الفصل السابع

أجل رأت مجموعة من الرجال ليسوا بوعيهم، كانوا يتمايلون ويتحدثون باللغة الروسية وهي لا تفهمهم ولكنها ترى عيونهم والشر يتطاير منها وزجاجات النبيذ في أيديهم وهاهم يقتربون منها، امتلىء قلبها بالرعب، فظلت تركض وتصرخ وهم يركضون خلفها.

ميسون بصراخ ودموع راحت تستنجد:
_ ساعدوني النجدة، أرجوكم ابتعدوا عني.

ولكن دون جدوى حتى أمسكها رجل من الخلف وجذبها تجاهه وهو يقترب منها بنظراته الغير مريحة، وجسدها يرتعش وتصرخ بأعلى صوتٍ.

حيث قال الرجل لها دون وعي:
_توقفي عن الصراخ أيتها المزعجة، ستكونين الليلة ملكنا، يبدو أننا سنستمتع كثيرا، فجمالك ساحر.

لم تكن تفهم ولكنها راحت تقرأ نظرات عيونهم فدفعته بعيداً عنها، فوقع لكن الرجل الآخر قد جذبها وحاوطها فوضعت يديها على فمها وهي تبكي، فاقترب شخصٌ منها ولف ذراعه حول خصرها وهمس بجانب أذنيها:

_وفري صراخك لا أحد سيسمعك يبدو أننا سنحظى بليلةٍ سعيدة.

فتحدثت بكلمات غير مفهومة بدموع: اب.. ابتعدوا.. عن..عني أنا لم أفعل لكم شيء، لا، لا تؤذوني.

اقتربوا منها أكثر وأكثر وبدأوا بتمزيق ثيابها وهي تحاول مقاومتهم ودموعها تسير على وجنينها وتصرخ.

كانت تبكي وتصرخ وهي تشهق:
_ابتعدوا عني، لااااااا، يا ناس أنقذوني.

كانت تصرخ وتغمض عينيها بألم وهم يمزقوا ثيابها وتدفعهم بقدمها، لكنهم شلوا حركتها وأمسكوها بقوة.

وفي وسط صرخاتها سمعت صوت إطلاق النار على الرجال الذين صاروا يرتمون أرضاً، من أثر اختراق الرصاصات، نظرت للشخص الذي قتلهم وكأنها وجدت أمانها ركضت نحوه وهي تبكي من الخوف وعانقته بقوة ودموعها كالشلال أغرقت قميصه.

عانقها ماهر بقوة كي يطمئنها وهو يلمس على شعرها.

ماهر:
_ اهدئي، أنت الآن بأمان وبخير وأنا معك وبجانبك، لم يستطيعوا أن يفعلوا لكِ شيئاً.

نظرت له وشعرت بالدوار وكادت أن تقع على الأرض حينما فقدت وعيها ولكنه أمسكها وحملها على ذراعه بخوفٍ وأدخلها سيارته.

قال بخوف وهو يضع قطرات الماء على وجهها:
_ ميسون افتحي عينك، لقد دفعوا الثمن وقتلتهم من أجلك، لم أتخيل ماذا كنت سأفعل اذا اقتربوا منكِ، لقد راقبتك وعرفت أنك بخطر، فجئت إليكِ مسرعاً، لا تخافي ستكونين بخير، لم أتخيل حياتي بدونك، إياكِ أن تكوني لرجلٍٍ غيري.

ثم وجه كلامه للسائق:
_ أسرع إلى منزلي، لماذا تقود ببطء هكذا.

فأسرع السائق وهنا نظر ماهر الي ملابسها وغضب بشدة من منظرها خلع سترته وسترها وظل معانقاً لها دحتى وصلوا، حملها على ذراعه ودلف بها إلى الداخل ووضعها على الفراش ووضع فوقها الغطاء.

_ هيا افتحي عينيكي، لا تقلقيني عليكِ هكذا، أنا أعتذر على سوء معاملتي لكِ، اعذريني فإن هذا خارجٌ عن إرادتي كنت مجبوراً على ذلك، حتى أضمن أن تكوني بخير، فمن المستحيل أن نكون مع بعض، هكذا أتأكد انكِ بخير.


قبلها على رأسها ثم حدثها في نفسه قائلاً: _أنت دخلتي حياتي جعلتيها اجمل جعلتني انسى كل الصعاب والحزن، كنت إنساناً أخر معكِ أنتِ فقط، شعرت لأول مرة بالسعادة بجانبك، كل كلمة قلتها لكي كان قلبي يتألم بشدة لأنني جرحتك، اعذريني.

وقف في الشرفة يدخن سيجارته بشراهة وتحولت عينيه باللون الأحمر بمجرد تذكره الرجال الذين كانوا يحاولون التعدى عليها وكيف أنقذها بآخر لحظة.

تحدث في نفسه بغضب:
" لقد تصرفت بغباءٍ حين قتلتهم كان يجب علي أن أتحكم بغضبي، وأعذبهم وأسمع صراخهم حتى يتعلموا الدرس وأن من يتجرأ على لمس ممتلكاتي سيكون مصيره الموت من شدة العذاب، حتى يموتوا من الالم، لكنني اخذت حياتهم بسهولة.

استفاق من محادثة نفسه على صوت رنين الهاتف ووجد أنه رقم ميسون يرن وكان والدها، ظل يفكر هل يجيبهد ام لا؟وفي النهاية قرر عدم الرد، تجنبا لأي مشاكل.

جلس بجانبها وظل يتأملها كثيرا.

_ الحمدلله، أن حمزة ومروان سافرا خارج روسيا، حتى لا نتشاجر ثانيةًوأتقرب من ميسون.

بدأت ميسون تفتح وتغلق عينيها حتى استطاعت أن تفتحها نظرت حولها وبدأت بالصراخ وهي خائفة.

-اهدئي أنت بأمان أنا ماهر لا تقلقي، أنت بخير.

امتلأت عينيها بالدموع وهي تضم ساقيها إلى صدرها قائلة بخوف: أين أنا؟

-أنت في منزلي الآن، اهدئي انا معك ولن أتخلى عنكِ.

كانت ترتجف شفتاها وجسدها والخوف يغزو وجهها:
_هم لم يلستممنوا يأذوني صحيح؟

-أجل انا انقذتك وقتلتهم.

_ لماذا قتلتهم، كان عليك أن تسلمهم للشرطة، انت مجرم.

أنهت حديثها وهي تضع يديها على فمها وتنظر له بخوف، أقترب منها ولكنها قفزت من على الفراش برعب قائلةً:

_أبتعد عني انت مجرم وقاتل ساعدوني!

كان مصدومًا من حديثها وعرف انها مصدومة بسبب الحادثة التي كانت ستتعرض لها، أراد أن يطمئنها ولم يهتم لصراخها وخوفها وجذبها من ذراعها ثم عانقها بحنان وهو يلمس على شعرها نزولاً إلى ظهرها.

-استرخي، لن اؤذيك ِكك من كان عليا أن
-‏
-‏
-‏
-‏
-‏ أقتلهم حتى لا يؤذوا أي فتاة أخرى أنهم فاسدون ويدمرون المجتمع، لقد نجاكِ الله وأرسلني لكِ لإنقذك ولكن ما مصير الفتياتات الذين تعرضوا للإغتصاب، بالتأكيد حياتهم محطمة، والبعض منهم انتخر، يجب أن نتخلص منهم.

شعرت بصدق كلامه وأنه خائف عليا وفعل ذلك لإجلها وحماية الآخرين، بادلته العناق وهي تجذبه أكثر وكأنه الامان لها مر وقت وهي مازالت تعانقه، وفجأة ابتعدت عنه حينما أدركت ماذا تفعل حمحمت بخجل:

_ أنا أعتذر لأنني…

قاطعها وهو يضع يده فوق فمها وينظر لعينيها:
_لا تعتذري، أنتِ لم تخطئي، ماذا أرى أن وجنيتك حمراء، هل تشعرين بالخجل؟

قال حديثه وهو يعقد حاجبه وهو ينظر لها فنظرت للأسفل وأجابته بخجل:

_ لا تخجلني أرجوك فوجهي أصبح ساخناً.

قهقه بصوتٍ عالٍ حتى أدمعت عينيه من كثرة الضحك.

فتحدثت بغضب وظنت أنه يسخر منها.

_ على ماذا تضحك هل حديثي مضحك الى هذا الحد؟ يا لك من معتوه.

-هل هذا الكلام لي؟

_وهل يوجد أحد معنا غيرك؟

-أنت تجاوبين على سؤالي بسؤال؟

_لقد استخدمت نفس اسلوبك.

-ذكية للغاية، يبدو أنك لستِ سهلة كما اعتقدت، بالرغم من جنونك ولطافتك ومرحك، إلا أنكِ تتمتعين بذكاءٍ شديد وتملكين فنون الرد.

_أجل معك حق اشكرك على مدحك لي.

وفجأة نظرت أسفلها بحزن، اندهش لفعلتها قائلاً: ماذا بكِ؟

_أريد ملابس لأرتديها، ملابسي ممزقة ولا يسترني سوى قطع من القماش وسترتك.

-أعتذر كان علي أن أنتبه لذلك، لكني انشغلت بىغبتي أن أراكِ هادئة ومطمئنة، سأحضر لكِ شيء.

ذهب إلى خزانة الملابس وأخرج سروالاً وقميصاً قصير الكم وأعطاهما لها.

-هذه ملابسي أظن أنها ستكون كبيرة عليكِ، ولكن هذا هو الحل الوحيد، أعتقد أن هذا أفضل من ملابسك، سأخرج وأترككِ لتبديل ملابسك وحينما تنتهين اخرجي، أنا أنتظرك في غرفة الجلوس.

_حسنا أشكرك، لدي سؤال.

-ما هو تفضلي؟

_ أين مروان وحمزة، ألم تقل انكم تعيشون مع بعض؟

-لقد سافروا من أجل تتمة صفقة، لا تشغلي عقلك بأمور مثل هذه الأمور، تصرفي وكأنكِ بمنزلك لا يوجد أحد غيرنا كوني مطمئنة.

أنهى حديثه وخرج وأغلق الباب خلفه وهي تتابعه حتى اختفى، و بدأت بخلع ثيابها وارتدت ردائه الفضفاض والكبير جداً نظرت لنفسها بالمرآه وضحكت على شكلها.

_ما هذا الرداء أشعر وكأنني غارقةٌ به، أخ يا ماهر أنت عملاق حقاً، أحسدك على امتلاكك لعضلات جذابةٍ ومثيرة، يا رجل لقد أثرت قلبي بوسامتك، أشعر بجانبك وكأنني قزمة، وأنت مثل عمود الإنارة، لم أتخيل فرق الحجم بيني وبينك، أقسم لا يمكن وصفه.

ظلت تضحك وهي تمسك بالملابس وترفع السروال على خصرها وكلما وقع تقفز وتضحك فقالت لنفسها بجنون:

"ياربي هل سأظل أقفز مثل الارنب؟"

فتحت الباب ولم تجده فتسللت على قدميها بخفة وهي تسير خلف رائحة الطعام الشهية التي اخترقت أنفها، حتى وجدت المطبخ ووجدته يرتدي مريلة الطبخ ويقلب الطعام ثم بدأت تقترب أكثر وأكثر وجاءت لتصرخ بجانب أذنه .

لكنه كان أسرع منها، والتف لها بسرعة البرق، وأمسكها بقوة جعتلها تنتفض حتى كادت أن تقع لكنه حاوط خصرها بحركة سريعة، وهي مصدومة وفمها مفتوح بدهشة ناظرة في عينيه، وهو كان ينظر في مقليتها التي إشتاق لهما كثير.

ماهر بابتسامة:
_ هل تعتقدين أنكه بإمكانك خداع ماهر، لم يستطع أحدٌ فعلها، لقد كشفت خدعتك عزيزتي وأنتِ الان بين يدي أيتها الفاتنة.

وضع يده على شفاها، والصدمة شلت حركتها.

-أغلقي فمك.

ابتلعت لعابها بصعوبة وتوتر وكان وجهها يكسو اللون الأحمر من شدة خجلها إبتسم على منظرها، ثم رفعها بعيدا وساعدها على الوقوف.

-لم أعلم أن قربي منكِ يؤثر بكِ هكذا، بالمناسبة تبدين مضحكة بملابسي.

_ ك…كلا، أنت تتخيل خطأً، أنا لم أتأثر.

عقد حاجبه بدهشة قائلاً:
_لا أعتقد هذا.

توارت، دفعته في صدره بقوة، ابتعد قليلاً عنها وحاولت أن تخرج، لكنه جذبها من ذراعها بقوة حتى التصقت به وحاوط خصرها بيديها شهقت لفعلته كان يوزع نظره إلى عينيها وشفاهها قائلاً:
_أثبتي لي أنكِ لم تتأثري بقربي منك.

تحدثت بتلعثم وتوتر: قلت لك ابتعد، ماذا تريد ، أتريد أن تثبت لنفسك بهذة التصرفات يا ماهر أنك نهيت كل شيء بينا، ألم تقل أن قصتنا لم تبتدي من البدايةحتى لا أحزن، وأن أنساك وأبتعد عنك، وأنك لا يوجد لديك قلب لتحب، تصرفاتك تجعلني أراك مراهقاً، ولا أراك مثلما قلت بأنك بدون قلب ومشاعر.

تركها ولم يعلم ماذا يجاوب، فنظرت له بسخريةٍ قائلةً:

_ لماذا لا يوجد لديك الجواب، هل أكلت القطة لسانك، تصرفاتك غريبةٌ جداً، أحيانا لا أفهمك فأنت مثل الكتاب المليءِ بالألغاز، وكلما عثرت على مفتاح قلبك، أرى أبواباً كثيرةً مغلقة، لقد فقدت الأمل بأن أعرفك جيداً، فأنت مليء بالأسرار وترفض مشاركتها مع أقرب الأشخاص لديك.

-معكِ حق، ولكن أنا لا أثق بأي شخص مهما كان، انا احمل الكثير، ولكن لا يستطيع أي بشريٍ حمله، فقد تعذبت وتألمت، وكل هذا جعلني أصل لهذه المرحلة، نعم فقدت الثقة بالجميع، أصبحتٌ كتوماً، بداخلي نار لو خرجت ستحرق العالم بأسره لذا أنا صامت.

قال كلامه بحزن ثم تنهد بألم.

_ وانا قلت لك شاركني أحزانك وهمومك ومشاكلك وكل ما يجعلك حزين أعطني قلبك.

-هذا ليس سهل حقيقتي وماضيّ سيغير الكثير، سيجعلكِ مصدومة، وسنتدمين على معرفتي.

اقتربت منه وربطت يبداها على كتفه بحنان:
_شاركني حزنك وأعدك أنني لن تتخلى عنك ولن أتركك.

_ لا استطيع، هذا ليس سهلاً، إذا انكشف أمري سينتهي كل شيء دعينا نعيش هكذا.

-وأنا لا أستطيع أن أعيش مع شخص غامض،لا أعرف سوى أسمه فقط، هل تريد أن نستمر في صداقتنا، أم تريد أن نبتعد عن بعضنا البعض؟

تنهد بألم وصراع بين قلبه وعقله قد ابتدى مرةً أخرى.

عقله:
" انفصل عنها حتى لا تتأذى بسببك."

قلبه:
-‏"لا أنا سأمحيها ولا استطيع تركها لقد تعلقت بها وحياتي بدونها تعيسه."

_ أنت أناني اتركها و ستعتاد على الحياة بدونها، أنت لم تخلق للحب، ومصيرك هو الموت على أيدي المافيا، ويقتلوها بعدك، وهكذا ستدمرها وستحزن عليك ومن الممكن أن تستخدم كنقطة ضعف لك، ابتعد أنت في البداية.

-لكن هكذا ستكسر قلبها، هي مختلفة عن الجميع، ومميزة تعلقت بها بسرعة، لم أتخيل أنني سأكون هكذا بيومٍ من الايام أن اتعلق واريد البقاء مع فتاة.

_ ان حياتك في خطر وبهكذا ستتعرض للخطر بسببك، فدعها تعيش بأمان بعيدةً عن عالم المافيا والقتل والدم.

-لا انا سأكون أمانها وحمايتها وهي تريدني مثلما أريدها.

_ ماذا ستفعل مع حمزة ووالدتك ومروان كيف ستقنعهم، هل تريد ان تفتح قلبك بعد مرور كل هذه السنوات دعك من هذا الهراء.

-قلبي ليس بيدي لقد اختارها، وأنا أريد أن أشعر بالسعادة والحب والاهتمام التي لم تسبق أن تجربهم، وها هي الحياة تعطيني فرصة جديدة فلماذا لا استغلها، سأسير وراء قلبي هذة المرة لنرَ ماذا سيحدث.

وقفت أمامه وهي تحرك يديها أمام عينه: مهلاً، أنت معي، أين ذهب عقلك يا رجل لما انت شارد؟

انتبه لحديثها قائلاً:
أجل انا معك.

ماهر تحدث معي بصدق وأراح قلبي وعقلي من الصراع بينهم، هل تحبني، ما هي مشاعرك تجاهي، أريحني؟

قالت كلامها برجاء ممزوج بالحزن ناظرة في عيناه تبحث عن إجابة السؤال الذي حيرها كثيرا، لقد كان قلبها ينبض بشدة ومنتظرة إجابته حتى أجابها، وهذا ما جعلها تفتح فمها من الصدمة للمرة الثانية حينما قال.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي