6

الفصل 6:

(لم يكن شيئاً معتاداً)

كان فم شين لانغ مربوط بقطعة قماش بإحكام، لذا لم يستطع التحدث بوضوح أو أن يتم فهم أي شيء مما يقوله وهو يصرخ محاولاً طلب الرحمة وبأن يدعوه وشأنه، ولكن من سيهتم لشخص متعارف بالغباء في عصره لذا لم يهتم الأشخاص الذين يحاوطونه لأمره.


فكر شين لانغ بعمق بالأمر لإيجاد حل ينقذ، وما لبث إلا أن بدأ يُمعن النظر بقائدهم، علَّه يستجيب لصرخاته ويسمح له بالتحدث، حتماً كانت هناك خطة تدور برأس شين للخلاص.

لقد كان القائد رجل يبلغ من العمر حوالي ثلاثين عاماً، ويمتلك وجه خالي من المشاعر يحمل ندبتين وعينين مليئة بالحقد والكره، وكان يرتدي درع أملس، حيث كان يتميز المحاربين بها في ذلك الزمن.

اسمه تيان هينغ، وهو الرئيس المشهور بين جميع العصابات في أغلب البقاع، لذا الجميع يعرفه ويهابه ومنهم من يتحاشون الاقتراب منه لجلفه وتسلطه وحبه الكبير للمال.

حيث أن هناك المئات من الأشخاص البائسين الذين يعملون تحت رحمته وينفذون أوامره، كما أنه يدير شؤون القمار والمراهنات لكسب المال دون تعب، بل ويجبرهم على حلف اليمين للولاء له ومن لا يعمل لصالحه حتماً سيكون مصيره الموت، إضافة للشتائم البذيئة والقتل الوحشي الذي كان يرتكبه هو ورجاله لدرجة أنه لا يعرف حتى عدد القتلى الذين قتلهم.

كما أن لديه هوية آخرى معروفة، فهو قائد جيش مدينة شوانوو.

أومأ تيان هينغ برأسه لرجاله

ثم ما لبث هؤلاء الرجال المتجمعة حول شين لانغ إلا أن دفعوه ورموا التراب فوقه لدفنه.

لقد كان شين لانغ هادئاً لدرجة أثارت الذهول، حيث أنه في العادة؛ تُظهر الناس العادية في مواقف كهذه الخوف والبكاء أو الاستنجاد بطريقة ما، وسيشعرون بالاختناق حتماً.

إلا أن شين لانغ لم يفعل ذلك بتاتاً، بل نظر في البداية لوجه تيان هنغ، ثم نظر إلى جسده كله، كانت عيناه غريبة وهو يمعن النظر في جسد تيان للأعلى وللأسفل.

حيث أنه كان في هذه اللحظات ينظر إليه بمنظور الأشعة السينية، وكانت نظراته غريبة تقشعر منها الأبدان من رهبتها.

وبسبب ما حصل أثار شين لانغ الفضول في نفس تيان أخيراً، وقام برفع يده وأمرهم بالتوقف، لذا فجأة توقف رجاله الأربعة عن رمي التراب فوق شين.

تقدم تيان باتجاه شين ومزق شريط القماش المربوط على فمه، ثم سأله متعجباً:

" ما الذي تنظر إليه؟"

تحدث شين لانغ بثقة: "لديك إبرة في جسدك، إذا لم تقم بإخراجها، فسيكون هناك خطر على حياتك."

لم يكذب شين بخصوص هذا الأمر، فقد كانت هناك بالفعل إبرة في جسده وبالتحديد في رئتيه، لقد كانت إبرة فضية دقيقة جداً، فلولا استطاعته الرؤية بمنظور الأشعة السينية لما كان ليراها أبداً.

صُدم تيان بعد أن سمع كلمات شين لانغ هذه.

ثم تابع شين لانغ حديثه قائلاً:
" هذه الإبرة موجودة الآن في أوردة رئتيك، حيث أنها ستتدفق مع الدم وقد تصل إلى دماغك وتسبب لكَ الموت إن لم تُخرجها.

صُدم تيان أكثر ولم يستطع على إظهار إي تعبير، ثم قال:

"كيف تعرف؟"

لقد كان هذا الأمر سراً يخفيه تيان عن الجميع، فحتى زوجته لا تعرف بالأمر، أنه من الغريب جدًا أستطاعة هذا الوجه الوسيم ذو العقل الفارغ رؤية شيء كهذا.

"هذا شيء سيء للغاية" قال تيان

شين لانغ: "يمكنني مساعدتك لتتخلص منها."

نظر تيان هنغ إلى الوسيم لفترة طويلة وقال:

"قال الجميع لي بإنك أحمق، ولكنني لا أجدكَ مثل مايقولون وخاصةً بعد معرفتك بأمر الإبرة."

قال شين:
"يجب إخراج هذه الإبرة الدقيقة، وإلا ستموت حتماً، يمكنني مساعدتك فقط إن أردت."

ثم تابع يقول:

" ولكن هناك شرط وهو بأن أنقذ حياتك مقابل أن تتركني أذهب، ألا تجد هذا عادلاً؟"

تيان هينغ: "ألا تريد أن تعرف من سمح لي بقتلك؟"

هز شين لانغ رأسه وقال: "لست مضطرًا لأن أسأل وأعرف من هو، فهذا لا يهم".

ثم همس بداخله قائلاً: أنا أعلم حقاً من كان وراء هذا الأمر، سأنتقم منهم جميعاً.

نظر تيان هينغ إلى عينيه قائلاً: " أنت لست غبيٌّ أبداً"

ثم هز رأسه وقال: "لكنني متأسف، لا يمكنني أن أعدك بأن أتتركك وشأنك."

صَغُرت عيني شين لانغ، وشَعر بالإحباط، فقد كان متأكد بأن هذه الصفقة رابحة بينهما، فلم يكن هناك سبب مقنع لعدم تركه يذهب إن كان سينقذ حياته، فحتى لو قام أحداً بإعطائه المال مقابل قتله، فعلى الرغم أن المال مهم بالطبع إلا أن حياته لابد أن تكون الأهم بالنسبة لتيان.

ولكن هناك سبب واحد لهذا الأمر.

حيث لم يستطع تيان هنغ إخراج الإبرة الفضية من جسده، لأن الشخص الذي زرع الإبرة الفضية في جسده كان لا يُقهر.

هناك قصة عميقة تتعلق بذلك.

لايمكن لشين لانغ بعقد صفقة معه، فتيان مستبد ولن يقبل بأن يقوم شخص ذو عقل فارغ بالقيام بعملية جراحية له فهو لايثق به، على الرغم بأنه منزعج لعدم استطاعة إزالة الإبرة من جسده، إلا أنه لايجد شين بارع بالأمور الطبية."

تيان هينغ: "أخوك مُدين لنا بمبلغ من المال."

هل أخ شين الغبي مُدين بالمال؟! قال أحدهم

"قبل ثلاثة أشهر قد أصيب والدك وتدهورت حالته ومن أجل أن يتم إنقاذه، قد أقترض أخوك من متجري عشر عملات ذهبية وطلب من الطبيب معالجته، ولكن الآن أصبح هذا المال مُربح ويساوي مئة قطعة ذهبية."

إن هذا لم يكن مجرد قرض قرش واحد، بل كان أكثر بكثير، ففي ثلاثة أشهر يصل مجموع رأس المال والفائدة إلى عشرة أضعاف.

لكن شين لانغ لم يعطي أهمية للمال بقدر اهتمامه بأن والده مصاب! وعليه الوصول إليه لمعالجته.

فقبل ثلاثة أشهر اعتاد والديه على الذهاب إلى منزل شو لمحاولة أخذ شين لانغ إلى المنزل، ولكن عائلة شو جيا قاموا بضرب عائلة شين ضرباً مُبرحاً وتسببوا لهم بالأذى، من المؤسف بأن شين لانغ في ذلك الوقت كان غبياً للغاية ولم يكن يعرف أو يفهم ما يحصل.

لم يستطع شين لانغ القديم، الغبي من طلب الدواء لهم، لقد كان يحب شو وي ويركض وراء إمرأة، لذا تجاهل والديه، فمثل شخص قذر كهذا لايستحق دلال والديه وحبهم له بالتأكيد.

ثم تحدث تيان قائلاً:

لأن عائلتك لا تستطيع الحصول على المال، دفنتك وأنت على قيد الحياة، ولا علاقة لي بالآخرين، هل تفهم؟
إضافة لهذا ولنكون واقعيين أكثر، بالطبع سأذهب وأقوم بتفكيك منزلك ومنزل أخيك، لقد تفاهمنا على ذلك معاً."

فَهمَ شين لانغ من جملته الأخيرة بأنه قد جمع بعض الأشخاص بالفعل مبلغاً من المال لتيان مقابل قيامه بهذه الأشياء.

تحدث شين لانغ بحزن:
" ليس من الجيد أن تقوم بتدمير أسرة بأكملها لتحصل على المال، ألا يجب عليهم إيجاد سبب مقنع لذلك.

تيان هنغ بهدوء:

"أنا وأنت ليس بيننا عداوة، كما أنكَ لست غبياً كما قالوا كالأسطورة القديمة، ولكن لايزال يتعين عليَّ قتلكَ ولا أستطيع المساعدة."

ثم نهض وقال لرجاله: "لقد أعطيته وقتاً جيداً، أقتله أولاً ثم أدفنه، فهذا يكفي."

"نعم" تقدم محارب إلى الأمام وسحب سكينه وجلس القرفصاء على رقبة شين لانغ ليقتله.

قال شين لانغ ببطء:

" كم من المال أعطاكَ أحدهم لقتلي؟ فأنا سأعطيك عشر أضعاف ذلك، وأعطيك ألف قطعة ذهبية."

عندما تفوه شين بتلك الكلمات كانت سكينة الرجل المحارب قريبة جداً من رقبة شين لانغ بثلاثة بوصات.

لم يستطع تيان أن يراه غبياً أو أنه لايفقه مايقوله ثم أن ألف قطعة ذهبية رقم مغري، فقد كان شين لانغ ذكي للغاية وفهم تيان ذلك من خلال محادثتهم البسيطة هذه، وقد سمعَ بالفعل بأن السعر الذي قدمه له شخص آخر كان مئة قطعة ذهبية.

تحدث تيان بحماس قائلاً:" أنا سعيد جداً بهذا الكلام فهو حقاً يُطمئن القلب ويريحه للغاية، ولكن عائلتك فقيرة جداً بحيث لا يمكنها حتى أن تأكل، ولا يزال والدك مريضاً مستلقي على السرير، وقد تم طرد أخيك من العمل مرة أخرى لأنه لايقوى على العمل، حتى أنك لا تستطيع الحصول على مئة قطعة فكيف ستحصل على ألف قطعة نقدية؟!"

حدثت أشياء سيئة مع عائلته، وهذا كله بسبب غباء شين لانغ السابق، لأن غبائه وجشاعة شو جعلا والده وشقيقه مصابين بجروح خطيرة تهدد حياتهم.

ثم تساءل شين لانغ:

"في هذا العالم، كم يعادل ألف قطعة ذهبية؟"

تيان:
" حينما تعمل عائلة عادية لمدة عام واحد فإنها لن تحصل حتى على عملتان ذهبيتان كأقصى حد، كما أن ألف قطعة ذهبية تعادل حوالي 5 ملايين يوان من الأرض الحديثة."

ثم تابع تيان هنغ كلامه قائلاً:

"هذا مبلغ ضخم، لا يمكنك الحصول عليه حتى بالأحلام."

شين لانغ بثقة:

"لكن يمكننا المراهنة، فإذا نَجحت هذه المراهنة، سيمكنك الحصول على مبلغ ضخم كهذا، فحتى إذا فشلت في هذا الأمر ولم أكسب المال فأنت تؤخر بضعة أيام لقتلي فقط، وهذا لا يؤخرك في الحصول من عائلة شو على مئة من العملات الذهبية."

ثم تابع
"عشرة أيام مقابل ألف قطعة ذهبية، ما رأيك؟"

تردد تيان هنغ قيلاً لأن شين لانغ أراد الحصول على ألف قطعة نقدية ذهبية في عشرة أيام.

ومع ذلك يبدو هذا مستحيلاً، ولكن بما أنه قد تمكن من رؤية الإبرة الفضية في جسده التي تَكمن في رئتيه، فقد كان ذلك سحرياً بعض الشيء وهذا ما جعله يتأنى ويفكر بالأمر.


تمعن تيان في الوجه الوسيم لشين لانغ وهو يفكر لبعض الوقت متردداً، ولكنه أخيراً قال له: "معك فقط ثلاثة أيام، ثلاثة أيام فقط ولا يمكنني بأن أعطيكَ غيرها."

لقد فَهم شين لانغ بأن الطرف الآخر قد أعطاه مهلة أقصاها ثلاثة أيام لقتله والحصول على مئة قطعة نقدية.

حسنًا، لا مشكلة في ذلك " قال شين لانغ.

تيان هنغ: " ارفعوه".

بدأت أربع أيادي من الرجال المحاربين في رفع الوسيم الغارق من الحفرة ولكن لا يملك هؤلاء الناس ورقة وقلم.

لذا مزق شين لانغ مباشرة قطعة من ملابسه الداخلية الحريرية البيضاء وعض على إصبعه وكتب قرضًا بدمه، بأنه يدين بمال ألف قطعة نقدية ذهبية لتيان هنغ، ووقع باسمه.

أثناء الكتابة واستفراغه للدم في كل مرة يكتب بها ويُخرج الدماء من إصبعه، فكر بداخله بأن هذا الإصبع الذهبي أنقذ حياته بالفعل، رغم أنه لا يوجد مال لأستخدامه لينقذ حياته.

دنى تيان وأخذ قطعة القماش المكتوبة بالدم من شين لانغ ثم بدأ ينظر إليه لبعض الوقت.

ثم تحدث متعجباً:

"هل هذا حقاً الوسيم الأسطوري ذو البنية الضعيفة؟ أنه أمر سخيف ليتهموك بأشياء كهذه!"

ثم تابع:

"سَلم ألف قطعة ذهبية في غضون ثلاثة أيام، وإلا سأقتلك أنت وعائلتك."

تابع أمراً رجاله، تيان هنغ: "ثلاثة عشر، أربعة عشر، كلاكما رافقا شين لانغ ليعود إلى منزله ولتعيشا هناك معه في هذه الأيام الثلاثة."

" امرك سيدي " قال الاثنان

ثم غادر تيان هنغ مع ثلاثة محاربين آخرين.
ولكن بعد برهة استدار وهو يقول:

"تذكر، في غضون ثلاثة أيام فقط عليكَ أن تأتي بألف قطعة ذهبية وألا قتلتك شين لانغ مع عائلتك، عليك ألا تنسى هذا"

ثم ابتعدوا عنهم و بدأوا يسيرون نحو منزل عائلة شين.

لم تكن صورة تيان مرئية بالفعل في عقل شين الآن، ولكن الصوت البارد لا يزال يندفع في آذانه.

"لا مشكلة فدماغ شين لانغ يفكر بسرعة ولن ينسى" قال شين

وسرعان ما توصل إلى طريقة سحرية ليس فقط لكسب الكثير من المال، وأنما أيضًا لحماية أسرته والأهم من هذا هو الانتقام من شو جيا.

أي تحقيق ثلاثة أشياء بضربة واحدة.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي