10

الفصل العاشر

في المركز، حيث يجلس براندون في مكتب أوسكار وعلى وجهه القلق واضح، يفكر في الخطر الذي يمكن أن يواجه صوفيا في الخارج.

"ذلك اللعين إنه يتعمد إبعادها عني"


هذا صحيح، ولكن صوفيا تكره وجودك بشدة، لماذا لا تدعها وشأنها؟ أنت مجرد جبان ولم تعد تريد النظر في وجهك، توقف عن ملاحقتها واهتم بشؤونك الخاصة، مثل ذلك الرجل القزم الذي مر من أمام الباب وخلفه رجاله.



بينما يحدق براندون بمن مروا من جانبه عادت له الذكريات إلى أول يوم قضاه هنا.



كان يقف خلف الحائط، يتنصت على الحديث الذي كان يدور بين ٩ رجال، يتوسطهم رجُل ضئيل البنية، يحمل سيجارة سميكة بين أصابعه، بينما يلف قدميه فوق الطاولة ويتكئ بكوعه على سلاحه.

رغم أنهم في مقر خاص، وكل من حولهم يعتبرون حلفاء إلا أنه ومن معه لا يتركون السلاح أبدًا، إنهم أشخاصٌ حذرون، يجعدون الحواجب، والقسوة في ملامح وجوههم صارخة.


-سيدي، هل تظنون أننا نستطيع البقاء هنا؟ مع كل هذا العدد؟ أنتم أردتم استعمار أفضل مكان لكي يحتوينا نحن فقط.

رد الرجل الضئيل على المتحدث بعد أن نفث الدخان من أنفه:

-تغيرت الخطة، فما قدمته تلك السافلة الشقراء لم يكن في الحسبان، عليكم أن تنتظروا إشارة منا، لا ترتكبوا أية حماقة.


خاطب براندون نفسه في عقله :
"يتحدث بصيغة الجمع عن نفسه!"
ثم فتح عينيه بصدمة واضحة عندما أدرك من المتحدث.


همس الرجل الذي كان يلتصق بالآخر الضئيل، والذي بدا مقربًا منه:

-هل تظنون أن البقاء مع الكثير أمر جيد؟

-هذا جيد حتى الآن، وسوف نستمر هكذا حتى تواتينا الفرصة لامتلاك كل شيء، لن يبقى على هذه الجزيرة إنسان حي، وكل الجوائز ستكون لنا.

-إذًا لن نكشف عن هويتنا الآن؟

-لا، إذهبوا وتفقدوا الأجواء، أنت فقط ابقى هنا.

تحرك من كان حوله ينفذون أوامره ما عدا الذي كان يتحدث معه.

سكب له في كأسه المزيد من المشروب ثم عاد إلى مكانه كطفل ضخم مطيع.




عند صوفيا.

انقضى الوقت لما يقارب عشرة دقائق كانت تدخن سيجارًا وتفكر بشرود، كما لو أنها قد انفصلت عن محيطها، تفكر بما الذي تفعله هنا! وتشعر بأن كل ما يحدث حولها خاطئ.

تذكرت ذلك اليوم عندما دخلت ماتيلدا إلى غرفة الفندق الخاصة بهما، كانت تحمل ورقة بيضاء كبيرة الحجم وعليها إعلان المسابقة.

وضعت ماتيلدا الورقة أمام صوفيا وقالت مع ابتسامة كبيرة أخفت عينيها بسبب ارتفاع خدودها: لقد وجدت لك مكانًا تهربين إليه.

-لوحدي؟

-لا، سوف أذهب معك.

-لا أعني أنت!!

-أه، تقصدين وحدنا؟!

-أجل، لقد فهمتي ما أعنيه ماتيلدا لا تدعِ الغباء أمامي الآن.

-بصراحة ذلك الأحمق لا يعلم شيئًا، لن أخبره.

جلست صوفيا وبدأت تقرأ ما في الورقة من كلمات، كان العرض مغريًا بالنسبة لها، هي تحتاج إلى المال بالإضافة إلى المغامرة.

نظرت في وجه ماتيلدا ثم رفعت حاجبها بينما تنظر بحدة:
-هل تعدين بأنك لن تخبريه؟
-بالطبع يا صديقتي، من يريد وجود ثلاثيًا أحمقًا في الجوار!

- لا أعلم، إسألي نفسك عن سبب وجود ذلك البراندون مع صديقيه.

-لقد إتصل بي وخدعني، لم أكن حذرة، هذا هو الأمر فقط.


عادت صوفيا إلى أرض الواقع بعد أن سمعت صوت أوسكار وهو يتحدث بنبرة عالية ولقد شعرت أنه يريدها أن تسمعه:


-مالذي تفعله؟ هل أنت أحمق لكي تعود إلى هنا؟


نطرت صوفيا إلى الخارج فوجدت إدجار يحمل مسدسًا في يده ويضعه على رأس أوكسار.

-حرروا الفتاة، وألقوا بأسلحتكم على الأرض وإلا فجرت رأسك الأصلع.


نظرت جنجر إلى ما يحدث، وظنت أن ما تشاهده هلوسة لا أكثر لكنها تيقنت من صحته بعد أن أمر أوسكار ماتيلدا وكارتر بالطاعة.

وبينما هي ما تزال على الأرض جاثية، تشاهد ما يفعله إدجار لأجلها، حركت شفتيها لكي تتحدث وقبل أن تنطق بكلمة واحدة وجهت صوفيا سلاحها نحو إدجار وهي تقف بعيدًا.


-ربما أنت من عليه أن يُلقي سلاحه!

لعن إدجار في سره؛ هو يتذكر هذا الصوت جيدًا.

نظر في وجه جنجر الحزين، وكانت الخيبة في عينيها واضحة، لكنه تساءل لم هي تهز رأسها بهذه الطريقة! لقد بدت محملة بالذنوب كما لو أنها من ستقوم بقتله.

ضحك أوسكار بينما يلتفت نحو إدجار مكملًا بنبرته المتبجحة والممتلئة بالشرور:

-حان الوقت لتستسلم، أليس كذلك أيها الجرذ العفن؟

أفلت إدجار المسدس من يده فسقط ملامسًا حبيبات الرمال على الأرض، كان قد ألقاه قرب قدمه تمامًا لدرجة أنه شعر بالرمل يضرب بنطاله وحذاءه من الأسفل.

لقد حددت مكانَه بالضبط، هذه خدعة قديمة وسحرية جدًا يا إدجار، تحتاج للثناء، ربما ستفشل ويلتقط أعداؤك السلاح، ولكن احتمال عدم انتشاله ونسيان أمره ما يزال واردًا.

كم أنك وغد ذكي.

استدار أوسكار نحو جنجر وأمرها بالوقوف:
-هذا الذي قتل رجالنا، ما الذي يجعله يعود من أجلك؟

فتح إدجار عينيه بصدمة عندما سمع "قتل رجالنا" ثم راقب سرعة أوسكار الذي خزن كل قوته في ذراعه وسدد له لكمة في منتصف معدته.

هذه اللكمة كانت قوية جدًا حتى جعلت الأنين ينفلت من شفتيه وهو ينحني إلى الأمام ويشتمه، ولكنه شعر بألم الخيانة أكثر.


والآن فقط بعد ما حدث، لم يكن عليكَ العودة يا صاحبنا، من المثير للندم أنك في اللحظة التي تُقدم فيها على تصرف ظننته صحيحًا يثبت القدر لك والبشر أن ما فعلته في البداية هو الأصح.

الانسحاب وعدم التدخل، كان شعارك الثابت، كان عليك الثبات على هذا.

رجف قلب جنجر من الخوف عليه، لا تعلم لماذا، ولكنه الآن بورطة من أعلاه حتى أخمص قدميه بسببها.

سأل أوسكار:
-سوف أسألك هذا السؤال وعليك أن تجيبني وتموت بعدها بطريقة سريعة، لماذا قتلت رجالي؟

نظر إدجار إلى وجه جنجر الملطخ بالذنب:

-هل قالت لك أنني قتلتهم؟

اهتزت شفتي جنجر وهي تكبح البكاء واضعة أصابع يدها على فمها.

سدد أوسكار لكمة في وجه الآخر ونتيجة لذلك سقط على الأرض، لكنه قاوم مانعًا وجهه من التمرغ في التراب.

جلس على ركبتيه قرب المسدس ورفع بصره ليواجه عينا أوسكار المجنونتان.

ابتلعت صوفيا ما في حلقها، وبدأ العرق يتصبب من جبهتها، لقد شعرت أن التوتر يكاد أن ينال من رباط جأشها.

كانت تضغط على السلاح بقوة بيديها الاثنتين وشعور ما في داخلها يقنعها أن ما يحدث هو أمرٌ خاطئ.

من الذي سوف تطلقين عليه عندما تضطرين لفعل ذلك يا صوفيا؟!




-صوفيا، حلوتي.. اجعلي دماغه يتناثر.

بعد الأمر الذي جاء من أوسكار، بتردد غير ملحوظ وجهت صوفيا سلاحها نحو رأس إدجار


بينما يلامس الأرض بركبتيه، رفع بصره ونظر في وجهها، يعلن لها أنه لن يموت مكسورًا ذليلًا، وأنه سينظر بوجه من سيقدم على قتله دون رهبة.

كانت عيناه باردتان جدًا، وفي قلبه سلام داخلي يعكس رغبته للبقاء على قيد الحياة في السابق.

فظهر صوتًا يخاطبه في عقله قد فصله عن الواقع:
"تستحق ذلك، ما كان يجب أن تنجرف خلف عاطفتك، مكانك هو الجليد والظلام، الآن سوف ترتاح، لن يتم ازعاجك من قِبل أي متطفل بعد الآن، ربما حان الوقت كي تلتقي بها، لا بد وأنها تعلم ذلك الآن، ما يحدث لك، وما سيحدث، سوف تستقبلك دون شك، يا إدي"
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي