..
"أنا هوريك عملي عهوده تلميذتك اللي علمتها على إيدك يا سيادة المقدم بقت لاعبة بوكس محترفه إزاي"..

ألقت سترة منامتها أرضاً، وأخذت وضع الإستعداد بالانقضاض عليه، وتابعت بخبث..
"وخلينا نبدأ بالذيذ.. الضرب تحت الحزام يا معالي غفران باشا"..

أنهت جملتها وبدأت تلكمه بحترافيه، وهو يصد لكماتها ببراعه وصوت ضحكاته تصدع بقوه غير قادر على قمعها خصتاً حين قالت له بغيظ، ولم تتوقف عن لكمه...
"كنت عمااال تضحك أووي وتديها طبق الجاتوه، وانت فاتح بوقك مبين سنانك ولا اللي بيعمل إعلان معجون سنان"..

" عايزانى اكشر في وش الناس وهما في بيتنا يعني"..
قالها بصعوبه من بين ضحكاته التي وصلت لسمع "فاتن" جعلتها تبتسم بفرحه غامره..

لترفع "عهد" قدمها وتستعد للكمه بعنف لكمه ستكون قاضيه وهي تقول..
"هضحكك انا اكتر حالاً"..

لكنه أيضاً صدها سريعاً، وبذهول قال..
"اعقلي يا عهد.. هتضيعي مستقبلك ومستقبلي يا مجنونه انتي"..

" عهد" بغيره مجنونه.. " مالك قالي انها بعتتلك ورقه معاه قبل كده.. واستنيت انك تقولي وانت ولا جبتلي سيره"..

سيطر على حركاتها الهستيريه، وقيدها باحكام داخل حضنه.. ظهرها مقابل صدره، واجابها بأنفاس لاهثه..
" كانت بتعتذر وبتطلب محرمهاش من عيالها، والموضوع بالنسبالي منتهي اصلاً فملوش لزوم نحكي فيه يا عهد،وبعدين هو مالك انتي مجنداه لحسابك وبقي يقولك على كل حاجه، ودا هيجبله الضرب وانتي هتبقي السبب يا أم زين"..

بلحظه كانت لكمته بمعدته بكوعها، واستدارت دفعته بعنف على الفراش خلفه، وجلست فوقه مقيده يديه أعلى رأسه بكلتا يدها، وبتهديد قالت..
" فكر بس كده تكلمه مش بس تمد ايدك عليه، وشوف انا هعمل فيك ايه"..

رمقها بنظره خبيثه، وبلمح البصر كان عكس وضعهما حتي اصبحت هي أسفله، وبمكر أردف قائلاً..
"طيب خليني انا الأول اوريكي هعمل فيكي ايه"..

مدت يدها، وجذبته اليها من ياقة قميصه.. هم هو بتقبيلها.. لكنها ابعدت شفتيها عنه سريعاً، وتحدثت بشراسه قائله..
"ضحكتك ونظرتك وانت كلك على بعضك ليا انا لوحدي.. تخصني انا يا غفران.. مش من حق مخلوق غيري، وإياك تخبي عني أي حاجه تاني.. انت فاهم..

"لا مش فاهم.. فهميني".. همس بها من بين سيل قبلاته الساخنه الذي يوزعها على عنقها وكتفيها بتمهل مريب..
أفلتت آهة منتشية من بين شفاة "عهد" ورددت بلا وعي، وكأن جميع حواسها تخدرت، وتبخر غضبها منه..
"بحبك يا غفران"..

"وانا بعشقك يا عمر غفران"..
قالها وهو يغمر شفاتيها بقبله عاشقه
يمهد بها لليله ستكون ملحميه، ومليئه بالعشق والشوق الجارف..

تمت بحمد الله..
واستغفرو لعلها ساعة استجابة..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي