أقوى صهر في التاريخ

Ahmad`بقلم

  • أعمال الترجمة

    النوع
  • 2022-12-13ضع على الرف
  • 46.7K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

1

الفصل الأول:

في كثير من الأحيان تتمنى لو تُصبح شيء مختلف تماماً عما أنت عليه الآن، أو لا تحدث معك كارثة ما وتجعلك تَفقد ما تملكه لتُصبح مختلف وغير مألوف لمن حولكَ.

لأن أشياء كهذه ستسبب لك الكثير من الألم وعدم الثقة بالنفس لتتحول من شخص قوي لشخص هش وضعيف وغير متزن، ومع هذا ستحاول جهدك بأن تتحول لشخص يتقبله مجتمعه بأي طريقة كانت، وتحاول إرضاء المجتمع الذي لا ينظر سوى إلى القشور والمظاهر وليس مضمون الشخص مهما كان عليه.

في الحقيقة نحن مُجبرون على إرضاء من حولنا حتى يتقبلونا بما نحن عليه دون النظر بقرف أو ازدراء، كي لا نكون مختلفين بينهم.

ولأنه عالم المظاهر فإن الأشخاص القبيحين وذوي المظهر الغير راقي ولا يملكون المال، حَكم عليهم المجتمع بأنه لا حق لهم في التكاثر أو اختيار شريكة حياته بنفسه أو حتى اختيار صديق جيد يسانده.

فإذا كنتَ قبيحاً دون مال فلن توجد فتاة تقبل بك؛ لأن المال في بعض الأحيان قد يُغطي على النقصان الكبير في شخصيتك أو سلوكك، وهو الدافع لأي فتاة بالقبول بكَ كزوج.

وشين لانغ رجل قبيح، وليس له الحق في الإنجاب حسب معايير المجتمع، على الرغم من أنه لم يولد قبيحاً.

بل كان وسمياً للغاية، أثناء دراسته في الجامعة الطبية في الصين.

ومنذ طفولته خلال المدرسة الابتدائية كانت الفتيات يحببنه سراً و يلاحقنه بكل شغف بسبب جمال وجهه.

ولكن في الجامعة حدث معه أمر شنيع غير حياته من نعمة لكارثة كما كان يسميها.

حيث أنه عندما كان يقوم بتجربة علمية في مختبر الجامعة، انفجرت أنبوبة اختبار زجاجية في وجهه، وهذا سبب في تناثر حمض الكبريتيك منخفض التركيز على ووجهه و نصف صدره، مما أدى إلى حدوث تشوه كبير لوجهه الجميل.

فدُمرَ وجهه الوسيم و تحول من ملاك إلى شيطان، بل يزداد مظهره بشاعة ورعباً عندما ينظر نحو الأسفل بعينه المشوهة.

وصار وجهه أكثر بشاعة حتى من كازيمودو نوتردام.

أصبح وجهه كابوس حقيقي لا يستطيع التخلص منه كلما نظر لنفسه في المرآة، أو كلما نظر إليه أحد بإستغراب وخوف.

لذا أصبح شين أنساناً يخاف بأن ينظر له الناس، حتى أن القليل من الفتيات اللواتي يجرؤن على النظر في وجهه لأكثر من ثانيتين، لقد كان مظهره مروع ومرعب للغاية.

لذلك فَقدَ حقه في الزواج والمواعدة وبأن تحبه أي فتاة أو تتمناه، فمن ستحب إنسان بوجه مشوه.

ورغم فقدان شين لانغ لمظهره الخارجي الجميل؛ إلا إنه لم يستسلم للواقع بسهولة وذلك لأنه قوي الشخصية وشجاع القلب، فقرر بأن يُظهر جمال روحه المعطاءة دون مقابل ودون كلل أو ملل.

فبعد تخرجه من الدراسات العليا، لم يستمر في دراسته الطبية ولم يختار البقاء في المستشفى التابعة للجامعة، بل اختار الذهاب إلى الأماكن الأكثر صعوبة وخطورة للعمل فيها.

فقام بدعم الحدود لمدة عشر سنوات وأنقذ عدداً لا يُحصى من الأشخاص وحاز هناك على ألقاب كثيرة وأوسمة شرف أكثر من أي طبيب آخر، ولكن من المؤسف بأنه رغم كل شيء فعله، لم يَحظى بامرأة تحبه، لذا شَعر  بأن كل أفعاله هذه لن تجدي نفعاً بأن يكون محبوباً أو مرغوباً من قِبل النساء، بل عليه فعل أشياء أخرى لينال إعجابهن، لذا لم يستسلم واستمر بدعمه للجميع دون تأفف أو شكوى.

فقرر أن يهيء نفسه لأفعال الخير الأكثر نبلاً، علَّ الناس تنسى وجهه القبيح وتنظر لجانبه الآخر حيث الإنسانية اللامتناهية سَتطغى على كل شيء، حينها أخذ قراره في الذهاب إلى إفريقيا، المكان الأكثر صعوبة وخطورة، البلد التي دمرتها الحروب.

عندما وصل إلى إفريقيا أصبح يقيم في مستشفى مصنوعة من الخيام ولا يتواجد فيها حتى غرفة عمليات خاصة أو مُعدات متطورة، بل كان ينقذ الناس من خلال خبراته المتطورة في الطب، وبقي في إفريقيا، تحديداً في البلد الذي دمرته الحرب لمدة عشر سنوات.

وقد حصل هناك على الكثير من التكريمات من قِبل الأمم المتحدة بسبب عمله النبيل في مساعدة الضعفاء والمرضى.

  فقد كان يعالج وينقذ الناس ويقوم بعمليات جراحية لهم كل يوم دون توقف أو استراحة ولو ليوم أو يومان.


أصبح شخص مشهور جداً داخل البلاد وخارجها، بل وأصبح شخصية عامة معروفة بالنضال والتضحية والعطاء المستمر دون توقف في جميع الأرجاء.

ولكن ظهرت صوره القبيحة في العديد من الصحف والمجلات، والعديد من النساء يُعجبن بنضاله وتضحيته المستمرة، إلا أنه لا توجد حتى الآن إمرأة أحبته.

وها قد أصبح في الأربعينيات من عمره، ضاع عمره وهو يحاول إرضاء الجميع ولكن على ما يبدو إن جميع إنجازاته لنيل الرضا لم تجدي نفعاً.

يذكر أنه عندما توفيَّ والديه أصبح وحيداً يائساً، ويتمنى الحصول على عائلة جميلة آخرى تضمه لها.

ولكن مظهره المزري والمشوه لم يسمح له بالزواج وتكوين عائلة خاصة به، وهكذا بقي يعيش وحيداً، ويعمل لأكثر من عشر ساعات في اليوم الواحد، حتي لا يشعر بالفراغ والوحدة في حياته ولكن هذا تسبب في إرهاق جسده وروحه.

هذا اليوم استمر شين لانغ في العمل لمدة 27 ساعة متواصلة، تماماً مثل الرجل الآلي.

كان قد مر عشرون عام منذ أن حصلت معه حادثة التشوه تلك وبدأ العمل، وها هو لايزال مستمر بهذا العمل بكل مهارة وإتقان.

وفي كل يوم يقوم بإنقاذ الجرحى والمحتضرين، ويخصص كل وقته لهم دون راحة وكأنه رجل حديدي صلب.

العمليات الجراحية التي أجراها خلال العشرين عاماً الماضية قد أنقذت عدداً لا يُحصى من الأرواح.

ومع ذلك، تبين له بعد مرور كل هذه السنوات أن الشخص النبيل ذو الأخلاق الرفيعة لا تفضله النساء، فهذه الأشياء لا تحدث في مدينة " نوتر دام دي باريس".

إن النساء يفضلن الرجل الجميل، أو على الأقل ليس المشوه.

بالرغم من أنه كان متعباً بشكل كبير، إلا أنه قد أجرى عملية في غاية الدقة لساق مكسورة دون تثاقل أو تكاسل.

ولكن في يوم من الأيام وهو يقوم بعمله كالعادة، أُنطلق فجأة صوت صراخ مرتفع ....

وكان هناك صوت صفير قادم من بعيد، ومن شدة قوة الصوت كان يبدو وكأنه قريب للغاية.

كان الصوت مصحوباً بصوت صفير عالي يصم الأذان وينطلق في جميع الأرجاء.

كان شين يعرف أن هذا الصوت هو صوت قنبلة، وقد تناثرت في سماء المنطقة وأحدثت عدة أضرار جسيمة، ولكنه لم يكن خائفاً أو حتى يفكر في الهرب من المكان بل كان قلبه مرتاحاً ومسترخياً، فليس هناك شيء يخسره، ولا يهتم حتى لو خسر نفسه، فالحياة باتت مؤلمة وصعبة بالنسبة له.

كان كئيبا ويائسا للغاية.

كما أنه تعب من هذه الحياة وكونه وحيداً فيها، دون وجود أمل في تكوين عائلة تحتويه أو زوجة تحبه وترعاه أو أولاد يتحمل مسؤوليتهم ويَشعر بالحب والعطف تجاههم.

أنه أمر متعب نفسياً بالنسبة له، خصوصاً عندما علم بأن هناك إمرأة قد ماتت بسبب الإنفجار الذي حدث بينما هو أخذته غفوة صغيرة بسبب تعبه.

تحدث لانغ مع نفسه وهو ينظر إلى المرأة المتوفاة قائلاً:

"إذا كنت أستطيع إعادة حياتي من البداية أو العودة للماضي، أُعد نفسي بأن أعيش حياة الراحة والإسترخاء وأرتدي الملابس الفاخرة، وأتناول وجبات الطعام اللذيذة، ولن أعمل باجتهاد كما فعلت سابقاً أبدًا، فعلى ما يبدو إن هذا لا يتم تقديره طالما أن مظهرك غير أنيق، فلم أسبب لنفسي سوى المتاعب والكثير من الألم."

ثم أضاف: 

"وإذا كان الله سيمنحني وجهاً جميلاً يوماً ما، فسأرتبط بأجمل إمرأة."

وبذلك قد أدى شينغ لانغ قسماً عظيماً في قلبه، يتمنى لو أنه قد يتحقق وينتهي كل ما حدث  في السابق معه بسرعة، ولكن الأمنيات لا تحقق دون حدوث معجزة من الله لتغيير منحى حياتك.

فجأة دوى صوت مفزع أكثر من سابقه.

صوت انفجار قنبلة.

"بووووم"

لقد سقطت قنبلة موقوتة في المستشفى وانفجرت بجوار شين وأدت لفوضى عارمة وحطام ضخم قد تسبب بحدوث المعجزة حقاً لتغيير منحى حياة شين.

وفي لحظة واحدة كان جسده محطماً وعضامه مكسوره، وقد تفجر جهاز الأشعة السينية والحاسب المحمول أيضاً.

ثم ظهرت في المكان دوامة كبيرة من الضوء والظلام  في الهواء وكأنها بوابة، فتبعثرت كل الأشياء من حوله.

.....

"ما هذا المكان؟ هل حقاً لم أمت في الانفجار؟"


كان يحادث نفسه بإستغراب في وسط الفوضى والضجة العارمة، ثم أغلق عينيه بإستسلام.

عندما فتح شين عينيه مرة أخرى وجد نفسه في مكان آخر مختلف تماماً عما هو فيه.

لقد كان مستلقياً على سرير محفور بزخارف جميلة وكل شيء حوله كان رائع ومثالياً.

كانت هناك طاولات مصنوعة من الخشب الفاخر ذات الثمن الباهظ وذلك لمتانتها والقدرة على نقش الزخارف المتنوعة عليها بإتقان، ويوجد أيضاً شمعدانات فضية رائعة وسجاد مصنوع من الصوف الناعم، وكل هذه الأشياء تدل على أنه بمنزل شخص ثري، وثري جداً.

والغريب في الأمر، أن كل شيء في هذه الغرفة قديم وليس ذو طراز حديث، وكأنه في عالم من زمن قديم وليس عالمه الذي حدث فيه الانفجار.

ثم نظر إلى ملابسه المصنوعة من الحرير الراقي، غير أنها لم تكن تنتمي لموديل الألبسة في الوقت الحالي، لقد كانت تشبه الأزياء في مسلسلات التلفاز.

وكان هناك مرآة كبيرة على طرف السرير ولكن الرؤية فيها كانت غير واضحة تماماً، كان من المفترض أن تكون مرآة برونزية ذات طراز عريق يليق بهذا العصر. 

حاول شين لانغ النهوض والتحلي بالشجاعة للنظر لنفسه في المرآة، ليرى وجهه في المرآة وما حدث له بعد انفجار القنبلة.

لا يمكن أن نلومه على قلقه وعدم ثقته بنفسه، فهو منذ أن أصبح مشوهاً كان يَشعر بالخوف في كل مرة ينظر بها لوجهه بالمرآة، كان ذلك حقاً بالنسبة له كابوساً لا يفارقه.

صُدمَ شين عندما نظر لوجهه في المرآة للمرة الأولى، ثم بدأ يتلمس تفاصيل وجهه بأطراف أصابعه المرتعشة خشية أن يكون هذا حلم، ولكنه ما لبث أن انفجر بالبكاء فقد كان حقيقة وليس حلماً.

رغم أن وجهه كان شاحب جداً، إلا أنه كان جميل جمال لا مثيل له، جميل لدرجة تحبس الأنفاس بها.

تأكد شين حينها من شيء واحد في لحظتها، بأن روحه قد عبرت عبر بوابة زمنية إلى هذا العالم الغريب ودخلت بهذا الرجل الغير معروف بالنسبة له.

ألم فقدان ملامح وجهه بالتشوه عانى منه منذ مدة طويلة، وعلى ما يبدو بأن ما تمناه قد تحقق بالفعل.

نظر شين مرة أخرى بتمعن إلى وجهه في المرآة؛ في الواقع لقد أعطاه الله فرصة جديدة لإستعادة وجهه الجميل، بالرغم من أنه في عالم غريب مختلف عما يعرفه تماماً.

على أي حال، هذا شيء عظيم، فهو بعد أن فقد والديه لم يعد لديه أي شيء يربطه بالعالم الذي كان فيه ولا يوجد هناك شيء قد يفتقده.

أنه بالفعل شعور رائع أن تكون قادراً على الحصول على فرصة ثانية، وبأن تتحق أمنياتك فجأة، فعلى مايبدو أن شين رجل صالح ويستحق هذه الفرصة.

وبمجرد عبوره الزمن إلى هذا العالم، فقد تحققت نصف امنياته واستعاد وجهه الجميل والوسيم.

على الرغم من أن جسده الحالي ضعيف ومريض بعض الشيء، إلا أنه مصمم على تحقيق الجزء الآخر من أمنيته وهي بأن يصبح ثرياً ويستطيع أن يجني الكثير من المال لكسب لقمة عيشه بكرامة دون اللجوء لأحد، وأن يجد المرأة التي تقبل بأن تأتي وتعيش معه في ثروته ويستمتعا بها سوياً.

فجأة شعر ببعض الصداع، فقد راودته أفكار معقدة في ذهنه وهي ذكريات شخصيته التي دخل فيها.

هذا العالم معروف بالنسبة له وغير معروف في نفس الوقت، وهذا بسبب الذاكرتين التي أصبح يملكهما، ذاكرته وذاكرة الشخص الآخر.

بدأ شين لانغ يحادث نفسه وهو يقارن عالمه عن هذا العالم، قائلاً:

'إنها تُشبه نوعاً ما الصين القديمة، أعتقد أنها ثقافة مماثلة ربما، أنهم يستخدمون نفس الكلمات ونفس الأشخاص.'

'إن المباني والمدن والحدائق هنا مختلفة؛ لذا يبدو أنها ليست الأرض التي أعرفها، أنه حقاً أمرٌ غريب!!'

'على ما يبدو أن هذا المكان هو أصل الحضارة الصينية في هذا العالم؛ فقد قرأت سابقاً أربعة أو خمس كتب تتحدث عن الحكماء الصينيين القدماء، لذا فلدي خلفية عن هذا العصر'

'ولكن هل توجد سلالة صينية هنا؟؟ أو ربما هو عصر عائلة تشين أو عائلة هان أو عائلة جين، إلخ....'
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي