7

في الثلاثة أشهر التي مرت، مر الكثير معها.

خوليو شكل اتحادًا مع كلوديا وسوزان، دون البقاء مع بعضهم، حيث كانوا يوردون لبعضهم ما يحتاجون.

وفي آخر مرة سمعوا صوت لورلاي عندما قالت "ثلاثة" حينها واتتهم الفرصة لكي يشكلوا فريقًا ثلاثيًا.

ومن يتم رؤيته مخالفًا من قِبل الملاحقين، يُنال منه في حال لم يتمكن من الفرار.

قام بعض المدافعين بصنع الأسلحة من خشب الطبيعة، كأوتاد، وكانت قد مرت الأشهر الثلاث بمقتل مئتي مدافع، بعضهم قُتل من المدافعين أنفسهم كخلافٍ على الطعام والمكان، وبعضهم اشتبك مع الملاحقين.


وفي النهاية موت المدافع محتم، فالأسلحة يمتلكها الملاحقون فقط.

بعد مشاهدة عمليات القتل أصبح الوضع أكثر خطورةٍ وحذرٍ؛ وعلى إِثر ذلك تفرق المدافعون؛ بسبب حجم الجزيرة الكبير حيث ساعدت على بقاء الأغلبية على قيد الحياة، وهذا من شأنه أن جعل مهمة القبض عليهم -من قبل الملاحقين- أصعب من ذي قبل.

في تلك الأثناء التي يقاسي فيها المدافعون صعوبة العيش، كان الملاحقون يتمتعون بكل ما لديهم من رفاهيةٍ، حجراتٌ للنوم، طعامٌ وفير، نظافةٌ، أسلحةٌ، وكهرباءٌ عن طريق ألواح الطاقة الشمسية.

علاقاتهم أصبحت وطيدة، قائدهم واحد والذي هو أوسكار، هذا غير أن بعضهم أصبح لديه حبيبةٍ في نفس المقر، مستمرون في حياتهم وكأن شيئًا لم يتغير في حياتهم.

وطريقة سخريتهم من القسم الآخر من اللاعبين وقتلهم لهم -وكأنهم قانون يقضي على مجرمين- جعل الأمر يبدو كما لو أن جزءًا من الإنسانية لديهم قد ذهب بعيدًا.

..

العودة بالزمن إلى الأحداث الأصلية..

كان أوسكار يتبختر مفتخرًا بنفسه في الرواق، وبينما كان يسير شد انتباهَه باب غرفةٍ مفتوحٍ، ألقى بنظرة على من فيها، وكان أحد جنوده المخلصين"كارتر".

-ماالذي تكتبه على الحائط يا كارتر؟

التفت المدعو كارتر إليه واعتدل بوقفته باحترام:
_أنا أسجل العدد الذي قمت بقتله حتى الآن يا سيدي.

-هل حقًا فعلت؟ دعني أرى.

وبمشيته المختالة الفخورة ذاتها سمح أوسكار لنفسه بالدخول إلى غرفة الآخر، ضيق عينيه وهو ينظر إلى المكتوب على الحائط:
_ يوجد خمس عشرة إشارة!

-أنا لا أعرف الأرقام ولا الكتابة سيدي.

-لا بأس، لقد وصلت لي فكرتك، إذا كان هذا هو عددك فهذا رقم جيد يا كارتر، لكن عليك أن تبذل جُهدًا أكبر؛ هناك من لديهم رقمٌ أعلى.

ثم طبطب بقوة على كتف كارتر والذي كان يفتح عينيه على مصراعيهما وهو يتخيل نفسه الفائز الأول الذي يقوم بإنقاص عدد البشر على هذه الجزيرة.

إنه مختلٌ آخر، يشعر بالنشوة فقط من كلمات التملق دون أن يدرك هذا.


تمامًا مثل قائده.




بالعودة إلى الغابة تحدث أحدهم:

-أقسم أننا تركنا جثثهم هنا.

سأله الآخر:
-إلى أين ذهبوا إذن؟ هل نهضوا من الموت وهربوا لوحدهم؟

-هناك امرأة منهم لاذت بالفرار، ربما هي من أخذتهم.

-إذا كان الأمر هكذا إذن هي لم تبتعد كثيرًا.

أشار بيده نحو اتجاهين متعاكسين ثم حمل سلاحه:
-دعونا نفترق حتى نجدها بسرعة، لقد قتلوا الكثير منا، إذا لم نتخلص منهم جميعهم سوف نُقتل وهكذا لن نعود إلى منازلنا حتى.

-لدينا هذه الأسلحة والمخازن فقط، ريك أخذ السلاح الرابع ولحق بها، لكن مع اختفاء الجثث يبدو أنها قتلته.


فرك الرجل -الذي تحدث للتو- مقدمة رأسه بسبب الصُداع الذي أصابه، ثم نطق مستاءًا:

-ذلك الـريك سافلٌ مجنون وشخص بغيض، لديه مرضٌ ملعونٌ يجعله يطارد نزواته بينما نحن نحاول البقاء على قيد الحياة، لقد كان قرارُ إحضاره معنا فكرةً سيئةً منذُ البداية.

لم يجد ردًا مِمن يقفون معه؛ فبعضهم كان يمشي على هوى ريك دون التفكير بالنتائج.

وبعد صمتٍ ونظراتٍ متوترة فيما بينهم تقدم أحدهم قائلًا:
- جوناس يا صديقي، ربما أنت محق، ولكن هذا لن ينفعنا الآن، علينا أن نجده، هل تظن أن شخصًا آخر غيرها جاء هُنا وأخذهم بعيدًا.

تنهد "جوناس" وحرك رأسه للجانبين:

-لا أعلم، ولكن كلَّ شيءٍ واردٌ، فلننقسم كل ثلاثةٍ مع بعضنا؛ حتى نوهم أولئك الأوغاد أننا نتبع القوانين وواحدٌ فقط من الثلاثة سيحمل سلاحًا.

تفرق التسعة وذهب كل ثلاثةٍ معًا كما هو مخططٌ له، كانوا جميعُهم حذرين ورجالًا ناضجين تتراوح أعمارهم ما بين الثلاثين والأربعين لا وجود لضعيفٍ أو فتىّ بينهم.

.



وبينما بدأوا بالبحث عن جنجر و"ريك"، لم يعلموا أنه أمسك بها وحاصرها في كوخ محطم، حيث كان يصرخ بها ويتحدث بكامل قواه العقلية ورغباته الحيوانية وهو يشهر السلاح على رأسها:

-قلت لك اخلعي ملابسك ألا تفهمين ما أقول؟ كم مرة عليَّ أن أكرر ذلك؟


أغمضت جنجر عينيها رافعةّ كفي يديها بمحاذاة وجهها وهي تذرف الدموع وتتوسل دون توقف.


حينها فقط سمعت صوتًا غير عادي، بدا كصوت كلب مسعور، في أقل من الثانية اختلط صوته بصرخة من ريك.

فتحت عينيها لتجد ريك على الأرض وفوقه رجل تعرفت عليه، كان أحد زملائها الذي قد تم قتله بالسكاكين.

إنه الرجل الوسيم واللطيف الذي كان يغمز لك كل ما مر من جانبك يا جنجر.

-جاكس...!

همست باسمه ثم أفرغت فمها ممّا رأته.

كان جاكس يعض عنق ريك من الجانب ولا يفلته، بينما الآخر يحاول الدفاع عن نفسه وإبعاده، لوهلة ظنت جنجر أنه جاء لإنقاذها وأنه لم يمت لكن سرعان ما دخل زميلها الآخر  لينقض على ريك ويبدأ بنهشه وأكل لحمه كما يفعل الأول.

عرفت جنجر أنهما وحشان، حينها اختفى صوتها وكتمت أنفاسها وهي تلتصق بالجدار الخشبي، تسير بمحاذاته وكأنها قطعةٌ منه.

تنظر بعيونٍ تكاد تخرج من مكانها إلى وجه ريك الذي كان يلفظ أنفاسه الأخيرة وعيناه مثبتةٌ عليها، ودماؤه التي لطخت وجهه قد خرجت من فمه، تخنق صوته ليخرج كالغرغرة.

علمت أنه يطلب المساعدة، كان هذا ما رأته في عينيه ومن يده التي كان يوجهها نحوها، فحزنت بشدةٍ.

ولكن هذا الرجل كان يريد أن يغتصبك يا جنجر، مهما كانت اللعنة التي تحدث الآن، أنت لن يكون بمقدورك النجاة منها في حال فكرتي بإنقاذه.

اهربي صغيرتي وإلا التهم هذان الرجُلان وجهك الجميل.

وصلت جنجر إلى النافذة ومن حسن حضها أنها كانت دون أبواب بينما فكها يرتجف وهي تقاوم ضرب أسنانها ببعضها حتى لا تصدر أي صوت، كانت تستطيع أن تسمع أصوات التهامهما لحمه وأحشائه اللزجة بالدماء.

وبينما عيناها مصوبةً عليهم ولا تستطيع مغادرتهما خوفًا من أن يدركا وجودها في أي لحظة فتصبح وليمة، صرخ عقلها بهذه الجملة:
"ما الذي يحدث بحق الله، اللعنة يا جنجر لا تقفي هكذا، فقط اهربي"


استمعت إلى رغبتها بالنجاة، فاتكأت بيدها وأسفل ظهرها على حافة النافذة ثم أخرجت ساقها الأولى ونجحت باستقرارها على الأرض، بينما كانت ما تزال تراقبهما بأوصالها المرتعدة.

ثم رفعت قدمها الأخرى لتخرجها تماماً ولكنها دهست على غصن صغير جدًا، كان صوته كفيلًا لكي يلتفتا إليها بوجوههم المرعبة.

لقد كانت أعينهم حمراء اللون وأفواههم تخرج منها أنياب ملطخةٌ بالدماء التي تتوزع حول أفواههم، وهما يطلقان زمجرةّ مخيفةّ بينما ينظران إليها.

وكالغبية، شهقت وتصنمت في مكانها وهي تشاهد فقط، لتُجزم أن نهايتها أصبحت هنا أمام هذه النافذة.

أغمضت عينيها لترَ صور ابنتها ذات الثلاثة أعوام وهي تمر كشريط الذكريات، وكانت تظنها النهاية لكن حبها لابنتها جعل لديها رغبةً كبيرةً في البقاء على قيد الحياة.

كم هذا مُسعف للروح والبدن! البقاء لأجل من نحب.

هذه ليست النهاية، أجل أنت محقة.

جمعت عزمها وبدأت بالركض السريع رغم إصابتها، فما حدث منذ قليل رفع الإدرينالين في جسدها لدرجةِ أنها لم تعد تشعر بالألم في ساقها.

عليك أن تُسرعي وإلا أصبحت وليمةً دسمةً، هذا مثال جيد للبقاء على قيد الحياة.

لكن، ما هي أفضل فريسة للكلب المسعور؟

فريسة راكضة.

حية.

مُتحدية.

أمسكاها إن استطعتما، فتاتنا عداءةٌ بجدارة.

ومع نباحٍ عالٍ يختلط بالزمجرة ارتفعا عن الأرض ولحقا بها.



-تبًا.. تبًا.. تبًا...

لعَنت من بين أسنانها المصطكة ببعضها وهي تجري كصاروخٍ تم قذفه حديثًا.

صديقاكِ أو ما تبقى منهما قادمان لافتراسكِ يا جنجر، عليكِ ألا توقفي محركات الجري السريع لديكِ أبدًا.


في حين أن جنجر قد شَغَلَت وضع الهروب المُطلق، كان خوليو يُدندن وهو يغسل قميصه الوحيد الذي كان يرتديه، وفي الجهة الأخرى كانت سوزان تنظر إليه وتبتسم وهي تراقب انقباض عضلات ذراعيه وجذعه العلوي.

-تبًا..
دون إدراك أفلتت هذه الكلمة من بين شفتيها.

-عليك أن تعترفي له عوضًا عن سيلان لعابك.

قالت كلوديا ذلك وهي تضرب أسفل ذقن صديقتها؛ لتغلق فمها.

فسألت سوزان:
-هل تظنين أنني أعجبه؟

وقفت كلوديا بمحاذاتها تنظر إليه وتجمع حاجبيها بتفكير.

-لا أعلم، هو يبدو بريئًا، وأنت ..

-أنا ماذا؟

نظرت كلوديا في وجه سوزان لتقول:
-تستحقين رجلًا جيدًا، وليس كمن كان يسيء معاملتك.

ابتسمت سوزان وهي تلضم شفتيها وتلعب بقلادتها الذهبية حول عنقها بتوتر.

ثم غلغلت أصابعها في شعرها الأشقر اللولبي، تفرك فروة رأسها.
عرفت كلوديا مشاعر صديقتها وما تنوي عليه فتحدثت:

-هيا، إنها فرصتك..

ابتسمت سوزان لكلوديا مظهرة أسنانها البيضاء المثالية ونظراتها تغزل قصة إعجابها الشديد بخوليو الغبي خاصتنا.

-سأذهب.

اومأت لها كلوديا فتحركت الأخرى باتجاهه، كان عليها أن تعبر النهر حتى تصل إليه.

-خوليو

انقطع تركيز خوليو عن قطعة القماش التي كادت أن تصبح باليةً بين يديه، ثم رفع رأسه ينظر إلى ابتسامتها.

-أهلًا.

-هل تحتاج للمساعدة؟

-لا، لقد انتهيت.



كان عليه أن يقول أجل، هذا الأبله لا يعلم متى تقوم أنسة بمبادرتها معه.

وقف أمامها وبدأ ينفض قميصه بقوة فانتشرت حبيبات المياه العالقة به في الهواء، وقد أصاب بعضها وجه سوزان مداعبةً لها بلطف. 

التفتت سوزان إلى الجانب مع شهقةٍ خفيفةٍ، فنظر خوليو إليها وبسط كفه أمامها:

-أنا أسف، هل دخل الماء في عينيك؟

-لا، أنا بخير.

بدأت تبعد شعرها المبتل عن وجهها، بينما كان خوليو لا يتوقف عن الحديث.

-تبًا، لقد بللتك،

نظر إلى قميصه وأكمل:
_بهذا القميص القذر، تبًا لي.

نظرت له بتعجب، وبصدمته ذاتها أكمل هو:

-لا، إنه ليس قذرًا بالكامل، لقد قمتُ بغسله، ولكني أعتبره قذرًا.

-فقط اصمت، ودعني أتحدث.

أطبق خوليو شفتيه بتوتر، كان خائفًا مما ستقوله سوزان في وجهه، ولكن قبل أن تنطق الأخرى بأية كلمةٍ قاطعها صوت كلوديا:

-ما اللعنة؟

سوزان وخوليو:
-ماذا!

وقفت كلوديا في منتصف النهر والذي لا يصل لنصف ساقها، حيث جعل عبوره آمنًا لهم.

ضيقت عينيها وهي تراقب شخصًا يركض باتجاههم بطريقة هوجاء، وكان يطلق ذراعيه في الهواء ويركض بثقلٍ سببه تيار المياه المعاكس.

حينها نظر الآخران إلى ما تنظر إليه وأدركا ما هو القادم.


-إنه مُلاحق، فلنهرب.

اعترضت سوزان:
-إنه أعزل، يمكننا أن ننال منه.

هز خوليو رأسه قائلًا بذعر:
-لا، لا، أيتها البطلة الصغيرة، الإتفاق هو الهروب والاختباء.

صمت قليلًا ونظر إلى الرجل ليكمل:
-ثم إنه قادم على عجل، لا بد وأن فريقه هنا، هيا لنهرب.

ارتدى خوليو قميصه المبلل على عجل، حينها بدأ ذلك الرجل الراكض بالاقتراب.

فتحت كلوديا عينيها بخوف شديد وهي ترى هيئته وملامح وجهه الغريبة والمتوحشة، كان يبدو كخنزيزٍ بريٍّ غاضب تم إطلاقه.

وعندما بدأ بالاقتراب وصل إلى مسامعها صوت الكلب الجائع الخاص به.


-اللعنة..

ركضت كلوديا وهي تتخطاهما:

-اهربا أيها الأحمقان.

ومثل نداء الطبيعة، ما كان على خوليو إلا أن يقبض على معصم سوزان ويبدأ بالركض، يجرها خلفه كما لو أن حياته تعتمد على ذلك.

-ماذا هناك؟

سألت سوزان كلوديا التي أجابتها بأنفاسٍ متقطعة إثر الجري:
-لا أعرف، هو ليس طبيعيًا، شعرت أنه قادم من أجل التهامي كان يفتح فمه ويزمجر كالحيوان المفترس.


-يا إلهي، تبًا، لقد سمعت صوته كذلك.

قال خوليو ذلك وانقضت ملامح وجهه بخوف ٍ؛ هذا كان آخر ما ينقصه، رجل مجنون يفتح ذراعيه ويركض نحوه ليعانقه عناق الموت. 

كان خوليو يتخيل ذلك حرفيًا رغم أن قدميه مشغولتين بالجري، إلا أن ذهنه قد أرسل له سيناريوهات عما سيحدث له في حال وقع بين يديه.

..

بالعودة إلى المقر، دخل براندون إلى مكتب أوسكار:

-استعلمت عن الأمر، لم تعد الفرقة الرباعية بعد.

التفت أوسكار لبراندون وقال:
-إذًا فلنبحث عنهم.

أضاف ابتسامة مختلة كما عهده الجميع وأكمل:

-صوفيا، كارتر وماتيلدا، تعالوا معي.

توقفت صوفيا عن معاينة سلاحها ثم نهضت تقترب من أوسكار برفقة من نادى عليهم.

نظر براندون إلى صوفيا والقلق واضحٌ عليه، لقد شعر كما لو أن أوسكار تعمد أخذها معه.


-سوف أذهب معكم.

لم يلبث أن قال براندون ذلك حتى رمقه أوسكار بنظرة منزعجة من أعلى كتفه:
-أقدّر لك ذلك، ولكن لا؛ يجب أن تبقَ هنا.

-لماذا؟

-لأنني أحتاجك هنا.

-ولكن..

-أنت مساعدي، لن أترك المكان بدون مراقبة.

ابتلع براندون ما في فمه من كلمات، وأعلن استسلامه.

-كما تشاء.

ثم رفع بصره ووقع على وجه صوفيا التي لم تعطه أي ردة فعلٍ أو نظرة واحدة حتى.



..

عند جنجر، حيث كانت تركض في الغابة، تتعثر مرات ويرتطم وجهها بالأغصان مرات أخرى.

وصل طلبها للنجدة إلى مسامع إدجار الذي كان يضع الأرانب التي اصطادها بحمالة واحدة ويدلي بها على ظهره.

مرت من قربه ولم يكترث لها، وعندما لمح الرجلين القادمين توقف خلف جذع شجرة مُخْفِيًا نفسه، وهكذا مرا من قربه بأصواتهما وحركتهما المريبة.

...


في مكان آخر على الجزيرة وتحت الأرض، مقر مختلف عن الذي يقطن فيه الملاحقون، كانت لورلاي برفقة هانز تراقب كل شيء من خلال الشاشات التي تفرش الحائط، وأمامها ظهر المسعوران وهما ينقضان على ريك في ذلك الكوخ.

-لقد بدأ الأمر وأخيرًا.

-هل تظنين أنه كان يجب علينا حقن الطرف الآخر، لا جنودنا؟

-هل بدأت تصدق هذا؟ لا تكن عاطفيًا.

-لم أعني، هذا..

لم تأبه لورلاي لما سيقوله وأكملت:
-بجب أن ننتظر عودتهم لرشدهم، لا يبدو عليهم التعقل.

-إنهما جائعان، انظري كيف يلتهمانه، رباه، لا أظن أنهما سيتركان شيئاً غير العظام.

بينما يراقبان الشاشة، كان أحدهما يمسك بذراع ريك ويقوم بالتهامها.

قطبت لورلاي حاجبيها وهي تقترب من الشاشة، فرفع أحدهم نظره؛ لتشعر كما لو أنه ينظر في عينيها بشكل مباشر.

حينها أصدرت جنجر صوتًا وركض المسعوران خلفها.



في خوفٍ شديدٍ عادت لورلاي إلى الخلف وهي تضع يدها على قلبها.

بينما كان هانز منشغلاً بتغيير لقطة الشاشة في محاولة رؤية المطاردة.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي