9

الفصل التاسع:

( بداية جني الأموال)

تحدث شين لانغ قائلاً:
"أنا جائع جداً، وحتماً جهزت لي أمي وجبة لذيذة"

ركضت الأم إلى المطبخ لتحضير وجبته المفضلة.

لقد كانت والدة شين لانغ حنونة جداً وذكية ولها يد ونفس طيبتين في الأكل، وقد انتهت في أقل من نصف ساعة فقط وكان الطعام جاهز على الطاولة، فقد حضّرت ثلاثة أواني من العصيدة( وهي دقيق مغلي باللبن إلى أن يَسمك قوامه)، أحدها كان  أرز والآخر طبق خضار برية متنوعة والثالث طبق من اللحم المشوي على الفحم.

لم يستطيعا الأب والأخ الأصغر من تناول الطعام وهما مستلقيان على السرير، لذا وضعت لهم الأم الطاولة بين السريرين.

ولكن شين لانغ لايزال يأكل الأرز الأبيض، و الأب والأخ يشربان عصيدة الذرة.

أراد شين لانغ توزيع الأرز على والده وشقيقه الأصغر، ولكن جميعهم رفضوا ذلك بشكل قاطع. 

انفجر والده غاضباً، يقول:

" كَبُرت يابني وأنت لا تأكل سوى الأرز الأبيض حيث أنه لايمكنك ابتلاع عصيدة الذرة، لذا أنا لن آكل الأرز ولا أمك ولا حتى أخوك."

استلقى أخوه شيان جين على طرف السرير وقال:

" بالطبع لايمكنك أن تأكل"

أجاب شين بحماس : أنا بدأت آكل حتى في اللحم..

قطعت الأم بضع قطع من اللحم المشوي ووضعته في وعاء ابنها الوسيم شين لانغ .

حينما رأوه يأكل اللحم كانوا في غاية السعادة، ولكن شين لانغ كان يريدهم أن يأكلوا معه، ولكنه يعلم بأنهم لن يأكلوا أبداً.

أنه أمر مزري وغير عادل بأن يستمر دائماً!

لأن هائلته ستقدم له أفضل وجبة، سواء كان والده وأخيه مصابين بجروح ومرض أم كانوا بصحة جيدة.

تظاهر شين لانغ بالشبع أمام والده وأخيه وتوقف عن الأكل.

حيث أن أخاه مكسور ويحتاج إلى شرب حساء العظام لمدة تقارب الشهرين.

كما أن والده لم يتعافى بشكل كامل رغم إزالة الخثرات الدموية والانسداد في الرئتين، فهو لايزال بحاجة إلى أدوية يتم شراؤها، لأنه لاينمو على الجبال نباتات تساعد على علاجه، ولكن على الأقل لايوجد خطر على حياته الآن، فهو بحاجة فقط لأدوية تساعد على ترطيب الرئتين وتغذية الجسم.

"شين لانغ بني، اغسل قدميك." قالت والدته

ثم أخذت الماء الدافئ وجلست القرفصاء لتغسل له قدميه، من الواضح بأنها كانت تقوم بهذا الأمر طيلة السنوات العشر الماضية.

"سأغسلها لوحدي يا أمي، أنه أمر طفولي بأن يدع أحد والدته تغسل قدميه"  تحدث شين لانغ

لكن والدته حزنت قليلاً قائلة: "دا لانج، كُنتَ تحب بأن أغسل لك قدميك، ماذا حدث الآن؟ يداي نظيفة."

لقد كانت قلقة بأنه سيتحسر على حياة الثراء التي تركها ببيت شو.

نظر شين لانغ إلى ملامحها الحزينة وفهم بأن هذا الأمر يسعدها للغاية، بما أنه ابنها المدلل

كان شين لانغ سعيد للغاية وهو يشاهد يدين أمه الخشنة تغسل قدميه، وعيناها وملامح وجهها تعبر عن الحب وقد باتت سعيدة أيضاً.

ورث شين لانغ المشوه الجسد والذاكرة من شين لانغ الجميل، ولكنه لم يرث العاطفة بالكامل، ولكن في غضون ساعات قليلة وقع قلبه غي حب العائلة وكرس نفسه في رعاية والديه وإخوته.

منذ أن رأى شين لانغ حياة والده البيولوجي وأخيه، قطع على نفسه وعد بأنه سيتحمل مسؤولية عائلته لتبقى بخير وبأن يعيشوا حياة كريمة.

في هذه اللحظة، سمع شين لانغ صوت تيان الثالث وهو يهدده:

"شين لانغ، عائلتك تحب بعضها البعض، ولكن لديك يومين فقط، فإن لم تستطع الحصول على ألف قطعة ذهبية، ستعاني عائلتكَ أكثر مما تعانيه الآن".

ابتسم شين لانغ بعد سماع كلامه،ثم قال:
"هل ستنام في منزلي؟"

تحدث تيان الثالث عشر بغضب: "لديك يومان فقط، إن لم يكن لدي ألف قطعة ذهبية سأقتل عائلتك."

ثم خرج مباشرة.

كان شين لانغ مستلقي على سريره المريح، رغم أن منزل عائلته محطم في بعض الأماكن، حيث أن السقف كان يتسرب منه الماء أثناء المطر، وبسبب هذه الثقوب كان يعيش والده وأخيه في غرفة تسع لشخص واحد فقط."

ولكن لدى شين لانغ سرير كبير وناعم، وليس هذا فقط بل كانت الأغطية الخاصة به جديدة وجميلة، على الرغم من أن العائلة فقيرة للغاية، إلا أنهم يعطون لشين لانغ أفضل مالديهم.

العديد من الأطفال لم يكن لديهم ملابس جديدة للعام الجديد؛ وذلك بسبب فقر البلاد، وعائلة شين لانغ كانت الأكثر فقراً فيها، ورغم هذا فإن الوالدين يشتريان لأولادهم ملابس جديدة ثلاث مرات في كل عام.

فهناك ملابس للصيف، وآخرى للخريف، وثالثة  في احتفالات السنة الصينية الجديدة.

كان أخوه شيان جيان يرتدي في الثلاث مواسم هذه ملابس قديمة، فهو لم يرتدي في حياته ملابس جديدة.

لقد كان شين لانغ متعجب من حب والديه الكبير له! فهو حقاً لا يعرف ما السبب؟ ولم يجد معنى لهذا الحب دون غيره.

لم يكن يُرجى من أخوه ( شيان جيان) خيراً، فهو يختلط بالقرويين كل يوم، ولكنه أفضل بكثير من شين لانغ السابق الغبي، فرغم جمال شين لانغ ذاك إلا أنه لايصلح لشيء.

فلولا الأرض التي يسترزقان منه والديه، لن يكون لهم دخلاً أو ولد يعينهم، وخاصة وأن لديهم طفل ذو بنية جسدية واستدراكية ضعيفة، لذا لم يمنح والديه راحة بعد أن كَبُر، ذلك لأنه لايعرف كيف يدير حياته الخاصة في المستقبل ويحتاج دوماً إلى والديه لرعايته، ويقوم أخوه الأصغر سناً أيضاً بالاهتمام به.

لقد كنت نكرة دون قيمة لذا سأعود وأقضي بقية حياتي معهم، فوالداي وأخي يدينون لي بتحملهم لشخص لانفع منه.

كان شين لانغ يحادث نفسه سراً

وتعهد بأن يجعل والديه يعيشان حياة جيدة، وبأن يؤّمن مستقبل جيداً لأخيه وابنه حينما يتزوج.

لكن الأمر الأكثر أهمية الآن، والذي عليّ إنجازه بأسرع وقت ممكن هو تجاوز هذه المهمة الصعبة، والتخلص من تيان ونقوده!

لقد أعطاه تيان هنغ ثلاثة أيام لجمع ألف قطعة نقدية ذهبية، والآن لم يتبقى سوى يومين.

ترى ماذا سيحدث إن لم يتمكن شين لانغ من الحصول على ألف قطعة ذهبية حينما ينتهي الوقت المخصص له لجمعها؟

حتماً سيقدم تيام على قتل عائلته، فهو معروف بالقتل والجشع ولن يرحمهم بالتأكيد، فقد فعل أمر كهذا مع أناس آخرين.

كسب ألف قطعة نقدية في غضون يومين! هل هذا ممكن؟

بعد أن أستيقظ شين لانغ في صباح اليوم التالي، تناول الإفطار ثم أعطى والده وشقيقه الدواء بعد تناولهم إفطارهم أيضاً.

"هييي...." صاح أحدهم في الخارج

بعدها طُرق الباب، قلقت الأم وشعرت بالخوف لذا كانت مترددة في فتح الباب.

"أنا سأفتح".  قال شين لانغ.

قام شين لانغ بفتح الباب وكان الطارق هم أتباع تيان هنغ الثالث عشر والرابع عشر.

همس تيان الثالث عشر: " لم يتبقى لكَ من الوقت إلا القليل، عليكَ كسب المال، فمازلت أتحدث بصوت منخفض، لاتدعني أقوم بفعل شيء لايعجبك."

حينها تسألت الأم: "شين لانغ، من هؤلاء؟ هل حدث شيء ما؟

"لا، لا شيء يا أمي، هؤلاء صديقاي "قال شين لانغ بصوت هادئ.

هتفت الأم بحماسة: " أوووه، إنهم صديقا شين لانغ، هيا ادخلا لنأكل ثريدًا معًا".

ابتسم تيان الثالث عشر وقال: "لا، شكراً لكِ يا خالتي، لقد أكلنا".

كان يبتسم بطريقة تجعلك تشعر بأنه شخص طيب ولطيف ولن يتبين معك بأنه وغد وقاتل.

مع هذا لم يشعر شين لانغ بالخوف منه، فقد انتهى من شرب عصيدة الأرز من وعائه، ثم قامت والدته بحشو بيضة في فمه، وهي تقول: هيا كل بسرعة.

في داخله كان يريد أن يعطي البيضة لوالده.

ولكن صرخت والدته وحسمة الأمر:
" هيا كل، كل بسرعة".
ثم سحقت بيضة ونصف آخرى، كانت البيضة الخاصة بالأب والابن.

"حسنًا، سوف آكل"قال شين لانغ.

وسعت حدقة عيني والدته مستغربة كيف ينهي شين طعامه على عجل.

"أمي، سأذهب مع أصدقائي إلى المدينة، فهناك يوجد معلم ذو أخلاق عالية، وجيد في المدرسة عليا لقائه" قال شين لانغ.

فجأة قالت والدته بعصبية وتوتر: "شين لانغ، هل ستعود إلى المنزل لتناول طعام الغداء عند الظهر؟ "

"لن أستطيع العودة ظهراً يا أمي، ولكنني سأحاول العودة في المساء إلى المنزل لتناول الطعام " قال شين لانغ

قال تيان الثالث عشر، وهو يُظهر الحب: "عمتي، إن عائلتي تسكن في المدينة ولن تدع شين لانغ يشعر بالجوع، لاتخافي."

قالت الأم: "حقاً؟! هل هذا لايُزعجك؟ حسناً إذاً، حينما تأتي إلينا لاحقاً سأقدم لكَ بيضاً لتأكله".

ابتسم تيان الثالث عشر: "حسناً".

كان يعلم بأن ألف قطعة ذهبية رقم فلكي ضخم بالنسبة لحال عائلة شين، فهو رأى حياتهم وكيف يعيشون.

ومع هذا غادر شين لانغ لمحاولة كسب المال، وتبعه تيان الثالث عشر بينما كان تيان الرابع عشر لايزال في الخلف.

بعد أربع ساعات من السير، قطعا 30 ميلاً وكانوا قد اقتربوا بالفعل من مدينة شوانوو.

في ذلك الحين، لفت انتباههم رجلان يقفان أمامهم على الطريق وكانوا يتجهون إليهم مباشرة والغضب ظاهر على وجوههم، كانوا يسيرون نحوهم ثم جلسوا القرفصاء ينتظرون.

من الواضح بأنهم أب وإبنه، فقد كان الأب في الأربعينيات من عمره وابنه في العشرينيات من عمره.

تقدم تيان الثالث عشر باتجاههم، وقال بحرارة:"شو لي، دالو جي، لم أراكم منذ مدة طويلة!"

لم يتحركا الأب وابنه حينما شاهدوا تيان الذي كان مُحرج نوعاً ما، ولكنه سرعان ماحاول إخفاء ذلك بإظهار ابتسامة، قائلاً: "أووه، لقد مرت ثلاث عشر يوم بسرعة، يبدو أن الأيام تمضي دون أن نشعر."

ثم تابع حديثه متصنع الترحيب بهم: "لماَ لاتذهب ياعمي معي إلى المنزل؟ فأنا أفتقدكم جميعاً، فأنا أصر عليك دائماً بأن تأتي لنشرب الشاي معاً ولكنك لم تأتي، فعلى الرغم من أنك تدين لنا بالقليل من المال، ولكن عشرات الملايين لايتكاثروا بسرعة، وأنا وأنت كالأخوة."

قال الرجل في منتصف العمر: "حسناً، سأتي غداً، لن أتأخر ".

أرتبك تيان الثالث عشر بعد كلمات الرجل  هذه، لذا تقدم للأمام، وحاوط بيديه الأب وابنه ثم ساروا باتجاه حقول الأرز المجاورة للطريق حتى وصلا لأعماقها، ثم دخلا في الغابة ولم يعد يظهروا لأحد.

تحدث تيان الثالث عشر مع العم بصوت حنون وعاطفي كما لو أنه عمه بالفعل حينما وصلوا لأعماق الغابة، ثم قال: "لاتذهب ياعمي إلى منزلي في هذه الفترة، فأنا لا أملك اللحم لأقدمه لك، ولم أتوقع لقائكَ اليوم؛ كي أحضر شيء يليقَ بمقامك!"

قال الرجل في منتصف العمر: "حسناً ياعمي، لاعليك".

تيان الثالث عشر: "لقد قلت ليس عليكَ سداد الأموال التي تدين بها لعائلتنا".
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي