الفصل الرابع

مروان:
‏_أخي أرى في عينيك لمعه الحب، وهذا سوف يؤدي إلى تدميرك، أراك سعيداً معها، وتتحدث على غير عادتك صامتاً،بارداً، وصارماً، ألاحظ أنك معها تكون لطيفاً وحنوناً؛ يبدو أنها بدايةٌ للحب.


وقف ماهر بغضب وقبض على يده ثم لكمه بقوة لدرجة أن مروان سقط أرضا، وهو يضع يده على وجهه وشفتيه وكانت تخرج منها الدماء، فوقف حمزه وهو يصرخ في وجهه قائلاً:

- توقف، أتضربه لأنه يقول الحقيقة، أنت ترفض اقناع نفسك بأنك معجبٌ بها؟

أصبح ماهر كالمجنون يكسر كل ما هو أمامه وهو يقول بصوت مليء بالحزن وقد هز أركان المنزل:

_كفى أتوسل إليكم، لماذا لا تحبون أن تروني سعيداً، إنني أشعر حينما أكون بجانبها وكأن العالم توقف وهيىء لنا نحن فقط، أشعر بأن السعادة تغمرني، لماذا لا يوجد شيء مكتمل بحياتي، لا يوجد أي شيء جميل.

اقترب مروان منه بحزن و عانقه بقوة، كي يخفف عنه الآلام.

فقال له ماهر بنبرة مكسوره:
_لا أعلم هل أنا أحبها أم أن هذا مجرد إعجاب لكن قلبي ليس بيدي.

هنا أمسكه حمزه من معصمه بقوة وهو يضغط عليه ويضع يده الثانية على قلبه قائلاً بغضب:

-ماذا تقول يا رجل ما هذا الهراء، قلب! أيوجد لديك قلب ومشاعر، منذ متى وأنت تعترف به، ألم تقل أنك لا تمتلك قلب ولا رحمة، كيف تفتحه للحب؟

_نعم قلت هكذا.

وأكمل وهو يضع يده على قلبه بحزن:
_ولكن هذا القلب نبض لأجلها، أشعر بالسعاده لأول مرة معاها.

زفر حمزه بضيق وجلس وهو يفرقع أصابعه بقلة صبر وغضب قائلا:
_ أصمت أيها الأحمق، أنت تعرض حياتنا وحياتك للخطر، إذا كنت تحبها ابتعد عنها، أنسيت أنك مراقب من عائله رولا، وأننا جئنا هنا لكي نبعد عن الأنظار ونفكر كيف سنتخلص منهم.

_أنت لم تحبها، أنت فقط تقنع نفسك بذلك، إنها بريئة وليس لها ذنب؛ لتدخل في حلقة الانتقام والموت، إذا أحببتها اتركها تعيش حياتها، وتحقق أحلامها بعيدةً عن عالم المافيا المليء بالدم والقتل، ترى هل ستكون مرتاحاً إذا قتلوها؛لكي يقضوا عليك؟

جلس ماهر وعلامات الألم تظهر على وجهه وظل صامتاً يعيد التفكير في كلام حمزه، هل هو فعلاً يحبها؟ هل سيكون مرتاحاً إذا استخدموها كطعم للايقاع به.

ثم خرج عن صمته متحدثا:
_لقد أخذت قراري سأبتعد عنها ولكن سأساعدها من بعيد وأراقبها دائماً.

مسح حمزه على رأسه بغضب وشرب كوب من الماء لكي يهدأ ثم قال له:

_ حسنا اسمح لك بهذا فقط، ولكن ليس مسموح لك باللقاء معها مجدداً، والآن انتهت القصه التي لم تبدأ.

دلف ماهر إلى الحمام وخلع ثيابه ووقف تحت الماء البارد لعلها تهدّئ من غضبه وحزنه، ولم يعرف كم مضى من الوقت وهو مسترخٍ تحت الماء ولكن كل ما يعلمه أنه يريد أن يشعر بالراحة فقط.

أما في منزل مريم التي كانت تتحدث مع ميسون.

قالت مريم بمكر:
_صحيح، ألستي معجبةً بأحد؟

فأجابت بتوتر:
_ ماذا؟ لا أنا لست معجبةً بأحد.

عقدت حاجبها بشك قائلة:
_سأحاول تصديقك، ولكن أرى انكِ عندما ترين أو تسمعين صوت ماهر أو أحدثك عنه، عيناكِ تلمع بشدة وتبتسمين وتصبحين شاردة الذهن.

فاشتعلت وجنيتها وأصبحت حمراء وهي تبتسم بخجل، فضحكت مريم بشدة.

-لا أصدق، ها أنت واقعة في الحب يا فتاة فبمجرد أنني ذكرت اسمه، حدث فيك كل هذا، يا لكِ من مسكينة!

فضربتها ميسون بمرح في مؤخرة رأسها قائلة بخجل:
_اصمتي، أنت ثقيلة الفعل، انا لست متأكدةٌ من مشاعري ولكن كل ما أعلمه هو أنني حين أكون معه أنسى العالم بأسره، دقات قلبي تنبض بعنف، عندما يمسك بيدي ويقبلهما أشعر برجفة تسري في كامل جسدي، والسعادة تغمرني، هو منفذي ولكن أنا لا أعلم عنه شيء سوى اسمه ومهنته، إنه غامضٌ ولا يتحدث كثير، وينصت إلي كثيرا.

-يا الله، كل هذا وتقولين بأنك لا تعلمين ما حقيقة مشاعرك، أقسم بأنك تحبينه يا فتاة.

_ لا أنا لا أحبه فقط معجبه به، هو وسيم جداً، جسده رائع عضلاته بارزه، مثل البطل ويشبه فارس أحلامي، لحيته تزيده وسامة، طويل جداً، نظراته لا أستطيع فهمها، ولا أستطيع أن أخمن بماذا يفكر هو، ولا أعلم كيف سنلتقي مجدداً، لقد اشتقت له.

كانت تتحدث والأخرى تضع يدها على خدها وهي تنظر لها وتستمع إليها بصمت وقالت موجهة اللوم لميسونَ:

-أنت محقةٌ، هو غامضٌ فعندما تحدثت معه كان يجيبني ببرود، قلت في نفسي كيف لميسون أن تتحمل برودته.

شردت ميسون كثيرا ووجهها قد اكتسى بالحمرة:
_هو يتصرف معكم هكذا ولكن معي أنا شيءٌ مختلف.

-انه الحب! هل تظنين أنه يحبك أو يبادلك مشاعرك تلك؟

_أعتقد أنه معجب وشعورنا متبادل ولكن كلانا لا يعلم ما حقيقه مشاعرنا وهل سنظل هكذا لتتطور علاقتنا أو ينتهي كل شيء فلا اعلم ماذا يخبئ لنا القدر، وأتمنى أن يكون شريك حياتي.

-دعيها للله، وهيا لننام فقد تأخر الوقت كثيرا، وسننتظر إلى أن تشفى ساقك حتى نكمل ما جئتي إليه وأراكِ مشهورةً مجددا.

وضعت الغطاء على ميسون وأغلقت الإنارة ثم خرجت مريم وتوجهت نحو غرفتها وغرق كل أبطالنا في النوم باستثناء ماهر الذي كان يفكر في ميسون وعلاقته بها.

وعندما أشرقت شمس يوم جديد، استيقظت ميسون وساعدتها مريم بإرتداء ملابسها وعندما انتهت من ذلك أخذتها معها إلى المطعم وهما تتحدثان في الطريق.

مريم:
_ستكونين محاسبةً في المطعم، وهذا جيد وأنت جالسة وأنا سأشرف على المطعم.

-حسناً اتفقنا.

مر وقت قليلٌ وسرعان ما وصلتا ودلفتا حيث جلست ميسون و انتظرت مجيء الزبائن ثم نادت على مريم.

-مريم اسرعي أريد التحدث معك.

وعندما جاءت مريم وهي تركض بسبب صوتها المرتفع قالت لها:

_ماذا تريدين، هل من خطب؟

-أين الزبائن، انا لا أرى أحدٌ هنا لماذا لم يأتِ سوى القليل.

_لأننا في فترة الظهر، انتظري حوالي الساعتين فقط وسيأتي الزبائن.

_حسناً، ساعديني لأجلس في الحديقه.

ساعدتها مريم للوصول إلى الحديقة وميسون تحاول القفز على ساقيها؛ لكي تمشي مجددا، وجلست فوق الحشائش بسعادة.

_ اجلسي هنا وانا سأكمل عملي حتى يأتي الزبائن.

-حسناً عزيزتي.

تذكرت ميسون ماهر وأن رقم هاتفه معها فابتسمت بشدة وقالت:

_ لقد اشتقت إلى الوسيم، سأحدثه عن طريق الواتساب.

أرسلت رسالة كتبت له فيها:

" مرحبا أيها الوسيم هل ستأتي اليوم الى المطعم؟"

أما هو كان في غرفته يجلس ينظر لصورتها، التي التقطها لها وهي تغني وحدث نفسه:

"أريد أن اراكِ و لكن هذا مستحيل خوفي عليكِ أكبر من حبي لكِ."

كان يحدث نفسه بحزن ثم انتبه للرسالة التي وصلته من ميسون، وعندما رأى اسمها ابتسم ونسي حزنه مؤقتاً وفتح الرسالة فأجاب قائلا:
_لا اعلم سأحاول.

_كيف لا تعلم يجب أن تقرر،أم انك لا تود أن نكون أصدقاء؟

-بالطبع أريد أن اتعرف عليكِ، حسنا سٱتي الساعة العاشرة مساءً.

-انتظرك بفارغ الصبر.

انتهت دردشتهم وهو يضع يده على قلبه ويبتسم قائلاً:

_لا أستطيع أن أبتعد عنها سأكون معها دائما وستكون لي.

أما ميسون كانت تصقف بيديها فرحةً وهي تقول:
_أنه سيأتي لأجلي أنا.

وفي مدينة أخرى وتحديدا في ذلك القصر الذي تعيش فيه رولا كانت جالسه مع جدها وأخيها، ويتحدثون ونظرة الانتقام تملأ أعينهم.

رولا:
_أنا لا أريدكم أن تأذوه، فأنا أحبه يا جدي، بالرغم أنه لا يراني ولا يحبني وهو قاتل أبي، ولكن لا أتخيله ميتاً، أنا أريده أن يكون ملكي ليحبني مثلما أحبه.

الجد بغضب:
_ما هذا الجنان، لقد قتل ابني الوحيد وهو والدك ومازلتي تعشقينه، صدقي يجب أن نأخذ بثأرنا قريباً ونأخذ روحه.

نزلت الدموع من عيونها وهي تنزل على ركبتها ومسكت بساق جدها قائلةً ببكاء:

لا يا جدي، لا تحرمني منه إذا كنت تحبني أرجوك أنا أحبه.

وقف صدقي وهو يمسكها من كتفيها ويحاوط وجهها بكفيه ويمسح دموعها قائلا:
_لا تبكي لن أؤذيه مثلما وعدتك، بشرط إذا طلبتي مني سأقتله.

عانقته بحب وسرعان ما ابتعدت حينما سمعت قرار الحد الذي صدمهم جميعا



وفي المطعم كانت ميسون تأخذ الأموال من الزبائن وهي تنظر في ساعتها منتظرة أن تأتي الساعة العاشرة، لترى سارق قلبها ومريم تقدم الأكل، نادت ميسون على مريم.

مريم تعالي.

فجاءت مريم إليها.

خذيني إلى غرفة تبديل الملابس لأبدل الفستان.

-حسناً كما تريدين.

أخذتها هناك وتركتها ترتدي الفستان ودلفت مرة أخرى بعدما سمعتها تنادي عليها.

-ماذا تريدين؟

مسكت حذائين بيديها قائله بقلة حيلة،:

_احترت كثيرا بين الحذاء الأسود والحذاء الأبيض أيهما الأفضل؟

-الرجل ينتظرك على العشاء وأنت تسألني عن اي حذاء أفضل البسي أي شيء وانتهى، بالتأكيد ستأكلون اللحم.

-افف، أنت عديمة الفائدة، سأرتدي الأبيض هيا ساعديني.

نزلت مريم وساعدتها في ارتدائه، وسندتها فوقفت ميسون على ساق والأخرى ترفعها وهي تقفز حتى خرجوا ووجدت ماهر يدخل فرفعت يدها لأعلى وهي تلوح له حتى رأها واقترب منها فأمسك يديها عندما تركتهم مريم وحاوط بيده خصرها وميسون شعرت بإنتفاض في جسدها من أثر لمساته.

فقال بتساؤل:
_ماذا بكِ؟

أجابت بتوتر وخجل:
_ لا أعلم ولكن عندما تكون قريب مني دائما أكون هكذا.

نظر في عينيها كثيرا وتلاقت عيونهم وكأن كل واحد يبحث في عين الآخر عن الحب ، وسرعان ما استفاقا من شرودهما.

حمحمت ميسون وهي تنظر للأسفل وتمسك به وهو يمشي بجانبها حتى توقفا فوق الكوبري ينظرون أسفلهم إلى منظر المياه المنسابة في الليل، وما لبس أن اقترب منها وهو يرفع أصابعه أسفل ذقنها وينظر لعينيها.

ضحكت ميسون بشدة وهو مندهش من ضحكها بدون سبب ظل صامتاً وهي تضحك حتى قال: على ماذا تضحكين؟

ميسون بضحكات وكلمات متقطعة:
_مر..مريم، كنت اسألها على لون الحذاء، تذكرتها وهي تقول أننا سنأكل اللحم، تخيل إذا رأتنا الآن فكم ستثرثر علينا.

ضحكت مره ثانية وهي تضع يديها على فمها وهو عاقدٌ حاجبه بعدم فهم وظل ينظر لها حتى أكملت حديثها:

_ولكن أنت طلبت كأسين من العصير.

_ لأننا لم نتعرف على بعض كثيراً، ولم نصل لهذه المرحلة.

تفوه بأخر كلماته ووضع رأسه بين يده، اقتربت منه بخوف وهي تضع يدها على رأسه قائلةً:

-هل أنتَ بخير؟

رفع رأسه ونظر لها وهو يبتسم لأول مرة وهو يرى اهتمام شخص به، فأومأ برأسه، بمعنى (نعم).

ضربت كأسها بكأسه ورفعا الكأسين لأعلى وشربا نخب لقاءهما المميز.

فقالت بجرأة:
_هل تعتقد أن علاقتنا من الممكن أن تصل الى مرحلة الحب؟

نظر لها كثيرا ثم تحدث قائلاً:
_ميسون لم أحب بكل حياتي ولم اعتد على الحب أو الغرام، فلا ترسمي أحلاماً واهمة.

-أنت رجلٌ غامضٌ وأنا لا أفهمك، بالتأكيد رجل أعمال سيخرج بالحراسة، ولكن ليس دائما، أظن أنك لست هكذا، انت حنونٌ ولا أدري لمَ تخفي كل هذا؟

وضع يده على خده وهو يستمع إليها، وكان متفاجئاً مما قالته.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي