الفصل الثامن

البارت الثامن..
غفران..
✍️نسمة مالك✍️..

شغف!!..

مر يومان..

"هاله"..
تستمع لحديث الطبيب المعالج لزوجها باهتمام، تحت نظرات "علي"العاشقة لكل ذرة بها..
يتفرس ملامحها،حركاتها، تعابير وجهها كافة شئ بها اشتاق له كثيراً..

"يعني هو دلوقتي الحمد لله بقي كويس يا دكتور؟"..
تفوهت بها هاله بلهفه..
"اطمني يا مدام العلاج الطبيعي اللي كنتي مدومه عليه كان مفيد جداً لحركة جسمه، ونقدر نقول ان استاذ علي الحمد لله بقي كويس جدا جدا كمان"..

قالها الطبيب بعمليه وهو يرمقها بنظرات إعجاب واضحه جعلت "على" يستشيط غيظاً وبصرامة قال..
" هاله تعالي هنا"..

اقتربت منه ووقفت بجواره، ليجذب علي يدها ويجلسها خلف ظهره،وبداخله يود أن يضعها بقلبه بين ضلوعه..
تفهمت هاله مقصده من تلك الحركة فزينت ملامحها ابتسامة هائمه به عشقاً، وأستندت علي كتفيه بكلتا يدها..
رمق "علي" الطبيب بنظره ناريه مكملاً..
" حسابك كام يا دكتور؟"..

تنحنح الطبيب وبحرج قال..
" غفران باشا حاسبني،حمدلله على السلامه، بعد أذنك"..
أنهى جملته، وفر لخارج الغرفه ومن ثم لخارج المنزل بأكمله..
عقد "علي" حاجبيه، وبتساؤل قال..
"مين غفران دا؟، الاسم مش غريب عليا!!"..

"دا الظابط جوز شهد بنت خاله سعديه، ويبقي قائد الحرس بتاع عهد صحبتي".. همست بها هاله وهي تلف يدها حول رقبته تضمه لها بحب شديد..

"ايوه ايوه افتكرته"..استدار برأسه ونظر لها من فوق كتفه وبعتاب تابع.. "وانتي ليه مبتصرفيش من الفلوس اللي شيلنها يا هاله؟"..

"حبيبي انت ناسي ان دفتر التوفير انا عملته بأسمك انت، وكنت بحط فيه اللي يفيض من مصروف البيت، لكن السحب انت بس اللي لازم تسحب حد تاني لا حتي لو انا".. تفوهت بها هاله بابتسامه..

ليخبط "علي" علي جبهته بقبضة يده وبأسف قال..
"اااخ ازاي فاتتني دي، شوفتي علشان تبقي تسمعي كلامي بعد كده، لما اقولك خليه بأسمك انتي تقوليلي انا ازود فلوسك منقصهاش يا علولي"..

ضمته لها اكثر وبفخر قالت..
" ايوه طبعاً لازم احافظ علي كل قرش بتشقي بيه يا حبيبي، وعيزاك تطمن يا علولي مراتك بفضل الله مدبره، ومشروعنا الصغير شغال عال العال كمان وقدرت اسد منه اي فلوس كانت علينا"..

" طيب اعملي حسابك ان اول ما أخرج من البيت هاخدك معايا البوسته وهسحب الفلوس اللي في الدفتر وتاخديهم يا هاله تبعتي فلوس غفران لصحبتك والباقي تشليهم بقي بمعرفتك او تصرفيهم دول بتوعك وانتي حرة فيهم"..
تفوه بها علي بصرامه وأصرار..

تستمع له بقلبها، يدها تربت علي صدره بحنان، ومالت علي عنقه لثمته بعمق، وببكاء همست..
"واحشتني اوي اوي يا علي، ربنا ميحرمنيش منك ابداً يارب"..

أمسك يدها ورفعها علي فمه يقبل باطنها بعشق مرات ومرات وهو يقول..
" ربنا ميحرمنيش منك انتي يا هاله يلي شلتيني في تعبي ومتخلتيش عني زي ما اخواتي اتخلو عني"..
أجلسها علي ساقيه، ونظر لعينيها نظرة عشق ليس كمثيله عشق، وبافتنان همس..
" يا ست قلبي"..

" ااااااه لو تعرف الكلمه دي واحشتني اد ايه يا علولي"..
تفوهت بها هاله بفرحة غامرة ، وهي تستند بجبهتها علي جبهته،وبغنج تابعت..
" وانت سيدي وتاج رأسي وسيد الرجاله كلهم يا علي يا قلب ست قلبك؟"..

اكملت جملتها بجوفه بعدما التقط شفتيها بقبله شغوفه عاشقه يبث بها مدي اشتياقه لها..
.............................................
داخل مبني عملاق بإحدى أرقى أحياء القاهره، بالطابق الخامس عشر..

"عهد"..

تجلس بجوار "غفران "الغارق بالنوم تتابع درجة حرارته بلهفه وخوف ظاهر علي ملامحها، فبعدما أصر هو علي عدم المكوث بالمستشفي لأجل خوفها هي، وهما يمكثان بشقته الخاصه..

من حين لآخر تميل علي وجهه وتتحسس حرارته بوجنتيها، تسير علي جبهته، نزولاً بوجنتيه، ولحيته مغمضة عينيها بستمتاع،وبتنهده عاشقه همست..
"غفران يا همجي فوق بقي مش واخده عليك وانت كده"..

داعبت أرنبة أنفه بشفاتيها وتابعت دون ان تبتعد عن بشرته..
"قوم شوف عهوده اللي اتعدت منك وبقت متحرشه"..

لثمت جانب شفتيه بعمق، ودموعها تنهمر من عينيها بغزاره وبتوسل همست..
"فوق يا غفران انا خايفه من غيرك"..

انكمشت علي نفسها داخل حضنه واراحت رأسها علي صدره بحرص ملتفه بيدها حول خصره، وتمسكت به بكل قوتها مكمله ببكاء طفولي..
"الدكتور قال ان حرارتك ممكن تقعد 3ايام عاليه بس انت ممكن تخليها يومين علشان خاطر عهوده"..

اختلجت أنفاسها حين سمعت همسه الخافت فوق رأسها مردداً بين الوعي واللاوعي..
"عهد"..
رفعت رأسها بلهفه واحتضنت وجهه بين كفيها وببكاء همست..
"غفران انا هنا"..
رمش بأهدابه اكثر من مره، وبهذيان همس قائلاً..
"انا مش متحرش انتي مراتي يا عهد"..

" عارفه اني مراتك يا غفران"..
همست بها عهد بأسف، ودموعها تهبط ببطء علي وجنتيها وتستقر علي وجه غفران الذي أغمض عينيه وذهب بنوم عميق مره أخرى..

زالت عهد دموعها عن وجه غفران براحة يدها، وغمرت وجنتيه بسيل من القبلات، وبنحيب تابعت..
" بس مش عهد اللي تاخد واحد من مراته وولاده يا غفران، جوازنا زي ما سمعت بابي وهو بيتفق معاك مجرد مهمه سريه بالنسبالك وهتنتهي وترجع لبيتك ولولادك"..

صكت علي أسنانها وبغيظ أكملت..
"ولمراتك البشعه دي اللي انا متأكده انك مكمل معاها علشان خاطر ولادك بس"..

ضمت رأسه لحضنها، واصابعها الصغيره تسللت لخصلات شعره الحريريه تخللهم به بانبهار، وبنبره متوسله همست..
"سامحني علي اللي ناويه اعمله فيك يا ظبوطه"..

أنهت جملتها وطبعت قبله رقيقه علي شفاتيه كانت بمثابة قبلة الحياه لغفران الذي بدأ يستعيد وعيه بين يديها..

شعرت عهد به فاسرعت بالابتعاد عنه،وجلست علي مقعد بجوار الفراش، مسحت دموعها ورسمت الضيق واللامبالاه علي ملامحها..

وأخيراً فتح غفران عينيه وبلحظه كان انتفض جالساً وهو يقول بصوت عالِ..
"عااااااااهد"..

"ايييييييييييه دا يا ظبووووطه يا همجي انت؟"..
صرخت بها عهد التي ارتعدت من صوته فسقطت من فوق مقعدها أرضاً..
"انتي كويسه".. تفوه بها غفران بلهفه، وهو يغادر الفراش ويقترب منها يساعدها علي النهوض..

"ايوه كويسه، وقعده جنبك وانت تعبان زي ما انت فضلت جنبي في المستشفي لما اغمي عليا لحد ما فوقت"..
لكمته برفق بكتفه السليم، وتابعت بابتسامة مصطنعه..
"وانت فوقت اهو يا ظبوطه يبقي انا كده عهوده عملت اللي عليها"..

سارت من أمامه لخارج الغرفه لتوقفها جملة غفران الذي قال بصوت يكاد يسمع..
" انتي شكلك معيطه ليه، اكيد من خوفك عليا"..
قمعت ابتسامتها التي زينت محياها، والتفت له وتحدثت بتوتر فشلت في اخفائه..
" لا طبعا انا بعيط علشان جعانه ؟!"..

" عايزه تاكلي ايه وأنا اعملهولك بأيدي"..
قالها غفران بحنو وكأنه يحدث صغيرته،طريقته راقت عهد كثيراً، ولكنها نهرت نفسها وعاد الجمود يزين وجهها وببرود اجابته..
"لا ميرسيي متتعبش نفسك زياده انا هطلب دليفري"..

التمعت برأسها فكره قبيحه وحسمت أمرها بتنفيذها، ابتسمت له فجأه ابتسامه زائفه وبستفزاز تابعت..
"هطلب كبده وسجقأت من عند ابو حمودي اطلبك معايا؟"..

رمقها غفران بنظره ناريه، وبصرامه قال..
"انا هكلمه يجبلك اللي انتي عيزاه"..
" لا انا اللي هكلمه،واطلع منها انت يا ظبوطه"..
تفوهت بها عهد بغنج وميوعه وهي تقترب منه وتجذبه نحو الفراش اجلسته عليه وبأمر تابعت..
"اقعد ارتاح بس صاحي متنمش تاني ولما الاكل يوصل تاكل وتاخد علاجك علشان تخف مفهوم"..

رفع غفران حاجبيه بدهشه حين لمح قميصه الاسود الذي ترتديه ويصل لقبل ركبتيها جعلها بغاية الأثاره والجمال..

"مفهوم سيادتك بقميصي اللي يجنن عليكي دا"..
قالها غفران ببطء وإعجاب شديد..
رمقته عهد بنظره حارقه، وسارت نحو الخارج بخطوات راكضه وهي تردد بصوت مسموع..
"فعلاً انت غفران الوزير المتحرش"..
................................................
"فاتن"..
ممسكه بهاتفها تعيد الاتصال بغفران المره التي لا تعلم عددها، وبقلق وبوادر بكاء تحدث نفسها..
"يومين متسالش عني يا غفران، وكمان تليفونك مقفول تبقي اكيد في مأمورية، ربنا معاك ويسترها عليك يا ابني"..

عادت الاتصال به ليأتيها صوته الرازين قائلاً..
"احلي ام غفران، عامله ايه يا غاليه"..
"غفران قلقتني عليك يا ابني"..
تفوهت بها فاتن بلهفه..

سار غفران خارج غرفته، وبدأ يتابع عهد التي تمارس رياضيه الصباح علي صوت إحدي الأغاني الغربيه، وبهيام قال..
" انا جميييل وعظييييم اطمني يا ماما"..
اعتلي الذهول وجه فاتن، وبستغراب قالت..
" واد يا غفران مالك بتتكلم بسهتنه ليه كده؟"..

"انا بتعرض لهجوم عنيف يا ام غفران عنييييف"..
قالها غفران وهو يتفرس عهد بنظرته..
"غفرررررران انت فين بالظبط؟"..
تفوهت بها فاتن بنفاذ صبر، لينتبه غفران علي حالته، وخطي لداخل غرفته مره اخري وبجديه قال..
"انا في الشغل يا ام غفران والله، هكون فين يعني"..

فاتن:ببكاء.. "انت كويس يا حبيبي، قلبي وكلني عليك"..
تنهد بتعب وهو يقول..
"عايزه الصراحه لا، انت مش كويس يا ام غفران، وعايز اطلب منك طلب بس متسالنيش ليه ممكن يا ماما؟"..

"اطلب عنيا وقلبي معزهمش عليك يا ضنايا"..
قالتها فاتن بحب شديد..
لياخذ غفران نفس عميق، وبأسف قال..
" عيزك تراقبي شهد"..

صدمة!!..

"فاتن"..
اعتلت الدهشه وجهها وهي تستمع لحديث غفران وصوته الذي يظهر عليه الألم، انقبض قلبها بهلع ظناً منها ان يكون علم بمشاعر زوجته المشينه تجاه شقيقه..

اذدردت لعابها بصعوبه وهي تقول..
"ايه اللي بتقوله دا يا ابني؟!"..

"امي من فضلك اعملي اللي بقولك عليه، مش عايز شهد تغيب عن عينك لحظه، راقبي كل تحركاتها وبلغيني بيها"..
تفوه بها غفران بنبره راجيه،وبأسف تابع..
"انا لاحظت في الأيام اللي فاتت نظرتك لشهد، ومعملتك ليها اللي بقت بحدود، وكأنك اكتشفتيها علي حقيقتها وعرفتي انها خدعتنا كلنا وانا بعترف اني اولكم"..

بكت فاتن وهي تقول..
" يابني ريح قلبي وقولي ايه اللي فيك، صوتك رعبني يا غفران"..
"اطمني يا غاليه، متخفيش علي ابنك، بس ارجوكي اعملي اللي بقولك عليه، وانا هحاول اجي انهارده اطمن عليكي انتي والولادك"..

استمع لخطوات "عهد" القادمه نحو غرفته فاكمل حديثه علي عجل..
"انا لازم اقفل دلوقتي، ادعيلي من قلبك يا أم غفران"..

"ربنا يحفظك ويحميك ويرزق قلبك فرحة تدمع لها العين انت واخوك يا حبيبي، في رعاية الله"..

اغلقت الهاتف،وأخذت نفس عميق وبتنهيده تمتمت..
"بصراحة يا واد يا غفران انا براقبها من ساعة ما فهمت نظرتها اللي طلعت قذره لأخوك، وأنت بطلبك دا سهلت الموضوع عليا اكتر، واهي بالمره تبقي فرصه جت لحد عندي أشوف بيها أخرتك لغاية فين يا شهد يلي اسم علي غير مسمي"..

أنهت جملتها وهبت واقفه وسارت لخارج شرفتها متجهه نحو شرفة غرفة شهد، دفعت الباب بحذر، واطلت برأسها تنظر بأرجاء المكان بحثاً عنها..

وصل هدير المياه القادم من حمام الغرفه إلى مسامعها،فهمت بالعودة مره اخري لغرفتها، لكن جهاز اللاب توب الذي لمحته أسفل الفراش، اثار دهشتها وفضولها جعلها تخطو للداخل بخطوات حذره، وأخذته سريعا، وسارت لخارج الغرفه غالقه باب الشرفه خلفها كما لو لم يكن شيئاً..
...............................
" عهد"..
ترمق غفران بنظرات غاضبه، وبغيظ مصطنع قالت..
"انت ايه اللي خلاك تقول لعساكرك ياخدو الأكل من احمد ويمشوه وتكسفني معاه بالشكل دا، وانا أصلا اللي قولتله يجيب الأكل بنفسه؟!"..

"علشان محدش يعرف ان عندي شقه في العماره هنا، ومش عايز حد يعرف سيادتك"..
قالها غفران بجديه وملامح ظاهر عليها الإجهاد..

ضربت عهد الارض بقدمها، وبغضب طفولي قالت..
" وانا مالي يا ظبوطه يا همجي انت، تحرجني ليه مع الشاب الجينتل مان اللي اسمه احمد"..
تعمدت نطق اسمه بغنج وميوعه جعلت غفران يستشيط غيظاً، وببطء هب واقفاً واقترب منها بخطوات ماكره كالفهد الذي يستعد للهجوم علي فريسته وبابتسامة مصطنعه قال..
"امممم حرجتك مع الجينتل؟!"..

" ا اححم ايوه، وبعدين انا كنت عيزاه يقعد ياكل معايا علشان مش أكل لوحدي"..
تفوهت بها عهد بتوتر وخوف بادي علي وجهها، وهي تتراجع للخلف مبتعده عن غفران الذي حصرها بينه وبين الحائط خلفها..

لترفع يدها وتدفعه بعيداً عنها بإحدى أناملها،لكنه اقترب منها أكثر حتي أصبح يتنفس أنفاسها وبعبث همس بأذنها..
" وتاكلي لوحدك ليه وانا موجود سيادتك"..
سار بأنفه علي وجنتيها جعلها تشهق بصوت خفيض، وتغلق عينيها بستمتاع من قربه دون أرادتها، مكملاً بصوت يكاد يسمع..
"انا أكلك بنفسي يا عهوده"..

"غفران أبعد"..
همست بها عهد وهي تدفعه بضعف، لم يبالي لما قالته،أصبح بعالم أخر حين استنشق عبيرها، وشعر بستجابتها بين يديه..

ليبدأ يفقد سيطرته علي مشاعره تجاهها، وبلحظه كان لف يده حول خصرها وجذبها لداخل صدره ببعض العنف..

شهقت هذه المره بقوه، وبلهفه قالت..
"غفران حاسب كتفك"..
"فداكي"..
همس بها غفران الذي مال مستنداً علي جبهتها بجبهته، ولثم أرنبة انفها صعوداً بعينيها وجبهتها مردداً..
"فداكي غفران كله يا عهد"..

تحولت شرارة العشق بقلب عهد لنيران تتأجج داخل قلبها الذي يستجديه بتوسل شديد إلا يبتعد عنه،إلا يتركها تعود لوحدتها القاسيه..

ترقرقت عينيها بالعبرات، وتأوهت بصوت خفيض متمتمه بسرها..
"اااه يا قلبك يا عهد اللي مكتوب عليه العذاب، ويوم ما ينبض بالحياه، ينبض بعشق راجل متجوز"..

أذدات قبلات غفران جرائه وهم بغمر شفتيها بقلبه عاشقه، ولكنها استعادت وعيها ودفعته بعيداً عنها بكل قوتها، وبصراخ قالت..
"انت اتجننت يا متحرش انت"..

مسح غفران علي وجهه وخصلات شعره بعنف، ونظر لها بابتسامه زائفه وتحدث بوعيد من اسفل أسنانه..
"لو قولتي متحرش دي تاني هوريكي عملي التحرش بيكون ازاي"..
غمز لها بعبث مكملاً بتأكيد..
"ولو علي الجنان فأنا فعلاً عقلي طاااااار بسبب حلوتك الزياده في قميصي سيادتك"..

رمقته بنظره حارقه، وسارت بل ركضت لخارج الغرفه، وهي تمتم بغيظ وبصوت مسموع..
"قميصك دا انا هقلعه و أولعلك فيه حالاً يا ظبوطه يا؟!"..

قطع غفران حديثها بتحذير..
"هااااااا"..
"اووووف علي قله أدبك"..
قالتها عهد بضيق مصطنع واختفت من أمامه داخل غرفتها، صافعه الباب بعنف، واستندت بظهرها عليه تلتقط أنفاسها بصعوبه، وأسرعت بوضع قبضة يدها علي قلبها كمحاوله منها لتهدئته من سرعة دقاته وكأنه أوشك علي مغادرة صدرها، وبهيام همست بسرها..
" أحلى ظبوطه متحرش شوفته في حياتي"..
..........................................
"شهد"..

إنفتح باب الحمام و أطلت من خلفه مرتدية مئزر الاستحمام القصير، وقفت أمام المرأة تتأمل جمالها الأخاذ بغرور، وبحقد حدثت نفسها..
"مش عارفه إزاي هادي جالو نفس يتجوز الخنفسه رغد دي بعد ما شافني"..

امسكت زجاجة من العطر، ونثرت منها علي جسدها بغزاره، وهمت بتمشط شعرها الحريري ليوقفها صوت "هادي" العالِ وهو يقول بفرحة ظاهرة..
"يله يا رغدتي اجهزي بسرعة مش عايزين نتأخر"..

ركضت شهد لخارج غرفتها، لتري ما يحدث غير عابئه لهيئتها وما ترتديه..
" ايه دا يا شهد ازاي خارجه كده، ادخلي بسرعه قبل ما هادي يشوفك"..
تفوهت بها رغد وهي تدفعها لداخل غرفتها، لتسحبها شهد معها وتغلق الباب خلفهما وبتساؤل قالت..
"جوزك بيقولك هتتأخرو علي ايه؟!"..

اجابتها رغد بخجل..
"هنروح نقضي يومين في اسكندريه"..
رمقتها شهد بنظره مندهشه، وبهدوء عكس بركان غيرتها وغيظها قالت..

" انتي هبله يا بت انتي، اسكندرية ايه اللي تروحيها بحملك اللي مخليكي زي الفرخة الدايخه دا"..
اقتربت منها وربتت علي ظهرها بحنان كاذب وبخبث تابعت..
"السفر والمواصلات غلط عليكي يا حبيبتي"..

"اطمني يا شوشو أنا سألت الدكتور وقالي اقدر اسافر بالقطر عادي"..
قالتها رغد وهي تغادر الغرفه سريعاً تاركة شهد تشتعل بنيران الحقد وبوعيد تحدث نفسها..
" مبقاش شهد لو سبتكم تسافرو يا رغد الكلب"..

ارتدت ثيابها بلمح البصر، وسارت نحو الخارج قاصده غرفة حماتها مردده بثقه..
" اللي اسمها فاتن بتخاف عليكي وعلي اللي في بطنك من الهوا الطاير يا خنفسه، وانا بطريقتي هخليها تحلف عليكو ما انتو مسافرين"..

.. بغرفة فاتن..
تجلس أمام اللاب الخاص بشهد تحاول فتحه، ولكنه مغلق برقم سري، زمت شفتيها وبأسف حدثت نفسها..
"يعني مش هعرف اشوف حاطه ايه علي الزفت دا علشان تخبيه تحت السرير يا مرات ابني؟!"..

همت بغلق الجهاز ولكن اتسعت عينيها علي أخرها حين تذكرت ان شهد تكون أول من تهنئ "هادي" بيوم ميلاده، تكون دوماً أول من تتذكره..

عادت فتحه مره أخرى وقامت بتدوين تاريخ ميلاد عزيزها، لينفتح اللاب معها جعلها تردد بذهول..
" معقول يوصل بيها جنانها للدرجاتي؟!"..

أسرعت بتفحص الجهاز بحترافيه عاليه، لتلجمها صدمه بل صاعقه حين رأت اكثر من فيديو يظهر به ابنها مع زوجته اثناء علاقتهم الحميمه، جعلها تلطم وجنتيها تاره، وتضرب علي صدرها تاره أخرى مردده..
"دا ابني هادي، يا نصبتي السوده، اعوذ بالله من غضب الله"..
ظلت تردد ما تقوله بذهول مقارب للجنون..

"صباح الخير يا طنط"..
تفوهت بها شهد التي طرقت علي باب الغرفه واندفعت نحو الداخل دون أنتظار إذن بالدخول..
لتتسمر مكانها حين لمحت اللاب الخاص بها بين يد فاتن التي يظهر علي وجهها أنها اكتشفت إحدي أبشع أفعالها..

تلاشت ابتسامتها الزائفه التي كانت ترسمها علي محياها، وصفعت الباب خلفها واغلقته بالمفتاح، واقتربت بخطوات بطيئه من فاتن الجالسه تبكي ببوادر انهيار وببرود شديد تحدثت..
"كنت متوقعه عملتك دي يا فاتن"..

رمقتها فاتن بنظره محتقره، وبعدم تصديق قالت..
"مصوره أختك في حضن جوزها!!!"..
"جوزها دا يبقى ابنك كمان، وأول راجل حبيته في حياتي وفضل عليا الخنفسه رغد"..
تفوهت بها شهد بصوت خفيض يحمل بين طياته غل، وحقد لا نهايه له..

"انتي بتقولي ايه يا مجنونه انتي، هادي عارف رغد وحبها من قبل ما يشوفك ولا يعرفك اصلاً"..
قالتها فاتن بغضب عارم، نظرت لها شهد نظره ساخره، وجلست علي مقعد بجوارها
واضعه ساق فوق الأخرى وبضيق قالت..

"لما عرفت ان اختي بتكلم واحد وقالت انه عايز يتقدملها وهي وقتها كانت عيله لسه في ثانوي وعايزه تتخطب قبلي وانا مخلصه كليتي،مسكتها كلتها علقة موت،وقولت أكيد صحبتها اللي كانت عندنا وشافتني وانا بضربها هتبلغ اللي بتكلمه وهو اكيد واد جربوع من الحته عندنا وهيخلع منها"..

صكت علي أسنانها، وبغيظ تابعت..
" بس صحبتها لما راحت قالت لهادي اللي حصلها لقيته جه لحد بيتنا بعربيته اللي وقفت الحته كلها علي رجل وشوفته لأول مره"..

فلاش باااااااااك..

" مساء الخير بعتذر اني جاي من غير ميعاد"..
تفوه بها هادي برزانته وصوته الساحر..
لتطلع به شهد بأعجاب شديد نجحت في إخفاءه،وبجديه قالت..
" خير يا حضرة؟!"..

ابتسم لها ابتسامه هادئه وهو يقول..
" انا "هادي المصري" رجل اعمال، ويشرفني أطلب ايد الانسه رغد"..
اعتلت الدهشه ملامح شهد، وبذهول قالت..
"انت اللي بتكلم اختي في التليفون؟!"..
"أيوه أنا وغرضي شريف يا انسه، بدليل إني جيت بيتكم طالب ايديها واتمني انكم توافقو"..

"أولاً  انا مش هقدر اقولك اتفضل لأني لوحدي في البيت، وثانياً اختي لسه صغيره، ومش هينفع اي نوع من انواع الارتباط ليها دلوقتي نهائي"..
قالتها شهد بمنتهي الرقه والجديه بأن واحد لعلها تستطيع لفت انتباهه لها بعدما راقها كثيراً..

" أنا مش مستعجل، ومستعد استنها لحد ما تخلص دراستها"..
قالها هادي بلهفه ازعجت شهد للغايه، وبابتسامة زائفه قالت..
" ياااه لدرجاتي بتحبها؟!"..

"انا ماصدقت لقيتها، انا بعشق رغد مش بس بحبها، دي الإنسانه اللي كنت بتمنها طول عمري، ولو علي دراستها احنا ممكن نعمل خطوبه وبعد ما تخلص نتجوز ان شاء الله"..
تفوه بها هادي بتنهيده عاشقه وتمني شديد..

كلماته كانت بمثابة طلقات من رصاص تخترق قلب شهد الحاقد، وبغيظ شديد تمتمت بسرها..
"بقي واحد زيك في كل المواصفات اللي بتمناها يوم ما تظهر في حياتي تكون بتحب اختي اللي لا ليها شكل ولا منظر؟!؟! "..

رسمت فرحة كاذبه علي محياها..
" دي حاجه تفرحني جداً انك تكون بتحب اختي وشاريها بالشكل دا"..
صمتت لوهله وبخجل مزيف تابعت..
"بس للاسف برضو ماما وأخويا حالفين ما يوافقو علي اي ارتباط لرغد غير لما يجوزوني انا الأول لأني الكبيره، وانا لسه حتي مش مخطوبه"..

" بصره، انا كمان عندي أخ أكبر مني مستنيه يتجوز هو الأول، وممكن أجيبه معايا وأنا بطلب ايد رغد يمكن ربنا يوفق ويحصل قبول بينكم ويبقي خير وبركه علي الكل"..
قالها هادي بفرحة غامره..

لتصك شهد علي أسنانها، وبحقد شديد تمتمت..
" بقي انتي يا رغد يا عديمة اللون والريحه تتجوزي عن حب، وأنا اتجوز جواز صالونات؟!"..
وقد كان، وأحضر هادي شقيقه غفران الذي عقد قرانه علي شهد بعدها بأسابيع قليله، بينما هادي ورغد عاشو قصة عشق ولا أروع حتي اكتملت بزواجهما..

نهايه الفلاش باااااك..

"انتي إنسانه مريضه بالحقد والغل ومبتقدريش كل النعم اللي ربنا انعم عليكي بيها، وعينك دايماً علي اللي في ايد غيرك"..
قالتها فاتن بشمئزاز شديد، لتضحك شهد ضحكه شريره، واقتربت منها نظرت بعينيها وبفحيح كالأفاعي قالت..
"واضح انك شوفتي فيديوهات ابنك والخنفسه اختي بس، ومشوفتيش فيديوهات فاتن"..

انهت جملتها وغمزت لها وجذبت اللاب منها بعنف، وضغطت علي زر التشغيل ليظهر فيديو لفاتن وهي داخل الحمام تقف عاريه تماماً أسفل المياه..

تتوالي الصدمات علي رأس فاتن التي اوشكت علي الاغماء، بل الموت وهي تشاهد فيديو لها يظهر جميع جسدها، استجمعت شتات نفسها ونظرت لشهد بجمود وبتساؤل قالت..
"عايزه ايه يا شهد؟!"..

"كده انتي بتفهمي يا حماتي"..
تفوهت بها شهد وهي تغلق اللاب ووضعته اسفل ذراعها، وجلست علي المقعد وبأمر تابعت..
"عايزاكي تخرسي خالص، ولا كأنك شوفتي حاجه، واوعي تفكري مجرد تفكير انك تقولي لغفران لانك عارفه ابنك اكتر مني ممكن يتهور ويقتلني او اقل حاجه يطلقني او حتي يحب غيري، ويفكر يتجوز عليا، ساعتها هخلي الشخص اللي معاه نسخه من كل الفيديوهات اللي انتي شوفتيها دي ينشرها علي كل مواقع التواصل الاجتماعي في اقل من ثانيه"..

تستمع لها فاتن بوجه خالي من اي تعبير، وترمقها بنظره متسائله ماذا بعد؟ هل يوجد لقذارتك حدود ام ستخطو كل الحدود؟..
لترمقها شهد بنظره ساخره وبوعيد أكملت..
"وكمان لو هادي خد البتاعه اللي متجوزها، وسافر بيها هزعلك عليه وعليها فاحسنلك مثلي انك تعبانه وخليهم يلغو سافرهم"..

انهت حديثها وسارت بخطوات واثقه لخارج الغرفه ليوقفها صوت فاتن المرتجف حين قالت..
"ولما انتي مبتحبش غفران،قاعده ليه علي زمته؟!، وكمان مش عيزاه يحب ولا يتجوز غيرك ليه؟!"..

استدارت ونظرت لها بابتسامة مصطنعه، وبتكبر قالت..
" اللي يتجوز شهد، ميبصش لغيرها ويعرف انه بتاعها هي بس، وغفران بتاعي يا فاتن مش هسمح لوحده تاخده مني، واللي تفكر تقرب منه انا عندي استعداد اقتلها"..
.......................................
" غفران"..

يتأمل "عهد" التي تجلس أمامه تأكل بشراهه، وتتابع إحدي افلام الكرتون المفضله لها بأعين عاشقه، وابتسامه هائمه..

يتأمل أدق تفاصيلها،ملامحها، نظرتها، شعرها، كل شئ واي شئ بها يروقه حد الجنون..
ليتنهد بصوت مسموع، وقرر قطع الصمت وبهدوء قال..
"ممكن تحكيلي عرفتي هاله صحبتك، والمنطقه الشعبي دي ازاي؟!"..
نظرت له عهد بحاجب مرفوع مردده..
"وأنت عايزني احكيلك ليه؟!"..

"بما أنك بتحبي الحكايات والروايات وانا كمان بحبهم فقولت نسلي وقتنا وتحكيلي وانتي بتاكلي"..

تبدلت ملامح عهد، وشحب وجهها فجأه وتركت الطعام من يدها،امتلئت عينيها بالعبرات، وبدأت تتنفس بصوت مسموع، وبضعف تحدثت..
"علي جوز هاله انقذني من اللي خطفوني، وكانو هيغتصبوني وبعدين يقتلوني، بس انا فضلت اصرخ واترجاهم يقتلوني الأول"..

هيئتها جعلت غفران ينتفض واقفاً واقترب منها جلس جوارها، وامسك يدها ليتفاجئ ببرودتها الشديده، ارتعد قلبه من شدة قلقه عليها، وحاول يغير مجري الحديث وهو يقول بمرح..
"انا بقول نتسلي في السندوتشات وتكملي اكلك أفضل"..

انكمشت عهد علي نفسها، وبدأ جسدها يرتجف بوضوح، وجبهتها تتعرق بغزاره، ووضعت يدها علي معدتها وبدأت تأن بألم حاد..

لم يشعر غفران بنفسه وهو يجذبها لداخل حضنه، ولف يده حول خصرها اجلسها علي ساقيه، وبلهفه تحدث قائلاً..
" عهد مالك يا ماما، حاسه بأيه؟"..

تشنجت بين يديه و إرتفع صوت نشيجها، لتغص فجأة و تنتفض و هي تطلق شهقة عميقة و قد فتحت عينيها مرة واحدة..
عبس "غفران" بقلق أكبر عندما شاهد
تطور حالتها  إلى الإعياء الشديد..
حيث شحب وجهها و إزرقت شفاهها..

إرتعد قلبه أكثر حين شعر بأصابعها الباردة تقبض على كفه بقوة دون سابق إنذار، وبصعوبه بالغه همست بضعف شديد..
"بطني بتوجعني، مش قادره اتنفس من الوجع يا غفران؟"..

انتهي البارت..
وأستغفرو لعلها ساعة استجابة..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي