الفصل العاشر

البارت العاشر..
غفران..
✍️نسمة مالك✍️..

غباء عاشقة!!..

"عهد"..

لأول مره ينبض قلبها بما يسمي العشق، نجح "غفران" نجاح ساحق بمتلاك قلب تلك العنيدة، شدة عشقها، وشوقها له تغلب علي عقلها بل علي كامل جسدها جعلها تتجاوب مع قبلته التي اجتاحتها بمنتهي اللهفه..

تناست كل شئ اي شئ واكتفت به وبقربه الذي اثلج نيران غيرتها المتأججه، كالمغيبه رفعت يدها ولفتها حول عنقه تجذبه إليها أكثر وبهمس تحدثت دون أن تفصل قبلتهم انش واحد قائله..
"متبعدش يا غفران"..

جملتها هذه جعلت غفران يدرك انها ليست بوعيها، وهو ايضاً اصبح بحاله لا يرثي لها بفعل قربها واستجابتها له التي اطاحت بعقله..

حاول الابتعاد عنها قدر استطاعته ولكنها لم تترك له أدنى فرصه، وجسده الخائن الذي يتتوق لكل لمسه منها أجبره على الاقتراب أكثر وبلحظه كان حملها لداخل حضنه لتسرع هي بلف قدميها حول خصره، وسار بها لخارج الحمام قاصداً غرفتها..

دفع الباب بقدمه وخطي بها للداخل وهم بإنزالها لتتمسك هي به أكثر مردده ببكاء..
"متسبنيش"..
دفنت وجهها بعنقه مكمله بأنفاس ساخنه تلفح بشرته تفقده صوابه، وصوت باكي مرتجف ..
"خليك معايا انا عيزاك"..

أطبق "غفران" جفنيه بعنف، وزاد من ضمها لصدره بقوه، ويده تربت علي كافة ظهرها بفتنان، وبأسف شديد همس بأذنها..
"انا عايزك أكتر وهتجنن عليكي بس مش هينفع يا عهد"..

هتف بجملته هذه من شدة خوفه عليها ليس إلا،ولكنها لم تفهم مقصده وظنت انه لا يردها ومكتفي بزوجته الأولى وزواجه منها بالنسبه له لم يكن سوا مجرد إتفاق كما أخبره والدها..

شعر هو بتشنج جسدها علي جسده، بل تخشبت بين يديه بعدما كانت منصهره بين حنايا صدره، ليسرع هو ويكمل بنبره هادئه راجيه قائلاً..
"عهد خلينا نتكلم وانا هفهمك كل حاجه"..

جاهدت للسيطره علي فيض مشاعرها وارتجاف جسدها لكنها فشلت وازداد ارتجاف جسدها اكثر، وابتعدت عنه ببطء وأسرعت بجذب مئزر الأستحمام القصير ارتدته على عجل، ونظرت له بعينيها التي تصرخ ألماً كانت نظرتها بمثابة قبضه عنيفه اعتصرت قلب "غفران" علي حين غره..

عقدت ذراعيها أمام صدرها وبجمود مفاجئ تحدثت..
"فعلا مينفعش افضل هنا اكتر من كده"..
ابتسمت ابتسامة ساخره واكملت..
"انت واحد متجوز وعندك بيتك ومراتك اللي انت لسه جاي من عندها"..

أشارت علي شفاتيه وعنقه بسبابتها مكمله..
"واللي واضح انها مش مقصره معاك وانت زيك زي معظم الرجاله الطماعه سبتها وجاي عندي أنا"..

انهمرت عبراتها بغزاره علي وجناتيها، وابتلعت غصه مريره وهي تقول..
" كنت مفكرني هقومك وابعدك عني بس للأسف انا هبله وبعترف انك قدرت تشدني ليك، ولما قولتلك تقرب أكتر فوقت وخوفت تدبس فيا فلحقت نفسك في الوقت المناسب وبعدت عني مش كده"..

جحظت عينيه بصدمة وأطلق سبة غاضبة بعد سماع حديثها الخاطئ كلياً بالنسبة له، وتحولت ملامحه الهادئه لأخرى غاضبه وبصرامة تحدث..
" عهد بلاش تقولي كلام تندمي عليه، واهدي واقعدي خلينا نتكلم بالعقل؟!"..

قاطعته "عهد"بصراخ مقهور..
" احنا مافيش بنا اي كلااااام تاني، وانا هكلم بابي واقوله لو مغيرش طقم الحرس كله وانت أولهم انا هموت نفسي"..

هجمت عليه وبدأت تلكمه بكل قوتها مردده بنهيار..
" انت واحد خاين وطماع،وملكش أمان ومتحرش كمان"..
"كفايااا يا عهد اهدي يا حبيبتي"..
هتف بها "غفران" وهو يحاول السيطره علي حركاتها الهستيريه..

ولكنها بدأت تصرخ بنهيار اكبر مردده بهذيان، وعدم تصديق..
"حبيبتك؟! كداااااب انا بقرب منك وبعترفلك اني عيزاك، وانت تقولي مينفعش!!! ابقي حبيبتك ازااااي"..

انهيارها اصبح خارج عن السيطره لم يجد" غفران" أمامه سوا اسكتها غصب عنها حتي لا تؤذي نفسها، احكم سيطرته عليها، وباحترافية كان ضغط علي شريانها النابض جعلها تفقد الوعي في الحال..

حملها بين يديه غير عابئ لجرح كتفه الذي بدأ ينزف من جديد ضمها لداخل حضنه بلهفه وعشق شديد وسار بها نحو الفراش وضعها بحرص مقبلاً وجنتيها وأسفل شفتيها بعمق وهو يقول..
"حقك عليا يا حبيبة قلب غفران مش قصدي اللي فهمتيه يا عهد"..

استند بجبهته علي جبهتها يستنشق أنفاسها بهيام مكملاً..
"انا عمري ما اتمنيت اقرب من واحده في الدنيا قد ما اتمنيت قربك انتي وحضنك انتي يا حبيبتي بس قبل ما دا يحصل لازم اقول لكل الناس وأولهم والدك انك مراتي وحبيبتي وحياتي اللي مكنتش عايشها"..

قبل أرنبة انفها وبثقه تابع..
"وهتفضلي مراتي يا عهد لأني ما صدقت القيكي"..
أنهي جملته وغمر شفتيها بقبله شغوفه، وابتعد عنها سريعاً وهب واقفاً واقترب من الخزانه واحضر لها ثياب نظيفه واقترب منها ثانياً جلس بجوارها علي الفراش وأخذ نفس عميق وبدأ يبدل لها ثيابها بقلب ينبض بعشقها بجنون..
...........................................
"اسكندرية"..

"رغد"..

تجلس شاردة على صخرة فى مكان مطوي لا تطأه قدم،
مكان لا يتردد عليه الكثير لكونه وسط البحر..

يجلس بجوارها "هادي" يتأملها بنظرة متيمه، وبهمس تحدث..
"سرحانه في ايه وانتي معايا يا رغدتي؟"..

تطلعت له بابتسامة هادئه وبتنهيده اجابته..
" سرحانه فيك يا حبيبي وفي مفاجأتك اللي مكنتش اتوقعها ابداً"..
جذبها "هادي" لداخل حضنه ظهرها مقابل صدره، ويده تمسد علي بطنها المنتفخ قليلاً بحنو قائلاً بتساؤل..

"انتي مش كان نفسك يبقي لينا بيت لوحدنا؟"..
" ايوه بس متخيلتش انك تحققلي كل اللي في نفسي يا هادي، ونسيب ماما فاتن وأخوك اللي انت روحك فيهم وننقل في شقه لوحدنا"..
هتفت بها "رغد" برقتها المعتاده..

قبل "هادي" كتفها بعشق، وبأسف تحدث..
"غفران هو اللي طلب مني كده، وهو كمان اللي جبلنا الشقه يا رغد"..
التفت برأسها تنظر له بتوتر، ازداردت لعابها بصعوبه وهي تقول..
" ليه يا هادي؟، ايه اللي حصل؟"..

"تقريباً بسبب مراته يا رغد، "غفران" بدأ يركز اكتر معاها ومعانا وشكله اكتشف اللي مكناش عيزينه يعرفه وبندعي طول الوقت يفضل مشغول بشغله، بس ربنا ميرضهوش انه يفضل مخدوع في اللي المفروض اقرب الناس ليه"..

بهتت ملامح "رغد" حين تفهمت مخزي حديثه..
نظر لها "هادي" قليلاً يتأمل ملامحها البريئه علي عكس شقيقتها، وكأنه يتسائل بعينيه كيف انتي وتلك الشهد اصبحتما شقيقتان؟، كيف لكي تحمل أفعالها الشنعاء؟ ..

أستطاعت هي قرائة ما يدور بخاطره فبتسمت له ابتسامة باهته وترقرقت عينيها بالعبرات، وبصوت يكسوه الحزن والاحراج همست..
"اختي يا هادي، واختي الكبيره كمان ولازم استحملها"..

............................................
"شهد"..

ترمق شقيقها بنظرات محذره، يبادلها هو النظرة بأخرى مندهشه، لتذهله هي اكثر حين تابعت بوعيد..
"لو موقفتش جنبي وساعدتني ابعد الحشرة اللي اسمها" عهد" دي عن جوزي يا احمد هروح لأهل البت اللي انت بتحبها وأبوها رفضك بسبب فقرك وهقوله انك متجوزها من وراه وكمان دخلت عليها وهخليه يقتلها قدام عينيك قبل ما يخلص عليك انت كمان، وانت عارف اني اقدر اعمل كده واكتر من كده كمان"..

" بت يا شهد انتي اتجننتي يابت عايزة تودي اخوكي في داهيه؟"..
هتفت بها" سعديه"بعدم تصديق، لتنتفض بفزع حين صرخت شهد بصوت مكتوم قائله..
" انتو لسه شوفتو جنان، انا لحد دلوقتي معاكم شهد العاقله، لكن لو ابنك منفذش اللي بقوله عليه والله لكون محسراه علي حبيبة القلب"..

" انتي اييييييه يا شيخه شيطااااان"..
هتف بها" احمد" بغضب وهو يمسح على وجهه بعصبية ويطرد زفرة نزقة من صدره، ثم قال بصوت أجش..
" انتي عايزاني اشتغل بنت بريئه وطيبة جددااا وارسم عليها واخدعها اني هتجوزها واسبها يوم فرحها؟!"..

تنقل بنظره بينها وبين والدته وبجنون تابع..
" انتي عارفه البنت دي تبقي بنت ميييين يا مجنونه انتي يلي عايزه تضيعينا كلنا؟"..

هبت "شهد" واقفه واقتربت منه وقفت أمامه تطلع له بابتسامة مصطنعه وببرود تام قالت..
" لا انا معرفش هي بنت مين ومش عايزه أعرف لأن اللي اعرفه حاجه واحده بس انها لفت علي جوزي وانا هبعدها عنه حتي لو هموتها، وكمان عارفه بيت اهل البت بتاعتك وهروحلهم حالاً يا حماده مدامك مش هتساعدني يا اخويا يا حبيبي يبقي تتحرم من حبيبتك زي ما انا علي وشك اني اتحرم من جوزي"..

أنهت جملتها وسارت من أمامه ليسرع أحمد ويقوفها قائلاً بلهفه..
" استني يا شهد هعملك اللي انتي عايزاه بس ملكيش دعوه بحنين نهائي"..

ابتسمت" شهد"بشر وبأمر تفوهت بجملة كانت كالصاعقه التي الجمت احمد، وسعديه حين قالت..
" أول حاجه عايزه طريقه اخلص بيها من فاتن العقربه ام غفران"..
...........................................
"فاتن"..
إمرأه لا يستهان بها على الإطلاق،تتحكم بزمام الأمور بتراوي وتعقل شديد..

"ها يا عم عاطف قولي سمعت ايه بالظبط؟"..
هتفت بها "فاتن" بصرامتها المعتاده للرجل الذي كلفته بمراقبة" شهد"..

حرك" عاطف" رأسه باسف وهو يقول..
"الاخبار مش خير خالص يا فاتن هانم، انا فضلت ورا ست شهد لحد ما وصلت بيت اهلها، وقدرت ادخل وراها واسمع كل الحوار اللي قالته لاخوها، وسجلته على تليفوني كمان"..

أظهر هاتفه وقام بتشغيله ليصدع صوت شهد، فأسرعت فاتن بأخذه منه واستمعت بتمعن لكل ما تفوهت به شهد حتي انتهي التسجيل فنظرت لعاطف وبابتسامة تحدثت..
" حضر العربيه يا عم عاطف هنروح مشوار"..

" أمرك يا ست هانم"..
قالها" عاطف"وانصرف من أمامها، امسكت فاتن هاتفها وطلبت إحدي الارقام ووضعت الهاتف على اذنها تنتظر الرد..
..............................
"غفران"..

محتضن "عهد"التي تغص بنوم عميق داخل صدره بعدما قام بتبديل ثيابها وثيابه ايضاً وقام بتعقيم جرحه بنفسه، لم يغمض له جفن رغم شدة تعبه..

فضل ان ينعم بالراحة داخل دفئ حضنها الذي راقه كثيراً، يمسد بأنامله علي وجنتيها تاره، وعلي شعرها تاره، وعلي كافة جسدها المرتجف تاره أخرى..

يحاول بث الطمأنينه لقلبها الذي يستمع لصوته الصارخ بعشقه ونيران غيرتها وتخبطها بمشاعرها بين الاقتراب منه والابتعاد عنه..

ليصدع رنين هاتفه برقم والدته، اعتدل جالساً بجزعه علي الفراش، ولم يبتعد عن عهد انش واحد بل جذبها اليه اكثر مغمغماً برتياح..
"كويس ان الفون ضد الميه يا عهوده"..
لثم ثغرها سريعاً ،وضغط زر الفتح وتحدث بهدوء..
"ايوه يا امي"..

"انت فين انا عايزه اشوفك حالاً"..
هتفت بها "فاتن" بنبره غاضبه، جعلت القلق يدب بقلب غفران، وبتساؤل تحدث..
"ايه اللي حصل يا ام غفران؟"..

"مين عهد دي يا غفران؟"..
دون ارادته ضم" عهد"له بكل قوته، وبدون تردد اجابها..
"مراتي"..
قبل جبهتها مرات متكرره مكملاً..
" عهد تبقي مراتي يا أمي"..

اعتلت الدهشه ملامح فاتن وبذهول تحدثت قائله..
"مراتك يا غفران؟!"..

نثر "غفران" الكثير من القبلات علي خصلات شعر "عهد" مغمغماً بتنهيده عاشقه..
"ايوه مراتي وأول حب في حياتي يا امي"..

ضمها لصدره بقوه مكملاً بفرحة غامرة ظاهرة بنبرة صوته..
"تقدري تقولي أخيراً ابنك عرف يعني ايه عشق علي ايد عهودة قلبي المجنونه"..

" لااااا دا انت تقولي انت فين حالاً وانا هجيلك بنفسي اشوف اللي قدرت تخطف قلب ابني، وكمان اللي عيزاك فيه مش هينفع في التليفون"..
هتفت بها "فاتن"بصرامتها المعتاده..

"انا في شقتي اللي كنت قايلك عليها في مدينة نصر، خلي عم عاطف يجيبك هو عارف طريقها"..
قالها" غفران" بهمس يكاد يسمع حتي لا يقلق منام" عهد"التي بدأت تتململ بين يديه..

ليسرع" غفران"ويربت علي ظهرها بحنان بالغ مثلما يفعل مع صغاره، يعملها كأبنته الصغيره، لتتنهد "عهد" براحه وتغص بالنوم مره أخرى جعلت ابتسامة متيمه تعتلي ملامحه الهائمة بها عشقاً..

"طيب اقفل وانا هلبس والبس الولاد واوديهم التمرين الأول واجيلك علي طول بمشيئة الله يا حبيبي"..
هتفت بها فاتن علي عجل واغلقت الهاتف واتجهت نحو غرفة الصغار، ومن ثم نحو خزانتهما واخرجت لهما ثيابهما الخاصه برياضة الكاراتيه..

بينما "غفران" وضع هاتفه والتفت ل"عهد" يتأمل ملامحها الرقيقه والبريئه بفتنان، وابتسامة رائعه تزين محياه، وبحرص شديد عدل وضعها علي الفراش بوضع اكثر راحه..

وابتعد عنها علي مضض ودثرها جيداً بالغطاء مقبلاً كافة وجهها مرات متتاليه وبهمس تحدث قائلاً..
"نامي يا روحي وارتاحي وانا هحضرلك أكتر اكله بتحبيها و لما تصحي هأكلك بأيدي"..

أنهي جملته بقبله عميقه علي وجنتيها واعتدل واقفاً اخذ هاتفه وسار نحو الخارج غالقاً الباب خلفه بحذر شديد حتي لا يزعجها..

وقف في ردهة الشقه ينظر للزجاج المتناثر أرضاً بنظرات منذهله مغمغما لنفسه..
" امي هتيجي تشوف الشقه بالمنظر دا؟!"..

دار بعينيه عن الكنزه البيضاء التي كانت ترتديها مجنونته وجدها ملقاه علي إحدي الأرائك فقترب منها وامسكها بلهفه، ورفعها علي أنفه يستنشق عبيرها بستمتاع ومن ثم ارتداها سريعاً وبدأ يمحي أثار الحطام الذي تسبب به جنان معشوقته..

.. مرت اقل من ساعه كان اعاد غفران كل شئ بمكانه مره أخرى،ووقف داخل المطبخ وبدأ يعد لها أشهى المأكولات..

ليصدع صوت هاتفه برقم إحدي قواته فرد بعميله قائلاً..
"ايوه يا ابني"..

"مدام عبد الرحمن المصري عايزه تقابل معاليك يا باشا"..
هتف بها إحدي العساكر باحترام شديد..
"خليها تطلع، ومستني واحد اسمه علي عبد المرضي لما يجي خليه يطلع بردو"..
هتف بها غفران وهو يسير نحو باب الشقه وفتحه لاستقبال والدته حتي لا تضغط علي الجرس وتزعج طفلته..

دقيقه، وخرجت فاتن من المصعد لتعتلي وجهها الدهشه حين وجدت ابنها يقف بنتظارها بهيئة تعطي انطباع كأنه عريس بأوائل أيام زواجه..

ضيقت عينيها وهي تقترب منه ليبهرها اشراق وجهه ولمعة عينيه التي تراها لأول مره مما جعلها تبتسم براحة واطمئنان واقتربت منه احتضنته بحب مردده..
"مبروك يا حبيبي ربنا يجعلها سبب في فرحة قلبك يا ابني"..

اعتلت الدهشه ملامح "غفران" وضحك بقوه وهو يقول..
"لدرجاتي بتحبي شهد يا امي، وما صدقتي اني اتجوز عليها؟!"..

حرك رأسه بالنفي وهو يجذبها للداخل صافعا الباب خلفه وباسف تابع..
"عملت ايه زعلتك اوي كده منها وخلتك ترحبي بجوازي عليها؟!"..

شردت فاتن لبرهه تفكر جيداً اتخبره بما فعلته زوجته أم تلتزم الصمت وتتحلي بالعقل وتفكر بحل تتخلص به منها دون ان يصاب أولادها بأي أذي..

سار بها غفران نحو المطبخ المفتوح على ردهة الشقه، واجلسها علي مقعد أمامه وبدأ يكمل طهي الطعام المفضل لزوجته تحت نظرات فاتن المنذهله وبعدم تصديق تحدثت..

"كشري؟!".. جحظت عينيها ونظرت له مكمله..
"من امتي وانت بتاكل الكشري، ولا من امتي وانت بتقف في المطبخ اصلاً يا حضرة الظابط؟؟"..

اجابها "غفران" بابتسامة..
"كنتي دايماً تقوليلي ان اللي بيحب بيتشقلب علشان يسعد قلب حبيبه ويعمله كل اللي بيحبه واللي نفسه فيه، وعهد بتحب الكشري مشطشط وانا اتعلمت عمايله مخصوص علشانها"..

"طيب هي فين شوقتني اشوفها يا واد يا غفران"..
هتفت بها فاتت وهي تتلفت حولها تبحث عنها بعينيها..

رسم" غفران"خوف مصطنع علي محياه وهو يقول
" بعد ما كسرت البيت علي دماغي تعبت وغرقت في النوم"..
أنهي جملته وأشار بيده علي الأكياس المملوءه بما حطمته عهد..

شهقت" فاتن"بعنف ومن ثم ضحكت بقوة حين تمعنت النظر بوجه غفران وتفهمت سبب ما فعلته عهد وبصعوبه قالت من بين ضحكاتها..
"مادام غارت عليك اوي كده تبقي بتموت فيك"..

" وانا بعشقها"..
قالها غفران بصدق وعشق ظاهر عليه بوضوح..
"يبقي لازم تخلي بالك منها لان مراتك عرفت ان في واحده في حياتك اسمها عهد واكيد مش هتسمي عليها"..

هتفت بها فاتن بنبره محذره جعلت الغضب يعتلي وجه غفران وبتساؤل تحدث..
" وانتي عرفتي ازاي انها عرفت يا ام غفران؟"..

اجابته بهدوء..
"براقبها زي ما قولتلي يا حبيبي"..
ابتسم" غفران"ابتسامة مصطنعه وهو يقول..
" انا متعمد انها تعرف، واني انطق اسم عهد وانا معاها علشان عهد وجودها في حياتي بقي امر واقع علي الكل واولهم شهد، ولخاطر ولادي بس انا صابر عليها لحد دلوقتي"..

أستطاعت "فاتن" قرائة ما يدور بذهن ابنها، فعادت ملامحها لصرامتها وبأمر قالت..
"عيزاها تتحسر وتبكي بدل الدموع دم كل ما تفتكر انها في يوم من الأيام كانت حرم المقدم غفران المصري"..

تفوهت بها "فاتن" بصرامه شديده، لتعتلي الدهشه ملامح غفران، وتحدثت بقلق قائلاً..
"ماما شهد عملت ايه معاكي بالظبط علشان يزعلك أوي كده؟!"..

"عملت نصايب مهببه علي دماغها وهي متعرفش أنها اول واحده هتدفع تمن اللي عملته"..
هم غفران بالحديث، لتشير له بالصمت، وبتعقل شديد تحدثت..
" اسمعني يا ابني كويس أوي، ونفذ اللي هقولك عليه من غير نقاش يا غفران"..

" أنا عنيا ليكي وهعملك كل اللي انتي عيزاه يا أم غفران بس فهميني أيه اللي حصل؟!"..
صمت لوهله، وبأسف تابع..
" شكلك مصدومه صدمه كبيره ومش سهله ابداً"..

ابتسمت فاتن بثقه قائله..
"شكلك أنت اللي نسيت أمك تبقي مين يا ابن الشهيد عبد الرحمن المصري"..
اقتربت منه ونظرت لعينيه بعمق وبفخر تابعت..
" انا فاتن الدسوقي بنت اللواء محمد الدسوقي اللي اترملت علي ولادها وهي بنت 23سنه"..

ترقرقت عينيها بالعبرات وبصوت متحشرج بالبكاء تابعت..
"اكتفيت بيكم وربتكم احسن تربيه لحد ما بقيتو أحسن واجدع رجاله، فمش حتة بت بنت أمبارح تيجي علي أخر الزمن وتفكر انها ممكن تقدر تأذي حد من ولادي"..

اخذت نفس عميق، وبأمر أكملت..
" عيزاك تعاملها احسن معامله، تحسسها انها ملكة"..
صوتها وصل لسمع "عهد" أفاقها من نومها، دلكت جبهتها بقبضة يدها، وبستغراب تمتمت لنفسها..
" مين اللي بتتكلم مع غفران دي؟!"..

أسرعت بمغادرة الفراش وهمت بالسير لخارج الغرفه لكنها تسمرت مكانها بصدمه حين تابعت فاتن بصرامة..
" أوعى تفكر تقول لمراتك انك اتجوزت عليها نهائي، دي مراتك ام ولادك ميصحش ابداً نزعلها"..
قالتها فاتن بنبرة ساخرة، ليبتسم غفران بعدما تفهم جيداً مقصد والدته وبجديه مصطنعه تابع..

"بتوصيني علي مراتي ام عيالي، انا عايزك تطمني علي الأخر يا غاليه".. غمز لها بعبث وبسخريه اكمل..
" شهد دي طول عمرها شهد حياتي اللي بسطاني ومفرحاني ولازم افرحها وابسطها اخر انبساط"..

حديثه هذا كان بمثابة زيت انسكب علي النيران المتأججه بقلب عهد، جعلت دموعها تهبط من عينيها بغزاره، وبندفاع وتهور امسكت هاتفها وطلبت إحدى الأرقام ووضعت الهاتف علي أذنها تنتظر الرد..

لحظات وأتاها صوت" احمد" يتحدث بنبره هادئه..
"أحلى رنه بتجيلي من أحلى عهوده في الدنيا"..
ببكاء حاد همست عهد..
"احمد ممكن اشوفك؟"..

"ايوه طبعاً ممكن بس انا كل مرة اجبلك فيها الأكل الحرس عندك مبيرضوش يطلعوني"..
قالها احمد بأسف..

لتأخذ "عهد" نفس عميق وبأصرار قالت..
"المرادي انا اللي هجيلك، اقفل دلوقتي واستني مني تليفون هقولك هشوفك فين وامتي"..

اغلقت معه وطلبت رقم اخر، لحظات وأتاها صوت" هاله"الحنون تتحدث بلهفه..
" عهد حبيبتي واحشتيني اوووي"..

" وانتي كمان يا هاله والله واحشتيني اكتر"..
هتفت بها عهد بنحيب شديد، وبرجاء تابعت..
" ينفع تجيلي يا هاله؟"..

"ياحبيبتي طبعاً ينفع انا جيالك اصلاً في الطريق مع علي علشان غفران عايزه وانا قلقت عليكي قولتله هاجي معاك واديكي اهو مفحومه من العياط فيكي ايه يا عهوده؟"..

بفرحة تحدثت عهد رغم شدة بكائها قائله..
"يعني انتي جايه عندي دلوقتي؟"..

اجابتها هاله بفرحة لفرحتها..
" ايوه يا حبيبتي وجيبالك معايا هديه بسيطه يارب تعجبك"..
" هاله اتصرفي وهاتيلي معاكي حجاب ضروري علشان انا قررت اتحجب"..

هتفت بها عهد بنبره راجيه بعدما التمعت برأسها فكرة شريره وعقدت عزمها على تنفيذها وستجبر صديقتها الوحيدة علي مساعدتها..

لتضحك هاله بقوه مردده..
"والله يا عهوده انتي بنت حلال وفرحتيني اوووي انك اخيراً هتتحجبي لأني جيبالك معايا حجاب وفستان محجبات يارب يعجبك"..

انتهى البارت..
استغفرو لعلها ساعة استجابة..















استجابة..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي