14

الفصل الرابع عشر:

(مصير شين لانغ)


هذا الشاب يدعى(وانغ هاو) وهو أصغر مسؤول في مدينة شوانوو، حيث يبلغ الواحد والعشرين من عمره، لذا تم تفويضه باعتباره أصغر مسؤول يتم تكليفه بالإشراف على سجن شوانوو.


ولكنه بالطبع لن يترك الدراسة لأجل الامتحان الإمبراطوري، لأنه يرغب بتكملة مسيرته المهنية ليصبح عالم، على الرغم من أنه أصبح مسؤولاً ولكنه وجد الشيء الأنفع بحياته وهو اتباع الطرق العلمية.

في العالم الذي حاء منه شين لم يكن من الممكن أن تكون مسؤولاً يشرف على السجن وتتبع طريق العلماء أيضاً! ولكن في هذا العالم أصبح كل شيء ممكناً طالما تتوفر الوسائل للقيام بذلك.

لم يكن وانغ هاو من مدينة شوانوو، ولكنه ولد ونشأ في  مقاطعة نانيوان، وهناك الجميع يعرفه ولكنه مشهور للغاية حتى في مدينة شوانوو.

كما أن لديه قرابة بعيدة لإيرل شوانوو

لذا، كيف تعرف شين على وانغ هاو؟

لقد قام بالفعل بتعليم شين لمدة نصف شهر تقريباً من قبل ثلاثة سنوات.

هذا إضافة لحدث حصل معه في الماضي شخصياً مع السيدة المشهورة بجمالها الخلاب، والذي يفوق الوصف بمئات المرات، كما أنها كانت حلم جميع الشاب، أنها سيدة شوانوو، ابنة إيرل شوانوو، وتدعى كيم مولان كما أنها تلقب بأميرة مدينة شوانوو أيضاً.

في ذلك الوقت، (أي قبل ثلاث سنوات) كانت كيم تقود حشد من الجنود للصيد على الجبل الخلفي القريب من منزل شين، وهناك قابلت دباً ضخماً متوحشاً، وكان حصانها خائفاً لذا علا صوت صهيله واندفع مسرعاً بقوة للأمام للهرب منه.

في ذلك الوقت كان شين غبياً، وبأثناء حدوث هذا الأمر مع كيم، كان شين يجلس في منتصف الطريق وهو يحمل دفتره بين يديه ويهز برأسه ذهاباً وإياباً.

لقد كان جالساً ينظر للنمل الذي يمر بمنتصف الطريق لحمايته وليس ليبعده، حيث أنه كان قلقاً بأن يسحقها أحد المارين وتموت، لذا قرر الجلوس في منتصف الطريق وأخبار أي شخص يمر بأمرهن، ليغير طريقه.

في هذه الأثناء، اندفع الحصان خائفاً يركض باتجاه شين ومن وراءه تبعه الدب الأسود الضخم الذي كان يطارد الحصان كالمجنون، رغم أنهم غرزوا عشرة سهام في جسده إلا أنه لم يتوقف، والحصان لايزال يركض باتجاه شين وكاد أن يدهسه بحوافره.

لذا نزلت الشابة إيرل شوانوو من الحصان بسرعة ووقفت على الأرض وقامت بضرب الحصان ليرفع برأسه عالياً ويبتعد عن المكان الذي يجلس فيه شين، كي تنقذ حياة الطفل الصغير.

ومع هذا لم تُحل المشكلة فلا يزال الدب الأسود يندفع خلفه موجهاً مخالبه الضخمة باتجاه كيم مولان.

لذا أمسكت كيم مولان بإحدى يديها بالحصان من سرجه وبيد الآخرى سحبت سيفها وقطعت رأس الدب العملاق مباشرة.

لقد صُدم الطفل الغبي بما حدث، وأغمي عليه بعد أن وقعت على رأسه حدوة الحصان، لم تكن إصابته خطيرة إلا أنه كان خائفاً للغاية.

لذلك هذه الحادثة لاتُنسى بالنسبة لشين رغم غموضها، حيث أن كيم مولان في ذلك الوقت كانت ترتدي دروع تغطي جميع أنحاء جسدها وغطت حتى وجهها ولم يظهر منها سوى العينين، لم يستطع طفل صغير وغبي بأن يتوقع بأن هذه الفتاة تابعة لقصر إيرل.

في الوقت الحالي، وحينما تذكر شين هذه الحادثة، بات يحلل الأمر بينه وبين نفسه ووجد أن تلك المرأة كانت بالفعل كيم مولان، وهذا بسبب درعها الفضي الملفت للانتباه، كما أن هناك دليل أقوى وهو وجود شارات على الدروع التي يضعها الفيلق والأعلام التي يحملونها، وكلها تدل على أنها عائدة لقصر إيرل شوانوو.

وهكذا أنقذت كيم مولان حياة شين، ولكنه أصيب بكدمات بسيطة بسبب حصانها، لذا اعتبرت نفسها المسؤولة عن الحادث، لذلك أرسلت له طبيباً من إيراز كورت وإعطائه بعض المنشطات للعلاج.

حتى أنها قامت بزيارته لمرة واحدة ولكن شين كان مغمى عليه، ولم يراها.

أن كيم مولان ذات الجسد الجميل والطويل تستحق بالفعل بأن تكون أميرة مدينة شوانوو، وهي أطول بكثير من شو وي.

في وقت الحادثة التي حصلت مع شين لانغ كان يعتبره الناس، شخص تافه ولا يهتم أحد لأمره سواء إن كان على قيد الحياة أم لا، ومع هذا فإن كيم لم تخبر أحداً بأن حصانها هو من تسبب بأذيته، لأنه كان من الممكن أن يُقتل شين.

ومع هذا ورغم أنها ابنة من الطبقات الراقية والرفيعة، إلا أنها لا ترسل الناس للعلاج فقط، وأنما تقوم بزيارتهم أيضاً، وهذا يدل على حُسن خلقها إضافة لجمالها.

ولذلك فإن إيرل شوانوو يحب الناس ويعاملهم باهتمام كالأطفال.

وفي ذلك الوقت، قد تمت ترقية وانغ هاو ولم يكن المسؤول عن الكتاب الرئيسي بعد، ولكن بسبب القرابة البعيدة لمنزل إيرل قرر الذهاب إلى هناك للزيارة كُضيف.

وحتى لو كانت له قرابة بعيدة مع عائلة إيرل، إلا أنه نادراً ما تتاح له الفرصة ليلتقي بالآنسة كيم مولان، بالرغم من أنه مجند جديد في جيشهم، إلا أنه لا يصل لمستوى كيم مولان.

لقد كان وانغ هاو معجباً بكيم مولان، لذا أصبح يبحث عن فرصة ليلتقي بها، وعندما سَمعَ بأنها ذهبت لزيارة شين، قرر الذهاب أيضاً إلى منزله مُدعي بأن يريد الاطمئنان عليه، ثم خطرت في باله فكرة تجعل مولان تُعجب به وهي القيام بتدريس شين والاهتمام بتعليمه شخصياً وحينما تأتي للزيارة وترى عمل هاو الإنساني فإنها حتماً ستعجب به.

ولكن المحزن بالأمر والمثير للاستفزاز بأن شين في ذلك الوقت كان غبياً لدرجة لاتُحتمل، لقد كان يُشبه الخشب الميت فهو لايستوعب أي شيء، في ذلك الوقت كان عمر هاو ثمانية عشر عاماً فقط، ومع هذا كان ذكي جداً وموهوباً، إلا أنه لم يستطع تعليم شين أي شيء، حيث أنه لم يمر بحياته طفل غبي كغباء شين.

ومع هذا، ورغم أنه يَعلم بأن تعبه مع شين سيذهب هباءاً منثوراً، إلا أنه كان مُصراً على تعليمه، علّه يلتقي بكيم مولان، وهكذا استمر بتعليمه لنصف شهر، ولسوء حظه قد سمع بأن كيم مولان لن تأتي إلى منزل شين أبداً، لأنها خرجت للعمل، لذا توقف وانغ هاو وانسحب من مهمة تعليم شين.

لكنه هو وشين كانا يكرهان بالفعل الجلوس مع كبار العمر.

هذه المرة حينما قابله شين مجدداً أمام متجر لين مو، في البداية لم يعرفه، حيث كان شعره قصير ويرتدي زي رسمي، وبعد مرور دقائق قد تذكر شين (وانغ هاو) بالفعل حيث بدت ذاكرته أكثر وضوحاً من قبل.

وحينما عاد شين بذاكرته، وتذكر بأن هاو حينما كان يدرسه كان يشتم تشانغ كثيراً، لذا علم بأنهما يكرهان بعضهما، لذا بات مصيره واضحاً الآن.

لذا سأل شين بجرأة( شو)، قائلاً: " لقد تم الاختبار فقط، وأخرجت لك الصبغة الأرجوانية وصبغة قوس قزح وهذا كله مدروس، وسمعتم ما قاله لكم أخي"

عقد وانغ هاو حاجبيه عندما سمع شين يدعوه أخي   فهو لايرغب بتكوين علاقة ودية مع شين، ولم يرد على كلماته، لكنه قال له:
" حسناً، على مايبدو أنك لا تدرس بجد، بل تستمر باللعب بالأصباغ بينما عليك أن تتعلم بدلاً من هذه التفاهات، هل تحاول تدمير نفسك؟."

لم يكن كلامه تحيزاً لنوع محدد، ولكن في هذا العالم كانت هناك نوعان من المهارات المهمة الأكثر قيمة ويجب السعي وراءها، وهما القراءة وممارسة فنون الدفاع عن النفس، فإن كنت لا تجيدهما ستكون شخص بلا قيمة له

ففي عهد أسرة سونغ القديمة في الصين لقد قَمعَ الأدباء شعب وو وون جويو بشكل أساسي قوة المحاربين.

ومع ذلك، في هذا العالم، في عهد أمبراطورية يان العظيمة يعتبر وينو شخصاً نبيلاً كما لو أنه المسؤول الحاكم في البلاد، حيث أنه بارز ومشهور مثل وينجو، وكانت فنون الرفاع عن النفس شيئاً نبيلاً ومهم للغاية.

ولكن بصفتك حرفي أصباغ، ستكون حرفي رخيص وغير مهم.

وكان السيد المسؤول عن الصبغة لعائلة شو جيد في عمله بالفعل إلا أنه لم يكن هناك اسم صريح يشهره مكون من اسم وكنية بل كانوا يدعوه الحرفي فقط.

ولكن هذا المسؤول الشاب كان يقول ذلك فقط من أجل مصلحته.

نظراً لأن وانغ كان يرغب بكسب ود الآنسة كيم مولان، لذا تحمل وانغ تعليم شين لمدة نصف شهر، وحينما تذكره الآن، وتذكر غبائه المستميت وكم عانى بسببه، فكيف له بأن ينشئ مثل هذا الولد الأحمق؟ لذا اعتبره من الأشخاص الذين يستحيل بأن يكونوا أصحاب مواهب حتى ولو بعد مئة عام ، هذا غير أن القراءة كانت مع شين مضيعة للوقت والمال.

شين:"ماذا عن كيم مولان ذات المئة عام؟"

أدار وانغ هاو رأسه وصرخ بوجه شين وقال:" بالنسبة للآنسة كيم من منزل إيرل، هي نبيلة منذ مئة عام لذا ستبقى هكذا وتابعة لسلالة نبيلة وليس من فئة الفلاحين أمثالك."

بعدها استدار وانغ هاو وغادر المكان، وهو يمشي تذكر ماضيه مع شين وظهرت على وجهه ملامح القرف والازدراء.



وقد كان السبب وراء اختياره مواجهة عائلة تشانغ، بأن هناك ضغينة ضد شو وكان من الصواب أن ينتهز هذه الفرصة لأجل كيم، ولكنه لم يفعل ويقوم بقمع عائلة شو بسبب صداقته مع شين.

رغم أنه قد عَلّم شين لمدة نصف شهر، إلا أنه لم تتكون بينهما علاقة صداقة ودية، فلم تكن هناك مشاعر حب أو أخوة يكمنها وانغ له.

ثم سخر وهو يحادث نفسه مستهزأً:"ذلك القروي السخيف، لايزال يريد أن ينتهز الفرصة ليكون معي أو أن يصبح بقدري كي أصاحبه، أنه حقاً غبي وسطحي."
ثم عاد إلى مكان عمله مباشرة

لقد لاحظ شين ذلك بالفعل، فهو يعلم بأن وانغ هاو سيد الكتاب لا يريد أن يراه أو تكون هناك صداقة بينهما وبالطبع هو لم يتفاجأ بهذا الأمر.

بعد أن غادر وانغ، ظهر لين مو صاحب متجر جينشيو:
" شين لانغ، لقد فزت بالفعل على عائلة شو وكانت الضربة قوية وقاسية في وجوههم"

ثم تنهد قائلاً:" حسناً هذا جيد، ولكن كان من الأفضل لك بأن تخسر، لأن الأمور أصبحت أسوأ بالنسبة لك ولعائلتك."

ثم تحدث تيان الثالث عشر صاحب الملابس السوداء مهدداً:" شين لانغ أنت انتهيت بالفعل."

لين مو:
"اسمع، لقد كان الشاب المسؤول معادياً فقط لعائلة تشانغ بسبب عداء بينه وبين شو، لم يكن الأمر لأجل حمايتك، هل فهمت؟ لذا عليك أن تعرف بكمية المشاكل والمخاطر التي ستواجهها بعد الآن، ولا تتوقع بأن يكون هناك من يحميك، لا أحد يرغب باتساخ يديه لأجل شخصاً مثلك، ثم أني أراك تريد أن تصعد عالياً بأحلامك، ولكنك سقطت بالفعل بشكل لم تتوقعه."

كان شين يعرف تماماً بأن وانغ هاو شاب ذو شأن وولد في مكان مشهور وليس في ريف مثله، لذا بالطبع لن ينظر إلى شخص أدنى مستوى منه، فهو تذكر هذا عنه على حسب معرفته الكافية به سابقاً.

ولكن كان كافياً بأنه وقف معه اليوم ضد عائلة شو، فهو أيضاً لايرغب بأن يصعد ويكون صديقاً له، فهناك مخطط أهم عليه تنفيذه وأهم من صداقته حتى.

بل هو يعمل على أن يكون منافساً لوانغ هاو بمنصبه قريباً .

لم يفلت شين وعائلته من الخطر رغم كل مافعله، بل أوقع عائلته الآن بموقف أكثر خطورة، فعائلة شو بعد ماحدث لن ترحمهم فهي تريد قتلهم جميعهم الآن.

لقد كان شين لانغ يحارب كي يكسب الوقت لصالحه ولو ليوم واحد، حيث أنه بدأ بخطته بشكل عكسي للوصول لمبتغاه، فهو لم يبدأ حربه الحقيقية  معهم بعد.

وبمجرد نجاح خططه فأنها ستنقلب الموازين جميعها فوق عائلة شو وفوق الجميع أيضاً، وكلها ستكون لصالحه.

في ذلك الوقت، تكالب عليه كلاً من شو جيا ولين مو وتيان الثالث عشر ، ولكن لمجرد إيذاء خصلة واحدة من شعره، عليهم التفكير بالأمر بعناية وتخطيط بحذر لكيفية قمع شين.


وهذا يعتمد على نتائج اليوم لأنها صدمتهم للغاية، حيث أن قيمة الصبغة الأرجوانية وقوس قزح كانت كافية لجعلهم يطمعون بها ويتمنون الحصول عليها بأي طريقة كانت

وإن لم تكن هناك حوادث غير متوقعة، فستظهر شو وي أمامه قريباً.

الأشياء التي حدثت اليوم كانت خطيرة بالنسبة لعائلة شو ولكنها كانت جيدة، فكل شيء كان حاسب حسابه له.

فبعد أن غادر شين متجر لين مو، ظهرت عربة شو وي أمامه للتحدث معه على انفراد.

نزلت من عربتها متجهة باتجاه شين وهي ترسم ابتسامة زائفة، قائلة:"شين لانغ هذا خطئي، أنا حقاً آسفة لأنني كنت أصرخ في وجهك سابقاً، فأنا لم أكن أعتقد بأنك تعلمت الصباغة بالفعل من أجلي، أنت طيب جداً، لماذا لم تقل لي هذا من قبل؟"

في اعتقادها بأن شين سيكون كما في السابق، ذلك المهووس المترامي لأجلها وعلى استعداد تام بأن يقدم لها كل شيء، وبسهولة سيتم إقناعه وإعادة كل شيء كما كان.

وبما أن عائلة شو تقوم بأعمال حرير القماش، لذا كانت شو وي تحاول إرضاء شين لانغ كي يكون شخص نافع لهم، فقد كانت صدمة بالنسبة لها، بأن يتعلم هو الأصباغ.

فمهارة صنع الأصباغ حتى الأشخاص الأذكياء قد لايقدرون عليها، فكيف سيحتاجون لشخص غبي يجرب أكثر من مرة ولتظهر له أخيراً الصيغة الأكثر جمالاً وجاذبية.

ثم تحدثت شو وي بنبرة رقيقة:"ليتك قلت لي هذا من قبل، لما كنت بحاجة لإخراجك من المنزل،لقد كان زواجنا مزيف وأنا حقاً أريد الزواج من تشانغ، ولكن لا يزال بإمكانك العودة إلى عائلة شو وتعمل هناك، ما رأيك بهذا العرض؟"

لم يقل شين لانغ أي شيء.

لذا تابعت حديثها وهي تنظر إليه بعينين رقيقتين محاولة كسب عطفه وحبه لها، قائلة:"شين، سأمنحك عشر عملات ذهبية كل شهر، وهذا كافي لإطعام جميع أفراد عائلتك، لذا ماعليك سوى تسليم صيغ الصبغة الأرجوانية وتلك الخاصة بقوس قزح، وتعمل في منزلنا، لأن هناك ستكون مستعداً لتقديم شيء أفضل والتركيز على عملك بشكل جيد، وحتماً ستكون أفضل حرفي لدينا، اممم، ألا تحبني كثيراً؟ ألم تكون على استعداد لتقديم أي شيء من أجلي؟ ماذا حدث الآن؟ فأنا أطلب هذا منك وأنت تستطيع مساعدتي بالتأكيد، حتماً لن تردني، أليس كذلك؟."
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي