23

الفصل الثالث والعشرون:
(شين لانغ يتزوج كيم)



من كثرة الأشخاص الحزينين على زواج كيم، قد شك شين أيضاً فيما إذا كان هو العريس حقاً أم لا، وهل سيتزوج عروسته المنتظرة هذه الليلة؟


فلم يراه إيرل ولم تزوره الكونتيسة، وكيم كانت مختفية عن الأنظار ولم يراها أيضاً، وحتى الخادم جين تشونغ لم يأتِ لرؤيته إلا عندما يقدم له وجبته، على ما يبدو قد تم نسيانه في الغرفة، أو أنهم يريدون تناسي وجوده تماماً.


ثم بدأ الشك يكبر داخل شين، فهو يخشى بأن يقوموا بإيجاد مرشحاً غيره، لأنه حسب مفهوم الجميع، فإن جميع شباب شوانوو أفضل منه، وهم مستعدين بأن يرموا بأنفسهم بالنيران لأجل كيم.



ولكن أخيراً عند المساء، دخلت إلى الغرفة المتواجد فيها شين خادمتان تحملان بين أيديهن رداء أحمر من الذهب وقبعة وحزاماً.


ثم تحدثت إحداهن:"سيد شين، هيا لتستحم وتغير ملابسك، لتكون جاهز لحفل الزفاف."

في الأحوال العادية يتم الزواج بأخذ الزوجة من منزل أهلها إلى منزل زوجها، ويمكن أن يكون العكس ولكن مشهد كهذا نادر حدوثه، فبعد الزواج كانت الزوجة ترتدي حجاب يغطي وجهها وتركب على كرسي ملكي فخم ومن ثم يأخذونها لمنزلها الجديد.




في بعض الأحيان، عندما يكون التطرف شديدًا، يُطلب من العريس الجلوس على الكرسي الملكي، ويغطى وجهه بحجاب ثم أخذه لمنزل زوجته الجديد.


مدينة شوانوو مكاناً محافظاً على العادات والتقاليد، لذا بصفته صهراً، يجب أن يركب على كرسي ملكي ومن ثم يؤخذ إلى منزله الجديد، مع تغطية وجهه بحجاب كما تفعل الزوجة، ولكن أمر كهذا يراه الكثيرون مهين بحق الرجل، فالكثير من الناس يتمنى الموت على فعل أمر كهذا، فبتلك الطريقة تم دهس كرامة الرجال.



لذلك هناك الكثير ممن يفضلون أن يبقوا عازبين لبقية حياتهم، بدلاً من أن يتزوجوا من ابنة عائلة ثرية ومعروفة وأعلى من مستواه.


في هذا الوقت، جلس شين على كرسي السيدان الملكي وهو يرتدي رداءاً أحمر وقناع فضي اللون يغطي وجهه.


تم أخذوه أولاً من منزل إيرل إلى المعبد لأداء مناسك الزواج، ثم أعادوه إلى القصر لإكمال مراسم آخرى.



وقم تم تزيين قصر إيرل بالكامل بالأضواء، وبدت الخادمات أشبه بالنبلاء.



لم يكن هناك الكثير من الضيوف، ومع ذلك فقد تراوحت أعدادهم لأكثر من مئة شخص، وهم الفئة الأقوى.

وقد كان أكثر من نصفهم من أقارب إيرل، بينما النصف الآخر هم من الأبطال المحليين لمدينة شوانوو، والعلماء المشهورين، والمسؤولين العسكريين والمحاربين البارزين وما إلى ذلك.


فعندما انتشر خبر زواج أميرة مدينة شوانوو في جميع أنحاء المدينة والمدينة المجاورة لها، أراد العديد من الضيوف الحضور، ليس فقط من مدينة شوانوو وأنما من جميع أنحاء مقاطعة نوجيانغ، حضور مثل هذا الزفاف الموقر.



سيكون حفل زفاف كبير بلا شك، ولكن كان قرار حفل الزفاف متسرعاً، ولم يتمكن الكثير من الرجال والنساء المحترمين في مقاطعة نوجيانغ من الحضور.

إنه أيضًا من أكثر حفلات الزفاف غطرسة في تاريخ قصر إيرل.

على الرغم من أن الضيوف في القاعة الكبرى كانوا يتحدثون مع بعضهم البعض ، إلا أنهم صمتوا للحظات وهو ينظرون إلى البوابة ليعلموا من هو الرجل الذي اختارته كيم، فقد كاد يقتلهم فضولهم.


لأن الجميع فضوليون للغاية ويتوقعون لمعرفة من سيكون العريس هذا المساء؟

كيم مولان هي أميرة شوانوو، ترى من يستطيع الزواج بشيء مقدس مثلها؟ شيء يصعب الوصول إليه كالسماء، وإلى أي مدى هو مميز حتى أصبح لائق بها؟

ولكن مهما وصل لرقي، فهم حتماً سيغارون منه، لأنهم سيشعرون بأن شخصاً ما قد مزق أحشائهم، وبالأخص الشباب الأبطال الذين جاؤوا، فقد بدت وجوههم زرقاء وهم يحبسون أنفاسهم وينظرون إلى البوابات بتمعن.

ترى من يكون؟
وهل يليق حقاً بالأسطورة وملكة جمال شوانوو؟ وما هي المؤهلات التي لديه ولا تتواجد لديهم؟


على الرغم من أن تيان هنغ من عصابة المحارب الأسود ولكنه لم يتلقى أي دعوة، وأتى بوقاحة لدخول قصر إيرل، كان هناك خوف في قلبه، فهو يخشى بأن يكون العريس هو شين، لأن هذا الأمر كارثة.



ولكن عندما كان يستمع إلى ضيوف القصر، هدأ قلبه المضطرب، لأن أغلب الموجودين قد توقع هوية العريس، ولكن العديد من الأسماء المذكورة كانت لأبطال صغار، أو مواهب عسكرية، أو علماء أدباء، أو مسؤولين في المحاكم والجيش.

ثم سمع أحدهم يقول:"لديه موهبة عسكرية؟ أنت حتماً تمزح، يجب أن يكون العريس عالم على الأقل."

رد عليه الآخر:"نعم، أنت على حق، فعائلة جين ليست عائلة نبيلة عادية، كما أن لديهم مواهب بفنون القتال وحتماً سيعتمدون على أنفسهم بهذا الخصوص، ولكن ما العيب في رغبتهم لتحقيق المزيد من المجد والثراء؟ يمكن للعالم أن يضاهي موهبة كيم القتالية، أنها حقاً منافسة قوية، ولن يضاهي قوتهم أحد."

فالعالم له مكانة عظيمة في هذا العالم، رغم كل شيء، ففي عهد أسرة مينغ، لم يكن هناك سبب للمشاركة في الامتحانات الإمبراطورية، ولكن لا توجد مثل هذه القاعدة في فيتنام.

أجاب الأول :"نعم، الآنسة كيم مولان جميلة جدًا، وجيدة في فنون الدفاع عن النفس، وهناك عدد لا يحصى من الأشخاص الذين يرغبون بها."

رد عليه الآخر:"هذا صحيح، فمن المستحيل أن تكون قادراً على الزواج من أسطورة مثلها، إن لم تكن عالماً."


أما بالنسبة لاسم شين لانغ، فهو لم يُذكر قط، ومن المستحيل بالنسبة لهم بأن يكون هو العريس، فكيف يمكن أن تقارن البجعة بالضفدع، لذا شعر تيان هنغ بالارتياح قليلاً.


في هذه الأثناء، حدق أيضاً تشانغ جين بالباب، فهو يريد أن يعرف من هو عريس الليلة، فحتى هو كان يشعر بالغيرة والحسرة، لأنه لم يكن من نصيبها.


من هي كيم مولان؟ فقد كان جميع الشباب ومن بينهم تشانغ خطيب شو وي، يتمنون بأن يصبحوا عشقها الوحيد، ولكن في الحقيقة، كان تشانغ يعلم ما هو سبب التسرع في الزواج، وهذا لأن إيرل لم يرغب في تزويج ابنته من عائلة تشو، وهم الآن على الطريق بالفعل.


بغض النظر عن هذا، ولكن تشانغ جين شعر براحة داخله، لأن رؤية أحد أقاربه يتزوج من كيم كارثة بالنسبة له، وسيدمر قلبه كلما رآهم، لذا كان شيء جيد إلى حدٍ ما بالفعل.



عندما رأت شو وي خطيبها كيف ينظر بحسرة، غضبت وشعرت بالغيرة، ولكنها حاولت عدم إظهار مشاعرها، وأكتفت بالابتسامة بهدوء، ثم قالت:"أنه أمر مثير للاهتمام حقاً، فنحن جميعنا نتوق لمعرفة الرجل المحظوظ الذي سيتزوج من الآنسة كيم."

في هذا اللحظة، هدأ الناس جميعهم فجأة.

لأن إيرل والكونتيسة ظهروا، وهم جالسين في الجناح العلوي، وبجانبهم كان هناك شاب سمين، ولكنه كان خائفاً وغير سعيد بما يجري، فقد كان هذا الشاب هو ابن إيرل.


نظر الجميع بوجه مليء بالقلق، لأنهم سيعلمون هوية العريس أخيراً.


في هذا الوقت، بدأ صوت المفرقعات والخطى آتٍ من الخارج.

"العريس قادم" قال أحدهم

اندفع الجميع للأمام بفضول، لرؤية العريس المحظوظ.


وأمام أعين الناس التي تراقب بتمعن، قاموا بإنزال كرسي الملكي ببطء، ثم رفعوا الستار، وتم فتح الباب له، حينها خرج العريس بهدوء وهو يرتدي قناع فضي على وجهه، لذا لم يتمكنوا من رؤية وجهه، ولكن بنية جسده النحيلة وبشرته البيضاء، لذا توقعوا بأن يكون عالماً إن لم يكن من الجيش وذو بنية جسدية قوية.

تكهن الجميع بأنه الباحث الكبير فيتنام.

"العروس قادمة" قال أحدهم

وأخيراً ظهرت كيم مولان.

حبس جميع الرجال أنفاسهم، وشعروا كما لو أنهم يختنقون من شدة ألم قلوبهم بمجرد رؤيتها من بعيد، بينما كانت النساء ينظرن بعيون مليئة بالغيرة والحسد.

لأن زوج كيم سيصبح صهر عائلتها، لذا بدلاً من ارتداء فستان أحمر، كانت ترتدي فستاناً فضياً، وكان لونه محايد وملفوف بأناقة حول جسدها الرشيق، فقد بدت فيه تشبه الملاك.

كانت هذه إشارة واضحة توحي بها لهم، بأنها جنرال أثنى، وستقاتل من أجل شرف عائلتها وكرامتها، ولن تكون مستعدة للزواج في منزل أي أحد، بل ستبقى في منزلها.

أثناء سيرها وتمايلها بفستانها الفضي، بدت شخصيتها الملفتة والمثيرة للاهتمام، تسرق الأنظار أكثر، وتزيد الوقود في قلوبهم، فقد تسببت بإغماء العديد من الرجال وهم ينظرون إليها بذهول وبنفس ضيق.

لقد كانت جميلة وفاتنة، ولكنها بدت حساسة أيضاً.

وازداد شعور الرجال بالغيرة من العريس المقنع الآن أكثر.

رغم أن العريس الذي اختارته لا يملك أي مقومات كي يغاروا منه، فهو غبي، وحياته عادية و لا تقبل بطباعه أعراف المجتمع، ثم أنه لا يزال في المرحلة الابتدائية ولم يتخطاها رغم أنه بقي فيها عشر سنوات من الدراسة، هذا غير أنه سيء السمعة.

ومع هذا ولأجل عائلتها فهي على استعداد تام للتضحية بسعادتها والزواج من رجل مثله يتناسب مع مصلحة العائلة، بحيث لن يكون له أي مصالح وطموحات مستقبلية قد تهدد عائلة جين، وهذه الصفات الفريدة يملكها شين وحده، ومع هذا فقد كان لديها شعور بالحزن والندم يستعمر قلبها، ولكنها تحاول عدم إظهاره، فما يهم الآن هو مستقبل العائلة النبيلة، وبألا تنتهي على أيدي الطامعين.


"وصل العريس والعروس" قال أحدهم

حينها وقف الجميع بانتظام وبهدوء

ثم بدأ كاهن المعبد بمراسم زواجهما، فقال:"اعبدوا رب السماء والأرض، وقدموا وعودكم له"

ثم ركعا شين وكيم ليصليا

ثم قال الكاهن:"خذوا بركات الأب والأم"

ثم وقفا أمام إيرل والكونتيسة ليأخذوا بركاتهم منهم أمام الجميع والتي تدل على موافقتهم بالزواج.

كان مراسم الزواج رسمياً، ولكنه لم يدوم طويلًا.

وبصفة شين صهراً، فهو يعامل كالعروس ولن يكشف القناع عن وجهه إلا بعد أن يتوجه الزوج والزوجة إلى غرفتهما الخاصة.

كان من المميت حقاً، بأنهم لن يتمكنوا من رؤية وجه العريس.

في هذه اللحظة، تردد صدى صوت ضحك شخص مجهول في أذان الحشد المتواجد، وكان صوت ضحكاته عالية للغاية، كما لو أنها توحي بالسخرية، فقد كان المسؤول العسكري لمدينة شوانوو، تشو لين.

وبينما هو يستمر بالضحك، دخل ببطء، ونهض إيرل بسرعة ليقابله، ثم انحنى كلاً منهما بسرعة.

إيرل:"إذاً، أنت الأمير تشو لين."

كان الرجل الذي يقف أمامهم هو تشو لين، وهو الأخ الأصغر لحاكم مقاطعة تياننان(تشو رونغ) والذي تربطه صلة قرابة بزوجة الامبراطور، كما أنه مرتبط بالجنرال بينغ نان من ولاية يوي، ويوجد غيرهم الكثير، لذا كان مهماً للغاية.

لذا كان يقف قدر كبير وراء تشو لين الذين يدعمونه ويعطوه القوة.

وقد جاء إلى قصر إيرل نيابة عن رغبات عائلة تشو، لذا سافر لأكثر من ثلاثمئة ميل في اليوم، ولكنه لم يعتقد بأنهم سينتقمون ويزوجون كيم على الفور.

لقد أعلن زواجهما بنفس اليوم الذي قدم به، ماذا يعني هذا؟

أنه واضحاً.

فقد فهم بأنهم لم يكونوا مستعدين للزواج من عائلة تشو، كما أنهم لا يستطيعون الرفض على العلن، لأنها صفعة ستؤدي لكوارث لعائلته، لذلك فعلوا ما يمكنهم فعله وهو تزويج ابنتهم، واختيار صهر جديد قبل وصوله الموعود.

ضحك تشو لين مجدداً، ثم قال:"إيرل، أنت لست باراً بما يكفي، أنه حقاً أمر محزن بأن تتزوج كيم من هذا العريس ولا تبلغني بالأمر، فلولا قدومي لأجل عمل رسمي في مدينة شوانوو لما كنت سأعلم بالأمر"

ثم تابع بدافع الفضول:
"إيرل، على الرغم بأننا نعلم التقاليد المتعارف عليها، بأنه لا يجب أن يكشف العريس عن وجهه، ولكنني حقاً أشعر بالفضول لمعرفة الشخص الذي يستحق كيم، وما هي المواهب التي يمتلكها كي يكون جدير بها؟ لذا هل يمكنك القبول والسماح له برفع القناع عن وجهه لإرضاء فضولي؟"

ابتسم الجميع من داخلهم، فقد نطق بما يتمنون حصوله.

ثم صرخ الجميع:"أجل، دعونا نرى" بات لأصواتهم صدى قد ملء المكان.

نظرت كيم مولان إلى شين لانغ وأومأت برأسها.

ابتسم شين ورفع القناع مباشرة عن وجهه

فجأة، صرخ الكثير من الناس بصوت مروع.

اتسعت عيون تيان هنغ، فقد سرت قشعريرة مريبة في جسده.

بشكل غير متوقع بالنسبة له...

"أنه حقاً شين! هذه مشكلة كبيرة" قال تيان هنغ

ولكن التعبير الأكثر رعباً كان على وجه شو وي وتشانغ

في هذا الوقت، لم يعد بإمكان شو وي التحكم في نفسها، ونسيت سلوك السيدة المحترمة، ولم تجرؤ على النظر في وجه شين لانغ ، وشهقت بصوت مرتفع.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي