21

الفصل الواحد والعشرين:

(إشتعال مدينة شوانوو وخوف تيان الثالث عشر)

بأمر من إيرل، أرسلت محكمة القصر التي تشرف على الشؤون المدنية للعديد من الخدم في القصر لدعوة الشخصيات البارزة من مدينة شوانوو للمشاركة في حفل زفاف كيم مولان هذه الليلة.

سرعان ما انتشر خبر زواج ابنة إيرل وأصبح حديث المدينة كلها، وكان الخبر مؤلم وصادم على حد سواء بالنسبة للعديد من الشبان الذين كانوا مغرمون بها للغاية، لذا تحطمت آمالهم وانفطرت قلوبهم بعد سماعهم خبر زواجها.

لقد كانت أسطورة شوانوو وأميرتها، كما أنها ذات جمال ساحر و لديها مهاراتها بفنون الدفاع عن النفس التي تجعل منها أقوى إمرأة، لذا كان الكثير على استعداد للموت من أجلها، غير أنها محبوبة للغاية من قبل الجميع.

أنها الأسطورة الوحيدة الحقيقية، وهي أول أسطورة لمدينة نوجيانغ التي يحبها عدد لا يحصى من الناس.

وعلى الرغم من أن شو وي جميلة وغنية إلّا أنها فقدت بريقها منذ زمن، ولم يعد يهتم أحد بجمالها أو نفوذها، وهذا بسبب وجود أسطورة مثل كيم

هذا غير أن ظهور كيم أمام الناس قليل، ولكنها حينما ظهرت جعلت المدينة كلها تهتز باسمها ومتفاجئة بقرار زواجها.

بالطبع كان هناك العديد من الشباب الذين يلاحقون شو وي، ولكنهم لم يجرؤوا على ملاحقة كيم؛ لأنهم لن يصلوا إليها، وشعروا بأنهم لايستحقونها.

فأميرة مثلها لا يسعها بأن تتزوج إلّا من منزل ماركيز أو أعلى.

أنها امرأة عظيمة، ذات المئة عام ومن الطبقة الأرستقراطية النبيلة، أي نوع من السيدات هي؟ كما أنها شخصية اجتماعية وتحب جميع الناس كما تفعل عائلتها.



كان شباب مدينة شوانوو يتمنونها بشكل ميؤوس منه، لأنهم لا يستحقونها، ولكنهم حملوا حبهم في أعماق قلوبهم ورأوه في أحلامهم، وقد كانت هي الفكرة الأولى في كل صباح التي تبقى في بالهم حتى ينتهي يومهم.

لذا بشكل غير متوقع، صدمتهم بقرار زواجها، يا لها من أخبار سيئة.



مثل هذه الأسطورة من النساء، هي شخص صعبة المنال، كما أنها حتماً ستصل لمستويات أعلى مع الأيام، تاركة خلفها شباب كالنمل يحن على أطلالها، لذا من الأفضل لهم بألا تتزوج أبداً حتى يستطيعوا الاحتفاظ بأحلامهم المشتعلة بتخيلهم نيلها دائماً.



في هذا اليوم الذي أعلن فيه زواجها، قد شرب عدد لا يحصى من الشباب المهووسين بها، علهم يتمكنوا من تناسي ماسمعو، فقد كانت تسكن عقولهم وقلوبهم دوماً ، ولكن فكرة زواجها جعلتهم يغرقوا بحزن واكتئاب شديد، لذا أستمروا بالشرب لحين أنهم لم يعودوا يشعروا بشيء.

"من هذا الرجل الذي تريد أن تتزوجه أميرتي، سأقتله، بالتأكيد سأقتله" قال أحدهم

"أسطورتي كيف يمكنك أن تفعلي هذا بنا؟ كيف تتزوجين؟ لقد خنتنا" قال الآخر

على الجانب الآخر قام أحدهم بشتم الشخصيات البارزة بشكل غريب.

ثم سألوا أنفسهم، من يكون ذاك الرجل الذي ستتزوجه كيم يا ترى؟ فلم يُذكر اسمه في الدعوة، لذا أدى خبر زواجها المفاجئ إلى زيادة فضولهم


والأكثر غرابة هو أن حفل الزفاف سيعقد هذه الليلة، أنه قرار سريع ومفاجئ.


لأنه في العادة، يجب أن يكون هذا النوع من الزفاف الذي تقيمه عائلة نبيلة، كبيراً وضخماً، وبأن يتم الاعتناء به بدقة خلال أيام وأسابيع وأحياناً لأشهر، هذا غير الوقت الذي يحتاجه العائلتين للتعارف والموافقة على الزواج، ثم تهدي العائلتين بعضهما البعض لإظهار علامات الإخلاص والود، ويقيمون مآدب كبيرة ليظهروا للعالم التزامهم، ويُعلمون بهذا القرار جميع الأقارب والأصدقاء والأشخاص من الطبقات النبيلة الأمر قبل شهر من موعد الزفاف.

بعد ذلك سيحاول الطرفان الحصول على بركات وموافقة الملك.


في الظروف العادية، لن يعطي الملك موافقته فحسب وأنما يرسل بعض الهدايا لكلا الطرفين

بعد أخذ بركات الملك ستبحث العائلتان عن مكان ليحتسب مستقبلهما وتتحد العائلتين، وأخيراً سيتم تحديد موعد الزفاف.

مرات عديدة قد يستغرق لأجل تحضير حفل زفاف كبير، ما لا يقل عن عام ونصف.

لذا يجب ألّا يكون هناك سبب لإعلان الزواج في نفس يوم إرسال الدعوة، فلا يجب أن يكون مُهمل.


في هذه الأثناء، قم تم قلب قصر إيرل رأساً على عقب، واستعد الخدم عل عجل لحفل الزفاف الكبير الذي سيقام الليلة.

وقد تم ملأ قاعة الطعام بعد لا يحصى من أنواع المأكولات، كاللحوم والفواكه والنبيذ، وكل الموائد مليئة بالعصائر، وقاموا بتزيين القصر بأكمله بالأضواء، وقد تمت مكافأة الخدم لتسريع حركة تجهيزاتهم، وحتى الخيول وكلاب الصيد، قد تم إعطاؤها وجبات إضافية.


كان الإسراع في تحضير حفل زفاف كبير، هو لأجل إظهار بأن الزواج شرعي بين كيم وشين أمام عائلة تشو، وليس مزيفاً.

على الرغم من أن بطل الحفل هو شين، الذي جعلهم يتخلصون من مصائب كبيرة كانت قد تقع فوق رؤوسهم وتدمر مستقبلهم، إلّا أنه يجلس في غرفة الضيوف يأكل وينام بكل راحة، كما لو أن ليس له علاقة بالحفل.



ونظراً لعدم ذكر اسم العريس في دعوة الزفاف، شعر تيان هنغ أن حفل الزفاف هذا لا يعني له شيئاً.



على الرغم من أنه زعيم العصابة ذات الرداء الاسود، إلا أنه لم يصل لمستوى قد يكون مدعو إلى قصر إيرل في مدينة شوانوو، لذا لم يكن يأمل حضور حفل الزفاف.




بالطبع وبصفته قائد للجيش، سيرسل هدية تهنئة للعروسين، رغم أن قصر إيرل لن يقبلها، ولكن هذا لا يهمه في جميع الأحوال.


لا يهتم تيان بشؤون عائلة جين، لأن الأشخاص الذين يدعمونه ليسوا من جيش إيرل شوانوو.



في الواقع، هو ممتن لشين لانغ على ابتكاره للصبغات الجديدة والتي ستجني له بأموال أكثر من ألف قطعة ذهبية، على عكس عائلة شو التي طلبت منه قتل شين وعائلته، مقابل منحه مئة قطعة ذهبية فقط.




ولم تقدم عائلة شو عملات ذهبية له فحسب، بل أيضاً كانت هناك مكافأة من لين مو، تقدر بخمسمائة قطعة ذهبية مقابل قتل شين وأخذ صيغة الصبغ منه.

ونظراً لتعاون عائلة لين مع عائلة شو، فإن اختبار ووجو الذين سيقوم به ابن لين مو، سيكون له فوائد كبيرة لمستقبله، وهذا كل ما تمناه لين حقاً، بأن يكون لابنه الصالح مستقبل مشرق.

لذلك عائلة لين ممتنة للغاية لتيان هنغ.

أما تيان فقد كان يشعر بالامتنان لشين؛ لأنه السبب في حصوله على الكثير من الفوائد؛ بسبب الصبغة الصفراء الذهبية.




وقد كانوا هؤلاء الثلاثة يحيكون المكائد لشين، ليأخذوا ما حصدته يداه من ابتكارات مثمرة، لذا اتفقوا على الإيقاع به، وقتله بأسرع وقت ممكن.

ولكنهم تركوا الأعمال القذرة لتيان هنغ ليقوم بها.


بعد إرسال تان الثالث عشر من أجل قتل عائلة شين، رفض الأمر في البداية، لأنهم لا يستحقون القتل في نظره، فهم من عوام الناس البريئة والبسيطة والتي لا حيلة لها.




ولكن كان متحتم عليه الإخلاص لتيان هنغ، و للتعبير عن اجتهاده في التعامل مع الأمر وإنهاءه كما طُلب منه، أحضر تيان الثالث عشر أكثر من عشرة مقاتلون من عصابة الرداء الأسود ومن بينهم تيان شيه، ثم اتجهوا إلى قرية مابل ليف وحاصروا المنزل المهترئ لعائلة شين.


نظر تيان الثالث عشر إلى البيت المهترئ والمحطم عن بعد، ثم تنهد، وقال:"إن الضعف هو الخطأ الوحيد الحقيقي، الذي سيدفع بكَ للهاوية"




ثم لوح بيده برفق، وتحدث بصوتاً خافتاً، ثم أعطى أوامر صارمة بأمر من القانون، سيتم القبض على عائلة شين على الفور؛ لأنهم يختبئون وراء حقولهم كي لا يدفعوا الضرائب المترتبة عليهم.

سخر تيان الثالث عشر ثم قال:"هل سيضنون أنفسهم عظماء بفعلهم هذا؟ اقبظوا عليهم الآن، وإن تمردوا و لم يقبلوا الذهاب معنا للاعتقال، اقطعوا رؤوسهم على الفور."



وبأمر من تيان الثالث عشر، ارتدى مقاتلو العصابات السوداء ملابس الجيش المدني؛ كي يظهروا بأنهم من جهة رسمية، ثم سحبوا السكاكين، واندفعوا إلى منزل شين لانغ.



على الرغم من أنهم رجال عصابة، إلا أنهم متميزين في إتقان عملهم باحترافية تامة دون أن يلحظ أحدهم شيء، فلم يندفعوا مباشرة للمنزل لقتلهم، وأنما ذهبوا كي يعتقلوهم بشكل رسمي وقانوني.

لم يستسلم شين لهم ولم يكن ينوي تسليمهم الصبغ الأرجوانية أو صبغة قوس قزح، فقد كانت الصبغ وسيلة لإلهائهم بعض الوقت لا أكثر؛ كي يصل لمبتغاه وهو قصر إيرل.

وحتى لو استسلم شين وكان على استعداد في تسليمها فلن تفلت عائلته من هذه المحنة المفجعة وسيموتون موتاً سريعاً دون أن يعرف أحد بأمرهم.



كان لدى رئيس العصابة هوية رسمية، لذا كان المحاربين الذين تحت يده ينتمون للجيش الشعبي لمدينة شوانوو، لذا تم اعتقال عائلة شين بوثائق رسمية أي ضمن القانون؛ لذا كانت بحوزته وثيقة اعتقال يحملها تيان بيده.

"مرحبًا يا ..."قال أحدهم وهو يضرب الباب

طار الباب الهش لمنزل عائلة شين بسرعة للخارج.

وبعد أن اندفع تيان الثالث عشر إلى الداخل، صُدم من ردة فعلهم، فهم لم يكونوا خائفين، ولم يصرخوا ولم يدافعوا حتى عن أنفسهم.



كان والد شين لانغ مستلقيًا على سريره، يسعل دماً ويمسك بسكينة في يده.


أما والدة شين فقد كانت واقفة أمام السرير ممسكة بسكين مطبخ في يدها، والأخ الأصغر لشين كان يجلس بصعوبة ولم يمسك سوى بعصا.


ولكن الغريب بالأمر بأن لا أحد فيهم قد توسل، بل كانوا يحدقون ببرود بهؤلاء الغرباء الذين لم يعرفوا هويتهم بعد، ومع هذا فهم لم يظهروا أي خوف أو ضعف بل بدو أقوياء.


فهم لا يخافون على أنفسهم، ما زال ابنهم المدلل غير موجود، وهو بحماية إيرل الآن.

ابتسم تيان الثالث عشر بهدوء حينما رأى ردت فعلهم، واقترب من الأب، قائلاً:"ماذا تفعل أنت؟"


بينما كان يتحدث اقترب من الأب أكثر، وأخرج سيفاً حديدياً، وظلت الابتسامة الهادئة مرسومة على وجهه، فقد كان يبدو كما لو أنه يريد أن يخرجهم من محنتهم هذه، ولكن لم يكن الأمر هكذا.


لم يكن شين في المنزل، ولكن تيان لم يهتم لذلك لطالما أمسك بعائلته، حتماً سيظهر، فهو لن يتحمل رؤية عائلته تقع بين أيديهم أو تُقتل.

تنهد والد شين، ثم قال: "نحن جميعًا عديمي الفائدة، لما نحن مهمون بالنسبة لك؟"

تيان الثالث عشر: "هل تريد أن ترفع السكين في وجهي وترفض الاعتقال؟ أليس هذا شبيه بالتمرد؟ أنا محرج، لا يمكنني فعل ذلك."


ثم رفع سيفه الحديدي لضرب والد شين على يده التي يرفع بها السكين لقطعها، ثم لوح للمقاتلين بالتقدم.


لذا اندفع المقاتلين أيضًا نحو والدة شين وشقيقه.

في هذه اللحظة، شعر تيان الثالث عشر بأن قشعريرة قد تدفق إلى جسده، وبأن شعر ظهره قد انتصب فجأة، لذا تراجع للوراء، ثم استدار ووجد شخص يقف خارج الباب،
وبدا كما لو أنه شخص عادي في منتصف عمره، ولا يحمل أي سلاح في يده، ولكن تنفسه الهادئ والثابت شعر به تيان

لقد كان الرجل في منتصف العمر سيداً عسكرياً..

صرخ تيان الثالث عشر.:"بأمر من مسؤول المدنيين في مدينة شوانوو، أمرني على اعتقال هؤلاء المتهربين من الضرائب، الذين يختبئون وراء حقولهم، فبمجرد انتهاءنا مما أُمرنا به سنغادر على الفور."




كان جين تشونغ يقف خارج المنزل المتهالك منذ مدة طويلة بعد أن تم إرساله من قصر إيرل إلى هذا المكان، وينتظر قدوم تيان الثالث عشر إلى منزل عائلة شين، وحينما رآه، ظهر أمامه.


بعد سماع كلمات تيان الثالث عشر، قال جين تشونغ: "حسناً، لا ينبغي لنا إزعاج عمل حكومة المدينة، ولكن سيدي أمرني بدعوة وإحضار عائلة شين لحضور حفل الزفاف، وإن لم يأتوا، فإن واجبي سيبوء بالفشل"

ثم نظر إلى العصابة بعيون هادئة:"هل يمكنك التغاضي عن هذا الأمر؟ فأنا لا أستطيع مواجهة إيرل بعدم تلبية طلبه سيدي"




سكن قلب تيان الثالث عشر البرود، فقد كان الطرف الآخر مهذباً ولبقاً بكلامه كما لو أن العالم لا يهمه، فقد أتى على حسب ما تم توجيهه إليه، لينفذه.



لقد شهد تيان العديد من الرجال والنساء الأقوياء، وكلما زادت مواهبهم الواعدة والخلفية العالية التي يحملونها، زاد شعورهم بالثقة والهدوء، على عكس أولئك الذين لا يملكون القوة لمنع أنفسهم من التغاضي والثبات؛ لذا يتحدثون بحماقة وبصوت عالي ويخدعون أنفسهم بأنهم أقوياء.

تحدث تيان الثالث عشر باحترام: "هل من الممكن بأن تخبرنا بأسمك؟"


إذا كان لدى الطرف الآخر خلفية، فلن يتحمل بأن يسيء أحد إليه، لذا من الأفضل بأن يحافظ على أسلوب ودي ويبتعد عن أي كلام حاد للحفاظ على سلامته، أما لو تبين أن أخلاقه مزيفة فسيكون رده وحشياً وقاسياً، كما أنه يدعي بأنه يعمل تحت يد الحكومة.

"جين تشونغ" رد الرجل في منتصف العمر ببرود.

وبمجرد سماعه باسمه تغير لون وجهه فقد سمع باسمه من قبل.


بالطبع، جين تشونغ هو ليس شخصية مهمة، وليس مسؤولاً في قصر إيرل شوانوو، ولكن على حسب علم تيان بأن شخصيته لا يمكن استفزازها أبداً، لأنه المقرب من إيرل.


لذا كان الأمر المخيف بالنسبة لتيان، بأن ما وراء السيد جين تشونغ هو إيرل شوانوو


أصبح تنفس تيان ضيق، وتبللت ملابس بالعرق الذي بدأ يسيل على ظهره، ثم حاول قرص جسده لتهدئة نفسه

ثم سأل: هل دعا سيدك والدا شين لحضور حفل الزفاف؟

"نعم" قال جين تشونغ بلامبالاة


حينها تذكر تيان اختفاء شين صاحب الوجه الجميل منذ الصباح الباكر، على ما يبدو أنه ذهب إلى قصر إيرل ووطد العلاقة معه، هذا فظيع بالفعل، فهو لم يكن يتوقع حدوث شيء كهذا، بل من المستحيل.

لقد كان تيان الثالث عشر قاتل، ويقتل الناس بدمٍ بارد بشكل دائم، ولكنه لم يشعر قط بأن هناك خطر وشيك قد يحدث معه مثل هذا، فهو ليس متأكد من العلاقة بين شين وإيرل، ولكنه يتوقع بأنها أصبحت قوية.

ثم تحدث مع نفسه:"أتمنى بأن أكون بعيد عن هذا الأمر ولا يقول شين اسمي، وألا سأواجه مشاكل كثيرة"
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي